قال رسول الله صل الله عليه واله من احب ان يلقى الله عز وجل و قد تمحص عنه ذنوبه فليتولى علي ابن الحسين عليه السلام فإنه كما قال الله سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ و هي شهادة ٌ من النبي صل الله عليه واله لزين العابدين لتبين صلاح منهجه في كل فعل ٍ و في كل موقف ٍ يتخذه زين العابدين عليه السلام ،
حديثنا حول دور زين العابدين عليه السلام بعد كربلاء ،
الامام علي ابن الحسين عليه السلام وهو كما يصفه الواصفون انه اشبه الناس بالانبياء عليهم السلام في كل شيء في موقفه في حياته في خُلقه في عبادته في انقطاعه لله عز وجل حتى في ابتلاءاته لا يشبه احد ٌ او يقترب احد في شبهه للانبياء اكثر منه او مثله إلا ابائه عليه السلام ،
الامام زين العابدين ومحنة ما بعد كربلاء ،
لم تنتهي المحنة و المصيبة بفاجعة كربلاء و إنما إستمرت بعد كربلاء و عانى اهل البيت عليهم السلام اشد المعانات فلم تقتصر على قضية كربلاء و ما حدث فيها و الامام زين العابدين عاش ذلك كله بإتخاذه الموقف الصحيح المناسب ، أهل البيت بصورة عامه تجدها مختلفه و سبب الاختلاف في مواقفهم هو اختلاف الظروف الموضوعية و الخارجية ، إنحرافات الامة كثيرة في جهات ٍ مختلفة ماحل مختلفة بعد وفاة الرسول صل الله عليه واله تختلف عن ما في زمن الحسن عليه السلام و تختلف عن ما في زمن الحسين عليه السلام و تختلف عن ما في زمن الامام زين العابدين و هكذا و اهل البيت يتخذون الموقف المناسب في كل مرحلة ٍ بحسبها ،
الامام زين العابدين إنعزالا ٌ ومحاصرة في حياه كانت ظاهرة ً و الامام زين العابدين اعتزل و ابتعد فترة ً من حياته هذه الفترة التي كان يرى انه مبتعد توجه الناس لمحمد ابن الحنفية و لذلك خرجت فرقة الكيسانية و قالوا بإمامة محمد ابن الحنفية ، الامام زين العابدين إتخذ الموقف المناسب في تلك الفترة ،
اشكل البعض على حياة الامام زين العابدين و مواقفه ،
اولا ً : نظرات ٌ سلبية لمواقف الامام زين العابدين عليه السلام تصور البعض ان الامام زين العابدين عليه السلام إنصرف بعد قتل الحسين عليه السلام عن محوريته في قيادة الامة ، يقولون الامام ترك و ابتعد عن الدور الذي يجب ان يتخذه و ان يكون فيه بعد قتل الحسين و تجه لزعامة روحية فقط ، بدل ان يكون محورا ً للامة في جوانبها المختلفة كما نعتقد ان الامامة تكون شاملة في القيادة في الدور و الجانب الرسالي من بيان الاحكام ومن قيادة الامة وقعا ً و خارجا ً و ليس بيان الاحكام و هناك جوانب اخرى تكوينية ليس محل الحديث فيها و لكن الاشكال في هذا الجانب ،
هل الامام اتخذ الموقف الذي يجب ان يتخذه في قيادة الامة و توجيهها ام انه توجه لجانب الروحاينة فقط ،
قال البعض ان السجاد عليه السلام بعد كربلاء لا علاقة له بواقع الامة ، الامة كانت تعاني و كانت تضطهد و كان القتل فيها و لكنه ابتعد و لم يكن له علاقة بذلك الواقع و معانات الامة ،
البعض برر هذا الانعزال عن الواقع السياسي بأنه لم يعد الامام عليه السلام يثق بالناس بعد ما حدث على الحسين في كربلاء ، أنه فقد الامل في الامة و فقد الثقة بعد ما حدث على ابيه الحسين عليه السلام ،
هذه تصورات هل هي حقيقة او ليس لها واقع ،
الجواب على هذه الاشكالات
هذه التصورات كانت موجوده بل كانت مقصودة من قِبل زين العابدين عليه السلام فهو الذي اراد ان يوحي بذلك ، الامام اراد ان يوحي انه بعيد عن الامور السياسية و الامور القيادية و انه توجه للعبادة كان الامام قاصدا ً لذلك كانت هذه التصورات موجوده و كان الامام يقصدها و يعنيها و يريد ان تكون موجودة ً في ذهن الذين يتصدون للأمور و مسيطرين في وقتها ،
لماذا هذا الايحاء ،
- اراد الامام ان تكون حركته في بناء الارضية الاجتماعية الولائية الايمانية الرسالية بناء ً تدريجيا ً هادئا ً لانه بعد قتل الحسين عليه السلام كما في الاحاديث ارتد الناس و رواية تقول إلا ثلاثة و رواية تقول إلا اربعة الناس تخلوا عن اهل البيت و تخلوا عن منهجهم و تخلوا عن طريقتهم الصحيحة و كان التوجه مخالفا ً للاسلام الاصيل ، الامام اراد ان يوحي انه بعيد ليجعل عمله على بناء الارضية و بناء القاعدة كما يقولون ان يبني قاعدة ً إيمانية ً تحمل الفكر الاصيل و الإيماني لذلك تجد الفرق بين عصر الامام زين العابدين و عصر الامام الباقر و عصر الحسين و عصر الحسن و عصر امير المؤمنين عليهم السلام حتى مع وجود مصطلح تشيع في ذلك العصر الذي هو عصر الامام لاحسن لم يكن إلا قيلدة عامه للمسلمين بصورة عامه و لم يكن ذلك الوجود الذي يمثل إتباعا ً عقائدينا ً دقيقا ً كما كان في زمن الباقر هناك فرق بينهم الامام سلام الله عليه اراد ان يعمل على بناء هذه الارضية بعقيدة ٍ راسخة ٍ وإيمان ٍ ثابت ٍ قوي ٍ يحمل هذه التشكيلة من الولائية التكتل الولائي الذي هو التشيع .
- اراد ان يشكل جماعة تشكل التيار الولائي كما ذكرنا .
- نظرة الامام الذي قالوا ان الامام صابه يئس و صابه عدم ثقه في الامة لذل ك تراجع ، الامام لم يكن كذلك لان الامام زين العابدين لم يرى ان حركة الحسين فشلت و لم تحقق اهدافها ، الامام اعتبر ان هنا مرحلة و يجب ان تكون فيها مواقف معينة تختلف عن المواقف التي كانت في زمن الحسن و قد حققها الحسين و تحقق هدفه من هذه المرحلة لم يكن الحسين تحرك حركة و فشلت ليس كذلك و لم تكن نظرة زين العابدين على ان الحسين عليه السلام فشل في حركته و خسر في حركته و لذلك فُقدت الثقة بالامة ، و يدل عليها قول الامام عندما سأله بعض الناس من غلب فقال عليه السلام إذا اردت ان تعلم من غلب و دخل وقت الصلاة فأذن قم اقم إذا وجدت الامور هكذا اذان موجود صلاة موجودة يعني الحسين هو المنتصر يعني الحسين حقق اهدافه فهو لا يرى ان الحسين خسر و انما يرى مرحلة يجب ان تكون و بها الحسين اعطى صعقة ً للامة لتُحيى فيها الضمائر و بذر بذور صلبة ً قوية ً بها شجرة الايمان الامام عليه السلام هو الذي يغذيها بعد ذلك و يبني عليها .
ثانيا ً : عصر الامام زين العابدين عليه السلام ،
عصر الامام هو ما بعد الفتوحات الاسلامية التي كانت قبله ، فتوحات كانت موجودة و اختلطت امم ٌ اخرى يعقائد اخرى تحت شعار لا إله إلا الله محمد رسول الله صل الله عليه و اله فقط يعني بالإسم مسلم و بالشهادة ولكن من غير تحصين ليست هناك تربية و ما فتح من العالم الاسلامي بالقياس الى المسلمين يعد اضعاف ليس هناك قياس عندما فتحت فارس و غيرها و الشام كان العدد هائل و كبير و كلهم يحملون عقائدهم و فتحت هذه البلاد بالسيف لم تكن بقناعة لم يسلموا برسالة تثقيفية ٍ وطرح ٍ فكري و انما بحرب ٍ دخلوا في الاسلام فقالوا بالشهادتين فصارت دولة إسلامية بإسمها بإسم من دخل و لكنه لا زال يحمل فكرة فليس هناك تربية و تثقيف و تعليم و تحصين و انما دخول اعتقاد بالدين بصورة ظاهرية ٍ فقط .
- تاثر المجتمع بالاخلاق و الانحرافات العملية لمعتنقي الاسلام الجدد دخل اناس جدد على الاسلام يحملون افكارهم و كانتن هناك ممارسات لبعض الانحرافات من الاخلاق التي هي للحفات على اللذات فقط طرب و رقص و غير ذلك إنحراف عن السلوك الاسلامي الاصيل من الجانب العملي و إدخال للافكار و المعتقدات التي يتبنونها من الجانب الفكري كانت هي موجودة هذه كانت من الاجواء التي في زمن الامام زين العابدين .
- الانحراف الرسمي ، أيضا ً كان هناك إنحراف رسمي و معلن يكون والي في مكة المكرمة يدفع الاموال للراقصات بمبالغ في وقت ٍ لم يكن أهلها يحلمون برؤية الدينار وهو يدفع للراقصة 12 الف دينار لترقص و إنحراف ٌ في العقيدة ايضا و الاخطر منه وعاظ السلاطين في ذلك ، يظفون الشرعية على كل انحراف كل ما جاء به المسيطر على رؤس الناس قالوا له مبرره و له إرتباطه بالدين و إذا لم يستطع العالم من ان يبرر هذا الفعل المخالف لصريح الدين و إعتقاد الناس يقول إصبروا و إذا صبرتم فالصبر على من كان فاسدا ً له اجر ٌ وثواب انتم في الكسب و الاخرة تحصلونها و ليرتكب ما يرتكب إنحراف رسمي و تبرير من العلماء لهذا الانحراف ،
ثالثا ً: نرى ادوار الامام عليه السلام
الدور الأول الذي إتخذه الإمام عليه السلام هو تركيز ثورة الحسين لان ثورة الحسين هي الصعقة التي تحي الضمائر هي التي تعالج الانحراف الروحي عند الناس و تعالج الانحراف الفكري عند الناس الذين يعلمون و يعتقدون ، الإمام يكرر لهم دائما ان الامام الحسينقتل مظلموما ً من أجلكم إنما خرج الحسين للإصلاح فهدر دمه الإمام يكرر و يركز هذا طوال حياته حتى اشعل الضمائر و أحيا النفوس فالامام وظيفته الاولى هو دور الاعلامي الذي وجوده لابد ان يلازم هذه النهضة و يكون معها مستمرا ً .
الدور الثاني هو تديون الفكر و المفاهيم الاسلامية و الاساسية ، التوحيد النبوة المعاد الى غيرها من المفاهيم الأخلاقية ايضا من جانب الفكر كان هناك إنحراف كما ذكرنا و الناس توجهوا بسبب هذا التداخل مع الثقافات و الحضارات الاخرى و حدث الانحراف الفكري فكان الامام يعالج ذلك و كان يركز هذه المفاهيم الصحيحة فكانت الصحيفة السجادية و غيرها من كتب الامام التي جمعت التي عبر عنها بعض العلماء السيد الشهيد محمد باقر الصدر و قال انها تعتبر عمل إجتماعي عظيم كانت ضرورة المرحلة تفرضه على الامام عليه السلام إضافة كونها تراثا ً ربانيا ً فريد يظل على مر الدهور مصدر عطاء و مشعل هداية و مدرسة اخلاق ٍ و تهذيب فكان الامام اسس ذلك ، الصحيفة السجادية فيها الاعتقاد الصافي و التوحيد الخالص الذي ليس فيه شرك ولا تدنوا منه شبهة الامام رسخ ذلك ليبقى منهجا ً مستمرا ً ويبعد الناس عن الانحراف الذي لحقهم و اقترب منهم بسبب الانفتاح مع الحضارات الاخرى التي دخلت في الاسلام و هي تحمل فكرها و بعضهم يتعمد ان يدس في الاسلام ما ليس من الاسلام و كذلك رسالة الحقوق التي تعتبر كما يقولون الرسالة الاولى التي تحتوي على حقوق الانسان و تشمل حقوق الانسان الحقيقة و في الجوانب المختلفة ، هذه الرسالة التي ليس كمثلها رسالة الذي اسس الامام من خلالها حقوق الانسان حقيقة ً و الحق الاهم الذي يكون مع الله سبحانه و تعالى ان يكون الانسان قريبا ً من الله و ليس الحق فقط أن يأكل او يحصل على امر ٍ مادي أسست لمعرفة حق الانسان في هذه الحياة لماذا وجد الانسان و ما هو مطلوب منه، أن يكون قربيا من الله أن يحفظ مستقبله الحقيقي الذي هو ابعد من هذه الحياة التي تفنى و تنتهي و لا ينظر اليها إلا كيوم ٍ او بعض يوم ، ثم الامام يؤسس الحقوق بين أفراد المجتمع بين الاب و الابن الاهل الاصدقاء بل حتى بين الكائنات الاخرى الامام يؤسس لذلك ليحفظ المجتمع من الانحراف دور ٌ اول في الحفاظ على المفاهيم الفكرية و المعارف الالهية .
الدور الثاني في تأسيس الاخلاق و الجانب الاخلاقي و الفكري .
الدور الثالث تعريف الناس بحقيقة الامامة و شروطها لانه في ذلك الوقت إختلطت الامور و المفاهيم فصار كل شخص ٍ يمكن ان يكون اماما ً و لا يضر بكونه مطيعا لله او ليس مطيع و لا يضر بكونه قائدا ً لهداية او ضلال يتبجح الحاكم ويدعي انه لم اقاتلكم لتصوموا او لتصلوا و انما قاتلتكم لأتحكم عليكم في وقتها الامام عليه السلام يبين شروط الامام ان يكون الامام داعيا لله سبحانه و تعالى و الشخص الذي يدعوا الى الله بحق ٍ هو الذي تجب طاعته و يؤخذ قوله و يقدم ، يقول عليه السلام و لاتقدموا الامور الواردة عليكم من طاعة الطواغيت من زهرة الدنيا بين يدي الله و طاعة و طاعة اولي الامر فقدموا امر الله و طاعته و طاعة من اوجب الله طاعته ، يحدد معنى الإمامه و ان يكون في طريق طاعة الله فقط .
الدور الرابع بناء الخواص و المجتمع الصالح ، دور الامام ان يبني الخواص و كما ذكرنا ان يبني الخواص و يجعلهم متكاتفين يتفقون في شيء ٍ هو الاعتقاد الصحيح ان يكونوا قريبين خواصا ً للاماممع فكره و اعتقاده و ما يدعوا اليه لذلك يقول عليه السلام إن علامة الزاهدين في الدنيا الراغبين في الاخرة تركهم كل خليط ٍ و خليل ٍ و تركهم كل صاحب ٍ لا يريد ما يريدون ، يعني يتفقون فيما بينهم على منهج ٍ معين وعقيدة ٍ معينة و فكر ٍ معين و ذها هو منهج الامام و دعوة الامام و انجاز الامام الذي حققه الامام عليه السلام .
الدور الخامس نصيحته للعلماء لانه كان هناك وعاظا ً للسلاطين وكان بعضهم من تلامذة الامام كالزهري و الامام كان يتصدى اليهم ليقلل من اثر الانحراف الذي كان موجود فكان ينصحهم و يرشدهم و من ضمن ذلك ما جاء في رسالته لمحمد ابن شهاب الزهري جاء فيها اوليس بعدعائه اياك حين ما دعاك جعلوك قطبا ً اداروا بك رحى مظالمهم و جسرا ً يعبرون عليك إلى بلاياهم و سلما الى ضلالتهم داعيا ً الى غيهم سالكا ً لسبيلهم يدخلون بك الشك على العلماء و يقتادون بك قلوب الجهال اليهم يحذره من ذلك هذه كانت من ضمن اداره انه يحافظ على مسلك العلماء و يبعدهم عن الاستغلال و السقوط .
الدور السادس هو مواجهة الفرق المصطنعة ، ايضا كانت هناك فرق مصطنعة المسيطر في وقته معاوية كان يعمل على انشاء فرق يعني مذاهب و آراء مختلفة و هذه الفرق كانت تتبنى افكارا ً ضد ما يتبناه معاوية و ذد ما يتبناه أمير المؤمنين علي عليه السلام كانت هناك فرق مصطنعة كثيرة الإمام عليه السلام كان يواجهها في الفكر كعقيدتي الجبر و الارجاء و التشبيه و التعطيل و آراء اخرى الامام عليه السلام كان يتصدى لكل إنحراف ٍ ليثبت الفكر الإسلامي الأصيل و المعارف الإلهية التي يريدها الله سبحانه و تعالى لتكون ضمن قاعدة ٍ قوية يخرج أثرها بعد ذلك كما كان في زمن الباقر عليه السلام تبين ان الإمام الباقر عندما توفي كان له اتباع ٌ عدد ٌ كبير كلهم يحملون العقيدة و الثبات مع الإمام الباقر عليه السلام و كل ذلك كان بفضل الإمام زين العابدين عليه السلام الذي أسس لذلك وعمل عليه .