الإمام الجواد عليه السلام
1/6/2012
حديثنا حول الامام الجواد عليه السلام
في الرواية عن علي ابن اسباط قال خرج عليَّ ابو جعفر يعني الجواد فجعلت ُ أنظر إلى إليه و إلى رأسه و رجليه لأصفه قامته لأصحابنا بمصر فلما جلس قال يا علي إن الله إحتج في الإمامة بمثل ما إحتج في النبوة قال تعالى وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا و قال حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فيجوز ان يؤتى الحكم صبيا ً و يجوز ان يعطى و هو ابن اربعين سنة ،
مقدمة ،
الإمام الجواد عليه السلام قائد ٌ للأمة و ظروف ٌ قاسية و صغر سنه و إشكالات المغرضين ، حديثنا حول هذه الأمور ،
اولا ً : ظروف الإمام الجواد تشبه ظروف أبيه الإمام الرضا عليهم السلام فقد أرادوا من الإمام الجواد أن يبقى في قصر المأمون و أن يجبر على ذلك كما كان الإمام الرضا عليه السلام ز
ثانيا ً : موفق المأمون من الإمام الجواد و هدف المأمون تمييع التشيع ،
هذا الإصرار على جعل الإمام في قصر المأمون له هدف و خلاصته هو تمييع التشيع ،
- صهر القيادة المتمثلة للناس في الإمام الجواد في السلطة الحاكمة في قصر المامون فيكون أحد أفراد الأسرة فالناس تتخلى عنه .
- عزل الإمام عن قواعده بشكل ٍ لا يثير الأمة ، أيضا ً يبعد الإمام عن الناس و لكن بإسلوب لا يثير الناس فهم يرونه معززا ً مكرما ً في القصر فلا تُثار عواطفهم و لا تُغضبهم هذه التصرفات لأنهم يرون الظاهر فقط .
- جعل الإمام تحت الرقابة الدائمة لأي تحرك ، لأن الإمام إذا كان في القصر لن يستطيع أن يتحرك و ان يفعل أي شيء فكل شيء ٍ محسوب عليه يعدون انفاسه من دخل و من خرج إستقبل من ماذا قال له .
- إبداء المحبة للإمام الجواد عليه السلام من قِبل المأمون ، يبدي المحبة ليصرف الناس عن الامام فكأنه يقول للناس انا الامام شيء واحد لا نختلف فإذا نظر الناس ذلك يتخلون عن الامام ، لأنهم عندما يعانون من الظروف القاسية التي يعيشونها من الظلم و الإضطهاد و قائدهم الإمام يرونه مع السلطة و يرونه معزز مكرم ومحبوبا ً لذى الحاكم فيتخلون عنه ، فهذه التصرفات تنشأ من حقد المأمون و ليس من محبته ، يظهر المحبة و يبطن شيئا ً آخر .
ثالثا ً : الإمام الجواد يحبط أهداف المأمون ،
الإمام يُصر بالرجوع للمدينة فإن رجع تحقق الرجوع و بين و فضح المأمون و إن أبقوه تبين للناس ان بقاءه بالإكراه فيبطل دعوى المأمون و أنه يحبه ، و يتبين من هذا الرجوع ،
- عدم تأييد الإمام لخلافة المأمون لأنه لو قبل بالبقاء من غير إعتراض فهو يكشف عن رضا و لكن إذا إعترض يكشف أن الإمام ليس راضي بهذه الخلافة .
- إستنكارا ً و إيحاء ً للآخرين بعدم شرعيتها فالامام يريد من هذا الرجوع أيضا ان يبين للاخرين انه ليس فقط غير قابل بل يستنكر و يقول انها خلافة ً غير شرعية .
- يثبت من ذلك إستقلاليته و يثبت أنه الإمام الحق و أنه بعيد عن هذه السلطة .
- أراد من ذلك أن يثبت ان أطروحته مختلفة عن السلطة الحاكمة أنه لا يختلف مع هذه السلطة ، لو كان مع السلطة لقبل البقاء معها في القصر من غير إعتراض .
- الحفاظ على أطروحة الإمام حية في نفوس الناس ، بهذا الرجوع الإمام يلتقي مع الناس و يستطيع تربية الناس و تثقيف الناس و تعليم الناس الأطروحة التي يتبناها الإمام حقيقية ً عندما يكون قريب يستطيع إيصال رسائلة اكثر .
رابعا ً : الإمام الجواد عليه السلام في نفس الخطة التي سار عليها الرضا عليهم السلام ،
ماذا كان يصنع الإمام الرضا كذلك الإمام الجواد في نفس النهج ونفس الخطة ،
- في تخطيطه الفكري ، الإمام كان يُصر و كما هم الأئمة عليهم السلام أن يربوا الناس فكريا ً يتعلم الموالي لأهل البيت عليهم السلام أن يكون مفكرا ً لا يقبل بشيئ ٍ من غير فكر من غير معرفة من غير دراية .
- توعية المجتمع عقائديا ً ، الإمام برجوعه يصر على التوعية العقائدية و ليس أنه ينتمي الإنسان للإمام و يقول أنا من شيعته و من محبيه و عقيدته ضعيفة لا يعلم شيء لذلك كان أقل الناس في الفقه و العلم و المعرفة مع أهل البيت يستطيع أن يناظر كبار العلماء لأن أهل البيت عليهم السلام كانوا يصرون إصرارا ً بالغا ً على قضية المعرفة الفكرية و المعرفة العقائدية .
- الإمام يجمع العلماء و يحاورهم ، لا أنه يلتقي مع الناس فقط و إنما يلتقي مع العلماء و جميع الإتجاهات و يحاورهم و كثير ٌ من العلماء يقتنعون و يتبعون فكر الإمام و هذا واضح ٌ على مدى التاريخ أن أتباع أهل البيت عليهم السلام عادة هم الطبقة الواعية العالمة العارفة و ليسوا متخلفين .
- توسيع قواعده الشعبية ، الإمام يريد من ذلك ان يلتقي مع الناس و يوسع قواعده الشعبية ينشر التشيع لذلك كان عندما يخرج من مكان إلى مكان يلتقي مع الناس و كذلك كان الامام الرضا عليه السلام وهو في الطريق يلتقي و الامام الكاظم الائمة دأبهم هكذا ان يلتقوا الناس و يحدثوا الناس حتى في طريقهم عندما يمرون بمنطقه ينصبون لهم مجلس و يحاورون و يثقفون و يجعلون الناس يسألون و يتسائلون و هم يجيبون .
خامسا ً : صغر سن الإمام الجواد عليه السلام ،
الإمام الجواد في سن ٍ صغير و هذا ما أجمعت عليه المصادر ،
- اجمعت المصادر ان عمر الجواد عليه السلام سبع سنوات و أربعة أشهر او انه ثمان سنوات ، إمام في هذا العمر و لكن إرادة الله و حكمته ليثبت أحقيته ليس انه يبطل الامامة .
- هذه الظاهرة اول مرة تحدث في حياة الأئمة ان يكون الإمام صغير في السن وهو الإمام الجواد عليه السلام .
- الجواد في هذا العمر تولى الزعامة في جميع المجالات الفكرية النظرية العملية الإمام وهو في سن السابعة يلتقي مع الجميع العلماء مع الكبار مع الصغار بل و يسدد الناس يتعهد الناس و يقضي حوائجهم فيقف معهم عمليا ً و يقف معهم فكريا ً .
- هذه الظاهرة و هي صغر سن الإمام تكفي لوحدها لإثبات حقيقية إمامته ، هذه الظاهرة فريدة إراد الله سبحانه و تعالى من خلالها ان يثبت لذوي البصائر ان هذا هو الحق فيتبعون الحق لأنه إمام صغير بهذا العمر ، مع من درس و كم الوقت الذي تستغرقه الدراسة في سن السابعة و إذا هو يجيب جميع الأسألة و و في جميع المجالات بل حتى في المجالات التي لا تنتمي للإسلام البعيدة ، الزنادقة يستطيع ان يحاورهم و يرد اشكالاتهم فهو مطلع ٌ على كل شيء ، متى إطلع ؟ لولا انه من الله سبحانه و تعالى .
- زعامة الإمام سلام الله عليه ظاهرة و ليست مخفية و لا محجوب عن الناس ، الإمام ظاهر الإمام يجلس بين الناس الإمام له مكان يقصده العالم ، الناس عندما كان الإمام عليه السلام في المدينة كانوا إذا ذهبوا للحج يأتون للإمام و يلتقون مع الإمام فالإمام ليس مخفيا ً عن الناس و إنما يجلس ظاهرا ً و لا يتحدث بلفظ التحدي و لكن واقعه يتحدى الجميع من عنده سؤال من عده إشكال من عنده تشكيك الإمام عليه السلام يجيبه .
- المامون يعرض الإمام الجواد للإمتحان ، المأمون يقول ان الإمام الجواد صغير و نستطيع إحراج الإمام فيأتي بأكبر العلماء ليختبر الإمام بل ليبطل دعوة الإمام و لكنه يسقط ما في يده و يكتشف ان الحاضرين كلهم يخضعون للإمام و يسلمون لقدرة الإمام و علم الإمام عليه السلام .
سادسا ً : إشكالات ٌعلى الشيعة بقبول إمامة طفل ،
هناك إشكالات أشكلوها على الشيعة كيف يقبلون بإمامة طفل ،
الإشكال الأول ان مستوى الطائفة الشيعية وقت إذٍ كان بدرجة لا تلتفت تغفل عن هذا الموضوع يقولون الشيعة لم يكونوا بمستوى فكري جيد فكانوا يُخدعون حتى بالأطفال و كان هذا المستشكل يغفل عن قول الله تعالى وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا يغفل الله سبحانه و تعالى جعل في المهد نبيا يستشكل ان يكون في سن الثامنة و هو يدعي انه يقبل القران و يعتبر بطلان الإمامة أنه طفل ،
الجواب هذا الإشكال يكذبه الواقع فكل المدارس تكبر و يقدر المستوى العلمي و الفكري للطائفة الشيعية ، طبعا ً التاريخ يعيد نفسه في جميع العصور إذا جئت وقارنت بين أتباع أهل البيت عليهم السلام في ذلك الوقت و في هذا الوقت أتباع أهل البيت هم المفكرون ، أباع اهل البيت يحملون من المعرفة الكثير ما لا يحمله غيرهم و الذي ينتقل إلى صف أهل البيت عليهم السلام و إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام هو العالم هو العارف هو الذي له قدرة فكرية و ليس الجاهل ، الذين يتبعون أهل البيت ليسوا جهال حتى يُقال لم يلتفتوا لهذا الإشكال بل كان من يتبع الإمام يأتي للإمام و يناقش الإمام ، في الكافي عن ابي جعفر الثاني قال عليه السلام السائل يقول قلت للإمام إنهم يقولون في حداثة سنك فقال إن الله تعالى أوحى إلى داوود ان يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم فأنكر ذلك عباد بني إسرائيل و علماؤهم فأوحى الله إلى داوود أن خذ عصى المتكلمين و عصى سليمان و إجعلها قس بيت ٍ و أختم عليها بخواتيم القوم فإذا كان من الغد فمن كانت عصاه قد اورقت و أثمرت فهو الخليفة فأخبرهم داوود فقالوا قد رضينا و سلمنا ، الإمام يبين بهذا أن هناك معجزة يقول الدعوة لوحدها لا تكفي كما كان الانبياء عندما كان داوود اراد ان يخلف سليمان و يورث سليمان وهو صبي و إستنكر القوم طرح معجزة هنا كذلك الإمام يطرح إعجازه و ليس أن الشيعة يتبعونه هكذا .
الإشكال الثاني ، الطائفة الشيعية لم تكن تمتلك تصورا ً واضحا ً لمفهوم الإمامة ، يقول المستشكل ان الشيعة يقولون بالإمامة و لكن لا يفهمون ما تعني الإمامة فيتبعون الصبي و غير الصبي لذلك إتبعوا صبيا ً ،
و الجواب ، ان التشيع يقوم أساسا ً على المفهوم الألهي العميق لفكرة الإمامة و فيه آلاف النصوص منذ عهد الإمام علي عليه السلام إلى الإمام الرضا بل من أحاديث النبي صل الله عليه واله و تفصيلات ٌ من النبي كثيرة مفصله و الناس يتبعون أحاديث و وعندهم وعي و ليس أنهم يخدعون بصبي ،
بعد الإمام الكاظم عندما جلس أخوه و إدعى الإمامة الناس يعلمون و يسمعون احاديث اهل البيت عليهم السلام قبل ذلك ، فقالوا عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال لا تعود ُ الإمامة في اخوين بعد الحسن والحسين أبدا ً فالشيعة يعتمدون على الأحاديث و لا يأخذون الإمامة بدعوى هكذا ،
الإشكال الثالث ، أن اٌلإصرار على طفل لا يعدو إصرارا ً على الغرور و الباطل و ليس لأنهم مقتنعين بإمامة الجواد ،
و الجواب هو
- الشيعة عرفوا بالورع من زمن النبي صل الله عليه واله و من اتبع علي هم الخلص و اهل الوعي هم اهل العفة و الورع .
- التشيع لم يكن طريقا للمجد في يوم ٍ من الأيام حتى يقولوا ان الشيعة يتبعون هذا الطفل ليحصلوا على المجد ليصلوا للسلطة ، ليس وراءه سلطو و ليس وراءه مجد و شهره وإنما وراءه هذا التشيع و في ذلك الوقت بالخصوص وراءه القتل و التشريد ، افهل من يريد الباطل يذهب للقتل ؟ هذا الكلام لا يمكن ان يُقبل ، يقول الإمام الباقر عليه السلام فقتلت شيعتنا بكل بلدة و قطعت الأيدي و الأرجل على الظِنة و كان من يُذكَر بحبنا و الإنقطاع إلينا سُجِنَ او نُهب ماله ، يعني لا يبقى عنده مال و لا حتى يبقى طليق و إذا أبقي طليق يمنع حتى من العمل هذا كان في زمن الأئمة عليهم السلام ، من يقول شعر في أهل البيت إذا أراد أن يعمل لا أحد يقبله لإنه ينتمي لأهل البيت فأي مضايقة أشد من ذلك قتل و سجن و تشريد و مطاردة في الرزق لانه ينتمي لأهل البيت عليهم السلام ، فإذا كان أتباع أهل البيت يريدون الباطل فأي باطل ٍ هذا ؟ هذا هو الموت و ليس فيه سعادة الإنسان الذي لا يريد الحق يبحث عن الرفاهية يبحث عن السعادة دنيوية و هنا لا توجد سعادة دنيوية و إنما أهل البيت عليهم السلام و أتباعهم في أشد المحن و الظروف القاسية و من يسير على نهجهم يجري عليه ان يكون مقتنعا ً مئة ً بالمئة و إلا إذا لم يكن مقتنع لا يقبل هذه الويلات التي يتعرض إليها .