بسم الله الرحمن الرحيم
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ
في هاتين الايتين ابحاث ٌ متعددة وسوف يكون الكلام في مرات ٌ اخرى حول الابحاث المرتبطه بالجانب العقائدي و هي مس الشيطان وحقيقة المس الشيطاني ، ومس الشيطان هل يصل الى الانبياء ، وكيف نسبه القرآن في قول ايوب أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، و في ايات ٍ اخرى ذكرها صريحه اني مسني الشيطان بنصب ٍ وعذاب ،فحقيقة المس و كيف يصل الى اللانبياء ، و الامر الاخر هو المرض كيف يكون النبي مرضا ً او مصابا ً بأمراض تكون هذه الامراض منفرة هذا ما سوف نركز عليه في مرة اتيه ان شاء الله ،
الان نتحدث عن القصة بصورة عامه و الايات ،
اولا ً : المفردات ،
مسني الضر ، مسني تعني اصابني او تمكن مني ،
الضُر ، هو الضرر المرتبط بالنفس خاصه اذا كان الضرر مرتبط بالجسد بالنفس يسمى ضر ليس ضرر .
ثانيا ً : النبي ايوب الغني الشاكر ،
الله سبحانه و تعالى ذكر في هذه الاية ايوب و جعله رمزا ً للصبر و مثالاً للصابرين و للعابدين وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لم يتعرض القران لمن هم قوم ايوب و كيف كانت دعوته فيهم لم يبينها و لم يتعرض اليها و إنما تعرض لبلائه و صبره و شكره لله سبحانه و تعالى على كل حال و في كل بلاء و جعله مثالا ً للصابرين ومدحه مدحا ً يطرب السامع اليه و لا يتخيله ابدا ً نعم العبد انه اواب لا تستطيع ان بهذا المستوى اين ما تذهب ، العبوديه جوهرة كنهها الربوبيه أعلى الدرجات ان يكون الشخص عبدا ً و الله سبحانه و تعالى يصفه بأنه إنا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ ، صابر، ما هو الصبر ، في الحديث الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد الاساس للايمان هو محفوظ ٌ عند ايوب الذي هو مدح ٌ ليس كمثله مدح النبي ايوب عليه السلام يملك الاراضي الواسعه و المواشي و الانعام و المال الكثير و الخدم و الايماء و العبيد و كان له بنين و بنات هذا وصفه ثريا ً جدا ً ، حتى ان البعض يصفه و بعض الديانات الاخرى كاليهود انه ليس نبي و انما هو ملك ثري جدا ً اما الاسلام و القران ذكره في سلسلة الانبياء كما وردت في و كان كثير الشكر و العبادة كثير الصلاة و كثير السجود و الخضوع لله سبحانه و تعالى مع هذا الثراء و هذا الغنى الكثير ، كان عليه السلام كثير الرجوع لله كثير الالتفات يعني لا يشغله شيء ٌ عن الرجوع لله أموال املاك مزارع ، لكنه في كل لحظه يرجع لله حتى تقول عنه الروايات انه إذا ولدت إبل يسجد لله شاكرا ً إذا انعم عليه بشيء شكر لله نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ اواب كثير الرجوع كان لا يجلس على مائدة ٍ وإلا و يكون عليها يتيم هذا وصفه ، كان عليه السلام لا يلبس ثوبا ً جديدا ً إلا بعد ان يتأكد أنه لا يوجد احد يحتاج الى ثوب او قميص في قومه ، لا يشتري له شيء إلا بعد التأكد انه ليس هناك من يحتاج يكفل الايتام و الارامل ، أوصاف جميله يتصف بها هذا النبي هي المثال العالي ، الرمز للاقتداء الكبير في حالة الرخاء نبزه بعض قومه و معهم الشيطان وهو قائدهم يقولون انما ينفق ايوب لانه صاحب اموال كثيرة و لا يضره العطاء ،إذا أعطى قميص هو يملك اموال كثيرة لا يأثر عليه ، إنما يشكر ربه لانه يملك ما لا يملك غيره من الاموال و غيرها يشكر لانه يملك كثير فمن حقه ان يشكر أما الفقير كيف يشكر و ليس عنده شيء عنده ، انما يشكر لانه عنده بنين و بنات و نساء و خدم و إماء يجب ان يشكر نعم كثيرة يقولون فلو أبتلي كما يبتلى غيره لم يشكر بل يكون ساخطا ً ، فأراد الله سبحانه و تعالى تربية الناس و بيان للناس أنني إنما اصطفيت هذا النبي و خصصته بالكرامه و النعم و اعطيته لانه نبي خالص ٌ صادق ٌ لا يفرق عنده الرخاء و الشدة لا يفرق عنده الغنى و الفقر و النعمه و عدمها في كل الاحوال هو شاكر فإبتلاه الله تعالى ليثبت للناس و يبين للناس هذا هو النموذج و هذا هو المثال الصالح الخالص فأبتلي سلام الله عليه بلإبتلاءات كلها ،
لقد ابتلى الله تعالى نبيه ايوب ببلاء شديد وهو في عمر السبعين و قيل اكثر .
ثالثا ً : النبي المبتلى و الصابر ،
النبي أيوب يملك الكثير من الإبل و فجأة ماتت جميع الإبل بحيث لم تبقى عنده واحده ، قال هي عارية يملكها ربها و قد أعارني اياها ثم قبضها إليه فله الحمد و له الشكر ، التسليم الجميل الصبر الجميل ، هذا هو الصبر ، سلم و إحتسب لله سبحانه و تعالى ثم شكر ، ثم نفقت جميع ماشيته و اغنامه و الابقار ، و لم تبقى واحده يأتيه بعض خدمه فيخبرونه ويقولون لقد ماتت الابقار فيسجد لله تعالى شاكرا ً أموال كثيرة وهي تنتهي ، ولكنه في كل حدث يشكر الله و يسجد له لله شاكرا ً هذا مضمون الروايات ، ثم جاء حريق على كل زرعه و إلتهمها فلم يبقى له من الزرع شيء فإزداد شكرا ً لله ، لم يبقى لا مواشي ولا إبل و لا زرع ولكنه يسجد لله شاكرا ً ، صبر على الفقر ، انتهت الاموال و شكر لله ، كما كان يشكره عند كل نعمه ، ثم جائت درجة ٌ اعلى من الابتلاء ، الان صار فقير و لك ربما يعتز الفقير بأهله باوالده بمن معه ، جائت درجة ٌ اعلى و هي فقد الاحبة ، مات احد ابناءه فإحتسب صابرا ً لله سبحانه و تعالى ، من يموت عنده ولد كيف يتجرع الم الفراق ، فما افاق من المه إلا وقد مات الثاني ثم احتسب شاكرا ً لله و صابرا ً ثم مات الثالث الرابع و الخامس و السادس و السابع الى ان مات البنون جميعهم وهو صابر و محتسب لله تعالى ثم ماتت البنات و لم يبقى عنده من الاولاد احد لا ذكور ولا اناث وهو يشكر لله سبحانه و تعالى و يرجع اليه محتسبا ً ثم جاء البلاء الى جسده حتى لم يبقى منه عضو إلا و فيه مرض ٌ والم شديد ، هنا الحديث عن المرض بصورة عامه لانه سياتي التفصيل فيه و الاشكال عليه لاحقا ً ، الروايات تقول لم يبقى منه عضو إلا و فيه الم ومرض شديد تقول الروايات انه ابتلي بالسقم و المرض في كل بدنه سوى عينينه و لسانه و اذنه و قلبه و عقله ، يسمع و ينظر و عقله حاضر و قلبه حاضر و الباقي كله مريض لا يستطيع القيام لا يستطيع ان ينفق على نفسه او ان يأتي لنفسه بشيء فمدحه الله سبحانه و تعالى إنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ تقول الروايات عنده اخوة إخوته تخلوا عنه من كان معه من قومه تخلى عنه و هجره ، من كان معه من الخدم فر وهرب فلم يبقى معه احد هجروه و تركوه بقيت زوجه عجوز صابره ثبتت معه الى اخر الامر ، كانت زوجته تعمل خادمه عند الاخرين كما تنقل الروايات و تاته برغيف ليأكله ،
ثم يشيعون خوف العدوى و يقولون ربما مرضه معدي و هذه زوجته تعمل عندكم تأتيكم بالمرض من عنده فضايقوه أشد مضايقه ، كم إستمر هذا البلاء عنده و الناس نفروا منه قيل ثلاث سنين و قيل سبع سنين و قيل ثمانية عشر سنه ثم بعد ذلك ايوب يدعوا ربه بعد هذا البلاء أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .