c تفسير سورة النور – الحلقة 16

تفسير سورة النور – الحلقة 16

تفسيرسورة النور

الحلقة16

الآية (23ـ25)

أعوذبالله من الشيطان الرجيم

بسمالله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

بسمالله الرحمن الرحيم  

إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿23﴾ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿24﴾ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴿25﴾

صدق الله العلي العظيم

 أولا:صفات ممن رمين بفاحشة الزنا

 ذكرت هذه الآية ثلاث صفات ممن رمين بفاحشة الزنا ، في قضية الإفك أو غيرها وهي صفات تكفي كل صفة لأن ترفع التهمة عن المتصفة بها ، وهذه الصفات هي : المحصنات والغافلات والمؤمنات .  

1ـ المحصنات :  المحصنه تعني العفيفه . الآيه تقول هؤلاء نساء عفيفات والعفة تكفي لأن لا ترتكب هذه الفاحشة ، لأن النساء التي رميت بهذه الفاحشة عفيفات ، والعفة واقية وحافظة من الوقوع في الفاحشة.

2ـ الغافلات:أي البعيدات عن موارد هذه التهمة ، بعيدات كل البعد عن موارد هذه التهمة والقذف والإفك ، ومع ذلك وجه القذف لهن ظلما وعدوانا. ــــ وربما تعني لفظة الغافلات أحد أمرين:

1ـ منتهى الطهارة من كل تلوث جنسي ,  فكأن الآية تقول هؤلاء غافلات عن شيئ إسمه إنحراف ، هؤلاء النسوة غافلات بعيدات كل البعد عن أي أمر فيه إنحراف جنسي هذا المعنى فتبين فيهن منتهى العفة والطهارة للمؤمنات

2ـ أنهن لا يعلمن بما يوجه إليهن كانها تقول غافلات عن هذا الكلام الذي يدور هنا وهنا حولهن ومع ذلك يرمين بالإفك وبالتهمة الفاحشة

 

3ـ المؤمنات: هنا ذكرت صفة الإيمان كأن الآية تريد أن تقول أن هذه النسوة مؤمنات وإيمانهن يكفي لحفظهن من الفاحشة ولا يمكن أن يقتربن للفاحشة والمنكر وهن مؤمنات

ثانيا: فضيحة من يمري الأعراض

هنا الآية تقول لمن إرتكب هذه الشائعات لا تكن مطمئنا بإختفائك وبعدك عن العقاب , شخص يتكلم ورمى أعراض الناس ،وتحدث في أعراض الناس الآية المباركة كانها جاءت تقول لا بد أن يلحقك العذاب في الدنيا وفي الآخرة ولن تفوت من العذاب أبدا ، وإذا إستطعت أن تخفي نفسك بين الناس ولا تظهر ولا تفتضح بين الناس مؤقتا فإنه في يوم القيامة سوف تشهد عليك ، (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم) هناك تنكشف الأمور فلا تتمادى في الحديث عن أعراض الناس فلا بد أن تفتضح

ثالثا: نزول الآية في نساء النبي

يصر الفخر الرازي في هذه الآية على أنها نازلة في خصوص نساء النبي (ص) ويقول أنها نزلت في نساء النبي وبينت أن  من تحدث في نساء النبي فهو كافر, والدليل في ذلك قوله تعالى (لعنوا في الدنيا والآخرة ) فيقول اللعنه التي وردت في الآية تشير إلى أنهم كفار

الجواب:

1ـ الأية عامة

حتى لو كانت الآية نازلة في حدث خاص فهي عامة ، وإذا
كانت عامة فهي تطبق في جميع ما تصدق عليه من الموارد ، فلا تكن خاصة بنساء النبي ،
حتى لو وردت في هذا المورد ، يقول العلماء خصوص المورد لا يخصص الوارد.

ما دام الأمر عام فتبقى عامة تشمل جميع الموارد

2ـ اللعن في الآية ليس دليل على الكفر

  فقد ذكر اللعن في موارد كثيرة في القرآن وفي
الأحاديث ومنها الملاعنة بين الزوجين.

الذي يرمي زوجته بالزنا أيضا تكون بينهم ملاعنة وذكرتها
الآيات ومع ذلك لا يحكم بالكفر ، لا بكفر الرجل ولا بكفر المرأة ، فاللعن ليس
دليلا على الكفر أبدا وإنما أقصى ما فيه وهو كذلك أن يكون صاحبه مطرود أو مبعد عن
الرحمة والرحمة درجات فربما يكون مطرودا عن الرحمة بهذه الدرجة أو الدرجه الاكبر
وهكذا 

3ـ دلالة الواقع العملي

الذي كان في زمن النبي (ص) وفي نفس هذه القضية ،
النبي (ص) عندما صارت قضية الإفك ماذا عمل ؟

طبق عليهم الحد فقط ولم يحكم بكفرهم بل نهى عن التمادي
في التعامل معهم بل نهى حتى في قطع المعونة والمساعدة ، كما في قضية مسطح الذي
أقيم عليه الحد ولم يحرم من العطاء بل عوتب من يقطع العطاء عنه فتعامل معه على أنه
مسلم ، لم يكفر  

رابعا: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنتُهُمْ ) في ذلك اليوم :

1ـ  يفتضح المجرمون والمنافقون والمتلونون.

الشخص الذي يجلس معك ويتحدث معك بالخير وإذا غاب عنك تحدث عنك بالباطل في ذلك اليوم يفتضح أمام الناس ، يفضح نفسه بنفسه ، هناك يوم ظهور السرائر وكشف السرائر فهي الفضيحة الكبرى ، لذلك الآية تؤكد عليها ، على الإنسان أن يجتنب الحديث عن الناس وخصوصا في أعراضهم

2ـ تشهد الألسن خلاف رغبة الباطن

الألسن يوم القيامة تشهد وشهادتها تخالف رغبة صاحبها ، صاحب اللسان ، الأعضاء تشهد وشهادتها مخالفة لرغبة صاحبها إذا سئل أنت تكلمت في عرض فلان يريد أن يقول لا فيقول نعم قلت كذا وكذا ، لسانه يتكلم  وخلاف رغبته

 3ـ شهادة الأعضاء :

أ ـ قال البعض أنها شهادة الحال. يعني لسان الحال يقول البعض ، ليس أنها تشهد وهذا
الكلام مخالف طبعا لصريح القرآن الكريم لأن الله قال 
(وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا قالوا انطقنا الله الذي أنطق كل شيئ ) ، في ذلك العالم ينطق كل شيئ فليس شهادة الحال

ب ـ قال آخرون أن الله يخلق لها نطقا فتشهد على صاحبها.أن هذه الأعضاء يخلق فيها النطق فتشهد ، يعني كالمسجلة تتحدث وهذا الكلام أيضا عليه ملاحظة ، أن الأعضاء تكون ذات حياة وليس أنها تنطق هكذا ، ذات حياة ووعي وفهم تتكلم
جميع الأعضاء كل عضو مارس به الإنسان المعصية ، سار بقدمه إلى مكان ، قدمه يتكلم ، سرق بيده  يده تتكلم ، ضرب
بيده  يده تتكلم ، رفع يده للدعاء يده تتكلم ، كل شيئ يشهد واقعا وليس إعتبارا

لماذا ؟ لأن الشهادة يقول السيد الطباطبائي لو لم تكن عن وعي لما كانت لها قيمة ، لو كان يشهد العضوا كالمسجل فرض عليه أن يتكلم هكذا من غير وعي فليست له قيمه ولكن إذا كان يشهد وهو يعلم ما يقول ، يعلم ماذا حدث وماذا
رأى وماذا صنع به فيتكلم بذلك فهو عاقل لما كان واليوم يفتح له النطق

يقول تعالى: (و قالوا لجلودهم لم شهدتم علينا , قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء) أنطقه
الله ولكنه عاقل ، الضمير قالوا لجلودهم لما شهدتم علينا هنا يخاطبون بضمير العاقل 
(لما شهدتم
)
 يبين أن هذه العضاء لها علم ولها وعي ولها إدراك فتشهد بما رأته بإدراك ووعي

خامسا: ﴿يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين﴾

1ـالمراد بالدين

الجزاء كما في قوله: ﴿مالك يوم الدين﴾يوفيهم جزاءهم وعطاءهم وكل بحسبه

 (يوفيهم) توفية الشيء بذله تاما كاملا، أي يعطيهم جزائهم كاملا لا ينقصهم شيئ يوفيهم كل شيئ حقيقة
كل ما يستحقون

3ـ (يوفيهم) ومرجع ذلك يقول السيد الطباطبائي رحمة الله عليه إلى ظهور الحقائق يوم القيامة تتجسد الأمور ، توفى الأمور تتكون وتظهر لها حقائق ، تتحقق في الواقع أي عمل يعمله الإنسان في هذه الدنيا من معصية له جانب مادي هذا الجانب الذي نراه المادي جانب الملك ، وله جانب ملكوتي غيبي ذلك الجانب الملكوتي يوم القيامة يتجسد ، وهذه التوفية يقول السيد الطباطبايئ يتوفى يعني يتحقق في الواقع جميع ماكان في الدنيا ، إن كان سيئ يتحقق ، يراه متجسد من نار وعذاب وإن كان خير يتحقق له نعيم وجنه وهكذا

 ﴿ويعلمون أن الله هو الحق المبين في يوم القيامة يقول السيد الطباطبائي الإنسان يعلم أن الله هو الحق المبين ربما هو
غافل في الدنيا وأكثرنا غافلون في هذه الدنيا ونعيش الغفلة وإن  تلفظنا بأن الله موجود ولكن الإتصال بين
روحنا وبين قلبنا وبين الله وبين علمنا بالله ليس موجود،  وإلا لو كان العلم موجودا ، علمنا
لو كان فعليا بالله سبحانه وتعالى لما أمكن أن تصدر معصية منا ، هناك في يوم
القيامة يكون العلم حقيقي وترتفع الجهالة وترتفع الغفلة

يقول تعالى: ﴿لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد﴾ 

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين



					
									

شاهد أيضاً

تفسير سورة النور – الحلقة 17

الحلقة السابعة عشر الآية(26) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *