بسم الله الرحمن الرحيم
وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لظَالِمِينَ (78) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ (79)
مقدمة في هاتين الايتين يعرض القران قصة اصحاب الايكة وهم قوم النبي شعيب ،
قيل ان شعيب بعث مرتين ، مرة لاصحاب الايكة ، و مرة الى مدين ، وقيل ان اصحاب الايكة هم نفسهم اصحاب مدين ،
شعيب يسمى خطيب الانبياء لحسن بلاغته ، و إتصاله بقومه ، و تبليغه لهم اصحاب الايكة هم الذين دعاهم شعيب ، و يسكنون في هذه المنطقة التي سوف ياتي تفصيلها فلما دعاهم لم يستجيبوا له دعاهم لتوحيد الله للإنصاف ، و عدم الغش و بخس المكيال و لكنهم لم يستجيبوا له فبعث الله عليهم سحاب أظلتهم و جعل الله الجو حار فاظلتهم سحابة بذهبوا لها فلما صاورا تحتها صارت عليهم نار فاحرقتهم و الاشجار التي يسكنون فيها .
اولا : المعاني وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ الايكة هو الشجر الكثيف الملتف بعضه مع بعض عندما يجتمع غيضا من الاشجار مع بعضها البعض تسمى ايكه ،
اصحاب الايكة هم شعيب اوو طائفة من قومه إما انهم هم القوم باكملهم او انهم طائفة من قومه يسكنون الغيضه من الاشجار
فَانتَقَمْنَا: انتقمنا منهم من اصحاب الايكة وهم قوم شعيب عندما انزل الله عليهم هذا العذاب بلدتهم تقع بين الحجاز و الشام في الطريق بين الحجاز و الشام كانت حياتهم مرفهه يعيشون الرفاهية ، والخيرات الكثرة كما اشارت اليه الايات ، و لكنهم اصروا على انحرافهم و على غشهم في المعاملات و كفرهم بالله اصيبوا بالغرور ، و الغفله فادى ذلك الى الاحتكار ، و الفساد لكثرة غرورهم صاروا يحتكرون ، و لانهم في الطريق كل من مر لا بد ان يمر في طريهم و يستفيد منهم فكانوا يغشون ،
يحتمل ان فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ يعود لهم ، و لقوم لوط لان الايات في سياق واحد كانت تتحدث عن قوم لوط ثم اصحاب الايكة فانتقمنا منهم ربما تكون اشارة كما يقول المفسرون للجميع انتقمنا من اصحاب الايكة و انتقمنا من قوم لوط و يؤيد هذا القول قوله وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ أي هؤلاء وانهما فيها ( ضمير مثنى ) يعني يعود على جماعتين جماعة قوم لوط و اصحاب الايكة هذا الضمير يعود على الاثنين وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ يعني في طريق واضح للمارة البعض قال انها اي لَبِإِمَامٍ مبِينٍ يعني باللوح المحفوظ لكن المفسرين يستبعدون هذا الاحتمال ، و انما كانوا في الطريق ، و كانوا قرب بعضهم البعض لذلك يخاطبهم شعيب و يقول وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ (1) لستم بعيدين عن قوم لوط و قوم لوط نزل بهم ما نزل فيجب عليكم ان تتعظوا من ذلك
ثانيا : ما هي دعوة شعيب لقومه ،
- التوحيد قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ دعاهم شعيب للتوحيد فلم يستجيبوا له و حذرهم فلم يستجيبوا و استهزؤا به قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ (2) المفسرون يقولون هنا يستهزؤون لماذا ؟ لان شعيب كان كثير الصلاة كان دائما يصلي و كان دائما يكرر معنى الاية
إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ(3) كان يكرر هذا المعنى بصياغات غير صياغة الاية و إستهزؤا به و اصروا على عنادهم وكفرهم و فسادهم ماذا وصفهم الله جل شانه بتكذيب المرسلين مع انه بعث اليهم نبي واحد فلماذا قال كذبوا المرسلين كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (4) ما قال كذبوا شعيب و انما قال كذبوا المرسلين لماذا ؟ طبعا لان الدين واحد و لان النبي شعيب دعاهم و لان دعوة النبي هي دعوة الانبياء وما ياتي به من الرساله هي واحده و المفاهيم واحده دعوة لتوحيد الله دعوة للانصاف دعوة للخير لعدم الاعتداء فاذا كذبوا الاول كذبوا الاخر لذلك صار التكذيب للجميع
- دعوته لعدم بخس الناس وعدم الغش دعاهم للتوحيد ثم دعاهم لان ينصفوا ولا يغشوا أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) (5) كان يحذرهم من الفساد و الغش ويقول تعالى على لسان شعيب وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ (6) انتم بخير و لستم بحاجة ولكن يقال ان حتى الملك الذي كان عليهم كان هو ايضا يتعامل بالغش و كان يصر على الغش ، وهو الذي اراد اخراج شعيب لانه لم يوافق على افعالهم و ارسل الملك لشعيب و سأله ما تقول في ما افعل و اقوم به فقال شعيب ان الله اوحى اليَ ان الملك اذا فعل ذلك سمي فاجر فهنا لما خالف شعيب الملك اصر بإخراجه ، مع ان الكل بخير ، و لكن لا يستطيعون إذا وزنوا لغيرهم انقصوا ، و وزنزا لانفسهم اخذوا أكثر .
ثالثا : تكذيب قوم شعيب
بماذا كذب قوم شعيب ؟
- اتهام شعيب بالسحر قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (7) هذه التهمة لكل الانبياء خصوصا عندما ياتي نبي بليغ يتكلم بما يخاطب العقل يؤثر على الناس .
- تهام شعيب بالكذب وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) يقولون انت كاذب ، واذا اردت ان تثبت انك غير كاذب و لك اتصال بالسماء فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)
- طرد شعيب من لااهله و بلده و هذا دأب الظالمين لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا (10) اراد طرده من المنطقه ومن المدينة التي هو فيها
- مطالبة شعيب بالكفر بدعوته هو الذي متصل بالسماء يقولون له اكفر بما انت فيه و بما اتيت به و لترجع الى ملتنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۚ
رابعا : عذاب اصحاب الايكة
ما هو العذاب االذي حل بهم ؟
- ( الصاعقة ) بعد ان يئس النبي شعيب من اصلاحهم اصيبوا بحر شديد الرواية تقول فجائت سحابة حر شديد فجائت سحابة فاجتمعوا فيها وكانت باردة في بعض الروايات ثم صارت حارة الى ان ماتوا و بعضها يقول تغيرت مباشرة انه جائت سحابة ثم صارت حارة فنزلت صاعقة فافنتهم عن اخرهم هم و اشجارهم حرقت الجميع و انتهوا
قالوا وهم يتحدون شعيب فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (11) تحدي الاختبار هذا نحن نقول انت كاذب وانت تقول صادق امامك الاختبار انزل علينا كسفا من السماء يقول تعالى فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (12) هذه هي الظله هي السحابة بعض الروايات تقول انهم ذهبوا عند جبل فنزل عليهم النتيجة و الاكثر مما يذكر هو سحابة
- الرجفه او الهزة فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (13) هذا عذاب ثاني و لكن لاننا ذكرنا الاحتمال ان هناك قوم عاد في مدين بعث اليهم و أصحاب الايكة فالرواية تقول ان الله ما بعث نبي مرتين الا شعيبا مرة الى مدين فاخذهم بالصيحة و هي الرجفة و مرة الى اصحاب الايكة فاخذهم الله بعذاب يوم الظلة فهؤلاء عذابهم يوم الظلة صار الظل واهلكهم
خامسا : نجاة شعيبا ومن معه ، وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (14)
سادسا : فوائد من قصة قوم شعيب ،
- النبي يدعو في الاصول و الفروع نرى في هذه الدعوة النبي يدعوهم للايمان و ايضا يدعوهم للانصاف في العمل و يدعوهم لعدم الغش فلا ياتي شخص ويقول اولا الايمان ثم العمل الجميع ويقولون في الفقه ان الانسان مخاطب بالاصول و الفروع ايضا كما انه مخاطب توحيد و عدم الكفر ايضا مخاطب بتطبيق الحق و الاحكام الشرعيه فالنبي كان يدعوهم للجميع يقبلوها الانسان السوي ؟
- عقوبة بخس الناس قد تكون عاجله هنا في هذه الاية نرى نزل العذاب عندما كانوا مصرين على بخس الناس و النبي يدعوهم و يحذرهم ولم يستجيبوا فنزل عليهم العذاب و ليس للكفر فقط قد يكون الشخص كافر و لكنه منصف لا ينزل عليه العذاب هنا لانه تعدي على الناس و على حقوق الناس فنزل العذاب ؟
- القناعه بما كتب الله من اكبر النعم ، يقول بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (15) اكبر النعم بقيت الله وما عند الله
- الداعي اول الملتزمين يجب ان يكون الداعي في كل شيء ان يكون هو المتقدم و الملتزم بما يدعو له قال وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ (16) انا ادعوكم لشيء لابد ان اكون انا ايضا متقدم في الاتزام به بهذا الشيء
- الهدف هو الاصلاح فقط و ليس الهدف غير ذلك إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ فقط هدفي الاصلاح و عندما تريد الاصلاح لا يصيبك غرور .
- عدم الاغترار وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ التوفيق من الله انا اعمل و الله سبحانه و تعالى هو الذي يحقق النتيجة
- سنة التوبة و الاستغفار هذه سنة دائمة و كل دعوة لا بد ان تنتهي بالاستغفار وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (17)
الهوامش
- سورة هود الاية 89
- سورة هود الاية 87
- سورة العنكبوت الاية 45
- سورة الشعراء الاية 176
- سورة الشعراء الايت 181-182-183
- سورة هود الاية 84
- سورة الشعراء 153
- سورة الشعراء 186
- سورة الشعراء الاية 187
- سورة الاعراف الاية 88
- سورة العراف الاية 187
- سورلاة الشعراء الاية 186
- سورة الاعراف الاية 91
- سورة هود لاية 94
- سورة هود الاية 86
- سورة هود الاية 88
- سورة هود الاية 90