تفسير سورة النور
الآية رقم (1)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)
صدق الله العلي العظيم
أتحدث الآية الأولى من آيات من سورة النور المباركة
أولا : سميت بسورة النور لأنها تشتمل على آية النور
فيها آية النور التي تبين مصدر النور و مصدر الهداية , وهو الله تبارك وتعالى ، فلا هداية ولا نور إلا بالله سبحانه وتعالى وكل شيئ ما عدا الله فهو ضلال وظلام
فهذه السورة سميت بسورة النور لأنها تشتمل على هذه الآية المباركة
ثانيا : السورة مدنية ويشهد بذلك سياق آياتها
هذه السورة مدنية والدليل على ذلك أنها تتحدث عن الأحكام الشرعية والحدود التي تتناسب مع قيام دولة النبي (ص) لأنه قبل قيام الدولة لم تكن هناك أحكام وحدود وإنما كانت الآيات في مكة تتحدث عن العقيدة ، هنا السورة تتحدث عن الأحكام والحدود التي تترتب على بعض المخالفات ، فهي مدنية
ثالثا: الغرض من هذه السورة
ما هو الغرض من هذه السورة ؟
1ـ التذكير لما يناسب الفطرة
هذه السورة جاءت لتذكر الإنسان بالرجوع إلى فطرته ، لأنه بفطرته إذا إلتفت وإنتبه يعرف أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق وهو المؤثر وهو الموجود وهو النور لكل شيئ وما عداه باطل , وأيضا ما تشتمل عليه من آيات العفة وغيرها ، فالإنسان بفطرته يقبلها لأنها من المفاهيم المعلومة والمقبولة فطريا , فالآيات تذكرة لهذه الأمور الفطرية
2ـ التذكير بأمور العقيدة والتوحيد
ومن الأمور التي ركزت عليها ، أمور العقيدة والتوحيد لله سبحانه وتعالى
3ـ التركيز على العفة
فكثير من آياتها جائت لتبين أهمية العفة وترفض الإنحراف الجنسي والعلاقات المنحرفة الغير قائمة على نظام الشرعي الإسلامي
4ـ رفض التساهل في هذه العلاقات الجنسية بأي عنوان
سوف نرى في الآيات الآتية التركيز على رفض العلاقات الجنسية بأي عنوان ، القرآن في هذه السورة يبين أنه لا يقبل بالعلاقات الغير شرعية بأي عنوان ، لا يقبل بعنوان الحرية جنسية أو حرية الفرد أو حرية المجتمع وإنما كل ذلك مرفوض رفضا قاطعا
5ـ الصرامة والشدة في العقوبات على هذه الإنحرافات الجنسية
إذا وجدت الإنحرافات الجنسية ماهي العقوبة وكيف يتعامل معها؟
( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ) شدة في تطبيق هذه العقوبات فهي تبين العقوبة وتشدد على تطبيقها
6ـ التشديد في رفض تشويه سمعة النساء
نرى أيضا في الآيات الآتية التشديد في رفض تشويه سمعة النساء ، هناك تركيز شديد على رفض أي تهمة وأي تشويه واي شائعة .
والعلاج لأي شائعة أو طرح يطرح في هذا المجال سوف نرى له علاجا جميلا , فكيف نعالج هذه المشكلة ؟ سوف نرى الجواب من هذه السورة
وهل يقبل أن يتحدث الناس إذا رأوا رجلا واقفا مع إمرأة أو خارج مع إمرأة ، يتحدث أحد ويقول رأيتهم كذا ؟
هل يرضى القرآن ويقبل بالحديث في ذلك؟
الجواب : لا يقبل ذلك إلا بشروط تذكرها هذه السورة .
بل إذا تكلم من غير توفر الشروط له عقوبة مشابهة لعقوبة الزاني حتى لو رأى الزنا والفاحشة حقيقة
7ـ الترغيب في الزواج
في هذه الآيات أيضا ترغيب في الزواج الذي هو الشرع الإسلامي الذي أقره الله سبحانه وتعالى
8ـ تربية المجتمع في كيفية التعامل مع التهم والشائعات
إذا وجدت تهمة في المجتمع كيف يتعامل المجتمع ، فن التعامل في هذه القضايا تذكره السورة المباركة
رابعا : (سورة أنزلناها وفرضناها )هذه سورة أنزلناها وفرضناها
1ـ سورة من السور الذي يحيط بالشيئ ويفصله عن غيره
يعني السورة مجموعة آيات مرتبطة مع بعضها البعض ، تفصل عن غيرها وتعرف عن غيرها بالبسملة فتكون هذه السورة لها خصوصية خاصة
2ـ هذا التقسيم ، تقسيم القرآن إلى سور من أين جاء ؟
من هذه السورة نعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يقسم السور وليس الصحابة ، ليس تقسيم من غير الله
النبي (ص) يبين ويضع هذه الآية في هذه السورة بأمر من الله ، فالله هو الذي قسم القرآن إلى سور وليس أقسام
3ـ هذه السور الوحيدة التي تبدأ بكلمة سورة لماذا؟
لأهميتها لبيان أهمية هذه السورة لأنها مهمة فذكر أنها سورة بخصوصها وذكر فرضها
خامسا : (سورة أنزلناها وفرضناها)
أي أوجبناها ، أوجبنا هذه السورة نقول:
1ـ أنزلناها لتبين أن كل ما فيها هو وحي من الله
جميع ما في هذه السورة وحي من الله ، القرآن كله وحي من الله ولكن لتبين أهمية العلاقة بين المضمون الذي تشتمل عليه هذه السورة وبين الله سبحانه وتعالى، الله الذي هو أرحم الراحمين الذي يريد الخير للناس هو الذي أنزل هذه السورة وأنزل ما فيها من النور وأنزل ما فيها من شدة العقوبة لمن يرتكب الفاحشة
2ـ وفرضناها أي أوجبناها(قطعنا الحكم الفصل فيها)
فرضناها أي أوجبناها ولكن أكثر من الوجوب لأنه أوجبنا (إعتبرنا) أما فرضنا يعني قطعنا الوجوب فيها ، فليس فيها تساهل ولا تراخي , ولا تغير بتغير الزمان مثلا , وإنما يجب العمل بها كاملا في كل زمن وفي كل وقت إلى قيام الساعة.
سادسا : (وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون )
الآيات البينات التي في هذه السورة هي :
1ـ آية النور
2ـ الآيات المبينة لحقيقة الإيمان والكفر والتوحيد والمعارف الإلهية بصورة عامة هذه الآيات البينات
3ـ الأحكام الشرعية التي سوف نتعرض لها لاحقا
سابعا: (لعلكم تذكرون )
التذكير لماذا قالت الآية لعلكم تذكرون؟
لم تقل لعلكم تتفكرون ، يقول المفسرون الفرق بين التذكر والتفكر
أن التذكر هو تذكير بالأمر الموجود عند الإنسان ، الإنسان عنده العلم بهذه المفاهيم ، عنده العلم فطريا بوجود الله سبحانه وتعالى ، عنده العلم بأن الله هو المسيطر وهو القاهر وهو كل شيئ ، وغيره ضلال وغيره باطل وغيره ظلام ، في فطرة الإنسان هذا الأمر معلوم ، في فطرة الإنسان الزنا مرفوض ، الفاحشة مرفوضه ،
العفة مطلوبة فهي معلومة عند الإنسان بفطرته ، القرآن يذكر الإنسان بما هو معلوم عنده ، أما التفكر فهو أن يجعله يتفكر في أمر يجهله ليصل إلى العلم بما يجهل ، لكن هذه الآية المباركة التي تفتتح بها هذه السورة تقول نذكر لكم بيان و آيات تأتي وأحكام ، ليس لإعطائكم معلومات جديدة وإنما فقط لنوقفكم على ما تعلمون من الحقائق ويجب عليكم الإلتزام بذلك ( فرضناها عليكم )
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين