حديث الجمعة
18/5/2012
الفراعنة وإرادة الله تعالى(2)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَـهُ ءَايَـتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى* قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَـمُوسَى* فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْر مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوىً* قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً* فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى* قَالَ لَهُم مُّوسَى وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَاب وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى * فَتَنَـزَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى* قَالُوا إِنْ هَذَنِ لَسَـحِرَنِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى* فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾
صدق الله العلي العظيم
هذه الآيات هي من المقاطع التي تبين قضية فرعون مع موسى (ع)
أولا: دعوة موسى وآياته
موسى جاء بدعوة وآيات مبينات ولكنه لم يلق إستجابة وإنما ووجه بالمحاربة ووجه بالضغط الشديد عليه وعلى جميع من يتبعه ، إلى أن إنتقل إلى فصل آخر هو الفصل الذي تبينه هذه الآية
1ــ تعكس هذه الآيات مرحلة أُخرى من المواجهة بين موسى وفرعون
مرحلة أخرى غير المرحلة الأولى التي كان موسى يدعوا فرعون ويبين له الآيات
2ــ إلقاء الحجة الواضحة على الظالم الفرعوني.
ويبدأ القرآن الكريم هذا الفصل بهذه الجملة: (ولقد أريناه آياتنا كلّها فكذّب وأبى)
تبين أن موسى جاء لفرعون بآيات واضحات بينات ولكن فرعون لم يستجب لموسى دعوته
3ـ الآيات هي المرتبطة بالمعجزات التي أراها فرعون في بداية دعوته، منها:
الآيات الأولى في بداية الدعوة التي جاء موسى بها لفرعون وبينها لفرعون ولكنه لم يستجب، ومن هذه الآيات
1ـ اليد البيضاء.
2ـ محتوى دعوته السماوية الجامعة
ومحتوى الدعوة آية عظيمة ، دعوة سماوية تشتمل على محتويات عالية وراقية من ضمن هذه المحتويات أنها بينت لفرعون:
1ـ أصل الخلق.
2ـ الربوبية.
3ـ المعاد .
(قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى * قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لّا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَى * مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى).
هنا النبي موسى يبين لفرعون أن القضية والخلاف هو أنك تدعي الربوبية وأنت لست خالق الخلق ، الخلق لهم خالق خلقهم وهو الله سبحانه وتعالى ، ولهم رب أعطاهم الهداية ، وأيضا هو الذي يخرجهم من الأرض ويحييهم تارة أخرى ،
هذه الآيات البينات والحجج الباهرة التي لو رجع فرعون إلى ضميره وإلى عقله ببصيرة لأبصر ، ولكنه أحب العمى على الهدى وأحب الضلال والتكبر
هنا أولا موسى بين أن دعوته هي لإرجاع الناس إلى ربهم ، بين أنك أنت لم تكن خالقا ، لم تخلق الخلق ، ولا تستطيع التصرف وإعطاء الخلق الهداية ، ولا تستطيع إخراجهم من الأرض مرة أخرى .
ثانيا:حجج فرعون الطاغي والمستكبر:
ما هو المقابل من فرعون ؟ وماهي حجة فرعون ورده ودعوته ؟
الأولى : الإنقلاب على الوطن
(قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك ياموسى) أنت تريد إخراجنا من هذه الأرض , هذه التهمة هي التي يسوقها جميع الحكام والظلمة ، عندما يأتي مصلح يقولون تريد الإنقلاب على الوطن وعلى الشعب وعلى الأرض
(قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك ياموسى)
1ـ البلد هي الحكومة
في تصورهم أن البلد تساوي الحكومة ، ليس هناك بلد ، وليس هناك شعب ، الشعب هو الحكومة ، والبلد هي الحكومة ، وإذا أردت رفض الحكومة والحاكم والمتسلط فأنت ترفض البلد بأكمله
2ـ المشاعر الوطنية
الإخراج من الأرض لا يقبله أحد , ووفرعون يركز عليه لإثارة المشاعر الوطنية بدعوة كاذبة
إثارة لمشاعر الوطنية حتى لا يمكن لأحد أن يقبل بأي دعوة من موسى , بتصويره أنه العدو للأرض وللوطن وأهله
الثانية: إتهام النبي موسى بالسحر كما أتهم جميع الأنبياء
جميع الأنبياء هذه تهمهم أيضا عندما يأتون بشيئ واضح ، يأتون بشيئ يتقبله العقلاء ويتقبله الناس يتهمونهم بأنكم سحرة ، أنتم تسحرون الناس حتى في النقاشات في بعض الإختلافات , ولو إختلاف سياسي، يقولون أنتم سحرة ، تسحرون الناس
قال تعالى (كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلاّ قالوا ساحر أو مجنون، أتواصوا به بل هم قوم طاغون).
بطغيانهم وشرهم يصفون الأخرين بأنهم سحرة
الثالثة :أنت ساحر ونحن أقوى
(فلنأتينّك بسحر مثله) ولكي يظهر أكثر حزما فإنّه قال: (فاجعل بيننا وبينكم موعداً لا نخلفه نحن ولا أنت مكاناً سوى).
فرعون يطلب موعدا , طبعا في هذه القصة بالنظر لها يتضح أن فرعون في مستوى أضعف يدل على أن الدعوة كانت قبل ذلك وإستمرت طويل إلى أن صارت هذه المبارزة أو المناظرة والدعوة والإحتجاج وبيان الحجج لكل طرف ، يعني هنا يوجد تزلزل عند فرعون وتوجد قناعة عند الناس بمستوى معين ولأن فرعون عنده السحرة ، والسحرة في مصر لهم وجود كبير فتصور أنه سوف يخدع الناس بهؤلاء السحرة ، فطلب مكانا سوى
ما هو ( المكان السوى ) ؟
1ـ المكان الذي تكون الفاصلة بيننا وبينك متساوية
يعني إذا كان موسى في مكان يسكن فيه ، وفرعون قصره في مكان ، يكون في الوسط ، مكان متساوي
2ــ المكان الذي تكون الفاصلة بين الناس متساوية.
يعني وسط المدينة حتى يستطيع الكل أن يحضر لهذه المناظرة وهذه المبارزة
3ـ المكان الذي تكون أرضه متساوية.
يعني ربما يكون هذا المعنى ، المكان الذي تكون الأرض متساوية بحيث يستطيع الجميع أن يشاهدوا ما يطرحه موسى وما يأتي به السحرة
4ـ المكان الذي يكون الجميع فيه متساوين العالي والداني
والكل يشاهد بلا إمتياز لأحد على أحد.
ثالثا: الدعوة الهادئة وتحدي الطاغية فرعون
موسى يأتي بدعوة بكل إستقرار يطرح الحق ولأنه مع الحق فهو مستقر , يدعو بأمر الله ولا يخاف.
1ـ فرعون يثير الصخب حول موسى ودعوته بالتحدي
يتحدى ويبين أمام الناس أنه قوي وأن موسى هو الضعيف فيقول :
(فاجعل بيننا وبينكم موعداً لا نخلفه نحن ولا أنت ، مكاناً سوى )
إجعل بيننا هذا الموعد لنبين للناس أنك على باطل , بتصور فرعون ونظامه
2ـ الحق لا يفقد اتزانه
موسى مع الحق , مع كل الصخب و الضجيج الإعلامي والترويج ضد موسى ، موسى يبين دعوته بكل إستقرار وبكل طمأنينة .
والجواب حاضر مباشرة قال موسى (ع) : (قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى).
موسى يقول يوم الزينة هو أفضل يوم ، يجمع الناس وينادون بالناس أن يحضروا ، فيحضروا يوم الزينة
3ــ (يوم الزينة) هو يوم العيد والناس على أشد استعدادهم.
الناس كلهم متهيؤن يريدون معرفة الحق ويريدون أن يروا أن فرعون يبطل سحر موسى أو أن موسى يحمل دعوة إلهية لا يبطلها شيئ , بل هو الذي يبطل سحر فرعون
4ــ الإتفاق والكيد لموسى (ع)
بعد ما رأى فرعون من تأثير معجزات موسى وضع الإتّفاق المذكور , وماذا صنع ؟
(فتولّى فرعون فجمع كيده ثمّ أتى).
فرعون يتولى ويجمع كيده ، يجمع قوته ، يجمع المستشارين ، يجمع السحرة لينتصر في هذا التحدي ويبطل دعوة موسى (ع) وبكل الأساليب المختلفة
رابعا: فرعون مع أنصاره
فرعون مع أنصاره ماذا يصنع في هذه الدعوة ؟
1ــ الإغراءات والعطاءات
يعطيهم الأموال ويغريهم بالمناصب ويغريهم بالتقرب ، ويعدهم بالمنزلة
قال تعالى («قالوا ء إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم و إنكم لمن المقربين» )
إذا وقفوا إلى صفه وهزموا موسى يجعلهم مقربين ، وهذا هو الإسلوب المتبع على مدى العصور ، الحاكم يجمع الكفاءات حوله ، يجمع العلماء حوله ، يجمع جميع ما يستطيع حوله ويجعل السيف على رقابهم ، أنت معي تعطى ، تخالفني تقتل ، هذا هو الأسلوب المتبع
2ــ التهديد والقتل والتمثيل.
الآيات تبين أن هناك من السحرة من كان عنده تردد أو إعتقاد ، يعني بعضهم تأثر بدعوة موسى ، لذلك بعد أن آمنوا ذكروا أنهم أجبروا ، قالوا (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى )
(وما أكرهتنا عليه من السحر) يعني يوجد إكراه ، ولكن بعد الإيمان ثبتوا فيعود التهديد لهم , يريدهم أن يتنازلوا ثم قال (آمنتم له قبل أن أذن لكم ) يتوهم أنه هو الرب , ولا يحق لأحد أن يؤمن أو يكفر بشيء من غير إذنه.
الإنسان في إعتقاده لا يمكن أن يجبره أحد , ولكن لظلم الظالمين وضعف عقولهم يريدون أن يتدخلوا حتى في إعتقاد الآخرين ، لا تؤمنوا من غير إذن ، لا تعتقدوا بصحة قول من يتكلم من غير إذن ، يجب أن تستأذنوا مني (قال أمنتم له قبل أن آذن لكم )
هنا إتهام ، ما هو الهدف من هذا الإتهام مباشرة ؟ الظالم حتى في هذا الزمان هذا العصر عندما يجد من أنصاره من إقتنع بالمعارضة أو بدعوة المطالبين مباشرة يتهمهم بالتواطئ وأنهم عملاء وكانوا يتخفون والآن أظهروا عملاتهم ، هنا ( قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى )
يتصور أنه القوي الذي يستطيع إسكات الناس بإرهابه ويخضعون له ولكن (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) الذي يتوجه لله لا يفكر في هذا الوضع أو العذاب الذي يصيبه يقول عند الله أحتسبه , عند الله ما هو أعلى وأبقى بل عنده البقاء الأبدي .
خامسا:عدد السحرة :
عدد السحرة قيل إثان وسبعون ساحر ,وقيل أربعة مائة ساحر أو أكثر , عددهم كبير , ولهم تأثير على الناس
سادسا: المنازلة:
موسى يتوجّه إلى السّحرة،والفراعنة وقال (قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذاب وقد خاب من إفترى).
موسى يبين للفراعنة وللسحرة, لفرعون وأتباعه والسحرة وينهاهم ويحذرهم أن لا تفتروا على الله كذبا
ما هو الإفتراء ؟
1ـ بدعوة الإلوهية لفرعون.
هذا إفتراء على الله ، أن فرعون هو الإله وأنه هو الرب والمتصرف بوجود الناس
2 ـ بإتهام موسى ودعوته ومعجزاته بالسحر.
عندما إتهموا موسى بالسحر , فهذا أيضا إفتراء على الله لأنهم يعلمون أن هذا ليس سحرا وأنه من عند الله , فهم يكذبون الله بعد ذلك مع علمهم
سابعا: كلام القلب يجد له طريقا
النبي موسى يتكلم ، كلام الأنبياء يخرج من القلب صادقا عندما قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من إفترى
في هذه اللحظات التي يبين موسى أن هذه الإفتراءات سوف تمحوا وجودكم ، سوف توجب هلاككم ، كلام يخرج من القلب ، السامع يجد أن النبي صادق وليس كلام ساحر فهنا يتأثرون
(فتنازعوا أمرهم بينهم وأسرّوا النجوى).
يوجد تأثر من كلام موسى فتنازعوا ، قال بعضهم أنه على حق يتحدث بالصدق فتأثروا
ثامنا:فرعون وأنصاره يمسكون بالمشهد ويحركون السحرة
هنا مباشرة فرعون يتحرك ليمسك الموقف حتى لا ينقلب السحرة , وبدل أن يكونوا أعوانا لفرعون يكونون أنصارا لموسى ، ماذا يقول لهم ؟
1ـ (قالوا إن هذان لساحران)
قال لهم فرعون إن هذان ساحران موسى وهارون سحران جاءا ليسحراكم ويضللا الناس ، واجهوهما بالسحر
2ـ (يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما) يريدان تفريغ مصر بهذا السحر من أهلها, يريدان إخراج الناس من أرضهم .
هنا إفتراء من فرعون وكذب وإشاعة وإثارة للروح الوطنية عند الناس لكي يثبتوا مع فرعون ولا يقفوا مع موسى
3ـ تأجيج الروح الطائفية (ويذهبا بطريقتكم المثلى).
فرعون يقول للسحرة الذين توقفوا وتنازعوا أن موسى يريد أن يذهب بطريقتكم المثلى , وكلام فرعون هذا طبعا مما يوجب السخرية وهو إستخفاف بعقول الناس , وهذا هو الموجود في كل العصور تجد أنصار الظالم وأنصار الطاغية عندما يأتي أناس يطالبون بحقوقهم ويريدون للناس الخير أولئك يقولون هؤلاء المطالبون يريدون أن يذهبوا بطريقتكم المثلى .
العبودية في نظر هؤلاء هي الطريقة المثلى ، الطريقة المثلى هي الذل و الإذلال المستمر الذي لا يرضاه عاقل ولكن الظالم والطاغية يستهزئ بالناس دائما ويصور لهم العذاب الذي يعيشون فيه أنه هو الطريقة المثلى والطريقة الصحيحة التي هي أفضل ما يناسب الناس فليس من الصحيح المطالبة بتغييرها والإعتراض عليها (ويذهبا بطريقتهم المثلى)
4ـ لا تترددوا وأنتم تعلمون بأهدافهم وأجندتهم
(فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾
يحرضهم على المواجهة , ليواجهوا موسى بالسحر والحزم والتعالي المصطنع.
تاسعا: الهدف من جلب بني إسرائيل إلى مصر
فرعون يصر على جلب بني إسرائيل إلى مصر ، جلبهم إلى مصر وأصر على وجودهم في مصر لماذا ؟
لهدفين:
1ـ الإستعباد.
يستفيد منهم كعبيد ويقنعهم بهذه الطريقة المثلى ,عبيد كما هو الحال في التجنيس في كل الدول التي تجلب المرتزقة , تجنسهم ليكونوا عبيدا تحت السمع الطاعة
2ـ كي لا يشكلوا قوة في وجه الفراعنة.
يشبه هذه القضية وضع العالم اليوم ، العالم اليوم كذلك عندما يجنسون ويجلبون وعندما ينقلون قضاياهم من محل إلى محل آخر لماذا ؟ الدولة الفلانية تدعم الحركة في الدولة الفلاني كثيرا من الأوقات أهدافهم وهي السائدة في العالم ، أهدافهم أن يخرجوا الحراك والمطالبة من بلدهم إلى بلد آخر يركز لهم على الطائفية ويبث الطائفية في نفوسهم لينشغلوا بالآخرين عن مطالبهم الوطنية , ويصيرون ضعاف في بلدهم , وينشغلوا عن حقوقهم
عاشرا: قتل الذكور له هدفان:
1ـ الخوف من ولادة موسى.
فصار يقتل الذكور لكي لا يولد موسى ، النبي لأنه علم أن موسى هو من سوف يزيل ملكه
2ـ لإضعاف بني إسرائيل.
كما في النقطة السابقة حتى يبقوا ضعافا وتحت سيطرته ، وطبعا هذا الذي يعمل هكذا يدل على ضعف في عقله , لأنه إن كان يؤمن بهذا الخبر فهو لا بد أن يزول حكمه لا محال, يعني إذا أخبروا وبشروا في هذا العصر ، سوف يأتي مصلح ويزيل الملك فإن كان هذا الخبر صحيح فلن يقف أمامه وسوف يزيل الملك , وإن كان هذا الخبر باطلا فلا يحتاج لمواجهة , ولكن الظالم والطاغية يصرعلى المواجهة وإستئصال الذكور حتى لا يولد موسى ، ثم تأتي إرادة الله ويولد موسى ويتربى في بيت فرعون ويزيل ملكه
أحد عشر: إرادة الله وإرادة الفراعنة وما النصر إلا من عند الله
الفراعنة يريدون شيئا ولكن الله سبحانه وتعالى هو الغالب على أمره ،هو الذي يرتب الأمور وهو يأتي الملك لمن يشاء والنصر يأتي من عنده فقط وإلا فإن فرعون مع كل إحتياطاته لا يستطيع من ولادة موسى , بل ويتربى في بيته ثم بعد ذلك تأتي المبارزة ، المبارزة ويكون الموعد يوم الزينة ، بتصوره أنه يبطل دعوة موسى ويفضح موسى في ما يّدعي ،ولكن تكون الفضيحة له فيعمل على خلاف مايريد من نتائج , و يتحقق غير ما يريد ، والظالمون كذلك ، الآن في هذا الوقت أيضا كذلك
الثاني عشر: الظالم يستجدي الذل وهذا واقعنا
واقع حدث وتحدث عنه القرآن الكريم , فرعون يظلم ويعتدي ثم يتوسل بما يوجب ذله توسل بالسحرة فأذله الله سبحانه وتعالى, وكذلك واقعنا , ظلم وتعدي على الناس وتعدي على المقدسات , ووعيد من الله جل شأنه حيث يقول:
)وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (هذه الآية تبين كما بينت الآيات في قضية موسى وفرعون ، الظالم يريد ويتجبر ويتكبر ولكن إذا توعد الله أن يذله فالنتيجة أنه لا بد أن يذل هذا وعيد من الله , الذي إعتدى على المساجد ، الذي دمر المساجد حاول منع بيوت الله أن يذكر فيها إسمه يهيئ الله له طريقا أن يذل نفسه , ونحن اليوم نرى مايطرح من إتحاد بين البحرين والسعودية هو الذل بعينه ,لا تتصوروا أن هذا عزّ لهم ، فالذي كان يتصور أنه ملك ويتصرف ويأمر الآن يجد نفسه عمليا أميرا صغيرا يخضع لأوامرهم ويكون ذليلا فإن تححقق الإتحاد وصل إلى قمة الذل والإهانة يعني هناك إذلال يهيئ الظالم نفسه لهذا الإذلال الذي لا بد أن يتحقق
موضوع البلد
1ـ التصعيد الممنهج المستمر
هذا التصعيد قد يأخذ البلد إلى منعطفات خطيرة يجعل إحتواءها أمرا مستبعدا كما عبرت الجمعيات السياسية , الحكومة تصعد وتصعد، ورأينا الإصابات الكثيرة بالشوزن ,والخطيرة وفي مناطق متعددة من البحرين هذا التصعيد ربما يجر البلد إلى جهة لا يمكن الرجوع أو إلى طريق لا يمكن التراجع و الرجوع عنه وهذا أمر خطير يوجب القلق على الناس ويوجب القلق على إستقرار هذا البلد
2ـ نناشد العالم أن يقوم بوظيفته
خصوصا المنظمات الحقوقية في العالم التي تسمع وتقرأ وترى الصور والإنتهاكات عليها أن تأخذ مسؤلينها وتتحمل المسؤلية التي إدعت تحملها فليس هذا البلد دون غيره
هنا الإعتداءات والقتل البطيئ والإصابات الكثيرة والمتتالية والمستمرة ، يجب أن يوقف ويجب أن تعالج المشاكل السياسية , بالحوار وليس بالقمع الأمني والقبضة البليسية.
3ـ طلب الإتحاد بين بلد وآخر من غير إرادة أهله .
يدعون حرصهم على مصلحة الشعوب , يدعون اصرارهم على كرامة الشعوب , يدعون التفاني من أجل حرية الشعب ومستقبله!
أين مصلحة الشعب في هذا الإتحاد؟!
أين كرامة الشعب الذي لا ترون أهليته ليختار مصيره؟!
أين حرية الشعب في إلغائه من أهم ما يرتبط بمصير ومستقبله؟!
هل شعب البحرين أقل من غيره كي لا يعطى حق الإختيار؟!
هل المسيرات التي تندد وتشجب هذه الخطوات جائت من الخارج وليست من هذا الوطن العزيز؟!
هل المصلحة في الإتحاد تخص البحرين وتستثني قطر والكويت مثلا؟!
الشعب قال كلمته وكل إتحاد مع أي كان يساوي عدمه مادام يفتقد لرأي الشعب العزيز.
4ـ مسيرة لبيك يا وطني
نهيب بالشعب الأبي الحر المشاركة في مسيرة “لبيك ياوطني ليتطلع العالم وينظر بعين واعية كم هي ظلامة هذا الشعب , فهو يرفض هذه المشاريع التي ليس لها هدف غير القضاء على مطالب الشعب وإلغائه كشعب أبي حر مطالب..
والحمد لله رب العالمين