c تفسير سورة النور آية(19ـ20) الحلقة11

تفسير سورة النور آية(19ـ20) الحلقة11

تفسير سورة النور – الآية (19ـ20) – الحلقة11

إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَـحِشَةُ فِى الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَـحِشَةُ فِى الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَتَعْلَمُونَ(19) وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ(20)﴾

مقدمة:

1ـ حب إشاعة الفاحشة من الذنوب الكبيرة

وهي التي توعد الله عليها ، من يرتكبها بالنار ، هذا هو المائز بين الذنوب الكبيرة وبين غيرها كما يذكره العلماء ، أن الذنب الكبير هو الذي توعد الله عليه مرتكبه بالنار ، ولكن عندما تقرأ الذنوب الكبيرة تجد ذنوبا كبيرة كثيرة ولم تذكر ولم يتوعد عليها في النار ، فيقولون أنه إما أن يكون الذنب الكبير توعد الله عليه مباشرة بالنار أو أنه ذكره ووصفه أنه أعظم من الذنب الكبير ، لم يذكر أنه من الكبائر ولم يذكر أن صاحبه في النار كالفتنة ولكن ذكر (الفتنة أشد من القتل) فلما ذكر قبلها أن القاتل عذابه النار فيكون هذا أعظم من ذلك الذنب فهو كبيرة

2ـ حب إشاعة الفاحشة توعد الله عليها بالعذاب في الدنيا أيضا

لعظم هذه المعصية قال تعالى: (لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَتَعْلَمُونَ ) لماذا؟ لعظم هذا الذنب فتوعد عليه في الآخرة وقال في الدنيا أيضا يحصل العذاب وليس في الآخرة فقط، الذي يرتكب إشاعة الفاحشة يحصل عذاب في الدنيا أيضا ، فهو مهدد بالعذاب أكثر من من يرتكب الفاحشة ، (لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )

3ـ الواقع والتجربة كما يقول الشهيد المطهري يثبت عقوبة الدنيا

يقول الواقع يثبت هذا وأن الذين يتعرضون لأعراض الناس ويتحدثون في أعراض الناس ويرمون الناس بالباطل بل حتى لو كان هناك واقع لما يقولون فهم يحصلون على العذاب والعقاب في الدنيا قبل الآخرة ،

عن الإمام علي بن موسى الرضا(ع) قال: (المذيع بالسيئة مخذول والمستتر بالسيئة مغفور له) هذا الحديث يبين أنه يخذل في الدنيا أيضا ، يشير إلى هذا المعنى والله العالم

وربما يمكننا فهم هذا الحديث بطريقتين

1ـ أن من إرتكب الفاحشة مثلا وستر على نفسه يستره الله ، ومن أعلن وتفاخر وتظاهر بالذنب يخذله الله

2ـ الآخر أنه لم يشع الفاحشة التي إرتكبها الآخرون أو أشاع ، فإن أشاع الفاحشة خذله الله في الدنيا وأذله ، وعاقبه ، وعذبه ، وإذا لم يتكلم وإنما ستر عليها يستر الله عليه مع أنه لم يرتكب لكنه ستر على غيره فيستر الله عليه

4ـ للمجتمع حرمة كحرمة الشخص

المجتمع المؤمن له حرمة , لوجود المجتمع ، نفس المجتمع له حرمة يعني إذا وجدت الشائعة في المجتمع حتى لو لم يذكر أشخاص بعينهم وإنما ذكر أشخاص مثلا من المجتمع , مثلا أهل المنطقة الفلانية يرتكبون كذا أو عندهم شخص يرتكب كذا هذا أيضا ينافي حرمة المجتمع ويحاسب صاحبه ،

الفتوى : الفتوى تقول السيد الخوئي يذكر أنه لو قال شخص وتحدث عن منطقة قال فيها كذا ، فإذا قال فيها شخص إرتكب يقول هذه لا تسمى غيبة لأنه لم يعين ولكن تحرم من جهة أخرى ، أنه قد يعد إستنقاص لأهل المنطقة فيحرم بذلك , فهذا الذي يتكلم عن المجتمع ويشيع الفاحشة فهو إستنقص من المجتمع وأهان المجتمع من جهة ، ومن جهة أخرى أنه هيئ الأجواء للفساد ، لأنه كما ذكرنا إذا تحدث الناس في الفاحشة ووجود الفاحشة تهيئت النفوس للإقتراب من الفاحشة ، هذا ما يذكره علماء النفس، أيضا بعض الدول تمنع كتابة الجنايات في الجرائد والتركيز عليها في الكثيرة من الكتابات لأنها تهيئ النفوس من إرتكاب الجنايات

ثانيا : معنيان للآية (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَـحِشَةُ فِى الَّذِينَ ءَامَنُوا) المعنيان مرتبطان بحرف الجر (في) , فمرة بمعنى الظرف ومرة بمعنى الشأن أو ما يخص الشيء.

المعنى الأول:(الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا )

يعني يريدون إفساد الذين آمنوا إيجاد الفساد في المجتمع ، همهم هدفهم أن وجود الفاحشة عمليا , يحبون تتحقق الفاحشة في الذين آمنوا

المعنى الثاني: يحبون إشاعة الفاحشة في الذين أمنوا, بمعنى تشويه سمعة المؤمنين. يحبون أن تشيع الفاحشة عن الذين آمنوا يعني ينشرون يكذبون ويقولون توجد فاحشة ، هم لا يقصدون إيجادها وإنما يقصدون بإشاعتها لإسقاط المؤمنين ، للمس من كرامة المؤمنين

وعن الباقر (ع) قال: (خطب رسول الله (ص) فقال: ألا أخبركم بشراركم؟..قالوا : بلى ، يا رسول الله ،فقال(ص) الذي يمنع رفده ، ويضرب عبده ، ويتزود وحده .. فظنوا أنّ الله لم يخلق خلقا هو شر من هذا ، ثم قال (ص) ألا أخبركم بمن هو شر من ذلك ؟.. قالوا : بلى ، يا رسول الله ، قال: الذي لا يرجى خيره ولا يؤمن شره .. فظنوا أنّ الله لم يخلق خلقا هو شر من هذا ، ثم قال: ألا أخبركم بمن هو شر من ذلك ؟..قالوا : بلى ، يا رسول الله ، قال : المتفحش اللعّان الذي إذا ذكر عنده المؤمنون لعنهم ، وإذا ذكروه لعنوه) الذي يتحدث في أعراض الناس يلعنهم وسيئ إليهم هذا أشر من الجميع

الشهيد مطهري يعلق على هذه الرواية ويقول الرواية تقول هذا آخر الشر ولم يذكر رسول الله (ص) بعدها

ثالثا: أهداف إشاعة الفساد بين المؤمنين

ما هي الأهداف التي تجعل الناس يرمون ويصرون على الفاحشة

1ـ هدف مادي: كأصحاب الملاهي والسماسرة في الجنس

الذين يتاجرون ويعيشون في قضية الجنس كما كان في الجاهلية عندما هاجر النبي (ص) إلى المدينة ذكرنا أن هناك كانت بيوت عليها أعلام ، الآن أيضا يوجد سماسرة في هذا المجال يروجون ويتاجرون بالجنس

2ـ هدف الإنتقام وتصفية الحسابات

الذين يريدون تصفية الحساب من أحد يشيعون عليه أنه يرتكب الزنا ، يزني رأيناه مع فلانة ، رأيناه مع إمرأة في المكان الفلاني ، لماذا ؟ يصفون حسابات خاصة بينهم وبينه

3ـ هدف الحسد التي يسطر على صاحبه

هدفه الحسد لأنه يحسد ولا يستطيع أن يرى شخص مثلا صالح ، الناس يحترمونه يقدرونه يحاول أن يستصغر يستنقص من هذه الشخصية فيرميه بالفاحشة

4ـ هدف إزالة الثقة من الشخصيات الكبيرة

وهذا ما تعمله الحكومات ، تروج الفساد ، تشيع الفاحشة على أشخاص بعينهم ، فلان شخصية محترمة , يقولون ضبطناه في المكان الفلاني مع إمرأة لماذا ؟ حتى يسقط إعتباره في المجتمع

5ـ هدف إضعاف الدين والمؤمنين(في العفة طاقة)

إضعاف الدين وإضعاف المؤمنين وهذا الهدف الذي تعمل عليه الحكومات غالبا لأنه لا يريدون للمجتمع أن يكون متماسكا مؤمنا قويا لأنه يضر بمصالحهم

يقول الشهيد المطهري في العفة طاقة ، يقول لا يعلم الناس أن العفة هي الطاقة كل الطاقة وأن كل شيئ وكل نتاج ينتج من العفة ، لذلك أعداء الدين وأعداء الإنسانية يركزون على تحليل الإنسان من هذه العفة وإسقاطه من عفته فيريدون ليس ترويج شائعة فقط وإنما إيجاد الفاحشة بين الناس

6ـ صرف الناس عن واجباتهم وحقوقهم,والقضايا الجادة

أيضا يصرفون الناس عن قضاياهم المهمة والجادة والتي يجب أن يركزوا عليها يصرفونهم بإشاعة الفواحش أو الحديث عن الفواحش ، بوجودها من جهة وجود الفاحشة لأنه الإنسان إذا صار منشغلا بالفاحشة لن يكون له نتاج وإنما همه إرتكاب المعاصي ، سواء كانت من الزنا أو غيرها أوالخمور وما شابه ذلك

7ـ هدف إستعماري وهذا ما يجري في العصر الحالي

تجد المستعمر إذا دخل بلدا أول مايركز عليه هو إشاعة الفاحشة والفساد ، (يقول الأمريكان انشر الفساد أكثر تكن مرتاح البال من الشعوب) إذا أرادوا أن يرتاحوا من الشعب ويستعمروه ويأخذوا خيرات الشعب يركزوا على هذا الأمر يروجوا الفساد ، لذلك تجدهم عندما دخلوا أفغانستان أول عمل عملوه هناك هو فتح ملاهي ومراقص وتعليم الفن كما يقولون ( الرقص والغناء )، ركزوا أول شيئ على هذا العمل والناس يموتون بالجوع ولكن ما هو الهدف لأنه كل ما كان المجتمع مرتبطا بالجنس والفاحشة والملاهي واللهو هو بعيد عن أهدافه ومطالبه وخيراته فيستطيعون إستغلاله

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على على محمد وآله الطيبين الطاهرين

شاهد أيضاً

تفسير سورة النور – الحلقة 16

تفسيرسورة النور الحلقة16 الآية (23ـ25) أعوذبالله من الشيطان الرجيم بسمالله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *