حسن العاقبة(1) – حديث الجمعة – (14/12/2012)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
ورد عن مولانا الإمام الهادي (ع) قال:
(من اتقى اللـه يُتَّق ، ومن أطاع اللـه يُطَع ، ومن أطاع الخالق لم يبال سخط المخلوقين ، من أمن مكر اللـه وأليم أخذه تكبر حتى يحل به قضاؤه ونافذ أمره ، ومن كان على بينة من ربه هانت عليه مصائب الدنيا ولو قرض ونشر )
مقدمة :
سنة الله في أرضه أن للأفعال آثاراً , أفعال الإنسان لها آثار، فلا يكون الإنسان سيىء العاقبة من غير سبب ولا ينال حسن العاقبة من غير سبب ، وإنما ما يفعله الإنسان ويقوم به من أفعال هو الذي يمهد ذلك .
سعادة الإنسان في هذه الحياة وتحقيق الخير في هذ ه الحياة إنما هو بأفعال الناس سواء كانت فردية أم كانت جماعية أم إجتماعية ، (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ) .
وقال تعالى : ( ذلك بأن الله لم يكن مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم .)
الله سبحانه وتعالى سميع عليم ، وهو يعلم ويسمع ، يعلم بخفايا ما يحمله الإنسان وما يبطنه الإنسان في نفسه فيعطيه بما يحمل في نيتيه , ويعطيه بما يعمله في الخارج فنية الإنسان وعمل الإنسان لهما الأثر في تحقيق حسن العاقبة وعدمها .
الحديث يقول : ( من أمن مكر الله وأليم أخذه تكبر) الذي لا يراقب نفسه ويأمن الموت ولا يلتفت أن الموت يأتي بغتة ، أن الحياة تنتهي أي لحظة ، يتكبر ويسرف ويرى نفسه فيرتكب المعاصي ويخالف حتى يحل به قضاؤه ونافذ أمره لا يلتفت الا أنه قد أخذ .
أولا : حقيقة السعادة هي الخاتمة حديثنا حول حسن العاقبة
حقيقة السعادة هي الخاتمة
يقول علي (ع) 🙁 إن حقيقة السعادة أن يختم للمرء عمله بالسعادة وإن حقيقة الشقاء أن يختم للمرء عمله بالشقاء فالنهاية هي السعادة )
السعادة ليست القسم الأول من حياة الإنسان , وإنما السعادة هي عاقبة الإنسان , لذلك ربما يعيش الشخص مثلا في بادىء حياته سعيدا ومسرورا مع الناس مع أهله متمكن , أو شخص حاكم كالطغاة الذين سقطوا كصدام وغيره مثلا يتنعم ويسيطر ويتجبر ولكنه في آخر حياته تنقلب الأمور فيكون ذليلا فينسى كل ما مضى من سعادته وكأنه لم يحدث ـ كان يأمر ، كان الكل يحسب له ألف حساب ـ ولكن هذه المدة وهذه الفترة من السيطرة والسلطة انتهت وليس لها أي أثر ولا وجود في نفسه وإنما ينظر للنهاية فنهايته سيئة يعني ليست عنده سعادة فهو يرى هذه النهاية
إذاً السعادة هي العاقبة والنهاية والعاقبة والنهاية ذكرنا لها مثال في هذه الدنيا أن يختم الإنسان في آخر عمره أن يكون سعيد لذلك لو خير الإنسان وقيل له مثلا حتى بمثال بسيط أن يجلس مثلا في غرفة وينعم فيها ويعطى ما يريد ويقال بعد ذلك يخرج ويضرب بالسوط يرفض هذه النهاية ولكنه لو قيل له العكس أنك تضرب كذا ثم تخرج وتسيطروتحصل يقبل هذه النهاية
إذا نظر الإنسان لطبيعته حتى المادي للنهاية وليس لبادىء الحياة , ماذا يختم الإنسان في حياته هو المطلوب ، لذلك نقول يجب على الإنسان أن يكون نظره أعمق وأبعد ، الدنيا كلها بداية كما أننا نقسم الدنيا لقسم أول وثاني وثالث ونقول نهاية وأخير يجب علينا أن ننظر للدنيا أن هذه الدنيا كلها هي البداية والعاقبة هي الآخرة كم للدنيا من حظ في حياة الإنسان الحقيقية هي لا تشكل لحظة ولا تشكل شيىء يذكر في القياس للآخرة ، إذا يتأمل الإنسان عليه أن يفكر ويحدد ويقرر هل هناك آخرة أو لا ليس من الصحيح أن يغفل هذا الإحتمال لو كان الشخص غير مؤمن بالآخرة عليه أن يفكر ويحدد هل توجد آخرة أو لا بحيث أنها تستحق التضحية أو التقديم من أجلها أو لا توجد ، عليه أن يقرر ويحدد فإذا رأى أن الدنيا تزول وتنتهي فليأخذ الموقف المناسب لهذه النظرة وهذه الرؤيا.
أكثر الموجودين في هذه المنطقة لم يكونوا موجودين قبل خمسين أو ستين أو سبعين سنة , ألا يجب علينا أن نفكر ونتأمل هذه العاقبة؟!
تجد العالم يسيرهكذا ، الناس يجب أن يحددون إلى أن يمضون إلى أين يذهبون ؟ هناك موت واضح ومحتم ، فهل هناك عاقبة أخرى أو لا؟
فإذا كانت هناك عاقبة أخرى فلنعلم أنها هي المكان الذي يجب أن تكون فيه السعادة الأبدية ، علينا أن ننظر إلى هذه الحقيقة , إن السعادة الحقيقية هي في الآخرة وليست في هذه الدنيا ، أيضا من الأمور المهمة أن نلتفت أنه لا تنافي بين الآخرة وبين تحصيل الدنيا الحلال
السعادة التي يريدها الإنسان والتمتع بنعيم الدنيا والتقدم وغيره ، يتوافق ولا يتعارض مع الدين , الدين لا يرفض ذلك , الدين لا يقول لك لا تتمتع ، الدين لا يقول لك لا تتعلم ، الدين لا يقول لا تتطور، بل يدعوك لكل ذلك ولكنه يعطيك ضابطة ونظام يحفظك فإن كان على مستوى العلاقات مع النساء يقول تزوجوا أيضا ما طاب لكم ويقول حب النساء من الإيمان وإن كان على مستوى الأكل يقول كلوا واشربوا ولا تسرفوا الإسراف , ضرر الإسراف عليكم ليس في الآخرة فقط بل في الدنيا كلوا بالحلال حافظوا على أنفسكم تملك المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف يجب أن تكون قويا وتملك لكنك لا تكن ضعيفا أمام المادة لا تأخذها بطريق محرم عليك أن تكون قوي في الطريق الصحيح . إذا الإسلام يدعوك لكل خير ولا تعارض بينه وبين الدنيا الحلال .
ثانيا : الإنسان هو الذي يقرر نوع عاقبته
الإنسان هو الذي يقرر نوع عاقبته ولا جبر في ذلك ليس هناك جبر ، ربما يتصور البعض بجهالة أو يفهمه البعض بجهالة ما يقرؤونه من أحاديث ، مثلا السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه ، هذا المعنى وارد كثير ولكنه عن ماذا يكشف ؟ هذا الحديث وأمثال هذا الحديث يبين أن الإنسان قرر له أن يكون كذلك لكن باختياره ليس بالجبر بمعنى آخر هذا الحديث يكشف عن علم الله سبحانه وتعالى بعاقبة الإنسان لا أنه يفرض على الإنسان هذه العاقبة ،
فالحديث لا يقول نجبر الإنسان أن يكون سيىء ولكن يقول نعلم أن هذا الإنسان سوف يختار الطريق السيىء نعلمه وهو في بطن أمه، قبل وجوده فهذا يكشف عن العلم ولكنه لا يجبر الإنسان . الإنسان باختياره عليه ان يختار .
ثالثا: من أسباب سوء العاقبة من الأمور التي تسبب سوء العاقبة
1ـ الغفلة : الغفلة تدعو الإنسان للبعد عن الله والتعلق بالدنيا لانه إذا انقطع عن الأخرة إنقطع عن التفكير بمصيره بعاقبته يرتبط بالأمور التي تحدث بين يديه ، لماذا يسمى الإنسان إنسانا؟
لأنه يأنس بالأمور القريبة ويغفل عن الأمور البعيدة ، الآخرة أمر بعيد في الواقع هو قريب لكنه يراه بعيد فيغفل ولا يلتفت لذلك يتعلق هنا بهذه اللذة الزائلة أو بهذه المعصية وغيرها ويغفل، فإذا تعلق وغفل عما يراد به أو ما ينتهي إليه أمره صار سبب من أسباب سوء العاقبة .
2ـ التساهل في الزلات : ربما يقول البعض هذه زلة بسيطة ، معصية بسيطة .
معصية تجره إلى معصية ربما مثلا نظرة محرمة أو شيىء بسيط أو أكل شبهة لايطمئن إليه لكنه يقول الأمر بسيط ونقول له لكن أثره عظيم ، إذا انطبعت الصورة المحرمة في قلب الإنسان ماذا تعني؟
تعني تكون علم باطني،علماء النفس يقولون الضمير هو مع مجموعة ما يحصله الإنسان من معلومات ، يقولون الإنسان إ في صغره يتلقى المعلومات وتبقى هذه المعلومات في ذاكرته , يتلقى أن هذا الأمر قبيح وهذا الأمر جميل وهذا جيد وهذا غير جيد وهذه الأمور تنطبع في النفس وما يتعرض له في حياته بعد ذلك يقيسه إلى هذه المعلومات التي في نفسه فإن كانت يراها حسنة يقبلها ، إن كانت سيئة يرفضها ، هنا إذا الإنسان ارتكب بعض الزلات وبعض المخالفات وانطبعت صورها في قلبه صار قلبه مهيأ لتلقي وتقبل المخالفات والمعاصي إلى أن يأتي غيرها وغيرها ومن حام حول الحمى اوشك أن يقع فيه ، فيقع بما هو أكبر , لذلك لا يتساهل بالزلات عليه أن يلتفت ولا يتساهل مع المعاصي التي يراها قليلة أو صغيرة .
رابعا: من أسباب حسن العاقبة
1ـ نية الخير : هذه من الأمور المهمة أن يكون الإنسان دائما في نفسه يستحضر نية الخير وحب الخير للناس ، نية الخير للناس سواء كانوا صالحين أوغير صالحين بل يجب عليه أن لا يرى نفسه أصلح من غيره
يقول الإمام الراحل (رض) : عندما تريد أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وترى شخصا يرتكب المنكر وأنت لا ترتكبه
يقول لا تجعل في نفسك أنك أفضل منه فربما هو عند الله أفضل إذ ربما عنده صفة محبوبة عند الله تعالى وهذه الصفة ليست موجودة عندك فيكون هو عند الله أفضل , فعليك أن تحمل في نفسه الخير وحب الخير للجميع .
2ـ الوفاء والإيثار والتضحية
أن يكون عنده استعداد يوطن نفسه على الإيثار وتقديم الآخرين، شخص معوز محتاج وأنت تستطيع أن تقدم بادر وقدم الخير للآخرين .
3ـ العفو والتجاوز
هذه من الصفات المهمة العفو والتجاوز ، تكون مهمة إذا كنت في مورد أو موضع اعتدي عليك ، إرتكب شخص خطأ في حقك ، أساء إليك ، هنا تعفو، تتجاوز تبعد الأثر من نفسك ، لا تحمل عليه ضغينة في نفسك ، لا تتحدث عنه إذا عملت
خامسا : أحاديث تبين صفات من ينال حسن العاقبة.
الحديث الأول: عن الامام الصادق (ع) قال: (ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله يوم القيامة حتى يفرغ الناس من الحساب رجل لم تدعه قدرته في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يديه ، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل على أحدهما بشعيرة ، ورجل قال الحق فيما له وعليه)
هذا كما يقول السيد الخامنائي أصعب المحطات ، أصعب
المواقف ، أصعب الأمور يوم القيامة هو عند الحساب عند
الحساب , وهذه الأوصاف إذا توفرت في شخص كان أقرب إلى
الله تعالى ، كان أقرب الخلق إلى الله يوم القيامة ،
1ـ رجل لم يظلم من هو دونه في حال غضبه عليه
أنت مسيطر سواء كنت في البيت مع الأولاد , أو مع الزوجة ,
أو مدرس في مؤسسة أو في أي مورد آخر شخص يقع تحت
يديك وأساء إليك إذا لم تظلمه ، وأنت تستطيع أن تنتقم منه ,
ولكنك في هذه الحال لم تنتقم ولم تظلمه ولم تسىء إليه , تكن
بتحقيق هذه الصفة في نفسك أقرب الناس إلى الله يوم القيامة .
إذاً هذا الأمر يهيىء ويجعلك تحصل على حسن العاقبة , تضمن
أنك تكون أقرب إلى الله يوم القيامة .
2ـ الرجل المصلح بين اثنين لا يميل لطرف على طرف
رجل أصلح بين إثنين ، شخصان يختلفان فوسطاك بينهما ،
تأتي لتصلح بين الإثنين لا تميل لهذا , لا تتحدث بما يرضي هذا
وإنما تعمل بالحق ، فلا تميل لأحد تكن عند الله أقرب .
3ـ الشخص الذي يقول الحق دائما له أو عليه
لا أنه إذا كان الأمر متعلق بغيره يتكلم بالكلام الصحيح
وبالحق والإنصاف , ولكن بمجرد أن يأتي الكلام عنه يبرر
ويبحث عن مخرج هنا وهنا ، يقول الحق له أو عليه ، يكون
أقرب إلى الله تعالى .
الحديث الثاني: قال سول الله (ص) :(غفر الله عز وجل لرجل كان من قبلكم كان سهلا إذا باع ، سهلا إذا اشترى ، سهلا إذا قضى ، سهلا إذا قضي )
هذا الحديث أيضا يبين ، الأمر الآخر أو يصب في هذا المجال ، النتيجة الأحاديث هذه كلها تتحدث عن حسن المعاملة مع الناس :
1ـ رجل سهل إذا باع ,عنده بيع للناس إذا أراد أن يبيع الآخرين لا يعقد الأمور ، سهل في بيعه , لا يصف و يمدح سلعته ويصر على إجحاف الأخرين حتى لو كانوا بحاجة .
2ـ سهل إذا اشترى , عندما يشتري هو أيضا مثلا بعض الناس إذا جاء يشتري بضاعة لا يترك عيبا إلا يضعه فيها حتى يقل سعرها ، هذا الأمر مكروه شرعا ومرفوض .
3ـ سهل إذا قضى , السهولة أيضا عنده إذا قضى بين الناس ، لو كان في مورد يقضي بين الناس , سواء كان قاضيا رسميا أو كان في مورد خاص ولو في البيت بين الأولاد ، يحكم بينهم هذا صح وهذا خطأ يكون سهل سهل ماذا يعني ؟
يعني أنه لو كان مخير بين أمرين أحدهما فيه مشقة والآخر فيه سهولة وكلاهما صحيح ، يختار الأسهل حتى لو كان قاضيا والقانون عنده فيه سعة بين الأسهل وبين الأصعب ، لا يدقق ويختار الاسهل .
4ـ سهل إذا قضي في حقه
إذا كان القاضي يحكم في حقه بأمر شرعي له أو عليه , وقيل له مثلا أنت عليك كذا وكذا سهل يسلم و يقبل بحكم الله سبحانه وتعالى ، هذا الشخص يقول عنه النبي (ص) غفر الله عز وجل له.
الحديث الثالث: عن أبي عبد الله الحسين(ع) ( ثلاثة يدخلهم الله الجنة بغير حساب وثلاثة يدخلهم الله تعالى النار بغير حساب ، فأما الذين يدخلهم الله الجنة بغير حساب فإمام عادل وتاجر صدوق وشيخ أفنى عمره في طاعة الله عز وجل وأما الثلاثة الذين يدخلهم الله النار بغير حساب فإمام جائر وتاجر كذوب وشيخ زان )
أولا:في هذا الحديث,ثلاثة طوائف تدخل الجنة بغير حساب :
1ـ الإمام العادل هنا بمعنى الحاكم السيد الخامنائي يقول بما معناه الحاكم ، الحاكم سواء كان سلطانا يحكم البلاد بأكملها أو كان يحكم في مؤسسة ، الذي يحكم هو الإمام فإن كان عادلا دخل الجنة بغير حساب سواء كان بالمستوى الكبير أو بالمستوى القليل في سعة حكمه ودائرة حكمه .
2ـ التاجرالصدوق , لما له من تأثير في حياة الناس واستقرارهم إذا كان صدوقا لا يغش , عمله صالح ، يسهل أمور الناس يدخل الجنة أيضا بغير حساب .
3 ـ الشيخ العابد , وهو الرجل المسن رجل كبير ولكن أفنى عمره في طاعة الله ، أيضا يدخل الجنة بغير حساب .
ثانيا: وثلاث طوائف أخرى تدخل النار بغير حساب :
1ـ الإمام الجائر يدخل النار بغير حساب هذا الإمام سواء كان يحكم البلد أو كان أقل , سعة الحكم عنده كثيرة وكبيرة أم قليلة , يدخل النار بغير حساب لا قيمة لعمله ، لا قيمة لعبادته ، لا قيمة لصدقة يتصدق بها وغيرها من الأعمال , كل ما يعمل ليست له قيمة ما دام جائر ،
2ـ التاجر الكذوب لأنه يسبب الخلل في معيشة الناس أيضا يدخل النار بغير حساب ، مباشرة إلى النار ،
3ـ الشيخ الزاني , الرجل المسن الذي يتبع الشهوات فيبتلى بالزنا ، إذا لم يتب وصارشيخا كبيرا ولكنه مواصل في المعاصي والزنا والإنحراف فهو يدخل إلى النار بغير حساب .
إذاً من هذه الأحاديث يتبين التركيز على أمر مهم وهو المعاملة ، المعاملة وإصلاح الإنسان في الجانب العملي مقدم على إصلاحه في الجانب العبادي ، العبادة وإن كانت جيدة ومهمة , ولكن من هذه الأحاديث تبين أن الذي يقدم ويكون أقرب الخلق إلى الله هو الذي يكون في جانبه العملي متزن يعمل بما يرضي الله ، بعيدا عما يسخط الله سبحانه وتعالى في معاملة الناس.
موضوع البلد:
دعوة الحوار
توجد دعوة للحوار وتوجد مداهمات للبيوت الآمنة واعتداءات على النساء والأطفال ، هذه الدعوة ماذا تكشف ؟
هل هي صادقة أم لا ؟
هذه الدعوة نتمنى أن تكون صادقة ونرجو أن تكون صادقة ولكن الواقع يفسر الخلاف العكس ، المداهمات للبيوت والإختطافات والإعتداءات تبين أن الأمر على العكس إنها ليست دعوة حقيقية ربما تكون فقط للإعلام وربما تكون ناظرة لهذه الفترة للعيد الوطني ، الإحتفال بالعيد الوطني ولكننا نتمنى أن تكون الحكومة صادقة في الدعوة للحوار ، أن يكون النظام صادقا في ذلك ويبرهن على صدقه بالعمل وليس بالألفاظ فقط ، المقدمات يجب أن يكون لها واقع ملموس على الأرض وإلا فهذه دعوة فارغة كاذبة ليست لها قيمة .
رفع الحظر عن المسيرات المطالبة بالحقوق ، سمعنا رفع الحظر عن المسيرات , يسمح للمسيرات السلمية والتعبير عن الرأي , بالأمس كانت المسيرات تعيق واليوم صارت لا تعيق ، رفع الحظر عن المسيرات المطالبة بالحقوق نراه مع قمع وإصابات متعددة وإغراق المناطق بالغازات السامة ، هذا ما رأيناه البارحة وبالأمس وقبله وهو مستمر ، إصابات كثيرة وإغراق المناطق بالغازات وضرب كل من يحتج فأي رفع للحظر؟
هذا الرفع للحظر هل هو للعمل ليخرج الناس يتظاهروا ويطالبوا أم أنه للخارج فقط ليقال للخارج رفعنا الحظر وسمحنا وتوجد ديمقراطية وحرية ، يتبين أنه للخارج ليس للعمل رفع الحظر وبنفس الوقت القوات منتشرة في كل مكان ومن يطالب أو من يعتصم أو يتظاهر يقمع فهذه دعوة أو طرح غير صادق في هذا المجال..
قالوا استمرار الإصلاح ولا زالوا مستمرين في الإصلاح وهدم المساجد ، نصلح ونهدم المساجد ، كيف تتركب الأمور؟
يدل على أنه لا توجد نية إصلاح حقيقية وإنما هذه الحكومة صعبة غاية في الصعوبة وكلما استطاعت أن تلتف على المطالب وأن تفبرك وأن تضلل الخارج لن تتوانى ولن تتوقف عن ذلك سوف تعمل كل ما تستطيع من أجل التضليل وهنا ننتقل إلى ملاحظة أخرى وهي الاخيرة ،
الحكومة وما نراه من المتنفذين والمرتزقة ليس عندهم شيىء محترم ولا عهد ولا شيىء مقدس وإنما يسعون فقط لتضليل الرأي العالمي الخارجي , وقمع للشعب داخليا ، وإذا استطاعوا أن يقمعوا الناس في مطالبهم من غير أن يصل الصوت للخارج لن يتوقفوا وسوف يعملون ذلك .
ملاحظة مهمة:
ولكن عندهم سلاح قوي وهو سلاح الفتنة وهذا اقوى شيىء وهذا ما تعول عليه جميع الأنظمة في العالم ، الأنظمة الفاسدة والمستعمره في الخارج تعول في حفظ مصالحها في هذا البلد في هذه المنطقة على الفتنة فتنة بين الشيعي والسني لم تفلح ولله الحمد ، زرعوا الفتنة في مناطق أخرى باسم اللون وباسم الجنس والعنصر وما شاء الله فلحوا في بعضها وفي بعضها لم يفلحوا , هنا الفتنة في البحرين الآن التوجه الفتنة التي يجب أن نلتفت اليها هي الفتنة بين المطالبين هذا الشعب الذي يطالب بحقوقه وهو الشعب المظلوم بمختلف شرائحه وأطيافه ، جميع المؤسسات السياسية والمطالبين من غير مؤسسات سياسية إذا لم يكونوا موحدين وإذا صرنا مثلا نتوجه لبعضنا البعض ونشتم بعضنا البعض ونسينا من هو العدو ،، العدو هو المنتهك للحقوق ، العدو هو المرتزق هو الذي يسلب حقوق الناس ، ليس العدو الشيخ فلان أو المؤسسة الفلانية ، إذا صرنا من غير وعي ولسنا بقدر المسؤولية بحيث نشخص من هو الطرف الذي نحارب وصار التوجه أن فلان عميل وفلان مثلا لا يريد الحل ، إذا صرنا نتهم بعضنا البعض تمكنت السلطة وتمكن النظام أن يجري ويمشي في سياسته وقمعه وتنتهي المطالبة كلها ، لذلك ما أو صي به في هذا المجال والعلماء يوصون به التوحد , أن نعرف عدونا وأن نعرف مطالبنا ولا نحارب بعضنا البعض في ذلك ننتصر وبغيرها تتحقق الفتنة التي يريدونها ونخسر .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.