تفسير سورة الانبياء الحلقة 22
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون
قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ
أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِّن دُونِنَا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ وَلا هُم مِّنَّا يُصْحَبُونَ
معاني المفردات لهذه الايات ،
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ ، الهزأ احتقار ٌ وتصغير القدر بما يظهر في القول الذي يستهزء بالاخر هو الذي ياتي بأقوال ٍ و ألفاظ يستنقص بها الاخر و يستصغره .
فَحَاقَ ، هو الاحاطه بالشيء او الحلول فيه فحاق بهم يعني احاط بهم ،
بِالَّذِينَ سَخِرُوا ، السخريو هي هزء ٌ و لكنها بشيء ٍ اخر وهو الاذلال يعني محاولة اذلال الشخص الاخر سخريه شديده استهزاء شديد يصل الى انه يُسَخِرُه السخرية من التسخير و هي الاذلال كما يسمونها السخرى العبوديه الاستعباد الاستعمال الاستخدام من غير مقابل يسمى سخرى الذي يأخذ و يعمل من غير مقابل هنا السخرية اذلال للشخص الذي يسخر منه .
مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون ، العذاب الذي كانوا به يستهزؤون ما كانوا به ( ما ) موصوله بمعنى العذاب ، العذب كانوا به يستهزؤون بما يتوعدهم النبي صل الله عليه واله بالعذاب هنا العذاب يحيط بهم ،
قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم ، يكلئ بمعنى يحفظ الشيء و يحرسه و يحيطه في صون ،
عَن ذِكْرِ رَبِّهِم ، الذكر في هذه الايات قيل هو القران لانه الحديث عن القران ، و قيل هو مطلق المواعظ ، عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ يعني معرضون عن كل ارشاد ٍ او موعظه او تنبيه مما جاء به النبي صل الله عله واله ،
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون ، الخطاب للنبي صل الله عليه واله ، و الخطاب تسلية له صل الله عليه واله و شد على يده لانه كان يتعرض لهذه السخرية كما مرت الايات السابقه انه جاء رسول استهزئ به و كانوا يستهزؤون بالنبي منه فبينت بيانها و استدلالها على الاخرة ثم جائت هذه الاية من جديد و تعيد تسلية ً للنبي و شد على يده انه لست انت لوحدك من يُسخر به ، الانبياء السابقون سخروا منهم و استهزؤا بهم ، و تثبته ليثبت في موقفه القوي كانوا يستهزؤون بالنبي في كل شيء حتى في طلبه ان ينزل معه ملك او يكون هو ملك كانت هذه كلها من باب السخرية من باب الاستهزاء و ليس من باب الطلب الحقيقي الخطاب نفسه ايضا فيه تهديد للمشركين ، فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون يعني يخاطب هذا الخطاب للنبي و في نفس الوقت اشاره للمشركين انكم تسخرون غيركم سخر و نتيجته انهم حاق بهم ما سخروا منه من العذاب حقيقة ً كانوا يستهزؤون بالايات و العذاب نزلت عليهم الايات و العذاب و افنتهم .
قوله تعالى قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُون ن
قل من يكلؤكم هذا تحدي لجمودهم في التفكير يقول لهم القران انظروا يخاطب النبي يقول قل لهم فليفكروا من الذي يحفظهم في الليل و النهار حتى يتاملوا هم يعيشون في هذا الواقع ن وهذا الوجود من الذي يحفظهم هل تحفظهم آلهتهم ؟ هل هناك شيء يحفظهم اخر يحفظهم من عذاب الله لو نزل بهم و حاق بهم و يحفظهم من ايات الكون ايضا من ايات العذاب في هذا الوجود ايضا لو نزلت عليهم الاجرام السماوية الاخرى و غيرها ما ينزل عليه من عذاب من الذي يحفظهم غير الله سبحانه وتعالى تحدي لتفكيرهم حتى يفكروا و يتاملوا و لا يكونوا من غير فكر ٍ و من غير تدبر قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم من الذي يحرسكم و يحفظكم من اجرام السماء و غيرها بالليل و النهار حماية دائنة ليلاً نهار مما يحيط بالارض مما يتوقع ان صيب الارض و هم يرون الشهب و يرون الاثار التي في السماء يعلمون بها من ذلك الوقت من الذي يحميهم حتى لا تصل اليهم هل عندهم جواب هل هذه الالهة التي تحميهم القران يحركهم في ذلك ومن الذي يحميهم من الرحمن لو اراد بهم العذاب يقول تعالى مِنَ الرَّحْمَنِ اي من الذي يحفظكم من عذاب الله لو ارد ان يعذبكم لو اراد ان يعذبكم الله و ينزل العذاب الذي توعدكم به بمن سوف تحتمون النبي يتكلم عن عذاب ينزل من السماء و ايات سماوية و يتكلم عن عذاب في الاخرة لو نزلت على تقدير فرضها و كما ذكرنا في حديث ٍ سابق او قبل السابق هو قوة المحتمل عندما يتحدث عن عذاب شديد وانه ممكن ان ينزل و ممكن ان يصيبكم وانتم تقرؤون و تسمعون انه اصاب اقواما ً اخرين هل اعددتم جوابا ً يقنعكم ، بينكم و بين انفسكم هذا العذاب لو وقع من اذي يحفظكم ؟ من الذي يمنعه من الوقوع عليكم هل عندكم جواب ، ليس عنهم جواب ، هذا كله تحريك ٌ لعقولهم وضمائرهم ،
مِنَ الرَّحْمَنِ ، بدل لفظ الجلاله ربما يقول شخص الانسب ان يكون ليس من الرحمن انما من الله لان الحديث عن العذاب و ليس عن الرحمه و لكن الله سبحانه وتعالى استعمل لفظ الرحمن هان لبيان انكم محفوظون برحمة الله باقون برحمة الله و إلا فإن العذاب هو يُوشك ان يصيبكم و ينزل عليكم و لكن الرحمن هو الحافظ فلو ترك هذا الرحمن رحمه بكم و إحاطته لكم لنزل العذاب و انتهى كل شيء ،
بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ ، هذا التنبيه كله يترقى القران و الايات و تقول لا ينفعهم عن ذكر ربهم معرضون لا يتفكرون في خالقهم وربهم و رازقهم الرب الذي خلق ، التفكير يجب ان يكون هكذا من اين جئت من الذي خلقك ! من الذي يدبر امرك ! من الذي يرزقك ! من الذي انشئ و اوجد و حفظ و اعطى و رزق الانسان الذي يتامل في هذه الامور يجد مثلا حتى بعض الديدان في البحار في اماكن نائية كيف تكون وكيف يوفر لها رزقها من الذي اوجدني ومن الذي حفظني ومن الذي يرزقني و الى اين انا انتهي هم عن هذا الذكر معرضون ، معرضون لا يتفكرون لا يتفكرون فيما يوعضون به من ذكرٍ ايضا فيجدون جوابا ً لهذا التحذير تحذيرات كثيرة لا يتفكرون يعرضون عنها ، معرضون عن عظمة الله في وجوده و اثره الواضح في هذا الوجود عن ذكر هذه العظمه عن ذكر الله سبحانه وتعالى معرضون غافلون مشتغلون باللهوي مبتعدون عن كل امر ٍ ينبههم معرضون عن تحمل مسؤولية اللهو و الهزل الذي ياتون به الهزل و الاستهزاء و السخرية له مسؤولية ، عندما تستهزء بأحد تتوقع ماذا ان يعاقب ان ياتيك الجواب على الاستهزاء ان يأتيك الجواب على هذه السخرية يستهزؤون بالنبي و بالايات و هم لا ينظرون لمسؤوليتهم في هذا الاستهزاء و وقوفهم تحت العذاب لو نزل ،
معرضون ايضا عن عجزهم ، يجب ان يتأملوا ايضا في عجزهم عن الجواب الذي يطلب منهم بينهم وبين انفسهم لان الانسان لو فكر تفكيرا ً صحيحا ً لانتهى الى جواب و لكنهم لانهم لا يفكرون فانهم عازون عن اعطاء جواب من اين جئنا و الى اين ننتهي و هذه التحذيرات هل هي صادقة ام كاذبه ،
أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِّن دُونِنَا ،
يتفكروا هل لهم الهة تمنعهم تحفظهم من دون الله سبحانه و تعالى لو اراد بهم العذاب و البلاء ليس عندهم جواب و لا يستطيعوا ان يجيبوا بل هم بأقل تفكير يعلمون ان هذه الالهة لا تحرك و لا تقدم ولا تدفع عن نفسها شيء لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ ، هذه الالهة لا تستطيع نصر نفسها وَلا هُم مِّنَّا يُصْحَبُونَ ، ولاهم مؤيدون من الله ربما يقول قائل صحيح ان هذه الالهة ضعيفة و لكنها مؤيده من الخالق كما يعتقد بعض الوثنيين و لكن القران يقول هذا ليس صحيح الله سبحانه وتعالى لم يؤيد هذه الالهة و لا هي تستطيع ان تدفع عنكم شيء و لا عن نفسها .