(بر الوالدين) (1)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمدوآله الطيبين الطاهرين
قال الله تعالى في كتابه الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) . الإسراء/23-25
مقدمة
بر الوالدين هو من أكبرالطاعات وهو من أقرب الطرق للوصول لله سبحانه وتعالى , إذ هو مقرون بتوحيد الله سبحانه وتعالى ، مقرون بعبادة الله
فبر الوالدين وإحترام الوالدين والشفقة على الوالدين وإكرام الوالدين ليس إلا طاعة لله سبحانه وتعالى ، تعظيمهم ليس فيه شبهةُ شركٍ أو غير ذلك وإنما هو الطاعة لله سبحانه وتعالى .
وعقوق الوالدين بالطرف المقابل هو المعصية ، هو الكبيرة ، بل من أكبر الكبائر كما في الأحاديث
أولا : معنى بر الوالدين
بر الوالدين هو الإحسان إليهما ، وله صور كثيرة منها :
1: طاعتهما:
خصوصا إذا كان في شفقة عليك ، بر الوالدين أو الطاعة لهما ، لا يعصي الوالدين ، يطيعهما مطلقا في غير معصية الله تعالى ، إذا طلبا من الولد أن يقوم بشيئ أو يفعل شيئ أو يأتي بشيئ يجب عليه أن يفعل سواء كان هذا الشيئ مباحا بصورة عامة بل لو كانت كما هو فتوى الفقهاء مخالف للمستحب ، لو كان هناك شيئ مستحب ولكن الأب منع عنه ، هذا المنع منطلقه الشفقة تجب الطاعة الأب في ذلك.
لو كان الولد يريد أن يصوم والأب يخاف عليه مثلا وشفقة به ينهاه ، أو أراد أن يذهب للصلاة المستحبة في مكان معين وكان في الطريق مثلا أمور تبعث على الخوف الأب ينهاه شفقة عليه هنا تجب أيضا الطاعة مادام الأمر والنهي من باب الشفقة يجب على الولد أن يطيع أباه في غير معصية الله سبحانه وتعالى وفي غير ترك الواجب
2: إظهار الإحترام لهما وتقديمهما في كل شيئ
يقدم الأب في المجلس ، في الحديث ، إذا تحدث لا يقاطعه ، يتحدث مع الأب بأدب بإحترام ، لا أن يرفع صوته أو يناقش الأب بحدة في الكلام عليه أن يكون مراعيا للأدب الحوار إذا إختلف مع أبيه وهو تقديم الأب وإحترامه يعني إذا أراد أن يعترض عليه في فكرة يخالفه في فكها يقول رأي كذا ولكن بإحترام
الإنصات لهما عندما يتحدثان ، إذا تحدث لا يقطع الكلام ويمشي مثلا ، يستمع يجعل الأب يأخذ حريته وراحته في الكلام , فالأب يتحدث والإبن يستمع لا يتضجر من الأب من الأبوين لا يتضجر , مثلا إن سمع منهما كلام بأنه قد يكون مثلا في كبرالوالد أو الوالدة , قد يتكلمان بكلام كثير وكذا ، عليه أن لا يتضجر كما يأتي الآيات تركز أنه عليه أن يتعامل بالرحمة والرفق واللين
3: مساعدتهما بكل الجهد والمال
عليه أن يساعدهما إذا كانا يحتاجان مثلا لشيئ يقدم لهما ، عمل يستطيع أن يعمل ويقدم لهما , الشيئ الذي يحتاج إلى بذل الجهد يبذل الجهد ، وإذا كانا يحتاجان إلى المال فعليه أن يبذل المال لهما وهكذا، في كل شيئ حسن عليه أن يقدم لأبويه وبذلك يكون بارا
ثانيا : بر الوالدين في القرآن الكريم:
هنا الآيات القرآنية تحدثت عن بر الوالدين في مواضع كثيرة منها :
1: وقال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )
لا تعبدون إلا الله لكن أيضاً وبالوالدين إحسانا ، بصورة عامة يجب إحترام الوالدين وبصورة خاصة القرآن يقول : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا .
عليك أن تتعامل معهم بالرفق وتدعوا لهما أيضا خصوصا في كبر سنهما وضعفهما.
2: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ )
على الإنسان المسلم أن يلتفت إلى والديه يتعامل معهما بهذه الوصايا القرآنية ، الله سبحانه وتعالى يوصي الإنسان بوالديه إحسان وعليه أن يتذكر أنهما مصدر وجوده ، حملته أمه وعانت في حمله عليه أن يلتفت في تعامله لذلك ولا يغفل عنه أبدا
3ـ (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ﴾
هنا نجد الآيات كلها تتحدث عن توحيد الله عن رفض الشرك بالله سبحانه وتعالى وتقول وبالوالدين إحسانا ، إذاً التعامل مع الوالدين والإحسان للوالدين هذا لا ينفك عن توحيد الله ويجب أن يكون كذلك دائما
4: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )
الإنسان عادة يكون بعد الوعي إذا بلغ الأربعين ، بلغ الرشد ، بلغ المعرفة والنضج هنا يلتفت ، إذا جاءه أولاد ، أنجب الأولاد يريد أن يكونوا أولاده بارين به ، يريد الخير من أولاده ، يلتفت هنا فيلتفت إلى أبويه ويدعوا لهما
ثالثا : بر الوالدين في الحديث
ورد التركيز على بر الوالدين في الحديث كثير ومن ذلك:
1: بر الوالدين أفضل من الجهاد
الحديث يقرن أو يقارن بين بر الوالدين وبين الجهاد والقتل في سبيل الله فيقول بر الوالدين أفضل
(أتى رجل إلى رسول الله (ص) فقال يا رسول الله إني راغب في الجهاد نشيط فقال له (ص) فجاهد في سبيل الله فإنك إن تقتل تكن حيا عند الله ترزق وإن مت فقد وقع أجرك على الله وإن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدتك أمك
قال يارسول الله إن لي والدين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي
فقال رسول الله (ص) فقر مع والديك فوالذي نفسي بيده لأنسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة)
شخص يجاهد في سبيل الله ويقتل في الجهاد فهو حي عند الله يرزق وإن لم يقتل في سبيل الله ولكنه مات في طريقه ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)
فقد وقع أجرك على الله وإن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدتك أمك
شخص ذهب للجهاد ولم يقتل ورجع ، رجع صافي ليس عليه شيئ كأنه يوم ولدته أمه ، قال يا رسول الله إن لي والدين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي فقال رسول الله (ص) فقر مع والديك فوالذي نفسي بيده لأنسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة
هذا الجهاد الذي وصفه هكذا إن قتل حي يرزق ، وإن مات وقع أجره على الله ، وإن رجع رجع كيوم ولدته أمه ، بر الوالدين والبقاء مع الوالدين لبرهما أفضل ، أفضل مضاعف بكثير
(ملاحظة) طبعا هذا الجهاد ليس إذا كان فرض عين ، لأن الجهاد في بعض الوقات يكون واجب كفائي.
2: أفضل الأعمال
الحديث هنا يصف أن بر الوالدين أفضل الأعمال
سئل الإمام الصادق (ع) أي الأعمال أفضل ؟
شخص يريد أن يأتي بأفضل الأعمال ماهي أفضل الأعمال حتى نتقرب بها
سئل الإمام الصادق (س) أي الأعمال أفضل قال الصلاة في وقتها وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله عز وجل ، شخص يواظب على صلاته ويبر بالوالدين ثم الجهاد
3: بر الوالدين كفارة للذنوب
كفارة للذنوب به تقبل التوبة ،
شخص إرتكب خطأ ، أخطأ ويحتاج أن يكفر هذه الأخطاء وينهي هذه الأخطاء ،ماذا يعمل ؟
الحديث يقول: ( روي أن رجل جاء إلى النبي (ص) فقال يا رسول الله ما من عمل قبيح إلا وقد عملته فهل لي من توبة فقال له رسول الله (ص) فهل من والديك أحد حي ، قال أبي ، قال فأذهب فبره ، فقال (ص) لما ولى ، لو كانت أمه ) أي موجودة وبر أمه كان الآثر أسرع
إرتكبت كل الأعمال القبيحة فهل لي من توبة؟
طبعا التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، من تاب تاب الله عليه ولكن هنا النبي (ص) يفتح له باب أخر إضافة إلى نيته وتوبته ، هنا يتصور المعنى من الحديث لمحو الآثارلأن التوبة عندما يتوب الشخص ويكون صادقا بينه وبين الله أنه أقلع عن المعصية ولن يعود إليها أبدا هذه المعصية كأنها لم تكون من جهة الحساب.
ولكن الحديث هنا يشير للآثار مترتبة هذه الآثار يمحوها بر الوالدين ويعوض مكانها الخير برالوالدين
قال الحديث روي أن رجل أتى إلى النبي (ص) وقال ما من عمل قبيح إلا وأتيت به فهل لي من توبة قال النبي (ص) هل من والديك حي أب أو أم
قال الرجل أبي قال فأذهب وبره فإذا بر أباه تقبل توبته يعني الآثار وما يترتب على المعاصي تتلاشى بإذنه تعالى ، فقال لما ولى قال رسول الله (ص) لو كانت أمه , أي لكان الأثر أكثر أثر
4: أسرع الطرق إلى الله تعالى
بر الوالدين أسرع الطرق إلى الله تعالى
قال الإمام الصادق (س) (لا عباد أسرع بلوغا بصاحبها لرضى الله من حرمة الوالدين المسلمين لوجه الله تعالى لأن حق الوالدين مشتق من حق الله تبارك وتعالى ) حق الوالدين مشتق من حق الله لأنهما أصل في وجود الإنسان ، يذكران ، الإلتفات إليهما يذكران الإنسان بأصله ويجعلان الإنسان يفكر بأصله من أين ؟…
إلى أن ين ينتهي؟ فبهما دلالة توصله للتوحيد الحقيقي لله سبحانه وتعالى
رابعا : بر الوالدين وأن كانا كافرين أو كانا فاجرين أيضا
يجب بر الوالدين لا يقول مثلا الوالد مهمل ، متهتك ، لا يقوم بالفرائض ، لا يؤدي الصلاة ، لا كذا لا كذا …..
وهو الولد يمشي بخيلاء , الولد يرى نفسه عابد ، يصلي ، يصوم ، يأتي بالمستحبات ،
الوالد ليس في هذا الوادي فهنا ماذا يصنع؟
أيضا يجب عليه أن يبر الوالدين مهما كان منهما.
1:
جاء في كتاب الرضا (ع) للمأمون حول شرائع الإسلام يبين فيها شرائع الإسلام
فقال من ضمن ما قال (وبر الوالدين واجب وإن كانا مشركين ، ولا طاعة لهما في معصية الله الخالق )
عليك أن تبرهما وتحسن إليهما وإذا كانا يدعوانك مثلا إلى المعصية لا تطعهما في المعصية
كما مرت الآية ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما )
إذا جاهداك يعني أصرا ، الجهاد فيه عمل ، الأب يصر على إبنه أن يشرك ، يصر على ولده أن لا يؤمن بالله ، يصرعلى ولده أن لا يكون مطيعا لله موحدا لله ،هنا لا يطعه في هذا ولكن على الولد أن يبره أيضا ويحسن إليه.
2:
عن الإمام الباقر (س) قال ثلاث لم يجعل الله تعالى لأحد فيهن رخصة
أداء الأمانة للبر والفاجر والوفاء بالعهد للبر والفاجر , وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين )
أعطاك شخص أمانة لا تقول أغدر به ،البر الفاجر إءتمنك شخص عليك أن تؤدي الأمانة والوفاء بالعهد للبر والفاجر ، أخذت عهدا على نفسك أن تفعل شيئ تقول هو خائن هو غادر أنت لست خائن ، كما مثلا في بعض الأمور يكون بين سياسيين والحكومات يعطي السياسي عهدا , في طرف الحكومة الحكومة تعطي عهدا , مثلا النظام ينقض العهد لا يفي بالعهد يقول أنا أعطيت عهد أنا ألتزم ، فليس لشخص أن لا يفي بالعهد وليس في ذلك رخصة حتى مع كون الطرف الآخر لا يفي بالعهد ، أيضا وبر الوالدين بريين كانا أو فاجرين الحديث يقول مع ذلك بره
خامسا : بر الوالدين في حياتهما ومماتهما
أيضا يجب أن تبرهما في الحياة وبعد الممات , ولا تقل أوصلته للمقبرة و إنتهى ، كثير منا مثلا إذا وصلوا أبوه إلى المقبرة إنتهت العلاقة بينه وبينه خلاص ، يجب عليه أن يبره ، يكون هناك عمل يراقب هل هناك نقص ؟، هل كان أبي مقصر في شيئ هل كانت عليه ديون ، هل كانت عليه صلوات ؟، إذا كان عليه شيئ من ذلك على الولد أن يؤديه
عن الباقر (س) يقول : (إن العبد ليكون بارا بوالديه في حياتهما ، ثم يموتان فلا يقضي عنهما دينهما ولا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقا،وإنه ليكون عاقا لهما في حياتهما وغير بار بهما فإذا ماتا قضى دينهما وإستغفر لهما فيكتبه الله بارا )
شخص بحياة أبيه بار مستقيم في تعامله مع أبويه ثم يموتان فلا يقضي عنهما دينهما ولا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقا ، يكون عاقاً ، مع أنه كان في حياتهما كان بارا ولكن إن جاء يوم القيامة يكتشف نفسه عاق للوالدين قاطع للرحم , وهو مصداق الذي لا يشم رائحة الجنة
وإنه وعلى العكس فرصة لمن كان مقصرا في حياة أبيه لم يكن بارا بأمه وأبيه الحديث يقول وإنه ليكون عاقا لهما في حياتهما وغيربار بهما فإذا ماتا قضى دينهما وإستغفر لهما فيكتبه الله بارا يستطيع يعوض فيلتفت كنت مقصرا عليي أن أصلح يقرأ لهما الفاتحة والدعاء والأعمال الخيرية بين الحين والآخر
سادسا : صور من بر الوالدين
1: معنى إحسان الوالدين
عن علي إبن إبراهيم عن أبيه عن الحسن إبن محبوب عن أبي
قال سألت أبي عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل ( وبالوالدين إحسانا) ماذا يريد الله ؟ ماهذا الإحسان الذي يريده الله ؟ فقال (الإحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين ، أليس يقول الله عز وجل (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )
الإحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين ،لا تنتظرأن يسألاك ويقولا نحتاج أنت راقب ، إنظر إلى بيت أبيك فيه حاجة قم بها ، وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنين أليس يقول الله عز وجل (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )
أن تحترم الأب تراقب حاجته توفر حاجته تقضي حاجته فهذا من بر الوالدين وهو من أفضل القربات إلى الله تعالى.
2: وعن الصادق (س) يقول:قال تعالى :(وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) قال لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلا برحمة ورقة ،لا تنظر بوجه أبيك نظرة بقوة وانظر له برحمة قال لا تملأ عينيك بالنظر إليهما إلا برحمة ورقة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدم أمامهما ، لا تتقدمهما إحترمهما في المجلس في الوقوف في الحديث في كل شيئ , يجب أن يكون الإحترام بارزا , أظهر هذا الإحترام لا تقل في نفسك لا تكتفي أنه موجود في النفس
سابعا : فوائد برالوالدين
1: كسب رضا الله تعالى وهو أهم شيئ
قال رسول الله (ص) (رضا الله من رضا الوالدين وسخط الله من سخط الوالدين )
ما أعظم من هذه الفائدة أن تنال رضا اللهوتعالى وذلك إن كنت بارا بوالديك وإن كنت عاقا تنال سخطه وغضبه .
2: قرب درجة الأنبياء
الذي يبر الوالدين تكون درجته قريبة من الأنبياء , البار بوالديه يوفق في كثير حتى الشخص الذي عنده أخطاء يوفق شيئ فشيئ تجده يصلح نفسه يتوفق لإصلاح ذاته للتوبة لغير ذلك
قال رسول الله (ص) : (بين الأنبياء والبار درجة وبين العاق والفراعنة دركة )، الفراعنة والظلمة في الدرك الأسفل من النار هو عندهم درك واحد فقط ويكون مع الظلمة مع القتلة ، إذا على الإنسان أن يلتفت ويكون بارا بوالديه
3: طول العمر
من الفوائد أيضا يكون عمره طويل ، الله يمد له في عمره وتنقل حتى عن بعض السيئين أنه كان بار بوالديه فأمده الله بعمره
عن الباقر (س) قال: (صدقة السر تطفئ غضب الرب ) شخص يتصدق بالسر لا أنه علنا يأتي أمام الناس خذ وهكذا ، (وبر الوالدين وصلة الرحم يزيدان الأجل )، يطال له في عمره ، يسوف له ،يعطى فرصة أزيد
4: زيادة المال والجاه
كثير من الناس عيونهم على الدنيا يريدون أموالا , هنا ألأحاديث في كثيرة وكثيرة ، بمعنى أنه كن بارا بأبيك وأمك سوف تحصل , وتجارب الناس كثيرة في هذا المجال ، الشخص الذي يهتم بأبيه وأمه كثير ويبرهما تجد الأمور منفتحة له يوسع في رزقه
قال رسول الله (ص) ( من يضمن لي بر الوالدين وصلة الرحم أضمن له كثرة المال وزيادة العمر والمحبة في العشيرة )
فله سمعة في العشيرة في المجتمع أيضا زيادة المال وأيضا طول العمر إذا بر الوالدين عمل بذلك حصل عليها كلها
5: وقاية ميتة السوء
الإنسان قد يعرض إلى ميتة يموت بطريقة بشعة وسيئة ، بر الوالدين يحفظه من ذلك
عن الإمام (ع) أنه قال( إن البر والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان بطول العمر ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة من السوء )
سبعين إحتمال لميتة من السوء تبعد عن البار بوالديه
قصة
جاء رجل إلى النبي(ص) هذا الرجل جاء يشتكي على أبيه ويقول إن أبي أخذ أموالي
فقال له النبي (ص) إءتي بأبيك ذهب الرجل ليأتي بأبيه ، الأب كبير وجاء به في الطريق نزل جبرائيل على النبي (ص) فقال سل الرجل ( الشيخ ) إسأله ماذا قال في نفسه ولم تسمعه أذناه، يعني تحدث في داخله بشيئ لم يسمعه ولم يطلع عليه أحد
فجاء الرجل ، جلس عند النبي توجه النبي للأب وقال له إن إبنك يشكوك ويقول إنك تأخذ أمواله ، الولد يشتكي ويقول أبي يأخذ أموالي ، قال الأب للنبي (ص) سله أخذت أمواله لماذا ؟ هل أنفقها على نفسي أم أنفقها على عمته وأخته على أهله ، فقال النبي (ص) دعنا من هذا ماذا قلت في نفسك ولم تسمعه أذناك فقال يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقينا ، قلت في نفسي شيئا ما سمعته أذناي قلت في نفسي :
غَذَوْتُكَ مولوداً وَعْلتُكَ يافعاً * تُعَلُّ بما أُدْنِي إليك وتَنْهَلُ
إذا ليلةٌ نابَتْكَ بالشَّكْوِ لم أَبِتْ * لشَكْواكَ إِلا ساهراً أَتَمَلْمَلُ
كأني أنا المطروقُ دوَنكَ بالذي * طُرِقْتَ به دوني وعينيَ تَهْملُ
تَخَافُ الرَّدَى نَفْسِي عليكَ وإِنها * لتَعلمُ أن الموتَ حتمٌ مؤجّلُ
فلما بَلَغْتَ السِّنَّ والغايةَ التي * إليها مَدَى ما كُنْت فيكَ أُؤَمِّلُ
جَعَلْتَ جزائي منكَ جَبْهاً وغِلْظةً * كأنكَ أنتَ المنعِمُ المتفضِّلُ
فليتكَ إذ لم تَرْعَ حَقَّ أُبُوَّتي * فَعَلْتَ كما الجارُ المجاوِرُ يفعلُ
وسَمَّيْتَني باسْمِ المُفَنَّدِ رأيُهُ * وفي رَأْيِكَ التفنيدُ لو كُنْتَ تعقلُ
فبكى النبي (ص) لذلك وقال ما من حجر ومدر يسمع ذلك إلا وبكى
ثم قال (للولد أنت وما تملك لأبيك )
لماذا ؟
هنا طبعا (ملاحظة ) الولد له ملكية خاصة ليس لأبيه ، ولكن في هذا الفرض وهو أن يكون هناك من العائلة محتاج الولد يجب عليه أن ينفق ،على أبيه ، يجب عليه أن ينفق على عمته على أخته على خالته إن كانت هناك حاجة ، إذا قصر يلزم أن ينفق من أمواله ، هنا في هذه القصة الأب ينفق ، الأب يربي ، يكبر الولدإ وإذا به لمجرد أن يكبر يجد في نفسه أنه هو المالك وأن الأب هو الخارج وأن الأب لا يستحق ويستنقصه في فهمه .
يجب علينا أن نلتفت ونقدر آبائنا و أمهاتنا في تعاملنا دائما سواء كانا في عقليهما أو أنهما بلغا من العمر مثلا درجة صار في تفكيرهما قصور.
نحترم ذلك ونتذكر دائما أنهما السبب في الحفاظ علينا وتربيتنا لا أن نتطاول على ذلك
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد آله الطاهرين