اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ *مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ*لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ۖ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ * قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ*
الحديث حول هذه الايات في وصف المشركين و تخطيط المشركين ضد الرساله ثم جواب القران على ذلك
اولا : الجواب القراني على ما احتج به المشركون و إعترض به المشركون على رسالة النبي و الحجج التي اتخذوها لتكذيب الرساله ،
- قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ النبي صل الله عليه واله يقول للمشركين هذه النجوى و التآمر الذي كنتم فيه الله سبحانه وتعالى يعلمه يعلم بنجواكم ، و يعلم ، و بسركم و اكثر من ذلك يعلم ما في السماوات وما في الارض ولا يخفى عليه خافيه
- مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا ۖ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (1) وهذا رد عليهم و تكذيب لوعدهم الضمني لانهم وعدوا ضمناً قالوا فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ هنا النبي صل الله عليه واله القران الكريم الاية تكذبهم وتقول حتى لو جائت الايات لن تؤمنوا لان الاولين الذين طلبوا الاية ان تاتيهم جاءتهم الاية فما زادتهم هداية انما اصروا ، وازدادوا ضلاة على ضلال ، وانتم مثلهم وكما يقول تعالى فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِن قَبْلُ (2) طلبهم معجزة كما هي معجزات الانبياء في الوقت الذي هم لا يؤمنون بالانبياء فكيف يطلبون معجزة وهم لايؤمنون لا بالمعجزة ولا باصحاب المعاجز من الانبياء السابقين فهذا يدل على ان طلبهم ليس جدياً و ليسوا صادقين فيه ،
- وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۖ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (3) و هذا جواب على إعتراضهم و قولهم هلْ هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ لانهم قالوا ان هذا الا بشر فكذبوا النبي لانه بشر كما مر لانهم قالوا إذا كان بشر يكون نبي فنحن مثله ما الفرق بيننا وبينه ولو كان يحق ان يكون نبياً لكنا نحن لاننا نتحد معه في البشريه و هذه الاية تتضمن جوابين نَقضي و حلي كما يقول اهل المنطق الجواب النقضي هو ان يسالوا من كان من اللانبياء يسالون اليسوا بشرً كيف يكون هذا الاعتراض الان انتم تعترضون لانه بشر فكيف يكون الاعتراض لانه بشر و في الوقت نفسه تطلبون معجزة فالجواب النقضي انه كيف يكون بشر نبي انظروا للانبياء السابقين ماذا كانوا اليسوا بشرً ؟ فإذا كان الاشكال على كونه بشر فالاشكال على هذا النبي و على غيره من الانبياء لان جميع الانبياء بشر هذا جواب نقضي ،
و الجواب الحلي ان النبي في صفاته البشرية بشر كغيره هو بشر كغيرعه و لا يفرق عن غيره من جانب البشريه ، ولكن هناك شيء اخر مَيزهُ وهو الاتصال بالوحي و إمكانية الاتصال بالوحي هي من الله سبحانه وتعالى يمن على من يشاء و يختار من عباده و من البشر من يشاء .
ثانيا : معنى الذكر فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ معنى أهل الذكر من هم المقصودون باهل الذكر هذه الاية تعطي قانون عاماً و هذا هو دأب القرآن التعامل مع القران كما يقول الاصوليون يقولون خصوص المورد لا يخصص الوارد يعني جاءت الاية في مورد معين وكلن ليس معناه انها محصورة في هذا فقط فالاية جائت واعطت قاعدة عامه اولا انه الجهل يرجع للعالم انتم تجهلون ارجعوا لمن عنده علم ، المراد بأهل الذكر هم اهل الكتب السماوية فتقول اسالوهم ، و في الحديث و ورد ان اهل البيت هم اهل الذكر بإسناده عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام في قوله فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ من المَعنونَ بذلك الراوي يسأل الامام الصادق سلام الله عليه قال الامام نحن قال فانتم المسؤلون ؟ قال نعم قُلتُ ونحن السائلون قال نعم قلتُ فعلينا ان نسالكم ؟ قال نعم قلتُ فعليكم ان تجيبونا قال لا ذلك الينا ان شئنا فعلنا و ان شئنا تركنا ثم قال الامام هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (4)
هم اهل لذكر وهم اعلى مصداق لاهل الذكر و يجيبون إذا ارادوا و يمتنعون عن الجواب إن ارادوا ايضا إذاً ما هو معنى اهل الذكر في هذه الاية ؟ أهل الذكر في هذه الاية هم أصحاب اهل الكتاب يعني اليهود والنصارى لانه في ذلك الوقت لايمكن ارجاع الناس و المشركين ليستدلوا على الكتاب و بان من جاء قبلهم من الانبياء بشر ان يرجع للنبي نفسه لانه هو محل الدعوه وهو المدعي بالرساله يهني صاحب الدعوة و أهل بيته هم مثله يطلبون و يدعون هذه الرساله إذا المناسب ان يكون إرجعوا لاهل الذكر من اليهود و النصارى في إثبات كون الانبياء بشر ولماذا يرجعون اليهم ؟ لانهم يتفقون معهم الاتفاق بين المشركين و بين اليهود والنصارى في مضاددة النبي صل الله عليه واله محاربة النبي معارضة النبي مخالفة النبي في رسالته لانهم يختلفون معهم و يرفضون هذه الرساله فيرجع اليهم وهذا امر طبيعي .
ثالثا : وصف الانبياء و نتيجة الايات يطلبونها
- عنصر البشرية الايات الاتيه تصف النبي صل الله عليه و اله انه بشر وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (5) يعني هذا نبي ترونه جسد وما جعلنا وما جعلناه جسد يمشي في الاسواق و هو لايأكل الطعام بل حاله حال الاخرين من هذه الجهة و ليسوا خالدين لا يختلفون عن الناس اي هكذا جميع الانبياء لم ترفع عنهم صفات البشريه وانما حملوا الرساله
- ان النبي مؤيد من الله سبحانه وتعالى و النصر حليفه ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (6) و هذا تهديد ايضا للمشركين ان النصر سوف ياتي للنبي صل الله عليه واله و يتحقق النصر كما كان الانبياء السابقون جاءوا بدعوه وخالفوهم فجاء النصر يعني كان الاية تقول إقرؤا و اسالوا عن من كان سابقا جائتهم الدعوات ولمن كان النصر ؟ يطلبون الايات ويصرون على العناد يأتي النصر للنبي و يهزم المخالفون ثم صدقناهم الوعد ، و الوعد هو الوعد بالنصر على من كذبهم يقول الله تعالى
وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (7)
رابعا : القران رحمة و خير للناس ثم تعطف الاية و تاتي في سياق الايات و تقول انتبهوا هذا القرآن جاء لمصلحتكم وهذا دأب المخالفين و دأب للحق القران يقول انما جاء هذا القران من اجل خيركم ، و لكن الناس يصرون على الباطل كما نفكر مثلا في مَن حارب النبي هل يتوقعون من النبي ان يكون وجوده ضرر لهم عندما من خالفوا الامام علي عليه السلام الذي عاش اقصى درجات الزهد هل يتصورون انه سوف يأخذ لنفسه و يظلمهم ؟ وجوده رحمه و خير لهم فقط ولكنهم يصرون على الباطل لذلك عندما صار الحوار في هذه الايات بعدها يقول الله تعالى لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (8) هذا الكتاب فيه ذكركم فيه خيركم فيه شرفكم كما يقول بعض المفسرين وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ (9) خير لك ولقومك ولكنهم لايقبلون و يصرون ،
خامسا : مصير الظالمين
الايات ترجع وتاتي للتهديد و ترجع تقول
- وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً (10) القصم هو الكسر و التفتيت يعني اهلكنا القرية كناية عن الهلاك و لكنهم لا يتعظون
- فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ (11) صاروا يهربون خائفين بيان لنتيجة التكذين انه سوف تحاولون الفرار ولكن نتيجته ان تكون هالكين .
- لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (12) هذا توبيخ لهم واستهجان و استهزاء بهم تقول انتم تملكون الثروة تملكون الخيرات الان لما احسستم بالبأس هربتهم و صرتم تركضون ارجعوا الى مساكنكم ذكرت المساكن لانها محل الاستقرار للانسان ارجعوا الى هذا المكان لتستقروا وليسألكم الناس و يستجدوا منكم ويطلبوا منكم وتبقوا سادة يعني اين انتم من سيادتكم للناس ، وابين حاجة الناس لكم الان انتم الذين تهربون
- قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ(13) ندامة غير صادقه ندموا عندما حل البلاء هذا ما حدث للأمم و لكن الندامه غير صادقه فلا مجال لهم فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (14) بقوا على ذلك ولم يوفقوا للتوبة و التراجع حتى صاروا حصيداً خامدين
الهوامش
- سورة الانبياء الاية 6
- سورة الاعراف الاية 101
- سورة النحل الاية 43
- سورة ص الاية 39
- سورة الانبياء الاية 8
- سورة الانبياء الاية 9
- سورة الصافات الايات 171-172-173
- سورة الانبياء الاية 10
- سورة الزخرف الاية 44
- سورة الانبياء الاية 11
- سورة الانبياء الاية 12
- سورة الانبياء الاية 13
- سورة الانبياء الاية 14
سورة الانبياء الاية 1