العبادة و الشهر الكريم ،
نحن في شهر الله المبارك وهو شهر العبادة موسم العبادة بل هو اعظم موسم ٍ للعبادة الذي خصص للعبادة نهارا ً وليلا ً ففي النهار يصوم و لا يبتعد بنيته عن الصوم و في الليل يتعبد ما يستطيع ،
اولا ً : العبادة من اصول تعاليم الانبياء ،
جميع الانبياء يدعون الانسان للعبادة و يبعدونه عن عبادة غير الله سبحانه و تعالى فلا عبادة و خضوع لغير الله .
- العبادة التي يدعوا لها الانبياء هي عبادة لله و لكن ليس بمعنى الانعزال عن الحياة وانما يكون في ضمن الحياة و في المجتمع عاملا ً لله سبحانه و تعالى لا انه ينزوي و يترك الحياة .
- بعد العبادات تاخذ طابعا ً جماعيا ً كصلاة الجماعة و بعضها يأخذ طابعا ً فرديا ً إلا ان الجميع يحتوي على اخلاق ٍ إجتماعية و جهة إجتماعية فهو ان كان يصلي منفردا ً إلا انه لا بد ان يكون بأخلاق النظافة و طهارة و ان لا يكون في رقبته حقوق للاخرين مثلا يلبس لباس مغصوب او يصلي في مكا مغصوب فالاسلام و ان اراد من الانسان ان يتوجه لله سبحانه و تعالى في العبادة إلا انه ليس منقطعا ً عن واقع الحياة وعن المجتمع .
ثانيا ً : العبادة حاجة دائمة و ثابته و لا تقبل النسخ و التغيير ،
العبادة امر مطلوب وضروري و هو مستمر مع الانسان بوجود الانسان في كل وقت ،
- العبادة هي التوجه نحو الخالق الذي اوجد هذا الكون لذلك كل ما يستطيع ان يعمله الانسان او كل فعل ٍ وسكون وترك ٍ إذا نظر فيه الانسان لله صار عبادة فنية اانسان هي العبادة ما دام منقطعا ً متوجها ً لله سبحانه و تعالى يستطيع ان يجعل من كل نفس ٍ يتنفسه عبادة لله سبحانه و تعالى .
- العبادة حاجة روحية يلزم من تركها عدم الالتزام الشخص الذي يكون بعيدا ً عن العبادة لا يكون شخصا ً سويا ً يقول بعض الكتاب وهو ( نهرو ) وهو من كان علمانيا ً يقول كنت اعيش حالة ً فيها جانب واحد وهي العلمانية و يقول لم اكن اشعر بالاتزان لما استمر و كبر في حياته التفت لهذا النقص و توجه انه يوجد خلل الخلل هو انني اركز على الجانب المادي و اترك الجانب المعنوي مع ان الانسان له جانبان جانب مادي و يجب ان يشبع و ان يوفى له حاجته و له جانب ٌ معنوي يجب ان توفى له حاجته غذائه وهو الروح روح الانسان و الجانب المعنوي عذائه هو العبادة و الامور المعنوية .
ثالثا ً : العبادة سر وجود الانسان ،
الانسان وجد في هذه الدنيا و وجوده له هدف وهدفه العبادة ،
- يقول تعالى وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (1) يعني العبادة امر ٌ ضروري فالشخص الذي يجعل العبادة امرا ً ثانويا ً فهو يخالف الهدف من خلقته من ما اوجد من اجله و خلق من اجله وهو العبادة لله سبحانه و تعالى يجب ان تكون العبادة حاضرة عند الانسان في جميع اموره و يستطيع ذلك ان نوى ذلك في كل افعاله انه لله سبحانه و تعالى .
- الإنسان لا يجد ذاته إلا من خلال العبادة لا يمكن ان يعرف نفسه و يجد نفسه إذا كان بعيدا ً عن العبادة العابد لله سبحانه و تعالى هو الذي يعرف الله يعلم بوجود الله سبحانه و تعالى فيتوجه اليه وبذلك يعرف نفسه اما اذا ابتعد عن الله سبحانه و تعالى و لم يلتفت لوجود الله و غفل عن وجود الله فهو عن نفسه اشد غفله يقول تعالى وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ينسى الله لا يلتفت لوجود الله ينقطع عن الله مرتبط بالامور المادية القريبة للحس فقط هذا ينسى نفسه الله يجعله في ضلال و الله لا يضل الانسان الا إذا هو اراد لنفسه الضلال لانه جعل نفسه ضالا ً لانه اراد الابتعاد عن الله لم يفكر في وجود الله و لم يفكر الى كيف جاء و الى اين ينتهي إذ لم تكن هذه الامور حاضرة عنده فهو ناسي لنفسه و ا يستطيع ان يجد نفسه ابدا ً .
رابعا ً : العبادة عهد ٌ عبادي ،
الله سبحانه و تعالى عهد إلى الانسان العبادة يقول تعالى أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا ۖ أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (2) العبادة عهد ٌ من الله سبحانه و تعالى عهد الانسان ان يعد الله و ان يجتنب الشيطان و هنا تعني الطاعة و الاتباع ربما شخص لا يعبد صنم و لكنه يسير مع الاهواء و مع نفسه الامارة بالسوء و كلما عرضت له معصية التفت اليها هذا يعبد الشيطان ، أما الذي إذا رآى معصية التفت و تذكر الله و استغفر هو مع الله سبحانه و تعالى يعبد الله بحيث انه يطيع الله و لا يعصية لا يرتكب المخالفة في عمله في حياته في قريته في اسرته في كل مكان .
خامسا ً العبادة تكليف ٌ من الله سبحانه و تعالى ،
العبادة تكليف ٌ من الله سبحانه و تعالى كلف بها الانسان و اوجبها على الانسان يقول تعالى وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (3) هذا هو الدين الصحيح ان يكون الانسان عابدا ً لله فالله سبحانه و تعالى كلفه وفرض عليه ان يكون عابدا ً له لا يعبد غيره ،
- الإسلام لم يامر بعبادة الله وحده منعزلا بل امر بعبادته و ام يأمر الانسان بترك الحياة مطلقا ً بل جعل كما ذكرنا ان كل شيء في الحياة يكون عبادة ، صلة الرحم عبادة خدمة الناس عبادة زيارة المؤمنين و المرضى عبادة جميع ما يستطيع الانسان ان يعمله فهو عبادة جلوسه في كل مكان يستطيع ان يجعله عبادة فالاسلام لم يدعو للعبادة بمعنى الانزواء و الإنعزال .
- الإخلاص تقول الاية مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أن يكون الشخص لله و بقدر إخلاصه تكون درجته و بقدر إخلاصه تكون مكانته و ينسب له الثواب والعطاء بقدر ما يكون متوجها ً لله سبحانه و تعالى و ليس بكمية الاعمال ربما يأتي الشخص بأعمال كثيرة و لكنها بكيفة بعيدة و ضعيفة غافلا ً ساهيا ً في عبادته هذا و ان كان يحصل من الثواب و لكنه لا يحصل بقدر ذلك الذي يملك التوجه و الإخلاص و الصدق و الإنقطاع لله سبحانه و تعالى في عبادته .
- تقول الاية حنفاء ، يعني يميلون الى الوسطية و ليس التهور لان بعض الاشخاص عنده عباده و لكنه في العبادة عنده شذوذ يعني يترك كل شيء و يجلس فقط للعبادة هذا امر ٌ منهي عنه ، النبي صل الله عليه واله يلتقي بشخص يجده دائما ً في المسجد و يتعبد فيلسأل من يُنفق عليه فيُقال أخوه فيقول ذلك افضل منه لان العبادة التي لا تكون فيها وسطية فيها تطرف يعني ترك كل شيء و بقى فقط للعبادة هذا فيه خلل ، حنفاء يعني يعيشون حالة الوسطية لان الاسلام دين الوسطية و الاعتدال ، البعض عنده شذوذ و عنده إنحراف عن الوسطية و هو يرى غيره فاسد لانه لا يعبد كما يعبد هو و يتصور انه هو الحق و هذا من الاخطاء الكبيرة ، بل يجب على الإنسان ان يتهم نفسه حتى لو رآى غيره فيه اخطاء يتهم نفسه و يقول ربما ذلك الشخص عنده صفة من الصفاة تجعله اقرب الى الله مني ربما هو في فعل ٍ من الافعال يكون صادقا ً ومخلصا ً اكثر مني فيكون اقرب مع انني في عبادتي من جهة الكمية ربما اكثر فالنظر ليس فقط لكمية العبادة و إنما الإخلاص في العبادة و الوسطية .
- وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وهذا لا يعني الاتيان بالصلاة فقط تقول الاية وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ إقامة الصلاة تعني الاتيان بالصلاة المؤثرة بالصلاة التي لها أثر في سلوك الإنسان اما الصلاة التي هي مجرد ركوع و سجود فقط ومن جهة الاثار و التأثير لا تأثر ، إذا لم يكن لها تأثير على فعل الانسان فهذه ليست إقامة صلاة إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ فإذا كان الشخص يأتي بالصلاة يقوم و يركع و يسجد و لكنه يقترن بالمعاصي هنا يوجد خلل في إقامة الصلاة لم تتحقق الاقامة إقامة الصلاة ان يعيش المعاني الحقيقية للصلاة فتكون الصلاة مؤثرة في افعالة فإذا كانت كذلك فهو قد قام الصلاة .
سادسا ً : العبادة علامة الإيمان ،
الانسان الؤمن هو الذي يجد عنده إنجذاب للعبادة سواء كان في المسجد او كان في البيت مع الناس او كان لوحده يرغب ان يصلي يرغب بإن يأتي بفعل ٍ عبادي فتكون علامة على ذلك ، روي انه بينما رسول الله صل الله عليه واله يمشي إذ أستقبله شاب من الانصار فقال له النبي صل الله عليه و اله كيف أصبحت يا حارثة قال أصبحت مؤمنا ً بالله حقا قال رسول الله صل الله عليه واله فلأنظر ماذا تقول فإن لكل قول ٍ حقيقة فقال يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي و أظمأت نهاري و كأني بعرش ربي عز وجل بارزا و كأني أنظر لأهل الجنة يتزاورون فيها و كأني أنظر الى اهل النار يتعاوون فيها فقال رسول الله صل الله علي واله إلزم قال عبد نور الله قلبه بالايمان فقال يا رسول الله أدعو لي بالشهادة فدعى له رسول الله صل الله عليه و اله فنودي يوما ً في الخيل فكان اول فارس ٍ ركب و أول فارس ٍ استشهد فبلغ ذلك أمه فجائت رسول الله صل الله عليه واله فقالت إن يكن في الجنة لم أبكي و لم احزن و غن يكن في النار بكيت ما عشت في دار الدينا فقال يا ام حارثة انها ليست بجنة ٍ واحدة و لكنها جنان ٌ و إن حارثة في الفردوس الاعلى فرجعت امه و هي تضحك وتقول بخ بخ لك يا حارثة هذا الايمان و علامة الايمان بارزة يريد ان يلقى الله و يلقى الشهادة و يعمل .
الهوامش ،
- سورة الذاريات الاية 56
- سورة يس الايات 60-61-62
- سورة البينة الاية 5