تفسير سورة الأعراف الحلقة 5
23/5/2019
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ
هذه الاية مقدمة لللآيات التي تأتي بعدها و التي تتحدث عن قصة آدم و خلق و إستخلافه في الأرض و وسوسة الشيطان إليه و إخراجهم من الجنة ،
اولا ً: البيان ،
وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ نحن من خلقكم و نحن من جعلكم مسيطرين على الأرض بمعنى متمكنين من الإستفادة من الأرض و من خيرات الأرض و نحن من سخر لكم ما في الأرض وجعلناه طوع قدرتكم و طوع أيديكم هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا جعل كل شيء ٍ لكم و مسخر لكم و تحت سيطرتكم بمعنى أعطاكم القدرة التي بها تبتكرون و تكتشفون و تستخرجون و تتصرفون في الأرض ،
وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ نِعَمُ الله على عباده كثيرة و لا تحصى فهو الذي سخر الغِذاء و الشراب أينما يكون الإنسان رزقه متوفر هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ( 1 ) الله سبحانه و تعالى جعل اين ما يذهب الإنسان يتوفر إليه رزقه ،
قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ اكثركم ناكرين لنعمة الله ، هذه النعم التي وُهِبت لكم و التي سخرها الله سبحانه و تعالى لكم و ترونها رأي عين و لكن اكثر الناس ناكرين و اكثرهم لا يشكرون وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُسورة ( 2 ) الذي يشكر هو القليل من الناس .
ثانيا ً : التمكين في الأرض و أهدافه ،
- التميكن هو السيطرة في الارض الهدف منه جعل الخلافة لله سبحانه و تعالى كما قال تعالى وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ ( 3 ) الله سبحانه و تعالى اراد ان يكون في الأرض شخص وجود يمثل الله سبحانه و تعالى في إرادته الهدف إذا ً هو إستخلاف الإنسان في الأرض ، المُستَخلَف في الارض يكون خليفة إذا حقق إرادة المُستَخلِف إذا كان المُستَخلَف الذي جُعل في الارض يُطيع الله سبحانه و تعالى فيعكس إرداة الله في الأرض فيُقال هذا خليفة ذاك .
- هدف التمكين و الإستخلاف في الأرض إقامة الدين ، الدين الذي يوافق الفطرة و ليس الدين المنحرف .
- تحقيق الفرائض هدف ٌ من هذا الإستخلاف كما يقول تعالى الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ( 4 ) إذا مكنوا في الأرض عملوا بالفرائض اطاعوا الله و إلا فليس غير هذا الإستخلاف ، إذا ً هم يسعون إن مكناهم في الأرض اقاموا الصلاة هم يسعون لإقامة الفرائض لإقامة الصلوات و الله سبحانه و تعالى ايضا ً يدعمهم و يؤيدهم يمكن لهم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ الله سبحانه و تعالى يمكن الدين هم يسعون من جهة لِأن يعملوا بفرائضهم و بالدين و إقامة الدين و الله سبحانه و تعالى يمكن الدين و يسددهم في ذلك .
- من شروط التمكين في الأرض الإيمان و العمل الصالح لذلك قال تعالى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ الذين آمنوا و عملوا الصالحات فإذا كان هناك خلل في جانب ٍ من الجوانبين الإيمان فيه خلل ليس إيمانا ً بالله إيمانا ً فيه شرك او إنحراف او عمل ليس صالح هذا ليس خليفة و لا يُستخلف في الارض .
- التمكين في الأرض للطائع و لكن إذا إنحرف لا يدوم له الإستخلاف فهناك من الأقوام من مكنه الله في الأرض و لكن إنحرف فرفع هذا الإستخلاف إلى إبادة و إستئصال ، عندما يكون مطيعا ً الله سبحانه و تعالى يستخلفه و يمكن له في الأرض و يجعل الأرض تخرج كل خيراتها له فإذا إنحرف عن الله سبحانه و تعالى ازاله الله كما يقول تعالى أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ( 5 ) عندما عصوا و صاروا اصحاب ذنوب اهلكهم الله و إستبدلهم بقوم ٍ آحرين .
ثالثا ً : الشكر و كفران النعم ،
- التذكير بالنعم ، هذه الاية اشارت الى النعم و شكر النعم و ان الذي يشكر من الناس القليل فيها تذكير بنعم الله سبحانه و تعالى على الناس و تحث الناس على شكر النعم كما في قوله ايضا ً وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 6 ) هذه المراحل جعلها بينة ً يمر عليه الإنسان و عليه ان يتأمل يتدبر يتفكر حتى يكون شاكرا ً لأنعم الله عليه و لا يكن كافرا ً .
- الإنتباه و الوعي المستمر و عدم الغفلة عن هذه النعم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ( 7 ) يجب ان يكون الشكر مستمرا و لا ينقطع ابدا ً وهو افضل طاعة ٍ لله سبحانه و تعالى .
- الدعوة للمعرفة ، شكر المنعم واجب و لا يكون شكر المنعم حتى تشكر من تعرف انت مطلوب منك ان تشكر لذلك هذا يُستعمل كدليل من ادلة معرفة الله و وجوب معرفة الله أدلة إثبات العقائد فيما يسمونه علم الكلام و الفلسفة يذكرون شكر المنعم عقلا ً واجب و لا يمكن شكر المنعم إلا بالمعرفة إذا ً يجب المعرفة فهناك اركان ٌ لهذا الشكر ، الركن الأول المعرفة بالله لا بد ان اعرف من هو الله ما هي صفاته هل فيه نقص او لا و يجب ان اعرف كماله حتى يكون الشكر بقدره لأن كل شخص تتعامل معه بوزنه انت تذهب لسلطان تتعامل معه بوزنه مع الانسان العادي بوزنه و مع المرجع بوزنه فيجب معرفة الله معرفة صفاته معرفة ما يرتبط به حتى يكون الشكر له ، الركن الثاني الخضوع حتى يتولد الخضوع لله سبحانه و تعالى بعد معرفة النعم و معرفة الله يكون الانسان ذليل خاضع عابد ، الركن الثالث الطاعة ان يكون مطيعا ً لله سبحانه و تعالى و لا يعصيه .
- الشكر لا يعود على المنعم و إنما يعود على صاحبه فقط .
- عوائد الشكر كلها تعود على الإنسان كما يقول تعالى وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ( 8 ) فإذا شكر زاده الله من العطاء و إذا كفر يعني لم يشكر ترك شكر الله سبحانه و تعالى فإن عذاب الله شديد .
الهوامش ،
- سورة الملك الاية 15
- سبإ الاية 13
- سورة الابقرة الاية 30
- سورة الحج الاية 41
- سورة الأنعام الاية 6
- سورة النحل الاية 78
- سورة البقرة الاية 172
- سورة لإبراهيم الاية 7