5/8/2019
بسم الله الرحمن الرحيم
وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ *الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ( 1 )
مر البيان ان النداء و السؤال من قبل اهل الجنة لأهل النار ليس سؤالا ً إستفساريا ً و إنما هو تهكم و لوم ٌ و عتاب و ليس بحث ٌ عن حقيقة ٌ فالحقيقة واضحة عند الجميع والمحشر قد حصل و هم في غمرة ٍ في تلك الأجواء ،
و الحوار بين أهل الجنة و النار ربما كان قبل دخول الجنة ومشارفا ً لدخولها ثم يستمر حتى دخول الجنة كما يأتي في الحوار الذي يكون بين اهل الجنة و اهل النار ثم بين اهل الأعراف و اهل النار ثم يعود الحوار بعد ذلك الى الحوار بين اهل الجنة و بين اهل النار و طلب اهل النار الإفاضة عليهم من قِبل اهل الجنة ،
متابعة للبيان السابق في تفسير الآيتين ،
قوله تعالى فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ تفيريع ٌ على إعترافهم بعد ان اقروا و إعترفوا بكفرهم و بأنهم كانوا مستكبرين عاصين لله سبحانه و تعالى و ان الحقيقة قد إنكشفت لهم بان لهم كل شيء جاء النداء فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ،
الآذان ، الإعلام العام الذي يشمل الجميع و يسمعه الجميع و ليس خاصا ً بمن لعنوا و إنما يشمل الجميع لذلك قال في الآية فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ بين الجميع و يسمعه الجميع ،
الإعلان مضمونه إعلان بحقيقة تحقق الوعيد الآلهي و الوعد الآلهي الرباني ، و الوعيد الآلهي هنا هو اللعنة و الطرد من رحمة الله تبارك و تعالى ،
قوله تعالى الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ،
هو تفسير لمعنى الظالمين ، فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الظالمون لهم صفات هذه الصفات هي الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ،
و يشتمل ذلك على ،
- الكفار في العقيدة و المنحرفين في الأفعال الكافر الذي يكفر بالله سبحانه و تعالى من الأساس و لا يؤمن بالله و لا يؤمن بالآخرة و لا يؤمن بالحشر و النشر و الحساب فهذا كافر فيشمله قول الله سبحانه و تعالى و وصفه بأنه ظالم .
- المؤمنين في العقيدة بالله و المنحرفين في الإيمان بالآخرة و المنحرفين في سلوكهم و أفعالهم ، و هناك ملازمة بين الإيمان بالآخرة و العمل الصالح مرت في آيات ٍ سابقة ان المعصية التي تكون عند الناس إنما تكون بسبب عدم الإيمان بالآخرة و ليس بعدم الإيمان بالله فقد يؤمن الإنسان بالله و إيمانه فيه خلل لأنه لم يؤمن بالجزاء فلأنه لم يؤمن بالجزاء و من أمن العقوبة أساء الأدب لأنه لا يؤمن بالآخرة فتجد الإنحراف فالقسم الذي يؤمن بالله و لا يؤمن بالآخرة تكون اعماله فاسدة فهذا ايضا ظالم .
- المومنين في العقيدة لكنهم في سلوكهم منحرفين عن الفطرة ، يؤمن في العقيدة يؤمن بالله و يؤمن بالآخرة ولكن منحرف في عمله فهو أيضا ً ظالم ، و لكن لو أن الإنسان يدقق و يميز في عقيدته يجد الملازمة بين العقيدة وما ينتهي إليه فكل إنحراف في رتبة ٍ من رتب العقيدة او في الأفعال يعود لإنحراف ٍ في الأساس الذي قبله فالمنحرف في اعماله و الذي لا يستقيم في افعاله عنده خلل في إيمانه بالآخرة و الذي يكون غير مؤمن بالآخرة عنده خلل في إيمانه بالله يعني لم يعرف الله لأنه لم يعرف الله حقيقة ً ، لأنه إذا عرف الله ان الله حكيم و انه خلقه بهدف لابد ان ينتهي لغاية و هي الآخرة فهناك خلل في هذا الإيمان ،
يفهم و يستفاد من هذه اللعنة على الظالمين ان جميع المفاسد إجتمعت في مفهوم الظلم لا سيما الضلال و الإضلال ، الذي يستكبر و الذي يُضل و يريدها عوجا ،
فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ
من هو المؤذن ؟
هل هو من الملائكة الذي قال بالإعلان أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ هل هو ملك ام هو من الجن ام من البشر ،
- هل هو من الجن ؟ ينفيه السيد الطباطبائي و يقول السيد الطباطبائي انه لم يعهد في الآخرة ان يتصدى الجن لأي شيء ٍ من شؤون البشر .
- هل هو م الملائكة ؟ جواب السيد ايضا بالنفي ، لأن ما ورد من الحديث في ذلك المكان هو تصدي المؤمنين من البشر لتلك الأمور و تلك البيانات و ليس الملائكة ،
و من ذلك ،
أ . قول أهل الأعراف وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ اهل الأعراف بشر هم الذين قالوا ، و قولهم ايضا ً ادخلوالجنة ، أهل الأعراف يقولون ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ،
بـ . قول المؤمنين يوم القيامة في ذلك المشهد في وصف يوم القيامة قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ فالبيان كله من طرف الناس من الطرف المؤمنين .
- هل هو من البشر ؟ الجواب يتعين انه من البشر و ما هي الدلالة عليه لأن الاية ليس فيها دلالة بنفسها و إنما تصيد من السياق و من الحديث في يوم القيامة ، و أما من جهة الروايات فتثبت انه من البشر و انه أمير المؤمنين علي ٌ عليه السلام كما ورد في الروايات و كتب اهل التفسير ففي الكافي و تفسير القمي بإسنادهما عن محمد ابن الفضيل عن ابي الحسن الرضا عليه السلام في قوله تعالى فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ قال مؤذن أمير المؤمنين عليه السلام ، و روى ابو القاسم الحسكاني من علماء اهل السنة بسنده عن محمد ابن الحنفية عن علي ٍ عليه السلام انه قال انا ذلك المؤذن ، الرواية عن امير المؤمنين انه هو المؤذن في ذلك المكان ، وروى الحسكاني ايضا بسنده عن ابن عباس ان لعلي ٍ عليه السلام اسماء ٌ في القرآن الكريم لا يعرفها الناس منها المؤذن في قول الله فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ فهو المؤذن الذي ينادي بين الفريقين أهل الجنة و أهل النار و يقول الا لعنة الله على الذين كذبوا بولايتي و إستخفوا بحقي ، إذا الروايات تقول هو أمير المؤمنين ،
ولماذا هو أمير المؤمنين عليه السلام ؟ لبيان منزلته و شأنه لأن ذلك العالم يجب ان يظهر و أن تظهر المنزلة و المقام فيظهر مقام امير المؤمنين عليه السلام و أن له يد و ان له قول و ان امره نافذ و إلا ان يكون في الدنيا بهذا المستوى من التقدم الذي لايعادله احد ففهي يوم القيامة لابد ان يظهر ذلك المقام .
الهوامش ،
- سورة الأعراف الايتان 44-45