حديث الجمعة – 3/2/2012 – المساجد( 4 )
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين
رب إشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي
قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)
وقال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ ذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ هُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
حديثنا حول المساجد
أولا: المساجد والتوحيد
المساجد هي أبرز أماكن إظهارالتوحيد ، فالإنسان الموحد الذي يبحث عن التوحيد يجد معاني التوحيد واضحة في المساجد , وفي الأعمال المسجدية , فالمساجد محل التوحيد لله سبحانه وتعالى
ثانيا: التوحيد وهدم المساجد
ولا يمكن أن نتصور شخصا سليم التوحيد وهو يتجاوز ويعتدي على المساجد أبدا ، لا بد أن يكون عنده خلل في توحيده وإلا لا يمكن أن يعتدي على مسجد هو دعوة إلى الله تعالى ومحل توحيد لله ومحل الإنقطاع له سبحانه وتعالى .
إذا المساجد محل توحيد ومحل براءة من غير الله , ومحل رفض العبودية لغير الله ، فالمساجد هي المكان الذي يبرز فيه التوحيد لله سبحانه وتعالى , وكل من يتعدى عليها فليس في قلبه توحيد له تعالى , بل إنما قلبه عامر بالشرك فقط.
ثالثا: المساجد وعبادة الله تعالى
المساجد هي أهم مواقع العبادة وذكر الله عز وجل
فالإنسان الذي يريد أن يعبد الله تعالى , أول ما يتوجه لذلك يخطر بباله وفي ذهنه المسجد ,فهو ينطلق للمساجد فكرا وقلبا ثم ينطلق للصلاة فيها , فهي محل العبادة لله سبحانه وتعالى ، هي توحيد لله وهي محطة يقف فيها الإنسان يعبد الله وحده
في صلاة جماعة ، أو في قراءة القرآن ، و في الأذكار وغيرها .
رابعا: المساجد والتربية والتعليم
المساجد أيضا هي مواقع التربية ومراكز التربية والتعليم الديني
تمتاز المساجد على غيرها بأمرين
الأمر الأول :التعليم
الأمرالثاني : التربية
ونستطيع أن نقلب الأمر ونقول الأول التربية والثاني التعليم لأن المسجد يختلف عن غيره من الأماكن بحيث أن دخول الإنسان فيه , بنفسه يعد تربية ، في المسجد يتعلم الإنسان أمور دينه من أصول الدين وأركان الدين ويتعلم الصلاة والصيام وقراءة القرآن والواجبات الشرعية , إضافة لتعليمه ذلك يتربى تربية روحية دينية لمجرد دخوله للمسجد فالمسجد يؤثر في تربية الإنسان وليس في تعليمه فقط
قد يتعلم شخص في معهد أحد أحكام الدين ولكنه لا يتربى عليها
أما في المسجد فبدخوله للمسجد تحصل هذه التربية وتحصل هذه العلاقة الروحية بينه وبين الدين وتعاليم الدين تحدث وتحصل هذه العلاقة بينه وبين الله سبحانه وتعالى ، تحدث هذه العلاقة بينه وبين جميع المقدسات الدينية.
خامسا: المساجد والترابط الإجتماعي
المساجد هي المحل الحيوي في خدمة المجتمع وتكاتفه وتكافله
أيضا من الفوائد العظيمة البينة والواضحة في المسجد أن أفراد المجتمع الذين يترددون على المساجد عادة ما يكون عندهم إرتباط وتكاتف فيما بينهم فإذا غاب شخص عن صلاة الجماعة يسأل عنه من يأتون للمسجد ويترددون على المسجد , يسألون كيف فلان ماهي صحته إفتقدناه يوم أو يومين , فيحدث إرتباط بين أفراد المجتمع الذين يترددون على المسجد ، ويحدث أيضا التكافل الإجتماعي وينطلق من المسجد فكلما كان المجتمع مترددا على المسجد كان عنده إرتباط فيما بينه وكان عنده تفقد وتحسس لأوضاع بعضه البعض ، بماذا ؟ بدخوله للمسجد وتردده على المسجد
سادسا: المساجد منطلق الإسلام والدعوة إلى الله
للمسجد فوائد كثيرة لأنه منطلق الإسلام
النبي (ص) عندما دخل المدينة المنورة أول عمل قام به هو تأسيس المسجد لماذا ؟
لأن المسجد هو المنطلق
لذلك قال الله سبحانه وتعالى ( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه )
يعني هناك مسجد أسس من أول يوم يدخل النبي (ص) المدينة , وقبل أن يشرع في المهام الإجتماعية قبل أن يشرع في أي عمل , يباشر أولا بناء المسجد لما للمسجد من أهمية في بناء الإسلام في بناء المجتمع في تكاتف المجتمع وترابطه
المساجد كانت مركز الإنطلاق في صدر الإسلام ، جميع الإنتصارات كانت تنطلق من المسجد لما للمسجد من أهمية في جمع المسلمين ولم شملهم وإعطائهم المسؤلية أوتحميلهم المسؤلية فيرى كل شخص مسلم بدخوله للمسجد أنه عضو وأنه فرد من المجتمع ويتحمل مسؤليته، فينطلق بهذه المسؤلية وبها تحققت الإنتصارات في صدر الإسلام
لذلك المساجد تخيف أعداء الإسلام
المساجد تخيف الفسقة
المساجد تخيف الظلمة
الحكام الظلمة دائما يتحسسون من المساجد ويسعون في خرابها وإبعاد الناس عنها لأنهم يعرفون القوة والإنطلاقة التي تحدث من المسجد هي أقوى من أي مكان آخر
المجتمع الذي يرتبط بالمسجد وينطلق من المسجد يختلف في واقعه شئنا أم أبينا عن مجتمع يعيش فقط هما سياسيا ، القائد الذي يرتبط بالمسجد وينطلق من المسجد ومن مبادئ المسجد أيضا يختلف عن القائد السياسي البحت المنفصل عن المسجد وعن الدين
ربما يمكن للسياسي أن يساوم مع غيره , أما صاحب المسجد فالمنطلق من المسجد هو المباديء , فعنده ثوابته الدينية لا يمكن أن يشترى ولا يمكن أن يخدع ما دام حقيقة مرتبطا بالمسجد لذلك الظلمة يسعون جاهدين في كل زمان أن يحطموا المسجد ومن يرتبط بالمسجد
سابعا: تقديس المساجد في الإسلام والإعتداء عليها
المساجد هي الأماكن التي تحظى بأعلى درجات التقديس تحظى بأعلى درجات التقديس عند المسلمين والإحترام عند غير المسلمين
المجتمع المسلم يقدس المسجد ويعظم المسجد وغير المسلم أيضا يتعامل بإحترام وتقدير للمساجد ولا يعتدي عليها
الإعتداء على المساجد هو إعتداء على الدين
الإعتداء على المساجد هو إعتداء على الدين وإعتداء على الأمة كاملة
الذي يجرأ ويعتدي على المساجد , يتجرأ ويتجاوز على المساجد فهو يلغي الأمة ويعتدي على الدين الحنيف وعلى الأمة كاملة , فكأنه يقول أنا لا أهتم بالدين وبأحكام الدين ولا أؤمن بوعيد رب العالمين أيضا ، والله سبحانه وتعالى توعد من يعتدي على المسجد كما في الآية التي قرأناها ولكن الذي يتجاوز ويعتدي كأنه يقول أنا لا أؤمن بهذه الآيات ولا أؤمن بوعيد الله ولا أؤمن بالدين وأتحدى الأمة كلها
يقول تعالى (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها أسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلاخائفين )
الله يتوعد في هذه الآية الذي يعتدي الذي يمنع مساجد الله أن يذكر فيها إسمه (ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم)
الذي يعتدي له في الدنيا خزي , والله سبحانه وتعالى لم يقل في الأخرة نعذبه وإنما قال لهم في الدنيا قبل الآخرة أيضا ، يكون له الخزي في الدنيا قبل الآخرة ولا بد أن نرى هذا لأن الظالم الذي يتجاوز ويعتدي على المساجد هذه الآية واضحة التهديد والوعيد له، ربما يقول قائل هذه الآية تتكلم عن أهل مكة في بادئ الإسلام نقول وإن كانت نزلت في حادثة معينة ولكنها مطلقة تنطبق على كل زمان ومكان .
المساجد محترمة في جميع الأديان بل حتى غير المتدينين بل حتى العلمانيين وحتى الذين يؤمنون بديانات أخرى كنائسهم محترمة أماكن العبادة محترمة وإن لم يقبلوا دخولها مثلا في إدارة البلاد إلا أنها لا يعتدى عليها ، إلا عندنا هنا يعتدى على المسجد ويعتدى على المصلين .
ثامنا: المساجد أمانة في يد الأمة وعلمائها
المساجد أمانة في يد الحاكم الشرعي أولا
الحاكم الشرعي هو الفقيه ومسؤليته أن يحفظ الأوقاف الشرعية ، المساجد ، المأتم ، هي مسؤلية الفقيه وعليه حفظها ولكن مع عدم بسط يد الفقيه وعدم قدرته تنتقل المسؤلية لمن بعده وللمجتمع بأكمله .
مسؤلية الجميع توثيق المساجد الإنتهاكات التي حدثت على المساجد والمآتم وجميع الأوقاف , وبناء المساجد المهدومة هي مسؤلية الناس جميعا بل والأجيال إذا لم يستطع في هذا الوقت المجتمع أن يقوم بحفظها وبنائها عليه أن يحفظ مكانها ويحفظ وجودها ولا ينساها يوثقها وتبقى المسؤلية لمن يستطيع حفظها وبنائها ولو في الإجيال القادمة .
تاسعا: لمحة من حديث المعصوم(ع) والمساجد
روى الصدوق عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: شكت المساجد إلى الله تعالى الذين لا يشهدونها من جيرانها، فأوحى الله إليها وعزتي وجلالي لا قبلت لهم صلاة واحدة، ولا أظهرت لهم في الناس عدالة، ولا نالتهم رحمتي، ولا جاوروني في جنتي.
أحاديث في بيان الترغيب لحضور المسجد والإهتمام بالمسجد ، المساجد تشكوا إلى الله سبحانه وتعالى جيرانها الذين لا يشهدونها فأوحى الله إليها وعزتي وجلالي
الله يوحي للمساجد إنظر لهذا الحديث وعزتي وجلالي لا قبلت لهم صلاة واحدة ، شخص يكون جارا للمسجد ولا يشهد المسجد يعني لا يحضر المسجد وعزتي وجلالي لا قبلت لهم صلاة واحدة ، ولا أظهرت لهم في الناس عدالة ، يعني أسقطهم في أعين الناس , الذين لا يشهدون المساجد الله لا يجعل لهم مكانة في نفوس الناس ويسقط مكانتهم عند الناس يقول ولا نالتهم رحمتي لم تنالهم رحمة الله ولا جاوروني في جنتي هذا كله لأنهم لم يشهدوا المسجد أما الذي يواظب ويحضر المسجد فيكون الأمر معكوسا
و عنه عليه السلام: ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل: مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، وعالم بين جهال، ومصحف معلق قد وقع عليه غبار لا يقرأ فيه.
هؤلاء يشكون إلى الله عز وجل
وقال النبي (ص) (من أسرج في مسجد من مساجد الله عز وجل سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له مادام في ذلك المسجد ضوء من السراج )
شخص يقول لا أستطيع بناء المسجد ولكن يستطيع أن يعمل شيئا له أثر في المسجد سراج أو شيئ فما دام الضوء موجود من السراج الملائكة يستغفرون له ليس ملك ولا ملكين ملائكة جمع , يستغفرون لمن عمل هذا العمل الصالح
في الختام نؤكد
أولا: ضرورة التوثيق
نعيد ونؤكد ضرورة التوثيق لكل ما حدث ويحدث من إنتهاكات وتعدي على المساجد وغيرها لأن التعدي لا زال مستمرا كما حدث في سند وغيرها على المآتم
ثانيا :الحرمة ثابة لأماكن المساجد المهدومة
ضرورة الحفاظ على الحرمة الثابتة لمواقع العبادة والطاعة كالمساجد والحسينيات إذا هدمت , المكان يجب أن يحفظ لا أنه ينسى لأنه هناك مساجد لم تذكر أيضا ولم توثق رسميا كالمسجد الذي عندنا أهل المنطقة لم يسعون بمسؤلية كاملة يوثقونه مع أنه مسجد ومسجل وله أوراق وله مسح ولكن مع هذا لم يوثق ولم يقدم على أنه مسجد هدم
بقاء حكم المسجدية لجميع مواقع التي تم الإعتداء عليها وهدمت يجب أن نعرف أنها مسجد حتى لو كانت أرض خالية
ثالثا :تتحمل الحكومة كامل المسؤلية
نحمل الحكومة مسؤلية إعادة بناء كل ما تم هدمه والتعدي عليه وأيضا محاسبة المسؤلين الذين أمروا والذين قاموا بمباشرة الهدم , فجميع من شاركوا من أمر بالهدم ومن باشر يحاسب على ذلك
رابعا:المنابر المسجدية والحسينيات تبقى مستقلة
سنبقى نصر على أن تبقى المساجد والحسينيات مراكز إشعاع للدين والمعارف الإلهية , هي المنطلق للمعارف الإلهية وتبقى منابر حرة مستقلة ولا نقبل أن تكون خاضعة لوزارة أو تكتب الخطبة مثلا من أي جهة كانت لخطيب الجمعة أو لمن يصلي في المسجد أو يكون معلما في المسجد لا يمكن أن نقبل بخضوعه للوزارة الفلانية أولمنهج من الدولة
خامسا : لا زال الإعتداء على دور العبادة مستمرا كما حدث في سند وفي المحرق وفي غيرها ولم يتوقف الإعتداء فنؤكد أن هذا يجب إيقافه ويجب الإستنكار ويجب شجبه وإظهاره للعالم أيضا , ولن نغفل ويبقى الإعتداء مستمرا يجب علينا أن نتحدث فيه ونظهره للعالم كله
سادسا : الحل للأزمة هو الحل السياسي
وأخيرا أن الحل مما يعاني منه البلد يكمن في إصلاح سياسي حقيقي إصلاح سياسي حقيقي يضمن العدالة ويوفر الأمن والإستقرار على مختلف المستويات وليس في القمع والكذب ، الحكومة تسعى فقط لإظهار أنها عالجت الوضع, يظهرون فبركات ويقولون يوجد حوار وتوجد إتصالات بين المعارضة وبين الحكومة أو بين النظام وهو من الكذب فقط للإعلام الخارجي ولا زال القمع مستمر لو كانوا صادقين في أنهم يريدون الحل لما إستمر القمع لجميع المناطق لما سقط شهيد تلو شهيد والقافلة مستمرة
وإنما يستعملون هذه الدعاية للإعلام الخارجي ولكن نقول هذه حماقة وزيادة في الحماقة لأن الإعلام الخارجي مع الوقت سوف ينكشف , والنظرة الدولية للنظام سوف ترى عدم مصداقية في ما ينقل وأن هذه فقط أكاذيب يروجها والشارع لن يتوقف .
إذا روجت أن هناك حلا ولقاءات هل سينتهي الإحتجاج؟
إذا كذب النظام وقال أرجعنا المفصولين هل سوف تقف الإحتجاجات؟
وهل سوف تنتهي قضية المفصولين بهذا الكذب؟
الجواب: هذا غير صحيح, المجتمع سوف يستمر وما دامت الإنتهاكات موجودة لن يتوقف المجتمع سوف يستمر في مطالبه ولن يتراجع أبدا وما دامت هناك حقوق مسلوبة المجتمع سوف يقدم كل ما في وسعه ويقدم الشهداء تلو الشهداء ولن يتراجع عن مطالبه أبدا
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين