c تفسير سورة الأعراف الحلقة 11

تفسير سورة الأعراف الحلقة 11

7/6/2019

بسم الله الرحمن الرحيم

وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (24قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ

 

 

هذه قصة آدم ومرحلة من مراحل حياته و التي تعتبر سببا ً وطريقا ً اولا ً لإنطلاقته في التكامل من هذه القصة نستفيد ان الخطأ يجب ان يكون سببا ً للوعي و الحذر و ان لا يقع الإنسان ثانية ً في خطأ يجب ان يكون الخطأ محفزا ً للتكامل لا سببا ً لليئس و الخضوع و الإستسلام ،

ما هي جنة آدم و أين تكون تلك الجنة وما هو الفرق بينها و بين جنة الخُلد ،

اولا ً:  المفردات  ،

( فوَسْوَسَ )  الوسوسة هي الدعاء إلى أمر ٍ بصوت ٍ خفي ،

( لِيُبْدِيَ )  الإبداء هو الإظهار وهو جعل الشيء على صفة يصح ان يُدرك بعد ان كان مخفيا ً .

( مَا وُورِيَ )   الموارات ستر الشيء بجعله وراء ما يستره

( وَقَاسَمَهُمَا )   المقاسمة المبالغة في القسم أي حلف لهما و أغلظ في حلفه لهما ،

( فدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ  )  التدلية هي التقريب و الإيصال كما ان التدلي هو التدني و الإرسال و كأنه الإستعارة من دلوت الدلو اي ارسلته .

( بِغُرُورٍ  )   إظهار النصح مع إبطان الغش .

( وَطَفِقَا )   اخذا و شرعا و إبتدا و عملا بما يستران به  عورتيهما .

( يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ) الخصف هو الضم و الجمع و منه خصف النعل إذا جعله مضموما ً مع بعضه البعض .

 

ثانيا ً : قصة آدم وحواء و إبليس في الجنة ،

وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ  الله سبحانه و تعالى يقر لهذا المخلوق ان يدخل الجنةو يلحق به زوجته تكريما ً لهما و محطة ً ليبدأ في التكامل و الإنطلاق لتحقيق الخليفة و  الخلاقة في الأرض فليس الهدف هو الجنة التي كان فيها و إنما مرحلة ليكون بعدها الخليفة في الأرض ،

فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ توسعة ٌ في الإباحة و حرية مطلقة إلا ما استثني من الاكل من هذه الله سبحانه و تعالى جعل لآدم الحرية المطلقة في الإستفادة من الجنة و من نعيمها إلا فقط ما نهاهما عنه وهو الأكل من هذه الشجرة .

فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ بمخالفة الأمر الإرشادي يكون الظلم للنفس بحرمانها لا بمخالفة التشريع لأن تلك المرحلة لم يكن فيها تشريع ،

إذا ً هناك أمر ٌ إرشادي و أمر ٌ تشريعي ، و الفرق بينهما ان الامر الإرشادي إذا خالفه الشخص يتعرض لعقوبة ٍ تكوينية او اثر تكويني و ليس إعتباري  و ليس تشريعي كما ان شخص يقول لولده لا تركض في الشارع تصدمك سيارة فهو إرشاد فإذا ركض و صدمته السيارة يصاب فهذا إرشاد ،

اما الأمر التكليفي فيجعله حراما ً عليه و يعاقب عليه حتى لو لم يُصبه شيء و يدل على هذا ان الامر في الاية امر إرشاديا ً و ليس تكوينيا ً ان الأمر الإرشادي إذا خالفه الشخص و وقع في العقوبة ثم غفر له الناهي لا يعوض و لا ترتفع العقوبة كما انك لو نهيت ولدك عن الخروج للشارع و لكنه خرج وصدمته السيارة و إنكسرت رجله و قال لك ابي اعذرني سامحني تقول له سامحتك لكن ما اصابه وقع بقولك له سامحتك لا تسلم رجله  كسرت و إنتهى اما الأمر المولوي كما يسمونه و الامر التكليفي إذا قلت له لا تفعل و ان فعلت عاقبتك جعلت له عقوبة اعتبارية فإذا قلت غفرت لك سامحتك ترفع العقوبة و اذا اخذت منه شيء ترجعه إليه هنا في هذه القصة الله سبحانه و تعالى بنهى ادم عن الاكل من الشجرة فبعد ان اكل بدت لهما  سَوْآتِهِمَا ثم فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ  إذا تاب عليه المفروض في الأمر المولوي ان ترتفع العقوبة و ان يرجع إلى محله يعني يعود الى الجنة و لكنه لم يعد الى الجنة فهذا دليل انه لم يكن الامر مولويا ً و هناك لم يكن تكليفا ً من الأصل ،

 

فوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ  ما هي اساليبه قالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ اي ان الله يكره ان تكونا ملكين فلذلك نهاكما عن الشجرة قِيل هكذا ، او كما قِيل لحف لهما ان النهي ليس موجها ً لكما من الأساس  إنما هو موجه لمن هو للملائكة و أنتما لستما ملكين إذا ً النهي ليس موجه لكما  و صار يحلف لهما  على ذلك وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ اي بالغ في إظهار النصح و الإخلاص لهما بمبالغته في الحلف و القسم حتى اقنعهما انهما ليسا مشمولين بهذا النهي ،

فدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ في عيون أخبار الرضا عليه السلام عن الأمام علي إبن موسى الرضا   يقول فجاء إبليس فقال إنكما إن اكلتما من هذه الشجرة التي نهاكما الله عنها صرتما ملكين  و بقيتما في الجنة ابدا و غن لم تأكلا منها اخرجكما الله من الجنة إذا ً خدعهما بهذا التعبير  وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ  قضاء من الله تعالى ليهبط ادم وزوجته و ابليس الى الارض و قضاء ٌ بعداوة ٍ  بينهم مستمرة و تستمر .

ثالثا ً : القصة حقيقية ام خيال و مثال ٌ يضرب ،

في هذا الزمان و في هذه الاونة صار توجه البعض الى ان يقول ان القرآن يذكر قصص و هذه القصص ليست حقيقية و ليس لها واقع و من ضمنها قصة آدم و إنما هي إفتراضات ، القرآن يذكر قصص كثيرة و ذكرت في الكتب السماوية ببعض التفاصيل المختلفة لا ينقلها لا ينقلها القرآن الكريم إذا كانت خيال و باطل و ليست حق و ليس لها وجود و إلا فإن فيه الباطل و الله سبحانه و تعالى ينفي وجود الباطل في القرآن يقول تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ  ( 1 ) القرآن ليس باطلا ً و ليس خيالا ً و إنما هو واقع اما ما يذكره عن غيره من الحوارات و القصص و العبر فهو يذكر قصص فتقول ذكرت تعبير الكفار فهي تميز بسياقها و تظهر فائدتها من السياق عندما يروي قصة ، ما يذكره في بعض القصص و سياقها قد يقره القرآن و يقبل به و يدل عليه من سياق الآية و تقرير ٍ في نفس الآية و مثال ذلك عندما قالت بلقيس في حوارها مع قومها قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ  ( 2 ) فإن هذا السياق هو حديثها الفقرة الاخيرة وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ   من قال بها ان كلام بلقيس لم تكن فيها دلالة و تقرير للقاعدة ،

اما من ذهب من المفسرين و العلماء و قال وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ  هو تقرير ٌ م الله سبحانه و تعالى و تصويب ٌ لما قالته بلقيس فتكون قاعدة يعني الله يذكر القصة و يعقب عليها بتعبير و يكون هذا التعبير تقريرا ً للحادثة او للإخبار على انه حق او ليس بحق .

 

رابعا ً :  ما هي جنة آدم و أين تقع ؟

  1. الجنة بستان في الأرض و في أحاديث اهل البيت عليهم السلام انها جنة الدنيا اي انها كانت بستانا ً جميلا ً اخضر من بساتين هذا العالم وفر الله سبحانه و تعالى فيها جميع انواع النعم وفر الله فيه كل سبل الراحة و السعادة و الله على كل شيء قدير .
  2. و قيل الجنة هي جنة برزخية كما نقله السيد الطباطبائي و هي جنة برزخية ٌ من عالم الدنيا و ليست من عالم الآخرة و بهذا الجواب انها ليست جنة الخلد و انها ليست جنة المأوى ترتفع الاشكالات التي تخطر على البال فمن ضمنها نقول لا اشكال  في كيف يدخل الجنة ثم يدخل منها فليست جنة الخلد الجنة التي ان دخلها شخص لا يخرج لانها جنة الخلد و هذه لانها ليست جنة الخلد فيدخلها و يخرج منها و لا إشكال في دخول إبليس في الجنة التي لا يدخلها إلا المطيعون لانه لو كانت جنة الخلد فكيف يدخل إبليس فيها يستحيل .

خامسا ً : فوائد و دروس ٌ من القصة ،

  1. قصة آدم تشكل المحك و الإبتلاء لإظهار المعدن الأصيل ادم عندما خلق بعفوته كان و عندما عرض للإبتلاء وهو الحال في جميع الأحوال ان يبتلى الإنسان و يختبر فتقوى إمكانياته و تتفعل قابلياته و يرتقي و من غير ذلك يكون ضعيفا ً الذي ل يتعرض في حياته لإبتلاء و لإحتكاك مع الناس و مع الاخرين مع الاشرار و مع الصالحين يكون عادة ضعيفا ً و إنما يقوى إذا عرض للإختبار و الإبتلاء ، تثبت هذه القصة ان الإبتلاء طريق ٌ للتكامل لمن يريد التكامل و العكس كذلك الذي فيه إنحطاط بالإبتلاء يسقط إبليس عندما كان غير معرض للإبتلاء و الإختبار و إظهار المكنون في نفسه كان في عِداد الملائكة في عِداد القديسين في مرحلة القدس ولكن بالإختبار بأمره بأمر ٍ يراه دونه ظهر كامنه ، و آدم بأمره و بإبتلاءه إنطلق إنطلاقا ً شديدا ً بلغ ما بلغ به من الكمال حتى صار خليفة الله في هذه الأرض .
  2. قصة آدم و إبليس تُثبت ان الإبتلاء و الدرجات و الدركات للجميع بإبتلاء الجميع ببعض ٍ من غير ان يكون احد الاطراف مجبرا ً و هذا من قدرة الله سبحانه فعندما تقول و تقرا إن لك درجات لن تنالها إلا بالشهادة فلا تقول ان قاتله عمل خيرا ً ذاك بإختياره إرتكب و خالف وهو مخير و ليس مسير و ليس مجبورا ً وهذا إستشهد بإختياره و بصبره و بثباته فإرتقى و نال هذه الدرجة فليس طرف من الأطراف مجبر الله سبحانه و تعالى خلق الدنيا كلها وهو اعلم بما تكون من حركة ٍ فيها و جميع افرادها و عناصرها مخير و ليس مجبور .
  3. وسوسة إبليس في طول إرادة الإنسان لا في عرضها ، يعني وسوسة إبليس ليس لها دخل ٌ و ضغط ٌ في فعل الإنسان و جبر الإنسان على الفعل و ليس صحيح ان يُقال ( إبليس و الدنيا و نفسي و الهوى كيف السبيل و كلهم اعدائي ) لا فإبليس مع عداوته و مع وجوده وسوسته ليست جابرة ً للإنسان و لسيت اثرا ً مستقلا ً يضغط على الإنسان و إنما في طوله و سيأتي التفصيل ، ماذا يصنع إبليس  ؟   قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ  ( 3 ) وظيفته التزيين ، فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ  ( 4 ) جمل الأعمال و قوله تعالى يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ( 5 ) الشيطان يعد و يمني يبين ما يريد فقط و لكن ليس له ضغط على نفس الإنسان و روحه ، الوسواس إيقاع و إخبار ٌ في النفس الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ   *   الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ( 6 ) في صدور الناس يوجد خبرا ً فقط وسوسة إبليس إذا ً بمثابة الخبر الذي يتلقاه الإنسان فأنت عندما تمع خيرا ً سارا ً او خبرا ً موحشا ً لا يسلبك الإختيار ولا يجعلك مجبرا ً  ، يوم القيامة يقول  إبليس وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ  الله وعدكم و انا وعدتكم ما الفرق بين وعدي و وعد الله كيف اطعتموني على وعدي و الله يقول لكم يقول لكم انني عدو ٌ لكم و كيف لا تطيعون الله وهو الرؤوف الرحيم الذي خلقكم وهو ربكم وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  ( 7 ) الشيطان يترأ يقول انا فقط اخبرتكم فقط قلت لكم هذا الطريق جميل هذا فيه سعادتكم و لكن  لم اضغط على نفوسكم خبرٌ القيته لكم انتم تبعتموني ، الشيطان ليس له ولاية  إلا على من يريد إتباع الشيطان و أخذ أوامر الشيطان و اخذ اخبار الشيطان و تلميحاته و إغرائه و وسوسته إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ   ( 8 ) الشيطان ولي ٌ للذي يتبعه الذي لا يؤمن بالله اما الذي يريد الحق فهو لا زال في حريته و في إختباره .
  4. من فوائد هذه القصة لا تستنقص المعصية ، البعض يتساهل في إرتكاب المعاصي و يتساهل في إرتكاب الكبائر و يقول ان لم ارتكب الكبائر و كنت مطيعا ً و لا اعصي فما تعني الشفاعة اليست هناك شفاعة ( الشفاعة لاهل الكبائر من امتي ) إذا ً تريدوني لا ارتكب خطأ لا تقل لي هناك شفاعه ، الإنسان عندما حرم الله عليه امور و عندما قرر وجود الشفاعة لم يحدد له اي كبيرة ٍ يشفع له فيها النبي و اهل البيت عليهم السلام ليبقى الانسان و يستقيم فربما يقع في مخالفة و يرتكب معصية و هذه المعصية ليست مشمولة بالشفاعة ، ثم ان المعصية و العناد و الإصرار على المعصية يجعل من الصغيرة كبيرة و يُخلد صاحبها في النار لانه معاند ولانه مصر إذا ً لا تستصغر المعصية ، إنظر آدم و حواء ماذا صنعا انهما لم يأكلا و إنما تذوقا الشجرة  فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا  و خرجا من الجنة إخرجا جاء الخطاب إخرجا من الجنة و من ذلك النعيم بهذه المخالفة فإنهما ذاقا الشجرة فعندما ذاقا الشجرة معصية وليست امرا ً مولويا ً و إنما معصية لإمر ٍ إرشادي تذوقا و إذا بذلك الستر و بتلك المنزلة و تلك الجنة و إذا بهما من ذلك الموقع ، إذا ً لا تقل شيئا ً قليلا ً فمعصية آدم لم تكن سوى تذوق ربما يحرم المرء إلى الابد و ينتهي لمعصية و لا تبقى له إلا الحسرة لانه إرتكب معصية وقال إنها صغيرة .
  5. القرب في الطاعة و البعد في المعصية كن قريبا ً مع الله بطاعته الله سبحانه و تعالى يخاطب آدم قبل المخالفة بخطاب المباشر و القريب وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ يخاطبه خِطاب من هو في جنبه لا يناديه نداء البعيد وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ  خطاب قريب و الشجرة قريبة ثم يناديه   ثم يناديهما نداء البعيد بعد المخالفة فلما صارا بعيدين  وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ بالمخالفة صار الخطاب لشخص ٍ بعيد و قبله كان خطاب القريب إذا ً بالطاعة يكون قريب و بالمعصية يكون بعيد إختر القرب من الله تعالى و إذا وقعت في بعد ٍ إرجع مباشرة ً لتكون قريبا من الله .
  6. الفوز بالمغفرة و رضوان الله قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ المغفرة هي الهدف آدم لا يطلب شيئا ً غير المغفرة و رضا الله سبحانه و تعالى لا يقول إرجعني إلى الجنة التي إخرجت منها فقط اريد المغفرة من خُير في طلبه صار في مظان ٍ إجابة الدعاء ذهبت لزيارة الإمام الحسين عليه السلام و الدعاء مستجاب تحت قبته او للنبي صل الله عليه واله او احد المعصومين عليهم السلام او ذهب للحج و انت تطوف و انت في موضع الدعاء إطلب الاغلا لا تطلب الادنى و الفاني و المنتهي ركز في طلبك ان يكون طلبك هو اهم شيء   للإنسان ان يطلب رضا الله وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ  إطلب الجنة اطلب جوار النبي صل الله عليه واله و الأئمة و الصالحين في الجنان و لا تطلب دون ذلك النبي صل الله عليه واله عندما ذهب للطائف و رموه بالحجارة و خرج اعانه بعض الاشخاص فقال له النبي اطلب مني ما تريد و إذا طلبت احقق ما تريد جاء للنبي صل الله عليه واله لما انتصر و طلب منه ناقه فأعطاه النبي صل الله عليه واله الناقة و جاء غيره و طلبوا من النبي صل الله عليه و اله فيقول احدهم اريد مرافقتك في الجنة فيضمن له النبي صل الله عليه واله ذلك ، العاقل هو الذي يطلب من الامور افضلها و اكملها آدم في هذه القصة لا يطلب هذه الجنة و إنما يطلب رضا الله وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ   .

الهوامش ،

  1. سورة فصلت الايتان 41-42
  2. سورة النمل الاية 34
  3. سورة الحجر الاية 39
  4. سورة النحل الاية 63
  5. سورة النساء الاية 120
  6. سورة الناس اليتان 4-5
  7. سورة إبراهيم الاية 22
  8. سورة الاعراف الاية 27

شاهد أيضاً

تفسير سورة الاراف حلقة 103

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *