في ضيافة الله ،
4/2/2019
عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال ان رسول الله صل الله عليه واله خطب بنا ذات يوم ٍ فقال أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة و الرحمة و المغفرة شهر ٌ هو عند الله افضل الشهور و أيامه أفضل الايام و لياليه افضل الليالي و ساعاته افضل الساعات هو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله و جعلتم فيه من اهل كرامة الله ،
حديثنا حول ضيافة الله و هي التهئية لشهر رمضان و هذه التهئية يجب ان تكون وتبتدئ من شهر رجب و من شهر شعبان في شهر شعبان نتهيئ بدعوة الرسول صل الله عليه واله لضيافة الله ،
ضيافة الله في شهر رمضان الذي كل فعل ٍ فيه يكون مضاعفا ً و العناية من الله سبحانه و تعالى تكون مضاعفة و طرد الشيطان فيه ، و ليس كل إنسان ٍ يوفق لضيافة الله و إن كان صائما ً ربما يكون الشخص صائما ً و لكنه ليس ضيفا ً على الله ،
اولا ً : أهمية حضور ضيافة الله ،
من لا يحضى بضيافة الله فلا يوفق للغفران ِ ورضوان الله سبحانه و تعالى شهر رمضان هو شهر البناء و شهر الإنطلاقة الروحية مع الله سبحانه و تعالى و ضيافة الله هي الضيافة التي تنقي الروح التي تحي الإنسان ، ضيافة تنقي الروح و الفطرة و تعيد الإنسان لفطرته إنها دعوة الله و دعوة رسوله صل الله عليه واله لضيافته التي تحي الإنسان حياة حقيقية كما قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ فدعوة الرسول و دعوة الله سبحانه و تعالى هي لحياة الإنسان و جعله حيا ً حقيقيا ً بروحه و قلبه و فطرته .
ثانيا ً : موانع حضور ضيافة الله ،
هنام موانع تمنع الإنسان ان يكون ضيفا ً على الله سبحانه و تعالى كما قدمنا ولو كان هو صائما ً إلا انه لا يحضى بهذه الضيافة و لا تناله هذه العناية الربانية التي بينها النبي صل الله عليه و اله في خطبته ،
من هذه الموانع ،
- المعاصي و الذنوب فلا أحضر لهذه الضيافة خجلا ً من ذنوبي فيبتعد بعض الناس لانه مذنب فيترك تماما ً ضيافة الله و التقرب الى الله ، او انه يصيبه اليأس و يخاف المطالبة و يخشى من نظرة عدم الرضا من الله سبحانه و تعالى فيقول لا استطيع ان احضر مجالس ضيافة الله سبحانه و تعالى لانني اعصي و اخشى من نظرة الله إلي َّ ، كم من المعاصي قد إرتكب و كم من الحقوق قد تجاوز تجعله غير مؤهل للحضور لضيافة الله سبحانه و تعالى .
- عدم الإنسجام فلا حب متبادل بين هذا الإنسان وبين الله سبحانه و تعالى إذا كان لاهيا ً و كان منهمكا ً على المعاصي و على الدنيا لايشغله شيء ٌ إلا تحصيل الدنيا بحلالها او حرامها فإنه لا إنسجام بينه و بين الله سبحانه و تعالى فلا يكون محبوبا ً عند الله و لا يكون الله محبوبا ً عنده وإن دعاه للضيافة و إن حضر في الضيافة لن يكون هناك توافق و إنسجام حتى يكون ضيفا ً مرحبا عند الله سبحانه و تعالى .
- عدم حمل ما يناسب الضيافة من صفات و لباس و غيره يجعله ذليلا ممتهنا ً بين الحضور إذا كان لباسه كله قذارة و نجاسة فلا يناسب محل الطهارة ، ضيافة الله هي ضيافة لمن يحمل الصفاء و المحبة ، الله سبحانه و تعالى إنما يعتبرك ضيفا ً إن كنت تحمل الصفاء و المحبة تحمل العفو و تحمل التجاوز الذي هو من صفات الله ليكون الإنسجام و السنخية بينك و بين صفاتك و بين صفات الله سبحانه و تعالى .
- الإنشغال بأمور و مصالح ارجحها على الضيافة ، شخص ٌ ينشغل عن ضيافة الله و عن الموسم العظيم الذي هو شهر الله ينشغل بأمور ٍ الدنيا و بمصالح ثانوية و رخيصة و دونية و ليست لها قيمة إنشغاله يجعله يرى ان ضيافة الله ليس لها أهمية كما هي الأمور الاخرى ، إذا ً لا يكون مهتما ً بالضيافة فإذا صار ضيفا ً و وجد ضيفا ً و صار في شهر رمضان هو لن يقبل على الله و لن ينقطع لله بروحه التي هي الوصل و ليس الجسد ، فروحه منشغله بأمور الدنيا بما يراه في حقيقته و في نفسه اهم و الله سبحانه و تعالى لن يقبل عليه ولن يتوجه إليه أيضا ً لأنه يحتاج إلى سنخية و يحتاج إلى توافق و يحتاج إلى إقبال من الطرفين المُضيف و الضيف ان يكون هناك تبادل في التوجه يتوجه لمُضيِفِهِ و مُضيفَهُ يُقبل عليه أما إذا كان هو منشغل ٌ في شيء فإن الله سبحانه و تعالى لن يتوجه إليه و إنما ينظر الله لمن ينقطع إليه و يتوجه إليه ، لا إلى حاضر في مجلس الله وهو لاهي عن الله سبحانه و تعالى منشل بأمور ٍ تافهة ٍ و دنيوية ٍ دونية .
ثالثا ً: حضور الجسد و خسران الضيافة ،
كما قلنا ربما يحضر الإنسان محل الضيافة لكنه يفقد آداب الضيافة فلا يكون محلا ً للإهتمام و تحصيل الفيوضات فليست الضيافة لانه اقبل الشهر بالزمان و ليست الضيافة لانه صام فقط و إنما الضيافة الحقيقية ان ينقطع لله فيحصل الفيوضات و اهمها ان يكون تائبا ً لله سبحانه و تعالى قال النبي صل الله عليه و اله الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم ، شقيا ً حتى لو كان صائما ً لانه لم يوفق لمغفرة الله سبحانه و تعالى .
رابعا ً : تصورات ٌ سلبية ٌ لشهر رمضان ،
كثير ٌ من الناس يفرحون بشهر رمضان و لكن فرحهم ليس بوجهته الصحيحة و بعضهم بفرح به من جهته الصحيحة كما نسمع عن بعض الآباء كان إذا إنتهى شهر رمضان يبكون لأنهم فقدوا شهر رمضان يقولون فاتنا شهر رمضان مع انهم صاموا وقاموا ليل شهر رمضان بالعبادة و الإحياء و بالآداب ،
أما بعض الناس فيفرح بشهر رمضان و لكن بتصور ٍ خاطئ ،
- يرى أنه شهر المسابقات الرياضية و المسلسلات و السهرات الترفيهية شهر ٌجميل لأن فيه هذه الأمور و هذا نظر ٌ سيء قاصر محارب لاهداف شهر رمضان .
- بعض ٌ يرى ان شهر رمضان شهر للسهرات اللهوية و المدمرة و المنحرفة المدمرة للقيم و التي لا تعود على أصحابها بغير الخزي و العار .
- البعض يرى شهر رمضان شهر ٌ للتفنن في الأكل و الطبخات و السهرات المتخمة بلذائذ الأكل و الطعام ، فهم خاطئ يفرغ الشهر الكريم من محتواه و من هدفه الحقيقي ليقلبه إلى عكس أهدافه .
خامسا ً : الفهم الصحيح لضيافة الله سبحانه و تعالى ،
لابد ان يكون الفهم صحيحا ً لشهر رمضان لينطلق الشخص في شهر رمضان بفهمه الصحيح ،
- ان يكون الشهر موسما ً لتقوية الإرادة أمام كل المغريات ، ان يجعل الصائم في نفسه ان هذا هدف ٌ أساس يتحرك من اجله كما يقول الإمام إذا لم تتمكنوا من إصلاح نفوسكم و تهذيبها و مراقبة النفس الأمارة و التحكم فيها و إذا لم تتمكنوا من سحق الأهواء النفسية و قطع علائقكم المادية بالدنيا فمن الصعب ان تقدروا على ذلك بعد إنتهاء شهر الصيام ، هذا الشهر هو الموسم لان يقوا الإنسان فيه و يقوي إرادته و يبني نفسه من خلال هذا الموسم .
- ان يكون الشهر موسما ُ معرفيا ً إيمانيا ً فيه نشاط معرفي و إيماني ينجذب فيه الناس إلى الدين يقول الإمام إذا لم تتحقق معرفتكم او لم يُضف إليها شيء فإعلموا انكم لم تلبوا دعوة الله كما ينبغي و لم تأدوا حق الضيافة ، لم تحقق ضيافة الله إن لم يكن هذا الموسم موسم للإنطلاق و للمعرفة الصحيحة .
- ان يكون الشخص صائما ً حقيقيا ً فكم من صائم ٍ ليس له من صومه إلا الجوع و العطش ، ان يكون الصوم صحيحا ً حقيقيا ً فيصوم و تصوم جوارحه لا انه يجوع فقط فقد وردت أحاديث كثيرة و منها ان رجلا ً جاء النبي صل الله عليه واله يسأل النبي صل الله عليه واله طعاما ً له و لإبنتيه الصائمتين فقال له النبي صل الله عليه و اله أما لك فنعم و اما لإبنتيك فلا فقد جلستا اليوم تاكلان في لحم المسلمين ، كانتا صائمتين لانهما كانتا تستغيبان فالنبي صل الله عليه واله قال ليس لهما إفطار هذا صوم الجوارج ، و افضل من ذلك صوم خواص الخواص وهو ترك كل ما يشغل الإنسان الصائم عن الله سبحانه و تعالى موسم يتمرن فيه الإنسان ان يكون إنقطاعه لله فإذا رآى شيئا ً يجرفه او يشغله عن الله سبحانه و تعالى يتركه و ان كان و إن كان الوصم الأول يسقط التكليف و هذا فقط إشارة ان الصوم و إن حدثت فيه غيبة لا نقول بإنه باطل و لكنه غير مقبول يسقط الوجب و لكنه لا يأتي بالثمرة التي تُرجى لا يحقق آثار القبول .
- طهارة المأكل وما يتقلب فيه من كل شيء ، حتى يكون الصوم حقيقة يصوم و تصوم جوارحه عن الحرام و ان يكون أكل الصائم أيضا ً ليس فيه حرام ان يكون الصائم حقيقة ً لا يأكل من الحرام و افضل منه ان لا يأكل من المشتبه به أيضا ً ، في شهر رمضان خروج و وجبات سريعة ان لا يأخذ من المشتبه و افضل منه ان لا يسرف حتى في الحلال المطمئن له اراد ان يأكل و علم انه حلال لا يسرف و لا يبذر و افضل منه ان يضاف اليه مواسات الفقراء و المحتاجين و الأيتام في الملكل و الملبس الأحاديث تقول في هذا ان الذي يفطر صائما ً ولو بتمره افضل من صومه يحصل من الثواب و ان يضيف إليه آداب الطعام من الدعاء و الحمد و الشكر و الذكر لله سبحانه و تعالى فيكون الصوم صوما ً حقيقيا ً ليس فيه معصية ليس فيه ذنب و يرتقي به الإنسان إلى الله سبحانه و تعالى بتقوية إرادته و معرفته .
سادسا ً : التهيؤ لضيافة الله ،
التهيؤ لضيافة الله تبدأ من هر رجب و من شهر شعبان و في شهر شعبان تكون بالإستنان بسنة رسول الله صل الله عليه و اله ، التهيؤ لضيافة الله يرفع الموانع كلها ما ذكرناه من الموانع من ضيافة الله سبحانه و تعالى يجب على الشخص الواعي المتهيئ فكما إذا دعاه إنسان و أراد ان يذهب لمضيفه ان يتهيئ قبلا ً مسبقا ً و يرفع الحواجز و يرفع الموانع التي تمنع هذه الضيافة و ثمرات هذه الضيافة ،
بماذا تكون التهئية للضيافة ؟
يكون الشخص نظيفا ً من الأدران و القذارات و آثار المعاصي يتوب و يصلح ما يمكن إصلاحه من آثار ٍ وقعت له من معصيته يكون الصائم خاليا ً من الدين و الحقوق المتعلقة بالله سبحانه و تعالى و الحقوق للناس ليكون مؤهلاً لمجلس ضيافة الله ليكون محبوبا ً عند الله إذا تاب إلى الله حقق هذه المنزلة و صار محبوبا ً مرضيا ً عند الله سبحانه و تعالى و يجب ان ينطلق في ذلك قبل شهر رمضان حتى إذا جاء شهر رمضان و إنتهى شهر رمضان و وقف يوم العيد و يقرأ الدعاء يقول ( و إجعل أفضل جائزتك لي اليوم فكاك رقبتي من النار و أعطني من الجنة ما انت اهله ) ، جائزته و فوزه بشهر رمضان ان يحصل المغفرة و ان يحصل رضوان الله سبحانه و تعالى إن كان متهيئا ً لها متوجها ً إليها قبل مجيئ شهر رمضان فهو يسير في الطريق الصحيح و إلا فيخشى عليه ان يكون الشقي الذي يحرم الغفران في شهر رمضان .