c تفسير سورة الانبياء الحلقة 39

تفسير سورة الانبياء الحلقة 39

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ

 

مر الحديث حول ما يتعلق بقصة النبي ايوب و ما يتعلق بمرض الانبياء وهل يكون او لا يكون والايتان انما جائتا تتحدثان عن صبر ايوب ليكون مثالا ً ورمزا ً للصبر ليقتدي المسلمون به حيث انهم كانوا في مكة و كانوا في اشد الظروف و اصعبها فذكر كمثالٍ لهم ليتأسوا به و يقتدوا به حديثنا في هذا الموضوع و وصلنا الى جهة مس الشيطان و الحديث هو هذا الموضوع ،

اولا : امكانية مس الشيطان للانسان  بصورة عامه ، هل يمكن ان يمس الانسان الشيطان او لا يمكن ،

الجاوب يمكن ان يكون ذلك بصور ٍ مختلفة ، يمكن ان يكون في الجملة كما يقولون ان يوجد شيء اسمه مس ، ممكن و الايات صرحت به و ذكرته في اكثر من موضع بالمس نفسه و على اقل تقدير ممكن ان يكون المس بعنوان ما ذكر و قصد في لفظة المس في القران بغض النظر عن تفسيراتها ولكنه بصورة واخرى القران الكريم ذكر و اثبت بل يدل عليه ان القران الكريم ذكره في اية و جعلها مثالا ً يقول تعالى ، الّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ  فجعل مثال من يتخبطه الشيطان من المس مثله و مثل الذي ياكل الربا واحد فهي تثبت شيء اسمه مس و هذا المس هو الذي يجعل الشخص يتخبط ، يتخبط بمعنى لا يكون مستقيما ً و لا يختار ما يرشده اليه عقله و فطرته وكذلك الذي ياكل الربا يتخبط من حيث انه لا يسير على الطريق الصحيح في اتخاذ مصدر الربح والاموال لا تكون مصدرها صحيحا ً وانما فيها اللتواء و فيها انحراف وهو تخبط كما يتخبط ذلك في اختيارته بحيث يخرج عن اختيارته الرشيدة بسبب مس الشيطان هذه اشارة يمكن ان تكون المس بصورة عامه ،

ولكن قال البعض ان كلمة المس في هذه الاية انما  قصد بها الجنون ولكن حتى لو قصد بها الجنون ما هي مدخلية لفظ الشيطان الجنون ويتخيطه الشيطان اذا قيل انه عرف السبب للجنون انه مثلا تأثير ٌ في المخ يقولون ايضا ان هذا التأثير يكون للشيطان على مخ الانسان وعلى عقله فياثر عليه ماديا فيتأثر اختياره و عقله ،

ثانيا : امكانية اصابة الانبياء بمس الشيطان ،

هل يمكن ان يمس الشيطان الانبياء بالمس ايضا ام لا يمكن ،

  • انكر صاحب الكشاف الزمخشري امكانية ان يصيب الشيطان انبياء الله و قال لا يجوز ان يسلط الله الشيطان على انبياءة ليقضي من تعذيبهم و إتعابهم و طرا ً كما يقول تعالى فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ  * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ8 *  إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ (1) يقول إذا ً ليس هناك سلطان و سيطره للشطان على الانبياءلانهم اكثر من يتوكل على الله و يسلم لله هم الانبياء و لكن اذا تاملت في هذا تقول ما معنى الاية اني مسني الشيطان هذا يتعارض يعني هذا القول يتعارض مع صريح الاية اني مسني الشيطان يرده ان هذا دليل ان الشيطان ليس له تأثر على روح الانبياء صحيح لا يأثر على  روح النبي و لا يسيطر على روحه فيجعله ينحرف روحيا لا يسيطر عليه  انما التاثير على الجسد  فلا يشمله ، قد يكون هناك تأثير على جسده ، لان هذا التأثير  الذي يكون على الروح يجعل النبي غير معصوم وهو مرفوض لانه بدل ان ياتي بالخير قد يأتي بالشر لن الشيطان يسيطر على روحه و قلبه اما ان يأثر على جسده هنا او هنا و لكن من غير ان يؤثر على عقله ولا على روحه فلا دليل عليه يقول السيد الطباطبائي ان هناك ايات تبين ان هناك شيء من التأثير كما في قوله تعالى يتحدث القران يقول فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ نسيت الحوت من هو الذي نسى الحوت ، هو غلام النبي موسى وهو نبياٌ ايضا وهو النبي يوشع فأيضا كان هناك شيء من التأثير إذا بصورة عامه يقول السيد الطباطبائي ليس هناك ما يمنعه اذا كان طريقا لاظهار صبره وشكره كالنبي ايوب كمقدمه لاظهار مكانته يمكن ان يكون شيء من التأثير على جسده ليظهر صبره ومكانته هذا بصورة عامه .

ثالثا : حقيقة مس الشيطان لنبي الله ايوب ،

في هذه الخصوصية مس الشيطان لنبي الله ايوب ، قال القران ، وإذكر عبدنا ايوب وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (2) ما هي حقيقة مس الشيطان في هذه القصة ،

  • قيل ابعاد الناس عنه بوسوسته لهم البعض لم يقبل هذا لوجود الاشكالات فقال انما وسوس بمعنى اثر بمعنى مس النبي بمعنى ابعد عنه الناس وسوس للناس و ابعد الناس عنه فجعلهم يتفرقون عنه فهذا هو المس و ليس غير .
  • قيل هو نكران الناس نبوته يعني جعلهم ليس فقط يبعدون انما ينكرون نبوته و كان لذك الانكار و الاستهزاء و السخرية بالنبي كان له اثر كبير فقد جائت الروايات ومن ضمنها روايات كثيرة و رواية طويله انقل  منها هذه الفقرة عن الامام الصادق سلام الله عليه  انهم كانوا يأتون للنبي ايوب ويقولون له يسخرون به قالوا له يا ايوب لو اخبرتنا بذنبك لعل الله كان يهلكنا اذا سالناه و ما نراك ابتلاك الله بهذا الابتلاء  الذي لم يبتلى به احد إلا من امر ٍ كنت تستره ، انت ارتكبت خطيئة وجرم كبير لذلك ابتلاك الله به فقال ايوب عليه السلام وعزت ربي ما ارتكبت اي ذنب ٍ و ما اكلت طعاما ً إلا يتيم او ضعيف يأكل معي فكانوا يسخرون به يأتون بالسخرية لذلك كان يتأثر ويقول اكثر ما تأثر به في الابتلاء بعد الابتلاء هو سخرية الناس به و شماتتهم .
  • قيل هو  وسواس الشيطان لايوب البعض قال وسوسه له ولكن هذا لا يقبله اكثر المفسرين قيل هو وسواس الشيطان لايوب  فقد كان يقول له لقد طالت فترة مرضك ويبدو ان ربك قد نسيك كان يوسوس له ياتي له بهذا .
  • مس الشيطان هو احداث ضرر في جسده من المرض الشديد وهو ظاهر الاية انه كان مريضا ً مرضا ً شديدا ً و هذا ما قاله السيد الطباطبائي و انقل كلامه قال الطباطبائي و الظاهر ان المراد من مس الشيطان له بالنصب ٍ والعذاب استناد ُ نصبه و عذابه من الشيطان بنحو ٍمن السببيه و التاثير وهو الذي يظهر من الروايات و لا ينافي استناد المرض و نحوه  الى الشيطان استناده الى بعض الاسباب العادية الطبيعية لان السببين ليسا عرضيين متدافعين بل احدهما احدهما في طول الاخر يقول السيد الطباطبائي يمكن ان يكون التاثير هو للشيطان فإذا قلت هذا مرض سببه انه مثلا جائته حشره او عدوة يقول ليس هناك ضير لانه يمكن ان تكون في طول بعض يعني ان يكون الشيطان جلب الحشرة او هذا السبب جعله و اثر فيكون التأثير من الشيطان ولكن بأسباب قريبة اخرى ايضا إذا ً مس الشيطان انما هو تاثيره بإحداث مرضٍ في جسده ، يعني المرض الذي وقع في جسده هو مس الشيطان ليس غير ذلك .

 

 

الهوامش

  • سورة النحل الايات 98-99-100
  • سورة ص الاية 41

 

شاهد أيضاً

تفسير سورة النبياء الحلقة 48

تفسير سورة النبياء الحلقة 48 13/5/2019 بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *