c السخرية

السخرية

بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (1)

جاء الاسلام لبناء الانسان و إصلاحه ظاهرا ً و باطنا ً ، ومن ذلك خلق المجتمع المؤمن المُتحاب المتسالم في ما بينه الراقي في عقيدته و اخلاقه لا يعتدي فيه احد ٌ على احد ٌ و لا يستهزأ احد ٌ على احد لذلك جعل الاسلام الاستهزاء فيه حرام السخرية بالمؤمن حرام الالقاب السيئة محرمة سوء الظن محرم كما في الايات التي  بعد هذه الاية و الغيبة و التجسس حرام كل ذلك ليجعل مجتمعا ً مؤمنا ً مترابطا ً متلاحما ً فيما بينه ، لذلك نتحدث حول السخرية و الاستهزاء ،

 اولا ً : سبب نزول الاية ،

  • نزل قوله تعالى لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ في ثابت ابن قيس ابن شماس هذا احد اصحاب النبي صل الله عليه واله و كان في اذنه وقر لا يسمع جيدا ً فكلما جاء للنبي صل الله عليه واله يأتي و يتخطى المجلس الى جنب النبي و يجلس ليسمع حديث النبي و النبي بدوره يجعل له مكان ليجلس فيه فجاء ذات مرة و كانت الصلاة قد فرغت فتخطى الناس في العتمه الى ان وصل الى شخص فقال ذلك الشخص اجليس فقد اصبت موضعا وهو لا يريد هذا المكان بل يريد مكان نجب النبي صل الله عليه واله فجلس و لكنه في مجلسه هذا الذي اجلسه توتر و غضب فسأله من انت فقال انا ثابت ابن قيس ان شماس فقال له انت ابن فلانه لانه كان يُعير في الجاهلية فناداه بأمه فنزلت هذه الاية تنهى عن السخرية و الاستهزاء و ذكر الالقاب المسيئة ،

القسم الاخر من الاية وهو وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ نزلت في ام سلمه احدى زوجات النبي صل الله عليه و اله و هي معروفة من الزوجات الصالحات للنبي صل الله عليه و اله يُقال انها كانت تلبس لباس  و تجعله خلفها فتحدثت احدى النساء و في ما وجدته ان هذه المرأة هي احدى زوجات النبي قالت لزوجته الاخرى لنظري لفانه تلبس هذا اللباس و كأنه لسان كلب خلفها فإستهزئن بامي سلمه فنزلت هذه الاية فيها النبي صل الله عليه  واله نهى عن ذلك على اي حال و ان كان نزول هذه الاية في هذا الموضع او غيره الاية تؤخذ بمعناها فيطبق في هذا المورد و في غيره ، الاستهزاء و السخرية و  التعيير بالالقاب كله محرم ٌ في اي موضع ٍ كان .

 

ثانيا ً : حرمة المؤمن من حرمة الله تعالى ،

هنا إذا رأينا الايات و الاحاديث جعلت حرمة المؤمن من حرمة الله سبحانه و تعالى فهو ولي الله و الله و ليه فقال الله تعالى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ولاية مشتركة متبادلة الله سبحانه و تعالى ولي ٌ للمؤمنين و المؤمنون اولياء الله ،

 و ايضا جعل الله  العزة للمؤمنين و جعل هذه العزة من عزة الله و رسوله قال الله تعالى لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ فلهم العزة و يجب ان يكون كذلك لا يجوز ان ياتي احد و يتعدى هذا فإذا آذى المؤمن او إستهزأ به فهو إستهزأ بالله سبحانه و تعالى ،

بل جعل الله المؤمن خير الخلق قاطبة قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (2) خير الخلق فالؤمن هو افضل الخلق لذلك حرمة المؤمن افضل و اعلى من حرمة الكعبة ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال َ قال الله عز و جل ليأذن بحرب من من حارب عبدا ً من حارب عبدي المؤمن ، يعني اذا حارب المؤمن فليستعد لحرب الله فلا يجوز إيذاء المؤمن بأي حال ٍ من الأحوال كان و المؤمن طبعا منتسب بالايمان بالله و قد يكون عند المؤمن اخطاء و لا يجوز حتى أخطاءه ذكره بأخطاءه قال رسول الله صل الله عليه واله قال الله تعالى  من اهان لي وليا ً فقد  ارصد لمحاربتي  ، فإذا كان يحارب الله اين يكون ،

ثالثا ً : هتك حرمة المؤمن ،

 لها صور كثيرة وكلها محرمة ،

  • الاستهزاء و السخرية ، الاستهزاء و السخرية وهو بيان او قول او عمل الغير او صفة الغير بطريقة تضحك الاخرين في مجلس يشير اليه يلمح اليه يتحدث عنه و يضحك الناس عليه هذا استهزاء و سخرية بالاخرين فهو من المحرمات بل من الكبائر التي توعد على عليها بالنار فقال تعالى الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  (3) يقال ان هذه الاية نزلت في غزة تبوك النبي صل الله عليه واله امر الناس ان يتبرعوا و يقدموا صدقات للمسلمين تقدموا فأشخاص اعطوا كثير و اخرين اعطوا قليل بإستطاعتهم احدهم لم يستطع اشتغل طوال يوم او اكثر فإستطاع ان يوفر نصف صاع ، حصل على صاع يقول قسمته بيني و بين عيالي و جاء به فإستهزأ به المنافقون اشاروا اليه هم بين المؤمنين و لكنهم منافقون يراقبون و يستهزؤون فسخروا من هذا الرجل فنزلت هذه الاية ، سخر الله منهم ، يسخر الله منهم ، يقال يسخر منهم في الدنيا بإستدراجهم يتركهم لشأنهم فيرتكبون و النتيجة تكون جهنم ، او انه يسخر بهم يعني يهيئ لهم اشخاص يستهزؤون بهم ، و هذا ايضا نراه واقعا ً ، الشخص الذي يعتدي و يستعرض على الاخرين في يوم ٍ من الايام يكون في نفس الموقف يُهيئ له من يهينه و يسخر منه و يستهزأ  به و يستنقصه ، و يسخر الله منهم في الاخرة ، الله يسخر منهم و يجعل المؤمنين يضحكون عليهم فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (4) يقول رسول الله صل الله علي واله المستهزئين بالناس يفتح لاحدهم بابا ٌمن الجنة فيقال هلم هلم فيجيئ المسهزأ بهمه و غمه فإذا جاء اغلق الباب دونه  ثم يفتح له باب اخر فيقال له هلم هلم فيجيئ بهمه و غمه فإذا جاء اغلق دونه فما يزال كذلك حتى ان الرجل ليفتح له الباب فيقال له هلم هلم  فلا يأتي  يصل الى درجة يصيبه اليأس و لا يأتي لانه كلما جاء يستهزأ به ، يوم القيامة الله يجعل للمؤمن مكانته و يجعل للظالم و المعتدي يبين ايضا مكانته و ماذا كان يفعل وم اذا كان يأتي من اعمال و يسخر و يستهزأ يحصله يوم القيامة و هذه النتيجة الطبيعية ، ايضا يقول الله في نفس الاية  وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ الله سبحانه و تعالى اذا قال لهم عذاب ٌ اليم يعني في الاخرة و ليس هذا العذاب الذي هو يتصوره في الدنيا يُقال ان الدنيا ليس فيها عذاب اساسا ً مهما لحق الانسان من ضرر من من عذاب فهو لا يعادل الخيال و الحلم بالنسبة للاخرة و كل شيء في الدنيا ليس في عذاب و ليس فيها لذة يعني الدنيا غير قابلة ان تكون عذاب او لذة  لذلك تكون لا شيء بالنسبة للاخرة ،

 

  • ايضا السب و الطعن في المؤمن ، وهو نسبة الامور القبيحة للمؤمن مثل ملعون و خائن و خنزير و حمار و فاسق و امثال هذه الالقاب التي تتداول عند الناس اذا غضب على ولده لقبه بهذه الالقاب و هذا حرام للكبير للصغير حتى للكافر و ليس منه الزنا مثلا لو قال ابن فاعله او ابن الفاعل او الفاعل فهذه اكبر و له حكم خاص ولو انه في دولة اسلامية حقا و قال لشخص ابن فلانه و فيه اشارة الى الزنا يؤخذ و يجلد و عقابه في الاخرة ايضا ،  سب المؤمن وهو نسبة الامور اليه بأي حال ٍ من الاحوال و بأي شكل ٍ من الاشكال هو حرام و قلنا للمؤمن و غير المؤمن و الصغير و الكبير و الفاسق فهو مطلقا ً لا يجوز ، قال رسول الله صل الله عليه و اله  سَاب ُ المؤمن كالمشرف على الهلكة ، لان هذا السب يؤدي بصاحبه الى جهنم و قال يشرف لانه عنده مجال ان يتوب و يصلح فإذا لم يصلح فهو الى جهنم يقول الامام الباقر عليه السلام ما مِن انسان يطعن في عين مؤمن إلا مات بشر ميته وكان حقا ً ان لا يرجع الى خير ، بعض الذنوب هكذا لانها مرتبطه بالاخرين و بحقوق الاخرين تجعل الابواب مغلقه طبعا ليس ظلم من الله لكن هو الظلم نفسه ، مثلا الشخص الذي تسبب في إضلال الناس هذا يكون على قلبه سواد و عتم لا يستطيع ان يهتدي و يرى هو الذي اوجده فلا يرجع الى خير و يموت بشر ميته ، عندما يُتحدث عن هذا الحديث و شر الميتة يُقال مثلا حريق او قتيل او يقتل ،  ويُال شر ميته يعني ان لا يموت على الايمان و هذه اخطر لان الشخص لو مات حريق اومات قتيل و لكنه في سبيل الله  فهو خير و لكن قد يموت الشخص خارج عن الايمان و هذه شر الميتة ،

يقول الامام الصادق البِذاءُ من الجفاء و الجفاء في النار ، هو اللسان البذيئ الذي يتكلم بكلمات سيئة فهذا من الجفاء و الجفاء في النار لذلك نقول اذا كان الفاظ  بذيئة و سيئة حتى لو مكانت مزحه فهي حرام كما ان الكذب حتى كان مزح فهو حرام بعض الامور الاسلام يريد ان يبعد الانسان عنها بتاتا ً .

  • إذلال المؤمن و إحتقاره قال الامام الصادق من إستذل مؤمنا ً وإستحقره لقلت ذات يده و لفقره شهره الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق ، تجد الحديث يقول لقلة ذات يده و لفقره لانه غاليا في المجتمعات و خصوصا الاشخاص الذين يرتكبون امثال هذه التجاوزات على الاخرين يتجاوز على الفقير و الضعيف و المسكين  اما لو كان الشخص قويا غنيا ً فغنه يتعامل معه باحترام ، هنا شخص يستهزأ بانسان ضعيف او فقير و يستنقصه و يستذله و يحتقره فهو يوم القيامة مشهر به على رؤوس الخلائق و قال الامام الصادق عليه السلام من حقر مسكينا او غير مسكين لم يزل الله حاقرا له ماقتا حتى يرجع عن محقرته إياه ، حتى يتوب هذه واحده الثانية ان يرضيه ، و روى ابو هارون عن الامام الصادق عليه السلام انه قال لنفر ٍ عنده و انا حاضر مالكم تستخفون بنا  فقال له رجل ٌ من خراسان  فقال معاذ الله لوجه الله ان نستخف بك او بشيء ٍ من أمرك فقال عليه السلام بل انك احد من استخف بي فقال معاذا ً لوجه الله ان استخف بك فقال عليه السلام ويحك الم تسمع فلانا ً و نحن بالجحفة ويقول لك احملني قدر ميل

 

الهوامش ،

  • سورة الحجرات الاية 11
  • سورة البينة الاية 7
  • سورة التوبة الاية 79
  • سورة المطففين و الاية 34

 

شاهد أيضاً

تساؤلات ماذا بعد عاشوراء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *