c تفسير سورة الانبياء الحلقة 38

تفسير سورة الانبياء الحلقة 38

بسم الله الرحمن الرحيم

وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ

مواصلة للحديث حول هاتين الايتين و قد مرت قصة نبي الله ايوب عليه السلام مفصله ، نواصل الحديث من جهة أخرى ،

اولا ً: هل ايوب عليه السلام نبي ام لا ؟

نفى اليهود و انكروا كونه نبيا ً و إدعوا انه رجل يملك من الأموال و الثراء الكثير فقط وهو محسن و ليس نبي ،أما الاسلام فقد أثبت نبوته في القران الكريم ، إذ قال تعالى إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (1) فقد نص القران على نبوة نبي الله ايوب و انه كان يوحى اليه من السماء .

ثانيا ً : مما كُذب على نبي الله ايوب ودس من الرويات او قال اكثر العلماء و المفسرون انها مدسوسه على نبي الله ايوب انه ما هو سبب البلاء الذي أُصيب به النبي ايوب ، قالوا لانه كان يداهن الفراعنه و كان لا يامر بالمعروف و لا ينهى عن المنكر لانه لا يقوم بوظيفته فعاقبه الله تعالى و إبتلاه بهذا الابتلاء كما إدعوا وهو ان ذُكر او روي فهو من الإسرائليات  ومن غير طريقنا و الصحيح ان الابتلاء نوعان ،

 الاول ،  إبتلاء إستحقاق الذي  يكون بسبب فعل ٍ معين ، إذا عصى أُبتليَ و عوقب بهذا الابتلاء و هذا بعيد ٌ عن نبي الله ايوب كما تؤكد عليه الروايات و العقل ايضا و يثبته ،

 الثاني ، إبتلاء إختصاص وهو ان يبتلى إختصاصا ً من الله سبحانه و تعالى و تكريما ً له كما ابتلى الانبياء ، إن اشد الناس بلاء ً في الدنيا النبيون ثم الوصيون ثم الامثلون فالامثل و انما يبتلى النرء على قدر إيمانه فكلما كان صاحب إيمان ٍ كثير يبتلى و هذا الابتلاء إختصاص لرفعة درجة و شأن و قد ذكر الامام الصادق عليه السلام ردا ً على ذلك فقال إن أيوب عليه السلام ابتلي من غير ذنب يرد على من يروي و يقول انه ابتلي بسبب تقصير و ذنب و عن الباقر عليه السلام قال ان ايوب ابتلي سبع سنين من غير ذنب و ان الانبياء لا يذنبون لانهم معصومون مطهرون لا يذنبون و لا يزيغون ولا يرتكبون ذنبا ً صغيرا ً ولا كبيرا ، الروايات ترد على هذا المدعى و ان النبي ابتلي كرامة له و ليس استحقاقا ً لمعصية ٍ اومخالفة او تقصير .

ثالثا : حقيقة ما أصيب به ايوب عليه السلام ،

 بماذا اصيب في الروايات التي وصفها مفسرونا بأنها إسرائيليات و نقل من غير طريقنا قالوا انه اصيب بالدماميل و القروح فكان جسده قطعة ً واحده من القروح و الدماميل و تخرج منها الديدان بحيث انهم لم يتحملوا وجوده قربهم فأخرجوع الى مزبلة بني اسرائيل  فكان فيها و كان الدود يخرج من جسده من رأسه إلى أخمص قدمه يقولون هكذا كان  بحيث انه لا يستطيعون المرور قرب الموضع الذي كان فيه ، وقالوا يضا انه اصيب بالجذام وهو تيبس الاطراف من الاصابع الانف الاذن تيبس و تموت و تنقطع لوحدها ،

اما الصحيح الذي نُقل عن اهل البيت عليهم السلام حيث تصدوا لهذه المدسوسات و الخرافات ، قال الباقر عليه السلام إن أيوب مع جميع ما ابتلي به لم ينتن له رائحه و لا قبحت له صورة   ولا خرجت منه مدة من دم و لا قيح و لا إستقذره أحد  و لا استوحش منه احد ٌ شاهده و لم يدود شيء من جسده ، وانما جسده طبيعي بل كان كما تصفه الروايات انه كان جميل المنظر و لم يتغير شكله ابدا ً ، إنما نفروا منه لانه صار فقيرا ً فنفروا منه و اخرجوه وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فقد أصيب في بدنه بمرض ٍ شديد و ابتلي مدة طويله آلام جديدة في جسده بإكمله و لكنه من غير ان يكون منفر و قد فقد اهله و أولاده إلا إمرأته كما ذكرنا في القصه و قد تفرق الناس عنه و اخوته و اهله ايضا تفرقوا ن

  و كما تشير الروايات اشد الابتلاء عليه كان شماتة الاعداء عندما سُأل بعدما انتهى الابتلاء ما هو اشد شيء وقعت فيه من الابتلاء قال شماتة الاعداء كانوا ياتون و ابليس يحرضهم و يوسوس اليهم كما في الروايات فياتون اليه و يشمتون به .

رابعا ً : الضرر و الامراض المنفرة ،

هل يصح إبتلاء الانبياء بما ينفر ؟

العلماء ينفون هذه الروايات التي تقول ابتلي بهذه الصورة من الابتلاءات ان يكون في جسده قيح او دماميل او جدام او غير ذلك ينفونها بأمرين ، صحة الروايات و عدمه مصدر الروايات ، والامر الاخر انها تنافي الطرح العقائدي الذي يتبناه العلماء في العقائد فيقولون لا يصح ان يبتلى  ببلاء ٍ وامراض ٍ في جسده تكون هذه الامراض منفره لانها نقض ٌ للغرض الإلهي الله سبحانه و تعالى إنما يبعث الانبياء ليكسبوا الناس و يهدون الناس الى الصراط المستقيم  يتبعون تعليمات الانبياء يرغبون اليها ، كيف يرغبون إذا كانت هناك أمور تنفر في هذا النبي ، لا يستطيعون مشاهدته لا يقبلون عليه يقول العلماء هذا خلاف الحكمه و نقض ٌ للغرض الإلهي من بعثة الانبياء فهذا الجواب قال المحقق الطوسي ، المحقق الطوسي ليس هو الشيخ الطوسي شيخ الطائفة وإنما بقصدون به الخواجه نصير الدين الطوسي وهو أكبر الفلاسفة واستاذ العلامه الحلي قال في كتابه التجريد في ما يجب كونه في كل نبي قال و ان لا يكون فيه كل ما ينفر منه او عنه الخلق ، من شروط الانبياء ان لا يكون فيه شيء منفر هذا قول  المحقق الطوسي ،

 الرأي الثاني الامام الراحل يقول عدم إبتلاء الانبياء بما ينفر لاجل فائدة هي إكمال التبليغ و الارشاد من اجل ان يكون مقبول يعني يقول الدليل صحيح و القاعدة العقليه صحيحه و مقبوله و لكن يقول لا مانع من ابتلاء بعض الانبياء الذي لم يحضوا بالشريعه ، يعني اذا لم يكن هو صاحب شريعه اذا ابتلي يقول لا يلحق الضرر بالشريعه كإبتلاء الاولياء الكبار و المؤمنين بهذه المحن كما كان النبي ايوب والمؤمن حبيب النجار مبتلين ،  هذا كلام الامام وكلام الامام ليس مورد النقاش لان البعض اذا ناقشت رأي كبير يستاء و لكن كملاحظه ان الحكمه في الدليل المقبول هي نفسها تقريبا ، يعني لماذا بعث النبي الذي هو نبي و ليس مرسل ليس صاحب رسالة ، نفس الهدف ان يكسب الناس و يرشدهم فإذا كان الاشكال على ان يكون هناك تنفير فالتنفير هنا هنا و هنا ،  على اي حال القاعدة صحيحه و لكن يمكن ان يكون في تطبيقها تغيير و هي اذا كان الابتلاء منفر فلا يصح امام اذا كان الابتلاء من اجل مرحلة  ٍ و من خلال هذه المرحلة يكون ترغيب و تحبيب يمكن ان يكون بشيء من الابتلاء و الحديث هنا من جانب كلي و ليس في جانب نبي الله ايوب لان الواقع الروايات تحدثت عنه و لكن البحث كبحث عقلي و عقائدي نقول لو كان الابتلاء مدة محدوده هدف هذا الابتلاء ان يثبت للناس حسن هذا النبي و صلاح هذا النبي و عناية الله بهاذا النبي و تحبيب الناس لشريعته بعد إنتهاء مدة الابتلاء مده بسيطه ثم تتحول بدل ان يكونوا نافرين منه يكون سبب لجذبهم وكسبهم جميعهم و تقريبهم لهدفه و الدين فلا مانع من ذلك إذا ً يمكن ان يُقال ان الابتلاء المحدود كما أشار اليه الشيخ ناصر مكارم الشيرازي إذ كان محددا ً بفترة ٍ محدده و هدفه هو إظهار شأنه و تقريب الناس إليه فليس فيه إشكال .

الهوامش

  • سورة النساء الاية 163

شاهد أيضاً

تفسير سورة النبياء الحلقة 48

تفسير سورة النبياء الحلقة 48 13/5/2019 بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *