بسم الله الرحمن الرحيم
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَن ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ
بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنظَرُونَ
مر الحديث حول هذه الاية و معاني الايات ، وما يرتبط بها و نشير هنا لجهة واحده وهي افتتاح هذه الاية ،
اولا: معنى العجلة
الموضوع هو حول ما اشارت اليه في مفتتح هذه الاية ،
معنى العجلة و معيارها ، العجلة لغة هي التسرع و الاندفاع ، الذي يتسرع و يندفع للشيء يقال عنه متعجل ،
العجلة اصطلاحا ً هي المعنى الراتب في القلب الباعث على الامور بأول خاطرة من دون توقفٍ و استبطاء في اتباعها و العمل بها كما ذكر ذلك صاحب جامع السعادات ، ان تكون العجله هي في القلب ثابته صفه نفسانيه عند الانسان من خلالها يتحرك تكون راسخه في نفسه في روحه وتدفعه للاقدام على العمل من غير تدبر ومن غير تأني ،
معيار العجله ، حتى يقال ان هذا متعجل ، هو طلب الشيء قبل اوانه ، الذي يطلب الشيء قبل ان يكتمل قبل اوانه هذا هو المتعجل .
ثانيا : القران ذكر العجله و ذكرها في مرات ٍ بمدح او بقبول و لكن اكثر ما ذكرت العجلة بالذم وهي تناسب المصطلح الذي ذكرناه ان تكون صفه راسخه في النفس تدعوا الانسان للتحرك للشيء لاول بادرة من غير تدبر لذلك ذكر الله سبحانه وتعالى هذه الصفه على انها مذمومه عادة توصف لمن يذمهم القران و يستنقصهم انهم متعجلون خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (1) خلق الانسان من عجل و هي اشارة الى ليس لايجابية فيه وانما لهذه الصفة التي تدعوه لاختيار غير الصواب ويقول تعالى وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا (2) ايضا هي اشارة لتعجله في طلبه فيطلب امورا ً و يكتشف بعد ذلك انها شر و ليست خير له كانه يطلب الخير كما ذكرنا سابقا في الاية انهم يطلبون الايات التي تنزل عليهم بالعذاب يستعجلونها وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ ۗ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ ۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (3) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ صفة من الذي يستعجلك بالسيئة ؟ هو لشخص الذي لا يتدبر لا يتأمل في عاقبة ما سيحل عليه وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ۖ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (4) هؤلاء يمهلهم الله سبحانه وتعالى مع انهم يستعجلون و لكن الله يمهلهم ولو يعجل لهم لأهلكهم عندما يطلبون و يقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين لو يعطيهم و يحقق لهم مباشرة لاهلكهم و انتهوا هذه ايات شير الى صفاة مذمومه عند الانسان المتعجل ،
ثالثا : اسباب العجله ،
- الجهل ، الجاهل هو الذي يتعجل في كل الامور الانسان العاقل هو الذي يضع الشيء في موضعه يتدبر الامور فإذا وجد شيئا ً صحيحا ً سعى اليه إذا وجد شيئا ً سيئا ً توقف عنده يضع الشيء في موضعه ، متى يضع الشيء في موضعه ؟ عندما تتضح له الصورة اما الجاهل هو الذي يرى جانبا ً في مثلا بريق يلمع له يقدم عليه من غير ان يأخذ الصورة كامله هذا هو الجاهل العاقل هو الذي يتامل يتدبر لدرجة مثلا العلماء الكبار المعروفون كالسيد الطباطبائي وهو المفسير الكبير عندما يسأل سؤال يقول من عاشره لا يجب مباشرة ً يسؤلونه سؤال يعرفه الطلبة الصغار لكنه يقف و يتأمل ويفكر و بعد ذلك يجيب ويقول ايضا لو سألتم غيري كذلك افضل عدم التسرع في الامور هي صفة العاقل اما الذي يتعجل فهو الجاهل .
- الشيطان ايضا يزين للانسان الامور السيئة فيتعجل بها لذلك العجله دائما توقع الانسان في الخطأ و الندامه الشيطان يريد للانسان الهلاك يريد للانسان السقوط يريد للانسان عدنم الفوز عدم تحقيق السعادة ليس في الاخرة فقط حتى في الدنيا الشيطان يحسد الانسان المؤمن و غير المؤمن ايضا حتى غير المؤمن في هذه الدنيا الشيطان لا يتركه يحاول اضلاله إهلاكه حرمانه و سعادته حتى في هذه الدنيا .
- الشهوة ، عندما تسيطر الشهوة على الانسان اختياره يكون غير سوي لانها تؤثر على عقله فإذا نظر لشيء ٍ بشهوة اقدم عليها لذلك من الامور المهمه ان يقنن الانسان رغباته و غرائزة و طموحاته وميوله حتى لا يقع في رغبة جامحة ٍ تسقطه و يختار الشيء ، الغضب ايضا ، الغضب يجعل الانسان يسقط في كثير ٍ من الامور امران مهمان الشهوة و الغضب اذا سيطرتا على انسان هلك ، و الغضب واضح في تصرفات ٍ كثيرة شخص ٌ مثلا يقود السيارة في الطريق يتحدث مع شخص او يخرج عليه شخص بطريقه معاكسه تجد مباشرة يغضب و يصل الى المشاجرة و الضرب بالايدي و غير ذلك سببه التعجل لذلك يكتشف بعد ذلك انه لماذا عملت هذا لماذا اخطأت لماذا تكلمت لماذا رفعت يدي الغضب يجره للخطا و يجره للتعجل و يجره لاتخاذ الامور الخاطئة بل ربما يجعل الانسان السوي قاتل لانه من غير تدبر العقل يذهب .
رابعا : العجلة في البر و طلب الخير ،
العجلة في البر بصورة عامه جيدة و لكن لا بما يصدق عليها المصطلح من غير تدبر بعد التدبر بعد رؤية الامور واضحه يكون المعنى هنا الاسراع للخير فيكون مطلوب و اذا ورد فهو يشير الى ذلك ، فطلب رضا الله سبحانه و تعالى يصح فيه العجله ، قال الله سبحانه و تعالى في خطابه لموسى وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ (5) يعجل لرضا الله سبحانه و تعالى يقدم ، فطلب رضا الله امر محبوب طلب المغفرة و المسارعه اليه مطلوب وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (6) يسارع فيها ايضا مطلوب رواية عن امير المؤمنين عليه السلام قال عجلوا بالصلاة قبل الفوت و بالتوبة قبل الموت التعجيل بالصلاة و في اول وقتها الاقدام عليها مطلوب هنا و ان عبر عنه بالعجله و التعجيل الا انه ليس بالعجله المصطلحه لان الصورة واضحه عند هذا الذي يعجل بصلاته و ياتي بها في اول وقتها وطلب المغفرة والتوبة يعجل بتوبته لا يسوفها ليس بالمصطلح انه يعجل بأمر ٍ غير واضح له انما يريد له الخلاص من ذنبه فيتوب كي لا تفوته الفرصه عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا اردت شيئا ً من الخير فلا تاخره فإن العبد يصوم اليوم الحار يريد ما عند الله فيعتقه الله به من النار اما لو اخر فات اليوم و خسر عجل و أتى به ما دام عنده رغبه فليقدم على الخير ليكون راقيا له من النار .
خامسا : نظار العجله ،
منها
- كثرة الزلل ، الذي يتعجل يكون كثير الزلل يقول امير المؤمنين سلام الله عليه مع العجل يكثر الزلل الذي يتعجل ولا يتدبر في الامور و هذا درسا ٌ لنا ان يتامل الانسان في اي شيء راى شيء حتى في الحديث اذا اراد ان يدخل في حديث ينتظر يتريث يقيم ماذا اقول هل يخدم هل يضر هل يقدم هل يؤخر فيه مصلحه او ليس فيه مصلحه مع العجل يكثر الزلل .
- الندامه يقول علي ٌ عليه السلام فكم من مستعجل ٍ بما ادركه ود انه لم يدركه شخص يستعجل على امور و يحصل عليها ثم يندم و يتمنى انه لم يصل اليها و لم يدركها .
- الحزن الهم يقول امير المؤمنين عليه السلام العجل قبل الامكان يوجب الغصه يعني قبل ان تتهيئ امورك تدخل في امر انت لا تستطيع تحقيقه يوجب لك الغصه و الاسف
- اليئس و القنوط عن الامام العسكري عليه السلام يقول لا تعجل على ثمرة لا تدرك و انما تنالها في اوانها و اعمل ان المدبر لك اعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه فثق بخيرته في جميع امورك يصلح حالك و لا تعجل بحوائجك قبل و قتها فيضيق قلبك و صدرك و يغشاك القنوط اذا تعجلت في حاجتك قبل ان يستحكم وقتها يصيبك اليئس و القنوط لانك لن تحقق هذه الحاجه لم ياتي وقتها .
- يقول امير المؤمنين سلام الله عليه اصاب متانا ً أو كاد الشخص الذي يتأنى في كل شيء في حديثه في مواقفه في اختياره يكون متأنٍ هذا يصيب عادة او يكون قريبا من او كاد ان يصيب و يحقق ما يريد و اخطأ مستعجل او كاد ، الذي يتعجل دائم الخطأ او يكون قريبا من الخطأ .
الهوامش
- سورة الانبياء الاية 37
- سورة الاسراء الاية 11
- سورة الرعد الاية 6
- سورة يونس الاية 11
- سورة طه الايتان 83-84
- سورة ال عمران الاية 133