8/6/2019
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ( 1 )
اولا ً : المفردات ،
اللباس كل ما يصلح للبس و ستر البدن ،
يُوَارِي سَوْآتِكُمْ اي يستر سوآتكم يعني يستر العورات ،
وَرِيشًا الريش ما فيه الجمال مؤخوذ ٌ من ريش الطائر لما فيه من انواع الجمال و الزينة ، و قال بعض المفسرين ربما يطلق على اثاث البيت و متاعه و ليس على الجمال فقط .
ثانيا ً : البيان ،
هذا خطاب ٌ عام لجميع بني آدم و في هذا التعميم العام دلالات تُستفاد من هذا التعميم في الخطاب عندما يُقال يا بني ادم
من هذه الفوائد ،
- ان ما ورد من قصة آدم و الأحكام المتعلقة بها ليست خاصة بآدم و إنما تشمل كل نوع الإنسان فالأحكام التي وردت عن آدم و الحديث الذي ورد عن آدم هي ليست خاصة بآدم و إنما آدم هو الواجهة و هي تشمل الجميع فهي لكل بني آدم فهذه الخطابات تعمم ما ورد يعني عندما قال يا بني آدم هي تفسر ما كان قبلها من الآيات التي ذكرناها من الاية 12 الى الايى 25 و ما مر فيها من تفاصيل هذه تعمم ذاك و ليست خاصة بآدم فهذه الخطابات تعمم ما ورد خاصة ً بآدم و زوجته منها مثلا عداوة الشيطان و غير ذلك التي وردت عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ ( 2 ) عداوت الشيطان كان الحديث عنها بين آدم و الشيطان وزوجة آدم و لكن هذه تعمم فيكون كل ما ورد هناك لبني آدم كلهم .
- ان الأحكام التي ذكرت بهذا الخطاب ليست خاصة بشريعة معينة إذا قال يا بني آدم فهي ليست خاصة بشريعة معينة لا تقول جائت في الإسلام فهي خاصة بالإسلام و إما هي شاكلة لجميع الشرائع لوجود عموميات كما يقولون قوائد عامه فتنطبق في جميع الديانات و في جميع الشرائع السماوية .
- ه يايضا تعميم لضرورة الرسالة ان الرسالة التي وُعد آدم بها هي للبشر قاطبة بل هي واجبة بل يجب ان يتبع الناس الرسالات و الهدى الذي يُنزل عليهم من الله سبحانه و تعالى كما في قوله تعالى قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( 3 ) الحديث لآدم و زوجته و لكن هذه الاية تعمم و تقول للجميع ،
قَدْ أَنزَلْنَا الإنزال هنا يعني الخلق يعني قد خلقنا لكم كما في قوله تعالى وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ليس المعنى انه انزلها من السماء و انما خلق لكم من الانعام ،
و قوله تعالى وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ( 4 ) يعني نخلقه بقدر ٍ معلوم ٍ مُشخص و لا يرد عليه إشكال انما هو خصوص العمل ما يصلح للبس يعني ليس الأدوات هي نفسها لا يقال للادوات من القطن لباس و إنما إذا نسجت يقال لها لباس فهو خصوص ما يعمل من العمل و هذا راجع للإنسان لا يَرد ُ هذا الإشكال لان الله سبحانه و تعالى يقول وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ( 5 ) يعني انتم مخلوقون و تلك الادوات مخلوقه وما تقومون بعمله هو خلق من الله سبحانه و تعالى .
لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا تبين هذه الفقرة الهدف من خلق اللباس ،
- اللباس لستر العورات ، وَرِيشًا الريش إضافة على ذلك وهو زينة فيه جمال فيه إضافة .
- تدل على إمتنان الله على عباده بهاذين الأمرين بالستر و الجمال انه سترهم و انه جملهم بهذا اللباس و الريش .
- وَرِيشًا تدل على اصل إباحة التجمل لانه يأتي السؤال هل الاصل ان يكون الإنسان ام الأصل ان يكون زاهدا ً بعيدا ً عن الجمال و عن هذه المظاهر ..؟ الاية تقول ان الأصل ان يكون الإنسان جميلا ً قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ الله سبحانه و تعالى اراد ان تظهر نعمه على الإنسان تكون بينة و واضحة .
وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ثم تنتقل الاية لتبين بعد هذا الإمتنان بهذا اللباس ان هناك شيئ افضل وهو ليس فقط ستر الظاهر ستر الظاهر جميل و مهم و مطلوب و لكن ستر الباطن و العيوب الباطنية هو الافضل وهو الخير ، و يظهر من هذا ،
- ان افضل اللباس هو التقوى التي امر الله سبحانه و تعالى بها ، ان يكون الإنسان متحرز ان لا يكون باطنه ملوث لا يكون باطنه فيه فضائح لانها تظهر ، كما ان اللباس يستر الظاهر الذي يسوء الإنسان ابداؤه امام الاخرين كذلك يسوء ان تبدوا قبائحه الباطنية و عيوب المعاصي التي يرتكبها امام الآخرين فتقول لباس التقوى خير .
- وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ كما ان ظهور الظاهر القبيح يسوء الإنسان ويجرح الإنسان فكذلك ظهور الباطن يجرحه .
ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . ذلك اللباس و الستر من آيات الله و من نعم الله سبحانه و تعالى التي يجب ان يجعلها الإنسان امامه ليعتبرها آية و دليلا ً ينتقل من خلالها إلى التقوى و الورع و طاعة الله سبحانه و تعالى و القران يريد من الإنسان بهذا ان يكون معتدلا ً متوازنا ً متقيا ً في باطنه صالح و في ظاهره مرتب لا يريد من الإنسان جمال الظاهر و قبيح الباطن و لا يريد ان يركز على الباطن و يكون في الظاهر غير مرتب غير منظم غير جميل يجب ان يكون في الجميع منتظم ،
اللباس المطلوب ،
- اللباس الذي لا يخالف التقوى و لا يناقضها يعني ليس فيه مخالفة لحكم ٍ شرعي لباس متزن ساتر عفيف الناس لا يظهر مفاتنها لا فيه تشبه لا فيه ترويج لفساد .
- ان لا تكون الألبسة وسيلة للتفاخر و إنما هو للستر لا يكون وسيلة للتكبر إلبس و لكن لباس بإعتدال .
- لا تكن الألبسة وسيلة لإثارة الشهوة هذا يكون مخالف للتقوى وهو محرم .
- لا لباس للتقوى مع السرف فالإسراف في اللباس ايضا مخالف للتقوى ، بعض النساء مثلا تشتري من الحقائب بأسعار خيالية هذا مخالف للتقوى مخالف للإتزان ، بعض الناس يريد ان يشتري في كل مناسبة لباس جديد و النساء في كل زواج و في كل حدث لابد ان يكون لباس جديد هذا ليس فيه إعتدال ، هذا الإسراف في تغيير الألبسة موجود عندنا نحن المسلمين و خصوصا العرب و بالأخص الخليجين اكثر من اي مكان الكفار لا يعملون هكذا إذا صار زواج الأجانب المرآة تلبس قميص و تحضر الزواج اما نحن فالأخطاء في هذه كثير بحيث لبسته في الخطوبة لا تلبسه في الزواج لبسته في زواج فلانه لا تلبسه في زواج بنت اخرى ، سعره يجب ان يكون كذا لانها إذا علمت ان السعر قليل تمر لا تشتريه يعني ، قال احد الأشخاص انه فتح محل البسه و وضع الأسعار قليلة لم يستطع ان يبيع فكلما أتت إمرأة لتشتري تسأل عن السعر فيقول لها كذا فلا تشتري فقال له صاحبه ضع عليهم سعر أعلا فأصبح يبيع النتيجة ان هذا خطأ ، نحن يجب ان يكون عندنا فعلا ً لباس التقوى في الباطن يكون تقيا ً و في الظاهر يكون معتدلا ً و إذا كان فيه إسراف او تبذير فهذا مخالف للتقوى و هو محرم .
الهوامش ،
- سورة الأعراف الاية 26
- سورة طه الاية 117
- سورة البقرة الاية 38
- سورة الحجر الاية 21
- سورة الصافات الاية 96