وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ
في هذه الايت بيان ، و توضيح ان ما يصنعه الله ليس عبث ،
بصورة عامة ما يخلقة الله سبحانه ، وتعالى من السماء او الارض ، و ما بينهما لم يكن عبثاً ، و لا لعباً ، و لا لهواً ، وانما هو لاجل غاية ، و في هذه الايات ايضا بيان لسبب العذاب الذي ينزله الله على الظالمين انه ليس عبثاً بل هو سنة الله سبحانه و تعالى سنة كونية ان يقذف بالحق على الباطل فإذا التحق الحق ، و الباطل كان الحق منتصرا ، و الباطل مهزماً زاهقاً ، و في هذه الايات ايضا دليلاٌ على ان خلق الانسان بصورة خاصة ليس عبثاً خلق الانسان اظافة للصورة العامه في خلق المخلوفات كلها ليس عبث كذلك خلق الانسان الذي هو غاية الغيات بالنسبة لهذا الكون ، و لهذا لوجود انه ليس عبثاً بل هو لغاية ليس لعباً و في هذه الايات ايضا يستنتج منها دليلٌ لاثبات المععاد إذا لم يكن الخلق إذا لم يكن الخلق عبثاً وكان لغاية ما هي الغاية ؟ هل تكون الغاية من خلق الانسان هي فناءه ليس كذلك الانسان يستمر في حياته الى يموت فليست غاية الخلق ان يموت الانسان وإنما الغاية بعد ذلك ما يكون من الموت بعد البعث ، والنشور فتكون هذه الايت دليلاً لاثبات المعاد فهي تدعوا الكافرين الذين ذكرتهم الايات السابقة بإنهم لا يؤمنون بهادفية للخلق ان هذا الخلق خلق لهدف و غاية معينة و لابد ان يصل اليها و هذه الغاية هي البعث و الجزاء اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُم فالغاية هي ان يصل الانسان الى حسابه فيرى اعماله الصالحه او الطالحة ، و بذلك يكون اثباتاً ايضا للنبوة فتكون طريقاً لاثبات النبوة و وجوب طاعة النبي فتكون حجة على النبوة الذي يراد من الانسان بها و بمؤداها قوله تعالى وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ تبين ان هذا الخلق العظيم من السماء وما فيها و الارض و ما فيها وما بينهما لم يخلق من غير هدف هذه و ترد على الكافرين ايضا الذين يقولون ان الخلق من غير هدف انها تبين ان الخلق له هدف فليس الخلق عبثاً وانما خلق من اجل غاية لابد ان يصل اليه الانسان
قوله تعالى * لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ لو اراد الله ان يتخذ لهواً و اللهو كما مر في المعاني اللهو هو ما يشغلك عن ما يهمك فلو كان الله سبحانه وتعالى اراد ان يتخذ لهوا ما هو اللهو الذي يناسب ان يتخذه الله ؟ لا يمكن ان يكون هناك لهو يوجد في هذه الاية دلاله على امتناع اللهو ، وانه ليس ممكن من كلمة ( لو ) التي تدل على الامتناع لماذا لا يكون اللهو لله ممكناً لانه يكون سبب للنقس اثبات للقنص في ذات الله سبحانه وتعالى و اللاهي يسد نقصه و يرفع نقصه بلهوه و ان كان في تصورة ان يتصور انه يرفع النقص بهذا اللهو و هذا غير ممكن لله سبحانه وتعالى لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ قيل في معنى لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا كيف يتخذه الله سبحانه وتعالى من لدنه ؟
- قيل اي لاتخذناه بقدرتنا و لكن هذا المعنى غير صحيح لانه لا ظهور في لفظة من لدنا في القدرة كلنة لدنا لا تدل على القدرة و فيه ان قدرة الله سبحانه وتعالى لا تعلق بالمحال و هذا محال فلا تتعلق به قدرة الله تعالى
- و قال اخرون لان المراد من لدنا اي بخفاء و ستر لا يطلع عليه احد و هذا ايضا غير ممكن لانه يستزم النقص الممتنع على الله سبحانه وتعالى ان يكون الله فيه نقص و يسد هذا النقص بهذا اللهو الذي يريده و ايضا فيه لماذا يكون مستور ؟ هل الله سبحانه وتعالى يخشى ان ينظر اليه احد او يطلع عليه احد فيجعل لهوه مخفياً من ماذا يخاف ومن ماذا يخشى حتى لا يطلع عليه احد هذا كله لا يناسب ذات الله سبحانه وتعالى
- و قيل المراد باللهو المرأة و الولد ان الله لو اراد ان يتخذ لهو يعني لو اراد ان يتخذ ولداً او امرأةً هذا المعنى و هو ايضا غير صحيح و الذي يقول بهذا الراي يشير الى الاية في قوله تعالى لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ الزمر 4 و فيه انقطاع السياق سياق الاية ليس في هذا الجانب الاية تتحدث عن الخلق و ان الخلق لغاية ولا تتحدث عن اتخاذ الولد ، وعدم اتخاذ الولد الاية تناقش المشركين و الكفار ان هذا الخلق ليس عبثاً وانما هو من اجل غاية وحدده وهي ان يصل الانسان الى حسابه
- وقيل لو اردنا ان نتخذ لهوا لوجب ان يكون مناسباً للمعنويات يعني هذا القائل يقول الله سبحانه وتعالى ليس مادي فإذا اراد ان يتخذ لهو يجب ان يكون هذا اللهو معنويا و هذا اللهو المعنوي ليس مرتبط بهذه المادية وهذا ايضا يرد عليه ان الله سبحانه وتعالى يريد من هذه الاية ان يثبت ان الخلق لهدف اللهو بصورة عامه وباي شكل من الاشكال غير ممكن وهو ممنتع عن الله سبحانه وتعالى .
- اخيراً من لدنا اي من ذاتنا وهو رأي السيد الطباطبائي و هو الظاهر من الاية اي لو اردنا ان نتخذ لعباً و عبثا لكان في ذات الله سبحانه وتعالى هذا رأي السيد الطباطبائي يقول لكن بكلمة ( لو ) تشير الى امتناعه وانه مستحيل ان يتخذ الله اللهو فهي تنفي اللهو باي صورة كانت فإذا كان اللهو في ذات الله غير ممكن فكيف يكون بخارج عن ذات الله بيان هذا التفصيل إذا كان في خارج ذات الله فإن الله محتاج الى هذا اللو يعني هو في حاجة فيه نقص فيحتاج ان يرفع نقصه باللهو من الخارج إذا كان في ذات الله الللهو فيلزم منه التركيب في ذات الله يعني جزء منه يكون ما يلهو به و جزء ما يلهو بذلك الجزء فتكون ذات الله مركبة و هذا مستحيل لانه دليلاٌ على الحدوث دليلاٌ على النقص من جهة في ذات الله و هو غير ممكن و دليلاٌ على احتياج ذات الله لابعضها لاجزاءها وهو غير ممكن لان كل مركب حادث كما يقول علماء الكلام و الفلسفه فيثبت ان الله ذاته غير مركبة بسيطة فليس فيه نقص و ليس فيه احتياج ابدا وانما يثبت انه لا لهو في في ذات الله ولا لهو في غاية الله و انما غاية الله الخلق من اجل ان يوصل الخلق الى كماله و تنتهي بالخلق الى معادهم و الحساب يوم القيامه .