تفسير سورة النور:آية (21)
الحلقة 14
9/8/2012
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَتَتَّبِعُوا خُطُوَتِ الشَّيْطَـنِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَتِ الشَّيْطَـنِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَد أَبَداً وَلَـكِنَّ اللهَ يُزَكِّى مَنْ يَشَآءُ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(21)
صدق الله العلي العظيم
أولا : هذه الآية إن لم تكن متابعة لما سبق من الآيات إلا أنها تتحدث بما هو مرتبط بتلك الآيات
الآيات الماضية التي كانت تتحدث عن الزنا وإرتكاب الفاحشة ، ثم الحديث عن الزنا والكلام في أعراض الناس والخوض في أعراض الناس ، هنا الآية هذه جاءت لتتحدث عن إتباع خطوات الشيطان وأن الإتباع لخطوات الشيطان مؤداه ونتيجته أنه يأمر بالفحشاء والمنكر، ربما شخص لا يتحدث بالفاحشة مباشرة أو لا يرتكب الفاحشة إلا أنه يستمع للشيطان ولوساوس الشيطان فنتيجته أن يسير للفاحشة ، وكأن الآية أرادت أن لا يسمح المؤمن لنفسه بخطور الفاحشة وبخطور ما يوسوس الشيطان به إليه في نفسه ، حتى الخطور تريد منعه عنه
ثانيا:خطوات الشيطان ما هي وكيف نعرفها؟
الجواب:خطوات الشيطان هي تسمية ما ليس من الدين باسم بالدين
1ـ اتباعه فيما يدعو إليه من أمر الدين
بأن يزين شيئا من طرق الباطل بزينة الحق و يسمي ما ليس من الدين باسم الدين فيأخذ به الإنسان من غير علم, وليس أي إتباع
كما يقول السيد الطباطبائي يقول هنا الآية عندما تقول خطوات الشيطان تتحدث عن خطوات الشيطان فهي تتحدث عن المؤمنين (ياأيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان )إذا المعنى كما يقول أن الشخص مؤمن ويسير في خط الإيمان ثم يتبع خطوات الشيطان فيقول إذا كان مؤمن ويتبع خطوات الشيطان يعني أنه يلبس الباطل بصفة الحق وهوتغيير في الدين ، الشيطان يأتي إليه من جهة الدين فيدخل عليه شيئ فشيئ من الأمور ويلبسها بصبغة الدين فينحرف من هذا الطريق وهو إلباس الباطل بالباس الدين هذه خطوات الشيطان ، إتباعه الإستماع إليه و الإصغاء إليه في هذا المجال ما يشعر به الإنسان من أمور سيئة في نفسه يشعر الإنسان الذي تخطر على فكره وقلبه بعض الخواطر يعلم أن هذه خاطرة سيئة أو صالحة فإذا كانت خاطرة سيئة فهي من خطوات الشيطان أو الخواطر والوسوسة الشيطانية
2ـ الأفكار الشيطانية التي تبدأ ضعيفة باهتة ثم تقوى لإغواء الإنسان.
عادة تتبتدئ الخواطر النفسانية بسيطة وضعيفة إلى أن تشتد في النفس فتؤثر على الإنسان في نفس الإنسان ويتحرك بعدها عمليا لإرتكاب الفاحشة
3ـ الشيطان هو كل مخلوق مؤذ وفاسد ومخرّب.
أبرز المصاديق من إتباع خطوات الشيطان أن يكون الشخص يغير في الدين وينسب للدين ما ليس من الدين هذا هو أبرز شيئ ولكن إذا أردنا أن نوسع المفهوم ونقول الشيطان وخطوات الشيطان ، من هو الشيطان ؟ الشيطان ليس هو فقط إبليس وإنما كل شيئ سيئ فهو شيطان كل ما يدعوا للفساد فهو شيطان
من خطوات الشيطان التي تهيئ النفس لإرتكاب المعصية
من خطوات الشيطان كل شيئ مقدمة يهيئ النفس للوصول للمعصية ، لذلك نطبق ونقول منها مما يهيئ النفس لإرتكاب المعصية الذي يكون من الخطوات :
1ـ مصاحبة المنحرفين
الصحبة مع المنحرف هذه تهيئ النفس للإقتراب للمعصية ، عندما يكون صديقك منحرف ويرتكب وحديثه عن المعصية لا شك أنه ينطبع على صاحبه كما يقولون (قل لي من تصاحب أقل لك من أنت ) فإذا كان الشخص يصاحب أشخاص سيئين لا شك أنه يتأثر بهذه فيكون مصاحبه خطوة من خطوات الشيطان
2ـ إختيار مجالس الفاسدين.
المجالس ، مجالس الفاسدين إختيار المجالس التي فيها فساد أيضا خطوة من خطوات الشيطان ، هذا ماذا يعني أو يفرض علينا ؟ أن نجعل مجالسنا طاهرة ، أن تكون المجالس التي نجلس فيها ، فيها عفة ليس فيها ألفاظ بذيئة ، ليس فيها شيئ سيئ حتى لو على الآخرين ، أو السيئن أو المنحرفين لاتتكلم بسوء ، لا تهيئ ولا تجعل الجو والمجلس الذي تجلس فيه جو فساد لأنه إن جعلته فساد فهذه خطوة من خطوات الشيطان
3ـ إقتحام الشبهات
أيضا خطوة من خطوات الشيطان ربما يقول شخص أنا لا أرتكب المعصية ولكن هذه شبهة حلال أو حرام وإذا كانت شبهة يقول أحملها على الجواز فإذا كان يقترب ويقترف ويرتكب الشبهات فهذه أيضا خطوة من خطوات الشيطان تجره للفساد
4ـ التفكير في إرتكاب الذنوب.
من خطات الشيطان أصل التفكير ، أن يفكر الشخص في الذنوب ربما مثلا هو لا يرتكب ولكن يخطر على نفسه خواطر ، يتخيل المعصية تخيلات التي يعيشها إذا جلس لوحده وصار يتخيل المعصية فهي أيضا خطوة تقربه للشيطان
5ـ إرتكاب صغائر الذنوب.
وهذا يقع في المجتمع أيضا بعض الأشخاص مثلا تجده يرتكب بعض الشيئ ، بعض الأمور يعتبرها صغيرة ويرتكبها ، الصغيره التي يرتكبها الإنسان تكون كبيرة لأن النظر ليس لها وإنما لمن تعصيه وهو الله سبحانه وتعالى من جهة ، من جهة ثانية أنها تهيئ النفس لإرتكاب المعصية الكبيرة ، الحذر كل الحذر أن يتساهل المؤمن في إرتكاب الذنوب بعنوان أنها صغيرة ويقول هي صغيرة أمر بسيط ، بعض الناس مثلا يستمعون الغناء يستمعون كذا ويقول أنا لم أرتكب معصية كبيرة ، أو يقول أنا أستمع الغناء أفضل من أجلس بمجالس الغيبة ، فنقول هذا حرام وهذا حرام وإذا إفترضنا أن شيئ بسيط في نظرك هو ذنب صغير فهو لا محال خطوة من خطوات الشيطان يهيئ النفس لإرتكاب المعاصي الكبيرة ،
النتيجة الوقوع في أكبر المعاصي
النتيجة أن يقع الإنسان الذي سار في خطوات الشيطان في الذنوب الكبيرة
ثالثا:( وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ )
الفضل والرحمة من الله سبحانه وتعالى ، هنا الآية ذكرت سابقا ولولا فضل الله كلما يأتي أمر في هذه السورة أو نهي نجد أن الله سبحانه وتعالى يقول (ولولا فضل الله عليكم) ، يكرر الإمتنان على الإنسان
1ـ الرحمة التشريعية: بمعنى لولا إرسال الرسل ووو
الرحمة الإلهية ، الرحمة التشريعية ماذا تعني ؟
هنا تكلم الله أنه تفضل على الناس ورحم الناس بماذا ؟برحمتين رحمة تشريعية : وهي بعثة الأنبياء والرسل والتعاليم الدينية التي هي رحمة للناس ليستقيم الناس في الخط السليم برسالات الأنبياء وتعاليمهم
2ـ الرحمة التكوينية:وهذا ما تعنيه الآية إمدادات وتوفيق.
الرحمة التكوينية: يعني هناك رحمة ولطف من الله سبحانه وتعالى بكم أيها المؤمنون لذلك نجاكم وجعلكم وزكاكم وإلا من غير هذه العناية الربانية فأنتم في ضلال وأنتم إلى طريق الرذيلة ولا يزكوا منكم أحد
رابعا: (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَد أَبَداً وَلَـكِنَّ اللهَ يُزَكِّى مَنْ يَشَآءُ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
ما زكى منكم من أحد:
1ـ التزكية الأصل النمو,وردتْ غالباً بمعنى التطهُّر والتطهير.
أصل التزكية وضعت للنمو ، ما ينموا يقال زكى ولكن إستعملت غالبا في القرآن بمعنى (طهر) الطهارة والتطهير
2ـ ما زكى أي ما طهر منكم
يعني لولا فضل الله عليكم ما صرتم طاهرين ، بمعنى أنه لولا فضل الله لإرتكبتم الفاحشة ولكن لفضل الله سبحانه وتعالى حفظكم عن الفاحشة ، إذا لا تتفاخروا بأنكم لم ترتكبوا ، لا يقل شخص أنا لم لا أرتكب أنا تقي بنفسي وقوتي وصلابتي وثباتي وإستقامتي ، لا هي من عند الله سبحانه وتعالى لذلك تقول آية
(ماأصابك من حسنة فهي من الله ) إجعل في نفسك (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) فأنت إنما تزكيت إنما زكوت تزكوا بتوفيق وعناية من الله سبحانه وتعالى
3ـ ما زكى في سمعته
نقول ما زكى أيضا في سمعته ، في سمعة الإنسان يزكوا ويطهر ولا ينتشر عنه السوء هذا بفضل الله وليس بأنفسكم ، يعني لولا العناية الربانية على المجتمع لكان المجتمع كله يكون شائعات وإتهامات بالفاحشة
خامسا: (وَلَـكِنَّ اللهَ يُزَكِّى مَنْ يَشَآءُ)
هنا هل تتقاطع التزكية والرحمة والحفظ من الله سبحانه وتعالى مع إرادة العبد أو لا ؟
الجواب : أن الرحمة والتزكية من الله ليس بالجبر طبعا وليس من غير سبب أو مقابل ، الإنسان الذي يريد أن يكون صالح الله سبحانه وتعالى يوفقه للصلاح ويمده غيبيا أيضا للصلاح ولكن إذا كان هو يريد ن إذا أراد شخص أن يصل للخير (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) أراد أن يصل للحق الله سبحانه وتعالى يأخذ بيده ويوصله للحق ولكن لا يجبره إذا كان لا يريد ليس هناك جبر
سادسا:(وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
1ـ سميع لمن يدعوه ويطلب التزكية
الله يسمع من يدعوا ومن يتوجه لله ويقول يالله إهديني ياالله وفقني ، الله يسمع له ويستجيب له
2ـ عليم بصدق الطلب
لأنه الطلب إذا كان فقط باللسان ليست له قيمة أما إذا كان طلب التزكية وطلب الصلاح وطلب التوفيق نابع من القلب ومنشأه القلب والصدق والروح هنا الله يعلم بهذا الصدق فيوفقه حتى لو لم يتكلم ، إذا كان في قلبه صادق يريد الخير الله يفتح له أبواب الخير
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين