بسم الله الرحمن الرحيم
قالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ
قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ
قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ
قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ
قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ
فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ
ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ
قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ
أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ
نواصل الحديث حول هذه الايات التي مر الحديث حول جزء منها و هي في قصة ابراهيم مع قومه و تحطيم الاصنام ،
اولا: المفردات ،
فتى ، يعني شاب بين المراهقه و الرجولة في اخر المراهقة يسمى فتى ابراهيم كان عمره في السادسه عشر و كان شخصية قوية معروفا ً و شجاعا ً ،
ثم نكسوا على رؤوسهم ، قال الراغب النكس قلب الشيء على رأسه قلبه بالعكس نكس ،
اف ٍ لكم تبا ً لكم ، و لاعمالكم و لعبادتكم و لما تعملون و هو توبيخ ، و استنقاص لهم و هذا التوبيخ يعبر عنه بكلمة اف ،
ثانيا : المعاني ،
قالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ، رجعوا من عيدهم و توجهوا الى معبدهم رجعوا من العيد و اجتمعوا في المعبد يتوجهون للعبادة اولا ما ينتهون من عيدهم و افراحهم و مشاريعهم خارج المدينة اذا رجعوا يرجعون للالهة ينحنون لها تعظيما يتبركون بها ياكلون الاطعمه التي و ضعوها جنبها لان هذه الاطعمه نالت البركة لانها في جنب الالهة ن وجدوا الهتهم مكسرة ، قالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ظلم نفسه لانه سوف يتعرض للعقاب ظلم الالهة لانه لم يعطي الالهة حقها ظلم الناس حيث حرمهم من الهتهم و عبادتهم لهذه الالهة ،
قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ، قالوا سمعنا فتى ، هذا الفتى لا يحترم الالهة يزدري الالهة يستنقص الالهة و من شان الالهة فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ هذا الفتى الذي يستنقص الالهة يقال له ابراهيم لماذا قالوا يقلا له ابراهيم ؟
الجاوب يقال للاستنقاص جعلوه مجهولا ً كانه نكره غير معروف ليستنقصوا من شأنه ن
قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ، اي احضروه حيث اجتماع الناس الناس لما رأوا الالهة قد كسرت و حطمت و فتت اجتمع الناس في المعبد ، قالوا احضروه على اعين الناس لعلهم يشهدون و يؤيد انهم اجتمعوا في ذلك المكان قولهم لهم عندما سالوه عن تكسير الالهة قال بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا أشار اليه يعني هم في الموضع الذي يمكن ان يشير فيه الى الصنم الكبير
لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ، قيل لعلهم يشهدون عذاب ابراهيم ليكون عبرة لغيرهم ، على اعين الناس في اجتماع الناس ليكون عبره وسوف تأتي في الفوائد بعد ذلك ان هذه كلها تنقلب عكسا ً ،
لعلهم يشهدون عذاب ابراهيم و يكون عبرة لغيره او لعلهم يشهدون على ابراهيم انه يذكر الالهة بسوء و يؤيده سؤالهم ، قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ، يعني ائتوا به على اعين الناس ليشهد الناس الذين سمعوا ان ابراهيم يزدري الالهة يشهدوا بأنه يزدري الالهة فتكون شهادتهم عليه ليقر و يعاقب على ذلك ،
فنادوا في المدينة كل من سمع ان ابراهيم يزدري الالهة او يتحدث عن الالهة بسوء فليأتي ليشهد على ابراهيم ان ابراهيم يزدري الالهة و يحتقر الالهة و لا يعتني لمقام الالهة ،
ينقل ان النمرود نفسه باشر المحكمه ، اختاروا اكبر القضاة المحاكمين و جاء عليهم نفسه النمرود ليحاكم ابراهيم فوجهوا له السؤال قالوا له انت فعلت هذا بالهتنا يا ابراهيم هل انت فعلت شهد الناس قال الناس تزدري الالهة تستنقص الالهة هذا استفهام لاقرار الفاعل المتعدي على هذه الالهة ومقامها ، و في هذه الاية ايضا تلويح بان ابراهيم في نظرهم انه يعبد الاصنام لذلك قالوا له أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يعني هذه الهتنا و الهتك هل انت فعلت هذا بهذه الالهة ! قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ، بل فعله كبيرهم وهو الزامٌ لهم بما يلتزمون به ظاهرا هم يلتزمون ان الاهة تنفع ، ان الالهة تدفع عنهم الضرر ان الالهة تكون سبب لنزول البركات و الخيرات و غير ذلك هنا يخاطبهم و يلزمهم بهذا الاعتقاد انتم تعتقدون ان هذه الالهة لها فعل لها تصرف اسالؤهم من فعل قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ طبعا هذا الطلب ليس جدي لا يقال انه جدي و انما هو من باب الالزام و الاقرار حتى يقف الشخص مع نفسه و يتحدث مع نفسه هل هذا صحيح نعبد هذه الاصنام صحيح اولا لذلك فرجعوا الى انفسهم فقالوا انكم انتم الظالمون رجعوا الى انفسهم في هذا الوقت الذي يرون الهتهم محطمه مكسرة و ابراهيم يقول أسالوهم الالهة دعوا الالهة تجيب و اذا الالهة لاتجيب فرجعوا الى انفسهم تفكروا وجعلت حجة عليهم ذلك الاقرار و ذلك الحال حجة عليهم بينهم و بين انفسهم ، قيل فرجعوا لانفسهم اي صار كل واحد ٍ يكلم الاخر ويقول نحن و الظالمون و ليس ابارهيم ، ابراهيم كيف ظلم ! كسر اصنام ، نحن الظالمون اذا نعبد هذه الالهة التي لا تقدم و ولا تأخر صار كل شخص يلوم الاخر ،
الرأي الاخر وهو السيد الطباطبائي يقول ،
بل رجع كل واحد ٍ الى نفسه و حكم كل واحد في نفسه على نفسه انه ظالم لانه بينه وبين نفسه الحجة تكون عليه انه هو الظالم لانه يعبد ما لا ينفع ما لا يستطيع النطق فإذا لم يستطيع ان ينطق اذا لم يستطع ان يبرر و يثبت من هو الجاني و هو المعتدي كان الاهلة اذا كانت صاحبة ارادة و قوة و قدرة الانسب منها ان تقول فلان فعل على اقل تقدير ان يكون الكبير هو يقول فعل فعله فلان و يدافع عن الالهة المحطمه فإذا لم يستطيع ان ينطق يعني لا يستطيع ان يفعل شيء فما بالك بمن نطقه مستحيل ان يكون فاعلا وموجبا للخير و البركات على قومه حتى يكون متصرف و رب و يعبد من دون الله تعالى ،
ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ ، و هنا صار الاصرار الاصرار على الذنب اخذتهم العزة بالاثم و البقاء على هذا الجرم الذي كشف لهم بطلن عبادتهم ، و ان الالهة لا تعمل شيء مع ذلك نكسوا كان الاية تقول بعد ان صعد الحق و صار الحق فوق الباطل صار الباطل اسفل انقلبوا عكسا ً فصار فرفعوا الباطل و جعلوا الحق اسفل ،
لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ ، يقولن لهم بعد اننكسوا على رؤوسهم و جعلوا الباطل هو الذي يفوق قالوا لقد علمت ما هؤلاء ينطقون لانك تعلم ان هؤلا ءلا ينطقون ومع هذا ترجعنا لهم إذا ً انت الفاعل و ثبت عليك الجرم و تستحق العقاب هنا لم يتبرء ابراهيم و يقول لم افعل بل توجه لهم باللوم اكثر قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ ، إذا ً انتم تعبدون ما لا ينفع و لا يضر و تعلمون انه لا ينفع ولا يضر و مع هذا تصرون على عبادته ، أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ و بخهم و زجرهم ، وتبرء من عبادتهم لينتقل الى مرحلة تأتي ان شاء الله .