بسم الله الرحمن الرحيم
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * إِلَّا آل لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا إمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا ۙ إِنَّهَا لَمِن الْغَابِرِينَ
هذه الايات هي إفتتاح لقصة النبي لوط مع قومه ، وهي من التذكير ، و التحذير للناس على عصيانهم ،
اولا : المعاني قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ،
الخطب هو الامر العظيم النبي إبراهيم عندما جائت الملائكة تُبشر ، و بشرته بالغلام العليم سأل بعد ذلك المرسلين فَمَا خَطْبُكُمْ لاي شيء عظيم أتيتم لماذا قال لهم ذلك ؟؟
ربما لانه تحدث معهم عن مجيئهم فقالوا هناك أمر جئنا له فسألهم ما هذا الامر العظيم أو انه لكثرة عددهم لانهم جاؤا بعدداً كبير فيسأل عن هذا العدد الذي جاء ما هو الهدف من مجيئه لابد ان يكون هناك خطب ، و امر عظيم ،
قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ
هذه أوصاف القوم الذين أتينا اليهم ، و هم قوم لوط لذلك هذا الخطب العظيم يتناسب مه مجيئهم لهؤلاء القوم المجرمين و ما يرتكبون من جرائهم وما سوف يحل بهم من عذابٍ و خسف ،
إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ
نكروهم ولم يسموهم لم يذكروهم بالاسم وانما قالوا قوم مجرمين ثم بعد ذلك يتعين من الاوصاف عندما قالوا إِلَّا آلَلُوطٍ فمن الاوصاف انهم جائوا الى قوم لوط إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ قوم لوط وهم لوط ، وخاصة لوط ويتبين ان الخاصه في هذه الاية هم فقط اهل بيته ، و ليس عدد كثير الكل كان مصرً على الفاحشة إلا ال لوط لذلك يقول تعالى فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْر بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ (36) (1) الذين سلموا و صدقوا ، وإتبعوا الرسول هم بيت أهل لوط ، وخاصة لوط فقط ،
و طبعا نجاتهم حصلت لانهم وقفوا مع الحق ، وهذه قضيه اخرى إذا تكون الاشارة اليها انه النجاة من العذاب عندما يكون المجتمع منغمس في المعاصي لا يكون للجميع بل العذاب للجميع غلا من عمل بالامر بالمعروف و نهى عن المنكر ، وهذا تدل عليه ايات اخرى كما في قوله تعالى وَاسْأَلْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُون فِي السَّبْتِ إِذ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَاتَأْتِيهِمْ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (2) هناك تتحدث الايات ان الله نجى فقط من يأمر و اخذ الباقي بعذاب بئيس ،
إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ إمراة لوط فقط من ذريته و اهل بيته بقيت مع المجرمين ووصفها القرآن بانها خانت زوجها لانها أفشت سرعه الغابرين الماكثين الباقين بعد مضي من معهم الذي يمكث في المكان يقال له غابر و الذي يذهب ذهب و هذا غابر و تطلق على الزمان الماضي من على من بقي في الزمان الماضي و من يأتي ومن ياتي في المستقبل لذلك نقول و اخلف على عقبه في الغابرين الذين سوف ياتون أيضا و اخلف على عقبه الذين سوف ياتون بعده في المستقبل و يطلق ايضا على الماضي .
ثانيا : دلالة الايات على وحدة الربوبيه
هذه الايات تدل على ان الرب واحد لانه هناك من يقول مثلا يوجد رب للخير و رب للشر رب يبشر و رب يعاقب هنا نجد ان المرسل و الرسل هم أشخاص ملائكة معينون جاءؤا هم يحملون البشارة الى إبراهيم وهم ايضا جاءؤوا يحملون العذاب لقوم لوط أنفسهم فهذا يدل على ان الرب واحد .
ثالثا : معنى اللواط وسبب التسمية ،
اللواط هو اللصوق بين الذكرين او الشذوذ الجنسي هو معروف بأن يوقب الذكر ذكراً مثله هذا هو اللواط لذلك لا يسمى مع المرأة ايضا لواط ولكن مع الذكر فقط
سبب التسمية نسبة لقوم لوط لان هذه القضية لم تكن مهودة ،وموجوده من الاصل كما قال البعض او انها كما يقول السيد الطباطبائي لم تكن كظاهرة يعني كظاهرة مجتمع يتعامل باللواط و انحراف لم يكن فصار قوم لوط يعملون هذه الفحشة و صارت ظاهرة عندهم كما تصفهم الايات و يأتي بعد ذلك كانوا منغمسين الى اعلا الدرجات بحثي انهم إذا رؤا احد جائوا له مسرعين وكما سيأتي في الايات عندما جاء الملائكة المرسلون ايضا جاؤا لهم يريدونهم لهذه الفاحشة .
رابعا : النبي لوط هو ابن اخي النبي ابراهيم ارسله الله سبحانه و تعالى الى منطقة سدوم وعمورة و هي مجموعه من القرى المجاورة للنبي إبراهيم سلام الله عليه قرى مجاورة وهذه القرى سدوم وعمورة ، سدوم وعمورة هي مجموعه من القرى التي خسفها الله بسبب ما كان يقترفه اهلها من المعاصي و الشذوذ موضعها شرق نهر الاردن منقطتها في الاردن عند البحر الميت إكتشاف المدينة اعلن علماء اثار امريكيون عن بقايا بلدة ترجع للعصرالبرونزي شرق نهر الاردن و هي قديمه و يعود تاريخها الى وقت المعجزة و وقت نزول البلاء عليهم ويقولون انها في ذلك الوقت الاثار تدل على ان الحياة توقفت فجاة في تلك المنطقه .
خامسا : جرائم و مخالفات قوم لوط ،
نجد مثلا الجرائم متعدده ولكن الشيء العظيم الذي سبب الخسف و سبب البلاء و سبب نزول العقوبة هو هذا الشذوذ الجنسي لذلك يقول المفسرون ان الشذوذ الجنسي وهو اللواط سبب القعاب و لم ياتي على الزنا ان الله دمر قوم باكلمهم على انهم كانوا يزنون ولكن على هذه الفاحشه دمرهم الله ،
هنا مخالفتهم تكذيب المرسلين
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْقَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُم عَلَيْهِ مِن أجْرٍ إِنْ أجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ * (3)
ذكرت تكذيب المرسلين لكن يتبين من ذلك ومن غيرها من الايات ان هذا التكذيب للمرسلين إنما جاء لاصرارهم على المعصية و الفاحشة يعني هم لم يكذبوا المرسلين ابتداء ولكن عندما جاء لوط ينهاهم عن هذه الفاحشة كذبوه و قالوا له إذا انت صادق فاتنا بعذاب الله ،
هم أول من مارس اللواط يقول تعالى
وَلُوطً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ ما سَبَقَكُم بِهَا أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَال وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (4)
صاروا يتحدون ، و قالوا فلينزل العذاب إذا كنت صادق ,
قطع الطريق ومعناه
قطع الطريق هناك اقوال السيد الطباطبائي يرجح ان قطع الطريق هنا السبيل هنا بمعنى قطع النسل يقول من كثرة إنغماسهم في المعصية صاروا يريدون الذكران فقط و لا يقربون النساء فهذا هو قطع النسل قطع السبيل ، قال البعض انهم كانوا يقطعون السبيل يقطعون الطريق على المارة لكثرة حبهم لهذه الموبقه و الشهوة إذا مر شخص يقفون له في الطريق يسلبون امواله وايضا يعتدون عليه جنسيا ،
وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ في ناديكم المنكر قال البعض انها شتائهم و اللفاظ و(( يتكشفون في العوره )) يكشفون العورة ولكن سياق كل الايات يدل على ان الاتيان بالمنكر هو نفس الفاحشة و ارتكاب الفاحشه إذا اللواط أمرعظيم بحيث يستوجب هذا البلاء ،
اللواط في الحديث قال رسول الله صل الله عليه واله من جامع غلاماً جاء جنباً يوم القيامة لايقيه ماء الدنيا وغضب الله عليه ولعنه و اعد له جهنم وساءت مصيرا (5) غذا تذكرنا هناك وصف الجنة و وصف النار و ابواب النار هنا نجد انه يدخل في النار وماذا يكون في النار نقرا الحديث الاخر
قال النبي إِنَّ الذَّكَرَ لَيَرْكَبُ الذَّكَرَ فَيَهْتَزُّ الْعَرْشُ لِذَلِكَ ، وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُؤْتَى فِي حَقَبِهِ فَيَحْبِسُهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حِسَابِ الْخَلَائِقِ ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى جَهَنَّمَ فَيُعَذَّبُ بِطَبَقَاتِهَا طَبَقَةً طَبَقَةً حَتَّى يُرَدَّ إِلَى أَسْفَلِهَا وَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا (6)
يعذب في طبقات جهنم من يرتكب كلها ان يصل الى اسفلها و لا يخرج منها إلا طبعا التائب التائب ، التائب من الذنب كمن لا ذنب له
الهوامش
- سورة الذاريات الايتان 35-36
- سورة الاعلااف الاية 136
- سورة العراء الايات 160-161-162-163-164-165-166
- سورة العنكبوت الايتان 28-29
- الكافي جزء 5 صفحة 544
- الكافي جزء 5 صفحة 544