c تفسير سورة الأعراف الحلقة 6 ( شكر الله )

تفسير سورة الأعراف الحلقة 6 ( شكر الله )

24/5/2019

بسم الله الرحمن الرحيم

وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ( 1 )

 

 

حديثنا حول هذه الآية وهو تممة لما مر الحديث فيه و الحديث اليوم هو في جانب الشكر لله سبحانه و تعالى ،

اولا ً : أهمية الشكر لله ،

الإنسان بفطرته و بطبيعته يدرك أهمية الشكر لكل منعم لذلك إعتبر شكر المنعم ديل ٌ من أدلة وجوب المعرفة لذلك ورد عن اهمية الشكر أحاديث كثيرة و آيات ٌ من ضمن ما ورد عن ابي عبد الله عليه والسلام قال قال رسول الله صل الله عليه واله الطاعم الشاكر له من الأجر كأجر الصائم المحتسب و المعافى الشاكر له من الأجر كأجر المبتلى الصابر و المُعطى الشاكر له من الأجر كأجر المحروم القانع ،

يقول المحقق الطوسي قدس سره الشكر أشرف الأعمال و أفضلها لذلك الحديث يقارن بين أمور تجعل صاحبها بدرجات ٍ عالية كما (  يقول رسول الله صل الله عليه واله الطاعم الشاكر له من الأجر كأجر الصائم المحتسب ) شخص ٌ شبعان و شخص صائم هذا طبعا غير الصيام الواجب و لكن الذي يكون شاكرا لله حتى لو كان شبعانا ً فأجره كأجر من يصوم ،  (و المعافى الشاكر له من الأجر كأجر المبتلى الصابر ) له اجر كأجر المبتلى بمرض إذا كان شاكرا لله ، و المُعَطى الذي عنده من العطاء و يملك و عنده الخيرات له أجر كأجر المحروم القانع السبب انه شاكرا لله سبحانه و تعالى .

ثانيا ً : معنى الشكر ،

الشكر لغويا ً هو عِرفان الإحسان و نشره و حمد موليه ،

المعنى الإصطلاحي للشكر هو وضع النعم و المواهب الإلهية في المكان اللائق و الذي خلقها الله لأجله ، ان يضع كل شيء ٍ انعم الله به عليه موضعه فيقال عنه شاكرا ً لله ،

ذكر بعض علماء الخلاق ان الشكر هو صرف العبد جميع ما أنعمه الله تعالى فيما خُلق للأجله ، وضع كل شيء في الهدف الذي اراده الله له .

ثالثا ً : دعوة القرآن الكريم للتفكر لتحقيق الشكر ،

القرآن يدعو الناس للتأمل و التدبر في أمور ليكون مردود هذا التدبر و  و التأمل الشكر لله سبحانه و تعالى  ،

  1. أصل الخلق و ضعف الإنسان و عدم علمه  اللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ   ( 2 ) تدبروا في هذه المراحل لتكون نتيجة التدبر هي الشكر لله تعالى وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ( 3 ) انت ضعيف خلقت هكذا امك تحملك مدة من الزمان وترضعك و لا تستطيع ان تدفع عن نفسك شيء ثم صرت قويا ً عليك ان تتوجه لله و تشكر هذه النعم لله سبحانه و تعالى .
  2. نعمة الإيمان لمن كان مؤمناً عليه ان شكر دائما صارت عنده معرفة بالله عليه ان يلتزم بشكر الله و الخضوع لله حتى لا يسلب منه هذا التوفيق و هذا الإيمان يقول تعالى وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ( 4 ) فضل الله علينا و على الناس ان هدانا للإيمان و من يهتدي للإيمان عليه ان يُقر و أن يشكر الله سبحانه و تعالى .
  3. نعمة العقل و الحكمة و يتخذ المواقف الصحيحة عليه ان يكون شاكرا ً لله كما يقول تعالى وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ  ( 5 ).
  4. شكر النعم المادية الإنسان يتقلب في نعم مادية كثيرة لا تنتهي عليه ان يكون شاكرا ً لله عليها اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ( 6 ) سخر لكم  هذه الأمور المادية الله يقول تدبروا تأملوا كونوا شاكرين لله  .
  5. شكر الله للنجاة من البلاء كم إنسان يمر في ضيق ٍ و ألم ثم ينجيه الله و إذا نجى من البلاء مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ المطلوب ان يتدبر ان الله نجاه و خلصه من المحنة و العذاب و البلاء فعليه ان يشكر قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ( 7 ) الحالة الطبيعية للإنسان السوي للإنسان العاقل ان يشكر على هذه النعم التي انعم الله بها عليه .
  6. شكر نعمة العفو و المغفرة عندما يرتكب الإنسان خطأ و يستحق العقوبة ثم يتراجع الله سبحانه و تعالى لا يؤاخذه و لا يعاقبه عليه ان شكر الله انه نجاه و خلصه من آثار هذه المعاصي و من آثار العذاب و الإبتلاء الذي قد يحيق به يقول تعالى ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 8 ) عفونا عنكم تجاوزنا عنكم إرجعوا و إشكروا لله سبحانه و تعالى و هناك آيات ٌ في الشكر كثيرة .

رابعا ً : حقيقة الشكر و أركانه ،

هناك أركان ٌ لشكر الله سبحانه و تعالى هذه الاركان ثلاثة و هي ،

الركن الأول : المعرفة و وجوبها مقدمة لشكر النعم المعرفة واجبة و كما ذكرنا ان علماء الكلام والفلسفة قالوا بوجوب معرفة الله سبحانه و تعالى إنطلاقا ً من وجوب شكر المنعم يقولون الفطرة العقل الإنسان السوي السليم يجد في نفسه أنه ملزم ان يشكر من قدم إليه نعمة من قدم إليه خير فإذا وجد الإنسان نفسه في النعم عليه ان يشكر أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ    يعني نتيجة ٌ طبيعية ٌ للإنسان ان إذا رآى النعم ان يشكر ان يكون عارفا ً بالله لان الشكر لا يكون من غير معرفة عليه ان يعرف الله حق معرفته حتى يستطيع ان يكون شكره كما يليق بشأنه و هناك تفصيل يأتي ، لا يؤدي حق الشكر من غير معرفة صفات الله يجب ان يعرف صفات الله حتى يشكر كما اشرنا بالأمس عندما تتعامل مع الناس تجد الفروقات بينهم الوزير و الرئيس و الحاكم و العالم و المرجع كل شخص له شأن و تتعامل مع كل شخص ٍ بحسبه و تشكره إذا انعم بحسبه ، العالم له شأن المرجع له شأن إذا أعطى الحاكم إذا إلتفت إلى شخص ٍ يشكره إذا توجه إليه بتوجه يجد في نفسه  شكر له يختلف عن إنسان اخر توجه إليه مثله او اعطاه اكثر منه ،

الركن الثاني :  الخضوع ،  من اركان الشكر لله سبحانه وتعالى الخضوع سكون النفس و قناعتها بفضل من ينعم من غير حاجه له فيما يُعطي هذا السكون ركن ٌ من اركان الشكر يولد المحبة لمن ينعم و يفيض يدفع صاحبه للخضوع لله تبارك و تعالى يجد في نفسه انه خاضع خاشع لله سبحانه و تعالى يولد السرور بالنعم التي تمثل عناية ً ربانية ً لأنه يجد في نعم الله انه تلطف من الله و نعم ٌ من الله و عناية ٌ من الله عليه و يولد الخشية القلبية فيكون قلبه خاشعا ً لصاحب النعم يخاف من الله و يرجو الله  و لا ييئس من رحمته .

الركن الثالث : العمل الفعل ،

العمل الذي يمارسه الإنسان و إلا يكون شاكرا ً لهذا العمل جوانب ،

  1. عمل القلب ، عمل القلب التفكر في نعم الله و تعظيم ِ أفعال الله القلب له عمل و يُحاسب  الإنسان على عمل القلب لان القلب له افعال كما في قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا  يحب فيكون في قلبه اثر و عمل يحاسب على هذا العمل ، القلب يُعظم فما هو شكر القلب ، شكر القلب يكون بالرضا  بما يرى من النعم من صغيرها إلى كبيرها فيجد قلبه مطمئن راضيا ً بهذه النعم ن
  2. عمل اللسان ، يشكره و يحمده و يثني عليه باللسان هذا ايضا ركن ٌ و لا يكون الشكر إن لم يكن كذلك ، شكر اللسان ان يكون لك نصيب في ذكر الله في ذكر الأوراد الواردة في مدح الله و الثناء عليه قراءة الأدعية المتضمنة لشكر الله سبحانه و تعالى فالحمد باللسان مطلوب لان انه يقول فقط اكون عمليا ً بل مطلوب منه العمل الجوارحي غير اللسان و مطلوب منه ان يذكر الله و يشكره بلسانه (  عن الإمام الصادق عليه السلام قال إن الرجل ليشرب الشربة من الماء فيوجب له الله بها الجنة ثم قال إنه ليأخذ فيضعه على فيه فيسمي ثم يشرب فينحيه وهو يشتهيه فيحمد الله ثم يعود فيشرب فينحيه فيحمد الله ثم يعود فيشرب ثم ينحيه فيحمد الله فيوجب الله عز وجل بها له الجنة  )  اعظم الشكر باللسان الشكر له جوانب كثيرة و درجات و لكن بالنسبة لشكر اللسان أعظمة الحمد لله ( كما في الحديث عن حماد إبن عثمان قال خرج ابو عبد الله عليه السلام و قد ضاعت دابته فقال لأن ردها الله علي َّ لأشكرن الله حق شكره قال فما لبث ان أُتيَ بها فقال الحمد لله فقال له قائل جعلت فداك أليس قلت لأشكرن الله حق شكره فقال ابو عبد الله عليه السلام ألم تسمعني قلت الحمد لله ) هذا حق الشكر باللسان ان يعيد هذا اللفظ و يكرره .
  3. الطاعة العمل الجوارحي و تتمثل في إستعمال الأعضاء في طاعة الله عز و جل كما في الحديث ( عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام قال شكر النعمة إجتناب المحارم ) تريد ان تشكر الله إجتنب المحارم أما شخص يكرر الذكر و لكن في واقعه العملي فاقد للعمل و إجتناب المحارم منهمك في المعاصي هذا بعيد ٌ عن شكر الله سبحانه و تعالى كافرا ٌ بنعم الله لم يحقق ركنا ً أساسيا ً من أركان الشكر لله ، إذا العمل الطاعة مطلوب ، مطلوب  ٌ ان يطيع مطلوب ٌ ان ينفق ان يُقدم ان يعطي ان يحسن للناس و يجتنب و يجب ان يكون كل ذلك مع شكر القلب و شكر اللسان و ان لا يكون في فعله مانا ً على الله و لا مانا ً على من يعطيه من عباد الله بان يتكبر عليه او يُظهر له انه ساعده فإن ذلك مرفوض و إثمه اكبر من حسناته و من عمله .

خامسا ً : الفرق بين الحد و الشكر ،

الحمد هو الثناء باللسان بيمنا الشكر بهذه الركان التي ذكرناها إذا ً بينهما عموم و خصوص مطلق كما يقولون الحمد أخص من الشكر بينما الشكر بالقلب وو اللسان و  الجوارح   الحمد يكون على الجميل الحمد هو الثناء على الجميل الإختياري كما يقولون ، تحمد شخص تثني عليه تمدحه بينما الشكر هو الحمد و لكن على نعم ٍ أنعمها الله عليك .

سادسا ً : حركة الشكر للمنعم ،

  1. الشعور بوجود النعمة يحتاج ان يشعر بوجود النعمة حتى يكون في حركة الشكر لله إحساس دائم بأني ضعيف و انا في طريق النعم الله سبحانه و تعالى منعم و هذا فرع ٌ من فروع التفكر في الله وهو عمل القلب  .
  2. الحمد باللسان و السجود إظهار الخضوع إذا أنعم الله عليه نعمه يسجد لله سبحانه و تعالى شاكرا ً على هذه النعم .
  3. المحافظة على النعم فأنت ترتع في نعم الله في عطاء الله كن شاكرا ً لله دائما ً و أبدا ً و إحفظ عليك التوفيق في الدنيا و الاخرة بإستمرار الشكر لله سبحانه و تعالى و المحافظة عليها و الإستزادة منها كما يأتي .

سابعا ً : حق الشكر ،

هل يستطيع احد ان يشكر الله حق شكره ، لا يستطيع حقيقة الشكر التام لا يستطيع ان يشكره للأركان التي ذكرنها ، المعرفة من الذي يستطيع ان يعرف الله حق معرفته إذا إستثني المعصوم لا يستطيع الإنسان العادي ان يصل لمعرفة الله سبحانه و تعالى حقيقة المعرفة لذلك لن يستطيع ان يصل إلى حقيقة الشكر مع ان الشكر مطلوب منه لا يستطيع ان يشكر العبد ربه لأن كل فعل ٍ يأتي به هو نعمه حتى ان الشكر لله هو نعمة ٌ و توفيق من الله انت عندما تشكر الله و تأتي للصلاة هل تستطيع ان تقول انا اتيت من نفسي من غير ان يوفقني الله لذلك طبعا لا كل شيء يفعله الإنسان إنما هو عطاء ٌ و نعمة ومن ٌ من الله يحتاج إلى شكر كما  ( يقول الإمام زين العابدين عليه السلام في مناجات الشاكرين فَكَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِ الشُّكْرِ ، وَ شُكْرِي إِيَّاكَ يَفْتَقِرُ إِلَى شُكْرٍ ، فَكُلَّمَا قُلْتُ لَكَ الْحَمْدُ ، وَجَبَ عَلَيَّ لِذَلِكَ أَنْ أَقُولَ لَكَ الْحَمْدُ ) الصحيفة السجادية كلما تاتي به من شكر ٍ و إعتراف ٍ لله سبحانه و تعالى انت تحتاج ان تشكر على هذا التوفيق و هذا الإعتراف و هذا الثناء و الشكر إذا ً الشكر لن يستطيع ان يصل إليه الإنسان تاما ً  و لكن الله كريم ٌ  و رحيم ٌ يقبل من عباده اليسير فيقبل اليسير من عباده و لا يبتعد الشخص المؤمن ويترك ما هو مقدور عنده ، ذكر الكليني في الكافي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام ( ما أنعم الله على عبد ٍ بنعمة ٍ صغرت او كبرت فقال الحمد لله إلا أدى شكرها ) هذا المتيسر فؤدّي شكرها الله يقول قبلت هذا و إعتبرت منك هذا أداء ً للشكر تاما ً و بالوجدان نعلم انه لن نصل للشكر الحقيقي لكن الله يقبل .

ثامنا ً : مراتب الشكر ،

الشكر مراتب كثيرة و لكن ملخصها في كلمة ان المراتب مرتبطة بمستى المعرفة فكلما كان الشخص عارفا ً بالله اكثر كانت مرتبته اكبر و كلما كان إخلاصه اكبر كان عمله مقبولا ً اكثر و هذا الذي يجعل التفاوت بين اعمال الاولياء و الصالحين و بين سائر الناس وعرفة و إخلاص في العمل هو  الذي يجعل التفاوت و المنازل مختلفة .

تاسعا ً مقامات الشكر ،

الشكر مقامات و الشاكر لله يختلف عن غيره و شاكر ٍ يختلف عن شاكر و كل شخص ٍ بحسبه فعلماء الاخلاق يذكرون مقامات .

المقام الاول : إستعظام النعم و تصغير النفس، فلا يرى الشخص الشاكر لنفسه إستحقاق لا يقول انا استحق هذه النعمة و الله سبحانه و تعالى اعطاني لأنني ساعدت فلان لأنني ذهبت لزيارة فلان و اكرمت فلان لانني قمت بالصلاة اطعت الله في بعض الطاعات ليس كذلك كل شيء يعطيك الله سبحانه و تعالى هو من ٌ و تفضل ٌ و ليس لك وجود و عمل إلا الخضوع و انت تحت التفضل و الإكرام و اللطف الإلهي ابدا ً و دائما ً و ما وفقت لعمل صالح هو ايضا نعمة كما مر .

المقام الثاني : ان يرتقي الإنسان و لا يرى نفسه انه فقط انه صغير و انه حقير و انه دون النعم بل يرى نفسه دون ذلك و محبا ً لكل ما يأتي من هذاالمحبوب و هذا الخالق و المنعم حتى لو كان بلاء ً و شدة و عقاب يحب ما يأتي به الله يقول كل شيء ٍ من عند ربي محبوب و مقبول اقبله و ارضى به فيحب و يأنس و يسر بكل شيء ٍ حتى لو وقع في البلاء .

المقام الثالث : عدم رؤية غير المنعم فلا يتعلق قلبه حتى بالنعم و إنما ينقطع في توجه لله فقط يقول كل شيء ليست له قيمة و رضوان ٌ من الله اكبر لا ينظر للنعم لا في الدنيا و لا للنعم في الاخرة و إنما ينظر لله سبحانه و تعالى يقول علاقتي بالله و رضى الله و القرب من الله و الأفضل وهو الغاية و كل شيء دون ذلك ليست له قيمة .

 

عاشرا ً ، عوائد الشكر و الكفران ،

  1. للشكر عوائد حتى في الدنيا أشار إليها القرآن و هي ليست خاصة بالدنيا فقط و إنما للدنيا و الآخرة و للكفران و نكران الجميل عواقب ٌ وخيمة للدنيا و الاخرة ،

و كلما شكر الإنسان افاض عليه في كل جانب وفق للإيمان كما أشرنا في بادئ  الكلام فشكر الله عليه وفق اكثر فأكثر فصار إيمانه إيمانا ً حقيقيا ً إزداد و إزداد إلى ان يصل الى أعلى و أسمى درجات الإيمان ،

شكر الله على نجاة ٍ من البلاء و هو في الرخاء و في الشدة ، شكر الله على النعم المادية و الرزق الله سبحانه و تعالى يُفيض عليه و يمن عليه بالعطاء و يجعله مستمرا ً في كل وقت ٍ كذلك و في جميع الجوانب ،

يقول تعالى وإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ  ( 9 ) و  ( يقول الإمام علي عليه السلام الشكر عصمة ٌ من الفتنة ) إذا شكر الإنسان النعمة وقاه الله مواضع الفتن (  و يقول عليه السلام شكر النعمة أمن ٌ من حلول النقمة ) لا يقع في نقمة الله في غضب الله في طرد الله (  و يقول عليه السلام شكر النعم يضاعفها و يزيدها ) .

  1. نتيجة كفر النعمة و السير أمامها كالاعمى يرى النعم يرى الخيرات و لكنه لا يبصر لا يفكر لا ينتبه نتيجته وإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ  .

 

الهاومش ،

 

1 – سورة الأعراف الاية 10

2-  سورة النحل الاية 78

3- سورة لقمان الاية 14

4- سورة يوسف الاية 38

5- سورة لقمان الاية 12

6- سورة الجاثية الاية  12

7- سورة النعام الآية 63

8- سورة البقرة الاية 52

9- سورة إبراهيم الاية 7

شاهد أيضاً

تفسير سورة الاراف حلقة 103

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *