اليأس والأمل – 9/9/2011
جامع كرباباد
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي
قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
(قل يا عبادي اللذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)
وقال تعالى
(ومن يقنط من رحمة ربه إلا الظالمون)
وقال تعالى على لسان يعقوب
(يابني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأسوا من روح الله الا القوم الكفرون)
صدق الله العلي العظيم
حديثنا حول اليأس والأمل في نظر الإسلام أو في النظرية الإسلامية
اليأس: آفة في المجتمع إذا أصابت المجتمع أهلكته وأخذت خيراته ولن تبقى في المجتمع قوة تحركه نحو التقدم والإزدهار والتطور , وإنما يعيش حالة التراجع للخلف والانكفاء على النفس .
اليأس مذموم في الإسلام :
الإسلام يرفض أن يعيش الفرد حالة من اليأس , يرفض من المجتمع كجماعة أو كأمة أن تعيش حالة اليأس , فيجب على المجتمع أن يكون في نفسه وروحه الأمل ، أن يحمل الأمل والنظرة المشرقة لكل يوم يأتي , إنه مستقبل أفضل مما سبق , فالآيات الكريمة واضحة , والحديث الشريف للإمام علي (ع) يقول: (من تساوى يوماه فهو مغبون ـ مغبون يعني مخدوع وهو الذي لا يتقدم , فاليأس سبب لعدم التقدم ـ ومن كان أمسه أفضل من يومه فهو ملعون ، ومن لم يرى الزيادة في دينه فهو إلى النقصان ، و من كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة (لانه يصير في تراجع .
الاسلام يرفض التراجع.
أولا:اليأس خروج عن فطرة الإنسان السوي.
الإنسان السوي بحالته الاعتيادية الصغير والكبيرمن صغر الإنسان وهو يعيش حالة الضعف ثم يتطور إلى قوة بعدها قوة , ومن مرحلة إلى مرحلة , يتقدم فيختلف عندما كان طفلا صغيرا عن مرحلة المراهقة , وتختلف مرحلة المراهقة عن مرحلة النضوج , وتختلف هي عن مراحل متقدمة أيضا في تحصيله ومعرفته. فالانسان السوي هو الذي يتطلع لهذا السير الطبيعي أن يكون متقدما , يتقدم يوما بعد يوم أما اذاعاش حالة الانكفاء فهو ليس طبيعيا, فاليأس الذي يسبب الانكفاء على النفس والإنطواء والتراجع , فهو مرفوض فطرة أيضا
ثانيا:اليأس كفر في الجانب العقيدي:
الأمل واليأس مرتبطان بإيمان الإنسان وكفره.هذه الآيات المباركة اللتي قرأتها تبين أنه لاييأس من روح الله إلا القوم الكفرون فالذي ييأس من روح الله , يأسه كفر فهو يرتكب المخالفة الكبيرة بل يصير كافرا , فاليأس كفر وإن لم يكن كفرا صريحا , هو يكفر بالله لا يؤمن بالله , لأنه يرتبط بأمور تبعده عن التوكل على الله ولايرى الله في كل شيئ , أما لو كان ينظر لكل شيئ أن الله حاضر فيه وأن الله متصرف فيه وأن الله قادر على تغييره للأفضل والأحسن فهو لاييأس , إنما الذي ييأس هو الشخص الذي يعيش حالة الكفر لله سبحانه وتعالى
الآيات المباركة جعلت الإنسان أو اعتبرت الإنسان الذي ييأس من تحصيل أمر خارجي أنه كافر , والإنسان الذي ييأس من تحصيل غفران الله سبحانه وتعالى أنه كافر.أما الإنسان الذي يحمل الأمل فهو مؤمن بالله سبحانه وتعالى , لأن الله له رحمة , ورحمته وسعت كل شيئ , وفي كل شيئ له وجود ووجوده مسيطر على العالم كله , فلا يبقى هناك شيئ يجعل الإنسان يخاف ويتصور أن الحياة بهذا قد انتهت لأمل والرحمة إيمان يقول تعالى :(رحمتي وسعت كل شيئ) الرحمة موجودة في كل شيئ فلا يحق لنا القنوط لأن القنوط يساوي نظرة التشاؤم في كل الأمور, النظرة بعدم وجود الخير في كل شيئ يقول تعالى:(قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) فهو الرحمن الرحيم وهو الغفور الرحيم في كل شيئ له رحمة , ولكن أيضا هناك عنوان آخر مسألة التوازن في الامور ,عندما نقول الرحمة والتوكل على الله لا يعني الإغترار وإنما يعني التوازن ووضع الشيئ في موضعه لايرتكب الإنسان المخالفة والمخالفة ويستمر في مخالفته , ويقول أنا أعصي الله ولكن الله غفور رحيم ليست كذلك وإنما يرجع عن غييه وعن مخالفته بينه وبين الله ويقول أن الله غفور رحيم , لا أنه يصرعلى المعصية. عليه أن ينظر أن الله سبحانه وتعالى في وقت رحمته أيضا أنه شديد العذاب فيوازن بين نظرة الخوف والرهبة من الله سبحانه وتعالى , وبين الرجاء وطلب الرحمة منه
ثالثا :الأمل واليأس سبب لتقديم الانسان.
الإنسان اليائس لا يتقدم في شيئ لأنه في كل شيئ لا يرى إلا ظلمة لو نظر إلى الشمس طالعة والنور مشرقا , لا يرى إلا المكان المظلم فهو لا يبحث عن النور وإنما يبحث عن الظلام والخوف والشقاءهذا اليائس اللذي لا يمكن أن يتقدم ولا يحرك ساكنا , وأما من يحمل الأمل والتوكل على الله (س)فهو اللذي يغير في الحياة .
ما تغير في واقع المسلمين إلابأملهم , ماإنتصر الاسلام في صدر الإسلام إلا بالتوكل على الله وبالأمل وعدم اليأس وإلا ما كان مع النبي (ص) في بادئ الإسلام إلا فئة قليلة أعداد قليلة ولكن لوجود الإرتباط بالله والتوكل على الله إستطاعوا أن يتقدموا وما نراه من تقدم في المجتمع في أي مكان في أي دولة , انظر له قبل أن يكون هذا التقدم ماذا كان , كان قليلا بإصرار أفراد يتقدمون لا يتخادلون , وبتخاذل المجتمع ينحسرون ويخسرون التقدم هو مرتبط بالأمل وبالإيمان بالله سبحانه وتعالى
رابعا: من أعراض اليأس :
1 ـ التوتر: تجده متوترا منزويا،فردا كان أو جماعة.
الانسان اليائس هو الذي يعيش حالة الانزواء والانعزال لا يختلط بالناس كثيرا , يتقوقع على نفسه يعيش حالة التوتر.
2 ـ الخوف : والقلق الشديد دائما يعيش حالة القلق لايعيش حالة الانفتاح النفسي وإنما يعيش حالة قلق في نفسه
3 ـ التشاؤم : يتشائم من يحمل اليأس من كل شيئ , كلما أراد شيئا , أو أراد أن يقدم على شيئ فهو لا يرى إلا نتيجة سيئة سوف تستقبله , فيعيش حالة التشاؤم يعيشها كأنه يعشق الشقاء , يقع في الشقاء قبل أن يرى الشقاء , يوقع نفسه بنفسه في الشقاء أما الشخص اللذي يعيش حالة من الإرتباط بالله من الأمل فهو لايعيش شقاءا حتى لو وضع في السجن حتى لو وضع تحت التعذيب , فهو يرى الأمل في كل لحظة , أن هناك انفراج هناك تغيير , أما الشخص الذي يعيش حالة الياس فإنه لو كان في بيته فهو في حالة قلق دائم .
يعيش حالة الخوف والتوتر ويعيش كل شدة وهو لم يقع في شدة , هذه بعض أوصاف من يعيش حالة اليأس
خامسا: أسباب اليأس:
من الأسباب التي توجب اليأس في المجتمع
أولا:سوء التربية وسوء التعليم ,فبعض الآباء يفتقدون التوازن والمعرفة في تربيتهم لأولادهم , فاذا عمل الولد خطا أو خالف يقولون له هذا خطأ وبتعنيف شديد ولكن في المقابل إذا عمل الولد شيئا حسن لا يجد تشجيعا ولا ترغيبا ومعنى ذلك أن لا يكبر نظره للخير في نفسه , ولا تكبر ولا ترتقي نظرته أنه قادر أن يحقق خيرا , وإنما يكبر ويترسخ في نفسه أنه كلما أقدم على عمل عمله فهو خطأ وتظهر نتيجته خطأ , فيعيش حالة في عقله الباطني أن لا يقدم على شيئا وإلا فسيكون فاشلا وهذا سبب من أسباب اليأس عند الإنسان
ثانيا:الفشل في تغيير الواقع : قد يفشل الإنسان في تغيير واقع حياته , سواء كان هذا واقع فردي أوإجتماعي أو سياسي في الواقع اللذي يعيشه الإنسان إذا كان الإنسان يعيش واقعا وهذا الواقع يحتاج لتغيير سواء كان واقعا فرديا, في معيشته الإقتصادية أو المادية ,أو في حياته الزوجية مثلا عنده مشاكل تحتاج إلى علاج ولم يفلح في علاجها يصاب ويؤسس في نفسه لليأس مع أن القضية أو المشكله عنده قد تحتاج إلى أسلوب , ولكنه إذا لم يتمكن من تغيير ما يعيشه من الواقع فيصاب بمرض اليأس وهو المرض الخطير إذا كان الواقع الإجتماعي أو السياسي
أشخاص يريدون تغيير الواقع ويعيشون تحت الظلم ولكنهم لم يتمكنوا من رفع الظلم والمعانات. أيضا يدخل عليهم اليأس ويصابون باليأس في بعض الحالات , فهذا سبب من أسباب اليأس أيضا.
ثالثا: دعاية الأعداء : سبب آخر أيضا الأعداء الذين يحاربون المجتمع , دائما يركزون على زرع اليأس في المجتمع , المجتمع بحركته بمطالبه بكل ما يعيشه يحتاج إلى فترات ويحتاج إلى عمل وجد وإجتهاد وعمل دؤوب وجهاد ,ويسمى جهاد لأن فيه جهد ولكن ما يعمله عادة أعداء المجتمع المطالب بحقه أنهم يصورون له الفشل أمامه ويعملون له إعلام مضاد , وكلما عمل أوتحرك في شيئ يظهرون له صورة معكوسة أنك فشلت في مطالبك لم تحقق ولم ترى إلا البؤس أمامك فيعيش حالة اليأس هذه أيضا من أسباب اليأس
سادسا:علاج اليأس
طبعا هذه بعض العناوين وباختصار لعلاج اليأس
القرآن الكريم طرح موضوع اليأس واعتبره موضوعا مسلما , بأنه مرفوض وأعطى العلاج له
أولا:الحذر من الوقوع في الكفر :عبر عن اليأس أنه كفر , كفر بالله أنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكفرون وهذا كفر بالله لذك فالمؤمن يكون حريصا أن لا يصاب بمرض اليأس , ويكون متجنبا لكل ما يدعوه لفقد الأمل , فإيمانه أمل , وتعلقه بالله يجعل الباب مفتوحا له أمام أي شيد فلا يرى الأبواب قد أوصدت في وجهه , فمهما تكن الشدة ومهما تكن المصائب فهو يرى الأمل في إيمانه بالله تعالى.
ثانيا:تربية روح الإيمان بالغيب في نفس المسلم:عبرعن الإرتباط بالله تعالى أنه هو المخرج لكل شيئ الإيمان بالغيب . الإيمان بالغيب فمن سبل العلاج لليأس أن يؤمن الإنسان بالغيب فقال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا)اللذي يتق الله بكل شيئ أمر مطلق يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب , هنا يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب يعني أنك تحسب لأمر مادي والله تعالى يقدر ويقدر وإذا كان التغيير موجود في نفس الإنسان (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) حينها يتكفل الله تعالى بتغييرظاهرالإنسان وواقعه فمن يرتبط بالله ويتوكل على الله عليه أولا أن يعمل بكل ما بيده من إمكانيات وقدرات والباقي على الله سبحانه وتعالى الله هو المتكفل فلا يمكن أن يخذل الإنسان لذلك قال :(ومن يتوكل على الله فهو حسبه)الذي يتوكل على الله يكفيه الله ما يهمه أو يخاف من أو يرجوه ,والتوكل على الله أن يعمل بما في وسعه
ثالثا:النظر في واقع الحياة :
الله (س)أمر الإنسان أن ينظر بواقع الحياة إن مع العسر يسرا في كل شدة في كل وقفة تصيب المجتمع بلاء يصيب المجتمع يكون هناك فرج هناك خير يستبدل هذه الشدة نحن لا نراه ولكن الواقع أن هناك فرج .
والشدة والإرهاصات التي يتعرض لها المجتمع دائما أنها تنبيء عن فرج قريب , الإنفراج موجود فعلى الإنسان أن يعيش حالة الأمل وأن يعمل وينظر لهذا الواقع أن الواقع الذي يعيش فيه , وضع متأزم صعب فهو ….. إلى فرج هناك كلمة لأمير المؤمنين (ع) (لا تكرهوا الفتن فإن فيها هلاك الظالمين) أنه أي فتنة وصعوبة على المجتمع تكون النتيجة في صالح المؤمنين بإذن الله
رابعا:قراءة التاريخ
قراءة التاريخ ونجاح المتوكلين على الله : إذا نظرنا لتاريخ المسلمين من الذي تحرك متوكلا على الله ولم يحقق إنتصاره على عدوه ويحقق أهدافه؟!
الأمثلة كثيرة من المعاصرة وغير المعاصرة يخرج شخص متوكلا على الله ويتحدى العالم كله ويستطيع أن يحقق لأنه متوكل على الله ……فيه…..وتخرج مجموعة وفئة وعصبة مؤمنة متوكلة على الله…ويعيشون العزة والكرامة .
في التاريخ القديم كذلك من توكل على الله ينتصر ومن ابتعد عن الله تعالى ونظر للإمور ماديا فقط وإرتبط بأمور المادة فقط يخسر ويسقط وينكسر ولو بعد حين
في الثورات السابقة قديما ما الذي يجعل الثورات تنتصر وما اللذي يجعلها تخسر ؟
الإرتباط بالله أولا والإخلاص وعدم النفاق وعدم الخيانة في الأفراد
ولنا نحن هذا الكلام وواقعنا يوجب علينا الوعي وأخذ العبر,عندما يطالب شخص بمطالبه وأنا أعلم أنه إنسان مخلص رفع راية المجتمع راية الحق يطالب بالحقوق بالمجتمع وهو مخلص في مطالبه صادق ونعرفه إذا لم نقف معه ….ليس أمامنا بعد الخذلان إلا السقوط والخسران , سقوط المجتمع وتمكن الظالمين من الناس أما إذا كنا نقف الوقفة الحقيقية ولا نتقاتل فيما بيننا و نتوكل على الله تعالى وندعم ونساند من يرفع لواء الحق وهو حق وليس باطل , ندعمه ونقف معه بكل ما نستطيع لا بد أن يكون النصر هو الحليف فمن يتوكل على الله فهو حسبه بتكاتف المجتمع بعضه مع بعض , مرتبطا بالله النتيجة أنه ينتصر في الختام .
طبعا أذكر موضوع مرتبط بالأمل وعدم اليأس
المستقبل موضوع الدراسة يتسرب كلام من هنا وهناك من بعض الناس أنه لن يذهب مثلا للجامعة ويترك الدراسة وأنه لا يستفيد من الدراسة , بل يستفيد من الموقف السلبي أكثر وهنا نقول حول هذا الكلام بيننا وبين الله أنه كلام غير صحيح وخاطئ , الموقف , الذي يكون فيه مقاطعة لو كان موقفا من المجتمع كاملا دعت له القيادات مثلا , والمجتمع كله وقف هذا الموقف ذاك موضوع آخر , يشكل ضغط يشكل قوة أما أن يبتعد الشخص وينسحب من الدراسة ولا يواصل دراسته فهو خسران الموقف والتقدم تكون متفوق متقدم في جميع المجالات الإجتماعية الإقتصادية المهنية في كل شيئ تكون متقدم هو النجاح.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين