c مولد الإمام الحسين( ع )

مولد الإمام الحسين( ع )

مولد الإمام الحسين – مأتم كربابادي الغربي – 23/6/2012

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

مقدمة : نبارك للنبي (ص) وأمير المؤمنين ولفاطمة الزهراء والأئمة المعصومين ولبقية الله الأعظم الإمام القائم أرواحنا لتراب مقدمه الفداء بهذه المناسبة العظيمة ونبارك للأمة الإسلامية جمعاء لا سيما العلماء ومراجع الدين

نقرأ أن الحسين وارث الأنبياء ،  الحسين وارث الأنبياء ،

هذا الحديث وهذا المضمون يذكر في زيارة وارث أيضا .

يرث الأنبياء في كل شيئ له قيمة ، له إمتياز  يرثهم فيه،  فالحسين (س) وارث الأنبياء مع إختلاف الأنبياء ودرجات الأنبياء ، والفضل المتفاوت بين الأنبياء ، الحسين (س) يرثهم جميعا في كل أمر عظيم يمتازون به.

ونقرأ أنهم (القرآن الناطق) يعني الحقيقة الواقعية لمعاني القرآن التي هي أعلى من كل شيئ ، فالحسين (س) هو ممن يمثلها في هذا الوجود فهي أعظم حقيقة في هذا الوجود إذا هو أعظم موجود بشري على هذه الأرض.

سيرة الأئمة (س) سيرة عظيمة تتسع لجميع جوانب ومرافق الحياة ، لا تبقى جهة في حياة البشر إلا وسيرة أهل البيت (س) أجمعين مستوعبة لتلك الجهة وتلك الجوانب ، جوانب الحياة بأكملها فهم قد عاشوا الحياة المختلفة والظروف المختلفة التي يتعرض لها الناس اليوم وفي كل وقت إلى قيام الساعة ، إضافة إلى ذلك من الجانب النظري فأهل البيت (س) أعطوا التعاليم الشاملة للحياة كاملة بحيث أننا كمدرسة أهل البيت (س) أجمعين لا نحتاج إلا إلى أحاديث أهل البيت ، لا نحتاج لى قياس ، لا نحتاج إلى إستحسان ولا نحتاج إلى مصالح مرسلة و لا غيرها

نعتمد أقوال أهل البيت (س) لأن أهل البيت بتعاليمهم شملوا الحياة بأكملها ، فمن أراد أن يهتدي بهداهم ويقتدي بهم يستطيع أن يصل إلى الكمال كله ، ويكن من الكمّل إذا إقتدى بأهل البيت (س) و أراد أن يتخذ منهج أهل البيت (س)

في هذه المناسبة نستفيد أمور كثيرة منها :

أولا: الجانب الروحي

ــ تطهير النفس والجانب الروحي ، التزكية الروحية عند الإنسان المؤمن ,  التركيز على هذا الجانب أمر مهم في حياة الإنسان , فلا يغفل ولا يقول أكتفي بمعرفة فكرية أو قرأت أو أصلي صلاة مستعجلة وهكذا

يجب أن يركز على العلاقة بينه وبين الله ، العبادة يجب أن تكون مستمرة خصوصا في هذه المواسم التي هي مواسم العبادة ، يجب أن نركز عليها.

فالإمام الحسين (س) الذي يركز على الإرتباط والإنقطاع إلى الله حتى عند سقوطه على الأرض يسجد لله شاكرا ويتفرغ للعبادة وقرآة القرآن في تلك الظروف القاسية ، فليس معذورا من يبتعد ويترك تصفية الباطن وتطهير الروح ، فليس لأحد العذر في أن يقول أكتفي بعبادة هشة ضعيفة ظاهرية جافة , ومن يكون كذلك فهو بعيد عن أهل البيت يجب أن يقتدي بهم ويعبد الله ، العبادة التي تزكي نفسه

يجب أن يستفيد مما يطهّر الروح ويجلوا الصدى عنها ، من قرآة كتب الأخلاق والمعارف التي تطهّر الروح .

العلماء الصالحون الذين إلتزموا بمنهج أهل البيت (س) لا تجد مرجعا من المراجع وله منزلة عظيمة إلا ويكون موضوع التزكية والعبادة والأخلاق أمرا أساسيا في منهجه وحياته

 حتى أن الشيخ الأنصاري وهو عالم عظيم من العلماء والمراجع الكبار الذي قال عنه السيد الخوئي يقول لم يسبقه ولم يلحقه أعلم منه لا قبله ولا بعده أعلم منه كما يقول السيد الخوئي

هذا العالم بعظمته وهو يجلس للدرس وهو المرجع الأول للطائفة ، ويقول لتلامذته وأصحابه قوموا بنا نذهب لدرس فلان فقد صدأت قلوبنا ، ويذهب هو بنفسه ويحضر درس تلميذ بالنسبة له ويحضر.

 تركيز على تزكية النفس هذا أمر عظيم وأمر مهم

ثانيا : الإخلاص في العمل

أن يكون الإنسان مخلصا في عمله نستفيد من قضية أبطال كربلاء الإخلاص في العمل

الحسين (س) في زمن الحسن ماذا كان ؟ كان ملتزما بالحسن (ع) وبقيادة الحسن ولا يهمه أن قال الناس عنه كذا أم قال عنه كذا

كان الناس يقولون يا مذل المؤمنين ، يخاطبون الحسن ولكن لا يعير هذا التعبير إهتمام لأن الإنسان المخلص لا يهمه أن قال عنه الناس أنه رجل شجاع ، أنه رجل ثوري ، أم أنه رجل جبان ومنعكف على نفسه ومبتعد .

 الذي يريد وجه الله يريد الإخلاص ، يريد الإقتداء بأهل البيت (س) يبحث عما يرضي الله ، عمله لله سبحانه وتعالى ولا يهمه غير ذلك

وكلما كان المؤمن واعيا لمستقبله في دار الخلود كان إخلاصه أكثر

 كما يقول الإمام الراحل رضوان الله عليه

(ما ثرنا لننتصر ) يقول لا يفرق عندي أن أنتصر أو أكون قائدا أو أكون في جبل وكهف من الكهوف  , إنما إنتفضنا لتكليفنا الشرعي فقط ، إذا كان الإنسان يعمل فقط من أجل أداء وظيفة شرعية فهو في الخير وإلى الخير ، وإذا لم يكن كذلك فهو الذي خسر الدنيا والآخرة

الذي لا يريد الله ولا يجعل الإخلاص مقياسا له في عمله فهو الذي ضل سعيه في الحياة الدنيا

(قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )

الشخص الذي ليس مخلصا ، ليس قاصدا وجه الله في أعماله فهو يعمل ويعمل ويذهب عمله هباء منثور ، أما إن أراد الدنيا بالمعصية فهو في خسارة أكبر

يقول الإمام الحسين (س) «مَن حاوَل أمراً بمعصية الله تعالى كانَ أفْوَتَ لما يَرجو وأسْرَعَ لمجي ما يحذَرُ»

الشخص الذي يريد العافية ، يريد الراحة ، يريد السعادة ، ولكن بمعصية الله ، ليس بطريق الله ، ليس بالطريق الصحيح الشرعي فهو يخسر الدنيا ويخسر الآخرة معا

ثالثا :البصيرة

من الأمور التي يجب أن نستفيد منها البصيرة في كل شيئ ، هذا نستفيده من قضية أبطال كربلاء عندهم بصيرة في كل شيئ ومجتمع ليس عنده بصيرة ، مجتمع لم يكن بتلك البصيرة ، أما أصحاب كربلاء والذين كانوا في كربلاء بصيرة عالية وبلغوا الدرجات العالية بهذه البصيرة

لأنهم يتحركون بوعي لا يروون الموت فناء ، لا يروون الموت خسارة ، وإنما يروون الموت إنطلاقا لهم ، فهم في طريق الصعود ، فهم في طريق العروج إلى الله سبحانه وتعالى ، أما المجتمع في ذلك الوقت لم يكن بوعي ، وأراد السلامة لم يكن بذلك الوعي،  مجتمع لم يكن عنده وعي كافي ، يريد الراحة

 عندما خوفه عبيد الله إبن زياد أراد الدعه وإبتعد ففرقه عبيد الله إبن زياد ،

إذا المجتمع لم يكن بذلك الإدراك وذلك الوعي يأتي الظالم

أول شيئ يعمد له تفريق المجتمع ، فرق المجتمع وجعل منه أداة لقتل المجتمع كما كان الحجاج ،

يدخل الحجاج إلى المسجد لوحده والجميع معارض ، والجميع مخالف ، هو يأتي ويصعد المنبر متلثم ثم يضع العمامة( متى أضع العمامة تعرفوني ) ويشّكل منهم جنودا لقتلهم

 السبب ماذا ؟

عدم البصيرة وعدم الوعي ، يقول السيد الخامنئي في هذه الحادثة يقول لو قام شخص رجل أو رجلان قاما له إلى منبره أخذاه  وإنتهى الأمر ، ولكن عدم الوعي ، لو كان في الكوفة وعيّ كافي لم يتمكن عبيد الله ابن زياد ولكن عدم الوعي ماذا أدى

فالوعي أمر مهم يجب أن يكون الإنسان واعيا عارفا , العارف بزمانه لا تلتبس عليه الفتن أو اللوابس

الشخص الذي يعرف وضعه ويعرف زمانه يضع نفسه في الموضع السليم

رابعا : الشجاعة

الأمر الآخر الشجاعة أن يكون شجاعا في ذات الله من أجل الله سبحانه وتعالى وليس جبان وإذا

لم يكن عنده شجاعة ، يشجع نفسه ويعود نفسه على الشجاعة ليتخذ المواقف المناسبة

فإذا لم يكن عنده فالخسارة الكبيرة وفي قضية كربلاء الكوفة واضحة ،

كان شريح القاضي في الكوفة ، شريح القاضي محسوب من محبي أهل البيت ، عندما كان في الكوفة  وأخذوا هاني ومسلم إلى القصر وجاءت قبيلة هاني إلى طرف القصر

خرج شريح يريد أن يخبرهم أن هاني ضّرب في القصر ، يقول خرجت إليهم نظر إلى جانبه وجد جاسوس, يقول لم أجرء ، يقول السيد القائد هذه الكلمة (لم أجرء ) غيرت التاريخ ، لو أنه تجرأ وقال كلمة لقلب الأمر ولكن هذه الكلمة في الموضع المناسب لم يأتي بها ، فالإنسان الذي يقتدي بأهل البيت (س) يجب أن يجعل من نفسه شجاع في الموقف المناسب ، عندما يراد منه موقف يقف ، عندما يراد منه أن يقف موقفا بقوة يقف ذلك الموقف وإلا فيكون وبالا على نفسه ووبالا على المجتمع ، هذا أمر مهم.

 ثم بعد ذلك ربما يقول هي كلمة وأنسحب لم يتخذ خصوصا الذي يجعل نفسه في مواضع حساسة ومهمة يكون مسؤولا عن كلامه ، إذا لم يتخذ موقف فيخطأ الخطأ ،

خطأ يتلوه خطأ ، تنازل يتلوه تنازل ، هذه الحياة طبيعتها هكذا

طبيعة الإنسان إذا إرتكب الخطأ يأتي خطأ بعده ، شريح القاضي خطأ أنه لم يبلّغ قبيلة هاني أن هاني بالقصر قد ضرّب هذا خطأ أوصله إلى أن يقول

(الحسين خرج على دين جده يقتل بسيف جده)

وهو الذي خرج ليدافع ويّخبر القوم ليدافعوا عن الحسين ، النتيجة وإذا هو يتنازل ويخطأ خطأ ثم يرتكب خطأ ثم خطأ ويصل إلى الخطأ الكبير

خامسا : الظالم لا يتورّع  عن إرتكاب أي جريمة

الذي يصل به الأمر أن يقتل الحسين فهو ظالم وظلمه وطغيانه يوصله أن يقتل إبن بنت رسول الله وهو أمر عظيم

 لذلك نقول إذا رأيت ظالما فهو مبتعد عن الله ، وما دام بعيدا عن الله فتوقع منه جميع الجرائم

  الظالم يسعى دائما لمحو الصلاح

 يحاربك في ثقافتك لا يقبل أن تبقى لك ثقافتك ، يحاول ترويج الفساد .

 ويجب علينا أن نكون بقدر المسؤولية في مواجهة جميع ما يطرح من فساد وتضليل في المجتمع

2ـ يجب أن يكون للمجتمع فعل وليس رد فعل فقط

 كثير من الناس في المجتمع تكون لهم ردود فعل ودفاع , وهو أمر جيد في نفسه ولكن يجب أن تكون هناك مبادرة أيضا لأن ردود الفعل تعني تكون في يد الظالم يوجهك كيف يشاء ، مرة يطرح الأحوال الشخصية تدافع عنها ، مرة تغيير المناهج فتدافع عنها ، مرة يطرح كذا في الإعلام وتبقى تدور معه ، هو الذي يوجهك كيف يشاء ،

فيجب أن يكون المجتمع أيضا والصالحون في المجتمع عندهم عمل وخطط هم يعملون ومبادرات يعملونها

سادسا : الإلتزام بالقيادة

الإلتزام بالقيادة مما يستفاد ويجب أن يستفاد الإلتزام بالقيادة  ، وقلنا أن المصيبة التي وقعت على أهل البيت (س) وخصوصا وأوضحها في كربلاء عدم الإلتزام بالقيادة هذه المصيبة العظيمة ، إذن الإلتزام بالقيادة أمر مهم

القيادة الصالحة هي التي تقود الإنسان للخير نقول :

1ـ معرفة القائد

 معرفة القائد الذي يهدي إلى الخير إلى الحق هي أكبر النعم

عندما يقول القرآن (ولتسئلن يوم إذن عن النعيم ) يقولون هي ولاية أمير المؤمنين (س)

لماذا؟ لأن أكبر النعم أن تكون مع قائد يأخذك للجنة للخير للصلاح هذه أكبر النعم

2ـ في الغيبة لماذا نختار قيادة غير معصومة ؟

يتسأل البعض هذا التسأل دائما  نستدل على المعصومين بالقيادة بأنهم يقودوننا للجنة وللخير

في زمن غير المعصوم لماذا ؟ نختار غير المعصوم

الجواب :

1ـ ضرورة الإدارة

ضرورة الإدراة في كل شيئ هذا أمر فطري أن يكون في المجتمع إدارة أمر فطري

في البيت أن يكون له قيادة ، في السفر قيادة ، في كل جهة ، في العمل ، قيادة أمر فطري لا يمكن أن ينكره إنسان

2ـ لتحقيق الخير الغالب ؟

لأنه وإن كان قد يخطأ ويصدر منه الخطأ ولكنه بصورة عامة بحكمته بدينه بمعرفته يحفظ الخير الغالب ، لذلك نختار القيادة التي من خلالها يتحقق الخير الغالب للناس وإن وقع خطأ هنا أو هناك

3ـ ما هي أوصاف القائد ؟

 1ـ الكفاءة والحكمة والتعقل بإختصار الكفاءة والحكمة والتعقل ، القائد هو الذي يكون حكيما ومتعقل متأني , عنده كفأة وليس الذي يتكلم بثورية فقط , قد يتطلب من القائد في وقت ما أن يكون في كلامه حماسيا وثوريا وقد يتطلب منه في وقت آخر وفي وضع مختلف موقفا هادئا ، المهم أن تكون عنده الكفاءة والحكمة والتعقل

2 ـ الخبرة والتجارب التاريخية الناجحة عندما نقول فلان قائد ننظر إلى تاريخه كم مر عليه  من تجارب وكم  كان فيها النجاح ؟ هل فيها فشل أم نجاح ؟ تأخذ بعين الإعتبار في أن تعتبر فلان قائد أو لا .

3ـ الدين والأمانة

الدين والأمانة : شخص متدين وأمين لأنه إن لم يكن متدينا وأمينا فتوقع في أي وقت يترك المجتمع ويمشي أما إذا كانت عنده أمانة وكان عنده دين وكان يخاف من الله سبحانه وتعالى فأنت معه في إطمئنان

4ـ التأييد الشرعي

 إذا كان مؤيد من العلماء فيكون مؤهل أن يكون قائدا

4ـ ضرورة الإلتزام بالقيادة

ضرورة الإلتزام بالقيادة أصبح أمرا واضحا أنه من غير الإلتزام بالقيادة , إذا كان كل شخص يتحدث بما يراه نقول المجتمع هكذا يتصور في بعض الأحيان ، في بعض الأحيان المجتمع يريد أن يكون هو القائد والقائد مقاد ــ وهكذا يكون المجتمع في كثير من الأحيان ــ يعني إذا كان خطاب القائد متناسب مع الناس يصفقون له ويشجعون وإذا كان خطابه يختلف معهم فيقولون يا مذل المؤمنين ويتركونه وهذا ليس صحيح وهذا يسبب النكسه على المجتمع بأكمله فأهمية الإلتزام بالقيادة أمر مفروغ عنه وهو أمر بديهي وضروري

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

شاهد أيضاً

التوبة الصادقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *