10/6/2019
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ( 1 )
اولا ً : المفردات ،
لَا يَفْتِنَنَّكُمُ لا يخدعنكم الشيطان و الفتنة هي الإبتلاء و الإختبار و هنا إختبار و لكنه بإيقاع ٍ في المخالفة و إغرار لإضلال الإنسان ،
يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا النزع قلع الشيء و هذا من المنازعة اي شدة المحاولة لنزع اللباس الثابت الساتر فهو يٌصر على نزعه و خلعه من الإنسان المستور .
هُوَ وَقَبِيلُهُ قبيل الشيطان هو نسله و إستدل على ذلك بقوله تعالى أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ فقبيل الشيطان جمعه الذين هم نسله .
ثانيا ً : دلالات الاية ،
- التحذير من فتنة الشيطان و هي ما اشارت إلية الآيات من العداوة المتأصلة بين إبليس و بين الإنسان و انه لا يقر له قرار حتى يضل الإنسان يأتيه من كل جانب ليوقعه في التهلكة و الفساد .
- الشيطان لا يترك بني آدم في سعادة ابدا ً كما كان آدم في جنته لا يتركه ابدا ً ان يكون سعيدا ً و ان يكون في الجنة .
- الشيطان يسعى لكشف عورات و سوآتهم و ا يرضى لهم سعادة ً ابدا ً و ان كشف عورات الناس هو الطريق لحرمانهم من السعادة و ذلك هو غاية الشيطان الشيطان لا يرضى بالسعادة لبني آدم مطلقا ً المؤمن و غير المؤمن لا يرضى لاحد ان يكون سعيدا ً لا في النعيم الخالد و المقيم يوم القيامة و لا في الدنيا ايضا .
- إن لكم عورات لا يسترها غير لباس التقوى هناك نقوصات في الإنسان هناك خلل ظاهري ، هناك عورة ٌ ظاهرة يسترها بلباسه الظاهري و هناك عورة معنوية ٌ باطنية لا يسترها إلا بالتقوى .
- إن الشيطان يراكم و يكيد لكم في حين لا ترونه .
- إن ولاية الشيطان على غير المؤمنين فقط .
هذه مدلولات هذه الاية .
ثانيا ً : مسلك إبليس ،
إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ
- إن إبليس في إغواءه و تضليله لا يدرك وجوده الإنسان فالإنسان لا يرى نفسه إلا عند المعصية لا يرى نفسه الا حين المخالفة لا يرى إلا نفسه و لا يلتفت لوجود ِ إبليس و ان إبليس له دخل ٌ في هذه المخالفة و هذه المعصية الله يقول انتم لا ترونه و لكنه موجود ليضلكم إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ .
- عدم رؤية إبليس هل هي مطلقة ام لا ؟؟ الجواب هناك إتجاهان الإتجاه الأول بعض المفسرين يقول بعدم الرؤية و انه لا يرى ابدا ً وما يُدعى من الرؤى فهو غير حقيقي و يستدلون بهذه الآية إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ الإتجاه الثاني إمكانية الرؤية و ذلك ان الاية ليست في بيان الرؤية او عدم الرؤية الاية لا تتحدث في مجال هل يمكن ان يرى او لا يرى و إنما تذكر التحذير من ابليس و التحذير من ابليس في حين مجيء ابليس لإضلال الإنسان في حين اصرار ابليس لاضلال الانسان إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ في حين يريد الإضلال و هذا كما يقولون كما في قول القائل راقب فلان من حيث لايراك ليس انه لا يراك ابدا ً و إنما في حال الاضلال يعني يأتيك بخفة ٍ و بحيث لا تراه ، ايضا تضافرت الروايات على الرؤية لا اذكر هنا و لكن يوجد رويات كثيرة و صحيحة بحيث يقال انها تضافرت من كثرتها على ان ابليس يرى و انه تمثل للإنبياء و غيرهم و كان يتهيأ بهيئة إنسان الى غير ذلك .
رابعا ً : ولاية الشيطان و سلطانه ،
- سلطانه على من يريده ، هو ليس له سلطان و سيطره على احد و إنما الشخص الذي يريد ابليس الشيطان يكون له بالمرصاد إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ إذا ً اول الخطوات لسيطرة إبليس و إضلال ابليس هو الإنسان نفسه إذا تحرك الإنسان و هيأ نفسه للشيطان الشيطان يسيطر عليه إذا كان هو رافض الشيطان لا يقرب منه و لا يسطيع ان يصل اليه .
- ليس له ولاية ابدا ً على المؤمنين إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ( 2 ) فقط سلطانه على من اتبع ، إذا تحرك الانسان و كفر بآيات الله يعني لم يأخذ بما يؤيده و ينتهي اليه عقله و فكره الصحيح هنا اذا صار انحراف في فكره و تجنب الاخذ بما ينتهي اليه عقله الشيطان يدخل اليه فتكون له الولاية ، حديثنا بالنسبة لرؤية الشيطان و عدم رؤيته لا ينافي و لا يتعارض في موضوع تسخير الشيطان و عدمه ذاك موضوع اخر و ليس له دخل ٌ ايضا في موضوع التلبس بالإنسان و عدمه ذاك موضوع ٌ آخر سواء ً قلنا بالرؤية ام بعدمها .
- الحذر المطلوب ، الله سبحانه و تعالى يحذر بني ادم ما هو هذا الحذر ؟ هو عمل وقائي و حذر و بناء ٌ في كل شيء ان يكون الإنسان حذر و ان يكون عاملا ً في كل شيء يبني نفسه من جهة و يحذر من جهة ، حذر ٌ في الأكل فلا يأكل حراما ً و لا شبهة كما ذاق ادم الشجرة في الجنة فمطلوب من الانسان الحذر فلا يقع تحت تأثير الشيطان فيأكل الحرام و يقرب من شهواته المحرمة الله سبحانه و تعالى جعل الطريق السليم عليه ان يأخذ الطريق السليم ، و لاتحركه الفتنة في علاقاته الإجتماعية إذا وجد فتنة في الجتمع عليه ان لا تحركه الفتنة عليه ان يكون رزينا ً في مواقع الفتن فضلا ً عن ان يكون سببا ً في فتنه ، يجب ان تكون حركة الإنسان تحت ميزان العدل و الإنصاف في كل شيء .
النتيجة و الخاصة التقوى لها جانبان ،
الجانب الإيجابي و هو البناء و تقوية الإيمان و ان يكون على معرفة و ايمان بالله معرفة بالمعارف الالهية بالله سبحانه و تعالى و غير ذلك و ايضا يكون عنده عمل .
الجانب الاخر هو الجانب السلبي وهو الحذر وهو مطلوب و لا يقول شخص انا بلغت من الإيمان درجة فلا أحتاج للجانب السلبي الله سبحانه و تعالى جعل الإنسان بكيانه مهما كان عليه ان يخطو خطوتين يسلك مسلكين مسلك البناء الذاتي بناء الروح تقوية الإيمان و مسلك الحذر الإجتناب لذلك يؤمر بالعمل و يؤمر بالإيمان و يؤمر بإجتناب ما يؤدي للفساد قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ لا يقول انا بلغت من الايمان درجة ً عالية و استطيع البعض يتصور هذا التصور الخاطئ و يقول انا مؤمن و علاقتي مع النساء استطيع ان اكونعلاقةو البعض يذهب الى اكثر من هذا و يقول صداقة و هذه الصداقة في حدود ايماني انا مؤمن و هي مؤمنة الله سبحانه و تعالى يقول هذا الجانب السلبي اعمل به ايضا تجنب النظر للنجس الاخر و اعمل بتقوية الايمان عليك العمل في البناء و عليك التجنب لما يؤدي الى الشيطان و يكون محلا ً للشيطان .
الهوامش ،
- سورة الأعراف الاية 27
- سورة الحجر الاية 42