c حسين البلادي – الصفحة 3 – موقع سماحة الشيخ عبدالزهراء الكربابادي

الكاتب: حسين البلادي

  • تفسر سورة الاعراف الحلقة 20 – الزينة وحكم الزينة

    24/6/2019

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ  قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ( 1 )

     

    لا زال الحديث حول الزينة وحكم الزينة ، و الإسراف و الإعتدال ،

    اولا  ً : المفردات ،

    قُلْ مَنْ حَرَّمَ  التحريم هو المنع ،

    زِينَةَ اللَّهِ  الزينة هي ما يرتفع به العيب و تذهب به نفرة النفس ،

    أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ  خلقها و اخرجها من الارض و هيئها من الارض لعباده ،

    وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ  الملائم من الرزق لطبع الإنسان من المأكل و المشرب و المسكن و غير ذلك ،

    خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ  لا يشاركهم بها غيرهم يوم القيامة ،

     

    ثانيا : البيان ،

    قُلْ مَنْ حَرَّمَ  بيان من الله سبحانه و تعالى و حكم ٌ  و بيان ٌ إستنكاري على تحريم هذه الأمور الله سبحانه و تعالى يستنكر التحريم على زينته و على الطيبات من رزقه ، و يدل ذلك على إباحة الزينة و الطيبات من الرزق فلا ينبغي ان يرتاب فيها احد وهو إمضاء ٌ شرعي ان الامور في اصلها الاباحة ، كل شيء ٍ لك حلال حتى تعلم حرمته فإذا لم يأتي دليل ٌ شرعي ٌ من القرآن من نبي ٍ لا يؤخذ ، إذا جائت به آية و قالت هذا حرام يكون حرام ، جاء حديث صحيح ٌ معتبر ٌ معتمد ٌ عن رسول الله صل الله عليه و اله او عن المعصومين عليهم السلام ، فأثبت ان ذلك حرام فهو حرام و إلا فالأصل هو الإباحة و الحلية ،

    اللَّهِ   إنما سصح تسميتها بزينة الله و نسبتها لله سبحانه و تعالى إذا كانت تتناسب مع خلقة الإنسان و فطرة الإنسان و طبيعة الإنسان فتكون زينة ، إما إذا كانت خارجة عن فطرة الإنسان فليست زينة ، زينة الله بإضافتها لله يعني الزينة التي ارادها الله التي خلقها الله و جعلها متناسبة مع خلقه ،

    و الزينة هي اهم ما يقوم به الإجتماع الإنساني ،

    الإجتماع الإنساني وعلاقة الناس من اهم امورها الزينة و الستر ان يستر افنسان عيوبة ان يظهر بالمظهر الصحيح ، في باطنه في روحه في صفاته في ظاهره الخارجي  ايضا من اللباس و غيره ،

    اما لو افترض ان الإنسان ليس إجتماعيا ً و ليس في مجتمع منزويا ً لوحده فلا حاجة له في الزينة الظاهرية ، فلو ان شخص يعيش في غابة او يعيش مع دواب لا يجد في نفسه محرك لهذه الزينة ، أما الإنسان في وسط الحياة الإجتماعية يجده بفطرته ضروريا ً ان يظهر باللباس المناسب و اللباس الانيق المعتدل الى غير ذلك ،

    وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ   قيل ،

    1. بعض المفسرين قال في معنى الطيبات المستلذات من الرزق الذي فيه لذة و إسدل على انه كذلك وانه اظهر ان الاية قالت خالصة للمؤمنين يوم القيامة و ارزق العام ليس خاص بالمؤمنين يوم القياة حتى الذي في النار يرزق و لكن اللذائذ من الرزق تكون خالصة للمؤمنين .
    2. قيل الحلال من الرزق ، و في هذا دلالة على ان ترك الكل ليس محرم و إنما هو حلال و لمن تركه بعنوان التحرم حرام ان ياتي شخص و يشرع و يقول اترك لا اكل من الصبح الى الليل بمعنى انه حرام او كما في سبب نزول هذه الاية ان اكل في موسم الحج فيكون حرام لأنه تشريع ، و تدل على ان الطيبات من الرزق هو ما يناسب فطرة الإنسان فلا يخرج عنها كما مر

    قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ  قيل في معناها ،

    1. ان المؤمنين و الكافر شركاء في الدنيا في الأكل و الرزق الجميع مشترك ولكن خالصة يوم القيامة بمعنى في الدنيا مشتركة الله جعلها في الدنيا مشتركة بين المؤمن و الكافر الكل يأكل من رزق الله و يلتذ بلذائد الرزق يشارك الكافر المؤمن في مأكله و مشربه و منكحه و لذائذه و لكن في يوم القيامة خالصة للمؤمنين .
    2. قيل هي خالصة و هي صافية و غير مشوبة بشيء ٍ يوم القيامة و في الدنيا لا تكون هذه اللذائذ و إن كانت للمؤمنين إلا مع كدورة و في كل لذة غصة ، في الدنيا من الذي يتمتع و يأكل ؟؟ حتى في اشد لذائذه يكون فيه غصص كما يقول العلماء ، و لكن في يوم القيامة هناك لذائذ خالصة و لا يشوبها شيء من الغصص ، انما الله يمنع بعض الكفار و الفاسقين من النعم في الدنيا ، في الدنيا يتنعم الكافر و في الاخرة يتنعم المؤمن في الدنيا يتنعم الكافر و المؤمن ايضا و لكن لماذا يتعرض الكافر لبعض الضغوطات و لماذا يتعرض لبعض الابتلاءات ، إنما ذلك خوف من الله على المؤمن و لطفا ً من الله بالمؤمن و إلا لا حاجة لله سبحانه و تعالى ان يعذب الطغات الفراعنة صدام و غيره يمكن ان يتركه و لكن رحمة للمؤمنين ، لان المؤمنين يقولون فلان طغى و استكبر و عذّب الى متى يبقى ؟ في بعض الحالات الله سبحانه و تعالى ينتقم منه و هذا الإنتقام انما هو لطف ٌ بالمؤمنين حتى لا يغتروا ، لذلك يقول تعالى وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ( 2 ) يقول الله يجعل الكافر كذلك  وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا  وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا   وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ( 3 ) الاخرة للمتقين خالصة و لكن رحمة بالمؤمنين يجعل بعض الكفار في ضيق لا يذهب المؤمنين و يغتروا و يتبعونهم .

     

    ثالثا ً : منهج الاعتدال في الإسلام ،

     

    1 . الإسلام لا يقبل الإسراف ، عن الإمام الصادق عليه السلام إن القصد أمر ٌ يحبه الله و إن السرف أمر ٌ يبغضه الله حتى طرحك النواة فإنها تصلح للشيء و حتى صبك فضل شرب الماء ، يعني خذ ما تحتاج فقط الذي يمكن الإستفادة منه إستفد منه و تأخذ اكثر من المقدار المطلوب .

     

    2 . معنى الإسراف في كلام الإمام الصادق عليه السلام الإمام يُعرف الإسراف و يشير إليه قال عليه السلام ليس فيما أصلح البدن إسراف ، إذا كان فيه خير ليس إسراف لأنه يلائم البدن و يلائم الفطرة كما مر و لمجر ان يكون خارجا ً عن الفطرة او مضر بالإنسان فهذا إسراف يكمل الإمام إنما الإسراف فيما أفسد المال و أضر بالبدن .

     

    3 . الإسلام يحب الجمال و التجمل ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال إن الله يُحب الجمال و التجمل و يبغض البؤس و التباؤس فإن الله إذا أنعم على عبد ٍ بنعمة ٍ أحب ان يرى عليه أثرها ، البعض يزهد ثيابه ممزقة وهو يستطيع ان يشتري غيرها يبقى عليها الله لا يريد هكذا بل يريد الإنسان ان يبين عليه النعمة قِيل كيف ذلك قال ينظف ثوبة و يطيب ريحة و يجصص داره و يكنس أفنيته حتى ان السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر و يزيد في الرزق ، إجعل بيتك نظيف و عامر لا يكون بخيل حتى الإضائة لا يشغلها .

     

    4 . الإقتصاد ليس من البخل ، إذا رتب الإنسان نفسه ليس بخيلا ً ، في الوقت الذي نقول يسرج الضياء ان يبين عليه الأثر لكنه بإعتدال ، فالإقتصاد ليس من البخل بل هو محبوب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام إن القصد أمر ٌ يحبه الله و إن السرف أمر ٌ يبغضه الله .

     

    5 . ما يحدث من نزاعات في العالم و حروب و مصائب هو نتيجة الإسراف و الطمع ، الإسراف في الزينة في كل شيء هو سبب هذه المشاكل في الدنيا قال علي ٌ عليه السلام إن الله سبحانه و فرض في أموال الأغنياء اقوات الفقراء فما جاع فقير ٌ إلا بما متع به غني ، يعيش عنده عمارات و ما شاء الله و الباقي فقراء ،  في جهة إسراف و في جهة فقر و الله سبحانه و تعالى سائلهم عن ذلك ، كما يذكر الشيخ الوائلي رحمة الله عليه تمر على بيت تجد فيه شخص لا ينام يتألم من الجوع و تمر على بيت ثاني صاحبه لا يستطيع ان ينام و لكن من الشبع يقول لو أخذنا من هذا و اعطينا ذاك لكان ينام هذا معتدل و ذاك ينام معتدل الراحة تكون للجميع ، الإسلام يريد الراحة للجميع و ذلك يكون بالإعتدال و بإلتفات المجتمع بعضه لبعض .

     

    الهوامش ،

    1. سورة الاعراف الية 32
    2. سورة الزخرف الآية 33
    3. سورة الزخرف الايتان 34-35

     

     

     

  • تفسير سورة الأعراف الحلقة 19 – تنظيم ظاهر الإنسان

    22/6/2019

    بسم الله الرحمن الرحيم

    يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ

     

    هذه الاية تعطي دروسا ً في الحياة في اكثر من جانب ، منها في تنظيم ظاهر الإنسان و جمال الإنسان الظاهري ، و في جانب ٍ  آخر في الكل و الشرب و الصحة و العبادة كل هذا دروس في هذه الاية ،

    اولا ً : المفردات ،

    خُذُوا زِينَتَكُمْ تعني التزين الجميل ، أي تزينوا ،

    عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ أي مواضع العبادة و هي تشمل مواضع الصلاة ، كالصلاة جماعة و صلاة العيد و الجُمع و غيرها فهي ليست خاصة بما هو تعبير المسجد الذي هو معهود عندنا كما مر لأن هذه السورة نزلت في مكة و لم تكن هناك مساجد قبلها فهي تعني مواضع العبادة بصورة عامة ومن ضمنها  و تشمل بإطلاقها المساجد ايضا ،

     

    وَكُلُوا وَاشْرَبُوا أمران إباحيان لرفع توهم الحضر كما يأتي في سبب النزول ، يذكرون انه إذا جاء الأمر في أمر ٍ فيه توهم الحرمة فإن الأمر فيه يعني الإباحة و ليس الوجوب ،

    وَلَا تُسْرِفُوا قال الراغب السرف تجاوز الحد في كل ِ فعل ٍ يفعله الإنسان و إن كان ذلك في الإنفاق أشهر ، فهو يشمل الإنفاق و الكل و الشرب و غيره و لكن في هذا الجانب أشهر و معروف ٌ أكثر .

     

    ثانيا : سبب النزول ،

    يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ

     

    عن ابن عباس قال كانت المرأة في الجاهلية تطوف بالبيت    و هي عريانة و على فرجها خرقة وهي تقول اليوم يبدوا بعضه او كله و ما بدا منه فلا احله ، فنزلت الآية يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ و نزلت قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ التي تأتي بعد هذه الآية مباشرة ،

    وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ما هو سبب نزول هذا المقطع ايضا ؟

    قيل كان في الجاهلية لا يأكلون إلا قوتا ً و لا يأكلون دسما ً  في أيام حجهم يعظمون بذلك الحج فقال المسلمون يا رسول الله نحن احق بذلك فأنزل الله تعالى و كلوا أي اللحم و الدسم كلوا و إشربوا ، يعني كانوا لا ياكلون تعظيما للحج الله سبحانه و تعالى انبأ المسلمين ان هذا ليس حراما ً فكلوا .

     

    ثالثا ً : البيان ،

    1. يَا بَنِي آدَمَ هذا خطاب ٌ من الخطابات العامة التي ذكرنا انه إذا جاء الخطاب فيه يا بني آدم فهو ليس خاص بالمسلمين و إنما يكون شاملا ً لجميع الفرق و جميع الديانات و لجميع الأزمنة و ليس خاصا ً بزمان و ليس من الأحكام التي تنسخ و إنما هو عام و قواعد عامة تبقى سارية المفعول مدى الزمان .
    2. يَا بَنِي آدَمَ تعني تجملوا عند كل عبادة و في كل مسجد ، أمر ٌ بالتجمل بالتزين في موضع كل عبادة و يشمل جانبين ، الجانب المادي و الجانب الجسماني ،

    الله سبحانه و تعالى يقول خذوا زينتكم تجملوا يشمل اللباس الطاهر الجميل يعني صلوا و اتوا للصلاة بلباس جميل ٍ طاهر ،

    و تشمل النظافة و الغسل و الإستحمام و الروايات في ذلك كثير  و تشمل تمشيط الشعر و تقليم الاظافر و تشمل الطيب و التعطر ،

    كما ورد في الاحاديث ان الشخص لو انفق من الاموال على الطيب و التطيب اكثر مما ينفق على الاكل لم يكن مسرفا لان الله يريد ان يكون جميلا ً ،

    الجانب الثانية وهو المعنوي الزينة المعنوية و يشمل الصفات الجميلة و الخلاق الحميدة يعني يقول الله إذا اردتم ان تأتوا للمسجد تعالوا بأخلاقكم كونوا بأخلاق عالية جميلة لا يأتي الشخص المسجد و اخلاقه سيئة ،

    و يشمل الصفاء الروحي ، تَعَالَ للمسجد ولكن بصفاء روحي لا تأتي و انت تحمل حقد ، لا تأتي و تجتمع في صلاة الجماعة و تصطف في صلة الجماعة و بينك و بين من في جانبك حقد ، البعض يصلي و  لكن يتحسس من في جنبه و البعض إذا جاء شخص جنبه يذهب لآخر الصف او الى الوراء او يخرج من المسجد هذا ليس صحيح ، يأتي للمسجد بصفات جميلة بصفاء روحي لا يحمل حقد ابدا ً و يشمل صفاء النية ان تكون نيته لله سبحانه و تعالى يخلص النية لله سبحانه و تعالى .

    1. عن كل مسجد ، هذه عامة لتشمل كل مواقع التقرب ، تشمل صلاة الجمعة و صلاة العيدين و غير ذلك وليست خاصة بالمسجد و يستنتج من هذه الآية ان الزينة للمسجد مطلوبة الله يأمر بالزينة في المسجد و في الصلاة فلا تقول أزهد و تأتي من غير تجمل ، الله يريد هذا التجمل في المسجد يريد ان تكون في صلاتك جميلا ً في اللباس في النظافة في كل شيء ، لا تكن صلاتك في اللباس الذي تخجل ان تدخل به على احد ، البعض يخجل ان يدخل على سلطان او مسؤول بلباس معين فيلبس و يتزين و يرتب نفسه و لكنه في الصلاة غير ذلك ، الله سبحانه و تعالى يريد ان يكون الشخص جميل في صلاته متزين ان يكون في لباسه في الصلاة متستر الاية تحدثت ان سبب النزول الستر ان يكونفي صلاته مستورا ً البعض يلبس لباس ناقص ليس فيه ستر كافي هذا غير مطلوب الله يأمر بخلاف ذلك ، البعض يشتكي من لباس البعض المصلين انه إذا سجد ينكشف جزء من جسمه هذا غير صحيح ، فالمطلوب لباس ساتر و جميل ،
    2. وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ هذه الاية الجامعة المانعة لكل ضبط ، يعني كما يقول في المنطق جامع مانع ليس هناك شيء جامع مانع فيه البلاغة و الحكمة كما هذه الفقرة وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ و هذه ابلغ ما يمكن ان يتصوره متصور في حكمة القول و هي ضابطة ٌ لعدم الإنفلات و الإسراف و التبذير بعد توهم الحضر كما ان إذا شخص يشك ان هذا ممنوع حرام كما كان في الجاهلية يمتنعون فيأتي الأمر ويقول لهم كلوا و إشربوا ليس معناه يجب ان تأكل و إنما معناه ليس هناك حرمة يجوز فهو رفع التوهم للحضر و لكن بضبط ٍ معين هذا الضبط يقول كلوا و لكن من غير إسراف ، كلمة الإسراف كلمة جامعة تشمل كل أنواعا لإفراط و من ذلك على سبيل المثال تشمل العبث في اللباس و الأكل ، الذي يعبث في لباسه و يكون لباسه زائد فهي تشمله ، تشمل الزيادة عن الحاجة في لباسه لانه حرام هذا نهي ٌ بالحرمة اكله زائد حرمة ، و تشمل النوع المضر و إن لم يكن من جهة الكم الزائد لذلك الآية بليغة يعني الاية تختلف عن الحكم كلها ، لذلك بعض الحكماء يقول في هذا المجال

    كل تشتهي قم تشتهي

    هي حكمة لا تنتهي

    يقال له هذه حكمة و لكنها ناقصة لانك قد تأكل شيء محرم او تأكل شيء ضار فتأكله و انت تشتهي و تقوم انت تشتهي اما هذه الاية تقول يأكل ليس فيه زيادة و ليس فيه مضرة و ليس فيه حرمة و ليس فيه ضرر و لا يؤدي الى امراض و كل ما فيه سلب فهو إسراف فهي تجعل الشخص يكون مضبوطا ً من جميع الجوانب من الجوانب الصحية و الشرعية من كل جهة ٍ تتخيلها و تجد فيها خلل فهو إسراف ٌ مرفوض و هو محرم .

    5 . إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ  النظرة الإسلامية لكل شيء ٍ الوسط و الإعتدال ، السرف مرفوض  وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ( 1 ) كونوا وسطا ً لتكونوا ميزان تُقاس به الأعمال ، و تُقاس الأمم إليكم بإستقامتكم و انتم تقاسون الى الرسول صل الله عليه واله ،

    إذا ً الإسلام لا يرفض غريزة حب الجمال و هي غريزة اصلية من الغرائز يقول تزينوا تجملوا هذه الغريزة و هذا البعد طبيعي و لكن لا تكبتوه  فينفلت و لا تقننوا الإنفلات ، البعض يقول أريد ان اكون زاهد فيضغط على نفسه فتكون ردة الفعل إنفلات ، او ان البعض يقنن الإنفلات و التزين المحرم و الخروج عن حد الإعتدال الحالتين خطأ ، فجوز الإسلام التمتع بجمال الطبيعة و جوز إستعمال الألبسة الجميلة في أهم المواضع و هي العبادة ، بل حبب إستعمال الطيب و العطور للصلاة ، كما يقال تحفت الصائم الطيب و غير ذلك ، المهم ان لا يسلك الشخص الإفراط و الزيادة و لا التفريط بحيث يمنع نفسه عن الأكل .

     

    الهوامش ،

    1. سورة البقرة الاية 143
  • تفسير سورة الأعراف الحلقة 18 – الجبر و الإختيار

     

    22/6/2019

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ *
    فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ

    مواصلة للحديث حول الجبر و الإختيار ، و مر تفسير الإختيار و الإشكالات على موضوع الجبر و ان يكون الإنسان مجبورا ً

     

    ثابثا ً ،  لا جبر و لا تفويض و إنما هو امر بين امرين ،

    1. ايات تدل على ان الهداية والضلال و الإختيار من الله عندما نتأمل في آيات القرآن نجد آيات تتحدث و تبين انه ليس للإنسان إختيار و إنما الإختيار لله وحده و هي ما تدعوا لمن يقول بالتفويض ، و آيات ٌ تقول ان الإنسان مخير و انه يفعل بإختياره فهي تكون علامة على التفويض و ايات اخرى  تتحدث عن ان الإنسان لا يستطيع ان يعمل فتدل على الجبر و هناك ايات في الوسط و هي تجمع بين الايات التي تشير الى التفويض و الايات التي تشير الى  الجبر فتكون جامعة بينها ،

     

     

     

     

     

    1 .  ايات تدل على الهداية و الضلال و الإختيار من الله تعالى ،

    يقول تعالى ورَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ  مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ  هذه الآية تقول ليس للإنسان ان يختار و الله هو الذي يختار و من يقول بالإختيار فهو مشرك ،

    و يقول الله تعالى مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ  وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا الهداية من الله و الذي لا يهديه الله لا يمكن ان يهتدي و لا يمكن ان تجد له مرشدا ً ابدا ً .

    2 . آيات ٌ تدل على إختيار العبد ، بعكس الآيات التي مضت يقول تعالى فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ هو يشاء فإذا شاء الإيمان آمن و إذا شاء الكفر كفر ،

    و يقول تعالى  فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ( 1 ) أنتم تختارون و انتم تعملون و الجزاء على ذلك ،

    و يقول تعالى  إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ إذا ً إختيار ٌ عند الإنسان  وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ  ( 2 ) هم الذين يختارون و هم الذي يظلمون ،        

     و يقول تعالى إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ * لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ( 3 ) إذا المشيئة للإنسان هو الذي يختار الحق او يختار الباطل .

    3 . آيات الأمر بين الأمرين ، يقول تعالى وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ( 4 ) انتم تشاءون و لكن مع مشيئة الله فلا تقع مشيئتكم من غير مشيئة الله

    و يقول تعالى إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ هو اناب لله فالله سبحانه و تعالى يهديه  ،

    و يقول تعالى وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ( 5 ) هم جاهدوا و الله هداهم ، إذا ً لهم نصيب ٌ في الإرادة و الهداية من الله تعالى وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ  وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ   إذا ً هناك نسبة للعبد ونسبة من الله سبحانه و تعالى .

    4 . نتيجة التوفيق بين هذه الآيات التي مرت ،

    أ . من ذلك نعرف ان هناك هداية عامة لجميع البشر فمن أخذ بها هداه الله ، هداية عامة جعلها الله للناس و الذي يأتي إليها و يأخذ بها يهيده الله في جميع اموره .

    ب . هداية و ضلال الإنسان ليس مستقل بنفسه انه يهتدي كيفما اراد إذا لم تكت إرداة الله في هدايته لا يهتدي ، و إذا لم تكن إرادة الله في ضلاله لا يضل لابد ان تكون الإرادة من الله سبحانه و تعالى و من العبد و لكن ليس جبرا ً على العبد و إنما هو مد ٌ  و عطاء ٌ من الله للعبد و العبد يعمل بإختياره و إرادته كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا( 6   ) الله سبحانه و تعالى لم يمنع ،

    و قد ورد عن النبي صل الله عليه واله انه قال ، قال الله عز و جل يا ابن آدم بمشيئتي كنت انت الذي تشاء لنفسك ما تشاء و بإرادتي كنت نت الذي تريد لنفسك ما تريد ،   فالإرادة لابد ان تكون موجودة من الله و من العبد فيقع الفعل و إلا لو لم  يرد الله سبحانه و تعالى ان يقع شيء لا يمكن ان يقع .

    رابعا ً ، آثار عقيدة الجبر و لوازمها في جهتين ،

    الجهة الأولى ، لوازم باطله تلزم التشريع و الإعتقاد ، إذا قلنا بالجبر تلزم منه لوازم باطله لا يمكن قبولها منها ،

    1 . لغوية التكاليف الشرعية ، التكاليف الشرعية لا يكون لها معنى يقول الله تعالى
    قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( 7 ) و يقول تعالى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا إذا ً لماذا بعثت الرسول و لماذا هذا الهدى الذي لا يستطيع الإنسان ان يأخذ به ، إذا كان مجبور ليس له دخل ان يأخذ به و الله سبحانه و تعالى يقول خذوا هذا الهدى ، كمن يكلف الأعمى برؤية الهلال وهو اعمى ، الله سبحانه و تعالى يكلف الناس و يلزمهم بالتكليف و هم غير قادرين على الفعل و إنما مجبورين ، الذي سوف يختار المعصية مجبور عليها و الذي سوف يختار الطاعة مجبور ٌ عليها إذا التكليف ليس له معنى ، و كما يقولون القاه في اليم مكتوفا ً و قال له إياك إيام ان تبتل بالماء ، جعله مجبور لا يستطيع الإختيار و يقول له انت مكلف عليك ان تطيع هذه الأوامر و هو لا يستطيع ان يطيع ، هنا يكون التشريع لغو و باطل .

    2 . لغوية الوعد و الوعيد ، التهديد و الوعيد بالنار ليس له معنى و نراه في القرآن موجود ،

    يقول الله تعالى وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۙ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ( 8 ) لهم اللعنة و لهم سوء الدار وهم ليس بإختيارهم شيء ، إذا ً لماذا هذا التهديد ، الله يأخذ من يشاء من الناس الى النار و من يشاء الى الجنة من غير شيء ، لا معنى لهذا التهديد و لهذا الوعيد فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ( 9 ) ليس لهذه الاية معنى إذا قلنا بأن الإنسان مجبور و ليس له دخل في أفعاله .

    3 . عدم صحة الثواب و العقاب ، يقول مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى هذا الثواب و هذا العقاب ليس له معنى ، الذي يهتدي له ثواب و الذي يضل له ثواب ليس لإهتدائه معنى اساساً  و ليس للثواب معنى لأنه لا يكون لشيء ٍ إختياري ، يكون الإنسان كالآلة يُدخل الجنة او يُدخل النار فلا صحة للثواب و العقاب .

    4 . عبثية بعثة الأنبياء و الرسول مع عدم قدرة الإنسان على الإختيار و الأخذ و الرد و الرفض ، إذا كان الإنسان لا يستطيع ان يرفض ما ياتي به النبي او يأخذ ما يأتي به النبي ، الله من بين الناس فرض على مجموعة ان تتبع الكلام و فرض على مجموعة ان تعصي ، إذا ً ليس لبعثة الأنبياء معنى و الله سبحانه و تعالى جعل في التعبير القرآني لها معنى قال  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ( 10 ) يعني هناك إختيار لكم و إستجابة للرسول هي دعوة لحياتكم .

    5 . لغوية الإختبار ، الله سبحانه و تعالى قال أجعلكم في الدنيا تحت اختبار و إمتحان ، كيف و هم ليس لهم إرداة ، هم مجبورون ليس لهم دخل في أفعالهم ، هل تستطيع ان تأتي بشخص مجنون و تقول له اختبرك ؟ كيف إذا كان اكثر من مجنون ليس له إختيار من الأساس فيكون الإختبار لغو و ليس له معنى ، و الله اثبته في القرآن قال تعالى  الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ  ( 11 ) الله جعل الإختبار لابد ان يكون له معنى .

    6 . لغوية القضاء و الحساب و الجزاء ، يوم القيامة توضع الموازين و يحاسب و يعاتب و اخذ و عطاء وتشهد عليهم ارجلهم و جلودهم و اعضائهم كل ذلك ليس له معنى ، لانه من غير إختيار ، لماذا القضاء فالقضاء يحاسب فيه من يأتي بفعل إختياري ،  إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَالْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ( 12 ) وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ،  كيف يوفون اجروهم و هم ليس لهم إختيار ؟ .

    7 . التساوي بين المطيع و العاصي ، لماذا التفريق و الله و سبحانه و تعالى يفرق و يقول هناك أُناس متميزون و اناس اقل و اناس الى جهنم لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ( 13 ) و يقول تعالى لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا  تمييز بين صنف المؤمنين فما بالك بين المؤمن و بين الكافر ، إذا ً هذا التميز يكون إذا كان هناك إختيار و إلا ليس له معنى ،

     

    الجهة الثانية ، لوازم سلوكية باطلة ،

    1 .تبرير الظلم و الفجور و انه من إرادة الله تعالى فلا يعترض عليه وهو ما صنعه حكام الجور في وقتها الذين ركزوا مبدأ الجبر لانهم ارادوا ان لا يحاسبهم احد فقالوا بالجبر فكلما ظلم يقول هذا من الله ، بل رووا احاديث في ذلك و قالوا ان الذي يصبر على الحاكم الجائر الظالم اجره اكثر من الذي يصبر عند حاكم عدل فبرروا ظلمهم بهذا .

    2 . تبرير كل فعل ٍ قبيح لأنه من الله و ليس للفاعل دخل ، لا تقول لماذا ذاك الفرد ارتكب الفاحشة يقول ليس دخل فيها .

    3 . تبرير الكسل في إصلاح النفس و العمل ، الذي لا يعمل و يكسل سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ( 14 ) كذبوا لانهم يعلمون انهم عندهم إختيار و الله لم يجبرهم على ذلك .

    4 . تثبيط العبد عن العمل لأنه لا يعتقد بأن العمل بيده و ا يعتقد بأن العمل سببا ً لدخول الجنة او النار ، كم من الذين ينحرفون رأيت اشخاص من هؤلاء شخص صار وقت الصلاة فأحد الموجودين قال قوموا نصلي اجابه ما تصنع الصلاة ، الصلاة لا تقدم و لا تؤخر ، اتى بكم حديث ، يقول كم من الاشخاص يعمل و بينه و بين الجنة ذراع و الله يدخله النار ، و كم شخص يأتي بأعمال الفاسدين و الفاسقين و بينه و بين النار ذراع و الله يدخله الجنة ، إذا الصلاة ليس لها معنى هذا تثبيط .

     

    خامسا ً ، آثار القول بالإختيار ،

    1 . صحة التكليف ، أن الإنسان يشعر بصحة التكليف و ما مر يفند .

    2 . إمكانية التربية على محسان الإخلاق ، عندما تقول بالإختيار يمكن التربية إلا إذا لم يكن الإنسان مخير لا يمكن تربيته ، إنما بعثت لأتمم مكارك الأخلاق .

    3 . قيمة القانون و الإلتزام به ، القانون له قيمة إذا كان الإنسان يستطيع ان يلتزم و يستطيع ان يخالف ، إذا لم يكن له دخل في الإلتزام بالقانون  لا يكون للقانون معنى .

    4 . بعقيدة الإختيار يكون الإنسان مسؤولا ً عن التغيير و رفع الظلم عنه و عن المجتمع ،
    الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ( 15 ).

    5 . التحفيز على العمل و الطاعات و فعل الخيرات تحفز من عنده إختيار و ليس من هو مجبور و مسلوب الإختيار ، مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ (16) هناك تحفيز  الذي يريد الخير الله سبحانه و تعالى يعطيه ، أما بالقول بالجبر فلا يكون للتحفيز معنى و الإنسان يكون آلة لا يتقدم في شيء .

     

    الهوامش ،

    1 . سورة يس الاية 54

    2 . سورة النحل الاية 33

    3 . سورة التكوير الايتان 27 -28

    4 . سورة التكوير الاية 29

    5 . سورة العنكبوت الاية 69

    1. سورة الاسراء الاية 20

    7 . سورة البقرة الاية 38

    8 . سورة الرعد الاية 25

    9 . سورة الزلزلة الايتان 7- 8

    10 . سورة الأنفال الآية 24

    11 . سورة الملك الاية 2

    12 . سورة يونس الاية 93

    13 . سورة الحشر الاية 20

    14 . سورة الأنعام الاية 148

    15 . سورة غافر الاية 17

    16 . سورة الشورى الاية 20

     

  • تفسير سورة الأعراف الحلقة 17 – الجبر و الإختيار الجزء 2

    21/6/2019

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ( 1 )

    مواصلة لموضوع الجبر و الإختيار ،

    اولا ً : مواصلة في الإشكالات و ذكرنا إشكالين ،

    و الإشكال الثالث الشقي شقي ٌ في بطن أمه و السعيد سعيد ٌ في بطن أمه يلزم منه الجبر ، يقول المستشكل ان الأحاديث الواردة في هذا المجال و التي تدل على هذا المعنى تُثبت الجبر و ان الإنسان غير مخير في أفعاله ،

     الجواب  ، في نقاط اربع

    1. إن كان المقصود في الحديث الشقاء الدنيوي  ، بمعنى ان الحديث ربما يُحمل على هذا المحمل ان الشقي شقي في بطن امه و السعيد سعيد في بطن امه بمعنى انه صحيح و سليم و غير ذلك مما يرتبط بحياته الدنيوية من الصحة والسقم الى غير ذلك فيكون هذا إبتلاء و هذا الإبتلاء يثاب عليه و يقدر له .
    2. و إن كان المقصود منها تأثر الجنين ثم تأثر المولود و المكلف بميل ٍ الى شقاوة فإن الاب يحمل وزره ان كان هو السبب و ان لم يكن هو السبب او كان فالمكلف نفسه لا يكلف بغير طاقته و بغير ما اُوتي ، الظروف التي احاطت به و ما اعطيَ و ما هيأ له يحاسب بقدرها و على حسب هذه الظروف .
    3. ربما يكون المقصود هو المقتضي وهو وجود الميل الى السعادة او الشقاء كولد الزنا او العكس ان يكون فيه مقتضي لانه بسبب هذه الظروف يكون فيه ميل للشقاء او مثلا الذي يولد تحت ابوين صالحين و هيأت الظروف من الحمل على طهارة الى غير ذلك من الاكل السليم فهو بمثابة المقتضي و ليس جبرا ً فيبقى الإختيار عنده فلا يكون مجبورا ً على فعله و إنما هو مقتضي و أيضا ً يُحساب بحسب توفر هذا المقتضي الذي تحقق و ليس جبرا ً عليه ان يكون فاسدا ً او يكون سعيدا ً .
    4. و ان كان المقصود ظاهر الحديث من الضلالة و الهدى فهو كشف ٌ و علم و ليس تحريك كمن يعلم بإن فلان سوف يموت كما في بعض الحالات ان بعض الاطباء يعالج شخص يجد ان المرض إستفحل فيه و يقدر او افترضنا ان عنده يقين ان فلان سوف يموت و علم بذلك فموته ليس له دخل بعلم هذا الشخص يعني العالم لم يجبره على الموت و إنما لعالم كشف الواقع الذي سيتنهي اليه الشخص و الله سبحانه و تعالى عندما يقول فلان شقي و مقدر من الأزل انه شقي يعني علم و كشف بعلمه الازلي ان فلان شقي و لكن لم يجبره على الشقاء .

    الإشكال الرابع : إشكال طينة و اثرها في القضاء الحتمي كما هو ظاهر فالاخبار مستفيظة ٌ ان الله تعالى  خلق السعداء من طينة عليين من الجنة و خلق الأشقياء من طينة سجين من النار و كل ٌ يرجع الى حكم طينته من السعادة و الشقاء ، هذا الإشكال يقول إذا قلنا بإن الله إنما خلق الإنسان من طينة خاصة الشقي من طينة خاصة و خلق التقي من طينة خاصة اخرى و هي التي تعود الى الجنة إذا ً الإنسان مجبور من اول خلقته مصيره معروف الجواب على ذلك .

     

    1. انها مترتبة عل العلم ايضا كما ذكرنا قبلا ً فمن علم الله سبحانه و تعالى انه كذلك بالعلم الازلي يعلم ان هذا لو خلي و نفسه سوف يختار الشقاء يجعله في طينة تناسب الشقاء لعلم الله سبحانه و تعالى بما سوف يختار هو ، و من علم فيه السعادة الله يختار له الطينة المناسبة مع ما سيختاره هو في علم الله الازلي فليس جبرا ً عليه و انما هو توفير ما سوف يختار هو .
    2. الطينة ليس لها دخل ٌ في الإختيار من الاساس بل الإختيار مرتبط ٌ بروح الإنسان روح الإنسان هي التي تختار و ليس جسده و طينته .
    3. القضاء الحتمي ليس على الفعل كيفما كان و إنما على الفعل الإختياري الله سبحانه و تعالى يقول قضينا و كتبنا ان فلان سوف يكون كذا و كذا بحسب إختياره هو و ليس جبرا ً ان يختار هذا الطريق او هذا الطريق .

    الإشكال الخامس : البيئة و الغذاء و اثرها المقتضي في صفاء الروح و شقاوتها ، وكما يقولون القاه في اليم مكتوفا ً و قال له اياك اياك ان تبتل بالماء ، يقول هذا المشكل الله سبحانه و تعالى يحذر الناس و يريد منهم الإستقامة و لكن شخص يجعله تحت ابوين شقيين و شخص اخر تحت ابوين مؤمنين فهذا نوع من الجبر لأنه لا إشكال بإن الغذاء له اثر على روح الإنسان و لا إشكال ان لاتربية لها اثر على روح الإنسان و المجتمع له اثر على روح الانسان إذا هو نوع من الجبر ن

    الجواب ،

    1. ان هذه المور مقتضية و ليست علة تامة يعني لها اثر و لكن ليست الى درجة ان يكون الإنسان غير مختار لذلك من يكون في اسوء المجتمعات ومع افسد الناس تجده الامور الاساسية من التحسين و التقبيح العقليين يدركها و يقول بها فلا يجد الفعل القبيح حسنا ً يدركه ان هذا سيء فهذه الأمور مقتضية و لا تسلب الإرادة و إن كان لها اثر في كونها مقتضيا ً و بيئة للفعل و لكن ليس الى حد الجبر .
    2. ان الحساب لا يكون إلا بحسب ما أوتي من قابليات فالشخص الذي يكون ابوه من الصالحين يطلب منه ان يكون صالحا ً لأن الجو الذي   فيه جو طهارة يجب ان يكون كذلك ،  و الشخص الذي يكون اقل لا يطلب منه اكثر من عاش مع النبي صل الله عليه واله او مع علي عليه السلام يختلف مع من عاش مع اب ٍ شقي لذلك يحاسب كل بحسبه و حسب ظروفة لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ما هيأ لها ما حقق له ،  و يقول ايضا في نساء النبي يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ( 2 ) لماذا هل فقط لانها زوجة للنبي صل الله عليه واله لا بل لان الظروف التي تكون ظروف طاهرة و نقية يجب ان تنتج النقاء و الطهارة ، لذلك يُقال عن الشريف المرتضى او الشريف الرضي انه كان يقر بإن الهاشمي إذا إرتكب ما يوجب الحد يحد مرتين يقال حد لكونه مكلف حاله حال غيره و حد كونه ينتسب للنبي صل الله عله و اله يقول ليس مقبول منه ان يصدر منه الفعل القبيح إذا الاجواء لها دور و الإنتساب له دور لذلك كان الامام امير المؤمنين و الامام الصادق عليهما السلام في قول لبعض اصحابه الحسن من كل احد ٍ حسن و منك احسن لقربك منا و القبيح من كل احد ٍ قبيح و منك اقبح لقربك منا لن الشخص الذي ينتسب للإمام يجب ان تكون افعاله حسنة .

    الإسكال السادس ، القول بالإختيار ليزمه التصرف و الخلق مستقلا ً في ملك الله ، هذا المشكل يقول إذا قلنا ان الإنسان مختار صار الإنسان خالق وهو إشكال المجبرة فصار الإنسان متصرف في ملك الله ،

    الجواب ،

    ان الله يخلق الأفعال و يخلق القدرة على إختيار الفعل و الترك الله يخلق كل فحتى ما يفعله الانسان و ما يختاره الانسان هو مخلوق لله سبحانه و تعالى و ليس له دخل بكونه جبرا ً او ليس بجبر لانه ليس له علاقة بالجبر يقول تعالى وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ( 3 ) و يقول تعالى كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ( 4 ) الله خلق الخلق و خلق الافعال و امد الناس بالقدرة على الإختيار و على الفعل و لم يجبرهم على ان يختاروا هذا او هذا .

    الإشكال السابع ، كيف يمكن التوفيق بين خلق الفعل و كراهيته كالقتل الله سبحانه و تعالى يخلق كل شيء فيخلق الإنسان و يخلق افعاله و الله يكره الظلم فكيف يخلق فعل القتل نفسه ن

     الجواب ،

    ان وقوع المفاسد في ضمن النظام الأصلح طبيعي في بعض الأحيان عندما تريد ان تعطي الحرية في بلد  او في الأسرة عندك في البيت تعلم ان هذه الحرية يستلزم منها بعض الخالفات و بعض التجاوزات و لكن تقول هناك هدف ارقى و اهم وهو تربية الافراد وهو صلاح الافراد فالنظام الأصلح ان يكون الإنسان قادرا ً بإختياره على الفعل و إختياره للفعل يكون سببا ً لاظهار كماله و  كمال غيره و تحقيق الإختبار الذي هو غاية الخلق و النتيجة التي يؤول اليها الإنسان .

     

    الإشكال الثامن ، وهو الأهم وهو الأصعب ، الجبر على الإرادة يلزم الجبر ،

    هذا الإشكال يقول ان الإنسان يختار و لكن من اين هذا الإختيار ؟ من الارادة ، من اين جائت الارادة هل هو الإنسان خلق الإرادة او اراد ان يريد فيلزم ان تكون هناك ارادة قبل هذه الإرادة حتى يريد هذه الإرادة و تلك الإرادة تحتاج الى ارادة قبلها و قبلها و قبلها ارادة فيلزم التسلسل الى ما بداية او ينتهي لإرادة الله سبحانه و تعالى او ينتهي لكون الإنسان مجبور هذا الإشكال يقول ان الإنسان في إختياراته من الذي خلق إرادته إذا خلق الارادة الله إذا ً الإنسان مجبور ليس له دخل يعني ذاك الذي يأتي و يقتل الصالحين و يريد ان يقتلهم أراد هذه الارادة إما ان تكون في سلسة غير متناهية وهو مستحيل عقلا ً او ان تكون منتهية لله سبحانه و تعالى فيكون جبرا ً هذا هو الإشكال المعقد ،

    الجواب ،

    ان الإرادة تصدر عن النفس المختاره نفس الإنسان عندها الإختيار التي هي تجلي ٍ لله نفس الإنسان هي تجلي ٍ لله الله سبحانه و تعالى يتجلى في خلقه و أعلى تجلي و اوضح تجلي ٍ لله في روح الإنسان
    ، ان النفس مختاره بوجودها الذاتي و لها لقدرة كجوهر ٍ في الإختيار بلا حاجة ٍ لإرادة ٍ قبل ارادتها فقد خلقها الله ذاتا ً مريدة ، الله سبحانه و تعالى خلق الذات مريدة و عندها القدرة على إختيار الطرفين و ما تريد و لتوضيحها مثال ٌ نعتقده و ندركه إرادة الله تعالى التي هي صفة من صفات الله لا تحتاج الى إرادة ٍ قبلها ، هل الله في إرادته لشيء يحتاج لإرادة حتى يريد حتى يريد هذه الإرادة لا يحتاج هي ارادة واحدة من الله سبحانه و تعالى هذه الإرادة مرتبطة بذاته لانها من صفات الذات و الإختيار فجوهر الوجود هو الإختيار و الإرادة عند الله سبحانه و تعالى فالإختيار موجود في مقام الذات لا يسبق بإرادة ٍ قبله ،

    إذا ً النفس فاعلة بالتجلي و تتجلى صور و آثار ٌ لنفس الإنسان هي الإختيار و الإرادة ، إذا ً الإختيار مخمور ٌ في ذات الإنسان و في واقعه و حقيقته في روح الإنسان و حقيقته كجزء ٍ منها ذاتي  طبعا ً نقول بسيطة و لكن فقط من باب التقريب انها هي ذات الإنسان فيها الإختيار جوهر ٌ مختار و لذلك ذكرنا المثال هو إرادة الله سبحانه و تعالى فإرادة الله و إختيار الله هي  عين ذاته الإرادة من صفات الذات و الإرادة ايضا في الإنسان من صفات الذات و هي صفة ذاتية ٌ في روح الإنسان مخمورة ٌ فيه و هذا ما يقوله الإمام رضوان الله عليه و ذكرنا المثال وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 5 ) الله اعلى و لكن من باب التقريب ،

    من اين جائت روح الإنسان فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ  ( 6 ) إذا ً روح الإنسان هي نفخ ٌ من روح الله سبحانه و تعالى الله نفخ في الإنسان هذه الروح فعندما نفخ فيه هذه الروح جعلها روحا ً قادرة على الإختيار و على الفعل و على الترك في جميع الجوانب فلا يُقال ما الذي رجح هذا الجانب هي روحه نفسها  من صفاتها الذاتية انها قادرة على الإختيار و تختار ما تريد فهي تجلي ٍ من تجليات  الله و نفخة من روح الله سبحانه و تعالى .

     

    ثانيا ً : الدليل على الإختيار و انه لا جبر ولا تفويض ،

    هذه الامور و الإشكالات التي مرت و الرد عليها و خصوصا ً الاخير هو محاولة لتوضيح قضية الإرادة و الإختيار و ربطها بالجبر و عدمه و لكن نستطيع ان نصل بالدليل عليها من غير الخوض فيها دقيقا ً بالدليل ، نقول الدليل على الإختيار و انه لا جبر و لا تفويض ،

    1. الوجدان ، اعظم دليل ٍ هو الوجدان انا بنفسي عندي يقين بأني موجود لو جاء شخص و اثبت لي انني غير موجود و انا اقتنعت بأني غير موجود ربما اقتنع بالكلام لكن انا في داخلي انا موجود و اقول كيف اقتنعت اذا انا كنت موجود لانني موجود ادرك ذلك بنفسي ايضا الإختيار بالوجدان يدركه حتى المنكر يدرك انه مختار لذلك يفعل و يصر و يهيأ حتى يرد على من يخالفه فهو يدرك بنفسه بوجدانه انما يختار و يفعل بإختياره وهو صاحب إختيار .
    2. القرآم الكريم ايضا فيه الدلالة على الإختيار و ان الإنسان ليس مجبورا ً ،

     

     أ . نسبة المخالفات للعاصين اله سبحانه و تعالى ينسب المخالفة للعاصي فكيف ينسب المخالفة للعاصي إذا كان لم يعصي الله جبره على الفعل فكيف يقال انه عاصي يقول تعالى  إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ إنهم إتخذوا يعني عملوا فنسب إليهم هذا الإتخاذ و هذه المخالفة .

     

    ب . الامر و النهي الله يأمر و ينهى فإذا كان الإنسان غير مخير في فعله لا يستطيع الفعل و الترك فلا معنى للامر و النهي و الآيات كثيرة في ذلك منها إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ  ( 7 ) و قوله تعالى قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ  يأمرهم و ينهاهم لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ  كيف يأمرهم يإستباق الخيرات إذا لم يكونوا في هذا الوارد و لا يستطيعون فعل شيء إذا هم يستطيعون .

     

    ج . التصريح انه لا يمنع العبد ولا يحمله على فعل ٍ قسرا ً قال تعالى كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا الله يقول لم نجبرهم نعطي هذا و نعطي هذا و هم يفعلون .

     

    هـ .  الجبر ينافي القسط الذي وصف الله نفسه به قال تعالى شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ  ( 8 ) و قال تعالى وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ  ( 9 ) و قال تعالى وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ( 10 ) فهو وصف نفسه بالعدل و انه يضع الامور في موضعها فلا يحاسب من جبره على فعل فيدخله الجنة و ليس له دخل ٌ في هذا .

     

    و . التصريح القرآني بأن الإضلال من الله متفرع ٌ على عصيان العبد تقول ان هناك ايات تتحدث عن الإضلال الله سبحانه و تعالى يقول هذا الإضلال ليس جبرا ً و إنما هو متفرعا ً على العصيان الذي يمارسه العبد فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لم يجبرهم على الضلال و إنما هم إختاروا كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ  ( 11 ) هو ضال ٌ هو عاصي فيضله الله بعد ذلك .

     

    الهوامش ،

    1. سورة الأعراف الايات 29-30
    2. سورة الاحزاب الاية 30
    3. سورة الصافات الاية 96
    4. سورة الإسراء الاية 20
    5. سورة النحل الاية 60
    6. سورة الحجر الاية 29
    7. سورة النحل الاية 90
    8. سورة ال عمران الاية 18
    9. سورة فصلت الاية 46
    10. سورة الكهف الاية 49
    11. سورة غافر الاية 34
  • تفسير سورة الأعراف الحلقة 16 — الجبر و الإختيار الجزء 1

    17/6/2019

    بسم الله الرحمن الرحمن

    قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ  *  فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ  ( 1 )

     

    مقدمة ،

    أ . من الاية الاولى من هاتين الايتين وقفنا في الحلقة السابقة على اساس التشريع الاسلامي و هو ،

    1. التوحيد و العبادة و الإخلاص .
    2. العدل و الإتزان و القسط و الإلتزام بالنظام في كل شيء .
    3. ضرورة الحساب و المعاد يوم القيامة .

    و من هذه الاية و الاية الاولى ايضا نستفيد ضرورة الدعاء و لكن بشرط الإخلاص وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ دعاء و لكن بشرط الإخلاص و من مجموع الايتين نقف على شبهة الجبر و الإختيار ايضا و الحديث فيها و الرد على شبهة الجبر و نسبة عدم الإختيار للإنسان ،

    اولا ً : المفردات  ،

    وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ الإخلاص إخراج كل شائبة ٍ من الجنس المتحد كالشعير مثلا ً او غيره او الحنطة او الرز او التمر إخراج الشوائب المغايرة منه يسمى إخلاص و منه إخلاص الدين لله سبحانه و تعالى وهو توجيه العبادة دقيقة ً خالصة لله ليس لها اثر للشرك بغيره فتكون لله سبحانه و تعالى ،

    كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ  البدأ الفعل اول مرة بدأكم خلقكم انشأكم اول مرة .

    تَعُودُونَ العود فعل الشيء ثاني َ مرة بعد ان كان ثم يُفعل ثاني مرة .

    فَرِيقًا هَدَىٰ الفريق جماعة ٌ إنفصلت من جماعة  و تكونت و تآلفت على شيء ٍ متحدين فيه .

    إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِين الإتخاذ بمعنى اعداد الشيء لغرض ٍ و لامر ٍ إتخذوا الشياطين اولياء من اجل نصرتهم من اجل ما يطمحون اليه .

    وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ الحسبان بمعنى الظن وهو ما قوي من الظن اي الترجيح القوي و لكن لا يصل الى اليقين و انما هو ترجيح قوي و لا ينفي الطرف الاخر فيسمى حسبان .

     

    ثانيا ً : البيان ،

    وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ

    مر الحديث في نفس الاية ولكن هو تتممة و توطئة لإشكالات الجبر و الإختيار ،

    وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ

    قيل في معناه  ،

    1. ادعوا الله و تضرعوا له بعد إخلاص الدين بعد ان تكونوا مخلصين لله لا تشركون به مطلوب ٌ من الإنسان ان يدعوا و يبتهل و يتضرع و يتوسل لله سبحانه و تعالى فهذا معنى و ادعوه مخلصين له الدين .
    2. إعبدوا الله مخلصين له الدين و ليس الدعاء و انما العبادة نفسها هي و ادعوه مخلصين له الدين يعني توجهوا له مخلصين في عبادته .

    كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ

    قيل في ربط هذه الفقرة بما قبلها و مرة الاقوال فيها كثيرة ، ربط هذه ان يتفكر الإنسان كما بدأكم تعودون إدعوا الله مخلصين له الدين انتم تعودون للحساب و للجزاء و تعلمون بذلك فالشخص الواعي الذي يعلم بالجزاء يجب ان يكون مخلصا ً حقيقة الإخلاص و يدعو الله و لا يفوت فرصة و لا وقتا ً يسيرا ً من غير دعاء الله سبحانه و تعالى لعلمه بهذه العاقبة كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ  انتم تعلمون بذلك فلأجل هذا العلم عليكم مواصلة الإخلاص و التركيز على الخلوص لله سبحانه و تعالى كما مر تفصيله ن

    او هي مرتبطة بغير هذا مرتبطة بإثبات المعاد فهي تقول كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ مرتبطة باللآية التي مضت قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ( 2 ) هي مرتبطة بإثبات المعاد لان المشركون اهل مكة  كانوا ينفون المعاد الجسماني  يقول إذا إندثر الإنسان و تلاشت اعضائه و صار تراب و ذرته الرياح و إنتهى لا يمكن إعادته ، الله سبحانه و تعالى يقول الذي أنشأكم من ماء و انشأ كل شيء قادر على ان يعيدكم كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ  فهو إثبات للمعاد .

    فرِيقًا هَدَىٰ  أي فريقا ً قضى لهم الهداية و هذه مقدمة ٌ في دخول الاشكالات

    فرِيقًا هَدَىٰ  أي فريقا ً قضى لهم الهداية و ذلك ،

    1. بقبول الهدى بإختيارهم قضى لهم الهداية بإختيارهم .
    2. لطف الله بهم و حب اليهم الهدى في نفوسهم ، هدى بمعنى لطف بهم و هيأ لهم الهدى في نفوسهم و حبب حب اليهم الهدى في نفوسهم .
    3. او هيأ لهم مقدمات الهداية وسهل لهم سلوك سبيل الهادية كشخص يولد عند ابوين مؤمنين السُبل مهيأة الذي يكون مع النبي غير الذي يكون بعيدا ً عن هذه الايمانية ، فهيأ لهم مقدمات الهداية .

    إنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ هذا المقطع يبين سبب القضاء الحتم في حق الكافرين  ومصيرهم الى النار ، ما هو سبب هذا القضاء الحتم الذي لن يُخلف و لا بد ان يكون !  هو يبين لهم ان لزوم الشقاء و الضلال إنما هو متفرع ٌ على إتخاذ الشياطين اولياء لانهم اتخذوا لاشياطين اولياء الله سبحانه و تعالى قضى و حتم عليهم الضلال  و العقاب يوم القيامةكُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ سورة الحج الاية 4 لأنه إتبع الشيطان إتخذ الشيطان و لي الله سبحانه و تعالى أقر و اثبت و حتم ان يكون مصيره الى ان النار  .

     

    ثالثا ً : إشكالات ٌ مرتبطة ٌ بالآية وهو توطئة للحديث  في الحلقة القادمة ان يكون مفصلا ً

    هو بحث مختصر جدا  في قضية الجبر و الإختيار ،

    الاشكال الاول ، التقدير الازلي يلزم منه الجبر و عدم القدرة على التغيير هذا المشكل يقول إذا كان هناك تقدير من الازل الله سبحانه و تعالى قال فريقا ً هدى و فريقا ً حق عليهم الضلالة و قال كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ  الذي كان ضالا ً سوف يعود ضال حتم ٌ من الأزل فيقول إذا الإنسان مجبر و ليس مخير و الجبر ، و الجواب على ذلك ،

    1. العلم بكل شيء ٍ كما كشف ٌ و ليس تحريك و الآية تتحدث عن العلم بالمصير ، عندما تعلم بشيء ليس معنى العلم انك تحرك الشيء ، الذي يعلم بإن الشمس تخرج من جهة و تغيب في جهة اخرى فإذا سأته يوما ً من اين تخرج الشمس يقول من هنا و اين تغيب يقول هنا هل له دخل بعلمه بتحريك الشمس لا ليس له دخل هذا العلم يكشف فقط ، عندما يؤتى لك بأطفال و تعلم ان هذا يسلك سلوك سيء و خطأ و تقول هذا سوف يعمل كذا و كذا إذا كان عندك قطع و لكن انت لم تحركه للفعل و إنما فقط العلم فنقول اولا ً العلم علم الله سبحانه و تعالى بما سوف يعلمون وما سوف ينتهي اليه مصيرهم هو ليس تحريك و ليس جبر .
    2. و التقدير الله سبحانه و تعالى قدر و حتم و كتب في اللوح المحفوظ ان فلان سوف يكون ضال و لكن بإختياره انه هو الذي سوف يختار فكتب ما سوف يختار لعلم الله الازلي بالأمور الله سبحانه و تعالى يعلم بالناس و بنواياهم و بقابلياتهم و بما سوف يختارون فكتب ذلك وقرر و قال هذا سوف يختار كذا فحتم ٌ سوف يختار كذا و لكن ليس جبرا ً بإختياره سوف يكون مصيره الى النار ، إذا ً العلم الازلي ليس له دخل علم ٌ ازلي و تقدير ٌ ازلي لما يختاره الإنسان .

    الإشكال الثاني دلالات الايات على الجبر ،

    هناك ايات كما هذه الاية التي إفتتحنا بها الكلام فيها تلميح ٌ و إشارة ٌ كأن الإنسان مجبورهناك آيات تقول هذا الكلام و تطرح هذا المعنى ، مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ  ( 3 ) من يهدي الله     الله هو الذي يهدي وهو الذي يضل فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ سورة إبارهيم الاية 4 الله يضل وهو الذي يهدي و يقول تعالى فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ  ( 4 ) الله اراد ان يهديه جعل صدره مفتوح اراد ان يضله جعل صدره ضيقا ً ،

    الجواب على ذلك ن

    1. انها مرتبطة بالعلم الواقعي فمن يعلم ( بإختلاف تصوير ) فمن يعلم الله فيه خير لو خلي و نفسه أكرمه الله و هيأ له الأمور و جعل صدره  رحبا ً و جعل قابليته للخير و من يعلم لنه بما يعطى لن يفلح و لن يستقيم يجعل صدره ضيق إذا ً العلم من الله سبحانه و تعالى لكونه مسبق و هو جواب لبعض الإمتيازات التي تكون للأولياء و الأنبياء لانه لماذا يكون النبي عيسى في المهد نبيا لماذا يكون  الولي و الإمام في بطن أمه يحدث امه لماذا يكون بهذه الإمتيازات ؟ الجواب ان الله سبحانه و تعالى يعلم مسبقا ً فيهيأ لمن يعلم بهم الإستقامة سُبل الإستقامة  كما نحن في عرفنا و في عملنا الإجتماعي لو جيئ لشخص بطلاب صغار و قِيل له درسهم و نريد منهم نتاج يقول اريد ان اعمل لهم
      إمتحان تقيمي  لكي اخذ المتفوقين واجعلهم في صف و عناية خاصة و الذي هو اقل تفوق و اقل جد اجعله في جهة فيميز هكذا يعمل الناس في كل مكان يعملون للشخص إختبار و يكتشفون قدراته و إستعداده هذا الإنسان لانه يجهل يحتاج ان يتوسل بهذا الإختبار ثم يميز ثم تأتي العناية بهذا التلميذ بحسب ما إكتشفه المدرس و المُمتحن من القابليات اما الله سبحانه و تعالى فهو يعلم مسبقا ً بأن هذا لو خلي و نفسه فإنه سوف يكون مستقيما يعني لو كانت العناية بالنبي عيسى  و بالشقي بنفس العناية ولو كانت العناية بعلي إبن ابي طالب عليه السلام و بالشقي عبد الرحمن ابن ملجم فسيكون بينهما تفاوت انت تحتاج لمعرفة ذلك الى إختبار الله لا يحتاج الله يعلم فلعلم الله سبحانه و تعالى ان هذا سوف يجد و يجتهد و يسعى و يتقدم الله يعنتي به و يميزه و يهديه السبيل و صدره رحبا ً منشرحا ً و ذاك الله يعلم انه مهما إعتنيت به لن يختار إلا الفساد فيجعل صدره ضيقا ً حرجا ً .
    2. ان هذه الايات تتحدث عن الهدايات الثانية الضلال الثاني و ليس الهداية الأولى و ليس الضلال الأول يعني إبتداء ً الله لا يضل الإنسان و لا يجبره على الهداية إبتداء و إنما هو مخير كما يأتي التفصيل ، الله سبحانه و تعالى ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ( 5 ) من هو الذي متقي ؟ متقي يعني مؤمن و بلغ التقوى جعل القرآن هدى هداية بعد التقوى هداية ثانية و هنا أشارت الآية التي قرآناها في الإشكال ايضا فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ   جعل الرجس و الإنحراف و السوء و القذارة على الذين لا يؤمنون اما الذي يريد الإيمان و متوجه للإيمان فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا  ( 6 ) لانه هو فيه خلل لانه لا يريد الخير فيكون في ضلال فيأتيه ضلال آخر و ليس جبرا ً فالآيات لا تتحدث عن الجبر .

     

    الهوامش ،

     

    1. سورة الاعراف اليتان 29- 30
    2. سورة الأعراف الاية 25
    3. سورة الاعراف الاية 178
    4. سورة النعام الاية 125
    5. سورة البقرة الآية  2
    6. سورة البقرة الاية 10
  • تفسير سورة الأعراف الحلقة 15

    15/6/2019

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ    ( 1 )  

    مقدمة :

    في هذه الاية أساس التشريع تبين هذه الاية اساس التشريع الإلهي وهو ،

    1. التوحيد و العبادة و الإخلاص أساس بعثة الانبياء و اساس التوحيد و اساس التشريع هو ان يبدأ بتوحيد الله سبحانه و تعالى و عبادة الله و الإخلاص لله .
    2. العدل و القسط و الإتزان في كل شيء .
    3. ضرورة المعاد والحساب يوم القيامة و بيانه هو دعوة للإستقامة لأن الذي يأمن الحساب لا يستقيم عادة ً و الذي يجعل الحساب نصب عينيه يستقيم فهذا هو التشريع الإسلامي .

    اولاً :  المفردات ،

    قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ  القسط على ما ذكره الراغب  هو النصيب بالعدل كالنصف و النصفة قال لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ  وقال تعالى وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ  القسط هو العدل و اصله عدم اخذ حق الغير و لكن لكثرة الإستعمال كما يقولون صارت تساوي العدل و وضع الشيء في موضعه و المؤدى واحد لان عدم اخذ حق الغير هو وضعه في موضعه .

     

    ثانيا ً : البيان ،

    قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ هذه الاية مقابل الاية السابقة التي تحدثنا عنها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ  تقول هذه الاية ان الله لا يأمر بالفحشاء هنا الأمر بالعكس هنا الامر بعكس الفاحشة المذكور وهو الأمر بالقسط و القسط هو الإعتدال و عدم الإفراط و التفريط في كل شيء يعني ان يلزم الإنسان المقسط الطريق الصحيح الوسط و لا يشد عنه ، فالقسط في العبادة هو الإعتدال يعبد و لا يأخذ العبادة عن غير حقها العبادة حقها لله سبحانه و تعالى فيعبد الله و لا يشرك به شيئا ،

    و من هذه الاية يتبين اصل التشريع و الهدف من بعثة الأنبياء كما قال تعالى  لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ  بعث الله الانبياء ليكون الناس في حياتهم متزنين لا إفراط ولا تفريط .

      وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ هناك اقوال كثيرة في تفسير هذه الفقرة منها ،

    1. المعنى ، يقول توجهوا الى قبلة كل مسجد ٍ في الصلاة على إستقامة ، قبلة المساجد اعمل بها يعني توجد قبله في المسجد خذ بها و صلي فيها .
    2. المعنى ، توجهوا في اوقات السجود وهي اوقات الصلاة الي الجهة التي امركم الله بها و هي الكعبة .
    3. المعنى ، إذا ادركتكم الصلاة في مسجد فصلوا فيه و لاتقولوا نرجع الى مساجدنا ، مثلا شخص خرج الى مكان و صار وقت الصلاة يُقال صل ِّ في هذا المسجد و لا ترجع .
    4. إقصدوا المسجد في وقت الصلاة التي فيها جماعة يقول صاحب هذا الرأي اذا كانت صلاة جماعة فإقصدوا المسجد و لاتصلوا خارج المسجد في البيت .
    5. في تفسير العياشي عن الحسين إبن مهران عن ابي عبد الله عليه السلام في قوله وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ  يقول يعني الأئمة يعني توجهوا للأئمة ،

     

    الرد و الإشكال على هذه الاقوال في سطر واحد ان السورة مكية و ان الكعبة لم تكن هي القبلة في ذلك الوقت لان الكعبة صارت قبله بعد الهجرة و قبلها لم تكن كان بيت المقدس هو القبلة و لم يكن في مكة مساجد حتى يأتي هذا التفصيل .

    6 . اي اعطوا العبادة حقها و تمامها و كمالها فلا يكن توجهكم لها مزحوما ً بخواطر و إنشغالات بل إجعلوا إنقطاعكم لله إنقطاعا ً حقيقيا ً في كل موارد العبادة و الطاعة ، إذا ً إقامة الوجه إعطائه حقه  إعطاء العبادة حقها  ، .

    وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ  أي اخلصوا لله في عبادتكم  و لا يشغلكم غيره تعالى حتى العبادة لا تشغلكم عن الله السيد الطباطبائي يقول ان تعطوا العبادة حقها فتتوجهوا لله مخلصين و لايشغلكم شيء عن الله سبحانه و تعالى بل إخلاص تام لله بحيث ان المخلص لله في هذا يقيم وجهه و يعطي حق العبادة فلا و لا يلتفت لغير الله بل حتى لا يلتفت للعبادة و لا تشغله العادة عن الله سبحانه و تعالى لان العبادة طريق فلا يتسمك بالطريق و يترك الهدف وهو الوصول لله سبحانه و تعالى وهي دعوة لخلوص التوحيد لله سبحانه و تعالى .

    كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ    

    و في هذه اقوال منها ،

    1. تقول ليس بعثكم وحشركم يوم القيامة بأصعب و اشد من خلقكم اول مرة الله سبحانه و تعالى خلقكم ولم تكونوا شيء فبعد ان كنتم و صرتم موجودين فخلقكم مرة ثانية او إعادة هو اسهل و ليس اصعب وهو إشارة لقوله قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ  سورة الاعراف الحلقة الاية  25 إذا هي تشير للبعث و ضرورة البعث وهو تحذير ٌ لمن يشرك بالله سبحانه و تعالى و ينكر المعاد .
    2. كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قول بدأكم فرادى و تعودون كذلك فرادى .

    3 . كون  الخلق الاول و الثامي جميعا ً من تراب كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ     بدأكم من تراب تعودون كذلك للحشر من تراب .

    4 . تبعثون على ما متم عليه من إيمان ٍ او من فسق ٍ و شرك و كفر فكما بدأكم تعودون بدأكم فريقين و فرق مؤمن و فريق كافر فريق مطيع و فريق انكر الطاعة ، الذين تبعوا إبليس صاروا منكيرن  و عصات فالله تعالى يحشرهم كذلك حسب وضعهم كانوا إن كانوا مؤمنين فمؤمنين ام كانوا كافرين يبعثون كافرين ،

    و وجه الشبه في ذلك كما بدأكم فريقين وفريق ٌ ضال و فريقٌ مهتدي كذلك تعودون فريقين ،  فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ سورة العراف الاية  30 فهي إشارة الى حتم هذا الإختلاف و ضرورته و ان الناس إنقسموا في بادئ الخلقة ينقسمون الى فريقين و يعودون في الحشر ايضا الى فريقين فريق مهتدي و فريق ضال .

     

    الهوامش ،

     

    1. سورة الاعراف الاية 29
  • تفسير سورة الأعراف الحلقة 14

    14/6/2019

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ  ( 1 )

    مقدمة : حديثنا حول هذه الاية وهو في الحلقة الرابعة عشر من سورة الأعراف و محاولة الإستفادة من درس ٍ منها و فيها اكثر من درس ،

    موضوعنا هو حول  التقليد المذموم والتقليد المحمود الخطاب في هذه الاية موجه ٌ  للنبي صل الله عليه واله وهو رجوع ٌ من الخطاب العام لبني ادم الى خصوص الحديث مع  النبي صل الله عليه و اله وهدف هذا الرجوع هو التأسيس و الإستنتاج من قصة آدم وخروجه من الجنة وسوف نستفيد من هذا الموضوع او من هذا التفريعة تعميم الفاحشة و ليس حصر الفاحشة في الزنا و الفجور و نستفي من هذا التفريع ايضا ضابطة التقليد المذموم و التقليد المحمود ،

    اولا ً : البيان ،

    وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً  الفاحشة هي الأمر الشنيع شديد القبح ،

    قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا  هذا عذر  من يرتكب الفحشاء فيعتذر بهذا الإعتذار و لم يرد عليه القرآن ها هنا ربما لوضوح بطلانه ، كان بعض المسلمين يعيبون على المشركين الفاحشة و تفصيلها يأتي فيعتذرون إليهم بقولهم    وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا  ،

    العذر الاول وجدنا عليها آبائنا يعني تقليد ٌ للآباء

    العذر الثاني   وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا  وهو ان الله تبارك وتعالى امرهم بها فيرد الله عليهم في ذلك فيقول إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ  بل هو من ينهى عن الفحشاء فلماذا تنسبون الأمر لله سبحانه و تعالى بإقتراف الفحشاء ،

    و قولهم هذا لا يعنون به الأمر المباشر او الأمر عن طريق الرسول و إنما يعنون به التحرك الفطري وهو نوع ٌ من أنواع التأسيس للقول بالجبر فإنهم مجبورن َ على ذلك يقولون الله سبحانه و تعالى هو الذي جبرنا و جعلنا نرتكب هذا الفعل المخالف و ليس من عند انفسنا ،

    أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ من هذه الفقرة نتعرف على فن الحوار كان المتسب للحوار الحاسم ان يكذبهم ان يُقال لماذا تكذبون لكن لمراعات إسلوب الحوار و قبول الطرف الآخر لا يوجه له التكذيب مباشرة فيكون الماسب من اين لكم هذا العلم بما تقولون ؟  تقولون ان الله و الذي أمر ما هو المصدر لكم لتثبتوا ان هذا من عند الله سبحانه و تعالى  .

     

    ثانيا ً : المقصود بالفحشاء في الآية ،

    هناك آراء ،

     

    الرأي الاول ، ذهبت طائفة ٌ كبيرة ٌ من المفسرين ان المقصود بها ها هنا هو فعل المشركين الذين كانوا يبدون سوآتهم في طوافهم حول الكعبة فكان الرجال يطوفون و النساء عرات حول الكعبة و يقولون نطوف كما ولدتنا امهاتنا و لا نطوف في الثياب التي قارفنا فيها الذنوب ، يقولون نطوف طاهرين  لا يتعلق بأجسامنا شيء نطوف عرات حتى نكون خالصين من اي شبهة ٍ في لباسنا ، و الذي جعل هذا الوصف لطوافهم ابدائهم لعوراتهم انها فاحشة و قبيحة انه نسبته للدين و انه نسك ٌ من النماسك يتقربون بها لله سبحانه و تعالى .

    الرأي الثاني ، يقول  الفاحشة هي طاعة حكام الجور و الظلمة كما في روايات عن اهل البيت عليهم السلام ان الفاحشة هي إتباع الظلمة .

    الرأي الثالث ، ان الفحشاء هي كل امر شنيع شديد القبح وهو ما يقوله السيد الطباطبائي رحمة الله عليه و يشمل الرأيين الأولين وغيرهما لانهما من مصاديقِ القبح الفاشح .

    ثالثا ً : التقليد  المذموم و التقليد المحمود ،

    الاية اشارت الى التقليد اشارة سريعة و هنا نتحدث حوله ،

    1. التقليد المذموم في العقائد لذلك يفتي علمائنا ان في العقائد في اصول الدين لا يجوز التقليد ، التقليد في الفروع فقط يقول تعالى بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ( 2 ) وجدوا ابائهم على عقيدة وهم يهتدون و يقتدون بآبائهم و الله يستنكر ذلك وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ  ( 3 ) تشير الى التقليد في العقيدة وهو مرفوض و مذموم بنص هذه الاية .
    2. التقليد بغير حجة ٍ و دليل ايضا مذموم و مرفوض كما يأتي في التقليد المحمود كمن يقلد غير المتخصص فهذا تقليده تقليد مذموم الله سبحانه و تعالى يقول ولَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولً ( 4 ) في كل شيء تتبع انت مسؤول ٌ عن هذا الإتباع ما تسمعه مسؤول عنه ما تبصره مسؤول عنه ما تسير خلفه مسؤول عن هذه الحركة .
    3. التقليد المذموم في الآية هو تقليد الجاهل للجاهل تحدثت الاية عن هؤلاء في ذلك المجتمع الجاهلي فهم يرتكبون الفاحشة لان آبائهم بجهلهم يرتكبون الفاحشة و هم يرتكبونها كما كان ابائهم ، ربما يشكل شخص و يقول كيف يميز الإنسان ان هذا عالم او ليس بعالم و هذا يطرحه البعض خصوصا في الحوزات كيف نميز و نقول فلان عالم و اعلم ونحن اقل منه علم البعض يقول يحتاج الذي يميز ان يكون هو الاعلم ، هذا غير صحيح ،  المعروف و المعهود في جميع المجالات و جميع الاختصاصات ان الذي يميز هو مختص و لكن ليس هو الأعلم لذلك في الجامعة يقولون فلان اكبر الدكاترة اكبر المتخصصين و الذي يقولون و اقل منه لانهم متخصصون و لانهم اصحاب خبرة في المجال بشخصون وكذلك في سائر المجالات .
    4. تقليد الغرب في غير النافع ، الغرب برز بروزا ً واضحا ً للجميع و صار يبهر الكثير فالتقليد في غير النافع هذا تقليد ٌ مذموم ، تقليد الغرب في اللباس الفاضح لنرى الإنطباق معه  ومع مسار الآية و سياق الآية ، تقليد في اللباس الفاضح هو إعادة ٌ للجاهلية و بعض من فعل الفاحشة التي اشارت لها الاية و لكن بجاهلية حديثة الاية اشارت الى انهم يكشفون عوراتهم او يسترون جزء ً منها كما يأتي و تقليد الغرب هو كشف ٌ لذلك او إبقاء شيء من الستر كانوا في الجاهلية يطوفون حول البيت عراتا ً و كانت المرأة تضع على قبلها نسعه او شيئا ً اخر فتقول اليوم يبدو بعضه او كله و ما بدا منه فلا  احله لا تستر نفسها بالكامل فيبدو مه شيء او ينكشف و لكنها تقول لا احله هنا ايضا في بعض من يقلدون و يعملون كذلك مثلا ً تضع صورتها متبرجه و تقول لا اسمح لاحد النظر بريبة او بشهوة او لا اسمح لاحد ان يأخذ الصورة هذا الكلام ليس له قيمة العرض نفسه مرفوض و التبرج نفسه مرفوض فإذا بدت العورة او بدى شيئ ٌ من المحرم فهو في نفس سياق الاية التي ترد عليه الاية من فعل الجاهلية ،

    اليوم تلبس بعض المسلمات اللباس الضيق الذي يفصل كل شيء او اللباس الشفاف الذي يكشف ما تحته تقليدا ً للغرب ، الشباب يقلدون في قصات شعرهم و النساء يقضين اوقاتهم في متابعة صيحات الموضة ، من بعض مظاهر التقليد الاعمى وضع دبابيس الاذن عند بعض الشباب و وضع دبابيس على اللسان عند بعض الفتيات ، ربما يقول البعض ان هذا في نفسه ليس محرما ً و لكن نقول غالبا و عادة يكون فيه إظهار للاجنبي فيكون  حرام او انه يكون خطوة تتبعها خطوة و إنحدار يأتي بعده إنحدار و كل شيء يبدأ بخطوة حتى اللباس اتذكر اول ما لُبس ( البالطوه ) عبائة الكتف كان فضفاض و كانوا يقولون هو استر من عبائة الرأس و لكنخطوة تتبعها خطوة وتنازل بعده تنازل و يصل الى ما يصل اليه ، من القليد للغرب ايضا السهرات المختلطة تقليدا ً للغرب و إنصياع ً للدعاية الغربية ومن بعض مظاهر التقليد للغرب تمرد بعض النساء على الفظائل و الاخلاق و العادات الاسلامية و الإستهتار بالشرف و الكرامة و خلع الحياء و التبرج ، البعض يقول هذه امور قديمة و ان شاء الله ليس في الموجودين و لكن يوجد شيء من ذلك ،

    إذا ً التقليد المذموم هو ما نراه من تقليد ٍ  في كل شيء ٍ غير العلم و التقدم و الإنتاج و الإختراع و إستثمار الوقت هذه الامور المهمة التي لا يقف عندها كثير ٌ من الناس و يركزون على الامور الهامشية او الامور التي تؤدي للإنحراف .

     

    سبب التقليد الاعمى ،

     

    1. توجيه ٌ إستعماري ممنهج للقضاء على هوية المجتمع الإسلامي ، هذا التقليد الذي نراه ليس كله عفويا ً بصورة عامه يوجد  له تخطيط للقضاء على هوية المجتمع و خصوصا ً في جانب النساء هناك دراسات متخصصة بإسم علم نفس المرأة تدرس هذه الدراسات إهتمامات المرأة و اولوياتها ، مدى تقبل المرأة للجديد و قبول التغيير لواقعها ،  كيفية توجيه المرأة الى اخره فيدرسونها و يدخلون من هذا الباب كيف نؤثر حتى يتغير المجتمع و تتغير عاداته التي نشأ عليها ، هذه الدراسات لاتعدم الفائدة لو أُخذت لخير الناس لكن إستغلالها للقفز على عادات و عقائد الناس .
    2. الفراغ القاتل الذي يعيشه الناس عندما يكون الناس في فراغ يحدث هذا التغيير و طبيعة الإنسان و الفضول يوجب التغيير لانه فراغ و يحب التغيير فيحدث التقليد ينظر هنا شيء جديد فيأخذه ، لذلك تجد التقليد حتى في بعض الأمور التي ترتبط حتى بالدين لانه جديد .
    3. حب التميز و الظهور أمام الأقران ان يأتي بشيء جديد يكون متميز ينظر اليه الاخرون خصوصا عند النساء جمال ظاهر ينظرون إليها فهذا شيء يميزها فتقلد في ذلك .
    4. عدم مراقبة الاسرة وعدم إحتضانها الصحيح للأولاد خصوصا ً قبيل سن المراهقة ، إذا لم يكن إحتضان للأسرة الاب الام إذا لم يكونا صديقين للاولاد الولد يبحث عن الحنان عن التميز عن الظهور في الخارج اما اذا كان محتضن من  قِبل الأسرة فيمكن ضبطه في الطريق الصحيح .
    5. غياب القدوة الحسنة ، إذا لم يكن عند الشخص قدوة حسنة يقتدي بها و يجعلها نصب عينيه يكون هذا يقلد هنا او هنا كل شيء ٍ يعجبه يسير اليه .

    التقليد المحمود ،

    التقليد ليس كله مرفوض و إنما التقليد الذي مر بالتفصيل هو مرفوض و هناك تقليد ٌ محمود مطلوب وهو الطبيعي ، وهو تقليد الجاهل للعالم او غير المتخصص للمتخصص في مجاله في كل مجال ، في الطب الإنسان العادي يرجع للطبيب في الدين يرجع لعالم الدين و في الهندسة والى اخره ،

    التقليد و الإستفادة من نتاج الفكر و المعرفة مطلقا ً المعرفة الإنسانية المعرفة الدينية كله كله لا يعد تقليدا ً مذموما ً و لكن ان يكون من الطريق الصحيح من المتخصص في مجاله ،

    التقليد في الدين في الفروع و ليس في العقائد تقليد ٌ محمود ان يقل ولكن في الفروع في الاحكام  ليس في اصول الدين نفسها ،

    أدلة التقليد المحمود ،

    لان هناك حملات في هذه الآونة على قضية التقليد حملات شعواء تسقط المراجع انه لا نحتاج الى تقليد و كما يفهم المرجع نحن نفهم الى غير ذلك قد ذكرنا هذا و لكن نذكره في طريق تسلسل الادلة و ضمن هذه الاية التي قرأناها في اول الكلام ،

    ادلة التقليد المحمود هي ،

    1. الدليل العقلي ، يحكم العقل على الجاهل في موارد وجوب تحصيل العلم و دفع الضرر بالرجوع للأهل الإختصاص و اهل الخبرة ، العقل يحكم بهذا و من الذي يقول عقله لا يحكم ! لماذا يرجع الإنسان بطبيعته للطبيب او للمهندس او لأي متخصص في مجاله ؟ لان العقل يقول انت تجهل إرجع الى من هو متخصص في هذا المجال .
    2. الدليل العقلائي اي السيرة العقلائية وهو سلوك الناس العقلاء سواء كانوا مسلمين او غير مسلمين مؤمنين او غير مؤمنين بطبيعتهم يرجعون لأهل الإختصاص ، و هذه السيرة كانت موجودة في زمن الأئمة المعصومين و لم يكونوا ينكروا عليها فكان الناس يرجعون و يسألون العالم او العالم يجيب و الامام لا ينكر عليهم ذلك فتكون هذه السيرة العقلائية حجة .
    3. دليل سيرة المتشرعة ، ايضا سيرة و لكن هذه السيرة المتشرعة يعني سيرة المؤمنين المتدينين يعملون بها و يرجع الجاهل منهم بالحكم الشرعي الى العالم و هي نفسها سيرة المتشرعة تكشف ان سيرة الأئمة سلام الله عليهم يرضون بذلك وكانوا على ذلك يقول الشيخ الطوسي رحمة الله عليه يقول انس وجدت عامة الطائفة من عهد أمير المؤمنين الى زماننا هذا يرجعون الى علمائها و يستفتونهم في الأحكام و العبادات و يُفتونهم العلماء فيها ، سيرة قائمة المتشرعة المتدينون يرجعون الى المتخصص ، إذا ً الدليل العقلي و الدليل العقلائي و دليل سيرة المتشرعة على ذلك .
    4. الدليل القرآني ، هل القرآن يذم التقليد عندما توجد ايات تذم التقليد و تنهى عن التقليد الذي مر و فرغنا منه اما التقليد الصحيح فننظر ماذا يقول القرآن في تقليد الإنبياء يقول تعالى لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ( 5 ) القرآن يثبت ان رسول الله صل الله عليه واله اجعلوه اسوة قدوة يعني قلدوه إتبعوه و يقول تعالى قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ   ( 6 ) إذا تقليد ٌ للأنبياء صحيح لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ  ( 7 ) إذا ً السيرة و  القرآن يؤكد انه قلدوا النبي إتبعوا النبي إجعلوه الأسوة إجعلوه القدوة دليل ٌ من القرآن بخصوص التقليد الصحيح للنبي ، ربما يخطر في البال ان النبي معصوم و التأسي به و الإقتداء لأنه معصوم فلماذا تجرونه على المراجع و العلماء ،

    نقول تقليد العلماء في القرآن وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ( 8 )  القرآن هنا يتحدث عن المؤمنين و ليس عن الأئمة و ليس عن النبي صل الله عليه واله المؤمنون عامة يقول لا يمكن ان يذهبوا كلهم ليتفقهوا و ليسئلوا النبي او ليسئلوا الإمام  و لكن ينفر منهم اناس فيأخذوا العلم ،  وفي هذه دلالات ثلاث ،

     

    الدلالة الأولى ،

    وجوب التفقه ، دلالة انه يجب ان يتفقه اناس من المجتمع فإذا صار هناك خلل فالخلل على الجميع ، المجتمع المتدين إذا كان فيه نقص على المجتمع ان يبعث احدا ً لمكان الإختصاص ليتعلم فيقفون معه و يدعمونه و يؤيدونه و يسددونه ثم يرجع اليهم .

    الدلاالة الثانية ،

    يأتي بالانذار ليبين لهم الأحكام لأيخذهم للصحيح ليبين لهم ان هذا خطأ و ان هذا بدعة وهذا إنحراف فيستقيم الناس إذا ً واجب ٌ ان يتفقه اناس من المؤمنين و واجب ان يرجعوا بإنذارهم ،

    الدالة الثالثة ،

    وجوب الاخذ بإنذار  و هم ليسوا بأنبياء بل من المؤمنين يتفقهون في الدين و يرجعون الى قومهم فينذرونهم .

    5 . الدليل الروائي ، هناك ايضا ً ادلة روائية و سيرة من الأئمة عليهم السلام تثبت ان الإمام لا يقول التقليد باطل و إنما يرجع الجاهل للعالم ، قال الإمام الصادق عليه السلام لآبان ابن غلب اجلس في مسجد المدينة و إفتي الناس فإني احب ان ارى في شيعتي مثلك ، هو يفتي الناس بماذا و هو ليس معصوم ؟

    لكن الإمام يقول له هذا العمل صحيح يكون عالما ً قادرا ً فيبين الأحكام للناس و قال الإمام الرضا عليه السلام لعبد العزيز المهتدي عندما سأله إني لا القاك في كل وقت فمن من اخذ معالم ديني فقال عليه السلام خذعن يونس إبن عبد الرحمن الإمام يرجعه لشخص ٍ ليس نبيا ً و ليس معصوم ، إذا التقليد بهذه الأدلة صحيح و معتبر بينك و بين الله و ليس مذوما ً .

     

    فوائد المرجعية و التقليد ،

    1. إمتداد الولاية للنبي و اله صلوات الله عليهم اجمعين و حفظ الدين من منابعه الأصلية يحفظ بوجود مرجع امين صادق قادر شجاع لا يداهن في الدين و لا يخون الدين و إنما يحفظ الدين من منابعه الاصيلة .
    2. تحصل احكام الدين و تحصينها من الانفلات في الاذواق لا يستطيع شخص ان يقول انا اعرف لا يستطيع ان يقول انا اقرأ الحديث يقول انا عندي كتاب بحار الانوار وهو مكون من 110 مجلدات التمحيص فيه لا يخرج 10 مجلدات صحيحة فمن اين لك ان تشخص و تقف و تقول هذا صحيح و هذا خطأ و مع تعارض الأدلة في الصحيح منها تأخذ بماذا و كيف توفق يحتاج الى تخصص فائدة العالم ان يشخص ذلك و يبين و يقدمه من غير إنفلات و إلا لو كان كل شخص يأخذ بما يراه هو نفسه يكون الإنفلات ، حفظ ثقافة اهل البيت عليهم السلام اثر المرجعية من ذلك الزمان الى هذا الزمان انك تجد ان اتباع اهل البيت لهم ثقافة و ذوق خاص يعرفه القاصي و الداني يفتخر به الجميع في كل اقاصي الارض ان الذي يكون من اتباع اهل البيت عليهم السلام ثقافته خاصة الذي يحفظ و يوجه هذه الثقافة المراجع و العلماء فلا ترى من اتباع اهل البيت ارهابيا ً و لا ترى معتديا ً ترى الإعتدال و الإنسجام و المحبة و الإنسانية من مسلك اهل البيت عليهم السلام .
    3. حفظ وحدة المسلمين و ليس اي وحده و حده المسلمين و لكن بمنهاج الدين لان المرجع لا يداهن بعض الناس يقول نريد وحدة ً و لكنمن اجل الوحدة يتناول و هذا تراه في بعض المثقفين يقول نبحث عن الوحدة مع الاخر فنلغي هذا و هذا اما المرجع الصادق فيقول نحن مع الوحدة نوحد الناس و نتفق مع الناس و لكن بمنهج اهل البيت عليهم السلام إستنادا ً لتعاليمهم كما تقول سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام ( و ولايتنا امانا ً من الفرقة ) لا نريد الفرقة بهذا المنهج الصحيح .
    4. الدفاع عن مقدسات المسلمين ، كم تعرضت مقدسات المسلمين قديما ً و حديثا ً و من الذي كان يستطيع ان يحمل الراية و يوقف الإعتداء على مقدسات المسلمين إلا المرجع لذلك العالم كله حرب ان لا يكون المرجع و ان المرجعية قديمة و يشترى اناس بالأموال حتى يجرحوا في المرجعية لما يرون من اثر ٍ لها و بدى هذا الاثر واضحا ً في العراق في قضية داعش و غيرها إذا ً المرجعية هي امانا ً للناس و حفظ ٌ للدين و يجب التمسك بها و ليست من التقليد المذموم المرفوض .

    الهوامش ،

    1. سورة الاعراف الاية 28
    2. سورة الزخرف الاية 22
    3. سورة الزخرف الاية 22
    4. سورة الإسراء الاية 36
    5. سورة الأحزاب الاية 21
    6. سورة الممتحنة الاية 4
    7. سورة الممتحنة الاية 6
    8. سورة التوبة الاية 122
  • تفسير الأعراف الحلقة 13

    10/6/2019

    بسم الله الرحمن الرحيم

    يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ( 1 )

     

    اولا ً : المفردات ،

    لَا يَفْتِنَنَّكُمُ  لا يخدعنكم الشيطان و الفتنة هي الإبتلاء و الإختبار و هنا إختبار و لكنه بإيقاع ٍ في المخالفة و إغرار لإضلال الإنسان ،

    يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا النزع قلع الشيء  و هذا من المنازعة اي شدة المحاولة لنزع اللباس الثابت الساتر فهو يٌصر على نزعه و خلعه من الإنسان المستور .

    هُوَ وَقَبِيلُهُ  قبيل الشيطان هو نسله و إستدل على ذلك بقوله  تعالى  أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ   فقبيل الشيطان جمعه الذين هم نسله .

     ثانيا ً : دلالات الاية ،

    1. التحذير من فتنة الشيطان و هي ما اشارت إلية الآيات من العداوة المتأصلة بين إبليس و بين الإنسان و انه لا يقر له قرار حتى يضل الإنسان يأتيه من كل جانب ليوقعه في التهلكة و الفساد .
    2. الشيطان لا يترك بني آدم في سعادة ابدا ً كما كان آدم في جنته لا يتركه ابدا ً ان يكون سعيدا ً و ان يكون في الجنة .
    3. الشيطان يسعى لكشف عورات و سوآتهم و ا يرضى لهم سعادة ً ابدا ً و ان كشف عورات الناس هو الطريق لحرمانهم من السعادة و ذلك هو غاية الشيطان الشيطان لا يرضى بالسعادة لبني آدم مطلقا ً المؤمن و غير المؤمن لا يرضى لاحد ان يكون سعيدا ً لا في النعيم الخالد و المقيم يوم القيامة و لا في الدنيا ايضا .
    4. إن لكم عورات لا يسترها غير لباس التقوى هناك نقوصات في الإنسان هناك خلل ظاهري ، هناك عورة ٌ ظاهرة يسترها بلباسه الظاهري و هناك عورة معنوية ٌ باطنية لا يسترها إلا بالتقوى .
    5. إن الشيطان يراكم و يكيد لكم في حين لا ترونه .
    6. إن ولاية الشيطان على غير المؤمنين فقط .

    هذه مدلولات هذه الاية .

     

    ثانيا ً : مسلك إبليس ،

    إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ

    1. إن إبليس في إغواءه و تضليله لا يدرك وجوده الإنسان فالإنسان لا يرى نفسه إلا عند المعصية  لا يرى نفسه الا حين المخالفة لا يرى إلا نفسه و لا يلتفت لوجود ِ إبليس و ان إبليس له دخل ٌ في هذه المخالفة و هذه المعصية الله يقول انتم لا ترونه و لكنه موجود ليضلكم  إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ .
    2. عدم رؤية إبليس هل هي مطلقة ام لا ؟؟  الجواب هناك إتجاهان  الإتجاه الأول بعض المفسرين يقول بعدم الرؤية و انه لا يرى ابدا ً وما يُدعى من الرؤى فهو غير حقيقي و يستدلون بهذه الآية إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ  الإتجاه الثاني إمكانية الرؤية و ذلك ان الاية ليست في بيان الرؤية او عدم الرؤية الاية لا تتحدث في مجال هل يمكن ان يرى او لا يرى و إنما تذكر التحذير من ابليس و التحذير من ابليس في حين مجيء ابليس لإضلال الإنسان في حين اصرار ابليس لاضلال الانسان إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ   في حين يريد الإضلال و هذا كما يقولون كما في قول القائل راقب فلان من حيث لايراك ليس انه لا يراك ابدا ً و إنما في حال الاضلال يعني يأتيك بخفة ٍ و بحيث لا تراه ، ايضا تضافرت الروايات على الرؤية لا اذكر هنا و لكن يوجد رويات كثيرة و صحيحة بحيث يقال انها تضافرت من كثرتها على ان ابليس يرى و انه تمثل للإنبياء و غيرهم و كان يتهيأ بهيئة إنسان الى غير ذلك .

    رابعا ً : ولاية الشيطان و سلطانه ،

    1. سلطانه على من يريده ، هو ليس له سلطان و سيطره على احد و إنما الشخص الذي يريد ابليس الشيطان يكون له بالمرصاد إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ  إذا ً اول الخطوات لسيطرة إبليس و إضلال ابليس هو الإنسان نفسه إذا تحرك الإنسان و هيأ نفسه للشيطان الشيطان يسيطر عليه إذا كان هو رافض الشيطان لا يقرب منه و لا يسطيع ان يصل اليه .
    2. ليس له ولاية ابدا ً على المؤمنين إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ  ( 2 ) فقط سلطانه على من اتبع ، إذا تحرك الانسان و كفر بآيات الله يعني لم يأخذ بما يؤيده و ينتهي اليه عقله و فكره الصحيح هنا اذا صار انحراف في فكره و تجنب الاخذ بما ينتهي اليه عقله الشيطان يدخل اليه فتكون له الولاية ، حديثنا بالنسبة لرؤية الشيطان و عدم رؤيته لا ينافي و لا يتعارض في موضوع تسخير الشيطان و عدمه ذاك موضوع اخر و ليس له دخل ٌ ايضا في موضوع التلبس بالإنسان و عدمه ذاك موضوع ٌ آخر سواء ً قلنا بالرؤية ام بعدمها .
    3. الحذر المطلوب ، الله سبحانه و تعالى يحذر بني ادم ما هو هذا الحذر ؟ هو عمل وقائي و حذر و بناء ٌ في كل شيء ان يكون الإنسان حذر و ان يكون عاملا ً في كل شيء يبني نفسه من جهة و يحذر من جهة ، حذر ٌ في الأكل فلا يأكل حراما ً و لا شبهة كما ذاق ادم الشجرة في الجنة فمطلوب من الانسان الحذر فلا يقع تحت تأثير الشيطان فيأكل الحرام و  يقرب من شهواته المحرمة الله سبحانه و تعالى جعل الطريق السليم عليه ان يأخذ الطريق السليم ، و لاتحركه الفتنة في علاقاته الإجتماعية إذا وجد فتنة في الجتمع عليه ان لا تحركه الفتنة عليه ان يكون رزينا ً في مواقع الفتن فضلا ً عن ان يكون  سببا ً في فتنه ، يجب ان تكون حركة الإنسان تحت ميزان العدل و الإنصاف في كل شيء .

    النتيجة و الخاصة التقوى لها جانبان ،

    الجانب الإيجابي و هو البناء و تقوية الإيمان و ان يكون على معرفة و ايمان بالله معرفة بالمعارف الالهية بالله سبحانه و تعالى و غير ذلك و ايضا يكون عنده عمل .

    الجانب الاخر هو الجانب السلبي وهو الحذر وهو مطلوب و لا يقول شخص انا بلغت من الإيمان درجة فلا أحتاج للجانب السلبي الله سبحانه و تعالى جعل الإنسان بكيانه مهما كان عليه ان يخطو خطوتين يسلك مسلكين مسلك البناء الذاتي بناء الروح تقوية الإيمان و مسلك الحذر الإجتناب لذلك يؤمر بالعمل و يؤمر بالإيمان و يؤمر بإجتناب ما يؤدي للفساد قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ   لا يقول انا بلغت من الايمان درجة ً عالية و استطيع البعض يتصور هذا التصور الخاطئ و يقول انا مؤمن و علاقتي مع النساء استطيع ان اكونعلاقةو البعض يذهب الى اكثر من هذا و يقول صداقة و هذه الصداقة في حدود ايماني انا مؤمن و هي مؤمنة الله سبحانه و تعالى  يقول هذا الجانب السلبي اعمل به ايضا تجنب النظر للنجس الاخر و اعمل بتقوية الايمان عليك العمل في البناء و عليك التجنب لما يؤدي الى الشيطان و يكون محلا ً للشيطان .

    الهوامش ،

    1. سورة الأعراف الاية 27
    2. سورة الحجر الاية 42

     

     

     

     

  • تفسير سورة الأعراف الحلقة 12

    8/6/2019

    بسم الله الرحمن الرحيم

    يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ( 1 )

     

    اولا ً : المفردات ،

    اللباس كل ما يصلح للبس و ستر البدن  ،

    يُوَارِي سَوْآتِكُمْ  اي يستر سوآتكم يعني يستر  العورات ،

    وَرِيشًا  الريش ما فيه الجمال مؤخوذ ٌ من ريش الطائر لما فيه من انواع  الجمال و الزينة ، و قال بعض المفسرين ربما يطلق على اثاث البيت و متاعه و ليس على الجمال فقط .

     

    ثانيا ً : البيان ،

    هذا خطاب ٌ عام لجميع بني آدم و في هذا التعميم العام دلالات تُستفاد من هذا التعميم في الخطاب عندما يُقال يا بني ادم

    من هذه الفوائد ،

    1. ان ما ورد من قصة آدم و الأحكام المتعلقة بها ليست خاصة بآدم و إنما تشمل كل نوع الإنسان فالأحكام التي وردت عن آدم و الحديث الذي ورد عن آدم هي ليست خاصة بآدم و إنما آدم هو الواجهة و هي تشمل الجميع فهي لكل بني آدم فهذه الخطابات تعمم ما ورد يعني عندما قال يا بني آدم هي تفسر ما كان قبلها من الآيات التي ذكرناها من الاية 12 الى الايى 25 و ما مر فيها من تفاصيل هذه تعمم ذاك و ليست خاصة بآدم فهذه الخطابات تعمم ما ورد خاصة ً بآدم و زوجته منها مثلا عداوة الشيطان و غير ذلك التي وردت عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ ( 2 ) عداوت الشيطان كان الحديث عنها بين آدم و الشيطان وزوجة آدم و لكن هذه تعمم فيكون كل ما ورد هناك لبني آدم كلهم .
    2. ان الأحكام التي ذكرت بهذا الخطاب ليست خاصة بشريعة معينة إذا قال يا بني آدم فهي ليست خاصة بشريعة معينة لا تقول جائت في الإسلام فهي خاصة بالإسلام و إما هي شاكلة لجميع الشرائع لوجود عموميات كما يقولون قوائد عامه فتنطبق في جميع الديانات و في جميع الشرائع السماوية .
    3. ه يايضا تعميم لضرورة الرسالة ان الرسالة التي وُعد آدم بها هي للبشر قاطبة بل هي واجبة بل يجب ان يتبع الناس الرسالات و الهدى الذي يُنزل عليهم من الله سبحانه و تعالى كما في قوله تعالى قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ  ( 3 ) الحديث لآدم و زوجته و لكن هذه الاية تعمم و تقول للجميع ،

     قَدْ أَنزَلْنَا   الإنزال هنا يعني الخلق يعني قد خلقنا لكم كما في قوله تعالى وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ  ليس المعنى  انه انزلها من السماء و انما خلق لكم من الانعام ،

    و قوله تعالى  وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ  ( 4 ) يعني نخلقه بقدر ٍ معلوم ٍ مُشخص و لا يرد عليه إشكال انما هو خصوص العمل ما يصلح للبس يعني ليس الأدوات هي نفسها لا يقال للادوات من القطن لباس و إنما إذا نسجت يقال لها لباس فهو خصوص ما يعمل من العمل و هذا راجع للإنسان لا يَرد ُ هذا الإشكال لان الله سبحانه و تعالى يقول  وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ( 5 ) يعني انتم مخلوقون و تلك الادوات مخلوقه وما تقومون بعمله هو خلق من الله سبحانه و تعالى .

    لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا  تبين هذه الفقرة الهدف من خلق اللباس ،

    1. اللباس لستر العورات ، وَرِيشًا الريش إضافة على ذلك وهو زينة فيه جمال فيه إضافة .
    2. تدل على إمتنان الله على عباده بهاذين الأمرين بالستر و الجمال انه سترهم و انه جملهم بهذا اللباس و الريش .
    3. وَرِيشًا تدل على اصل إباحة التجمل لانه يأتي السؤال هل الاصل ان يكون الإنسان ام الأصل ان يكون زاهدا ً بعيدا ً عن الجمال و عن هذه المظاهر ..؟  الاية تقول ان الأصل ان يكون الإنسان جميلا ً قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ  الله سبحانه و تعالى اراد ان تظهر نعمه على الإنسان تكون بينة و واضحة .

     

    وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ  ثم تنتقل الاية لتبين بعد هذا الإمتنان بهذا اللباس ان هناك شيئ افضل وهو ليس فقط ستر الظاهر ستر الظاهر جميل و مهم و مطلوب و لكن ستر الباطن و العيوب الباطنية هو الافضل وهو الخير ، و يظهر من هذا ،

    1. ان افضل اللباس هو التقوى التي امر الله سبحانه و تعالى بها ، ان يكون الإنسان متحرز ان لا يكون باطنه ملوث لا يكون باطنه فيه فضائح لانها تظهر ، كما ان اللباس يستر الظاهر الذي يسوء الإنسان ابداؤه امام الاخرين كذلك يسوء ان تبدوا قبائحه الباطنية و عيوب المعاصي التي يرتكبها امام الآخرين فتقول لباس التقوى خير .
    2. وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ  كما ان ظهور الظاهر القبيح يسوء الإنسان ويجرح الإنسان فكذلك ظهور الباطن يجرحه  .

     

    ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . ذلك اللباس و الستر من آيات الله و من نعم الله سبحانه و تعالى التي يجب ان يجعلها الإنسان امامه ليعتبرها آية و دليلا ً ينتقل من خلالها إلى التقوى و الورع و طاعة الله سبحانه و تعالى و القران يريد من الإنسان بهذا ان يكون معتدلا ً متوازنا ً متقيا ً في باطنه صالح و في ظاهره مرتب لا يريد من الإنسان جمال الظاهر و قبيح الباطن و لا يريد ان يركز على الباطن و يكون في الظاهر غير مرتب غير منظم غير جميل يجب ان يكون في الجميع منتظم ،

    اللباس المطلوب ،

    1. اللباس الذي لا يخالف التقوى و لا يناقضها يعني ليس فيه مخالفة لحكم ٍ شرعي لباس متزن ساتر عفيف الناس لا يظهر مفاتنها لا فيه تشبه لا فيه ترويج لفساد .
    2. ان لا تكون الألبسة وسيلة للتفاخر و إنما هو للستر لا يكون وسيلة للتكبر إلبس و لكن لباس بإعتدال .
    3. لا تكن الألبسة وسيلة لإثارة الشهوة هذا يكون مخالف للتقوى وهو محرم .
    4. لا لباس للتقوى مع السرف فالإسراف في اللباس ايضا مخالف للتقوى ، بعض النساء مثلا تشتري من الحقائب بأسعار خيالية هذا مخالف للتقوى مخالف للإتزان ، بعض الناس يريد ان يشتري في كل مناسبة لباس جديد و النساء في كل زواج و في كل حدث لابد ان يكون لباس جديد هذا ليس فيه إعتدال ، هذا الإسراف في تغيير الألبسة موجود عندنا نحن المسلمين و خصوصا العرب و بالأخص الخليجين اكثر من اي مكان الكفار لا يعملون هكذا إذا صار زواج الأجانب المرآة تلبس قميص و تحضر الزواج اما نحن فالأخطاء في هذه كثير بحيث لبسته في الخطوبة لا تلبسه في الزواج لبسته في زواج فلانه لا تلبسه في زواج بنت اخرى ،  سعره يجب ان يكون كذا لانها إذا علمت ان السعر قليل تمر لا تشتريه يعني ، قال احد الأشخاص انه فتح محل البسه و وضع الأسعار قليلة لم يستطع ان يبيع فكلما أتت إمرأة لتشتري تسأل عن السعر فيقول لها كذا فلا تشتري فقال له صاحبه ضع عليهم سعر أعلا فأصبح يبيع النتيجة ان هذا خطأ ، نحن يجب ان يكون عندنا فعلا ً لباس التقوى في الباطن يكون تقيا ً و في الظاهر يكون معتدلا ً و إذا كان فيه إسراف او تبذير فهذا مخالف للتقوى و هو محرم .

    الهوامش ،

    1. سورة الأعراف الاية 26
    2. سورة طه الاية 117
    3. سورة البقرة الاية 38
    4. سورة الحجر الاية 21
    5. سورة الصافات الاية 96
  • تفسير سورة الأعراف الحلقة 11

    7/6/2019

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (24قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ

     

     

    هذه قصة آدم ومرحلة من مراحل حياته و التي تعتبر سببا ً وطريقا ً اولا ً لإنطلاقته في التكامل من هذه القصة نستفيد ان الخطأ يجب ان يكون سببا ً للوعي و الحذر و ان لا يقع الإنسان ثانية ً في خطأ يجب ان يكون الخطأ محفزا ً للتكامل لا سببا ً لليئس و الخضوع و الإستسلام ،

    ما هي جنة آدم و أين تكون تلك الجنة وما هو الفرق بينها و بين جنة الخُلد ،

    اولا ً:  المفردات  ،

    ( فوَسْوَسَ )  الوسوسة هي الدعاء إلى أمر ٍ بصوت ٍ خفي ،

    ( لِيُبْدِيَ )  الإبداء هو الإظهار وهو جعل الشيء على صفة يصح ان يُدرك بعد ان كان مخفيا ً .

    ( مَا وُورِيَ )   الموارات ستر الشيء بجعله وراء ما يستره

    ( وَقَاسَمَهُمَا )   المقاسمة المبالغة في القسم أي حلف لهما و أغلظ في حلفه لهما ،

    ( فدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ  )  التدلية هي التقريب و الإيصال كما ان التدلي هو التدني و الإرسال و كأنه الإستعارة من دلوت الدلو اي ارسلته .

    ( بِغُرُورٍ  )   إظهار النصح مع إبطان الغش .

    ( وَطَفِقَا )   اخذا و شرعا و إبتدا و عملا بما يستران به  عورتيهما .

    ( يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ) الخصف هو الضم و الجمع و منه خصف النعل إذا جعله مضموما ً مع بعضه البعض .

     

    ثانيا ً : قصة آدم وحواء و إبليس في الجنة ،

    وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ  الله سبحانه و تعالى يقر لهذا المخلوق ان يدخل الجنةو يلحق به زوجته تكريما ً لهما و محطة ً ليبدأ في التكامل و الإنطلاق لتحقيق الخليفة و  الخلاقة في الأرض فليس الهدف هو الجنة التي كان فيها و إنما مرحلة ليكون بعدها الخليفة في الأرض ،

    فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ توسعة ٌ في الإباحة و حرية مطلقة إلا ما استثني من الاكل من هذه الله سبحانه و تعالى جعل لآدم الحرية المطلقة في الإستفادة من الجنة و من نعيمها إلا فقط ما نهاهما عنه وهو الأكل من هذه الشجرة .

    فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ بمخالفة الأمر الإرشادي يكون الظلم للنفس بحرمانها لا بمخالفة التشريع لأن تلك المرحلة لم يكن فيها تشريع ،

    إذا ً هناك أمر ٌ إرشادي و أمر ٌ تشريعي ، و الفرق بينهما ان الامر الإرشادي إذا خالفه الشخص يتعرض لعقوبة ٍ تكوينية او اثر تكويني و ليس إعتباري  و ليس تشريعي كما ان شخص يقول لولده لا تركض في الشارع تصدمك سيارة فهو إرشاد فإذا ركض و صدمته السيارة يصاب فهذا إرشاد ،

    اما الأمر التكليفي فيجعله حراما ً عليه و يعاقب عليه حتى لو لم يُصبه شيء و يدل على هذا ان الامر في الاية امر إرشاديا ً و ليس تكوينيا ً ان الأمر الإرشادي إذا خالفه الشخص و وقع في العقوبة ثم غفر له الناهي لا يعوض و لا ترتفع العقوبة كما انك لو نهيت ولدك عن الخروج للشارع و لكنه خرج وصدمته السيارة و إنكسرت رجله و قال لك ابي اعذرني سامحني تقول له سامحتك لكن ما اصابه وقع بقولك له سامحتك لا تسلم رجله  كسرت و إنتهى اما الأمر المولوي كما يسمونه و الامر التكليفي إذا قلت له لا تفعل و ان فعلت عاقبتك جعلت له عقوبة اعتبارية فإذا قلت غفرت لك سامحتك ترفع العقوبة و اذا اخذت منه شيء ترجعه إليه هنا في هذه القصة الله سبحانه و تعالى بنهى ادم عن الاكل من الشجرة فبعد ان اكل بدت لهما  سَوْآتِهِمَا ثم فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ  إذا تاب عليه المفروض في الأمر المولوي ان ترتفع العقوبة و ان يرجع إلى محله يعني يعود الى الجنة و لكنه لم يعد الى الجنة فهذا دليل انه لم يكن الامر مولويا ً و هناك لم يكن تكليفا ً من الأصل ،

     

    فوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ  ما هي اساليبه قالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ اي ان الله يكره ان تكونا ملكين فلذلك نهاكما عن الشجرة قِيل هكذا ، او كما قِيل لحف لهما ان النهي ليس موجها ً لكما من الأساس  إنما هو موجه لمن هو للملائكة و أنتما لستما ملكين إذا ً النهي ليس موجه لكما  و صار يحلف لهما  على ذلك وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ اي بالغ في إظهار النصح و الإخلاص لهما بمبالغته في الحلف و القسم حتى اقنعهما انهما ليسا مشمولين بهذا النهي ،

    فدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ في عيون أخبار الرضا عليه السلام عن الأمام علي إبن موسى الرضا   يقول فجاء إبليس فقال إنكما إن اكلتما من هذه الشجرة التي نهاكما الله عنها صرتما ملكين  و بقيتما في الجنة ابدا و غن لم تأكلا منها اخرجكما الله من الجنة إذا ً خدعهما بهذا التعبير  وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ  قضاء من الله تعالى ليهبط ادم وزوجته و ابليس الى الارض و قضاء ٌ بعداوة ٍ  بينهم مستمرة و تستمر .

    ثالثا ً : القصة حقيقية ام خيال و مثال ٌ يضرب ،

    في هذا الزمان و في هذه الاونة صار توجه البعض الى ان يقول ان القرآن يذكر قصص و هذه القصص ليست حقيقية و ليس لها واقع و من ضمنها قصة آدم و إنما هي إفتراضات ، القرآن يذكر قصص كثيرة و ذكرت في الكتب السماوية ببعض التفاصيل المختلفة لا ينقلها لا ينقلها القرآن الكريم إذا كانت خيال و باطل و ليست حق و ليس لها وجود و إلا فإن فيه الباطل و الله سبحانه و تعالى ينفي وجود الباطل في القرآن يقول تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ  ( 1 ) القرآن ليس باطلا ً و ليس خيالا ً و إنما هو واقع اما ما يذكره عن غيره من الحوارات و القصص و العبر فهو يذكر قصص فتقول ذكرت تعبير الكفار فهي تميز بسياقها و تظهر فائدتها من السياق عندما يروي قصة ، ما يذكره في بعض القصص و سياقها قد يقره القرآن و يقبل به و يدل عليه من سياق الآية و تقرير ٍ في نفس الآية و مثال ذلك عندما قالت بلقيس في حوارها مع قومها قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ  ( 2 ) فإن هذا السياق هو حديثها الفقرة الاخيرة وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ   من قال بها ان كلام بلقيس لم تكن فيها دلالة و تقرير للقاعدة ،

    اما من ذهب من المفسرين و العلماء و قال وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ  هو تقرير ٌ م الله سبحانه و تعالى و تصويب ٌ لما قالته بلقيس فتكون قاعدة يعني الله يذكر القصة و يعقب عليها بتعبير و يكون هذا التعبير تقريرا ً للحادثة او للإخبار على انه حق او ليس بحق .

     

    رابعا ً :  ما هي جنة آدم و أين تقع ؟

    1. الجنة بستان في الأرض و في أحاديث اهل البيت عليهم السلام انها جنة الدنيا اي انها كانت بستانا ً جميلا ً اخضر من بساتين هذا العالم وفر الله سبحانه و تعالى فيها جميع انواع النعم وفر الله فيه كل سبل الراحة و السعادة و الله على كل شيء قدير .
    2. و قيل الجنة هي جنة برزخية كما نقله السيد الطباطبائي و هي جنة برزخية ٌ من عالم الدنيا و ليست من عالم الآخرة و بهذا الجواب انها ليست جنة الخلد و انها ليست جنة المأوى ترتفع الاشكالات التي تخطر على البال فمن ضمنها نقول لا اشكال  في كيف يدخل الجنة ثم يدخل منها فليست جنة الخلد الجنة التي ان دخلها شخص لا يخرج لانها جنة الخلد و هذه لانها ليست جنة الخلد فيدخلها و يخرج منها و لا إشكال في دخول إبليس في الجنة التي لا يدخلها إلا المطيعون لانه لو كانت جنة الخلد فكيف يدخل إبليس فيها يستحيل .

    خامسا ً : فوائد و دروس ٌ من القصة ،

    1. قصة آدم تشكل المحك و الإبتلاء لإظهار المعدن الأصيل ادم عندما خلق بعفوته كان و عندما عرض للإبتلاء وهو الحال في جميع الأحوال ان يبتلى الإنسان و يختبر فتقوى إمكانياته و تتفعل قابلياته و يرتقي و من غير ذلك يكون ضعيفا ً الذي ل يتعرض في حياته لإبتلاء و لإحتكاك مع الناس و مع الاخرين مع الاشرار و مع الصالحين يكون عادة ضعيفا ً و إنما يقوى إذا عرض للإختبار و الإبتلاء ، تثبت هذه القصة ان الإبتلاء طريق ٌ للتكامل لمن يريد التكامل و العكس كذلك الذي فيه إنحطاط بالإبتلاء يسقط إبليس عندما كان غير معرض للإبتلاء و الإختبار و إظهار المكنون في نفسه كان في عِداد الملائكة في عِداد القديسين في مرحلة القدس ولكن بالإختبار بأمره بأمر ٍ يراه دونه ظهر كامنه ، و آدم بأمره و بإبتلاءه إنطلق إنطلاقا ً شديدا ً بلغ ما بلغ به من الكمال حتى صار خليفة الله في هذه الأرض .
    2. قصة آدم و إبليس تُثبت ان الإبتلاء و الدرجات و الدركات للجميع بإبتلاء الجميع ببعض ٍ من غير ان يكون احد الاطراف مجبرا ً و هذا من قدرة الله سبحانه فعندما تقول و تقرا إن لك درجات لن تنالها إلا بالشهادة فلا تقول ان قاتله عمل خيرا ً ذاك بإختياره إرتكب و خالف وهو مخير و ليس مسير و ليس مجبورا ً وهذا إستشهد بإختياره و بصبره و بثباته فإرتقى و نال هذه الدرجة فليس طرف من الأطراف مجبر الله سبحانه و تعالى خلق الدنيا كلها وهو اعلم بما تكون من حركة ٍ فيها و جميع افرادها و عناصرها مخير و ليس مجبور .
    3. وسوسة إبليس في طول إرادة الإنسان لا في عرضها ، يعني وسوسة إبليس ليس لها دخل ٌ و ضغط ٌ في فعل الإنسان و جبر الإنسان على الفعل و ليس صحيح ان يُقال ( إبليس و الدنيا و نفسي و الهوى كيف السبيل و كلهم اعدائي ) لا فإبليس مع عداوته و مع وجوده وسوسته ليست جابرة ً للإنسان و لسيت اثرا ً مستقلا ً يضغط على الإنسان و إنما في طوله و سيأتي التفصيل ، ماذا يصنع إبليس  ؟   قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ  ( 3 ) وظيفته التزيين ، فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ  ( 4 ) جمل الأعمال و قوله تعالى يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ( 5 ) الشيطان يعد و يمني يبين ما يريد فقط و لكن ليس له ضغط على نفس الإنسان و روحه ، الوسواس إيقاع و إخبار ٌ في النفس الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ   *   الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ( 6 ) في صدور الناس يوجد خبرا ً فقط وسوسة إبليس إذا ً بمثابة الخبر الذي يتلقاه الإنسان فأنت عندما تمع خيرا ً سارا ً او خبرا ً موحشا ً لا يسلبك الإختيار ولا يجعلك مجبرا ً  ، يوم القيامة يقول  إبليس وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ  الله وعدكم و انا وعدتكم ما الفرق بين وعدي و وعد الله كيف اطعتموني على وعدي و الله يقول لكم يقول لكم انني عدو ٌ لكم و كيف لا تطيعون الله وهو الرؤوف الرحيم الذي خلقكم وهو ربكم وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  ( 7 ) الشيطان يترأ يقول انا فقط اخبرتكم فقط قلت لكم هذا الطريق جميل هذا فيه سعادتكم و لكن  لم اضغط على نفوسكم خبرٌ القيته لكم انتم تبعتموني ، الشيطان ليس له ولاية  إلا على من يريد إتباع الشيطان و أخذ أوامر الشيطان و اخذ اخبار الشيطان و تلميحاته و إغرائه و وسوسته إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ   ( 8 ) الشيطان ولي ٌ للذي يتبعه الذي لا يؤمن بالله اما الذي يريد الحق فهو لا زال في حريته و في إختباره .
    4. من فوائد هذه القصة لا تستنقص المعصية ، البعض يتساهل في إرتكاب المعاصي و يتساهل في إرتكاب الكبائر و يقول ان لم ارتكب الكبائر و كنت مطيعا ً و لا اعصي فما تعني الشفاعة اليست هناك شفاعة ( الشفاعة لاهل الكبائر من امتي ) إذا ً تريدوني لا ارتكب خطأ لا تقل لي هناك شفاعه ، الإنسان عندما حرم الله عليه امور و عندما قرر وجود الشفاعة لم يحدد له اي كبيرة ٍ يشفع له فيها النبي و اهل البيت عليهم السلام ليبقى الانسان و يستقيم فربما يقع في مخالفة و يرتكب معصية و هذه المعصية ليست مشمولة بالشفاعة ، ثم ان المعصية و العناد و الإصرار على المعصية يجعل من الصغيرة كبيرة و يُخلد صاحبها في النار لانه معاند ولانه مصر إذا ً لا تستصغر المعصية ، إنظر آدم و حواء ماذا صنعا انهما لم يأكلا و إنما تذوقا الشجرة  فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا  و خرجا من الجنة إخرجا جاء الخطاب إخرجا من الجنة و من ذلك النعيم بهذه المخالفة فإنهما ذاقا الشجرة فعندما ذاقا الشجرة معصية وليست امرا ً مولويا ً و إنما معصية لإمر ٍ إرشادي تذوقا و إذا بذلك الستر و بتلك المنزلة و تلك الجنة و إذا بهما من ذلك الموقع ، إذا ً لا تقل شيئا ً قليلا ً فمعصية آدم لم تكن سوى تذوق ربما يحرم المرء إلى الابد و ينتهي لمعصية و لا تبقى له إلا الحسرة لانه إرتكب معصية وقال إنها صغيرة .
    5. القرب في الطاعة و البعد في المعصية كن قريبا ً مع الله بطاعته الله سبحانه و تعالى يخاطب آدم قبل المخالفة بخطاب المباشر و القريب وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ يخاطبه خِطاب من هو في جنبه لا يناديه نداء البعيد وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ  خطاب قريب و الشجرة قريبة ثم يناديه   ثم يناديهما نداء البعيد بعد المخالفة فلما صارا بعيدين  وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ بالمخالفة صار الخطاب لشخص ٍ بعيد و قبله كان خطاب القريب إذا ً بالطاعة يكون قريب و بالمعصية يكون بعيد إختر القرب من الله تعالى و إذا وقعت في بعد ٍ إرجع مباشرة ً لتكون قريبا من الله .
    6. الفوز بالمغفرة و رضوان الله قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ المغفرة هي الهدف آدم لا يطلب شيئا ً غير المغفرة و رضا الله سبحانه و تعالى لا يقول إرجعني إلى الجنة التي إخرجت منها فقط اريد المغفرة من خُير في طلبه صار في مظان ٍ إجابة الدعاء ذهبت لزيارة الإمام الحسين عليه السلام و الدعاء مستجاب تحت قبته او للنبي صل الله عليه واله او احد المعصومين عليهم السلام او ذهب للحج و انت تطوف و انت في موضع الدعاء إطلب الاغلا لا تطلب الادنى و الفاني و المنتهي ركز في طلبك ان يكون طلبك هو اهم شيء   للإنسان ان يطلب رضا الله وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ  إطلب الجنة اطلب جوار النبي صل الله عليه واله و الأئمة و الصالحين في الجنان و لا تطلب دون ذلك النبي صل الله عليه واله عندما ذهب للطائف و رموه بالحجارة و خرج اعانه بعض الاشخاص فقال له النبي اطلب مني ما تريد و إذا طلبت احقق ما تريد جاء للنبي صل الله عليه واله لما انتصر و طلب منه ناقه فأعطاه النبي صل الله عليه واله الناقة و جاء غيره و طلبوا من النبي صل الله عليه و اله فيقول احدهم اريد مرافقتك في الجنة فيضمن له النبي صل الله عليه واله ذلك ، العاقل هو الذي يطلب من الامور افضلها و اكملها آدم في هذه القصة لا يطلب هذه الجنة و إنما يطلب رضا الله وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ   .

    الهوامش ،

    1. سورة فصلت الايتان 41-42
    2. سورة النمل الاية 34
    3. سورة الحجر الاية 39
    4. سورة النحل الاية 63
    5. سورة النساء الاية 120
    6. سورة الناس اليتان 4-5
    7. سورة إبراهيم الاية 22
    8. سورة الاعراف الاية 27