بسم الله الرحمن الرحيم
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ
بعد ان ذكرت الايات السابقة ، و تحدثت استهزاء المنافقين استهزاء الكفار ، و المشركين بالنبي صل الله عليه و اله و طلبهم ان ينزل الملائكة ليثبتوا دعوته ، ويشهدوا له ثم ذكرت الايات الجنة و النار ، و اوصاف النار، و اوصاف الجنة و ابواب النار ، و ذلك كله من الترغيب و الترهيب لاصلاح الناس،
ذكرت ايضا هذه الاية انه لا قنوط ، ولا يأس ، وانما رحمة من الله سبحانه و تعالى و لا اغترار برحمة الله ، وانما الاعتدال في ذلك فالعذاب لمن كفر ولمن أساء و اجترأ ، و الرحمة لمن تاب و استغفر
المغفرة في القران الكريم
الايات للمغفرة كثيرة و لكننا نتحدث في هذا السياق اية تلو اية كلها تدعوا للاستغفار و تبين ان الله غفور رحيم و ان رحمته واسعه ،
يقول تعالى
وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (1)
ان الله كان غفور رحيما تأكيد على ان الله غفور رحيم ولكن على الانسان ان يسعى و يستغفر
ويقول تعالى
يَعْمَلْ سُوٓءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُۥ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا (2)
ظلم نفسه إرتكب سوء إذا استغفر وجد الله غفورً رحيما
ويقول تعالى
وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (3)
الله يعلم بفعل الانسان و لكن مباشلرة اذا قال تبت الى الله و صدق قيها قبل الله توبته و كفر عنه سيئاته و محاها
و يقول الله تعالى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (4)
مغفرة من الله سبحانه و يجعل لمن تاب نور يهديه يوم القيامه وتكون علامة عليه لذلك ايات اخرى تصف المؤمنين يوم القيامه و كيف حركة المؤمنين و يكيف يكون النور و كيف تكون الرحمة لهم ، و في مقابلهم تصف المنافقين يقول تعالى عن وصفهم يوم القيامه ، ويقول تعالى يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم (5) بشرى لهم اماهم و نورهم يسعى بين ايديهم وفي جوانبهم النور وهذه هي الرحمة الى ان يصلوا الى الجنه
اما المنافقون فيقول عنهم في نفس هذا السياق يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (6)
المنافقون يخاطبون المؤمنين يوم القيامه و يسعون الى الجنه نورهم امامهم فيطلب المنافقون من المؤمنين ان يأخذوا من هذا النور شيء المؤمنون يقولون لهم ارجعوا ورائكم اعملوا ارجعوا لمكان العمل حتى تحصلوا على هذا النور و قد فات وقت العمل ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا ثم يضرب بينهم بسور باطنه فيه الرحمه للمؤمنين و ظاهره فيه العذاب للمنافقين المنفقون ينادون المؤمنين يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ مَأْوَاكُمُ النَّارُ ۖ هِيَ مَوْلَاكُمْ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (7)
فرق بين من يرتبط بالإيمان، بين من يسير في نهج الإيمان وبين من يسير منافقا متذبذبا وهو مع المؤمنين. البشارة للمؤمنين، لمن تاب، يقول تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ (8) الباب ليس مغلق، ارتكب ذنب ارتكب معصية الباب لا زال مفتوحا ولو في آخر اللحظات قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (9) ، ليس هناك ذنب يجعل حاجزا بينك وبين الجنة، فقط أن يتوجه الشخص إلى ربه ويستغفر، وليس الإستغفار فقط منه إذا تاب وإنما الدعاء له من كل جهة، الملائكة يدعون له ويستغفرون له، يقول تعالى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا -استغفار الملائكة- رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (10)
، فإذا تاب الإنسان واستغفر وصدق كل شيء يستغفر له والملائكة والملائكة الموكلين والملائكة حول العرش يستغفرون فأي شيء أكثر من فتح هذا المجال للإنسان أن يرجع لله ويلتفت إلى نفسه !
ولكن في الجهة الثانية وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ، لذلك العذاب الأخروي أيضا ليس هيناً وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (11)
العذاب الأخروي
وعيد بالنار، الله سبحانه وتعلى يتوعد من يكفر يتوعد من يظلم يتوعد من يسيء يتوعد من يخالف،
يقول تعالى وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۙ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (12)
و يقول تعالى لهؤلاء الذين ارتكبوا هذه المخالفات وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (13) هناك وعيد من الله سبحانه وتعالى ينتظر الانسان من لحظة وفاته من لحظة الوفاة يستقبل اول ما يستقبل ملك الموت ، ملك الموت ما هي صورته عند إستقبال المؤمن وما هي عند إستقبال المنافق او الكافر النبي ابراهيم في رواية تقول و الرواية معتبرة النبي إبراهيم يخاطب ملك الموت يقول له ارني كيف تقبض روح الشخص الفاجر فيقول له لا تستطيع فيقول له ارني فيجعله يدير رأسه هذا بمضمون الروايه ثم يتحول صورة ملك الموت تكون رجل قائم الشعر يخرج من فمه ومناخرة النار ودخان فينظر له النبي إبراهيم لشدة خوفه و بشاعة منظرة فيغشى عليه فيقول النبي إبراهيم لو لم يكن للفاجر إلا ان يرى صورة ملك الموت لكفى ان يرتدع ثم يقول ارني كيف تقبض روح المؤمن فكذلك يدير وجهه ثم يرجع وجهه فيغشى عليه فإذا افاق فلو لم يكن للمؤمن من ثواب يوم القيامه لا جنة ولا شيء إلا ان يرى و يلتذ بصورة ملك الموت لكفى .
الوعيد بالنار و الوعيد بطول العذاب
يقول تعالى وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ (14) كألف سنة مما تعدون وذاك خلود دائم ،
ايضا تنوع العذاب في الاخرة فيها عذاب ، و عذاب ، و انواع من العذاب ولو لم يكفي الا الاذلال خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (15) بطرية إذلال له و هذا مستمر و ليس لحظة و تنتهي ،
عذاب من كل جهة في قلبه نار وجسمه نار و حوله نار وشياطين و افاعي وما شاء الله من العذاب .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ (16)
نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (17)
عذاب الاخرة هل ينقص او لا ??
يزداد ولا يقل ، يقول تعالى فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (18) يزداد ولا يتناقص ولا يتراجع ،
ويقول تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) الله سبحانه وتعالى اختار هذا خلود في النار دائم و لا يخرجون ،
يقول تعالى فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (20)
ويقول تعالى وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۖ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) هذا العذاب المتنوع الله سبحانه وتعالى يعرض للناس كافة وليس للمؤمن فقط هناك جنة و هناك نار و هناك رحمة و هناك عذاب شديد ، و الانسان يجب ان يختار لنفسه ما يريد .
و الحمد لله رب العالمين
الهوامش ،،
- سورة النساء الاية 106
- سورة النساء الاية 110
- سورة الشورة الاية 25
- سورة التحريم الاية 8
- سورة الحديد الاية 12
- سورة الحديد الاية 13
- سورة الحديد الايتان 14-15
- سورة الزمر الاية 53
- سورة الزمر الاية 53
- سورة غافر الاية 7
- سورة الحجر الاية 50
- سورة الرعد الاية 25
- سورة ق الاية 19-20
- سورة الحج الاية 47
- سورة الحاقة الايت 30-31-32
- سورة التحريم الاية 6
- سورة الهمزة الايتان 6-7
- سورة النبأ الاية 30
- سورة النساء الاية 56
- سورة هود الايتان 106-107
- سورة السجدة الاية 20