بسم الله الرحمن الرحيم
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا ۖ إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ
الحديث حول بعض قصص الانبياء تستمر في هذه الايات و هنا ذكر ثلاثة من الانبياء فقط إشارة بالاسم فقط و ذكر مقامهم بعد ذلك ،
اولا ً : قصص هاتين الايتين ،
قصة إسماعيل و ستجيئ قصته مفصله في سورة الصافات ، اما قصة ادريس عليه السلام فتكون في سورة مريم و تأتي سورة ذي الكفل في سورة ص ايضا فيها تفصيل هناك و هنا فقط اشارات ٌ لذلك .
ثانيا ً: إجمال الاشارات الاجماليه لهؤلاء الانبياء ،
هذه الايات اشارات اجمالا ً لهؤلاء الانبياء الثلاثة ،
- انهم من اعلى امثلة الصبر و الثبات اشارت هذه الايات انهم اصحاب صبر ٍ بل اعلى درجات الصابرين بحيث قضوا اعمارهم في المحن و الابتلاءات كما تفسرها ايات اخرى في قصصهم مفصلة و سنشير الى جانب ٍ من قصة ِ النبي إسماعيل .
- الهدف من ذكرهم تسلية للنبي صل الله عليه واله لما كان يمر به في مكه و تصبيرا ً اصحابه و من يتبعه ايضا .
ثالثا ً : تعريفا ٌ بهؤلاء الانبياء ،
النبي إسماعيل ، هو النبي اسماعيل ابن إبراهيم عليهم السلام و جد النبي صل الله عليه واله وهو دعوة النبي ابراهيم النبي ابراهيم بعد عمر كبير دعى ربه ان يرزقه فقال وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (1) و قال الله على لسان ابراهيم رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (2) يريد ان يرزق بولد ٍ وهذا الولد من الصالحين ليس اي ولد و ليس صالحا ً بالمعنى العام الذي هو في مقابل الفساد في بعض الاوقات يتصور الشخص انه يريد ولد صالح يعني غير فاسد ليس هذا المعنى كما يأتي مقام الصالحين مقام ٌ يختلف رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فأجابه الله سبحانه و تعالى فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (3) لذلك النبي صل الله عليه و اله يقول انا دعوة ابراهيم فدعوة مستجابه و تتحقق فيكون إسماعيل ،
إسماعيل هو ذبيح الله المسلم كل التسليم الذي ليس عنده إعتراض ٌ ابدا ً و إنما تسليم ٌ مطلق تعرف من خلاله لماذا عد من الصابرين ،
كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ ، لماذا من الصابرين عندما يتحدث الله عن الابتلاء الذي ابتلي به قال فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ صابر هناك وصفه الله و مدحه بالصبر هذه الاية تفسر الصبر هل هناك صبر اعلى من هذا صبر ٌ يتعجب منه الإنسان أب يُأَمر بذبح إبنه و الابن يسلم و يأتي ليذبح ، لماذا عد من ، الصابرين قال ستجدني من الصابرين الان ليس سوف تجد يقولون ستجد يعني الان ماذا تعني ، قال قوم و طبق امر الله قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ يقولون علماء اللغة إذا قال إفعل يعني الان ليس بعد ذلك افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فهذا هو الصبر فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (4) هذا هو البلاء المبين اشد الإبتلاء و الاختبار أن تامر بذبح إبنك و الابن يكون مُسَلِّم كل التسليم وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (5) هذا هو النبي إسماعيل و هنا لم تذكر القصة و إنا هي إشارة اليه و الى صبره ،
- نبي الله ادريس نبي الله العظيم كما يثبته القران الكريم نبي ٌ من انبياء الله و عظيم ٌ من عظماء الانبياء يعني من كبار الانبياء و أصحاب الكرامات وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (6) صديقا ً مطيعا ً مسلما ً خالصا ً صادقا ً لله تعالى مكانته جدا ًعاليه وصفه الله تعالى وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (7) وهو جد والد نوح عليه السلام وفق ما رواه اكثر المفسرين إسمه في التوراة اخنوخ و في العربية إدريس و يرى بعضهم ان ادريس مشتقٌ من مادة الدرس و التدريس لذلك يروى انه اول من علم الكتابة بالقلم او من كتب بالقلم و يقال انه اول من علم الناس خياطة الثياب ،
ذا الكفل قيل هو من الصالحين و لكن المشهور عند المفسرين انه من الانبياء و الاظهر من سياق الايات انه من الانبياء لانه عدد في سياق الانبياء نبي تلو نبي ، و قيل ذا الكفل هو لقب لنبي الله إلياس و قبل ليوشع ابن نون و قيل لقب ٌ لحزقيل و قيل لقب ٌ لزكريا و غيرهم من الانبياء كما ينقل ،
سبب تسميته ذا الكفل
- قيل انه تعهد لنبي ان يكون هو وصي و تعهد ان يحي الليل في العبادة و يصوم النهار و ان لا يغضب عند الحمك بين الناس ، كان يحكم بين تعهد انه لا ينفعل و لا يغضب و ان يفي بوعده ابدا لذلك سمعي بذي الكفل أي المتعهد الثابت على تعهده .
- ذي الكفل يعني ذو النصيب الاوفر لانه ابتلي بلاء ً كبيرا ً فصبر صبرا ً كثير فصار ذي الكفل يعني ذو النصيب الاوفر من الرحمة بعد الابتلاء .
رابعا ً : بحبوحة الرحمة هي جزاء الصبر ،
وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا ۖ إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ (8) هنا الله سبحانه و تعالى لم يقل اعطيناهم رحمة لم يقل كافأناهم برحمه و انما قال ادخلناهم في رحمتنا يعني جعلوا وسط الرحمه مغمورين بالرحمه من جميع الجوانب و من جميع الجهات .
خامسا ً : مقام الصالحين ،
الانبياء دائما يدعون ان يكونوا من الصالحين و في مقام الصالحين فهذا النبي سليمان يقول وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ نبي و لكنه يريد ان يكون في عداد الصالحين و النبي إبراهيم عليه السلام و إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ و وصفت الايات يحيى انه من الصالحين عندما وقف زكريا في المحراب يدعو فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (9) و الانبياء يسعون و يطلبون هذا المقام بعد الاصطفاء وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ اصطفي في الدنيا صار نبيا و لكنه يوعد بأن يصل الى مقام ذلك المقام هو مقام الصالحين ، هذا في الاخرة ، و يقول تعالى على لسان يوسف بعد الابتلاء ربِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (10) بعد ان اموت اجعلني مع الصالحين اريد ان اصل الى هذا المقام مقام الصالحين كل ذلك بعد النبوة ،
ما هو مقام الصالحين ،
الروايات تقول مقام اهل البيت عليهم السلام و بعض الانبياء وصفهم الله بانهم من الصالحين و هم في هذا المقام و المقام درجات و لكنهم في نفسه و المقام و الصفة لاهل البيت عليهم السلام و هم المصداق الاكمل و الاتم للصالحين كما في الروايات ، طريق الصالحين الله عينه و وضحه في القران فقال يؤمنون بالله حتى يكون الانسان في مقام الصالحين او في طريق الصالحين بمختلف الدرجات يؤمنون بالله و اليوم الاخر لان الايمان بالله شرط اساس ان يكون يعتقد من خلاله بكل شيء و يستقيم و الاستقامه في الحياة و في كل شيء ٍ شرطها الايمان بالجزاء الذي يؤمن بالجزاء يستقيم الذي لا يؤمن بالاخرة لا يستقيم
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (11)
الهوامش
- سورة الشعراء الاية 84
- سورة الصافات الاية 100
- سورة الصافات الاية 101
- سورة الصافات الايات 103-104-105
- سورة الصافات الاية 107
- سورة مريم الاية 56
- سورة مريم الاية 57
- سورة الانبياء الاية 86
- سورة ال عمران الاية 39
- سورة يوسف الاية 101
- سورة ال عمران الاية 114