c تفسير سورة النور آية( 3 ) الحلقة 4

تفسير سورة النور آية( 3 ) الحلقة 4

بسم الله الرحمن الرحيم (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) صدق الله العلي العظيم

تفسير سورة النور الآية رقم (3) – الحلقة الرابعة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم

قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) صدق الله العلي العظيم

الحديث حول آيات سورة النور

مقدمة : فضل سورة النور

عن رسول الله (ص) قال : (من قرأ سورة النور أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل مؤمن ومؤمنة فيما مضى وفيما بقي )

قراءة سورة النور توجب هذا الثواب ، يحصل القارئ لآيات هذه السورة من الثواب عشر حسنات بعدد كل مؤمن فيما مضى وفيما يقبل ، جميع المؤمنين (يعني كل مؤمن على وجه الأرض) ، كم عدد المؤمنين على وجه الأرض فيما مضى وفيما يأتي إلى قيام الساعة ؟

تضربها في عشرة ،عشر حسنات بعدد كل مؤمن يحصل من يقرأ هذه السورة

وقال الإمام الصادق (س): (حصنوا أموالكم وفروجكم بتلاوة سورة النور, وحصنوا بها نساءكم , فإن من أدمن على قرأتها في كل يوم أو في كل ليلة لم يزني أحد من أهل بيته أبدا حتى يموت ) يحصن الإنسان بها أمواله ويحصن بها أهله ، يحصن بها فرجه ، ونستطيع أن نفهم من هذا الحديث ، ونستطيع أن نعلق عليه في أثرين

الأثر الأول: لهذا الحديث أن الذي يقرأ سورة النور هناك أثر تكويني ملكوتي ,لأنه هو الذي يقرأها ، هو يتأثر وأهله يتأثرون ولا يزنون يعني هناك أثر غيبي هذا أولا ، أثر غيبي لمن يقرأ سورة النور يحفظ هو ، لا ينحرف ، ويحفظ في أمواله ، ويحفظ في أهله ، هذا أثر غيبي ربما يشير إليه الحديث , لأنه كيف يتأثر أهله إذا لم يكونوا معه أو لم يكونوا يقرأون السورة

الأثر الثاني هو : أن تكون القرأة للشخص الذي يداوم ويواظب على قرأة سورة النور فتكون أجواءه أجواء العفة ، لأن هذه السورة كلها مفعمة بالعفة والطهارة فتكون الأجواء التي يعيشها هذا القارئ كلها عفة وكلها طهارة ، يتأثر بها هو ويتأثر أهله أيضا بهذه الأجواء

أنتقل للحديث حول الآية التي قرأناها (الآية الثالثة من سورة النور)

أولا : سبب نزول هذه الآية

ما هو السبب في نزول هذه الآية ؟ نقل سبب لنزول هذه الآية

وهو : أنه في المدينة المنورة عند هجرة المسلمين المؤمنين عامة إلى المدينة كانت هناك بيوت للزنا ، كانت هناك محلات للزنا ونساء معروفات بالزنا يضعن أعلاما على بيوتهن ليعرفن بالزنا حتى إذا جاء شخص يريد الزنا يذهب للبيوت ، والذين هاجروا من المؤمنين كان أكثرهم فقراء , من جهة مادية مجهدين وفقراء , وكانوا يحتاجون للأكل ، فتحدثوا فيما بينهم أنه لماذا لا نتزوج هؤلاء النساء ونأكل مما عندهم ـ لأن النساء الزانيات كن أغنياء ، أثرى أهل المدينة ـ ونأخذ منهن وإذا أغنانا الله تركناهن ، فأنزل الله تعالى عندما حدثوا رسول الله (ص) هذه الآية :

(الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) فهذا هو سبب نزول هذه الآية .

المورد خاص والوارد عام لا يخصص

ولكن هذا السبب خاص مورد خاص ، قضية خاصة ، فهل تكون الآية منتهية بهذا المحل ؟

الجواب : لا , يقولون خصوص المورد لا يخصص الوارد ، الآية عامة فتنطبق على هذا المورد وعلى غيره.

ثانيا:الآية محكمة وغير منسوخة

هذه الآية غير منسوخة ومحكمة يعني يعمل بها ويبقى العمل بها فهي لم تنسخ

ثالثا: آراء حول الإخبار في هذه الآية

هذه الآية جاءت بصيغة الخبر، الخبر وليس الإنشاء ، فهل هي حكم ؟ أم أنها تخبر عن شيئ ؟ لأن الأية قالت (الزاني لا ينكح إلا زانية )

أخبرت ، هناك آراء حول هذا المعنى , الإخبار في هذه الآية

1ـ الآية تتحدث عن الأعم الأغلب من شأنية الزاني والزانية

أنه شأن الناس بصورة عامة :

المؤمن شأنه يكون مع المؤمنين

وشأن الذي يزني أن يكون شأنه مع الزناة

فهي تخبر ، هذا الرأي يقول الآية تخبر بأنه بطبيعة الإنسان الذي يختار، يختار ما يماثله , فلا يختار إلا القذارة إنان من أهلها ، الذي يختار الزنا طبيعته أن يختار أمثاله من أهل الزنا ، فهي تخبر بهذا كما في الآية التي تقول: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات )

فهي تشير إلى أن طبيعة هؤلاء أن يختار بعضهم البعض ، الزاني يختار زانية ، أو مشركة , المشرك كذلك ، النساء والرجال كذلك

2ـ المراد بهذه الآية (التقبيح) وبيان مايليق بحال الزاني والزانية

الرأي الآخر يقول يراد به التقبيح ، تقبيح عمل الزناة ، فيقال أن هذا الزاني لا يناسبه إلا أن يتزوج زانية أو مشركة ، قد لا يريد الزانية ولكن لا يناسبه وضاعته غير ذلك , بخلاف الرأي الأول الذي يقول أن طبيعة الزاني يميل إلى أمثاله ، يميل إلى من مثله

هذا الرأي يقول: قد يكون زاني المنحرف يبحث عن موارد العفة , إذا أراد أن يتزوج يذهب للعفة ، يقال له أنت ليس من شأنك أن تختار العفة ، ليس من شأنك أن تختار المؤمنين ، شأنك هذا ، فهو تقبيح ، تقبيح للزناة ولأفعالهم

3ـ الآية تبين حكما شرعيا وهو حرمة الزواج من الزاني والزانية

هذه الآية تبين حكما شرعيا وإن جاءت في صيغة الخبر , إلا انها لتبين حكما شرعيا وهذا الحكم هو الحرمة ، حرمة الزواج من الزناة ، المؤمن لا يحق له ولا يجوز له أن يتزوج من الزناة ، فالزاني يتزوج زانية أو مشركة وهكذا

الزانية تتزوج زاني أو مشرك ولا يتزوج المؤمن بالزانية ولا تتزوج الزانية بالمؤمن.

مما يؤيد هذا الرأي

1ـ قوله تعالى في نفس الآية (وحرم ذلك على المؤمنين ) إشارة للحرمة أن هذا ليس فقط إخبار وإنما يقول (الزاني لا ينكح إلا زانية ) وفي الآخير يقول (وحرم ذلك على المؤمنين ) يعني حرام فلا يجوز وليس إخبار

2ـ ما فسرته السّنه المطهرة من الأحاديث

والتي ذكرت مناسبة نزول الآية , وذكرت الحكم وتفصيل الحكم أيضا ، كما روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا :(هم رجال ونساء كانوا على عهد رسول الله (ص) مشهورين بالزنا ، فنهى الله عن أولئك الرجال والنساء, والناس على تلك المنزلة ، فمن شهّر بشيئ من ذلك وأقيم عليه الحد فلا تزوجوه حتى تعرف توبته )

هذا الحديث يفسّر ويبيّن أنه لا يتزوج الزاني بالمؤمنة ، ولا يتزوج المؤمن بالزانيه ، هكذا المقابلة بين الإثنين

رابعا: تفصيل الحكم من السّنة من طريق أهل البيت (س)

السّنة المطهره فسرت حدود هذا الحكم أن الزاني يحرم الزواج منه ، الزانية يحرم الزواج بها إذا أقيم عليه الحد ، لكنه لو تاب ، إذا تاب لا يحرم الزواج منه والآية منصرفة عنه كما يقول بعض المفسرين.

خامسا : العلاقة بالزناة

قال رسول الله (ص) 🙁 لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن , فإنه إذا فعل ذلك خلع عنه الإيمان كخلع القميص) يعني إذا زنى فهو ليس بمؤمن حال وقوع الزنا , هو ليس بمؤمن , ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن فإنه إذا فعل ذلك خلع عنه الإيمان كخلع القميص ، الذي يزني خلع منه الإيمان ، نستفيد أمور :

الآية تحدثت عن الزناة وعن المشركين فنفهم من ذلك :

1ـ نفهم التبادل العاطفي والتعاطف بين المشركين وبين الزناة

أنهم مع بعضهم البعض يوجد بينهم علاقة وتعاطف لماذا؟

لإنسجامهم في الأفكار وفي السلوك ، إنسجامهم في الأفكار وأنهم يرتكبون هذه الفواحش وهذه المخالفات عمليا أيضا

2ـ أن الإيمان إعتقاد , وفكر ويتبعه عمل

أما الشخص الذي يقول أنا مؤمن ومعتقد بالله ولكنه يمارس القبائح ويمارس المخالفات الشرعية والزنا فهذا لا يمكن أن يوصف بالإيمان في حال كونه يزني ويرتكب الزنا

3ـ من هذه الآية يفهم إصرار الإسلام على عزل الزناة عن المؤمنين

التضييق في هذه الدائرة حتى ينتهي الزنا وتنتهي الفاحشة فيجعل المؤمنين في إطار خاص وهو النظافة والطيب والطهارة والزناة في الجانب الآخر لأنه مورد سيئ ومورد خبث وينبغي الإبتعاد عنه , لينتهي الزناة عن زناهم وعن مخالفتهم وعن إرتكابهم لهذه الفاحشة

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

شاهد أيضاً

تفسير سورة النور – الحلقة 16

تفسيرسورة النور الحلقة16 الآية (23ـ25) أعوذبالله من الشيطان الرجيم بسمالله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *