23/8/2019
أجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
مواصلة للحديث الذي مر حول الجزء الثاني في ترتيب الأولويات ،
عدم ترتيب الأولويات في حياة الناس سبب للضياع و الخسارة و عدم تحقيق ما ينبغي ان يحققه الإنسان و ان يصل اليه الذي خلق في الأساس من اجله وهو الهدف الأعظم و الأولوية العظمى و سبب النجاح هو توفيق الله سبحانه و تعالى اولا ً و الترتيب والهمة و الإرادة ثانيا ً ثانيا .
اولا ً : طموح الإنسان غير محدود كلما إنفرد الشخص مع نفسه تداعت الخواطر و الأمنيات التي لا تحصر ، يفكر كل إنسان يجلس مع نفسه و يتمنى و يخلق له صور و امنيات كثيرة و هي لا تحصر لكثرتها و لكنه يستيقظ من خياله ليجد نفسه في احلام اليقظة وهو صفر اليدين لم يقدم شيئا و لم يغير شيئا ً .
ثانيا ً : اهمية التخطيط للحياة ،
طموح بلا ترتيب يساوي التشتت ، و صراع التوازن في حياة الإنسان ، لأن الإنسان له ابعاد مختلفة فما دام غير مرتب لهذه الابعاد و غير مخطط لها يبقى في تشتت في جميعها و نقص في جميعها ، الفرق بين الجاهل و الناضج الفاهم ، و بين العاقل و المجنون ان المجنون يتصرف بكل ما يخطر في باله و الجاهل ايضا كلما جائت في ذهنه فكره إنطلق لتحقيقها بغض النظر عن دراستها و بغض النظر عن مقدماتها و آثارها الى غير ذلك و إلا فإن الجاهل بالقياس الى الكبير ليس بأقل من الكبير في التفكير و الإستنتاج و لكنه في الواقع العملي يبادر لكل فكرة ٍ تحدث عنده من غير تريث من غير تفكير من غير نظر الى مقدماتها الى لوازمها الى عواقبها لذلك يسمى جاهلا ً ،
كما ان نجاح المؤوسسات و الشركات يخضع للتخطيط و التفكير و البرمجة و الحساب كذلك نجاح الإنسان في حياته يحتاج الى تخطيط الى تفكير الى تريث الى تؤمل الى جعل ما هو اهم مقدم و إبعاد ما يشغله من غير المهم و يعيقه عن تحقيق الأهم
عندما نرى انفسنا نرواح في محلنا لا نتقدم فهذا دليل على خطأ المنهج في حياتنا لأن الطاقات موجودة و القدرات موجودة فإذا لم نتقدم فهذا يعني ان هناك خلل في برمجتنا في منهجنا في حركتنا لتحقيق اهدافنا .
ثالثا ً : خطوات ٌ لتحقيق المنهج الصحيح للأولويات ،
هذه الخطوات يجب ان ينظر اليها الإنسان حتى يتحرك في تحقيق اهدافه و ان تكون اهدافه صحيحة و ترتيبه للأولويات صحيحه ،
- تحديد الأبعاد الأساسية في حياة الإنسان و هي الأبعاد المادية يعرف الابعاد المادية و حوائجة المادية لأنها ملازمة اليه مباشرة و هي قربية منه و تمسه و لا يمكن ان يستغني عنها من الاكل الشرب و العمل الى غير ذلك ، الأبعاد المعنوية والروحية ، هناك ابعاد روحية للإنسان فالإنسان ليس مكون من جسد و إنما له روح و له ابعاد معنوية يجب ان يجعلها في عين الإعتبار لترتيب اهدافه و أولوياته و حركته في الحياة ،
الأبعاد الفكرية
الأبعاد الإجتماعية
هذه أبعاد التوازن فيما بينها مهم بأن لا يكون فيها نقص و طغيان في جانب اخر مثلا يركز على المادة و لا يدري بجانبه الروحي ،او انه يركز بجانب الروح عبادة ودعاء و لكنه في الجانب المادي غير منتبه غير منتج فهذا خطأ لأن جميع الخلل في اي بعد ٍ من الأبعاد الاخرى لايمكن ان ينجح الإنسان اذا كان تركيزه على جانب و يترك الجانب الاخر و لا يمكن ان يستقر ، يعني لو كان عنده خلل حتى في العمل لا يمكن ان تصفو نفسه إذا كان خلل في المنتوج المادي و الدخل المادي لأسرته هذا لا يمكن ان يستقر عادة ً و يتوجه روحيا ً تماما ً لأن هناك خلل يشغله إذا كان ،
إذا كان وقته كله في العمل ، البعض عنده طموح ان يحقق مادة فيعمل ليل نهار و يترك كل شيء فيكون الجانب الثاني فيه خلل ، نتاجه خطأ .
- قراءة واقع الأبعاد في وجود الإنسان ، عليه ان يتأمل في هذه الأبعاد حتى يرتب نفسه ، في بعده الروحي هل راضي ٍ عن نفسه ، ما هي اهداف وجودي في الأرض و هل انا في طريق تحقيقها ما هي قدراتي و ما احب في شخصيتي و ما هي ميزتي في هذا الجانب و ماذا اكره ، عليه ان يسأل نفسه و يجب و يتحرك بناء ً على معرفة نفسه ، هل علاقتي بالله صحيحة ، في جانبي المعنوي في جانبي الروحي هل علاقتي بمبادئي صحيحة هل طاعاتي صحيحة ام عندي خلل عندي معصية الى غير ذلك ،
في البعد المادي ، هل دخلي المادي مناسب هل تعلقي بالمادة زائد ام مناسب ، في الوقت الذي اقول عندي دخل ايضا انظر هل هذا التعلق بالمادة يشغلني عن الأبعاد الآخرى ام انني اعتبره وسيلة و نظرتي له طبيعية هل انا مجد بما فيه الكفاية لي و لأسرتي في جانبي المادي و مدخولي ام لا ، في الواقع البعض اهتمامه كبير في هذا الجانب و لكن البعض يترك ولا يهمه شيء فهو مأثوم إذا نظرنا من الجانب الشرعي مقصر عليه ان يسعى و عليه ان يكفي اهله و لا يكن مقصرا ً في ذلك ، هل اعيش هم المادة بسبب ضعف المدخول مما يؤثر على الأسرة اعيش الهم الشديد الذي قد يخالط الحياة بأكملها ،
هل عملي مستغرقا ً لوقتي كله و مؤثرا ً على الأبعاد الاخرى علاقتي الأسرية علاقتي الإجتماعية ، مرة اتلقيت مع شخص في يوم العيد سألته كم تعمل ؟ قال طوال العام و في يوم العيد قال نعم حتى يوم العيد ، سألته هل تجلس مع الاسرة مع الاهل ، قال لا ، التفكير فقط في المدخول ان يحصل علت مدخول كثير ، يكون الخلل في الابعاد كلها و ذها خطأ ، يجب ان يكون الشخص في برمجته لحياته متوازنا ً متكاملا ً ،
في البعد الفكري و العقلي ،
يجب ان يسأل الشخص نفسه هل انا في هذه الابعاد موقعي صحيح ام فيها خلل ، هل امتلك ثقافة و معرفة واعية ام لا ، الثقافة و المعرفة و الوعي يكون عندي معرفة و صاحب وعي ، هل ثقافتي و معرفتي تواكب العصر و الزمان الذي انا فيه ام انني بعيد عنها و كأنني في عصر آخر ، ثم هل إنفتاحي على العلوم الحديثة و الأطروحات و النظريات و الترويجات و الاعلام و الدعايات يجعلني منبهرا ً بها متخليا ً عن مبادئي متمردا ً على ما انا فيه ، انظر اليها و ابحث عن الخلل ، هل عندي على التوقفات من الجانب الفكري ، اوقات يكون عند الشخص تساؤلات و يسمع الاشكالات ، هل عندي جواب مقنع لنفسي بحيث تستقر النفس عن الإشكالات و التساؤلات التي تطرح هنا و هنا ، يجب ان يكون موقفي صحيحا ً منها .
في البعد الإجتماعي و الأسري ،
هل علاقتي بالمجتمع صحيحة و قويه ام ضعيفة ، يجب ان تكون صحيحة و قوية و معتدله بعزة وكرامه و لكن علاقه قوية محبوب في المجتمع ، لو حدث بيني و بين احد خلاف لابد ان ينتهي ، هل عندي مشاكل و لماذا تبقى المشاكل ،
إذا كان هناك مشاكل و ضعف سوف تتأثر باقي الأبعاد ، إذا كانت هناك مشاكل لن انتج في عملي لأنني اعيش المشاكل الهموم ، لن يكون هناك صفاء في روحي حتى تكون علاقتي بالله علاقة سليمة ، إذا ً هذه الأبعاد كلها تحتاج الى توقف و إصلاح حتى يكون إنطلاق الإنسان في حياته العملية إنطلاقا ً صحيحا ً ما دام هناك مشاكل في هذه الابعاد قصور في هذه الأبعاد تركيز على بعضها و ترك بعضها فأنا في خلل و لمن يكون تناجي نتاجا ً صحيحا ً .
رابعا ً : امثلة و تطبيقات لجدول الأولويات ،
- مهم و عاجل و لا يؤخر ، منها العبادات الطاعات هي مهمة و لا تؤجل ، يعني جدول نفسك على ما هو مهم و ما هو اهم و حقق الأهم ، الطاعة و العبادة لله هي اهم شيء في حياتي اجعلها نصب عيني لا تؤخر و لا تؤجل و اركز علها فإن كان فيها تسويف او خطأ فأنا لا اعرف الأولويات وسوف تتاثر جميع الأبعاد لأنه الأساس الذي وجدت من اجله وهو العلاقة بالله و طاعة الله .
تربية الأولاد مهم جدا ً و عاجل و لا يؤخر لايمكن ان اسوف بالإهتمام بأولادي و لا يمكن ان اوكل تربيتهم الى غيري مرحلة لا يمكن التغاضي عنها فإن إنقضت لا تعود ، مرحلة تربية الاولاد ان قصرت فيها و لم اعطها حقها في وقتها فلا يمكن تداركها تنتهي ، كما يقولون بناء الشخصية في الخمس السنين الأولى من حياة الطفل ، في هذه الخمس سنوات انا مشغول ليل نهار بالعمل لا التفت لأولادي عاطفة قليلة حنان قليل و الأم مشغولة بالعمل اولادي في الحضانة مع الخادمة هذا تقصير و خلل لا يمكن تعويضه ، هذا مثال للعاجل الذي لا يؤخر ابدا ً .
- مهم جدا ً و ليس عاجل و هذا ما ذكروه طبعا ً في جدولة الأولويات ، مثل التخطيط للمستقبل ، الشخص الذي لا يخطط لمستقبله هو الذي يسير في متاهه كما في الحديث السائر على غير هدى لا تزيده كثرة السير إلا بعدا ، إذا كان يسير من غير معرفة لا يدري الى اين يسير فهو الى غير هدى الى ضياع ، إذا ً من الأمور المهمه و ان لم تكن عاجلة فورا ً هو التخطيط للمستقبل ، ليس عاجلا ً لأنه يحتاج الى جلوس الى دراسه الى تروي الى تخطيط فينطلق بعد التخطيط و الرؤية مهم جدا ً و ليس عاجل مثل المطالعة و القراءة و التثقيف ان يكون على معرفة على ثقافة فهو مهم و لكنه ليس فورا ً يرتب نفسه في الوقت المناسب و يقرأ و يثقف نفسه .
- غير مهم و غير عاجل لكننا نجعلها في الأمام فتكون مؤثرة و نفقد المهم و الأهم لأننا قدمناها مثل كثرة الاسترخاء و الاستجمام و الرحلات و غن كانت مهمه و لكن إذا كثرة ، مشاهدة التلفزيون المسلسلات الجلوس بكثرة في الهاتف النقال و تصفح مواقع التواصل الاجتماعي ليست مهمه و ليست عاجله .
خامسا ً : امثلة لترجيح الأولويات بحسب الوقت و المرحلة ،
مثلا ً مسألة تحصيل المعرفة في مرحلة مقدمه على مسألة الكسب فترة الدراسة مثلا إذا رأيت الولد ينشغل بالشراء و البيع هذا غير صحيح لأن هذه المرحلة مرحلة بناء المعرفة دراسة يتقدم في درسه و ينجح و يحصل على التفوق الى غير ذلك فهو تقديم لغير الأهم ،
عدم تمكين العاجل مع اللغاء المهم ، في بعض الأوقات يأتي شيء طارئ و لكنه يلغي ما هو اهم من الأمور المهمة ذكرنا التربية الجلوس مع الأهل من الامور المهمه جدا ً و التي لاتؤجل و لا تترك و لكن بعض الناس في كل وقت يأتيه طارئ و هذا الطارئ ليس بتلك الأهمية ولكنه طارئ مثلا يتأخر في العمل يتصلون به يقولون نريد ان نتحدث معك يقول هذا شيء طارئ و يجلس و يترك ما هو اهم و لا يؤخر وهو الالتفات للاهل و العلاقات الاجتماعية فإذا سألته لماذا لم تاتي هذا اليوم يقول صار عندي ظرف لماذا لم تأتي للصلاة قال عندي كذا صار تسويف تأخير في العمل لم استطع الخروج من العمل هذا طارئ لكنه غير مهم فالمفروض ان يترب الشخص نفسه بحيث ان تكون هذه الأمور التي تدخل على بعنوان طارئة يقول لا اجعلها توقف برنامجي الأساس فلو حدثت مرة واحدة او بين فترة و اخرى ليس إشكال و لكن ان يكون دأبه هكذا فتكن علاقته بأسرته بأولاده بمجتمعه بصلاة الجماعة الى غير ذلك فيها خلل فهذا تقديم لغير المهم على الاهم .
سادسا ً : ترتيب الأولويات و المستقبل ،
ليكون الشخص ناجحا في مستقبله يحتاج الى خطوات ،
الاخطوة الاولى ،
تكوين نظرة للمستقبل ، تكون صور للمستقبل الذي تتمناه و تحلم به هذه ضرورية ، إذا لم تكن عندك نظرة للمستقبل لا تنتج ذكرنا سابقا ً انه يتصلون بي شباب و شابات على اختيار تخصص و يقولون نريد خيرة و انا ارفض الخيرة في هذا المجال اقول لهم اذا كان في علاج او زواج او دراسة لا استخير يحتاج الشخص ان يكون عنده نظرة يكون نظرة للمستقبل و ليس النظرة الطارئة في حينها بل قبل فتره يكون عنده نظره ، الاب و الام المتخصصون يساعدونهم المرشدون إجتماعيا ً في القرية في المنطقة يساعدون في تكوين صورة واضحة للشاب حتى تكون الصورة عنده واضحه إختياره واضح لا ان يأتي في الوقت وهو متخبط لا يدري الى اين يذهب ، فأولا ً يكون صورة للمستقبل الذي يريده و يقتنع به .
الخطوة الثانية ،
تحويل هذه التصورات الى هدف ٍ و مطلوب يراد تحقيقه بعد ان تصورت المستقبل اجعله هدف في نفسك و تقول هذا هدفي و اريد تحقيقه ، عجبني الاصرار عند البعض يقول هدفي كذا اقول له البديل فيقول هو و البديل هو لشدة الإصرار مع ان الإنسان يحتاج الى بديل و لكنه اذا كان الشخص عنده إصرار على هدف معين عادة يحققه .
الخطوة الثالثة ،
تحويل الاهداف الى استراتيجية عملية فيبحث في مقدماتها ما هي السبل لتحقيقها المتطلبات و المؤهلات لتحقيق هذه الاهداف ، يقول انا اريد اكون كذا لا بد ان يتقدم في الدراسة اريد ان افتح شركة لابد ان احصل على المال و ان يكون سليما ً ايضا ليس فيه شبهة ،
و هذا الهدف حدده بشكل كامل مع الابعاد التي ذكرناها فلا يتعارض مع العلاقه مع الله و لا يتعارض مع العلاقة الاجتماعية و لا يتعارض مع اي شيء من مبادئك و إلا صار الخلل في الجميع ـ تكون نظرة متوازة شاملة في جميع الابعاد ،
نقول حقق من اهدافك الاهم ركز على الاهم وسوف يتحقق الجميع و يأتي كل شيء في وقته متدرجا ً ما دمت نظرت الى الاعظم و الاهممن الاهداف سوف يتحقق الجميع ،
اجعل اهدافك ايجابية و ليست سلبية و ذلك بربطها بمبادئك وسوف تنجح إذا كانت مرتبطة بالمبادئ ، يعني تريد ان تكون مثلا مهندسا طبيبا في اي مجال اجعلها مرتبطة بالمبادئ قل قربة الى الله لتكن علاقتي مع الله لتكن مثلا رفعا ً للحاجة الى الغير لتكن صحيحة في جميع الابعاد تكون موفقا فيها لا تجعل اهدافك وطموحك متعارض ومتضارب مع المبادئ
يقول امير المؤمنين عليه السلام و امضي لكل يوم عمله فإن لكل يوم ٍ ما فيه .