أهمية الشعار
حديث الجمعة ( ) – الشيخ عبد الزهراء الكربابادي – جامع الزّهراء (عليها السلام) – مدينة حمد – دوار10
20 /2 /1431هـ – 5/2 /2010م
أعوذ بالله السّميع العليم من الشّيطان الغويّ اللّعين الرّجيم
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمّد وآله الطّيّبين الطّاهرين، ربي أشرح لي صدري, ويسر لي أمري, وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
* أهمية الشعار.
لكل أمة شعار, ولكل بلد شعارها الخاص و لكل طائفة شعارها بل ولكل مجموعة شعارها الخاص وهذا يدل على أهمية الشعار وما له من تأثير كبير, وهذا التأثير يتلخص في أمرين الأمر:
الأمر الأول: تأصيل المفاهيم التي يتضمنها الشعار
كل مجموعة لها أهداف وكل فئة لها خصوصيات وهذه الأهداف والخصوصيات يراد بها التأصيل في أفراد هذه الجماعة, ومن خلال هذا الشعار الذي تطلقه الجماعة بهدف تأصيل المفاهيم والمبادئ التي تحملها وهناك هدف آخر وهو إظهار وتجلية هذه الأهداف والمضامين لهذا الشعار ولهذه المجموعة ولما تبتغيه وتريده فتظهره من خلال شعاراتها.
إذا رجعنا للقسم الأول وهو البناء وتأصيل المفاهيم وزرع المفاهيم في المجتمع نجد أن الشعار الذي يمارسه الإنسان يكون له تأثير بصورتين:
الصورة الأولى أن يكون له الأثر على نفس الممارس له فالذي يمارس بعض الشعارات ويطلق بعض الشعارات لابد وأن يتأثر ما يقول الذي يكرر ” بسم الله الرّحمن الرّحيم ” والذي يكرر ” الله أكبر ” أو غيرها فإن له نصيب من التأثر والتفاعل معها, وهل يقف الأمر عن ذلك؟
طبعاً لا, وإنما يتعدى إلى الأثر الاجتماعي, فالسامع لها أيضاً يتأثر, والمجتمع الذي يطلق فيه شعارات مختلفة كل شعار له نصيب من التأثير في ذلك المجتمع فلا يقف عنده, فهناك تأثير على الفرد الممارس والملقي لذاك الشعار وهناك تأثير على من يستمع إلى ذلك الشعار وهذا يدل على أهمية الشعارات التي يطلقها الإنسان في حياته وفي مجتمعه.
هناك آثار تكون واضحة للشعارات نلخصها في أربعة:
أولاً الأثر التربوي.
للشعارات آثار تربوية على المجتمع فالذي وضع هذه الشعارات والذي ركز على وجود هذه الشعارات سواءً كان هذا في دولة أو في مجتمع أو في فئة أو في طائفة إنما تعني منه أثر فهنا في هذا الأثر التربوي الملقي يتأثر والمستمع تتأثر يتعدى التأثير عن ذلك إلى خلق العرف العام والذي ألمحنا له في الأسبوع الماضي, والعرف العام له أثر كبير أكثر من الدراسات والنظريات ونقول على سبيل المثال أن يأتي شخص ويطرح دراسة أو يدخل جامعة ويدرس بعض المفاهيم لا شك في أن يكون لها أثر بمستوى معين على شخصيته إلا أن هذا الأثر لا يصل إلى درجة ما يحدثه العرف الاجتماعي العام وإذا عرفنا هذا نقول أنه يجب أن نوفر العرف الاجتماعي العام الذي نحدث من خلاله, فالشعار أولاً يوجد العرف والعرف يوجد التربية, أثر العرف العام على الضبط السلوكي عند المجتمع أكثر من القوانين ضبطاً للناس وهذا ما يؤكده العلماء, لو جاء المشرع وشرع بعض العقوبات والقوانين لسلوكٍ معين لا يكون هذا التشريع ضابطاً للمجتمع كما يضبطه العرف العام, فالعرف العام يجعل المجتمع يسلك سلوك معين من خلاله يتربى, نعرف كثير من الأشخاص الذين هم بطبيعتهم بسيطة – أشخاص عاديين – ليست لديهم تلك الكفاءة ولا تلك المنزلة والقدرات في تربية الأولاد ولكن يصادف أنهم يسكنون في مكان المجتمع فيه صالح فيخرج هذا الولد بصفات الصلاح بل ويؤثر في أبيه وأمه ومجتمعه أيضاً.
نعم فالعرف العام له أثر كبير بحيث أنه يضبط السلوك الاجتماعي أكثر من أثر القوانين التي تسن وتقنن في المجتمع وهنا نقول ما يجب أن نفعل؟
يجب علينا وعلى النخب الاجتماعية والتي تمتلك القدرة للتصدي لتربية المجتمع في إطار التربية الدينية أن توجد حالات عرفية اجتماعية, سلوك منضبط شرعاً وديناً, مثلا في فترات الإجازات يجب على المجتمع والمساجد والقائمين على المساجد أن تكون لهم بصمات واضحة في مجال التربية, وليست التربية فقط بالتعليم, أن أأتي بشخص وألقي عليه درس – وإن كان هذا مهم – ولكن بشغل الأوقات برحلات ترفيهية وبعض البرامج كالمسابقات وغيرها من الفعاليات الاجتماعية والتي تجعل المجتمع من شباب وبنات وأطفال ينخرط في جو ديني يكون له أثر على إصلاح المجتمع وتربية المجتمع وهذا مهم جداً ومسئوليته على الجميع وأثره أكبر من نفس البيانات ومن نفس الخطابات والدراسات.
ثانيا الأثر السياسي.
للشعار أثر سياسيا في المجتمع ويكون في أمرين أيضا:
○الأمر الأول الذي يخلقه الشعار من أثر سياسي هو إظهار المنعة والقوة أمام الأعداء, إذا كان هناك شعر جمعي يردد جماعةً فإن له بيان في إظهار القوة في وجه الأعداء والخصوم فيكون له أثر كبير كما في شعار الحج إذا ظهر المسلمون جماعة واحد متحدة قوية يكون له أثر كبير لهذا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول في فتح مكة عندما دخلوا مكة { رحم الله من اظهر اليوم قوته } فالذي يظهر قوته بهذا الشعار وبالهتافات التي تطلق – في محلها طبعاً إذا تتطلب الأمر – يكون لها أثر في وجه الخصم والعدو.
○الأمر الثاني الذي يخله الشعار من أثر سياسي هو على نفس الشخص, أي عندما تدخل مثلاً في حركة سياسية ويكون هناك تردد فهنا للشعارات التي تطلق والقوة والإتحاد الجمعي دور في رفع حالة التردد ويقوي ويربط المجتمع ويجعله متماسك يعتز بقوة وعزة.
ثالثاً الأثر الاجتماعي.
عندما نطلق الشعارات الدينية ونركز على الشعارات التي أراد لها الإسلام أن تطلق في المجتمع فإن لها أثر اجتماعي أيضاً من ضمنها المحبة عندما تطلق شعارات الود والمحبة في المجتمع فيكون المجتمع متحاب مترابط, هناك شعارات عملية كصلاة الجماعة وحضور الجماعة شعار عملي يربط الأخوان فيما بينهم ويجعلهم أخوة متماسكين متحابين مترابطين لا يقبل الشخص منهم أن يرى في من جنبه أو في صديقه أو جاره أو مجتمعه خلل وإنما يجعل ترابط وتلاحم وتواد بينهم بل أكثر من ذلك يوجد حالة التكافل الاجتماعي, فالمجتمع الذي يطلق شعارات المحبة والعاطفة وشعارات الرحمة والود فإنه يمتلك حالة من التكافل الاجتماعي لا يقبل أن برى شخصاً مهضوماً مظلوماً أو ناقصاً أو عنده حاجة وإنما يتصدى للحفاظ عليه وسد النقص عنده.
رابعا الأثر الإعلامي.
إذا أختار المجتمع شعارات دينية رزينة مرضية يستطيع أن يبلغ قضاياه ويستطيع أن يدعو لمعتقده ويستطيع أن يدعو لأخلاقه إذا كان يطرح شعارات أخلاقية وشعارات دينية مقبولة مرضية فيكون الأثر الإعلامي لما تحمله هذه الفئة, بمعنى آخر أنت في شعارات لابد أن تنظر لأثر هذا الشعار في الجانب الإعلامي والشعارات مختلفة طبعاً, بعض الشعارات التي تطلق قد تنفر من المجتمع يعني أننا نمتلك شعارات مختلفة مثلاً شعارات دينية حسينية فهناك من يقول المهم أن أطلق هذا الشعار ما دام هذا الشعار مقبول في نفسه وهنا نقول أنظر للشعار وأثره في الطرف الآخر فقد يكون شعار ينفر مما تتبناه وقد يكون شعار يرغب وهنا عليك اختيار الشعارات التي ترغب لما تعتقد لا التي تنفر مما تعتقد ليكون إظهار الحق بالحق, فلا تكن ممن يريد إظهار الحق وتأتي بشعارات تنفر منه فإن هذا عمل سيء.
إذا الشعارات مهمة ويجب أن تكون باستمرار في المجتمع ويكون لها أثر مستمر حتى يستطيع المجتمع أن يحقق الأمرين التربية وتأصيل المبادئ والمفاهيم في نفس المجتمع وفي أبناء المجتمع وبنائهم والأمر الآخر في تجلية الأمور للآخرين والدعوة للحق بشعار الحق.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل بيته الطاهرين.