c تفسير سورة الانبياء الحلقة 10

تفسير سورة الانبياء الحلقة 10

وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ (21لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)

 

هذه الايات تعقب على هادفيه الخلق كان الحديث عن هادفيه الخلق وان الله خلق قاصداً لغاية و ليس عابثاً او لاعباً و هنا تبين ان الذي خلقها هو الله سبحانه وتعالى و هو رب واحد وهو مدبرها وربها و ليس هناك من يشاركه في ذلك ،

اولا: المفردات

  • وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ

 

ومن عنده هم المقربون من ملائكته او من ملائكته و اوليائة المقربين هم الذين يكونون مخصوصين بمنزلة القرب من الله سبحانه وتعالى ،

 

وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ اي لا يعيون ولا يتعبون ولا يملون فهم دائمي العبادة لله سبحانه وتعالى لا ينقطعون ابدا ، ولا يظهر تعبهم و لا مشقتهم ولا يعيون في ذلك فهي مأخوذه من حسر عن ذراعه إذا كشفها فهم لا يكشفون و لا تنكشف تعبهم وانما هم دائمي العبادة و الانقطاع لله سبحانه وتعالى و يفسرها ما بعدها من قوله يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ دائم التسبيح لله سبحانه وتعالى لا يملون ولا يفترون من تسبيحه ،

 

آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ اي الاصنام التي يظنون بقدرتها ، وحاكميتها ،

 

هُمْ يُنشِرُونَ اي يحيون النسا و يبعثونهم يوم القيامه هذه المفردات

 

ثانيا : المعاني

وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ هنا رد على توهم محدودية قدرة الله سبحانه وتعالى لدفع هذا التوهم وان هناك اناس خارجون عن سلطة الله وقدرته فتجيب الاية بإن المالكية لله سبحانه وتعالى وكل شيء في وجوده قائماٌ بالله سبحانه وتعالى فليس هناك شيء خارج عن قدرة الله وانما كل شيئ تحت سلطة الله لانه هو الخالق كما يأتي فتبين انحصار المالكية في الوجود لله سبحانه وتعالى و ليس لاحد ان يشارك الله في مالكيته فهو المتصرف مالك ، ومتصرف في هذا الوجود ،

مالكية الله سبحانه وتعالى هي مالكية حقيقة و ليس اعتبارية و المالكية الحقيقة تعني ان يقوم الوجود بمن اوجده دائما في العقائد نذكر مثال ونذكره من الامثله الموجوده الاضائة و الكهرباء هذه  الاضائة هي مستمرة وجودها و استمرارها  هذا الضوء  باستمرار الكهرباء فكل انٍ تجد فيه الضياء يختلف عن ما قبله لذلك لو انقطعت الكهرباء عنها انقطع فليست الكهرباء تبث هذا الضياء و تنتهي الكهرباء و انما هذا الوجود هو مستمر في خلق جديد يوجد وجود بعد وجود طبعا هذا المثال ليس دقيق وإنما هو للتقريب الله سبحانه وتعالى يوجد الخلق و يبث الوجود في كل آنٍ و في كل لحظة فليس الوجود مستقل و ليس الوجود باقيا في نفسه يعني ليس ان الله اوجد هذا الوجود و ذهب الله لا و إنما هذا الوجود  وجوده دائما قائم بالله سبحانه و تعالى و هذه الاية ايضا تجيب على توهم الحاجة للعبادة  فتقول كل من في السماوات من الملائكة و غيرهم يعبدون الله ولا يستكبرون ومع ذلك فهو غني عن عبادتهم و ليس بحاجة لعبادتهم ، وإذا امر الناس ان يعبدوا انما امره من اجل مصلحتهم هم ترجع الفائدة للناس وليس لله سبحانه وتعالى ،

وفي هذه الاية دلالة ايضا على وجوب الطاعة و لا يعفى منها قريب ولا بعيد ليس هناك شخص بلغ مرحلة من المراحل بحيث يقول انا صرت قريب من الله فلا احتاج للعبادة بل العبادة على الجميع وكلما كان الشخص قريباً من الله كانت العبادة منه اكثر و الخضوع اكثر ،

يقول تعالى لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ  (1)  فيها يبين ان العلاقة بين الخالق و المخلوق و المالك و المملوك الحقيقي تختلف عن العلاقة بين المالك و المملوك الاعتباري المالك و المملوك الاعتباري تجد المملوك خاضع لمالكه ما دام هو بعيد و لكن كلما حضي بمنزلة و قرب كلما قل خضوعه و لم يطلب من الخضوع اكثر  واما في الملك الحقيقي فإن الشخص الذي يكون قريباً لله سبحانه وتعالى يكون خضوعه اكثر ومطلوب اكثر  فالاولياء يخضعون لله اكثر من غيرهم الانبياء يعبدون الله اكثر من غيرهم و يفرض عليهم بعض الامور التي لم تكن واجبة على سائر الناس ،

 

قوله تعالى أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ  (2)

فيها ام اتخذوا آلهة من الارض اي من جنس الارض من المعادن و الفلزات يعني اصنام وهو نوع من التهكم و الاستخفاف بهم كيف اتخذتم الهة من الارض ما هذه الالهة التي هي من الارض هل هي تخلق و تحي وتميت ؟

 

فهو نوع من الاستهزاء بهم التهكم ليرجعوا الى انفسهم كما قال ابراهيم فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ  _(3)  فهو ارجاع للنفس ليتفكر الشخص تعبدون فلزات تعبدون اصنام لا تحي و لا تميت او انه من جنس المخلوقات ،

 

مِّنَ الْأَرْضِ بمعنى من جنس  المخلوقات و هذا الجنس الذي هو من المخلوقات لن يختلف عن سائر المخلوقات ، و عن الناس فكيف يكونون ارباباً و آلهة للناس وهم من جنس المخلوق الذي يسأل كيف وجد ومن الذي وجده و من الذي يديره ومن الذي يعطيه الحياة ومن الذي يميته

 

همْ يُنشِرُون ايضا دفع لتوهم بوجود الهة غير الله يحيون ويميتون و يحاسبون و هذا ما يعتقده الوثنيون فهم يؤمنون بوجود الله الاحد الخالق و لكنهم يعقدون بوجود ارباب متعدده وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ  (4)

وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ  (5)

يؤمنون بان الخالق الله سبحانه و تعالى و لكنهم يؤمنون ايضا بتعدد الارباب يقولون الله سبحانه وتعالى خلق الخلق و بعد ان خلقهم تركهم لالهة و لارباب يديرونهم و إذا كانت هناك الهة تدير و ارباب تدير  الخلق فهي تحيينا و هي تميتنا و هي تدير امورنا فلا حاجة لطاعة الله سبحانه وتعالى الله سبحانه وتعالى اوجد الخلق و انتهى فلا حاجة له هنا ترد عليهم الاية و تقول

هُمْ يُنشِرُونَ هل هم يخلقون

تقول إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ (6)    فهي ترجع وتحصر حق العبوديه بمن يخلق و ليس بمن يدير توهماً و لا يمكن ان يدير الخلق إلا خالقهم حقيقةً و ليس توهماً .

 

  • سورة الانبياء الاية 19
  • سورة الانبياء الاية 21
  • سورة الانبياء الاية 63
  • سورة الزخرف الاية 87
  • سورة الزخرف الاية 9

سورة الحج الاية 73

شاهد أيضاً

تفسير سورة النبياء الحلقة 48

تفسير سورة النبياء الحلقة 48 13/5/2019 بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *