c أهل البيت والولاية

أهل البيت والولاية

أهل البيت(ع) والولاية – حديث الجمعة – 18/11/2011

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين

رب إشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي

قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)

صدق الله العلي العظيم

نحن في شهر الولاية هذا الشهر المبارك الذي تقع فيه أحداث مختلفة في صدر الإسلام ، وقعت هذه الأحداث , لتثبّت الولاية لله ولرسوله ولأهل البيت (ع)

من ذلك حادثة الغدير ، وذكر حديث الثقلين ، وأيضا حادثة المباهلة بين النبي (ص) وأهل البيت من جهة , ونصارى نجران من جهة أخرى ، ونزول سورة الإنسان التي تتحدث في آياتها عن أهل البيت (س) وتبين شأنهم ومنزلتهم .

هنا الآية المباركة تتحدث عن أجر الرسالة وتبين أن النبي (ص) لا يسأل أجرا , وإنما يسأل المودة في القربى ، فمودة أهل البيت (س) بنص هذه الآية المباركة في القرآن الكريم أمر مطلوب والنبي (ص) يسألها المسلمين , بمعنى آخر يفرضها على المسلمين ويوجبها على المسلمين ومن هم القربى ، القربى هم الأقربون للنبي (ص) هم أهل البيت (ع) الذين أظهر النبي (ص) منزلتهم بعد تعيين أفرادهم ومن هم أهل البيت ؟

أو بمعنى أوضح من هم المصاديق لمصطلح ومفهوم أهل البيت ؟

فبين النبي (ص) أن أهل البيت هم (النبي (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين والآئمة المعصومين من أهل البيت (س) وهذا المصطلح صار مصطلحا خاصا بهم ، لا أنه يشمل جميع من ينتسب للنبي (ص) وإنما هو خاص بالنبي والزهراء والآئمة المعصومين (س) ، التمسك بالعترة واجب وهو طريق الهداية كما في حديث الثقلين ذكرنا سابقا حديث الثقلين ونعيده من أجل التبرك والذكرى ، النبي (ص) عندما يقول :

(إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا وإنهما لن يفترقا حتى يرد علي الحوض فأنظروا كيف تخلفوني فيهما )

النبي أوصى بأهل البيت وجعلهم عدل القرآن ، وأنهم لا يختلفون عن القرآن ، ولا يفترقون عن القرآن ، والمعنى طبعا ليس الإفتراق الزماني أوالمكاني وإلا قفي الزمان والمكان قد يكون الإمام (س) في وضع ليس حاملا للقرآن أو ملاصقا للقرآن ، ولكن الإفتراق الواضح هوما يظهروا من الحديث وهو الإلتزام بالقرآن ، وأن أهل البيت (س) هم والقرآن شيئ واحد بل هم القرآن الناطق ،

النبي أيضا (ص) في حديث آخر يمثل أهل البيت بسفينة نوح ، فيقول(ص)

(إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى )

يعني كل شخص بنص هذا الحديث أيضا لا يتمسك بأهل البيت ولا يرتبط بأهل البيت مهما كان إرتباطه في الدنيا ومهما لجئ لأهل علم أو معرفة أو فقهاء ، مهما كان مستواهم فإنه هالك وخاسر لا محال كخسرانهم لبعدهم عن مصدر النور الحقيقي الذي ليس بعده إلا العمى والضلال

من لم يركب في سفينة أهل البيت (س) لا يعصمه جبل ولا يعصمه عاصم , وإنما المصير الحتمي له هو الغرق .

فأهل البيت (س) هم الذين يمثلون سفينة نوح لنجاة الأمة من أي غرق .

وفي حديث آخرعن أبي ذر أنه قال: سمعت رسول الله(ص) يقول:

(إجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين )

كما أن الإنسان من غير رأس لا يمكن أن يهتدي ، ولو كان فيه رأس ولكن ليس له عينان أيضا لا يهتدي ، بمعنى آخر أهل البيت هم الخاص في الخاص ، هم أخص شيئ لهداية الإنسان ، حتى لو فرض أن هناك شيئ يمكن أن يكون طريقا للهداية فهم الطريق لهداية ذلك الشيئ ، فالمتقدم من الناس والعالم من الناس والعارف من الناس هو ضال ما لم يهتدي بأهل البيت (س) أجمعين

الولاية الحقيقية ماذا تعني

أولا : القناعة الفكرية

أو يجب أن يتوفر حتى يكون الإنسان موال حقيقة أن يتوفر على القناعة الفكرية ، الإعتقاد الفكري عند الإنسان بأهل البيت (س) أجمعين بولايتهم أمر ضروري ومطلوب وليس أمرا هامشيا

1 : أن يكون على معرفة فكرية بأهل البيت (س)

لا أنه لا يمتلك أي معلومات عن أهل البيت ، وهذا ما يقع فيه بعض المجتمع من الجهل بأهل البيت وهو يدعي إتباع أهل البيت ، يدعي أنه يتبع أهل البيت ولكن لو تسأله سؤال عن أهل البيت (س) لا يعرف ولا يستطيع أن يجيب ، فكأنه في واد وأهل البيت في واد آخر ، فيجب أن يتعرف على أهل البيت معرفة حقيقية ، عقائدية ، فكرية ، بحيث يقتنع بأن أهل البيت , وأن ما يّطرح عن أهل البيت من الولاية هذا أمر حقيقي منشأه ومنبعه ومصدره الإسلام ، لا أنه يقول أتبع أهل البيت ولكنه لم يكن في يوم من الأيام قد قرأ كتابا عقائديا ، لم يقرأ بعض الأفكار العقائدية والنقاش والشبهات و رد الشبهات في هذا المجال ، وهذا أمر خاطئ فللولاية الحقيقية أن تتأصل عن الموالي معرفة فكرية , معرفه بقضية أهل البيت ، وبعقيدة أهل البيت ، وبمنزلة أهل البيت ، وبإرتباط أهل البيت بالنبي (ص) ، وبإرتباطهم بالقرآن الكريم ، وبارتباطهم بالسماء , يجب أن يكون على معرفة بذلك

2: البحث عن آثارهم الدالة على منهجهم

يجب أن يكون لمن يريد الولاية تتبع لآثارأهل البيت ,نعم , أهل البيت أمنا بهم فكريا وعقائديا على ضرورة وجودهم ، بمعنى آخر آمنا بشيئ كلّي أن يكون هناك بعد النبي (ص) أوصياء ، أن يكون هناك بعد النبي أئمة ، ويستمر الإسلام من خلال الأئمة (س)

ولكن لنؤمن أن هؤلاء هم مصداق الأئمة حقيقة ونعتقد بهم , يجب أن نتابع أو نتتبع بعض آثارهم ليحصل لنا الإيمان بهم حقيقة

ثانيا: الإيمان القلبي

الإيمان القلبي لأنه ليس كل ما يعلمه العقل يعلمه القلب ، فقد يدرس الإنسان دراسة عابرة ولكنها غير متأصلة ، غير متجدرة ، غير قوية ، فلا تصل إلى قلبه ، والإيمان بأهل البيت (س) هذا شرطه , شرط الولاية , فلا يكون الإنسان مّوال لأهل البيت ولاية حقيقية من غير أن يصل إعتقاده بهم وينتقل من عقله إلى قلبه ، فإذا وصل الإيمان إلى القلب و صار قلبه مطمئن بأهل البيت (س) فهذا يكون في طريق الولاية لهم .

الولاية بمعنى بهذا المعنى ، أما أن لايصل إلى قلبه وإنما يمر في يوم من الأيام مرورا عابرا على بعض قضايا أهل البيت ثم يبتعد ويتركهم , فحاله حال الكثير من كتاب العامة الذين كتبوا عن أهل البيت وسطروا الأحاديث في فضلهم وشأنهم ولكنهم لم يؤمنوا بهم إيمانا حقيقيا .

فلإيمان الحقيقي يحتاج لمزاولة وممارسة وإقتراب من أهل البيت ومن منهجهم ليصل الإيمان إلى القلب ، وذلك يكون بالخطوة الأخرى وهي العمل

ثالثا: العمل والإتباع لأهل البيت (ع)

يعني لا يكفي أن يكون الشخص عارفا فكرا بأهل البيت (ع)، أو يقول وصل الإيمان إلى قلبي ، (هو لا يصل فعلا ) من غير أن يكون مستندا ومرتبطا مع العمل ، وليحصل هذا الإيمان القلبي يجب

1ـ التردد على الأئمة (س)

علماء النفس يقولون المزاورة والتزاور بين المجتمع يوجب المحبة ، يوجب المحبة الشخص الذي يزور شخص بإستمرار ويجلس معه ويتحدث معه ، تحدث بينهما علاقة إتصال روحي يكون بينهم إتصال روحي تحدث المحبة فزيارة أهل البيت (س) أجمعين أمر مهم ، زيارتهم في الحرم في مراقدهم المشرفة بل وهو في بلده وهو في بيته وهو في المسجد , كل ذلك له نوع من الإرتباط بأهل البيت (ع) هذا أمر مطلوب و مقرب

ثانيا: التفاعل مع أحاديثهم والمحاولة لتطبيق شيئ منها

نؤمن بأهل البيت (س) ؟

يجب أن يكون بيننا وبينهم شيئ من الإرتباط ، نطبق شيئ من أحاديث أهل البيت ، إذا أوصونا بشيئ يجب أن نقترب منه ، وإذا نهونا عن شيئ وأمرونا أن نجتنب شيئ ، أن نجتنب ، أما أن يكون كلامنا عن الحب لأهل البيت والولاء لأهل البيت ولكن العمل والتطبيق ليس له صلة بمنهجهم ، هذا لا يعد الولاء الحقيقي لأهل البيت (س)

بعض الأمثلة على ذلك

وجدنابعضها وتنقل قصص في هذا المجال ,

العزاء وتأخير الصلاة يذكرون شخصا يقيم العزاء على أبي الفضل العباس (ع) ، ينقلها الأستاذ المظاهري , يقول شخص يقيم العزاء لمدة أيام فجلس مع صاحبه بعد العزاء ومد رجليه

قال له صاحبه : لماذا تمد رجليك

قال : من التعب صار لي كذا يوم أقيم العزاء على أبي الفضل العباس ولم أخلع حذائي

قال له : إذا كيف تصلي إذا لم تخلع الحذاء طوال هذه الأيام ؟ فكيف تصلي؟

فقال : إذا كان أبو الفضل العباس عاجز عن محو سيئتي مضمون كلامه أونجاتي من هذه السيئة فليس لي حاجة من ولائه .

هذا تصور خاطئ للأهل البيت (س) كأن أهل البيت يدعون للفساد !!

أهل البيت لا يدعون لذلك ، أهل البيت يدعون للإلتزام بالدين والقيم ، نقيم مراسم أهل البيت ونقيم العزاء ونقيم الإحتفالات بذكراهم والمناسبات الخيرة ، لتدعونا لعمل الخير لا لتجنب الخير لتدعونا للإلتزام بالدين لا الإبتعاد عن الدين .

الشاب والفجور مرة نقل لي شخص قضية مشابهة لذلك قال لي أحد الإخوان يقول معه شخص في العمل يرتكب بعض الفواحش وعنده علاقات غير شرعية مع النساء

يقول قلت له: ألا تخاف أن يأتيك مرض يصيبك المرض الفلاني ؟!

فقال : كيف أخاف هل أنا مثلك أنا عندي الإمام الرضا وأخاف ؟! ، فكأن الإمام الرضا هو حامي للزناة ولأصحاب الدعارة والعياذ بالله،

طبعا هذه أمثلة لشواذ من المجتمع , لا نقول مجتمعنا هكذا, شواذ في المجتمع بعض الناس

ولكن نقول ما هو المنهج الحقيقي لأهل البيت (س), يجب على من يدعي الولاية أن يلتزم منهج أهل البيت ويعرف أن أهل البيت يدعون للخير , وإذا كنا نقدم على عمل يجب أن يكون هذا العمل كله منسجم مع الدين ملتزم بأوامر الإسلام

لا نؤخر صلاة ولا نرتكب مخالفة لا في إقامة مأتم ولا بإقامة عزاء ولا في خروج عزاء ولا في سهر متأخر لتفوتنا صلاة الصبح مثلا

الإلتزام بمنهج أهل البيت(ع) الحقيقي هوالتطبيق الحقيقي, يجب علينا أن نقترب من هذا التطبيق الزوار والسياحة بعض الزوار مثلا عندما يذهبون للزيارة في بلدان مختلفة أيضا يخرجون في رحلات سياحية ويذهبون لبعض السواحل في الوقت الذي هم يزورن المعصوم أو يزورن فردا من أفراد أهل البيت (س)ولكنهم يذهبون للسياحة ويدخلون في سواحل ويرون مثلا نساء ورجال شبه عراة هذه الزيارة ليست الوصل لمنهج أهل البيت ، منهج أهل البيت هو الإلتزام ، أن نلتزم بالحق ولا نرتكب مخالفات شرعية , لا تجعل هذا العمل المستحب طريقا للمخالفة والمعصية ، وإلا فإننا نكون بعيدين عن أهل البيت (س) أجمعين أكتفي بهذا

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

شاهد أيضاً

تساؤلات ماذا بعد عاشوراء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *