بسم الله الرحمن الرحيم
لَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ
وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ
هذه الايات و ما ياتي بعدها تتحدث عن قصص بعض الانبياء ، و الغاية منها اثبات المعاد ، يوم القيامه ،و اثبات الحشر و الحساب ، وحجية التشريع ، وتذكر ايضا عدد قصص ٍ من الانبياء ، للوقوف على سنن الله سبحانه وتعالى وماذا تعني سنن الله ان يكون المصير و الغلبة للحق ، وما ياتي في هذه القصص هو ايضا يكون بشرى للمؤمنين تحذيرا ً للكافرين الذين تقص عليهم القصص في ذلك الوقت و هم قريش ،
اولا : المفردات
الفرقان ، هو كل ما يفرق بين الحق و الباطل بصورة عامه ،
ضِيَاء ، هو النور الذي ينبع من ذات الشيء ،
ذِكْرًا ، هو ما يحفظ الانسان من الغلفة الذي يحفظ الانسان من الغلفة ، و يجعله ذاكرا دائما هو الذكر الذي اوتي موسى ،
لِّلْمُتَّقِينَ ، هم الذين يكونون في حذرٍ و التفات ٍ دائم و ترقب و تجنب ما يخشون وقوعهم فيه و يحذرون منه ، و يرجون الخير و يرجون خلاصهم ما يعود عليهم بالنفع ،
الغيب ، هو عكس الشهادة ، الغيب هو عكس الحضور المادي الذي يرى ، الغيب هو ما وراء هذه الماده ،
يَخْشَوْنَ رَبَّهُم ، يخافون ربهم ،
الساعة ، القيامه ،
مشفقون ، خائفون .
ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ ، اي ذكر ٌ دائم الخير مبارك بمعنى دائم الخير ولا ينقطع خيره بدا ،
ثانيا : المعاني ،
لَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ ، الفرقان قلنا هو ما به بين الحق ِ و الباطل ويميز بين الحق و الباطل عمليا و ليس نظريا فقط ، يشمل العملي و يشمل النظري ، إذا ً ما هو الفرقان
قال بعض المفسرين ، انه انشقاق البحر و هو اعظم ما ميز بين الحق و الباطل في حينها لاتباع النبي موسى كانت كان التمييز واضحا بين الحق و الباطل عندمنا انشق البحر ، موسى يتوجه مع اصحابه الى البحر فيتبعهم فرعون بجنوده يتوجه للبحر و يتبعهم بجنوده ، فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ سورة الشعراء الاية 61 وصولوا و إذا خلفهم الجنود و الجيش الجرار ماذا يصنعون فيتكلم موسى بكلام الواثق المطمئن ، الذي يكون في هذا الموقف و يأمر بأن يقطع يخرج خلفه جيش و قائد الجيش هو نفسه فرعون يخرج معهم ماذا سوف يصنع بهم و اماهم بحر وهو كالجبال لا يستطيعون عبوره و لكن ماذا يصنعون ، ! يقول اصحاب موسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ، قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ كم هذا الاطمئنان الذي عند موسى و الاستقرار النفسي إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ثم ياتي الوحي الى موسى فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ سورة الشعراء الاية 63 انفلق البحر ثم يعبرون وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ ، يعني قربنا عندما دخل موسى ، واتباعه الى البحر جاء فرعون ومن معه الجنود جميعهم دخلوا وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ سورة الشعراء الاية 65 موسى ومن معه نجوا كلهم اجمعين ولم يغرق احدا ً منهم ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَسورة الشعراء الاية 66 هذا ماذا يكون وماذا يعني قال تعالى إنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ سورة الشعراء الاية 67 هذا هو اية و هذا برهان وهذا هو فرقان ، و من اعظم الفرقان كما يقول من يتبنى هذا الرأي ،
قال اخرونان الفرقان هو كل معاجز موسى من غير ان نفصل فيها من العصى الى البحر جميعها فرقان لانها تفرق بين الحق و الباطل ،
وقال السيد الطباطبائي هي خصوص توراة موسى ، هي خصوص التوراة و هناك ايات تصب في هذا ايضا ، خصوص التوراة يميز بها بين الحق و الباطل و يدل عليها اوصافها بالذكر و اوصافها بالضياء ،
ثوله تعالى وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ قال بعض المفسرين كالشيخ ناصر مكارم الشيرازي انها تشمل الجميع الفرقان يشمل جميع ما جاء به موسى من معاجز و من التوراة ايضا لانها تمير بين الحق و الباطل ، و تفرق بين الحق و الباطل ،
قوله تعالى وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ ،
ضياء هو وصف ٌ للفرقان وهو ما يضيئ الطريق للسعادة يضيئ الطريق ويجعل الانسان في مسيره يسير واضحا إذا ً الفرقان هو الذي يضيئ الطريق و يجعل الطريق ،
وَذِكْرًا ايضا وصف اخر للفرقان فيها ما يجعل الانسان ذاكرا لله سبحانه وتعالى منتبها ً دائماً و هذان المعنيان ضياء ً و ذكرى للمتقين هنا فرقان اولا عام ، و ضياء ، و ذكر للمتقين ، الفرقان ليس للمتقين فقط و انما هو للجميع يعني موسى و هارون جاءا بإعجاز و جاءا بالتوراة و كان ما جاء به من الاعجاز و التوراة فرقان يفرق بين الحق و الباطل يجعل من يراه يميز و لا يشتبه ابدا ً كما كان في البحر من الذي رأى حادثة البحر و خروج موسى سالم ودخول فرعون و غرقه ومن معه في البحر ولا يعرف ان موسى و راءه رب و وراءه الاه يحفظه و يسدده و ينصره إذا ً تميزٌ و اضح كبير و لكن هذا التمييز وهذا الفرقان للجميع و من الذي يأخذ به ؟ يأخذ به المتقون إذا ً هو ضياء و ذكرى للمتقين يدخل في قلوب المتقي ، المتقي كما ذكرنا في المعاني هو الشخص الذي يكون يكون بحذر و وعي و يحسب على عواقب الامور حتى لا يقع في شيء و يندم عليه .
قوله تعالى الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ ،
هذا تعريفا ً للمتقين ،
الغيب ، ما هو المقصود من الغيب ،
المقصود من الغيب ! قيل هو الله سبحانه وتعالى بمعنى امنوا بالله تعالى مع كونه غيبا عن حواسهم امنوا به و يخافونه و استدلوا عليه بعقولهم و بالبراهين و هو غيب و لم يشاهدوه ،
قول اخر ، قيل انهم يخشون ربهم بالغيب بمعنى انهم يطيعون الله و يخافون الله في السر و العلن و هذا هو وصف المتقي الحقيقي المتقي ايضا يكون في حذر و في خوف سواء ً حكان امام الناس او كان لوحده امام المجتمع ام لم يكن مع المجتمع في سره و علانيته سواء عمله صالح لا يرائي و انما يصدق في خوفه و تقواه من الله سبحانه وتعالى ،
قوله تعالى ، الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ، الذين يخشون ربهم هي اشاره لخوفهم يخشى بمعنى يخاف و لكن يخشون ربهم في الدنيا و هذه الخشية يقول علماء اللغة انها تلازم الاحترام و التقدير ، يخاف من شخص يحترمه و يقدره فالذي يخشى الله سبحانه ، تعالى بمعنى متقي يخشى الله ، هو صاحب معرفه هو صاحب فهم صاحب علم يخاف من الله سبحانه و تعالى و يخشاه يحترمه و يقدره لما يعلم من مكانة ٍ الله و عظمة الله و ان الله خالق فهو خوف ٌ مع احترام ،
وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ هذا المتقي ايضا يكون من الساعه في حذر مشفق ايضا خائف ، ولكن هنا الخوف يختلف عن يخشون ، يخشون يخافون مع احترام مع معرفه هنا مشفقون مع المحبة ، الخوف مع محبة يحبون ، يحبون الله و يحبون الاخرة و يحبون الجنة ولكنهم يخافون من الساعه يحبون الساعه يحبون ان يصلوا الى الاخرة لانهم متقون و مؤمنون بالله سبحانه وتعالى ، و لكنهم مشفقون خوف مع محبة يحبون الله ويحبون الاخرة و لكنهم في خوف انهم لا يحصلوا على ما يريدون و ان يكون مصيرهم سيء