14/2/2014
بسم الله الرحمن الرحيم
يا ايها الذين امنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم الى الله مرجعكم جميعا فيتبؤكم بما كنتم تعملون
رسالة السماء لتنقذ الانسان و تنجي الإنسان و تصلح الانسان من الجانب المعنوي و الجانب الفكري و المعرفي و من الجانب المادي و الجانب السلوكي و الاخلاقي ، رسالة السماء جائت لإصلاح الإنسان من كل الجوانب فهي رسالة ٌ جامعة لصلاح الانسان في الفكر و الروح و الجسد و الفعل و التعامل مع الاخرين ،
الامة الواحدة ،
ليجعلها امة و احدة كما ارادها الله تعالى متماسكة يكفل بعضها بعضا ً و كل ذلك يكون بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، الامة القوية إذا ضعف فيها التوجيه و التسديد قل فيها الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فإنها تكون أمة ً ضعيفة او تسير الى الضعف إلى ان تنتهي ،
الأمة المتقدمة تكون متأخرة و جاهلة إذا خَفَتَ فيها صوت العلم و المعلم و صوت المعرفة ، إذا لم يكن العلم و المعرفة و التعليم و التربية متحرك و نشط في الأمة فإنها تسير الى الهاوية .
الأمة العزيزة تصير ذليلة ً إذا لم يُنكر فيها على الظالم ظلمه ،
اولا : المعروف ،
هو أسم ٌ لكل فعل ٍ يعرف بالعقل او الشرع حُسنه ، العقل يدرك الافعال انها حسنه ام قبيحة فما أُدرك بالعقل أنه حَسن فهو معروف و تكون له رتب كثيرة من الوجوب الى الاستحباب الى المباحات ،
و المنكر ، ما يُنكر بالعقل و الشرع ، العقل يستنكر و يستقبح بعض الافعال فتكون منكره كما عن الراغب الأصفهاني ، و جاء في مجمع البيان ان المعروف هو الطاعة و المنكر هو المعصية ، و كل أمر ٍ أمر الله و رسوله به فهو معروف و ما نهى الله و رسوله عنه فهو مُنكر .
ثانيا ً : الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في القرآن الكريم ،
يقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم الى الله مرجعكم جميعا فيتبؤكم بما كنتم تعملون
توهم من يبحث عن التعذير ان هذه الاية تقول له انت لست مكلف بإصلاح الاخرين عليك نفسك الاية تقول عليكم انفسكم بمعنى الزم نفسك لا يضركم من ضل إذا إهتديتم إذا ً إتركهم و إترك الحبل على الغارب ، هذا الفهم ليس صحيح و إنما الاية جائت لتأكد ان يصلح الانسان نفسه و يلزم نفسه بالخير و يجتنب عن المنكر فلن يناله شيء من معاصي الاخرين إذا قام بوظيفته ، فهي على غِرار الايات التي كانت تخاطب الرسول صل الله عليه واله فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ يعني عملت بوظيفتك الشرعية و امرت بالمعروف و نهيت عن المنكر لا يضرك ضلالهم انت إعمل بوظيفتك و على الله الباقي و آية اخرى تقول لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (1) يعني لا تهلك نفسك و انت تريد إصلاح الاخرين ، يتأثر الانسان إذا اراد إصلاح الاخر و لم يستطع إصلاحه خصوصا في الاقربين إذا كان عنده ولد و يريد إصلاحه و كلما جاءه من جهة يذهب جهة يتعب الشخص ، الاية تقول أصلح نفسك إعمل بوظيفتك أأمر بالمعروف انهى عن المنكر و الباقي على الله سبحانه و تعالى ،
آيات كثيرة تحدثت عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، نتحدث عن شيء منها
الاية الأولى ،
يقول تعالى وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (2) يعني هذا امر و الإمر في اللغة العربية يدل على الوجوب و لتكن منكم امة يدعون الى الخير يعني يجب ان تكون هناك امة تدعو للخير و تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر .
1- الوجوب العيني ، يقول البعض في فهم هذه الاية هل ان هذا الوجوب هو وجوب عيني على كل فرد من افراد المجتمع ام انه خاص بفئة بمعنى هل ان قوله وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يعني مجموعه ام ولتكونوا امة ، هنا المعنى فيه إختلاف البعض يفهم و لتكن منكم امة يعني كونوا امة كما تاتي لرجل و تقول له فليكن منك رجل يعني كن انت رجل و ليكن منك رجل شريف يعني كن انت رجلا ُ شريفا ً هنا المعنى بهذا القصد يعني كونوا امة تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر .
2- الوجوب كفائي لقوله منكم وهو اكثر ما اختاره العلماء و الفقهاء في الجانب الفتوائي انه يعني فلتكن منكم جماعة هذه الجماعة وظيفتها الامر بالمعروف و النهي عن المنكر ، إذا ً يكون معنى ولتكن تبعيضية بعضكم يامر بالمعروف و ينهى عن المنكر يتصدى لذلك ،
من هذا الطرح نستنتج من القولين واجب على الجميع ، إذا جئنا الى معنى الوجوب العيني يعني يجب على المجتمع كله جميع المجتمع يجب ان يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر هذا الوجوب العيني ، الوجوب الكفائي يعني الوجوب الذي إذا قام به من فيه الكفاية سقط عن الاخرين ، تصدى اشخاص للنهي عن ظاهرة سيئة للأمر بالمعروف للامر بالصلاة امتثل الناس سقط عن الاخرين ، او مثلا ً مات شخص هنا يجب على الناس ان يقوموا بتجهيزه و دفنه إذا قام به البعض سقط عن الاخرين لكن إذا لم يقم به أحد الوجوب هنا يكون على الجميع و الاثم على الجميع ، الامر بالمعروف كذلك إذا قام به البعض و إنتهى المنكر سقط عن الجميع أما اذا لم ينتهي المنكر فالوجوب على الجميع و الجميع محاسب و الجميع مأثوم إذا كان يستطيع ان يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و لم يعمل بهذه الوظيفة .
الاية الثانية ،
يقول تعالى كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ،
1- شرط تفضيل هذه الامة الاية تقول كنتم خير أمة فضلت هذه الامة على سائر الامم لانكم تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ يعني التفضيل شرطه الامر بالمعروف و النهي عن المنكر هذه الوظيفة هي شرط هذا التفضيل لهذه الامة فإذا تهاونت و تخلت عن هذه الوظيفة سقط التفضيل ليست لها القيمة و الاعتبار .
2- إن الامر بالمعروف و النهي عن المنكر هما حصن الايمان يُحفظ إيمان المؤمن يُحفظ إيمان المجتمع إذا كان المجتمع يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر لذلك قالت وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ كأنه الامر بالمعروف هو الحسن و الحافظ للايمان فبلأمر بالمعروف و النهي عن النمكر يتحقق الايمان و يحفظ الايمان .
الاية الثالثة ،
يقول تعالى وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (3) ،
1- الامر بالمعروف و النهي عن المنكر من خصائص صفات المؤمنين وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ بهذه الصفة يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر إذا ً هي من خصائصهم ومن صفاتهم وفإذا إنتفت الصفة الموجبة للايمان إنتفى الايمان .
2- الأمر و النه يمن شؤون ولاية المؤمنين لبعضهم البعض تقول الاية بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِلان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينتاسب مع الولاية ، الولاية هي الرعاية ان يكون كل ٌ يحفظ الاخر مسؤول الولي على الطفل يحفظه و يحفظ مصالحه ، المؤمنون بعضهم اولياء بعض إذا عملوا بهذه الوظيفة و إلا لا يكونون مؤمنين .
3- الاية تخرج من لا يأمر و لا ينهى من ربقة المؤمنين لانها جعلتها شرطا ً فإذا إنتفى هذا الشرط إنتفى الايمان .
الاية الرابعة ،
يقول تعالى لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (4) الاية ذكرت امرين ،
الاول ، بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ فإستحقوا اللعنة
الثاني ، كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ، يعني المعصية و إرتكاب التعدي و الخطيئة سبب للعنة الله و الامر الثاني حتى لو لم يكن يرتكب الخطئية لكنه لم يكن من الآمرين بالمعروف و الو الناهين عن المنكر فيستحق اللعنة لا يتناهون عن منكر ٍ فعلوه ربما لم يكونوا يرتكبون المعصية ربما لم يكونوا من المعتدين كما يأتي في الاية التي بعدها و لكن مع ذلك إستوجبوا اللعنة لانهم لا يتناهون عن منكر ٍ فعلوه .
الاية الخامسة ،
يقول تعالى وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) نتدبر في هذه الاية الاية تقسم اهل القرية الى اقسام ثلاثة ،
الاول ،
يعتدون ، وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ يتجاوزون الله هنا نهاهم ان يصطادوا الأسماك في السبت و إبتلاهم ان تأتي الاسماك اليهم إبتلاء و لكن قال لا تصطادوا إعتدوا و خالفوا .
الثاني ،
لا يعتدي و يعظهم من يعتدي ينهى من يصطاد .
الثالث ،
ايضا ً لا يعتدي لكنهم لا يأمرون بالمعروف و لا ينهون عن المنكر كانوا يقولون لمن يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر لا تأمروا و لا تنهوا اتركوهم الى الله و الله سحاسبهم ، يعني ان هذا القسم هو في نفسه صالح لا يعتدي و لكنه يخاطب من يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و يقول لا حاجة للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر يقولون لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ هم يرون أنفسهم في نجاة و يرون ألئك هالكين فيقولون لم تعظون هؤلاء الله مهلكهم او معذبهم ، قال القسم الذي ينهى قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ القسم الذي يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر يقول انا اقوم بوظيفتي و لعلهم يتقون أما هؤلاء لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ،
النتيجة 1 ،
نزل العذاب ، الله سبحانه و تعالى يقول القسم الاول فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ ،
القسم الثاني وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ،
قسم ينهى عن السوء نجاه الله ، و الباقي وصفهم بأنهم ظالمين و أنهم فاسقين و انزل العذاب عليهم مع ان قسما ً منهم لم يكونوا يعتدوا بل كانوا ينظرون لمن يعتدي ان الله سوف يهلكه ،
النتيجة 2 ،
أن يأخذ الانسان في حسبانه أن الامر بالمعروف و النهي عن المنكر أمر واجب ان إذا كان هناك منكر حتى لو تصدى له البعض و نهى عن المنكر و أمر بالمعروف و لم يكن في تصديه الكفاية و لم ينتهي المنكر ال زال للمنكر وجود فالوجوب على الجميع و الحساب على الجميع ، و إذا نزل العذاب و نزل العذاب و البلاء سوف يشمل الجميع إلا الامرين بالمعروف و الناهين عن المنكر .
الهوامش ،
- سورة الشعراء الاية 3
- سورة ال عمران الاية 104
- سورة التوبة الاية 71
- سورة المائدة الايتان 78-79
- سورة الاعراف الايات 163الى 167