قال الله سبحانه تعالى في سورة الحجر
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الْمُتَّقِين فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِيصُدُورِهِم مِّنْ غِلّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ
(47) لَايَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)
صدق الله العلي العظيم
بعد ان تحدثت الايات السابقة عن اغواء ابليس و توعد الله لابليس و لاعوانه بالنار و ابواب النار ،
ذكرت هذه الايات الطرف المقابل و هم المتقون و ما لهم من النعيم في الجنة ،
اولا المعاني :
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
التقوى هي الورع عن محارم الله كما في الحديث متى يكون الشخص متقيا إذا كان ورعا عن محارم الله اذا علم ان هذا الشيء فيه حرمة حرام ابتعد عنه وربما يعمم في بعض الحالات للابتعاد عن الشبهات ايضا و هذا درجة اخرى ليست هي المصطلح القراني و ان اكان في الفقه يستعملونه التقوى اعم من الاخلاص او الاخلاص من الله من المُخلَصين المتقون اعم من المُخلَصين لان المخلص هو الذي يختاره الله سبحانه وتعالى من بين المتقين يعني المتقين عام هم الذين يبتعدون عن محارم الله و يتجنبون المعاصي من بينهم الله سبحانه وتعالى يصطفي اشدهم تقوى و اخلاصا و يسميهم المخُلَصين
قال الرازي ان المتقين او المتقي هو الموحد ولو ارتكب معصية ولكن هذا مخالف لظاهر الاية و الايات التي تتوعد بالنار هذه الاية عندما تصف المتقي تبشره بالجنه و بهذه الصفات من النعم الكثيرة في الجنة إما العاصي و ان كان موحدا ربما يبشر يقال له انه ياكل في بطنه نار و هكذا من ايات الوعيد لمن يرتكب و يخالف و يعصي اذا ظاهرها مخالف الذي يبتعد عن محارم الله و يتحذر من الحرام )
وَنَزَعْنَا مَافِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ( الغل الحقد ) اذا كان يوجد في النفس حقديوم القيامه لا يكون لهذا الحقد وجود و قيل الحقد الغل هو الحقد و الحسد في الصدر الذي يحرك صاحبه للاضرار بغيره يعني موجود في الصدر و يحرك صاحبه للاضرار بغيره ونرى التناسب ايضا انهم اخوان يكونون ليس في صدورهم غل وليس حقد ولا احد مثلا يكيد للاخر وانما سعادة و استقرار اخوانا في مقابل الغاوين فهم في امن اخاء وسلام
سرر جمع سرير وهو السرير الذي يتكأ عليه وهو من السعادة و السرور يعني هو الذي يوفر السرور و الراحه لذلك سمي سرير .
ثانيا : البشارة التربويه
هذه الايات هي بشارة تربويه بعد ان كان هناك ايات تتوعد ايات تتكلم بتهديد من يعصي الله و من يتبع الشيطان لابد ان يكون في المقابل و هذا في القران دائما وهو مسلك التربيه ايضا التربيه الاسريه التربيه الاجتماعية ان يكون فيها ترغيب و ترهيب فعندما يرهب الشخص ولده ايضا يرغبه في الطرف المقابل حتى يكون له اثر القران الكريم هذا دأبه ايضا عندما يذكر الكافرين و المنافقين ويتوعدهم بالنار يذكر في المقابل المتقين و الجنه ودرجات المتقين .
ثالثا : درجات الجنه
الجنه درجات مختلفه درجات الجنه انما كانت باعمال الانسان عملك صالح درجتك صالحه عاليه عمله اقل درجته اقل وهكذا قال تعالى
وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَات فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ (1) مؤمن و يعمل الصالحات يحصل الدرجات العاليه وقال تعالى
انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُأَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (2) تفضيل في الاخرة ليس هناك تساوي في الاخرة تقول يدخلون الاخرة و يعيشون السعادة واخوان و لكن لكل درجته درجات مختلفه وقال تعالى
لَٰكِن الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَاغُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَاللَّهِ لَايُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (3) الغرف يقال انها هي الغرف البناء العالي التي تشير الى الدرجات ايضا .
رابعا : اوصاف الجنه و نعيم الجنه
و الايات ذكرت ثمان صفات و ثمان نِعم
- جنات و عيون تذكر ان المتقين في جنات و عيون ولما ذكرت جنات و عيون ذكرتها بالجمع جنات و ليس جنه و عين إذاً هناك اختلاف جنات مختلفه و عيون مختلفه وليست واحده كما ياتي في الايات يقول تعالى
إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (4) الابرار درجة من المؤمنين لهم درجه و هم يشربون من كأس هذا الكأس مزاجه و طعمه كافورا ما هو الكافور ؟؟
عينا عيون هنا عين عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (5) نجد ان هذه عين نوع من العيونالابرار درجة لايشربون من العين مباشرة وانما يشربون مزاجها اما من وصل لدرجة العباد فهو يشرب من العين مباشرة عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُاللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا
عن الباقر عليه السلام
قال في وصفها هي عين في دار النبي صل الله عليه و اله تفجر الى دور الانبياء و المؤمنين يعني تشقق وتخرج الى دور الانبياء و المؤمنين ولكن بدرجتهم يُسْقَوْن مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ ( 6) اية اخرى و عين اخرى
خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (7)
هنا ايضا تجد الرحيق الشراب الخالص الذي لا يشوبه شي ليس فيه غش افضل الشراب خالص يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ بعد ذلك ختماه مسكختامه له طعم المسك معطر و قيل انه يعقب شربه الرائحه الجميله في الفم ومزاجه ايضا ، ايضا ومزاجه طعمه ايضا من تسنيم ما هو التسنيم قال تعالى عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ هنا عين اخرى يشرب بها المقربون هي اعلا العيون و اعلا الدرجات في الجنه يشرب بها المقربون فقط و ليس اي احد الباقي يأخذ مزاج مزاجها فقط طعم قليل يوضع عليها قال البعض ان التسنيم شراب خاص موجود في الطبقات العليا من الجنه شراب يقول البعض في درجات عاليه من الجنه وقال اخرون انه نهر يجري في الهواء فينصب في اواني اهل الجنه كيف يكون ذلك حقيقته لا ندركه كما يأتي وفيها عيون وانهار و جنات كثيرة الجنه فيها عيون و انهار كثيرة الكلام لازال كله جهة واحده وهي ، وهي جنات و عيون يقول تعالى مَّثَل الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ماء سليم صافي ليس فيه كدورة وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّم يَتَغَيَّر طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّن عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (8) فرق بين هذا و هذا ، هذه هي التربيه القران يذكر هذا و يذكر هذا نجد الاختلاف و النعم الكثيرة في الجنه ولكن مهما وردة هناك ايات و كثيرة ايضا و تذكر الجنه و نعيم الجنه ولكن ان يذكر الشخص حقيقة هذا مستحيل لان كل ما هو في الدنيا هو تقريب و ترغيب وليس حيقيقة ما في الاخرة يقول تعالى
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فلا تعلم نفس لا تعلم ولو علمت لن تعلن لن تصل بل فيها و فيها لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (9) هذه الاية تامل فيها لَهُم مَّا يَشَاءُونَ يعني الجنه جميع ما يمكن ان تشتهي لك فيها جميع ما يمكن ان تتخيل و تجعله يخطر على بالك موجود في الجنه و لدينا مزيد لا يخطر على بالك يعني فيها النعم كل ما تتوقع و التي تطلبها و التي لا تخطر على بالك ايضا هناك هي في الجنه ولكن جميع هذه النعم انما تكون بالعمل عمل الانسان في الدنيا وليس اعتباطا عن النبي صل الله عليه و اله انه قال لامير المؤمنين سلام الله عليه يا علي من ترك الخمر لله سقاه الله من الرحيق المختوم (10) تعمل في الدنيا تحصل في الاخرة مثال هذا الحديث و امثله كثيرة و قال زين العابدين سلام الله عليه من سقى مؤمن من ظما سقاه الله من الرحيق المختوم سقى مؤمن الله سبحانه وتعالى يعطيه هذا عمل انت اتيت به في الدنيا وهناك تحصل عليه في الاخرة الجنة عطاء لا ينتهي و لا ينفد ابدا يقول تعالى عَطَاءًغَيْرَمَجْذُوذٍ (11)
لا ينتهي لا ينقطع إِنَّ هَٰذَا لَرِزْقُنَا مَالَهُ مِننَّفَادٍ (12) وقال تعالى أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا (13) وقال تعالى
لَّامَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (14) نعم مستمرة لا تنتهي ابدا صفات الجنه ذكرنا واحده و نأتي للباقيه ان شاء بعد ذلك .
الهوامش
- سورة طه الاية 75
- سورة الاسراء الاية 21
- سورة الزمر الاية 20
- سورة الانسان الاية 5
- سورة الانسان الاية 6
- سورة المطففين الاية 25
- سورة المطففين الايات 26-27-28
- سورة محمد الاية 15
- سورة ق الاية 35
- وسائل الشيعة الجزء 18
- سورة هود الاية 108
- سورة ص الاية 54
- سورة الرعد الاية 35
- سورة الواقعة الاية 33