5/7/2019
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ
مقدمة ،
حديثنا في الحلقة الثالثة و العشرين من الحديث حول ايات هذه السور و هو الجزء الثاني من بحث بقاء الأمم و فنائها و حديثنا حول معنى فناء الأمم و بقائها و أهمية الخوف الإيجابي كمحرك طبيعي للبقاء و التفكر في أسباب بقاء الأمم و فنائها ،
اولا ً : معنى فناء الأمم و بقاء الأمم ،
- معاني فناء الأمم ، المعنى الأول وهو ما ذكره القرآن الكريم و أشار إليه وهو فناء الأمم و إندثارها و إندراسها و إختفاؤها من الوجود كقوم لوط ٍ و غيرهم ،
المعنى الآخر الذي ذكرناه سابقا ً وهو فقدان هوية الأمة و حضارتها ،
و المعنى الثالث فقدان تأثير الأمة في غيرها و كأن وجودها هامشي فهي تتأثر و لا تؤثر ، هذه معاني لفناء الأمم .
- مراحل نشوء الأمم و فناء الأمم كتب المفكرون و المؤرخون من المسلمين و غيرهم و الغربيين في نشأة الأمم و فنائها ، منها تصوير إبن خلدون الذي قدم تصورا ً لنشأة الأمم و فنائها في أطوار ،
الطور الأول ، طور القيام و النشأة
الطور الثاني ، ما يسميه بطور الإستبداد و الإستئثار بالسلطة و السطان ،
الطور الثالث ، طور الفراغ و الدعة لتحصيل ثمرات الملك ،
الطور الرابع ، طور الخنوع و المسالمة و التقليد للسابقين بحيث يقول الإنسان في هذه الأمة إنما كان عليه آبائه و أجداده هو السليم ،
الطور الخامس ، هو الإسراف و التبذير و إصطناع قرناء السوء و إبعاد الصالحين و الناصحين وهو دور هلاك الأمة و فنائها ،
و ذكر الغربيون تصورات مشابهة لذلك و لا حاجة لذكرها .
ثانيا ً : التفكر و مرحلة الفكر الإتنتاجي ،
التفكر صفة العقلاء وهو أكبر الطاعات و العبادات و من أكبر النعم ان تكون الأمة متفكرة ً واعية ، التفكر في حال من مضى يجعل الإنسان واعيا ً و لا يعيد الحركة من الصفر ، أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته للحسن عليه السلام حين يقول إني و إن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي و لكني بما إنتهت إلي َّ أخبارهم كأني عمرت عمر أحدهم لذا إخترت لك من كل شيء ٍ جميله و توخيت نخيله ، يربط هذا الإختيار بما مر من تجارب الأمم و ما مضى من تاريخ الأمم و قد تحدث أمير المؤمنين في الإتعاظ و الإعتبار بالأمم أحاديث و خطب طويلة و كثيرة ،
إذا ً بتفادي بما مر من نكسات الأمم و إنتهائها تستطيع الأمة البناء و التقدم و الإستمرار ،
ثانيا ً : أهمية الخوف الإيجابي في حياة الناس ،
الخوف ليس سلبيا ً دائما ً و إنما يكون الخوف إيجابيا ً في بعض بل في كثير ٍ من الحالات ، من نعم الله تعالى على الإنسان الشعور بالخوف من مواقع و أسبابه ، لو كان الإنسان لا يخاف من شيء فإنه لا يتحرك لتفادي الخطر و لكنه بطبيعته أنه إذا وجد شيئا ً مخيفا ً يكشف عن وجود خطر يتفادى و يتراجع ،
من نعم الله على الناس الشعور بالألم عند المرض كي ينتبه الشخص فيعالج سبب الألم ، من نعم الله الشعور مثلا بالهزة الأرضية او زلزال قبل حصول الدمار ، من نعم الله ان يكون ملتفتا ً لذلك ان تتوفر له الأسباب لكشف هذه الأمور الخطيرة ،
من فوائد هذا الخوف و هذا الشعور ،
- التفكر فيما يمكن ان يؤول اليه و يصل إليه مصير الأمة من أسباب الخوف و الضرر التي تسبب ، عندما يفكر و يتأمل ماذا سوف تنتهي إليه هذه الأمة .
- من فوائد الخوف الفحص المستمر و المراقبة المتأنية و لا يرى العقلاء ان ما يصرف في ذلك خسارة ، بل الأمم و الحضارات توفر أجهزة لمراقبة ما يمكن ان يحدث خطر هزة ارضية او غير ذلك لأن كشفه و تفادي الخطر من أهم الأمور فهي نعمة من نعم الله تعالى و هي من فوائد هذا الخوف .
- عدم الإستمرار في سبب الألم فالذي يشعر بالألم في رجله سوف يتحرك لكشف ما فيها و يتفادى الجسلة او المشية التي تسببها .
- سوف يأخذ له حاميا ً و واقيا ً و حافظا من سبب هذا الألم لأنه بهذا الخوف يتحرك .
- سوف يعمل على تقويتها ، تقوية رجله مثلا او جسدة حتى لا يصاب بالآثار التي يخافها .
- على اقل تقدير سوف يرتب نفسه للتعايش و كيفية التعامل مع ما يحتمله من ضرر ، يهيأ نفسه للمتغيرات التي سوف تحدث او يحتمل وقوعها .
كذلك هو موضوع بقاء الأمم ،
- أنفس و أغلى ما يمكن ان يتصوره إنسان هو الكشف عن ضعف الإنسان و ضعف الأمم و الكشف المبكر عن علامات الفناء و السقوط في الأمة ، من نعم الله بل هي من أغلى و أنفس الأمور ان تستطيع الأمة ان ترى مسارها و إلى أين تنتهي .
- من نفائس الإسلام وضع خارطة آمنة يسير عليها الإنسان تكشف له نقاط الضعف و نقاط السقوط فلا يقترب منها و يتفاداها ، الإسلام وضع خارطة و تعليمات ليس كمثله احد وضع ذلك و بين ان هذا الطريق يؤدي إلى السقوط و هذا يؤدي إلى البقاء كما مر الكلام سابقا ً و يأتي الآن .
- بيان وصفات واضحة لكل مرض ٍ يتعرض له المجتمع ، و قبله وضع وصفات وقائية بها يحفظ المجتمع قوته ، الإسلام وضع العلاح و وضع قبل العلاج وصفات وقائية قبل وقوع المرض .
- كل جهاز كشف يحتاج الى ضمان في كشفه للمرض للزلزال و لغير ذلك ، اذا قدمت شركة جهاز لبلد يقال ما هو ضمان عمله و أنه لا يخطئ ، و هنا الضامن لذلك رب العالمين اعطى تعليمات و اعطى بيانات كيف تسير الأمة و كيف تنتهي و كيف تحفظ نفسها و هل هذا الكشف حقيقي او ليس حقيقي ضمان صحته هو الله سبحانه و تعالى .
- و ضمان العلاج و خارطة الطريق في هذا المجال ضمنها رب العباد المتصرف في الوجود الذي خلق الوجود هو الذي اعطى الخارطة و ان هذه الخارطة تجعلكم تتفادون ما يمكن ان توؤل إليه الأمة .
رابعا ً : القرآن والأمر بالسير و التدبر في مصير الأمم و أسباب فنائها ،
القرآن أوجب في آيات ٍ كثيرة على الناس التأمل و التدبر فيما يمكن ان تصل إليه الأمة يقول تعالى أَلَمْ يرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ( 1 ) الله سبحانه و تعالى أمر بالتدبر في هذه الأمم ماذا سبب هلاكهم ،
و يقول تعالى أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ( 2 ) ذاك سبب ٌ أوقع تلك الأمم و عليهم ان يتفادوا هذا .
خامسا ً : أسباب فناء الأمم ،
ما هي الأسباب و ما هي التعليمات و ما هو الإنذار الذي بينه الله سبحانه و تعالى ان هذا هو السبب ذكر أمور كثيرة منها ،
- التكذيب و عدم الإيمان يقول تعالى كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ * وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَٰئِكَ الْأَحْزَابُ إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ * وَمَا يَنظُرُ هَٰؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ
( 3 ) يعني هناك طريق و مسير بهذا التكذيب ادى الى الفناء و إنتهاء الأمة و لم يبقى أثر ، و تلك أمم كثيرة قد انتهت ومضت و لم يبقى لها وجود .
- الظلم ، الظلم ايضا طريق للفناء حتمي و لا محال الذي يظلم ينتهي هو تنتهي الأمة إن إستشرى فيها الظلم و إذا كان الظم موجود و الناس يسكتون على الظلم ينتهون أيضا ً و يفنون ، ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ۖ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ( 4 ) إنتهوا لأنهم إعتدوا لأنهم ظلموا ، وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ( 5 ) الله يبيدها و يعذبها عذابا ً شديدا ً و تنتهي ، وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا ( 6 ) .
- فسوق المترفين يقول تعالى وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا
( 7 ) الفسوق و التجاوز عدم الإعناء ، الإنسان قد يذنب قد يرتكب خطأ لكنه يلتفت إلى خطئه يتوب ، اما ان يكون معتديا ً خارجا ً لا يهمه انه إرتكب ام لم يرتكب فسوق و عناد و إصرار على المعصية مصيره يكون كذلك .
- التقدم غير الموجه و الإنفتاح غير الوجه و عدم الإسترشاد ايضا يجعل صاحبه يكون إلى الزوال و الأمة تكون إلى الزوال ، إذا لم يكن هناك توجيه واضح .
- الإنتصار بالعدو و الأمة التي تتوسل بأعدائها تكون في مصير الهلاك يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ( 8 ) إن كنت تعقل فإن الإنتصار بالعدو هو الهلاك الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ( 9 ) العزة لا تكون من غير المؤمنين لاتكون من غير الله سبحانه و تعالى .
- الذنوب و المعاصي سبب لإندثار الأمم ، قال النبي صل الله عليه واله إذا كثر الزنا بعدي كثر موت الفجئة و إذا طفف المكيال أخذهم الله بالسنين و النقص و إذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركاتها من الزرع و الثمار و المعادن و إذا جاورا في الحكم تعاونوا على الظلم و العدوان و إذا نقضوا العهود سلط الله عليهم عدوهم و إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار و إذا لم يأمروا بالمعروف و لم ينهوا عن المنكر و لم يتبعوا الأخيار من اهل بيتي سلط الله عليهم أشرارهم فيدعو عند ذلك خيارهم فلا يستجاب لهم ، إذا كانت الذنوب ترتكب فإن المصير هكذا .
- كفران النعمة ، من اسباب هلاك الأمم و خسارتها و هلاك الأفراد أيضا و خسراتهم و إن كان الحديث في جانب الأمم هو كفران النعمة وعدم الشكر ، يقول تعالى وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ( 10 ) بطرت إستهزئت بأنعم الله و لم تشكر وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ( 11 ) يعني لم تشكروا النعم التي انعم الله عليكم فإن العذاب شديد .
- الإختلاف و التشتت من أسباب هلاك الأمة إذا كانت الأمة إذا كانت غير متوحدة إذا كانت متشتته متفرقة يقول تعالى وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ( 12 ) يجب على الأمة ان تكون واحدة متكاتفة متحدة لا تختلف و لا تبحث عن الخلاف بل تبحث عن كل ما يوحد ويلم شمل الأمة و يقوي الأمة ، الله لا يعذب أمة و لا يبيدها قبل ان يلقي عليهم الحجة واضحة ، الله سبحانه و تعالى القى الحجة على أمم ٍ بعث إليهم الرسل و بين لهم ان الطريق صحيح او ان الطريق خاطئ ثم ينزل عليهم العذاب و أمتنا هي أمة الإسلام و الإنذار مرة من رسول الله صل الله عليه واله و القرآن يهتف بنا ليل نهار ان نتعظ و نلتفت ، ذَٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ( 13 ) مع غفلتهم الله لا يهلكهم وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ( 14 ) عندما يكون التجاوز و الظلم و عدم الإتعاظ يأتيهم الهلاك .
سادسا ً : سنن و أسباب بقاء الأمة و عزتها ،
كما هناك أسباب لفناء الأمة تقلبها تكون هي سبب البقاء ،
- الإيمان و التقوى ، يقول تعالى وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ( 15 ) لو أنهم آمنوا لكان إستمرار و كان خير و كانت رحمة و كان عطاء لا ينتهي ، إذا ً الإيمان هو أغلى قيمة و منشأ كل القيم الإنسانية ، الذي يؤمن بالله سبحانه و تعالى فترتبط روحه بالله يكون معتدلا ً يكون متزنا ً يكون صالحا ً تكون فطرته سليمة ، الإيمان هو الطريق وهو المنهج السليم لسلوك الأمة و إعتلاء الأمة فلا تجد أمة تعتدي على امة غيرها و هي مؤمنة بالله لا تجد أمة تغدر بأمه إذا كانت هي مؤمن بالله ، الإيمان هو الحارس و الضامن و المراقب لفعلية آثار الإيمان ، الفعلية لآثار تعاليم الإسلام المؤمن هو الذي يكون ملتزما ً متزنا ً ، الإيمان يرفع الخزي و العذاب عن الناس ، ربما يأتي العذاب إليهم كما مر في حديثنا عن نبي الله يونس و عندما يشرف العذاب فتؤمن الأمة يرتفع عنها الخزي و العذاب فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ( 16 ) لأنهم إتخذوا الإيمان فأكرموا من الله سبحانه و تعالى .
- الإصلاح و وجود المصلحين ، من أسباب بقاء الأمة الإصلاح و وجود المصلحين فإذا لم تكن فيها من يصلح فإن مصيرها إلى الدمار ، وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ( 17 ) إذا كانت الأمة تصلح فهي إلى خير أما إذا كانت ترا الفساد و تتغاضى عنه و تسكت عليه و لا تتحرك في الإصلاح فهي إلى زوال و إلى هلاك حتى لو كانت صالحة وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ( 18 ) إبتلاء من الله سبحانه و تعالى يجعل الإسماك تصل و لكنه يمنعهم عن إصطيادها وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ( 19 ) إنظروا في هذه الآية الله سبحانه و تعالى يقسم أهل هذه المنطقة و اهل هذه القرية إلى ثلاث أقسام ،
- قسم يصطادون السمك و يعصون الله ،
- قسم ٌ ينهون الذين يصطادون و الذين ينهونهم صالحون ،
- وقسم ٌ آخر صالحون و لكنهم لا ينهون فيقولون للآمرين و الناهين لماذا تعظون قوما ً الله مهلكهم إتركوهم إلى مصيرهم الله سوف يهلكهم وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ نحن نعمل بوظيفتنا و نرجوا ان يتقوا فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ ثلاثة أقسام نجا منهم قسم ٌ واحد أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ إذا المة بقاؤها بالإصلاح و زوالها بعدم الإصلاح مع وجود الفساد حتى لو كانت الأمة صالحة في نفسها لكنها لا تأمر بالمعروف و لا تنهى عن المنكر فإن مصيرها إلى الزوال .
فمن مهام المصلحين ،
أ . الدعوة الى الخير دائما ً يقول الله تعالى وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 20 ) دائما دعوة للخير و هذا غير الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، هذه دعوة تحبيب الناس للخير مطلوب من الأمة و بعض العلماء يفسر وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يعني كونوا كلكم أمة ً و كونوا كلكم أمة ً واحدة ً تأمر و تنهى و تدعوا .
بـ . المر بالمعروف و النهي عن المنكر وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ و هذه وظيفة الإصلاح فإذا تخلى عنها المجتمع وقع في الهلاك .
جـ . مواكبة التغيرات ، مطلوب ُ من المصلحين ان يكونوا على معرفة ، العالم بزمانه لا تلتبس عليه اللوابس ، ما يحدث من إشكالات و من تساؤلات المصلح لا بد ان يكون عارف بالأمور و يستطيع ان يعطي الجواب فيما يراه .
الهوامش ،
- سورة الأنعام الآية 6
- سورة النحل الاية 45
- سورة ص الآيات 12-13-14-15
- سورة هود الآيتان 100-101
- سورة هود الاية 102
- سورة الكهف الاية 95
- سورة الإسراء الاية 16
- سورة العمران الاية 118
- سورة النساء الاية 139
- سورة القصص الاية 58
- سورة إبراهيم الاية 7
- سورة الأنفال الاية 46
- سورة الأنعام الاية 131
- سورة القصص الاية 59
- سورة الأعراف الاية 96
- سورة يونس الاية 98
- سورة هود الاية 117
- سورة الأعراف 163
- سورة الأعراف الاية 164
- سورة آل عمران الآية 104