c التكافل الاجتماعي ( 2 )

التكافل الاجتماعي ( 2 )

التكافل الإجتماعي – 20/5/2011

مأتم كرباباد الشرقي – مولد الإمام الهادي(ع)

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على  محمد و آله الطيبين الطاهرين .

ربي اشرح لي صدري ، ويسر لي أمري ، واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي

نبارك للأمة الإسلامية جمعاء و الحضور هذه المناسبة

مقدمة: 

نتحدث في هذه الكلمة حول التكافل الإجتماعي , في مفهومه العام والخاص , وفي إرتباطه بالفطرة , وقيمته في الإسلام,  ومجالاته في واقع الأمة, ومسؤوليلة المسلم تجاهه.

أولا: الفطرة والتكافل الإجتماعي:

التكافل الإجتماعي هو من القيم الإنسانية الفطرية الأصيلة ، وهو من القيم الإسلامية الأصيلة , التي هي مفخرة للإسلام , الذي ينطلق من أسمى وأرقى المثل , ليجل الأنسان أولا في كل شيء.

كل شخص يتفكر في قضية التكافل ومفهوم التكافل , وحقيقة التكافل , يجد أنه أمر أمر فطري ، أنه ينبعث من أعماق متأصلة في فطرة الإنسان وروح الإنسان ، فلا يقبل الإنسان بفطرته أن يرى أحدا مظلوماً أو مضطهداً أو منتهك الحقوق و يتفرج عليه دونما إكتراث أو دفاع عنه إلا أن يكون الرائي منسلخا من إنسانيته متحولا ومتغيرا عن خلقته التي خلق عليها.

فالإنسان الطبيعي بفطرته يجد أنه لا بد أن يكون عوناً وناصراً لكل من يعاني من الظلم ، أو الإضطهاد أو النقص .

لذلك تجد الحركات في العالم الإسلامي ومن يؤيد الحركات ويدعم الإنتفاضات وغيرها ، إنما يبعثه على ذلك هو الفطرة ، العامل الإنساني عند الإنسان ، أن لا يقبل ويرى شعباً مظلوماً في بلد ويبقى ساكتاً وهكذا في جميع الأمور ، سواء كان على مستوى الفرد أو على مستوى الأسرة أو على مستوى العشيرة أو على مستوى القرية أو المدينة أو الطائفة أو الأمة بصورة عامة بل الإنسان بصورة مطلقة ، يجد أن فطرته تدعوه وتحثه وتحركه ان يكون كفيلاً لكل من يعاني من الظلم أو الإضطهاد أو النقص فيكفله ويتصدى لكفالته .

ثانيا: الإسلام والتكافل الإجتماعي :

الإسلام بصورة خاصة أسس أو ركز على هذا المفهوم , طبعاً عندما نقول الإسلام طرح هذا المفهوم ، الإسلام في واقعه ، المفاهيم التي هي مفاهيم أخلاقية ، ومفاهيم إنسانية ، الإسلام يعزز هذه المفاهيم لا أنه يبتكرهذه المفاهيم من الصفر ويخترعها للناس ، وإنما (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) كما قال رسول الله (ص) يعني الأمور فطرية موجودة عند الناس , النبي (ص) جاء ليقر هذه الأمور ويطور هذه الأمور ويوجهها التوجيه الصحيح , لذلك كان كلام النبي (ص) يقول: (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم ) ما آمن بي ، يعني ليس مؤمن بهذه الرسالة الإسلامية شخص يدعي الإسلام وهناك جاره يعيش حالة الجوع ، حالة الفقر والإحتياج ، هذا الشخص لا يمكن أن يوصف بأنه مؤمن ، لكل شيء علامات , علامة الإيمان أن تكون له آثار ، تظهر لهذا الإيمان آثار ، ومن هذه الآثار أن يكفل من هو محتاج ومن هو جائع ولا يتركه أبداً  , وقال (ص) : (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) لا يكون مؤمن إلا إذا تحققت فيه هذه الصفة , لا يمكن أن تقول عنه أنه مؤمن وهذه الصفة غير موجودة فيه ، وهي أن يحب لأخيه المؤمن مايحب لنفسه .

 ثالثا: مفهوم التكافل الإجتماعي :

ماهو المقصود بالتكافل الاجتماعي ؟

 التكافل الاجتماعي هو أن يكون أفراد المجتمع متشاركين في المحافظة على المصالح العامة والخاصة ، ودفع المفاسد والأضرار المادية والمعنوية ، وتلبية الحاجات المادية والمعنوية .

 يعني التكافل الإجتماعي ليس منصباً فقط على قضية الجوع المادي ، ليس منصب فقط على تلبية الحاجات المادية ، وإنما هو أوسع من ذلك , يعم الحاجات المادية والمعنوية .

في جانب الجوع كثيرا ما يعبر عن تكفل الغذاء للجائعين بأنه تكفل إجتماعي حتى في بعض الروايات أنه الغداء.

 والتكافل كما في الروايات أوسع من ذلك فهو يشمل أيضا جهة العلم , الجانب الروحي ، الجانب الثقافي ، الجانب الفكري , الذي ليس عنده  ثراء فكري قوي ، مجتمع فيه ضعف ، أو يوجد غزو ثقافي  للمجتمع , التكفل بهذا المجتمع  هو أن تُسخر طاقاتك وتتوجه للحفاظ على هذا المجتمع ، بناء هذا المجتمع ، تصليح الأفكار ، تغدية هذا الإنسان بغداء الروح ، الغداء المعنوي السليم , فليس الكفالة الإجتماعية منحصرة في الجانب المادي فقط ، وإن كان هو أبرزها وأوضحها بالنسبة للإنسان ، والسبب في ذلك أن الإنسان يشعر بالجوع أكثر من غيره ، وأقرب لإحساسه كثيراً , الجانب المادي عندما نذكره .

نحن نعيش طبعاً واقع هذا الكلام الذي نقوله, تطرقت لهذا الموضوع لأنه ينصب في واقعنا ، ونعيش آثار هذا الموضوع , الكفالة الإجتماعية في الجانب المادي في هذا الوقت مهمة أو لا ؟

تحدثت سابقاً بالموضوع ربما أكثر من مرة ولكن ذكرت مثال وأذكره هنا , أن الشخص في المجتمع الذي كان يعيش براتب معين ، ويرجع إلى بيته ويصرف على أولاده ، يدرسهم الدروس أو المعاهد الممتازة والمحترمة , و إذا أصابته الضائقة المادية ، وفصل عن العمل ولا يستطيع أن يمارس حياته الطبيعية له ولأهله وأولاده , إذا لم أتقدم لكفالته أنا ولا أنت , يرجع إلى بيته وليس في يده شيء من المال ، ولده يقول أريد أموال لأشتري , والطفل الصغير لا يفهم ولا يستوعب أنه ليس عند أبيه مال , أو أن أباه يمر بضائقة مالية , هنا يعيش حرمان ، والأب يعيش الألم ، الولد يعيش الحرمان , الزوجة كذلك , هذه حقيقةً وواجب على المجتمع أنه يعيش الإحساس والشعور ، لا يكون المجتمع فيه معاناة بهذا المستوى ويقف متفرجا , يجب على الناس على المؤمنين أن يبادروا ويتقدموا ويتكفلوا بكل من عنده عوز وحاجة ولا يقفوا متفرجين.

رابعاً: مجال التكافل:

1-  إدخال السرور على المسلمين : بالإحسان إلى المسلمين الذين يعانون وتفريج همومهم , يتحقق نوع من التكافل الإجتماعي , هذا في مجال إدخال السرور على المسلمين , إذا كان المسلم يعيش حالة فيها ضيق أو ألم , من ضمن التكافل أن ترفع عنه هذا الضيق , أن تكون قريبا منه , تتحسس آلامه , ترفع هذه الآلام التي تعصف بروحه ، تفرج همه ,  لذلك الكلمة الحسنة صدقة ، الكلمة الطيبة صدقة , الإبتسامة في وجه المؤمن صدقة ,  الإبتسامة حبل المودة , كل هذه التعابير لأنها تخلق في نفس الإنسان الخير , لذلك هي مطلوبة وهي من ضمن الكفالة في المجتمع .

2-  السعي لقضاء حوائج المحتاجين : هذه من الأمور المهمة التي تكشف سلامة الفطرة عند الإنسان , السعي لقضاء الحوائج , التحسس لحوائج المحتاجين أمر مطلوب , وعكسها التجسس أمر محطم , أما أن تتفقد هذا البيت ,  بيت الجار ، أنه بحاجة أو ليس بحاجة ، هذا أمر يسمى تحسس ، أن تتحسس لوضع الناس , هذا أمر مطلوب ومحبب ، لكن من أجل الخير , إعمل هذا الأمر للخير وحبا لله وخلق الله , أما ما يكون من أجل الشر يسمى تجسس , مثلاً يبحث أحوال جاره ليرى عيوبه ليرى عوراته ، تجسس محطم , إذا التحسس مطلوب لقضاء حوائج المحتاجين .

3-  إطعام الجائعين : إطعام الجائع في المجتمع , شخص يعيش الجوع من يتكفل به ويسد جوعه فقد عمل الخير  فهده من مجالات التكافل الإجتماعي .

4-  التكافل الثقافي والفكري والأخلاقي :

زرع الأخلاق في نفوس الناس تكافل, تربية الأجيال من أهم ما يتكفل به أصحاب الضمائر والإحساس بالمسؤولية , الحفاظ على سلامة الدين والعقيدة من أفضل أنواع التكافل في المجتمع , إحياء النفوس في الجانب القيمي والجانب الروحي والجانب الأخلاقي من أسمى وأرقى مصاديق التكافل الإجتماعي الواعي والمسؤول.

5ـ المشاركة في كل شيء مما يملك من التكافل:

 يتوسع مفهوم التكافل ويصل إلى درجة التضحية , أن يضحي الإنسان ، أن يفدي ، أن يؤثر الآخرين على نفسه , هذه الأجواء من التكافل ، النبي (ص) بعد هجرته جعلها في المجتمع , المجتمع كله يتكافل ، المجتمع كله يتآخى فيما بينه , ويحن الواحد منهم على الآخر , الكل يلتفت لصاحبه ويقدم صاحبه على نفسه ويشاركه في كل شيء , النبي (ص) عندما قام بذلك لم يكن يقم به لمجتمع  يعيش فض ظرف معين وينتهي هذا التأسيس بإنتهاء ذلك المجتمع ، وإنما كان النبي (ص) أراد تأسيس ثقافة في المجتمع ، ثقافة تستمر في جميع الأجيال والمجتمعات , أن يكون الكل متآخيا متكاتفا متلاحما يكفل بعضه بعضاً ، يشاركه في كل شيء ، جعل المجتمع مجتمعا وقلبا واحداً .

خامساً: تمكين الفقير وإنهاء فقره :

التكافل لا يقتصر على تأمين الحاجات الطبيعية واليومية ، وإنما يمتد إلى عملية تمكين الفقير حتى يستغني , هذه نقطة أيضاً مهمة , الذي يعمل على كفالة الناس ، الذي يعمل على كفالة الأيتام ، الذي يعمل على كفالة اليتيم ، إن كان يريد الإحسان عليه أن لا يجعل اليتيم فقيراً باستمرار , عليه أن يهيء سبيل الغنى للفقيلر أو اليتم , عليه أن يعلمه كيف يكون غنياً , يعلمه كيف يستطيع التوفير , كيف يستطيع أن يدخل في تجارة ، في عمل في استثمار ، في غيره ، بحيث أنه ينتج ويستغني عن غيره وعن حاجته للناس ، ويستطيع هو أن يقدم أيضاً , الكفالة هي أن يخلق وليس فقط أن يُعطي.

سادساً : التكافل مسؤولية وليست تفضل وشفقة :

مفهوم التكافل لا ينطلق من الإحساس بالشفقة ، أو المِنة على الآخرين ، بل هو شعور إنساني نبيل ينبع من قوله تعالى:(وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) , يعني هذا الذي يقدم الخير للآخرين  لا يتصور أنه هو يملك ويعطي , أنت في المجتمع مسؤول , أنت بين أسرتك مسؤول , تنفق على أولادك هذه هي مسؤوليك , تنفق على الزوجة مسؤوليك , تنفق على إخوانك مسؤوليك , تنفق على جيرانك مسؤوليتك , تنفق على المجتمع بجميع أطيافه مسؤوليتك , وهي أموال لا تمتلكها .

فإن كان هناك فقير ويعاني من الفقر ، وأنت تقول أنا أملك , أنت خرجت من ربقة الإسلام ومن الدين , لذلك يجب أن يشعر بأنه لا يقدم شيء من عنده ، و إنما هي مسؤوليته ولو لم يدفع فهو مقصر ومسؤول وهو محاسب على ذلك .

يقول النبي (ص) : (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) يعني لا يمكن ولا يتحمل الجسد ، إذا مرض صاحبه وأصابته الحمى ، إذا تعرض جسد الإنسان , هذا المثال طبيعي : لو كان عندك شخص أو طفل أصابه التهاب في أُذنه , إذا أصابه شيء خلل في عضو في جسمه الجسم جميعه يشتكي , المجتمع المسلم كذلك واذا لم يكن كذلك فالمجتمع فيه خلل .

المجتمع المسؤول اذا وجد المعاناة بين أفراده , إذا وجد الحاجة ومن لا يجدون من يعينهم مثلاً , لايمكن أن يستقر لأفراده بال ولايهدأ لهم تفكير ، وإلا فإن في هذا المجتمع خلل .

يقول الإمام الباقر سلام الله عليه في هذا الأمر ويبين أهميته: (ولأن أعول أهل بيت من المسلمين وأشبع جوعّهم وأكسوا عورتهم وأكف وجوههم عن الناس أحب إلي من أن أجح حجة وجحة وجحة حتى انتهى إلى عشر وعشر ومثلها ومثلها حتى انتهى إلى سبعين ).

هذه الحجات المستحبة ، وانتهى بعشر وعشر ومثلها ومثلها يعني تضربها في بعضها ويعطيك رقم كبير , الإمام يقول الحجة المستحبة لا تعادل ثواب من يكسو عورة إنسان أوأشبع جوعه , فهو مقدم وهو أهم , المسلم الذي يبحث عن رضا الله سبحانه وتعالى يجد رضا الله في هذه الأمور واضحة .

تجد في حديث آخر عنه يقول له أحد الاشخاص سلام الله عليه : (إن الشيعة عندنا كثير ــ شخص يخاطب الإمام ويقول عندنا شيعة كثير , الامام يسأله هذا السؤال ــ قال له : هل يعطف الغني على الفقير ؟

وهل يتجاوز المحسن عن المسيء ؟

وهل يتواسون؟

فقلت : لا .

فقال عليه السلام : ليس هؤلاء الشيعة , الشيعة هم الذين يواسي بعضهم بعضاً ويتجاوز المحسن عن المسيء , ويعطف الغني عن الفقير ، فإن لم يكن كذلك فليسوا شيعة ).

هنا يجب على المسلم أن يقول لنفسه : إذا كان في المجتمع من يعاني ما هو موقفي ؟ هل أنا تقدمت في هذا المجال ؟ أو أنني متفرج ، إذا كنت متفرج ، لا ينطبق علي هذا العنوان , علي أن أراقب نفسي و أن اسأل نفسي عن ذلك , فمن كان على الصراط المستقيم هو الذي يسير بفطرته السليمة ويعمل بما أمر الله رسوله أن يعمل , وغير ذلك هو انحراف عن الصراط المستقيم ، عن الطريق القويم الذي هو فطرة الإنسان , الفطرة التي خلق الله الناس عليها .

سابعا: من فوائد التكافل الاجتماعي :

 دائماً نذكر التكافل الإجتماعي ويشار الى الجهات غير الرسمية طبعاً , التكافل الاجتماعي أن يكون في المجتمع من يحفظ المجتمع من إنزلاقات خطيرة و أخطار كبيرة , أما لو كان المجتمع فقط مرتبط بالجانب الحكومي , فيكون ألعوبة في الواقع , يكون ألعوبة في يدي النظام, أما إذا كان المجتمع يحترم بعضه البعض , والشيء الثاني ، لا يرى الغني أو الذي وضعه لا بأس به يرى فقير محوج أو محتاج ويتركه هكذا , ولا يعمل بمسؤوليته.

من فوائد التكافل الإجتماعي:

1ـ من الفوائد المهمة تشجيع المحسن على الإحسان والعامل بالخير على فعل الخير ــ طبقوها على واقعنا ــ الآن حركة صارت في البحرين , إذا ترك من فصل عن العمل , ومن خرج للدوام وتعرض لما تعرض سُجن تُرك , أهله تركوه , مجتمعه تركوه ، ماذا يكون , هذا تصيبه ردة فعل , فهل تنتظره مرة أخرى أن يقدم للمجتمع شيء؟

 لا لا يقدم ولا يتحمل من أجل مجتمعه الذي تخلى عنه وقت حاجته.

أمير المؤمنين سلام الله عليه يقول ، سلام الله عليه في عهده لمالك الأشتر: (لا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزله سواء) ـ لا تجعل الناس سواسية , يعني العامل الذي يقدم ، والذي فصل من عمله من أجلك ، والذي سجن من أجلك ، وقدم من أجلك وذاك الذي ليس له شيئ أبدا , لا فرق بينهم ، لا ليس كذلك ــ فإن في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان في الإحسان ـــ تجعله لا يقدم مرة أُخرى على العمل , يزهد فيما صنع , قد يندم , يقول الآن انا خرجت وقدمت وقدمت ، ولما سجنت ترك أهلي وترك كل شيء , ولو انتصرت وتحقق المطلب لكانوا هم الذين يتسابقون لجني الثمار , أما إذا كان الشخص تعرض للمحنة و الأزمة والضيق ، ووجد المجتمع واقفاً يداً واحدة ، يكفله وينظر إلى حوائجه ، مرة أخرى لا يرفض أن يقدم , فهو يرى اخوانه موجودين لا يتركونه , مجتمع واعي , مجتمع يكفل بعضه بعض ، فيتشجع في عمله وجهاده.

لذلك أمير المؤمنين سلام الله عليه يقول : (لا يكونن المحسن والمسيئ عندك بمنزله سواء فإن ذلك تزهيداً لأهل الإحسان بالإحسان وتدريباً لأهل الإساءة على الإساءة ) إذا لم تكن تفرق ، المجتمع يقول أنا عملت أو لم أعمل فلا فرق  في ذلك ، فهو لا ينتظر ان يحصل على خير من هذا العمل.

2ـ التكافل يطور المجتمع روحياً , أخلاقياً , نفسياً , ثقافياً , إذا ترابط المجتمع والتفت الجميع لبعضهم البعض في جميع الجوانب , مثلا في الجانب الثقافي إذا رأى المجتمع ظاهرة سيئة وقام الشباب والمثقفون مباشرة يقولون نحن نحتاج في هذا الصيف إلى برامج مكثفة تربوية , برامج ترفيهية تحفظ أولادنا , هنا المجتمع يكون بخير , تكافل في هذا الجانب.

الأب الواعي عندما يرى التكافل في المجتمع ، يطمئن على أولاده , أكون مطمئن أن الاولاد يكونون في مجتمع يكفلهم مجتمع يحفظهم , لا يصيبني الإحباط أو القلق أوالإضظراب و الخوف من المستقبل ، أنه إذا جاءت العطلة الصيفية أولادي إلى اين يذهبون ، مجمعات ؟

يذهبون  إلى أجواء غير صالحة ؟

 ولكن المجتمع الواعي المؤمن سوف يكفلهم ، سوف يهيء الأجواء الصالحة وأنا مطمئن, هذا المجتمع هو المطلوب، التكافل والترابط في جميع الجهات يخلق مجتمعا متقدما مستقرا .

 3ـ التكافل يزرع روح الحب بين الناس , المجتمع الذي يرى الفقير أو من يتعرض لضائقة ويقف معه ، ذاك يحبه وهذا يحبه ، ويكون حب في المجتمع وترابط في المجتمع .

4ـ التكافل يخلق الفضيلة , التكافل مطهر للنفوس ويكرس الفضيلة فيها ، كثير من الأحكام الشرعية تركز على جوانب مختلفة ، جانب يرتبط بنفس الإنسان وجانب يرتبط بالخارج , الذي يدفع الصدقة ، الذي يدفع بالخير ، الذي يتكلم الكلمة الصالحة ، الذي يبتسم في وجوه الناس من أجل الخير , هذا ينعكس على نفسه , نفسه تكون طيبة , تطهر النفس ، عندنا يدفع الأموال ويتحسس أحوال الناس ، ويتكفل أحوال الناس ، نفسه تكون طيبة ,يقول تعالى(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم) تطهر نفوس الناس وأيضاً تخلق المحبة في المجتمع والتآلف والتحاب والتواد والتلائم والإرتباط والتعاطف على بعضهم البعض في المجتمع , فهي كلها خير في خير.

5ـ التكافل يسد الطريق أمام المتصيدين والأفاعي والمفترسين في المجتمع , الآن العائلة التي وضعها بخير ، أولادهم لا يحتاجون الى تدخل الناس , العائلة إذا كانت فقيرة قد يمد أحدهم يده ليحصل على شيء ، قد يدخل له الآخرون ويخضع , أما إذا كان هناك تكافل يحفظونه , محتاج مادي هم يوفرون , ثقافي يتقدمون , أجواء ترفيهية يخلقون ، في جميع الجوانب ، هنا يسد الباب أمام المتصيدين , أمام الجشعين الذين يريدون ثقب المجتمع , بمعنى واضح وبعبارة صريحة , هذه الأحداث التي حدثت ، وفصل الناس من الأعمال ، لم يكن السبب خلل في العمل , الأمر واضح ، يعني ليس لأن الشركة فشلت في برنامج عمل بسبب أنك تغيبت عن العمل لمدة 10 أيام , إنما هي عقوبة , انما هي إذلال , يراد الإذلال للمجتمع ، يراد لك ان تأتي راكع ، يراد بك أن تأتي بائع , تبيع نفسك .

 التكافل الإجتماعي يمنع هذا الإذلال , ليكون سداً أمام الإنسان لا يبيع نفسه , يحفظ نفسه , يحفظ أولاده , يحفظ مجتمعه .

لذلك التكافل من الأمور المهمة في المجتمع و التركيز عليه وخلق التقافة في المجتمع على طوال الخط أمر مهم .

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد و آله الطاهرين.

شاهد أيضاً

التوبة الصادقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *