حديث الجمعة 2.9.2011 م – عزة المؤمنين
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
قال تعال: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون)
العزة والكرامة لا الذل والهوان:
هذا هو شعار الإسلام أن يعيش المسلم بكرامته أو يموت بكرامته عزيزا, كما أعزه الله وأراد له الشرف والكرامة والفضيلة. وبئس العبد الذليل الخانع الذي يفضل الذل على الموت , وفي الموت حياة , وفي حياة الذل ألف موت.
طلب العزة من المستعمر والتحرر باستعمار جديد:
توهم بعض الناس في أوائل دخول الإستكبار العالمي , أن ينتصروا بولائهم للأجنبي , للمستعمر ,ليتخلصوا مما يعانونه من ظلم ذوي القربى, وأبدى المستكبر رفقه بالشعوب ,من حكم العثمانيين , وإستمر في تقديم المساعدات , حتى تستقل الدول المنتمية للدولة الإسلامية (العثمانية ) , ولم يكن ذلك إلا تشجيعا على التمرد والإنفصال , وبذلك إستقلت بعض الدول , لتكون هي أول فريسة في قبضة الإستعمار , ولم يكن لأحد الحق في الدفاع عنها , وقعت تحت نير استعمار جديد , استعمار ظالم ومستكبر لا يرحم , وهذا هو شأن من يتخذ عدوه وليا له.
أولا: العزة ليست قضية شخصية , لماذا ؟
لم يقبل الإسلام لمسلم أن يقول أنا حر في إختيار كرامتي , وفي التنازل عنها , فأنت عندما تقول أنا مسلم , فكأنك قلت أنا عزيز, وليس لك التخلي عن الكرامة والعزة وذلك:
1ـ لأن العزة منطق الفطرة :
العزة منطلق الفطرة والإسلام دين الفطرة ولا يقبل الإسلام لمسلم أن يتخلى عن إسلامه , وببداهة الإدراك نجد أن الذل قبيح ممجوج لا يرتضيه عاقل .
2ـ القرآن والعزة ( ولله العزة ولرسوله ..)
القرآن يأمرنا بالعزة وينهانا عن الذل والهوان , فالعزة لله , والعزة للرسول , والعزة للمؤمنين , وحري بالمسلم أن يحفظ هذا الوسام وهذا الشرف لنفسه وأن لا يحيد عن العزة والكرامة ولا يقبل عنها بديلا أبدا .
3ـ الحديث: الإمام الصدق(ع) (إن الله فوض الى المؤمن أموره كلها ولم يفوض إليه أن يذل نفسه , إن المؤمن أعز من الجبل إن الجبل يستفل منه بالمعاول , والمؤمن لا يستفل من دينه شيء)
وهذا أمامنا الصادق (ع) يبين لنا أنه لا إختيار في أمر العزة والكرامة , فلو أن الجبال تزول , لا تزول ولا تتزلزل كرامة المؤمن وعزته.
فالعزة من خصائص المؤمنين , كما هي من خصائص النبي , كما هي لله سبحانه وتعالى.
ثانيا: لمذا هذا الإصرار على العزة؟
ربما يتسائل البعض لمذا هذا القدر من الإصرار على العزة والكرامة ؟ لماذا لا يقبل المسلم إلا أن يعيش مكرما ويرفض كل ما هو دون كرامته؟
الجواب:
1ـ لأن الخضوع والذل له أثره على روح الإنسان وإيمانه وأفكاره , وأي إيمان يبقى مع فقد الثقة بالله ؟ وأي إيمان يبقى مع النظر للضعفاء وكأنهم يملكون مصير العباد؟
فأول أثر للخضوع لغير الله سلب الإيمان من قلب المؤمن , وبه لا يبقى معنى للتوكل على الله.
من يعيش حالة الذل يعني انه لا يملك إيمانا حقيقيا بالله
لايمكن ان يكون له الإايمان الحقيقي بأن الله سبحانه وتعالى هو مالك الملك , وهو المتصرف بالوجود , وانه الوحيد الذي يجب أن يخضع له الخضوع التام بالإستقلال ومع ذلك
تجده ذليلا لغير الله سبحانه وتعالى , من يكون كذلك لا بد أن يتأثر إيمانه , وتتأثرافكاره الدينية وقيدته بالله , يكون فيها خلل مادام قابلا بالخضوع لغير الله .
2ـ أن الرضا بالذل لفرد من المجتمع هو إطلاق الذل للمجتع كله.
ان الرضى بالذل لفرد من المجتمع هو رضا بالذل لجميع افراد المجتمع ,فالانسان جزء من المجتمع , وكل فرد من المجتمع يشكل جزءا من هذا المجتمع
فان كان يقبل أن يكون ذليلا في المجتمع فقد قبل بالذل لجزء من المجتمع وجزء صغير ذليل ثم جزء وهكذا يتلاشى المجتمع الكبير بذل يصغره ويضعفه.
ومع ذلك يزداد الى ان يكون المجتمع كله ذليلا وهذا ليس هو المجتمع الإسلامي الذي يريده الله سبحانه وتعالى
الله يريد العزة والكرامة للناس انما جاء بالدين وبعث سيد المرسلين من اجل اصلاح وضع الانسان واعطاء الانسان كرامته وحقيقته فليس له ان يكون ذليلا
النتيجة ان المؤمن ليس مخيرا في ان يكون ذليلا يجب عليه ان يكون عزيزا
ومن يجد في نفسه انه ذليل ,انه يذل للمستكبرين والمتسلطين فليعلم ان في ايمانه خلل ,ان فيه خلل في أمر التوكل على الله , ولذا لا يكون ولا يجتمع الايمان الحقيقي بالله والذل والخضوع لغير الله سبحانه وتعالى .
ـــ وقفة توضيحية فقط
طبعا هذا الخضوع لغير الله يختلف عن تعظيم الاولياء
ان الخضوع او التعظيم لاولياء الله انما هو تعظيم لله لانه في طول تعظيم الله , عندما نقدس النبي صلى الله عليه واله إنما ذلك لأن الله أمر به ودعا إليه.
ونقدس المعصومين لانهم يمثلون الله سبحانه وتعالى ـــ
اما الخضوع لغير الله الذي هو بعد وإنكار لله سبحانه وتعالى كما قدمنا , ومثاله الخضوع للمستكبرين للمستعمرين
ثالثا الضعف هل هو مبرر للمسلم ليقبل بالتبعية والخضوع لهذه القوة او تلك؟
المجتمعات الاسلامية نجد فيها شيئا من الضعف
نجد فيها مثلا عدم تقدم في التكنولوجيا او في كثير من الامور, فهل من الصحيح ان تخضع وتذل امام من لديه هذه الامور المتقدمة فتكون ذليلة تبعا لهم ؟
الجواب :
أولا: تخيل حصول العزة بالتبعية وهم , لانه من يتصور بتبعيته يكون عزيزا , اذا تبع الغرب إذا تبع الغربين والكافرين المستعمرين الظالمين ,يتصور أن يكون قويا وعزيزا ولكن الواقع غير ذلك بل عكس ذلك التصور الخاطيئ.
انما ذلك وهم , فهو كلما ارتبط بهم كلما ازداد ذلا واحتقارا منهم يحتقرونه , ويرى نفسه صغيرا , ويستفيدون منه ولا يحصل على شيئ من العزة ابدا .
يقول الله سبحانه وتعالى ” الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنينأيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا “
العزة لاتكون لغير الله الذي يريد العزة والكرامة من المخلوقين البعيدين عن الله سبحانه و تعالى يجني من الذل والهوان .
ثانيا : مايملكه المستكبر
لا شيء للمستكبر من دون الله
كل شيئ في يد المستكبر إنما هو من الله سبحانه وتعالى وهو مسيطر عليه , الله هو القوي المطلق وكل قوة في الارض ذليلة امام قوته سبحانه وتعالى
فالذي يريد القوة فليطلب القوة والعزة والكرامة من مصدرها , ومن القوة الحقيقية وهو الله سبحانه وتعالى
ثالثا : التبعية في واقعها هي سلب العزة وجعل الانسان يعيش الشعور بالذل , هذا الانسان يعيش الشعور الذل
لا انه يعيش الكرامة والعزة
التبعية للمستكبرين للظالمين
من الذي عرفتموه في هذه الدنيا كلها , وعلى مدى التأريخ ارتبط بظالم بحكومة ظالمة وصارعزيزا ؟ انما هو ذليل يزرع ذلا ويجني حصاده من الذل , الذي يتسكع على ابواب الحكام والملوك والسلاطين تجده ذليلا حقيرا يبصق الظالم في وجهه وهو يقول سمعا وطاعة ووو
أما الشخص الذي يكون مرتبط بالله حتى لو نام في العراء , حتى لو نام على الرصيف
يعيش بينه وبين نفسه كرامة افضل من ذلك الذي يتسكع على ابواب الحكام
رابعا : المستكبر يختلف في مصالحه مع الاسلام والمسلمين و المؤمنين
انت تحمل ايها المسلم عقيده خاصة وهي الاسلام
وترى أن الدين هو الحق وهو الذي يجب ان يكون ويتبع
وارتباطك بالغربي او بالمستكبر لن يصب في هذا المصب
وانما المستكبر الكافر الظالم يسعى بكل جهده ان يمحو هذه العقيدة , ان يحارب عقيدتك وكل ماتتمناه
هو يجعلك طريقا للوصول إلى مآربه واهوائه ومصالحه الذاتية , لا انه يسعى من اجلك ومن اجل سواد عينك
اذا ليس هناك اتفاق بين التبعية للمستكبر وبين مصالح المجتمع الإسلامي .
لاتتوقع ان يكون المستعمر المستكبر الظالم في العالم هو الذي يقدم النصيحة , صادقا من اجلنا, وانما يقدم مافيه مصلحته هو وان عمل بعض الامور فهي للمحافظة على مصالحه هو في المنطقة في البلد وليس من اجل الناس فيها.
ماهي حقيقة إذلال بالنفس ؟
عندما نتحدث عن الإذلال ـ الذي هو مرفوض شرعا ـ
, ماهو الطريق لهذا الاذلال ؟
الجواب:
الطريق لهذا الاذلال هو نفس الانسان , فهي اساس عزة الانسان وهي اساس ذله وهوانه.
اذا كان الانسان يروض نفسه , وبعقله يديرغرائزه , وبعقله يحكم أهوائه يعيش عزيزا مكرما .
واذا كان يخضع لنزواته ورغباته المادية وغرائزه , فهو الذليل حقا.
عندما يريد الظالمون دخول منطقة يشترون بعض من في المجتمع فيبحثون عن اي شخص له ميول مادية , يريد اموالا , ويقدم الدرهم والدينار , على دينه وقومه واهله وعشيره ,يعطونه , الفتات فيخضع لهم ويشترونه
شخص يطلب الانحرافات الجنسية يبعثون لهم من يقدم له في هذا الطريق شيئا ما , الى ان يبيع كل شي فيخضع لهم ، فنفس الانسان وغرائزه هي الطريق لكل ذل اما من سيطر الانسان على نفسه وروض نفسه وحفظ نفسه ,عاش عيشة حقيقية عزيزا عند الله سبحانه وتعالى ، يقول الامام الباقر سلام الله عليه “بئس العبد عبد له طمع يقوده “
انه من جعل الاطماع او رغبات تقوده , تجد نفسه تسيره ,أهواؤه وغرائزه ورغباته تسيره يمينا ويسارا
يقول الامام بئس هذا العبد , ليست له قيمة , {وبئس العبد عبد له رغبة تذله} له رغبة تذله يطلب شيئ ولكنه يحتاج للوصول الى هذا الشي ان يذل نفسه ويحط من كرامته, ويحتقر نفسه , هذا ليس انسانا من تسيطر عليه نفسه يكون عبدا وطريقا لاستعباد المجتمع بدخول المستكبرين واستعمار واستعباد المجتمع كافة , لذلك الذل حرام على الانسان ,حرام على الانسان المؤمن العاقل , فطرته ترفض الذل , دينه يرفض الذل , عليه ان يكون عزيزا .
وأوضح قول قول الامام الحسين واصدق تعبير قاله الحسين (ع) :{ الا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة ــ يعني اما ان السيوف تقتلني او أن أعيش ماديا مرفها , لكن أعيش ذليلا عبدا في أيديهم ــ وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت من ان نؤثر طاعة اللئلام على مصارع الكرام }
يعني الموت هينُ ونعيش اعزاء , نعيش بكرامة , لا نقبل بالذلة أبدا , وهذا هو منهج الاسلام الأصيل , منهج أهل البيت سلام الله عليهم اجمعين ..
اخيرا بالنسبة لماحدث واستشهاد الشهيد علي جواد الشيخ وهو لازال في الرابعة عشر من عمره
في يوم العيد وكان في المقبرة في زيارة قبور الشهداء فهاجمتهم القوات الحكومية واطلقت عليهم مما ادى الى استشهاده ، وهو ثامن شهيد من منطقة سترة وثاني طفل يقتل في الشارع , وهذا تطور خطير خصوصا انه جاء بعد خطاب الملك , بعد هذا الخطاب الذي تحدث عن اصلاح , اين هو الاصلاح ؟
الذي تحدث عن محاسبة من اساء من تجاوز اين محاسبة من تجاوز ؟
ماهو موقع الخطاب من هذا القتل المتعمد ؟
اين انصاف المتضررين ؟
فهذا اعتداء واعتداء ويستمر الاعتداء على الجميع ويقتل ويضرب من مسافة قريبة وهذا لا يمكن ان يقال انه ضرب خطأ قتل خطأ وانما هو تعمد القتل .
نطالب بتحقيق مستقل في هذه القضية , لا التحقيق الذي يترأسه القاتل و يتزعمه القاتل , ويبحث عن من حمل الشهيد وجاء به للمستشفى ليعتقله وينفي الدليل ,هنا نطالب ان يكون هناك تحقيق مستقل في هذه القضية وغيرها من قضايا الظلم والإنتهاكات , وان ينصف كل شخص تضرر او اصيب, وأن يحاسب القتلة
وأخيرا ايضا نطالب المنظمات الحقوقية ان تتحمل مسؤليتها في هذا الصدد ,الآن وجود تعتيم اعلامي عالمي عن احداث البحرين والانتهاكات في البحرين ممنهجة وفي كل المناطق ومستمرة ولا تتوقف المنظمات الحقوقية العالمية يجب ان تحمل مسؤليتها وان يكون لها عمل مؤثر , عمل جدي متحرك له اثر ووجود يلتمس ، وأن تضغط على الحكومات التي تبيع الاسلحة وتبيع الغازات السامة وغيرها لقمع هذا الشعب الاعزل ,
على المنظمات الحقوقية ان تتحمل مسؤؤليتها
والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانياء والمرسلين.