إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿11﴾
تفسير سورة النور الآية(11) الحلقة 8
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿11﴾
هذه الآية والآيات التي تتلوها تتحدث حول حديث الإفك ، هذه الآية إنطلاقة في فضاء العفة ومواصلة لما مضى من طرح موضوع العفة والشرف ولكن من جهة أخرى , وهي جهة مسؤولية المجتمع
ماذا يجب على المجتمع عندما تطرح قضايا تمس الشرف وتمس العفة ، وأشارت إلى أن المجتمع كله واحد إذا تضرر بعضه يتضرر الجميع
أولا: الآية تشير إلى حديث الإفك المعروف
وهو قذف أحدى زوجات النبي (ص).
والمقصود بالإفك في هذه الآية معروف ، وهو القذف لإحدى زوجات الرسول (ص) , وسمي بحديث الإفك ، وهو الإفتراء , وهناعلى إحدى زوجات الرسول (ص) , أو أم أحد أولاده.
ثانيا: سبب النزول على قولين :
القول الأول : روى أهل السنة أن المقذوفة في قصة الإفك هي أم المؤمنين عائشة.
ففيما رواه السنة أن عائشة زوجة الرّسول قالت: كان رسول الله(ص) إذا أراد أن يخرج إلى سفر أقرع بين أزواجه فأيّتهنّ خرج سهمها خرج بها رسول الله(ص) معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله(ص) بعد ما نزل الحجاب وأنا أُحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله(ص) من غزوته تلك وقفل.
فدنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلمّا قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فإذا عقد لي من جزع ظفار. قد انقطع فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب، وهم يحسبون أني فيه، وكانت النساء إذ ذاك خفافاً لم يثقلهن اللحم إنّما تأكل المرأة العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل فساروا فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فيممت منزلي الذي كنت به فظننت أنّهم سيفقدوني فيرجعون إليَّ فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت.
وكان صفوان بن المعطل السلمي ثمّ الذكر إنّي من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي والله ما كلمني كلمة واحدة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطّى على يديها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد أن نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك في من هلك.
وكان الذي تولى الإفك عبدالله بن أُبيّ بن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهراً والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أُشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله(ص) اللطف الذي كنت أرى منه حين اشتكى إنّما عليَّ فيسلم ثمّ يقول: كيف تيكم؟ ثمّ ينصرف فذاك الذي يريبني ولا أُشعر بالشر حتى خرجت بعد ما نقهت وخرجت معي أُم مسطح قبل المناصع وهي متبرزنا وكنّا لا نخرج إلاّ ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريباً من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأوّل في التبرّز قبل الغائط فكنّا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا.
فانطلقت أنا وأُم مسطح فأقبلت أنا وأُم مسطح قبل بيتي قد أشرعنا من ثيابنا فعثرت أُم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح فقلت لها: بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدراً؟ قالت: إي هنتاه أو لم تسمعي ما قال؟ قلت: وما قال: فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضاً على مرضي.
فلما رجعت إلى بيتي دخل عليّ رسول الله(ص) فسلم ثمّ قال: كيف تيكم؟ فقلت: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ – قالت: وأنا حينئذ أُريد أن أستيقن الخبر من قبلهما – قالت: فأذن لي رسول الله(ص) فجئت لأبوي فقلت لاُمي: يا أُمتاه ما يتحدث الناس؟ قالت يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبّها ولها ضرائر إلاّ أكثرن عليها فقلت: سبحان الله ولقد تحدث الناس بهذا؟ فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقاً لي دمع ولا أكتحل بنوم ثمّ أصبحت أبكي.
ودعا رسول الله(ص) علي بن أبي طالب وأُسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله، فأمّا اسامة فأشار على رسول الله(ص) بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الودّ فقال: يا رسول الله(ص) أهلك ولا نعلم إلاّ خيراً، وأمّا علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله لم يضيّق الله عليك، والنساء سواها كثيرة وإن تسأل الجارية تصدقك، فدعا رسول الله(ص) بريرة فقال: أي بريرة هل رأيت شيئاً يريبك؟ قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمراً أغمضه أكثر من أنّها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فيأتي الداجن فيأكله.
فقام رسول الله(ص) فاستعذر يومئذ من عبدالله بن أبي فقال وهو على المنبر: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلاّ خيراً، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلاّ خيراً وما كان يدخل على أهلي إلاّ معي.
فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: يا رسول الله(ص) أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواتنا من بني الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحاً ولكن احتملته الحميّة ابن عم سعد فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله ما تقتله ولا تقدر على قتله، فقام أُسيد بن خضير وهو ابن عم سعد بن عبادة، قال: كذبت لنقتلنه فإنّك منافق تجادل عن المنافقين، فتثاورا الحيّان: الأوس والخزرج حتى همّوا أن يقتتلوا ورسول الله(ص) قائم على المنبر فلم يزل رسول الله(ص) يخفضهم حتى سكنوا وسكت.
فبكيت يومي ذلك فلا يرقاً لي دمع ولا أكتحل بنوم فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوماً لا أكتحل بنوم ولا يرقاً لي دمع وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي.
فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت عليّ امرأة من الأبصار فأذنت لها فجلست تبكي معي فبينما نحن على ذلك دخل علينا رسول الله(ص) ثمّ جلس ولم يجلس عندي منذ قيل فيّ ما قيل قبلها وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني بشيء، فتشهد حين جلس ثمّ قال: أمّا بعد يا عائشة إنّه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرؤك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا إعترف بذنبه ثمّ تاب تاب الله عليه.
فلمّا قضى رسول الله(ص) مقالته قلص دمعي حتى ما أُحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب عنّي رسول الله(ص). قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله(ص) ، فقلت لاُمي: أجيبي عني رسول الله(ص) ، قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله(ص).
فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيراً من القرآن: إنّي والله لقد علمت أنّكم سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدّقتم به فلئن قلت لكم: إنّي بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدّقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أنّي منه بريئة لتصدّقنّي، والله لا أجد لي ولكم مثلا إلاّ قول أبي يوسف: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.
ثمّ تحوّلت فاضطجعت على فراشي وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرَّئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحياً يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله(ص) رؤيا يبرَّئني الله بها.
قالت: فوالله ما رام رسول الله(ص) مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أُنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي حتى أنه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أُنزل عليه فلمّا سري عن رسول الله(ص) سري عنه وهو يضحك فكان أوّل كلمة تكلم بها أن قال: أبشري يا عائشة أمّا الله فقد برّأك، فقالت أُمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم اليه ولا أحمد إلاّ الله الذي أنزل براءتي، وأنزل الله: “إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم” العشر الآيات كلها.
فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبوبكر، وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أُنفق على مسطح شيئاً أبداً بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله: “ولا يأتلِ أُولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أُولي القربى والمساكين – إلى قوله – رحيم” قال أبوبكر: والله إنّي اُحبّ أن يغفر الله لي فرجع إلى مَسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبداً.
قالت عائشة: فكان رسول الله(ص) يسأل زينب أبنة حجش عن أمري فقال: يا زينب ماذا علمت أو رأيت؟ فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ما علمت إلاّ خيراً، قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي(ص) فعصمها الله بالورع، وطفقت اختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك.
ملاحظاتان مهمتان على الرواية:
الملاحظة الأولى : منافاتها لمقام النبوة , لأنها تصف النبي وقد وقع تحت تأثير الشائعة , وأين العتاب الشديد في الآية الكريمة , العتاب على المؤمنين لتأثرهم بهذا!.
فمنافاة هذه الرواية لمقام النبوة ، مقام النبوة مقام عالي ، القرآن يصف النبي (ص) (وإنك لعلى خلق عظيم ) بل ويأمر الناس ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) إقتدوا به في المواقف ، هنا شائعة ، إشاعة أثيرت حول زوجة النبي (ص) النبي تقول الرواية تغير في معاملته ، بل تقول أكثر من ذلك أنه أراد أن يفارقها وجاء ببعض أصحابه يستشيرهم في فراقها ، يعني رتب آثارا ، بل أكثر من ذلك ، قالت له عائشة في جلوسها معه أنني لو قلت لكم أنني بريئة لم تصدقوني ، ولو قلت لكم أنني فعلت ستصدقوني ، تقول عائشة لكني ما أقول إلا كما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان .
إذا الرواية تبين أن النبي (ص) إتخذ موقفا عمليا على هذه الشائعة وهذه التهمة ، بل وأكثر من ذلك إذا تأملنا أن هذه الآية بعد آيات القذف (الذين يرمون المحصنات) عندما تحدثت الآيات عن رمي المحصنات والحاجة لشهود ، فكان النبي (ص) في الأمر واضح ، فكيف هنا يعوّل على إشاعة من منافق ويرتب عليها أثر فأين الشهود في ذلك، إضافة إلى هذا أن الآيات التي جاءت توبخ المؤمنين الذين سمعوا الشائعه ولم يردوها ، لا أنهم رتبوا ، يعني لم تقبل بسكوتهم كما سيأتي
الملاحظة الثانية: بالنسبة لسعد بن معاذ الأنصاري ينقل البخاري أنه توفي قبل هذه الحادثة ، قبل نزول آية الإفك ، فكيف يكون هناك وهذه المشاجرة وهذا التفصيل
القول الثاني: روت الشيعة (بعض الشيعة رووا) في هذا المجال رواية ضعيفة
أن من إتهمت بالفاحشة وبرأتها آية الإفك هي مارية القبطية أم إبراهيم التي أهداها مقوقس ملك مصر إلى النبي(ص)
روي عن الإمام الباقر(ع) يقول: لما هلك إبراهيم بن رسول الله(ص) حزن عليه حزناً شديداً فقالت عائشة: ما الذي يحزنك عليه؟ ما هو إلاّ ابن جريح، فبعث رسول الله(ص) علياً(ع) وأمره بقتله.
فذهب علي(ع) ومعه السيف وكان جريح القبطي في حائط فضرب علي(ع) باب البستان فأقبل جريح له ليفتح الباب فلما رأى عليّاً(ع) عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعاً ولم يفتح باب البستان فوثب علي(ع) على الحائط ونزل إِلى البستان واتبعه وولى جريح مدبراً فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة وصعد علي(ع) في أثره فلما دنا منه رمي بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته فإِذا ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء.
فانصرف علي(ع) إِلى النبي(ص) فقال له: يا رسول الله إِذا بعثتني في الأمر أكون كالمسمار المحميّ في الوبر أم أُثبّت؟ قال: لا بل تثبّت. قال: والذي بعثك بالحق ما له ماللرجال وما له ماللنساء، فقال: الحمدالله الذي صرف عنّا السوء أهل البيت
ملاحظتان على الرواية:
الملاحظة الأولى : إذا كان القذف قد حدث يعني عائشة ارتكبت هذا الإثم (القذف) ثمّ ثبت خلافة، فلماذا لم يُنفِّذِ النبي(ص) حَدَّ القذف بحقها؟
إذا كان القذف قد حدث يعني هنا عائشة تكلمت في قضية ماريا القبطية زوجة النبي (ص) ورمتها يعني قذفتها وحد القذف معروف ،
فلماذا النبي (ص) لم يقم عليها الحد (حد القذف) لماذا ؟
ثم كيف يكون النبي (ص) يقبل بشهادة إمرأة واحدة والشهود يجب أن يكونوا أربعة ولا يمكن القبول حتى بشهادة ثمان نساء ، فعلى أقل تقدير ثلاثة من الرجال وإمرأتان ، فكيف يقبل بشهادة إمرأة ، هذه ملاحظة ،
و كيف لم يقم عليها الحد مع أن القرآن أثبت بطلان هذا الإفتراء بالآيات ، وأن الواقع أيضا كشف أن جريح ليس عنده مال الرجال
2ـ الملاحظة الثانية : كيف يمكن أن يصدر النبي الأكرم(ص) حكم القتل ، مباشرة أصدر حكم القتل على هذا الشخص وهو غير متزوج أيضا ، خادم وغير متزوج فكيف صار حكمه القتل ، هذه ملاحظتان على هذه الرواية ،
النتيجة أنه لا يمكن الإعتماد على هذه الرواية ولا على الروايه التي قبلها , فلا ترجيح ولا يثبت من المقصود بهذه الآية , ولكن هذا لا يغير ولا يؤثر في إمكانية الإستفادة منها وتطبيقها في حياتنا الإجتماعية.
ثالثا: لماذا الإصرار من أهل السنه على أن عائشة هي المقصودة في هذه الآية
الجواب : لأن هذه الآية جاءت لتنزه المرأة التي تحدثت عنها ، الآية جاءت تقول هذه المرأة لم تزني لم ترتكب الفاحشة ، ولأنهم يتصورون إتهام الشيعة لعائشة في شرفها .
فهناك تصور أن الشيعة يتهمون عائشة بالزنا , لذلك ف÷ل السنة يصرون على أن عائشة بريئة .
رابعا: رأي الشيعة في شرف أم المؤمنين عائشة
ماذا يقول الشيعة في شرف أم المؤمنين عائشة ؟
الجواب : أن الشيعة يرونها طاهرة ومنزهة عن فاحشة الزنا ، فالشيعة لا يتهمونها بالفاحشة ولا بالإنحراف الجنسي ، ولا يتهمون أي زوجة من زوجات النبي (ص) بالفاحشة نستجير بالله.
أما موضوع حرب الجمل فموضوع آخر ، الخروج على إمام الزمان (الإمام علي بن أبي طالب) ذاك أمر آخر ولكن موضوع الإتهام بالفاحشة لا يقول به أحد من الشيعة
ملاحظة 🙁 أنه إذا وجد من يتكلم عن عائشة من الشيعة فهو لا يمثل الشيعه بل هم أشخاص يكونون شاذين في المجتمع الشيعي من جهة ، ومن جهة ثانية إعتمادهم على روايات من كتب السّنة وليس من الشيعة ، حتى المعتمد الذي يستندون إليه ليس من عند الشيعة )
لذلك نقول الشيعة لا يتهمون عرض النبي (ص) بفحش ولا شيئ من هذا القبيل
خامسا: القرآن لم يتعرض لشخصنة القضية
وإنما ركز على وعي القضية والتعامل معها
القرآن الكريم لم يتعرض للقضية بشخصها , ومن هو المقصود بها؟ ولماذا؟
لأن القرآن أراد التركيز على المعاني والإستفادة من القضية في علاج المشاكل التي قد تحدث في المجتمع وليس التركيز على أنه فلانه أوفلانه ، وإنما القضية لها هدف كبير كما سيأتي ، في الآيات التي تأتي بعد هذه الآية تجد فيها الخير الكثير , وفي التعامل بين أفراد المجتمع ، وفي قضايا كثيرة
سادسا: المعاني التي تشير إليها الآية:
1ـ (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ)
الآية قالت إن الذين جاؤوا بالإفك ما هو الإفك ؟
أ ـ الإفك هو الكذب مطلقا
قال الراغب الأصفهاني أنه الكذب مطلقا يسمى إفك وهوصرف الشيئ عن مورده ، هذا يسمى إفك
ب ـ ويرى (الطبرسي) في مجمع البيان أن الأفك لا يطلق على كل كذبة
بل الكذبة الكبيرة التي تبدل الموضوع عن حالته الأصلية. فإن الإفك لا يطلق على أي كذب بل يطلق على الكذب الكببير الخطير فقط ، في الأمر الكبير يقال إفك وليس كل كذب يقال له إفك
2ـ (عُصْبَةٌ مِّنكُمْ )
العصبة هي الجماعة متعصبة متعاضدة ، متكاتفه متحدة وقيل: إنها عشرة إلى أربعين.المجموعة التي هكذا تسمى عصبة وفيها يترتب على هذا التعبير
أ ـ (عصبة منكم) إشارة إلى أن هناك تواطئ منهم
تواطئ بين هذه المجموعة لأن يشوهوا سمعة النبي (ص) ، يشوهوا عرض النبي (ص) ليبتعد الناس عن النبي ويتخلوا عن رسالة النبي (ص)
بـ (عُصْبَةٌ مِّنكُمْ) إشارة لوجود منافقين بينكم ، بين المؤمنين هناك منافقون ، يوجد منافقون بين المؤمنين فعلى المؤمنين الحذر من المنافقين
3ـ ﴿لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم﴾ الخطاب لعموم المؤمنين وليس للمتهم الذي أتهم بالإفك خاصة.
الذي أتهم بالإفك وبالفاحشة وإنما لعموم المؤمنين فهي إشارة إلى أن المجتمع كله مجتمع واحد، إذا تضرر منه شخص بريئ تضرر الجميع وإذا حدثت تهمة ولم يوقف صاحبها ويجعل له حد ورادع , وإنما بقيت منتشرة , سينتشر أمثالها من التهم والشائعات , والضرر سيكون على الجميع , وإذا حدث خير وأفشلت هذه التهمة ورد على هذه التهمة فسيكون الخير أيضا للجميع
4ـ ﴿لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم﴾
أ ـ لأنه بذلك كشف العصبة المنافقة
العصابة المنافقه كشفت ، بهذه الآيات بيّن إبن سلول وغيره من المنافقين الذين يشيعون هذه الفاحشة ، وهذه فائدة ، طبعا المجتمع الذي يكون فيه تداخل بينه وبين أعدائه هذا أصعب الأمور ، إذا إختلطت الخنادق في المجتمع كما يقولون فالأمر يكون صعبا ، أما إذا تميز الشيئ يعني أنت في بيتك ، لو كان في بيتك من أهلك من هو عدو لك ولا تعرفه من بين أفراد الأسرة هناك عدو يحيك المؤمرات ويتحين الفرص فهذا أمر خطير لكنه إذا كشف فأنت بخير
المنافق يعيش بينكم وهو مستقر ما دمتم مستقرين وما دام الأمر مستقرا ، ولكن مجرد أن تحدث هزة تجده ينتقل للمعسكر الذي يريد ويضرب ضربته ، هذا هو دور المنافقين ، القرآن كشف المنافقين في هذه الآية
ب ـ لأنه طريق ليعظهم
يذكرهم بما هم فيه من غفلة أو مساهلة حتى يحتاطوا لدينهم ويتفطنوا لما يهمهم
لأنه الطريق , ليعظهم ليتفطنوا لينتبهوا ولا يعيشوا الغفلة لأي حدث يحدث وأي تهمة تحاك ضد المجتمع الإسلامي
ج ـ لأنها وضعت حدا لإنتهاك حرمة الرسول
يعني بعد هذه الآية وهذه الحادثة لا يمكن أن يتجرأ أحد على حرمة الرسول وعرض الرسول ، صار خط أحمر لا يمكن أن يتكلم أحد عن شرف وعرض الرسول (ص)
د ـ لأنها بينت واجب المسلمين في وأد شائعات الأعداء
بينت ما هو الموقف ، وسوف يأتي الموقف من كل شائعة ليس الصمت ، ليس أن تقول لا أعلم ، بل أن ترد وتأد هذه الشائعة وتوقفها عند حدها
هـ ـ عندما يعجز العدو والمنافق يتحين الفرصة ويبث التهمة
5ـ ﴿لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم﴾
أ ـ الإثم هو الأثر السيىء
الآية كأنها تقول ( الذين أشاعوا هذه الفاحشة سوف يعود الضرر عليهم) ، أرادوا بعملهم أن يشوهوا سمعة الرسول ويفضحوا الرسول في عرضه ولكن هم الذين سيفتضحون ، الآية تفضحهم وتبينهم ، والخزي سوف يلحقهم ، والطهارة بهذه الآية هي التي سوف تثبت للرسول ولعرض الرسول (ص)
ب ـ أن الأثم يلزم كبار المذنبين والصغار والكل بحسبه
الذي تحدث في هذا الإفك وفي هذه التهمة قد يكون شخص كبير له منزلة ، كلامه بحسبه ، قد يكون شخص أشاع الفاحشة وإبتدأها وقال رأيت بعيني مثلا الزنا ، له الإثم ويحسب بقدره
وشخص آخر يقول سمعت فلانا وينقل له أيضا بقدره ، وشخص آخريسمع ويسكت أيضا له بقدره( لكل إمرء منهم ما إكتسب من الإثم )
9ـ ﴿والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم﴾ فسروا كبره بمعنى معظمه والضمير للإفك، فالمعنى والذي تولى معظم الإفك وأصر على إذاعته بين الناس من هؤلاء الآفكين له عذاب عظيم.
10ـ ﴿والذي تولى كبره منهم) هو عبد الله ابن أبي بن سلول
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين