التحية في الاسلام (2)
13.12.2013
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (1)
مواصلة للحديث حول التحية و السلام ،
ذكر علي ابن ابراهيم في تفسيره عن الصادقين عليهم السلام ان المراد بالتحية في الاية السلام و غيره من البر جميع انواع البر تصدق عليها هذه الاية فهي تحية كما جاء في احاديث و ذكرنا بعض الاحاديث عن علي عليه السلام لو ان شخصا ً أحسن إليك فلتحسن إليه اكثر مما قدم و له الفضل أيضا ً إذا جميع الإحسان و جميع البر هو من التحية ،
السلام تحية وهو أخص وهو نوع ٌ من التحية و هو إعلان الأمان و السلام لكل أحد فالمسلم بسلامه يقول كل شخص ٍ آمن ٌ مني فلا يععتدي على أحد و لا يرا منه احد ٌ شر ابدا ً و إنما لا يرجى منه إلا الخير و لا يُتوقع منه إلا البر و الاحسان ،
اولا ً : صفة السلام من الله سبحانه و تعالى ،
- وصف الجنة بدار السلام و وعد المؤمنين بها قال تعالى هُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ ۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2)
- السلام تحية أهل الجنة قال تعالى تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ۚ (3) و يقول تعالى لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (4) و يقول تعالى وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (5) و يقول تعالى دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (6) فهي تحية أهل الجنة و يقول النبي صل الله عليه واله عند نزول وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ قال صل الله عليه واله قد ابدلنا الله بخير من ذلك تحية أهل الجنة السلام عليكم فهذه تحية أهل الجنة و هي اختيار ٌ من الله سبحانه و تعالى للمؤمنين ليتعاملوا بهذه التحية .
ثانيا ً : السلام قبل الكلام ،
- حديث القرآن مع المؤمنين يبدأ بالسلام ، عمليا ً القران عندما يتحدث عن فعل الملائكة فهو يقدم السلام قال تعالى قُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ لا يقولون لهم ادخلو مباشرة إلا بعد السلام و قال تعالى إِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۖ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ يبدأ بالسلام قبل الكلام و قال تعالى إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ إبتدأ الملائكة دخلوهم بالسلام ليوجدوا الطمأنينة و الاستقرار عند النبي ، السلام بطبيعته يرفع الوحشة عند من تدخل عليه ، تدخل على احد إذا رآك مسلم عليه يختلف عنما إذا دخلت عليه و دخلت في مواضيع من ان تسلم ،.
- قال النبي صل الله عليه واله من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه ليعلم المجتمع كيف يتعاملون مع بعضهم البعض و فيحديث يقول و لاتدعو إلى طعام أحد حتى يسلم ، وعن الحسين عليه السلام قال له رجل ٌ ابتداء ً كيف انت عافاك الله فقال عليه السلام السلام قبل الكلام عافاك الله ثم قال عليه السلام لا تأذنوا لاحد ٍ حتى يسلم ، عن علي عليه السلام قال أمرنا رسول الله صل الله عليه واله إذا مر بنا رجل و لم يسلم و الطعام بين ايدينا أن لا ندعوه اليه .
ثالثا ً : السلام على الاهل و الاولاد ،
يغفل الكثير عن السلام على اهله و اولاده و الولد لا يسلم على ابيه إذا إلتقى بشخص في الشارع ربما تجده يسلم بحراره و تفاعل و لكنه في البيت اذا دخل الاب او دخل الابن او دخل الاخ لا يسلم الواحد منهم الاخر ولو دخل في نفس المجلس دخل و الاب جالس دخل الابن مع اصحابه الاصحاب يسلمون على صاحب البين و لكن الاب لا يسلم على ابيه ولا يصافحه وهذا خطأ ، تعاليم الاسلام التي مرت تأمر بالسلام في البيوت يسلم على نفسه يسلم على اهله هذا امر من الله و توجيه من الله ان يكون السلام للاهل و هو مقدم على غيره يسلم على ابيه و يسلم على ابنه و يسلم على زوجته لينشأ الحب في الاسرة و التآلف في الاسرة و لا يغفل الناس ،
ربما يستصعب ان يسلم على ولده اذا دخل الى و لكن لو حاول مره و مرتين فسيجده مع الوقت امر طبيعي و سهل بل يجد فيه الراحه لانه يسلم و هم يسلمون عليه و السلام يكون متبادل من الجميع فالاسلام و الشريعة الاسلامية تمت بهذا الامر يقول تعالى إِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ لعلكم تتفكرون و تعقلون و تستوعبون ما بها من فائدة اذا دخلت البيت تسلم على اهل البيت ،
قال الباقر عليه السلام عن هذه الاية هو تسليم الرجل على اهل بيته حين يدخل تسليم الاب على ابناءه و الابناء حين يدخلون يسلمون على امهم على ابيهم ، هذه الاية تشير الى ذلك و الامام الباقر عليه السلام هو الذي يشرحها يقول هو تسليم الرجل على اهل بيته حين يدخل ثم يردون عليه فهو سلامكم على انفسكم ،
عن الصادق عليه السلام قال إذا دخلت منزلك فقل بسم الله و بالله و سلم على اهلك .
رابعا ً : السلام و التحية حتى في البيت الخالي ،
عن الامام الصادق عليه السلام قال إذا دخلت منزلك فقل بسم الله و بالله و سلم على أهلك فإن لم يكن فيه أحد فقل بسم الله و سلام ٌ على رسول الله و على اهل بيته و السلام علينا و على عباد الله الصالحين فإذا قلت ذلك فر الشيطان من منزلك ،
هناك احاديث بصياغات اخرى و لكن النتيجة انها تدعو للسلام .
خامسا ً : آداب التحية ،
- عن ابي عبد الله عليه السلام قال يسلم الصغير على الكبير و المار على القائد و القليل على الكثير .
- عن ابي عبد الله عليه السلام قال القليل يبدؤون الكثير بالسلام و الراكب يبدأ الماشي و اصحاب البغال يبدؤون اصحاب الحمير و اصحاب الخيل يبدون اصحاب البغال هنا اشاره لرقي الدواب بعضها على بعض فالذي يكون بالمستوى الافضل هو المطلوب منه ان يتقدم بالسلام و ليس الاقل و لكن هذا لا يمنع استحباب السلام و الابتداء به من الجميع .
- عن ابي عبد الله عليه السلام قال إذا كان قوم ٌ في مجلس ثم سبق قوم ٌ فدخلوا فعلى الداخل اخيرا ً إذا دخل ان يسلم عليهم .
- السلام من الغني على الفقير كما يسلم على الغني لا تجعل تفاوت إذا جاء شخص غني تقف له في المجلس و ترحب به و إذا دخل فقير تسلم عليه من اطراف الانف سلام باهت ضعيف هذا خلاف المطلوب الحديث يقول عن علي ابن موسى الرضا عليه السلام يقول من لقي فقيرا ًمسلما ً فسلم عليه خلاف سلامه على الغني لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو عليه غضبان لانه رجع الغني على الفقير و إحترم الغني و لم يحترم الفقير ، هناك احاديث تدعو لاحترام اصحاب الشأن و اصحاب الخير حتى اصحاب الاموال و لكن ليس إستنقاص للأقل منهم و رفع صاحب الشأن على غيره .
سادسا ً : السلام على النساء ،
قال بعض العلماء المستحب ان يسلم الرجل على النساء المحارم مطلقا ً دخل على امه او اخته في البيت فعليه ان يسلم و العجائز الاجنبيات ايضا مطلقا ، و لا يسلم على الشابه الصغيرة و لكن لو سلمت وجب عليه ان يرد ،
الاستحباب ان يسلم على النساء المحارم و العجائز الكبار في السن مطلقا ً و بالنسبة للفتيات لا يبتدأ الرجل بالسلام .
سابعا ً : السلام على المذنب ،
ذكرنا مضمون الحديث و الان نذكر نص الحديث عن الحسين عليه السلام قال قال ابن الكواء لعلي عليه السلام يا امير المؤمنين تسلم على مذنب هذه الائمة فقال عليه السلام يراه الله عز وجل يراه الله للتوحيد أهلا و لا تراه للسلام عليه اهلا الله قبل منه التوحيد هو عصى و ارتكب معصية و لكن قبله الله انه موحد انت لا تقبل ان تسلم عليه فالسلام حتى على المذنب و لكن مع ملاحظة ان لا يكون السلام تشجيعا ً إليه على المعاصي و هنا تجب الموازنة بين الامور ، لو كان السلام على اشخاص تشجيعا على المعصية يصبح مرفوض بل يكون حرام لو كان ترك السلام رادعا لهم عن المعصية لا تسلم عليهم ،
لو كان السلام يجذبهم للخير مثلا اشخاص فيهم سوء و لكن إذا رأوا من المؤمنين الاحترام و التقدير ينجذبون للتدين و لصلاح انفسهم هنا يكون السلام مقدم ،
هناك احاديث تقول لا تسلم على العاصي في معصيته ، شخص في يده الخمر او شخص يقامر هنا لا تسلم لان هذا تشجيع لهم على المعصية .
ثامنا ً : التعذير لمن لم يسلم ،
يقع هذا كثيرا ً في المجتمع شخص يمر بسيارة انت تسلم عليه لا ترى جواب فهنا يجب عليك ان تحمله على سبعين محمل و ان لم يكن هناك محمل فإلتسم له محمل لا تقل انه يتغافل و يتكبر و لم يسلم هذا أمر سيء سوء الظن مرفوض انت ابحث له عن المحمل ،
كثير من الناس ينظر إليك وفكره في مكان آخر يمر و تجد عينه عليك و لكن فكره مشغول و ربما عنده هموم هنا تقول هو معذور سلم إذا التفت اهلا و سهلا و اذا لم يلتفت اقول لا اعلم بوضعه لا اقول انه لا يسلم او يتكبر كلمة يتكبر او انه يتعمد عدم السلام هذه مرفوضه .
تاسعا ً : فوائد التحية و السلام ،
- طاعة لأمر الله تعالى امرنا الله و جعلها تحية للاسلام و وصف للمسلمين و وصف لاهل الجنة فإذا قمنا بهذه الصفة و بهذا العمل صرنا من المطيعين لله تعالى يقول تعالى إِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ و قال تعالى إِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ فهو
أمر ٌ من الله فالسلام طاعة لأمر الله و قال النبي صل الله عليه واله أطوعكم لله الذي يبدأ صاحبه بالسلام هذا أكثر طاعة لله و أقرب لله و أولى بالله و رسوله كما مرت الاحاديث .
- انها احياء لسنة الرسول صل الله عليه واله إذا كنت تسلم فأنت تعد من المحيين لسنة النبي صل الله عليه و اله و تفشي السلام بين الناس يقول رسول الله صل الله عليه واله خمس ٌ لا أدعهن حتى الممات إلى ان يقول و التسليم على الصبيان لتكون سنة ً من بعدي ، يريد ان تكون سنة و تمشي في المجتمع ان يكون المجتمع بطبعه مواضب على هذا الامر المستحب العظيم .
- زرع المحبة في القلوب ، السلام يزرع المحبة و الالفة في قلوب الناس ، السلام هو كشف لنوع من الإحترام ليس بيان الامان فقط وانما فيه أظهار التقدير و الإحترام لمن تسلم عليه إذا ً إذا رآك تحترمه و تقدره و تبجله فل بد ان يدخل في قلبه الحب قال النبي صل الله عليه و اله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا و لاتؤمنوا حتى تحابوا الا أدلكم على شيء ٍ ان فعلتموه تحابتتم أفشوا السلام بينكم .
- السلام زيارة من الله و فوز ٌ بالجنة فكأنما الله زارك إذا سلمت على المؤمن الحديث يقول عن ابي عبد الله عليه السلام إن ملكا ً مر برجل ٍ على باب فقال له ما يقيمك على باب هذه الدار فقال اخ ٌ لي فيها اردت ان اسلم عليه فقال له الملك بينك و بينه قرابة او نزعتك إليه حاجة فقال لا ما بيني و بينه قرابة و لا نزعتني اليه حاجة إلا اخوة الإسلام و حرمته فأنا أسلم عليه و اتعهده لله رب العالمين فقال له الملك انا رسول الله إليك وهو يقرؤك السلام و يقول لك إنما إياي زرت و لي تعاهدت و قد اوجبت لك الجنة و أعفيتك من غضبي و أجرتك من النار .
- زيادة بركة البيت يا أنس أسبغ الوضوء تمر على الصراط مر السحاب أفشي السلام يكثر خير بيتك أكثر من صدقة السر فإنها تطفأ غضب الرب عز وجل فأفشي السلام يكثر خير البيت ، إفشاء السلام هو ان لا تبخل بالسلام تسلم .
- كفارة للذنوب عنه صل الله عليه و اله لعلي عليه السلام يا علي ثلاث كفارات إفشاء السلام و إطعام الطعام و الصلاة بالليل و الناس نيام .
الهوامش ،،
- سورة الناساء الاية 86
- سورة الانعام الاية 127
- سورة الاحزاب الاية 44
- سورة الوقعة الايتان 25-26
- سورة ابارهيم الاية 23
- سورة يونس الاية 10