c تفسير سورة الانبياء الحلقة 12

تفسير سورة الانبياء الحلقة 12

لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)

في هذه الاية نواصل الحديث الذي هو مرتبط من جانب العقائد وإثبات حكمة الله سبحانه وتعالى

اولا : ما هو السؤال و ما هي حقيقته لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ الجواب عن جهة الحكمه في الفعل ولماذا فعل كذا ولم يفعل كذا عندما تجد افعال يتبادر الى السؤال لماذا هذا الفعل هكذا فهل ان افعال الله يسأل عنها او لا يسأل عنها الاية تقول لا يسأل عن ما يفعل وهم يسألون غير الله سبحانه وتعالى يسأل عن فعله اما الله فإنه لا يسأل عن افعاله لان افعاله تقتضي الحكمة كما ياتي .

ثانيا : لماذا لا يسأل  عن ما يفعل ؟

  • لان افعاله سبحانه وتعالى مبنيه على الحكمة فلا يتصور فيها الباطل الله سبحانه وتعالى في افعاله لا يُتصور فيه العبث و الباطل وغنما افعال الله كلها مبنيه على الحكمة ولو فرض فيها العبث او الباطل لانتفى وجود الله ولا يمكن اثبات وجود الله لان الباطل لا يمكن ان يكون من واجب الوجود الذي هوو خلق الوجود و هو غنياً عن الوجود فكيف ياتي بباطل و الباطل لا يمكن ان يصدر منه الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ (1)    الذي احسن كل شيء في خَلَقَه خلقهُ مبني على الحكمه لا يسألأ لان افعاله كلها مبنيه على الحكمة
  • او لانه لا غاية له خارج ذاته ليستكمل بها تبارك وتعالى وتنزه عن اية تكون خارج ذاته فهل الله سبحانه وتعالى في خلقه الخلق و إدارته الخلق و ربوبيته للخلق غاية يستفيدها هو من خارج ؟ ليس هناك غاية و إلا لو كانت هناك غاية  لكان نقص عند الله سبحانه وتعالى  فلا غاية له في خلقه  الا في ذاته هو فليست هناك غاية خارج ذاته فلا يسأل عن فعله في ذاته .
  •  البعض قال لان غير الله اذل من ان يسأله احقر من ان يساله هو صاحب الكبيرياء و العظمه وهو القادر و لا يمكن ان ياتي  غيره فيسأل وهذا الجواب هنا ليس دقيق والجواب الاول هو الصحيح لان افعاله مبنيه على الحكمه فلا يمكن   ان يسال لماذا فعل لان كل فعلٍ فعله انما هو فعله لحكمة فيه .

ثالثا : وَهُمْ يُسْأَلُونَ لماذا وهم يسالون عكس ذلك

  • لان صدور الباطل و العبث ممكن لانه يمكن ان يصدر العبث و يصدر الباطل منهم لذلك يسالون لماذا تفعلون هذا ولماذا فيحتاج الى تبرير لافعالهم .
  • لا ن غايتهم مع نقصهم هي اتمام النقص مع كثير من الجهل لما له دخل في ذلك غية من ياتي بفعلٍ غير الله سبحانه وتعالى انما هو ليتم نقصه ليتكامل حتى الاولياء ليتكاملواث يُسال غير الله سبحانه و تعالى عن فعله ثلاثه لوجود التزاحم بين الماديات التي قد يرجح منها ما هو اسهل وما يحقق له هدف اكثر في تصوره لماذا اخترت هذا ولم تختر هذا

رابعا :  المقصودون ب وَهُمْ يُسْأَلُونَ من هو الذي يسال ؟ الله سبحانه وتعالى لا يسال عن ما يفعل ومن هم الذين يسالون ؟

 

قيل

  • الالهة مقابل لنفي الله لان الحديث عن الله في جهة و عن الالهة في جهة فقال القائل انه نفي السؤال لله سبحانه و تعالى و اثبات السؤال للالهة انه  وهم يسالون عن افعالهم  على فرض قدرتهم  على الافعال و الربوبيه و التدبير .
  • هم الناس الذين يسالون عن افعالهم لماذا ؟ لان الالهة لا تستطيع و ليس هناك الهة حقيقة ليس هناك من يدير العالم حقيقة فليس هناك سؤال لهم و انما السؤال للناس و هم يسالون يعني البشر يسالون عن افعالهم
  • الالهة و الناس و المعنى يكون الله سبحانه وتعالى لا يسال عن افعاله و غيره يسال عن افعاله كل موجود غير الله سبحانه و تعالى سواء عهو انسان او غير انسان او الهة هو الذي يسال عن فعله و الله لا يسال عن فعله

خامسا : التحسين و التقبيح العقليين هذه اللاية ترتبط ببحث عقائدي و هو التحسين و التقبيح العقليين استدل بها الاشاعرة و من استدل بها على امكانية الافعال القبيحه من الله سبحانه وتعالى وهنا نتحدث في بيانها بإختصار ،

  • التحسين النقبيح العقليين هو ان العقل يدرك بعض الافعال انها حسنه و بعض الافعال انها قبيحه ، العقل يدرك ان الظلم قبيح و ان العدل حسن العقل يدرك هذا يعني لو جائك شخص مثلا   و قدم لك ورده و ضربته مقابل ذلك يقولون هذا فعل قبيح ليس صحيح و لا يحتاج الى ان يشرعه الله ، او تؤمن بشريعة الله حتى تدرك هذا يدركه المؤمن و الكافر المسلم و غير المسلم الجميع يدرك ان هذا الفعل قبيح و ذاك فعل  حسن هذا يذكره العقلاء و الفلاسفه و المتكلمون و العدليه ، العدليه يعني الشيعه و المعتزله يسمونهم العدليه الذين يقولون بالعدل و الاشاعرة الذين لا يقولون بالعدل و السنه و الجماعه  السؤال عن هذه الافعال علة التحسين و التقبيح يقولون الافعال تنقسم الى اقسام فعل يكون هو علة في نفسه لنحكم عليه انه حسن او نحكم عليه انه قبيح كالعدل ، العدل نحكم عليه انه حسن في كل زمان العدل حسن وضع الشيء في موضعه حسن الظلم قبيح في ذاته من كل احد الظلم قبيح يدركه الانسان فالفعل هو علة تامه للتحسين و التقبيح الفعل الثاني ما يكون مقتضيا للتحسين و التقبيح هو في نفسه مقتضي و لكنه ليس تام كالتعظيم و التحقير عندما تعظم اشخاص هذا التعظيم في ذاته ليس تاما يكون دائما حسن ولكن  كانما نقول قابليه يعني مقتضي ان يكون لو خلي و نفسه لحكمة على التعظيم انه حسن ولو خلي التحقير و نفسه لحكمة عليه انه قبيح و لكن لو دخلت عليه امور مثلا تعظيم الظالم او  المجرم تجده انه ليس حسن دخل عليه عنوان اخر فغير هذا المقتضي فغيره التحقير قبيح و لكن تحقير من يحقر الناس و يهين الناس لا يكون قبيح دخل عليه عنوان اخر وهناك افعال ليست هكذا و ليست هكذا  في نفسها لها قابليه ان تكون حسنه و لها قابليه ان تكون قبيحه كالضرب الضرب ، شخص يضرب انسان إذاء للناس يكون قبيح شخص يضرب ولده تاديبا يكون حسن فله قابليه هكذا و هكذا .
  • كيف يدرك العقل حسن بعض الافعال وقبحها يقال ان الانسان فيه جانب مثالي في روحه في ادراكه فيه جانب علوي يدرك هذه الافعال الله سبحانه وتعالى فطره على هذه الفطره وهو ديرك هذه الافعال .
  • استدلوا على نفي التحسين و التقبيح العقليين الاشاعرة و الذين لا يقولون بعدل الله استدلوا على نفي التحسين يقولون ليس هناك شيء اسمه تحسين و تقبيح بالعقل الله سبحانه وتعالى اذا قال هذا حسن نقول هذا حسن و اذا قال هذا قبيح نقول قبيح و قبل ان يقول الله ان هناك افعال حسنه او افعال قبيحه نحن لا ندرك شيء يقولون هكذا و استدلوا على هذا الرأي و قالوا بالامكان صدور الظلم من الله تعالى بماذا ؟ قالوا لان الله يفعل ما يشاء فيمكن ان يظلم و غير ذلك وقالوا ان قلت انه لا يفعل بعض الامور قيدت الله يعني جعلت قدرة الله محدوده إذا قلت ان الله لا يظلم يعني الله صار محدود القدرة فيقولون هكذا و استدلوا بهذه الاية لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ يقولون هو لا يسال ، وكل شيء يفعل و لا يسال  وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ  (2)  يقولون الله سبحانه وتعالى هو يختار  و يخلق ما يشاء و ليس لاحد ان يعارضه  الجواب باختصار ان هناك فرق بين القدرة و الفعل الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء و لكن ليس كل قادر على شيء لابد ان ياتي به كم من الامور القبيحه نحن لا نقوم بها وكم من الاكلات القبيحه نحن لا ناكلها العذر و القذارة ندرك قبحها و لا ناكلها ونحن نسطيع فليس معنى ان يكون قادر ان يفعل كل شيء و كما يقول امير المؤمنين سلام الله عليه وانما يحتاج الى الظلم الظعيف الذي يحتاج الى الظلم و التجاوز الذي يكون فيه خلل فيه نقص ليسد هذا النقص الله سبحانه تعالى غني عن ذلك كله غني قادر وهو يضع الامور في موضعها .
  • فوائد التحسين و التقبيح

وجوب معرفه الله لماذا ؟ لانه نحتاج الى شكر المنعم تعلم اننا في نعم فلنشكر المنعم وجب علينا ان نبحث عنه لنبعد انفسنا عن الضرر المحتمل الذي يدعيه الانبياء  الانبياء قالوا هناك جنه و نار قالوا هناك نار ليس ب100  سنه و لا 200 سنه ملايين السنين ليس لها نهاية خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ  (3)  هذه النار محتمله العقل يقول هذا تركه قبيح كما انك لو خرجة في الشارع  وانت تسير في الشارع و قيل لك هناك يوجد حيوان مفترس هل تذهب او تتاكد العقل يقول تاكد ان الطريق آمن ثم اخرج هذا العقل لذلك تجب المعرفه ،

لزوم التكليف ايضا نثبت انه لا بد ان يرسل الله انبياء لان الله خلق لهدف لانه ليس عابث فإذا كان ليس عابث فلا بد ان يخلق الناس لهدف و لا بد ان يرسل الانبياء و لا بد ان يكون اللانبياء معصومين ، ايضا اثبات الاخلاق لان الاخلاق ثابته في كل وقت عدل الخالق و عدم الظلم ومنه قبح العقاب بلا بيان انه لا يمكن الله سبحانه تعالى ان يعاقبنا لم يبين لنا الاحكام لم يبين لنا امور و ياتي يوم القامه و يعاقبنا على شيء نحن لم نفعله لاننا لم نعلم حكمه لم يبين لنا حكمه ،

الاختيار و عدم الجبر لا يمكن ان يجبرنا الله كما يقولون ان الانسان مجبور ان يجعلنا الله مجبورين ( القاه في الايم و قال اياك اياك ان تبتل بالماء يلقينا و يجعلنا نرتكب المعصيه ثم ياتي ليضربنا و يعذبنا و يعاقبنا و يدخلنا النار هذا مستحيل ،

لا تكليف بغير المقدور ايضا ، يثبت الله سبحانه وتعالى يكلف  انسان و لكن بقدرته .

 

الهوامش

  • سورة السجده الاية 7
  • سورة القصص الاية 68
  • سورة هود الاية 107

 

شاهد أيضاً

تفسير سورة النبياء الحلقة 48

تفسير سورة النبياء الحلقة 48 13/5/2019 بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *