c تفسير سورة الأعراف الحلقة 4

تفسير سورة الأعراف الحلقة 4

22/5/2019

بسم الله الرحمن الرحيم

وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8وَمَنْ خَفَّتْ مَ وَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ9

 

هذه الآية تشير إلى عاقبة الناس و ان الناس لابد ان ينتهوا الى حكم ً عدل ٍ يحكم بينهم وهو ما يجده الإنسان الطبيعي في نفسه لانه لا يستطيع ان يتصور ان هذه الدنيا هكذا وجدت ثم إنتهت من غير ان تكون هناك محكمة عدل ٍ تنصف ظلم طوال حياته فكم عاش الناس من اول حياتهم الى نهايتهم تحت نير الظلم و الإعتداء و أخذ حقوقهم  وكم عاش فيها جبابرة متكبرون متسلكون يعيثون في الارض فسادا ً و يظلمون الناس كان معنا من كان قبلنا من آباءنا من اجدادنا و إذا قد إنتهى كل شيء و إختفى فلان مات و شيع هل انتهت الدنيا و إنتهى كل شيء ام هناك حساب ٌ و هناك عاقبة الاية تشير انه لابد ان يكون هناك ميزان ٌ ينصف الجميع و يعطي كل ذي حق ٍ حقه ،

اولا ً : المفردات  ،

وَالْوَزْنُ  الوزن مقابلة  احد الشيئين بالآخر هي عملية الوزن  حتى يظهر مقداره  ،

الميزان في اللغة هو إسم آلة يوزن بها يعني وسيلة كل وسيلة يقاس بها الشي تسمى وزن سواء ً كان ميزان حرارة مزان ثِقل ميزان مسافة او طول كل شيء يوزن به الامور يسمى ميزان آلة توزن الامور ،

الْحَقُّ    الحق هو الحقيقة الواقعية و وضع الشي في موضعه .

 

ثانيا ً : البيان ،

وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ  لا بد من الحساب يوم القيامة و كل شخص ٍ عمل عملا ً صغيرا ً كان ام كبيرا ً لابد ان يحاسب عليه و يقف عنده ، و توزين قيمة كل إنسان ، قيمة الإنسان عندما توزن و تعرف يوم القيامة بما انتج بما حقق كما يقول أمير المؤمنين  عليه السلام  قيمة كل إمرئ ٍ ما يحسنه ، و ميزان الآخرة هو ميزان العدل هو ميزان الله سبحانه و تعالى العادل الذي لا ينسى و لا يفوت عمل من عمل كبيرا ً كان ام صغيرا ً فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ   ( 1 ) ولو كان ذرة و الذرة هي التي يعبر عنها في هذا كالغبار الذي يبين عندما تدخل الشمس من نافذة فتبين ذرات خفيفة يقال هذه ذرة فلو كان مقدراها فإن الله سبحانه و تعالى يحضرة و يحاسب عليه صغيرا ً كان ام كبيرا ً ،

ما هي حقيقة الوزن يوم القيامة ؟ و هل يمكن وزن الأعمال و ليس لها ثقل ؟

الجواب ،

حاول بعض المفسرين ان يوجهوا معنى الوزن و الميزان بامور منها ،

  1. قال بعضهم تتجسم الأعمال تتجسد وهو الوزن يقولون الإنسان عندما يعصي هو يعمل حركة و يبذل طاقة هذه الطاقة و هذه الحركة تتحول إلى مادة يوم القيامة و يُحاسب الإنسان عليها او تتجسد بهيئة امور و يُعرف بها لانها تجسدت فتكون واضحة ان كانت من الطاعات و تجسدت نعيم يوم القيامة عُرفت و إن كانت من المعاصي و تجسدت نارا ً و عقارب و آفات إلى غيره .
  2. ان صاحب العمل يكون وزنه ثقيل إذا عمل الشخص عمل ينعكس عليه فيكون يوم القيامة له وزن و يؤيده ما ورد في الرواية عن ( عَبيد إبن عُمير قال يُؤتى بالرجل  الطويل العظيم يوم القيامة فلا يزن جناح بعوظة )  هو رجل ضخم و لكن يضعونه في الميزان و اذا هو ليس له وزن جناح بعوضة .
  3. قيل إنما توزن صحائف الأعمال لا نفس الأعمال المعنى انه كم كتبوا من الصحائف حتى انه في الروايات بعض الصحائف تكون من المشرق الى المغرب و توضع صحائف الخير و الشر في الميزان و ينظر الفرق فيها .
  4. و قيل تظهر للأعمال من حسناتها و سيئاتها اثار و علائم خاصة بها فتوزن العلائم بمشهد من الناس تتكون علامات لكل عمل عمله الانسان و تجمع و تزون يوم القيامة .
  5. قيل تظهر السيئات في صور قبيحة و الحسنات في صور حسنة  منكرة فتوزن الصور .
  6. قيل توزن نفس المؤمن و الكافر  دون اعمالهما من حسنة او سيئة النفس و الروح هي التي توزن .
  7. قيل الوزن ظهور ملكات هذا رأي من الاراء الدقيقة ايضا يذكره صدر المتألهين لان الانسان إذا عَمِلَ عَمَل صارت ملكة هذه الملكة لها وجود في باطن الإنسان ينكشف يوم القيامة يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ( 2 ) تنكشف الملكات و إن كانت موجوده في الدنيا لا يراها لكنها يوم القيامة تكون مكشوفه ، و ثقل الميزان هي كرامته و ملكاته التي تبين و خفة الميزان هوانه و الظلمات التي تحيق به لذلك يقول تعالى يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم ( 3 ) لهم نور يسعى ملكات تبين و تظهر و يقول تعالى يوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ( 4 )  هناك آثار تظهر على الإنسان يقول هذا هو الميزان إذا ظهرت علامات الخير فهذا راجح ميزانه و ثقيل و إذا ظهرت علامات السوء فهو خفيف الميزان و خاسر .
  8. و قيل الميزان هو العدل يقول تعالى وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ ( 5 ) هذا الرأي يقول الميزان العدلة و لكن يناقشه المفسرون و يقولون العدل ليس هو الميزان و إنما هو صفة الوازن الذي يعمل بالميزان و لا يظلم لكن ليس هو الميزان .
  9. يقول السيد الطباطبائي ان المنظور في كل شيء ٍ غايته و هدفه و الهدف و الغاية هو الحساب فوزن الأعمال هو الحساب و بيان الحساب كيف توزن الأعمال هل لها ثقل توزن و هي امور معنوية ،  يقول تؤخذ بحسبها و تسمى ميزان كما ذكرنا في وزن الطول و الحرارة و غيرها كل شيء بحسبه ، يقول الأعمال توزن يوم القيامة بالحقيقة توزن بالحق فالميزان يوم القيامة هو الحق فمن شابه في افعالة الحق كان ميزانه راجح ، ما هو الحق و ماذا قالت الروايات في ذلك ، قالت الرويات ان الميزان هو النبي صل الله عليه واله و علي ٌ أمير المؤمنين و الأئمة المعصومين عليهم السلام   يقول الإمام الصادق عن هذه الآية و نضع الموازين القسط قال و الموازين الأنبياء و الأوصياء و جاء في رواية ٍ أخرى ان امير المؤمنين عليه السلام و الأئمة من ذريته عليهم السلام هم الموازين لذلك حتى في السلام على أمير المؤمنين عليه السلام يوجد السلام عليك يا ميزان الأعمال ، النتيجة ان ميزان الاعمال هي مشابهة الحق تطابق الفعل الذي يفعله المكلف مع الحق فيكون راجحا و إذا خالف يكون خاسرا ً فلكل شيء ٍ حقيقة فإذا طابق في اخلاقه افعال المعصومين عليهم السلام في افعاله طابق اخلاق النبي صل الله عليه واله عدل النبي صدق النبي فميزانه راجح هذا ميزان و إذا طابق ميزان اخر لان الاية قالت نضع الموازين ليس ميزان واحد إذا طابقت صلاته الصلاة الواقعية ، الصلاة الميزان يقولون الصلاة هي الصلاة الحقيقية التي هي أتم الصلاة التي تنهى عن الفحشاء و المنكر فإذا جاء العبد بصلاته ينظر يوم القيامة كم هذه الصلاة حقيقية او ليست حقيقية لان الميزان هو الالة التي يُقاس إليها هنا تقاص إلى الصلاة صلاتك تُقاس إلى الصلاة الواقعية الحقيقية التي إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ  فإذا صلى الشخص صلاة حقيقية كان ميزانه راجح .

الهوامش ،

  1. سورة الزلزلة الاية 7
  2. سورة الطارق الاية 9
  3. سورة الحديد الاية 12
  4. سورة ال عمران الاية 106
  5. سورة الأنبياء الاية 47

شاهد أيضاً

تفسير سورة الاراف حلقة 103

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *