c حديث الجمعة – موقع سماحة الشيخ عبدالزهراء الكربابادي

الوسم: حديث الجمعة

  • الامام الجواد (ع)

    الامام الجواد (ع)

    الإمام الجواد(ع)
    حديث الجمعة 1/6/2012
    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين
    وفي رواية الخرائج (عن علي بن أسباط قال: خرج عليّ أبو جعفر(ع) فجعلت أنظر إليه وإلى رأسه ورجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر، فلما جلس قال: يا علي إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج في النبوة ، قال الله تعالى: وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا.
    وقال: حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً . فقد يجوز أن يؤتى الحكم صبياً ، ويجوز أن يعطى وهو ابن أربعين سنة )
    حديثنا حول الإمام الجواد (س)
    أولا نبارك للنبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) ولفاطمة الزهراء (ع) وللأئمة المعصومين وإمام زمانا نور الله في الأرضين المهدي المنتظر أرواحنا لتراب مقدمه الفداءونبارك للأمة الإسلامية والعلماء الأعلام
    مقدمة : الإمام الجواد (ع) قائد للأمة , وظروف قاسية ، وصغر سنه ، وإشكالات المغرضين.
    حديثنا حول هذه الأمور
    أولا: ظروف الإمام الجواد(س) تشبه ظروف أبيه الرضا(س)
    فيوجد هناك تشابه بين ظروف الإمام الرضا وظرف الإمام الجواد (س) فقد أرادوا من الإمام الجواد أن يبقى في قصر المأمون وأن يّجبر على ذلك كما كان الإمام الرضا (س)
    ثانيا:موقف المأمون من الجواد(ع) وهدف المأمون من ذلك الموقف هو تمييع التشيع وذلك:
    1ـ بصّهر القيادة المتمثلة للناس في الإمام الجواد (ع) صّهرها في السلطة الحاكمة
    في قصر المأمون فيكون أحد أفراد السلطة وبذلك الناس تتخلى عنه .
    2ـ عزل الإمام عن قواعده بشكل لا يثير الأمة فهو معزز
    يبعد الإمام عن الناس ولكن بإسلوب لا يثير الناس ، فهم يرونه معززا مكرما في القصر فلا تثير عواطفهم ولا تغضبهم هذه التصرفات لأنهم يرون الظاهر فقط
    3ـ جعل الإمام تحت الرقابة الدائمة لأي تحرك
    الإمام إذا كان في القصر لن يستطيع أن يتحرك وأن يفعل أي شيئ فكل شيئ محسوب عليه ، يّعدون عليه أنفاسه من دخل ؟ ومن خرج ؟ إستقبل من ؟ ماذا قال له ؟
    4ـ إبداء المحبة للإمام الجواد(ع) من قبل المأمون.
    يبدي المحبة لأجل أن يصرف الناس عن الإمام ، فكأنه يقول للناس أنا والإمام شيئ واحد لا نختلف ، فإذا نظر الناس ذلك يتخلون عن الإمام لأنهم عندما يعانون من الظروف القاسية التي يعيشونها من الظلم والإضطهاد ، وقائدهم الإمام يرونه مع السلطة ويرونه معززا مكرما ومحبوبا لدى الحاكم الخليفة يتخلون عنه
    هذه التصرفات تنشئ من حقد المأمون وليس من محبته ، يظهر المحبة ويبطن شيئا آخر
    ثالثا: الإمام الجواد(ع) يحبط أهداف المأمون بإصراره على الرجوع للمدينة
    الإمام يصرعلى الرجوع إلى المدينة ويطلب الرجوع إلى المدينة ، فإن رجع تحقق الرجوع وبيّن وفضح المأمون ، وإن أبقوه تبين للناس أن بقاؤه أيضا بالإكراه فيبطل دعوى المأمون وأنه يحب الإمام .
    من هذا الإصرار على الرجوع يتبين :
    1ـ عدم تأييد الإمام الجواد(ع) لخلافة المأمون.
    لأنه لو بقي أو قّبل بالبقاء بغير إعتراض فهو يكشف عن رضى ولكن إذا إعترض يكشف أن الإمام ليس راضيا بهذه الخلافة
    2ـ بل إستنكارا وإيحاء للآخرين بعدم شرعيتها.
    الإمام يريد من هذا الرجوع أيضا أن يبيّن للأخرين أنه ليس فقط غير قابل بل يستنكر ويقول أنها ليست خلافة شرعية
    3ـ إثبات إمامة الجواد(ع).
    يثبت إستقلاليته ويثبت الإمامة وأنه الإمام الحق وأنه بعيد عن هذه السلطة
    4ـ أن أطروحة الإمام الجواد (ع) مختلفة عن السلطة الحاكمة.
    أنه لا يتفق مع هذه السلطة ، لو كان مع السلطة لقّبل البقاء معها في القصر من غير إعتراض
    5ـ الحفاظ على أطروحة الإمامة حية في نفوس الناس ومتميزة.
    بهذا الرجوع الإمام يلتقي مع الناس ، ويستطيع تربية الناس ، وتثقيف الناس ، وتعليم الناس ، الإطروحة التي يتبناها الإمام حقيقة ، عندما يكون قريب يستطيع إيصال رسائله أكثر
    رابعا: الإمام الجواد (س) في نفس الخطة التي سار عليها الرضا (ع)
    ماذا كان يصنع الإمام الرضى ؟ الإمام الجواد كذلك ، إستمرار لنفس النهج ونفس الخطة
    1ـ في تخطيطه الفكري
    الإمام كان يصر وكما هم الأئمة (س) أن يربوا الناس فكريا ، يتعلم الموالي لأهل البيت أن يكون مفكرا لايقبل بشيئ من غير فكر ، من غير معرفة ، من غير دراية
    2ـ توعيته العقائدية.
    توعية المجتمع عقائديا ، الإمام برجوعه يصر على التوعية العقائدية وليس أن ينتمي الإنسان للإمام ويقول أنا من شيعته ومن محبيه وعقيدته ضعيفة لا يعلم عنها شيئ ، لذلك كان أقل الناس في الفقه والعلم والمعرفة مع أهل البيت يستطيع أن يناظر كبار العلماء لماذا ؟
    لأن أهل البيت (س) كانوا يصرون إصرارا بالغا على قضية المعرفة الفكرية والمعرفة العقائدية
    3ـ جمع العلماء ومحاورتهم
    الإمام يجمع العلماء ويحاورهم ، لا أنه يلتقي مع الناس فقط وإنما يلتقي مع العلماء ومن جميع الإتجاهات ويحاورهم وكثير من العلماء يقتنعون و يتّبعون فكر الإمام وهذه طبعا واضحا على مدى التاريخ ، أن أتباع أهل البيت عادة هم الطبقة الواعية العالمة العارفة , وليس المتخلفين من الناس
    4ـ توسيع قواعده الشعبية.
    الإمام يريد من ذلك أيضا أن يلتقي مع الناس ويّوسع قواعده الشعبية ، ينشر التشيع لذلك كان عندما يخرج من مكان إلى مكان يلتقي مع الناس وكذلك كان الإمام الرضا (س) وهو في الطريق يلتقي والإمام الكاظم ، الآئمة كان دأبهم هكذا أن يلتقوا مع الناس ويحدثوا الناس حتى في طريقهم عندما يمرون بمنطقة ينصبون لهم مجلس ويثقفون الناس , يحاورون ويجعلون الناس ليسألو ويتسألو الأئمة يجيبون
    خامسا: صغر سن الإمام الجواد(ع)
    الإمام الجواد في سّن صغير وهذا ما أجمعت عليه المصادر
    1ـ أجمعت المصادر أن عمر الجواد(س) 7سنوات وأربعة أشهر أو8 سنوات
    إمام في هذا العمر ولكن هي إرادة الله وحكمته , ليثبت أحقيته , فصغر سن الإمام (ع) مثبت للإمامة وليس مبطلا لها .
    2ـ هذه الظاهرة أول مرة تحدث في حياة الآئمة(ع)
    أن يكون الإمام صغير في السن هو الإمام الجواد (س)
    3ـ الجواد (ع) يتولى الزعامة في كل المجالات الفكرية النظرية والعملية.
    الإمام في جميع الأمور وهو في سّن السابعة ، يلتقي مع الجميع ، مع العلماء ، مع الكبار ، مع الصغار ، بل ويسدد الناس ، يتعهد الناس ، ويكشف حوائجهم ، ويقف معهم عمليا ويقف معهم فكريا
    4ـ هذه الظاهرة وهي صغر سن الإمام (ع) تكفي لوحدها لإثبات حقيقة إمامته.
    هذه الظاهرة فريدة , أراد الله سبحانه وتعالى من خلالها أن يثبت لذوي البصائر أن هذا هو الحق فيتبعون الحق لأنه إمام صغير بهذا العمر مع من درس ؟ وكم الوقت الذي تستغرقه الدراسة في سن السابعة وإذا هو يجيب على جميع الأسئلة وفي جميع المجالات بل حتى في المجالات التي لا تنتمي للإسلام ، الخارجة ،البعيدة، الزنادقة يستطيع أن يحاورهم ويرد إشكالاتهم ، فهو متطلع على كل شيئ ، متى إتطلع ؟ لولا أنه من الله سبحانه وتعالى
    5ـ زعامة الإمام (س) ظاهرة وليست مخفية ولا محجوب عن الناس.
    ليس محجوبا عن الناس ، الإمام ظاهر ، الإمام يجلس بين الناس ، الإمام له مكان يقصده العالم ، الناس عندما كان الإمام في المدينة (س) كانوا إذا جاؤوا للحج يأتون للإمام ويلتقون مع الإمام فالإمام ليس مخفيا عن الناس وإنما يجلس ظاهرا وواقعه يتحدى الجميع ،
    من عنده إشكال ؟
    من عنده سؤال ؟
    من عنده تشكيك ؟
    يجد الجواب , الإمام (س) موجود والجواب حاضر.
    6ـ المأمون يعرض الإمام الجواد (ع) للإمتحان من أكبر العلماء
    المأمون يتصور أن صغر سن الإمام طريق سهل ويستطيع إحراج الإمام ، فياتي بأكبر العلماء ليختبر الإمام بل ليبطل دعوى الإمام ولكنه يسقط ما في يده ويكتشف أن الحاضرين كلهم يخضعون للإمام ويسلمون لعلم الإمام وقدرة الإمام (س)
    سادسا: إشكالات على الشيعة بقبول إمامة طفل:
    هناك إشكالات أشكلوها على الشيعة كيف يقبلون بإمامة طفل ؟
    الإشكال الأول : أن مستوى الطائفة الشيعية وقتئذ كان بدرجة لا تلتفت وتغفل عن هذا الموضوع.
    يعني الشيعة لم يكونوا بمستوى فكري جيد فكانوا يخدعون حتى بالأطفال وكأن هذا المستشكل يغفل عن قوله تعالى (وأتيناه الحكم صبّيا ) يغفل أن الله سبحانه وتعالى جعل في المهد نبيا ، يستشكل أن يكون في سن الثامنة وهو يّدعي أنه يقبل القرآن ويعتبر علامة بطلان الإمامة أن الإما الجواد طفل
    والجواب: هذا الإشكال ساقط ويكذبه الواقع فكل المدارس تكبر وتقدر المستوى العلمي والفكري للطائفة الشيعية
    طبعا التاريخ يعيد نفسه في جميع العصور، إذا جئت وقارنت بين أتباع أهل البيت (س) في ذلك الوقت وفي هذا الوقت ، أتباع أهل البيت هم المفكرون ، أتباع أهل البيت يحملون من المعرفة الكثير ما لا يحمله غيرهم ، والذي ينتقل إلى صّف أهل البيت (س) وإلى مدرسة أهل البيت هو العالم ، هو العارف ، هو الذي له قدرة فكرية ليس الجاهل ، فالذين يتبعون أهل البيت ليسوا جهال حتى يقال لم يلتفتوا لهذا الإشكال ، بل كان من يتبع الإمام يأتي للإمام ويناقش الإمام
    في الكافي: (عن أبي جعفر الثاني(ع) ـ الجواد ـ يقول قلت له: إنهم يقولون في حداثة سنك ، فقال: إن الله تعالى أوحى إلى داوود أن يستخلف سليمان(ع) وهو صبي يرعى الغنم ، فأنكر ذلك عّباد بني إسرائيل وعلماؤهم ، فأوحى الله إلى داود(ع) أن خذ عصا المتكلمين وعصا سليمان واجعلها في بيت واختم عليها بخواتيم القوم ، فإذا كان من الغد ، فمن كانت عصاه قد أورقت وأثمرت فهو الخليفة ، فأخبرهم داود ، فقالوا: قد رضينا وسلمنا).
    الإمام يبين بهذا أن هناك معجزة , يقول أن الدعوة لوحدها لا تكفي ،كما كان الأنبياء عندما أراد داوود أن يستخلف سليمان إستنكر القوم طرح معجزة , هنا كذلك الإمام يطرح إعجازه وليس للشيعة أن يتبعونه هكذا بغير معرفة وعلم
    الإشكال الثاني : الطائفة الشيعية لم تكن تمتلك تصورا واضحا لمفهوم الإمامة.
    يقول المستشكل أن الشيعة يقولون بالإمامة ولكنهم لا يفهمون ماذا تعني الإمامة فيتبعون الصبي وغير الصبي لذلك إتبعوا صبيا
    والجواب: أن التشيع كأساس يقوم على المفهوم الإلهي العميق لفكرة الإمامة.
    وفيه آلاف النصوص منذ عهد الإمام علي(ع) إلى الإمام الرضا(ع) بل من أحاديث النبي (ص) وتفصيلات من النبي (ص) كثيرة مفصلة والناس يتبعون أحاديث وبوّعي لا أنهم يخدعون بصبي
    ــ بعد الإمام الكاظم (س) عندما جلس أخوه وادّعى الإمامة جاء الناس الناس يستائلون وهم يعلمون من خلال أحاديث أهل البيت قبل ذلك
    فقالوا عن الإمام الصادق(ع) أنه قال : (لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبداً.)
    فهم يعتمدون على الأحاديث ولا يأخذون الإمامة لدعوى هكذا ومن غير إعجاز أو وصية من سبقه من المعصومين(ع)
    الإشكال الثالث: أن الإصرار على طفل لا يعدو إصرارا على الغرور والباطل.
    يقولون أن الشيعة الذين يصرون على إمامة الجواد إنما هم يصرون على الباطل ليس لأنهم مقتنعين بإمامة الجواد, وإنما يريدون الباطل وإصرارهم على الباطل هكذا
    والجواب: هذا الإتهام باطل من جوانب منها
    1ـ ورع الطائفة الشيعية على مدى العصور
    أتباع أهل البيت (س) على مدى العصور من زمن النبي ، (ص) من إتّبع عليا (ع) هم الخلّص هم أهل الوعي هم أهل العفة والورع
    2ـ أن التشيع لم يكن طريقا للمجد في يوم من الأيام ,
    حتى يقال يتبعون هذا الطفل ليحصلوا على المجد , ليصلوا إلى السلطة ، ليس ورآه سلطة وليس ورآه مجد وشهرة وإنما ورآه ـ وفي ذلك الوقت بالخصوص ـ ورآه القتل والتشريد فالذي يريد الباطل يذهب للقتل ؟! هذا كلام لا يمكن أن يقبل عاقل
    يقول الباقر(س)(.. فقتلت شيعتنا بكل بلدة ، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة ، وكان من يذكر بحبنا والإنقطاع إلينا سجن أو نهب ماله ، أو هدمت داره !..)
    يعني لا يبقى عنده مال ، ولا يبقى حتى طليق ، يمنع حتى من العمل هذا كان في زمن الآئمة (س) كان يمنع حتى من العمل من يذكر أهل البيت أو من يقول شعر في أهل البيت إذا أراد أن يعمل في وظيفة يذهب لمكان يطردونه لا أحد يقبله لماذا ؟ لأنه ينتمي لأهل البيت فأي مضايقة أشد من ذلك , قتل وسجن وتشريد ومطاردة في الرزق لماذا؟ لأنه ينتمي لأهل البيت (س) فإذا كان أتباع أهل البيت يريدون الباطل فأي باطل هذا ، هذا هو الموت وليس فيه سعادة ، الإنسان الذي لا يريد الحق يبحث عن الرفاهية ، يبحث عن السعادة الدنيوية وهنا لا توجد سعادة دنيوية وإنما أهل البيت (س) وأتباعهم في أشد المحن والظروف القاسية ، ومن يسير على نهجهم يجب أن يكون مقتنعا مئة بالمئة ، وإلا إذا لم يكن مقتنع لا يقبل بهذه الويلات التي يتعرض إليها .
    وضع البلد
    أولا :
    التوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف يثبت ما يتعرض له الشعب من ظلم وإضطهاد ، توصيات كثيرة وكلها تثبت أن هذا الشعب يعاني من الظلم والإضطهاد وفي جميع المجالات ، الحقوقية ، المجالات الإنسانية ، في الوظائف ، الإضطهاد في كل مكان ، التعذيب ، الإعتداء ، التوصيات كلها تثبت ذلك ،
    ثانيا:
    السلطة تقول لا توجد تجاوزات ولا معتقل رأي ، لا يوجد معتقل رأي واحد ولا مفصول عن العمل والسلطة تسير قي تطبيق توصيات بسيوني ،
    السلطة مصرة على الإصلاحات ,ومواصلة الإصلاح في البلد ، وليس هناك تجاوزات أبدا ولا تعذيب ولا شيئ .
    وفي المقابل هذه الدول ربما ستين دولة أو أكثر كلها تثبت وجود الإنتهاكات والإعتداءات المستمرة وأن الشعب يتعرض لما يتعرض له من ظلم ، بل لو أفصحوا أكثر لكانوا يقولون هناك إعتداء ممنهج , وجرائم ضد الإنسانية .
    يعني هنا إعتداء وتجاوز المسؤول عنه يكون رئيس النظام ، الجميع مسؤولون ورئيس النظام المسوؤل الأول , لأن هذه التجاوزات لا يمكن أن تصدر عن أفراد ، لا يمكن أن تصدر عن شرطي أو مسؤول مثلا في المركز الفلاني ، تعرض للتعذيب من كان في المركز الفلاني , وهل الباقي في المراكز الأخرى حصلوا على التكريم ؟!
    الكل يتعرض للتعذيب وفي جميع المناطق وهذا يدل على أن هذه سياسة ممنهجة من الدولة من النظام بأكمله وليس تصرف أفراد.
    وسياسة الكذب واضحة أنه لا يوجد معتقل رأي واحد !
    ولا يوجد مفصول واحد!
    وكل ما يأتي من تقارير وتوصيات يضرب بها عرض الحائط .
    ثالثا:
    نقول لا يمكن أن تطبق هذه التوصيات من غير متابعة دولية ، هذه رسالة للأمم المتحدة أن هذه التوصيات التي أصدرتموها جيدة وتشكرون عليها ولكن لا تنتظرون من حكومة البحرين أن تطبق هذه التوصيات ، هذه التوصيات يعتبرونها ظالمة وهم ينكرون وجود تجاوزات ، ينكرون وجود مخالفات ، ينكرون وجود تعذيب ، ينكرون وجود إضطهاد ، ينكرون وجود تمييز، فمن الذي سوف يطبق هذه التوصيات؟
    ومن الذي سوف يحاسب؟
    ويحاسب من إذا لم يكن هناك شخص تجاوز أو إعتدى كما يقولون؟
    فليس هناك تجاوزات ، إذا ليس هناك تطبيق .
    فنقول إذا أردتم تطبيق هذه التوصيات يجب أن يكون الإشراف دولي ، أن يكون الإشراف من الأمم المتحدة نفسها وإلا فالدولة نفسها والنظام القائم الذي يمارس الإضطهاد سوف يستمر في ظلمه وتجاوزاته , والواقع يثبت الإستمرار والإعتداءات على الناس والتجاوزات ولا إصلاح في هذه البلد
    رابعا :
    نقول للسلطة أيضا لا بديل عن الحوار الجاد ، ربما يتصورون أن الشعب سوف يتعب وأنه فقط على الدولة أن تضلل الإعلام الخارجي فترة وسوف يتعب الشعب ويتوقف ، يقولون حوار ودخلنا في حوار وحوار وهكذا من أجل التسويق الإعلامي الخارجي ،
    وبعد ذلك الشعب يتعب ويتنازل ونقول مستحيل أن يتنازل الشعب الذي حدثت له هذه الإضطهادات وهذه الإنتهاكات وهذه التجاوزات مستحيل أن يتخلى عن حقه وعن مطالبه لأنه يعلم أن التخلي عن مطالبه والسكوت هو إبادة له وإنهاء لهذا المجتمع بأكمله ،فذلك مستحيل فكل ما يطرح من الحوار للتسويق الإعلامي ليست له فائدة ، يجب أن يكون الحوار جاد ومع الشعب نفسه وليس مع تختار السلطة
    وأخيرا نذكر بالمسيرة الجماهيرية الخامسة عصرا
    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
  • التواضع (1)

    التواضع (1)

    حديث الجمعة

    31/01/2014

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،

    بسم الله الرحمن الرحيم ،

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين .

    قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (وعباد الرحمن الذيم يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ).

    وقال تعالى :

     (ولا تصعر خدك للناس ولا تمشي في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور ، واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) .

    وقال تعالى :

     ( إخفض جناحك للمؤمنين ) .

     وقال تعالى :

     ( واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين )،

    مقدمة : حديثنا حول التواضع ، وهو ضمن السلسلة التي مرت من الحديث حول الأخلاق وعلاقة الناس ببعضهم البعض .

     التواضع من أهم الصفات وأجملها للمؤمنين .

    المؤمن المتواضع تكون صفاته جميلة ، وضعه جميل ، مريح للناس ، يستسيغه الآخرون ، ويستطيعون التعامل معه بخلاف ما لو فرض أنه على عكس ذلك ، كما أن التكبر من كل أحد قبيح ومن المؤمنين أقبح ، فالمتدين كأنه داعية للدين وما يأتي به ينسبه الناس إلى الدين  ,فإذا تكبرعلى الآخرين ورأى نفسه أفضل من الآخرين ، فكم تكون هذه الصفة شينة وقبيحة فيه !

    التواضع من أهم أسباب العلو والسمو للإنسان ، إذا تواضع الإنسان كما يأتي في الأحاديث فإنه يكون محط العناية من الله سبحانه وتعالى .

     والله سبحانه وتعالى يرفع الإنسان بتواضعه فبقدر ما يتواضع تسمو نفسه .

     والتعالي من أهم أسباب السقوط , على العكس في الجهة الأخري أن المتعالي والمتكبر يوجب لنفسه السقوط عند الله سبحانه وتعالى , وعند نفسه , وعند  الآخرين ، لذلك التواضع دليل على طهارة النفس وخلوها من الأمراض , لأن المتواضع هو الذي لا يرى حاجة في نفسه لأن يتعالى أو يتكبر , والمتكبر هو الذي يرى في نفسه النقص ويريد أن يسد هذا النقص ويظهر بصورة أخرى وأنه أعلى وأرقى من غيره .

    التواضع طبعا لا ينفي العزة ، ليس هناك تعارض بين التواضع وبين العزة ، لذلك التواضع للمؤمنين ولمن هم دون الإنسان المؤمن من المؤمنين .

     أما التواضع للمتكبر فهو غير صحيح وفي غير موضعه .

     التواضع أمام الظالمين هو ذل ومرفوض .

     أما التواضع للمؤمنين والصالحين سواء كانوا علماء , أو فقراء , أو من الناس العاديين بمختلف الطبقات ، هذا هو المطلوب , وليس المطلوب الخضوع للظلمة بعنوان التواضع أو الخضوع لأصحاب الأموال ، بعنوان أنه تواضع ، هذا ليس هو التواضع المطلوب لأنه في غير محله.

    التواضع أن يخضع ويلين من جانبه للمؤمنين كما في تعريفه :

    أولا: ما معنى التواضع؟

    هو التذلل ، وهو لين الجانب وعدم الإغترار ، عندما تجلس مع إنسان تجده مريح ، لا يتحدث بتعالي ، لا يترفع عليك ، هذا هو المتواضع ، يقدم غيره على نفسه ، لين الجانب في تعامله وفي سلوكه حسن .

    ثانيا: التواضع في القرآن الكريم :

    القرآن الكريم لم يأت بلفظ التواضع ولكن كما ذكرنا الآيات جاء بألفاظ أخرى تؤدي نفس المعنى ونفس الغرض :

    قال تعالى :  ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ). يمشون هونا بسكينة ووقار وتواضع ، وليس بترفع ، يعني مشيتهم هون ، هون بمعنى أنهم متواضعون ، ليسوا متكبرين ، لا يتعالون على أحد .

    2- قوله تعالى: ( ولاتصعر خدك للناس ).

     أي لا تمل خدك تكبرا ، البعض يرفع هذه ويميله عن الآخرين ، متكبر على الآخرين وإعجابا بنفسه ، هذا خلق منهي عنه في القرآن الكريم .

    3- قال تعالى: (ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور ) .

     إن الله لا يحب المعجب بنفسه ، المتفاخر بنفسه ، المتعالي على غيره وإنما يحب الشخص المتواضع الذي لا يقدم نفسه على غيره بل يقدم الآخرين على نفسه .

    4- وقال تعالى :(واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) .

     يجب أن تكون في تعاملك وفي مشيك وفي صوتك وفي تصرفاتك متواضعا ، لا تتحدث في مجلس وصوتك أعلى من الجميع ، لا تكن في المسجد وصوتك مزعجا للجميع ، لاترفع صوتك على الجميع ، لا تكن في معاملتك في البيت مع أهلك وصوتك مرتفع .

     في تعاملك مع الآخرين يجب أن يكون الصوت فيه احترام للآخرين ، فيه لين وخشوع وخضوع للآخرين ، بحيث تعطيهم شأنا ولا تظهر شأنية عليهم.

    في الحديث معهم تبين أنه أصحاب شأن وأنك لست أعلى منهم.

    5- يقول تعالى : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) .

     فبما رحمة من الله لنت لهم ، النبي (ص) كان يتعامل مع أصحابه بتواضع ، يجلس معهم على الأرض ويتحدث معهم ويردفهم معه ويأكل معهم ، بهذه الصفات فهو بهذا اللين وبهذه الأخلاق العالية من التواضع صار محلا لقبول الناس وتقبل دعوته ، لا يعترضون على دعوته وإنما يرون فيها الخير ، يرون فيها ما ييصبون إليه ,ما يناسب الإنسان ويميل إليه بفطرته .

     الإنسان يميل بفطرته لماذا؟

     للإحسان ، للأخلاق الحسنة ، لعدم التكبر ، يجدونها في النبي (ص) .

    ثالثا: التواضع ، في الحديث والروايات :

    1ـ قال رسول الله (ص)  لأصحابه :(إن الصدقة تزيد صاحبها كثرة فتصدقوا يرحمكم الله , وإن التواضع يزيد صاحبه رفعة فتواضعوا يرحمكم الله ) النبي (ص) يأمر بالتواضع (وأن العفو يزيد صاحبه عزا فاعفوا يعزكم الله ) إذا الرفعة تحصلها بالتواضع لا بالتكبر ، لا بالتعالي على الآخرين ، كلما تواضع الإنسان لغيره أعطاه الله سبحانه وتعالى رفعة .

    2-قال أمير المؤمنين (ع) : (فلو أرخص الله في الكبر لأحد من عباده لرخص فيه لخاصة أنبيائه وأوليائه) ، لو كان الترفع والتكبر مسموح به لأحد ، لو كان التكبر مطلوبا , إذا كان له شأن ، إذا كان له فضل فليس هناك شأن وفضل أعلى من الأنبياء , فالأنبياء هم أولى به , والصالحون والأولياء هم أولى بهذا التكبر لو كان مطلوبا ، لكنه مرفوض ، فلو أرخص الله في الكبر لأحد من عباده لرخص  فيه لخاصة أنبيائه وأوليائه (ولكنه سبحانه وتعالى كره إليهم التكبر ورضي لهم التواضع فألصقوا في الأرض خدودهم وعفروا في التراب وجوههم وخفضوا أجنحتهم للمؤمنين) ، أنبياء الله يتواضعون ولا يرون لهم شأن على غيرهم مع أن الشأنية والعظمة كلها بعد الله سبحانه وتعالى هي للأنبياء والأولياء والصالحين , ولكن مع ذلك خفضووا أجنحتهم للمؤمنين ، يتعاملون مع المؤمنين بكل تواضع ، والقصص كثيرة في ذلك ، ومنها :

    قصة النبي موسى (ع) :

    عندما أراد النبي موسى (ع) المناجاة فقال له الله تعالى (مضمونا) أن يأتي بشخص هو أفضل منه فبحث فلم يحصل , إلى أن جاء بكلب عقور وفي الطريق تركه ، جاء به على أنه (النبي موسى) أفضل من ذلك الكلب ولكنه تركه في الطريق ، وقال ربما في هذا الكلب العقور ميزة عند الله سبحانه وتعالى تجعله أفضل مني ، فتركه وجاء للمناجاة فجاءه الخطاب من الله سبحانه وتعالى لو جئتني به لمحوتك من ديوان الأنبياء .

    نبي من أنبياء الله أولى العزم المفضلين على سائر الأنبياء ولكنه لا يرى نفسه أفضل من ذلك الكلب العقور .

     إذاً ، إذا  تعالى الإنسان هلك.

    3- قال أمير المؤمنين : (زينة الشريف التواضع ).

     الإنسان الشريف زينته التواضع ، أن يكون متواضعا ، ليس متعاليا , ولا متكبرا .

    نفس الإنسان وفطرته السليمة تمج وترفض الشخص المتكبر . تصور أنك تقول سوف أذهب لفلان أزوره في بيته فتذهب له وهو عابس متكبر ويتعامل معك معاملة فيها ترفع ، سوف ترفض الذهاب إليه , هذا يكون مرفوضا بفطرة الإنسان ، أما المتواضع فيكون تواضعه زينة له ، يكون محبوبا عن الناس .

    4-عن الصادق (ع) : (رأس الخير التواضع ، فقيل له (ع) : فما هو التواضع ، فقال : التواضع أن ترضى من المجلس دون شرفك) ، يعني شخص له مكانة في المجتمع وعادة يجلسونه في الأمام ، يرضى بالأقل ، يجلس أقل مما له من الشأنية , (وأن تسلم على من لاقيت ) إذا التقيت مع أحد في الطريق تبدؤه بالسلام ، لا تنتظر وتقول سلم عليه أسلم عليه ، لم يرد على السلام وهكذا ، لا ، أنت تبدىء بالسلام وتسلم على من لاقيت (وتترك المراء وإن كنت محقا) ، جدل ونقاش ترى أنه عقيم تتركه حتى لو كنت على الحق ، هذا من التواضع بل هو رأس التواضع، رأس الخير التواضع .

    5-عن أمير المؤمنين (ع) قال : (ثلاثة هن رأس التواضع)، ثلاث صفات أو ثلاثة أشياء هي رأس التواضع :

    1 (أن يبدأ بالسلام من لقيه ) تلتقي مع أحد تبتدأه بالسلام ،هذا رأس التواضع.

    2- (أن يرضى بالدون من شرف المجلس)، في المجلس لا تتخطى ولا تقول لا بد أن أجلس في المكان الفلاني ، في أي مكان فراغ تجلس .

    3- (يكره الرياء والسمعة) ، يكره أن يراه الناس وينظرون إليه أنه كذا وعنده كذا ومستواه كذا ، هذه رأس التواضع .

    رابعا : من فوائد التواضع:

    1-الرفعة والمهابة :

     تحقق ما يريده المتكبر الذي لا يحصل عليه من تكبره ، المتكبر يتكبر ليحصل على شيىء ، لا يحصله ، والمتواضع يحصله ،

    قال رسول الله (ص) : (ما تواضع أحد إلا رفعه الله تعالى )، إذا تواضع يرفعه الله تعالى بمجرد أن  يتواضع ، فهو يكون محط العناية من الله والله يرفع شأنه ، – المتواضع يحتاج إلى مهابة ـ يقول أمير المؤمنين (ع) : (التواضع يكسوك المهابة)،المتواضع يكسوه الله تعالى المهابة ، يجعل التواضع طريقا لبيان مهابته وهيبته .

    2-المحبة : قال علي (ع) : (ثمرة التواضع المحبة) .

    3-السلامة ، قال علي (ع) : (التواضع يكسب السلامة) .

     فسلامة ومحبة ومهابة ورفعة ، كلها يحصلها بهذا التواضع ،إذا تواضع ولم يتكبر على أحد.

    4- بالتواضع إتمام النعمة والشكر لله سبحانه وتعالى ،المتواضع في تواضعه هو يشكر الله سبحانه وتعالى ما أنعم به عليه ، فهو لا يتكبر ،إذا هو يشكر الله تعالى بهذا التواضع على ما أعطاه وتمم النعمة عليه ،يعني يزيده الله من فضله ،يقول علي (ع) : (بالتواضع تتم النعمة ).

    إذا تواضع الإنسان تمم الله عليه النعمة ، يعني أعطاه المزيد والمزيد .

    5- نشر الفضيلة ،عن علي (ع) قال : (التواضع ينشر الفضيلة) ،المجتمع المتواضع الذي يحترم بعضه البعض ويقدم بعضه البعض تنتشر صفات الخير والفضيلة في ذلك المجتمع ،لذلك نجد في أنفسنا نشتاق ونحب الشخص المتواضع ونكره الشخص المتكبر ،هذا من الصفات ومن الأمور الفطرية عند الإنسان .

    خامسا: أفضل التواضع:

     ما هو أفضل التواضع؟

    مرة نتواضع ونحترم العالم , وأخرى نتواضع ونحترم الشخص صاحب المكانة الفلانية , الذي هو أعلى منا ، ومرة تتواضع لله سبحانه وتعالى لأنه الخالق ،هذا كله تواضع وهو مطلوب وهناك تواضع آخر وهو أن تتواضع لمن هو دونك .

    1-عن رسول الله (ص) : (أفضل الناس من تواضع عن رفعة) ،يعني هو في مكان يعلم مثلا أو يرى في نفسه أنه أفضل من غيره ،يرى نفسه أرفع من غيره مستوى ،مكانة ،دين ،إيمان ،علم ..مع ذلك يتواضع ،فهذا أفضل وأفضل الناس .النبي (ص) يقول: (أفضل الناس من تواضع عن رفعة) .

    2-عن رسول الله (ص) قال : (من ترك لبس الجمال وهو قادر عليه تواضعا كساه الله حلة الكرامة).

    هو يستطيع أن يتمختر ويلبس ويلبس كذا أو كذا ،يتظاهر ولكنه مع ذلك يتركه ، ليس بخلا وإنما يتركه تواضعا ،فإذا تركه تواضعا فالله سبحانه وتعالى يكسوه حلة الكرامة يوم القيامة .

    3-عن علي (ع) قال: (ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند الله تعالى)

    أفضل التواضع إذا تواضع الغني للفقير من أجل الله سبحانه وتعالى ،فالتواضع المفضل هو أن يتواضع الإنسان لمن هو دونه ،هذا أمر مطلوب .

    سادسا: تواضع الصالحين :

    أذكر شيئا من تواضع الصالحين ،

    1-الصحابي سلمان الفارسي يعين واليا للمدائن ويذهب على حمار فيصل إلى مشارف المدينة ،يخرج أهل المدينة لاستقباله فيرون شخصا يأتي على حمار ، شخص كبير في السن ،يسألونه هل رأيت سلمان الفارسي أميرنا ؟

    فيقول :أنا سلمان الفارسي ،فينزلون من على خيولهم إحتراما له ويقدمون له الخيول ،فيقول :إن هذا الحمار هو أنسب لشأني ،هو يرفض أن يركب على الخيول ثم يدخل إلى المدينة ،فيريدون إسكانه في قصر ولكنه يختار دكانا يدير من خلاله شؤونه وليس عنده شيىء ويقول :هذا وضعي وهذا هو الذي يناسبني .

    2-العلامة الططبائي يتحدث عنه أحد المقربين ويقول : طوال ثلاثين سنة جلست معه وأدرس معه ثلاثين سنة لم أسمع منه كلمة أنا قط ،لم يقل أنا ودائما أسمع منه لا أعلم ،ليس عندي جواب ،مع ذلك يجيب ويقول ربما يكون كذا ،فيعطي الإجابة الدقيقة المفصلة في المجال ،ولكنه يتواضع ، يقولون : إذا جلس ـ في مقدمة كتاب تفسير الميزان ـ أنه كان إذا يجلس لا يجلس متكئا ،يجلس بعيد عن التكية والجدار ،تواضعا للناس واحتراما لهم ،كان يدرِّس حتى لو كان فرد أو فردين وهو عالم كبير , وكان يصلي جماعة خلف غيره ،حاله حال الطلبة الموجودين في الحوزة وهو من أكبر العلماء.

    3-الإمام الخميني رحمة الله عليه , أنقل رسالة كتبها الإمام ،الإمام الخميني واضحا في تواضعه كالشمس في رابعة النهار ،كتب رسالة في الوقت الذي كان في النجف الأشرف إلى أحد العلماء الأعلام في إيران قال :تشرُف الحقير بالعتبات المقدسة فوز عظيم ،ـ يعني نفسه ،يصف نفسه ـ ،تشرف الحقير بالعتبات المقدسة فوز عظيم ،ـ من أي جهة ؟ يقول ـ : إن من حيث زيارة العتبات المقدسة للأئمة ـ وهذا لا إشكال أنه فوز عظيم ـ وإن من حيث التشرف بمحضر حضرات المراجع العظام والعلماء الأعلام ،ـ يعني حضوري سواء كان من جهة زيارتي للعتبات المقدسة فهو شرف لي أو كان بوجود العلماء والمواجع فهو شرف لي ـ بل والأفاضل الكرام ، الفضلاء الكرام يعني الذين هم ليسوا مجتهدين ،يقول : أنا أتشرف بهم في الحوزة العلمية في النجف الأشرف وكربلاء المباركة وسائر العتبات المقدسة –إنسان يرى نفسه- وغيره ربما يقول أنا المرجع وأنا الأعلم وأنا وأنا .. ولكن هذا الإنسان المتواضع عندما علم من معه طبعوا رسالته ووزعوا صوره ،أمر بسحبها من الأسواق وهو يتحدث في هذا الموقف وفي غيره ،يقول : أنا أصغر وأقل وأنا أخرج من الدنيا لم أستفد شيىء ولم أتعلم شيىء ،هذه الروح ،التواضع , من تواضع لله رفعه الله ،ومن تواضع للناس رفعه الله ،والأحاديث التي مرت كثيرا .

    الإنسان عليه أن يعيش حالة من الإتزان من التواضع أن لا يرى نفسه أفضل من غيره ،من يتعامل مع غيره باحترام يقدم غيره حتى لو كانوا في مستواه أو أقل منه ،لا يقول هو أفضل .الإمام الخميني كان ينظر إلى بعض الشباب ويتحدث عنهم في رسائل ويقول : هم أفضل مني ، وهو مرجع وقائد ،هكذا الإنسان ،إذا أراد أن يصلح نفسه ألا يرى في نفسه فضل على غيره ،فإن رأى لنفسه الفضل على غيره سقط هو وليس الغير .

    والحمد لله رب العالمين

  • التواضع (2)

    التواضع (2)

    التواضع (2) – حديث الجمعة – 11/4/2014

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم  

    بسم الله الرحمن الرحيم (يأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين )

    مقدمة : مواصلة لحديثنا حول التواضع..

    في سلسلة الأحاديث المرتبطة بتهذيب النفس والأخلاق تحدثنا حول التواضع والآن نواصل الحديث في هذا الموضوع , وحديثنا اليوم حول أقسام التواضع وهي:

    التواضع لله سبحانه وتعالى.

    والتواضع للرسول والآئمة سلام الله عليهم أجمعين.

    والتواضع مع الناس.

    أولا : معنى التواضع 

    التواضع هو حالة في النفس تتجسد بالخضوع واحتقار النفس وهوانكسار يمنع النفس أن ترى ميزة على غيرها..

    التواضع هو أن يخضع الانسان ، ويظهر الاحترام والتقدير ورفعة شأن الأخرين وعدم رؤيته لنفسه , وعدم الإغترار في نفسه وعدم الكبر في نفسه ، لذلك دائما يكون الحديث عن التواضع مقابل الحديث عن التكبر

    ثانيا : فضل التواضع

    التواضع كما هو معلوم بفطرة الإنسان أنه أمر راجح وأمر مطلوب ، فطرة الإنسان تعرف هذا , حتى لو لم يوجد حديث في ذلك ولم توجد آية في ذلك ، الإنسان بفطرته وسجيته وطبيعته يدرك أن التواضع أمر مطلوب ويدل على فضله:

    1: أمر الله تعالى لرسوله بالتواضع.

     أن الله تبارك وتعالى أمر به رسوله وهو أحب الخلق إليه بدل أن يأمره مثلا أن يظهر عزة الملك والسلطة على الناس , كان أمره على العكس , أمر بالتواضع مع الناس , مع أنه ليس هناك أفضل من النبي (ص) حتى يقال مثلا أن النبي بعظم فلان لأنه أعلى منزلة من النبي (ص) لذلك أعطاه منزلته.

    النبي أرفع شأن من الجميع وهو صاحب المكانة العالية على البشر والخلق قاطبة ومع ذلك يقول تعالى ( وأخفض جناحك للمؤمنين ) يأمره الله سبحانه وتعالى بهذا التواضع

    2: نسب الله المتواضعين لنفسه

    نسب الله سبحانه وتعالى المتواضعين إلى نفسه وشرفهم بهذه النسبة فقال تعالى في وصفه لهم وهم مقربون منه فقال

    (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا )

    يعني متواضعون غير متكبرين وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، لا يعتدون ويردون الإساءة بالسلام ، هذا هو وصف المؤمنين وقد خصصهم الله تعالى بهذا الوصف ونسبهم إلى نفسه تشريفا لهم.

    3: قرب المتواضعين من الرسول يوم القيامة:

     قال رسول الله (ص)

    (إن أحبكم وأقربكم مني يوم القيامة مجلسا أحسنكم خلقا وأشدكم تواضعا ، وإن أبعدكم يوم القيامة مني الثرثارون وهم المتكبرون )

    (إن أحبكم وأقربكم مني يوم القيامة مجلسا أحسنكم خلقا وأشدكم تواضعا )

    المتواضعون يوم القيامة أقرب للنبي (ص) في محلهم في مجلسهم في مكانتهم و(إن أبعدكم يوم القيامة مني الثرثارون وهم المتكبرون ) متكبر يترفع على غيره ويرى نفسه أفضل من غيره ، يوم القيامة هو البعيد عن رسول الله (ص)

    4: الله تعالى يوكل الملائكة برفع المتواضعين:

     قال الصادق (ع) :

    ( إن في السماء ملكين موكلين بالعباد فمن تواضع رفعاه ومن تكبر وضعاه )

    هناك بعض الأحاديث تقول يمسكان بناصية العباد فمن تواضع رفعاه ومن تكبر وضعاه, وهو عناية الله تعالى بالمتواضعين.

    ثالثا : أقسام التواضع وهي:

    1: التواضع لله سبحانه وتعالى

    وهذا هو الأمر الطبيعي أن يكون الإنسان خاضعا لله سبحانه وتعالى ، فمن يتكبر يتكبر على من؟!

     ليس هناك قياس حتى ينظر الإنسان لنفسه أمام الله سبحانه وتعالى لأنه لا يعد و ليس له وجود , وكل شيئ هو من الله سبحانه وتعالى وفيض من الله فيجب عليه أن يكون كذلك في نفسه ونظره لنفسه.

    متى يتحقق التواضع لله ؟

    يتحقق التواضع إذا تفكر الإنسان في نفسه وعرف نفسه وعرف أنه لا شيئ وأن وجوده هو من الله وأنه لا يستطيع أن يوجد نفسه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه ضرا ولا يستطيع  أن يجلب لنفسه نفعا , إذاً هو في واقعه صفر ، إذا كان هوظل فهو من الله سبحانه وتعالى , وإن كان له أثر يراه فهو من الله سبحانه وتعالى , إذا جعل ذلك في نفسه وعرف أن هذا كله من الله من دون إسحقاق من العبد .

     أنعم الله عليه وكرمه وجعل له الملذات وجعل له الدنيا وجعل  له الآخرة ليس من عند الإنسان ومن غير إستحقاق الإنسان , الإنسان لم يكن مقدِما لشيئ ثم أعطاه الله نتيجة تقديمه , وإنما هو تفضل من الله سبحانه وتعالى إبتداءا ، إذا جعل الشخص في نفسه ذلك يرى هنا الخضوع أمرا طبيعيا فيخضع لله ويتواضع لله .

    من لوازم التواضع لله من الآثار المترتبة على التواضع , الذي يشعر نفسه التواضع لله دائما هو الذي يفكر في وجوده ، يفكر في ذاته ، يفكر في عظمة الله سبحانه وتعالى ويلزم على ذلك أمور منها :

    1: الطاعة والإنقياد

    إذا صار الإنسان متواضع لله , يفكر في عظمة الله , يفكر أن كل شيئ من الله ، أن كل نعيم من عند الله ، أن الدنيا من الله والآخرة من الله والصحة من الله, وكل شيئ من الله , هنا يجد في نفسه لزوم الإنقياد والطاعة لله , فيطيع الله ولا يعصيه ، يجتنب المعاصي إذا كانت كذلك.

    2: الشعور بالتقصيروالمبادرة والجد والسعي لله.

    يشعر بالتقصير لأنه كلما قدم , كلما عمل , كلما شكر الله , كلما عبد الله , يجد نفسه مقصرا

    كلما أتى بخير , يجد نفسه لا شيئ , يحتاج إلى شكر على شكره , ويحتاج  إلى حمد لأنه توفق للحمد وهكذا ، فيسعى بجد وإجتهاد لينال بذلك في النتيجة الخير له يوم القيامة

    3: إستمرار الحمد والشكر لله تعالى على مننه ونعمه كلها

    يلزم من التواضع أن يكون الإنسان شاكرا لله حامد لله مداوما على ذلك وغير منقطع.

    2: التواضع للرسول والآئمة (ع)

    التواضع للرسول (ص) حقيقته ماذا؟

    حقيقته هي التواضع لله تعالى , لأن الرسول والآئمة سلام الله عليهم أجمعين هم آيات الله العظمى وهم الطريق للخير للإنسان والطريق للهداية فهم بينات وآيات لله سبحانه وتعالى , فمن يتواضع لهم إنما يتواضع لله سبحانه وتعالى.

    كيف يتواضع الإنسان للرسول (ص)كيف يتواضع للآئمة ؟

    أول التواضع للرسول والأئمة (ع) هو إمتثال الأوامر وإجتناب ما ينهون عنه , وهو الطاعة التي أمر بها الله تعالى في كتابه.

    وأن يكون في ذكرهم تبجيل وإحترام , لايذكرهم كما يذكر أي شخص آخر،  يأتي و يقول الإسم هكذا من غير أن يبجلهم ويبين عظمتهم , فإذا قال رسول الله يقول (ص) إذا ذكر الإمام يقول سلام الله عليه إذا ذكرهم فليذكرهم مع بعث التحية والسلام ، يذكرهم بهذه الأمور حتى يكون دائم التعظيم لهم والخضوع لهم ، لا يصلي مثلا أمام قبورهم ، إذا كان في زيارة ووصل للمكان لا يصلي أمام القبر إحتراما ، إحتراما لصاحب القبر وتعظيما له ، إذا وجد إسمهم مكتوبا على كتاب لا يمسه من غير طهارة هذا إظهار للإحترام والتبجيل والتقدير لهم (س)

    3: التواضع للأبوين

    التواضع للأبوين وهو أيضا من التواضع لله سبحانه وتعالى , فهو يصب في نفس هذا المجال لماذا , لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي قرن بر الأبوين والخضوع للأبوين والطاعة للأبوين والإحترام للأبوين بتوحيد الله سبحانه وتعالى ، فهو يتفرع على العبودية لله والتوحيد لله سبحانه وتعالى لذلك , قال تعالى:

     (وقضى ربك آلا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب إرحمهما كما ربياني صغيرا)

    يجب أن يكون هكذا التعامل مع الأبوين , وهذه الآية لا تتحدث فقط عن جهة كبر الأباء في السن مثلا , وإنما عن الأباء بصورة عامة , وعو كبرهم في السن بصورة خاصة .

    فيجب أن يظهر الإنسان المؤمن الإحترام لأبويه , المؤمن يقدرهما ويحترمهما سواء كانا مؤمنين أو لم يكونا كذلك ، كانا مسلمين أم لم يكونا كذلك , إحترامهما واجب ، إحترام الأباء واجب على المؤمنين

    4: التواضع للناس

    التواضع أيضا للناس بصورة عامة ، الناس من حيث الخلقة متساوون ليس هناك فرق بين أحد من هذه الجهة ، العنوان الأول إنسان مع إنسان كلهم سواسية , ولا يحق لأحد أن يتكبر على أحد , ولا يحق لأحد أن يرجو من أحد أن يتواضع له ، الناس كلهم سواسية فعلى الإنسان في نفسه أن يكون متواضعا كما أراده الله , أن يكون متواضعا في نفسه لا يرى نفسه ذا مكانة وإنما يرى نفسه خاضعا لغيره ومتواضعا لغيره , يتواضع للآخرين ويحترم الآخرين.

    5: التواضع المرفوض

    هناك تواضع مرفوض وهو التواضع للكافر والفاسق والمتكبر هذا التواضع مرفوض شرعا ، أن يذل الإنسان نفسه ويخضع نفسه للكافر مرفوض , للفاسق مرفوض , للمتكبر مرفوض ، أن يذل نفسه أيضا ويظهر تواضعه للغني بسبب ماله مثلا لغناء عنده أموال ويتواضع له من هذه الجهة أيضا مرفوض وليس من الصحيح.

    الله سبحانه وتعالى عندما يتحدث عن ذلك يصف المؤمنين بأن المؤمنين يتواضعون ومتواضعون بعضهم لبعض ولكن ليسوا متواضعين للكافرين

    يقول تعالى ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) فيما بين المؤمنين يخضعون ويتواضعون ولكن ليس للكافرين

    ويقول تعالى: ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم فيما بينهم الرحمة  واللطف والمحبة والخضوع والتواضع.

    التواضع أيضا للمتكبر مرفوض ، إذا كان الشخص متكبر ليس كافرا ولكنه متكبر يتعالى عن الناس ويرى في نفسه , ويظهر ذلك طبعا هنا ليس صحيحا أن يتواضع المؤمن له ويظهر له الخضوع.

    جاء شخص مثلا يريد أن يُقَدَم له نعلُه هو متكبر، المتكبر لا يتواضع له لماذا ؟

    أولا: لأنه حماقة وقلة عقل أن يأتي شخص يريد أن يذل الناس والناس يأتون لإذلال أنفسهم غير صحيح.

    ثانيا:  التواضع للمتكبر نوع من هتك حرمة النفس , نوع من الذل ولا يليق عقلا وشرعا للمؤمن أن يذل نفسه بهذه الصورة لأنه إسحتقار للنفس في غير موضعه ، إما أنه يتواضع شخص مؤمن لشخص مؤمن متواضع , وذاك الشخص يرفع شأنه أيضا , وهذا يقدم هذا , يتبادل الإحترام فيما بينهم هذا هو المطلوب ، إما أن يأتي شخص يهتك حرمة نفسه بخضوع لشخص يريد أن يهين هذا غير صحيح

    ثالثا: التواضع للمتكبر يدعوه للجرأة وإحتقار الآخرين , كأنك تثبت له أنك دونه , وأنك أقل وأنه أرفع شأن وهو مقدم , هذا غير صحيح بمعنى آخر بدل ان تعالجه انت تسيئ إليه ، تجعله يصر ويتمادى في خطأه في تكبره وهذا مرفوض .

    رابعا: ترك التواضع له لينتبه

    الشخص الذي يريد أن يحترمه الناس فوق المعدل غير طبيعي وهو متكبر في نفسه إذا جاء ينتظر الناس مثلا يفتحون له الباب لايفتحون ، ينتظر الناس يقدموا له الحذاء مثلا لا يقدمون هنا يراجع نفسه وهذا إسلوب لعلاج مرضه النفسي , مايعاني منه من العقدة النفسية والكبر والطغيان الذي في نفسه.

    الآن نعلق على شيئ مما فصلناه , وهو عندما نقول التواضع للكافر مرفوض فماذا يعني؟

    التتواضع للمتكبر مرفوض ماذا تعني؟

    التواضع للغني مرفوض ماذا تعني؟

    هل يعني أن يتكبر الإنسان عليه ؟ طبعا لا

    عدم التواضع للكافر ليس معناه التكبرعليه , ولكن هناك بعض العبارات جاءت بلفظ التكبر أيضا بعض الروايات النبي (ص) مضمون الرواية

    (إذا رأيتم المؤمنين من أمتي فتواضعوا لهم وإذا رأيتم المتكبرين فتكبروا عليهم )

    هنا يقول العلماء ليس معناه أن تأتي وتتكبر وتترفع هكذا وإنما معناه الإعتزاز بالدين فقط , وعدم إظهار الذل مقابل الكفر , بمعنى آخر ربما يتعامل شخص معك على أنه إنسان مع إنسان وليس لقضية الكفر دخل أو المعتقد وربما يأتي وقت أو ظرف يتعامل من جهة العقيدة أنه متقدم , وكما يقولون منفتح ومتحرر وعنده أفكار وعنده كذا.

    وهذا للأسف يأتي في بعض المجتمعات الإسلامية يرون مثلا مجتمع ديني متحجر متخلف رجعي ، والمجتمع الكافر منفتح الكافر متقدم أفكار وإنفتاح و….

     هنا ليس صحيحا أن تخضع له هكذا وإنما تثبت له وتبين له عزة الدين وأن الدين هو المتقدم أما إذا كان التعامل هوتعامل الإنسان العادي تتعامل معه عادي ، لا تخضع له وتذل نفسك ولا تتكبرعليه

     كما أن المسألة نفسها مثلا نستطيع أن نأتي ونطبقها على المتكبر والغني , التعامل مع الغني قد يكون الغني شخص عادي ليس متكبرا , ولكنه عنده أموال تتعامل معه بتواضع ليست ناظرا للأموال وهذا أمر طبيعي , أما أن تتعامل معه ونظرك له ناظرا لأمواله لأنه الشخص الفلاني الذي يملك الأموال الفلانية فترفع شأنه وتقدمه لأنه يملك , هذا أمر مرفوض.

    يقول الحديث : عن علي(ع) (من اتى غنيا فتواضع لغناءه ذهب الله بثلثي دينه )  كأنه يقدم شيئ لتتنازل عن دينك , مقابل الأموال لا تتنازل عن دينك لاتقدم الأموال فيذهب ثلثا دينك.

    يجب أن لا يرى المؤمن في نفسه تكبر بصورة عامة . المؤمن المرتبط بالله أن لا يرى في نفسه كبر,  أن لا يرى لنفسه علوا على الآخرين سواء كانوا من هذه الفئات أم لا , سواء كان الطرف الآخر كافرا أم فاسقا أومتكبرا أوغنيا أومؤمنا , المؤمن يتواضع للمؤمن ولا يرى لنفسه كبر أو منزلة أو ذاتية تميزه , ليس له إغترار بذاته حتى في مقابل الكفار , لا يكن هناك خلط بين موضوع الإعتزاز بالدين وبين موضوع العزة بالنفس أو الإعتزاز بالذات أو الغرور لأنه قد  يختلط على الإنسان .

     في بعض الأمور وفي بعض المواقف يحتاج الإنسان أن يتخذ موقف ويقول هذا صح أو هذا خطأ , عليه أن يقول مثلا إذا رأى منكرا , عليه أن ينكر المنكر ويقول هذا منكر ، هذا منكر وتقوم بوظيفتك بردع المنكر وإيقاف المنكر ولكن لا تقل في نفسك أنا لا أرتكب المنكر إذاً أنا أفضل منه , فالإغترار شرعا مرفوض , حتى على الكافر ، مع الكافر تقول هذا كافر وأنا لست كافر، موحد لله ولكن ربما عنده صفات تجعله محط نظر الله تعالى , ربما فيه خير من جهة أخرى , لا نعلم  , ربما يهتدي , ربما يتوب ويكون أفضل مني ، إذاً أتعامل مع الآخرين بوظيفتي الشرعية فقط يقول السيد دستغيب يذكر مثال في هذا المجال يقول :

    لو أن ملكا مثلا عنده ولد سيئ وعنده خادم وأمر خادمه أن يعاقب ولده يقوم الخادم ويضرب الولد عقوبة أو تأديبا له ولكن لا يرى الخادم نفسه أفضل من الولد , ليس من حقه ذلك , كذلك نحن عيال الله سبحانه وتعالى كلنا خاضعون لله إذا رأينا الإنحراف ، رأينا الفسوق ، رأينا شخصا عنده فجور , نقف ونقف بصرامة بأمر الشرع ، ليس إغترارا من أنفسنا وليس غرورا بذواتنا وتطهيرا وتزكية بأنفسنا , لانقول نحن أفضل لا ، لا نقول نحن أفضل وإنما نقول هذا خطأ ومن ضمن وظيفتنا وتكليفنا الشرعي أن ننهى عن الخطأ ، هذا منكر ومن ضمن وظيفتنا أن ننهى عن المنكر ، لا نتجاوز ذلك.

    رابعا : أسباب التواضع

    من أسباب التواضع من الأمور التي تحمل الإنسان على التواضع

    1:  المعرفة والتفكر

    المعرفة :

    المعرفة بالنفس وبخالقها عندما يعرف الإنسان نفسه , الإنسان في نفسه عندما ينظر لنفسه يجد نفسه لا شيئ , يجد الإنسان نفسه معقد في تركيباته وفي خلقته وفي كل تركيبات الإنسان تعقيد غريب , ولكن هل لك دخل في ذلك التركيب المعقد؟!

     عندما يرى نفسه ويقول مثلا أريد أن أعوض غدة واحده من غددي هل يستطيع إيجادها أوإيجاد خصائصها , ولو مصانع لا يستطيع ، إذاً الإنسان معقد في وجوده وهذا التعقيد لا يملك الإنسان له شيئ , يجد نفسه قبال هذه الخلقة المعقدة التي تركيبها غريب لا يستطيع أن يصل إلى فهمه , يجد نفسه حائرا ولا يملك شيئ , إذا تأمل في ذلك وعرف أن الله سبحانه وتعالى هوالذي أوجد هذا الوجود وأكرم هذا الوجود وجعل فيه هذا التعقيد الذي لا يمكن أن تصف الشيئ اليسير منه كيف يكون ؟!!!!

    هنا العاقل يخضع ويتواضع لله , ويقول أنا الضعيف وهو الخالق وهو المالك وهو القادر وهو المنعم وهو المتفضل وأنا لا شيئ

    2ـ الإعتبار بمن مضى :

    التفكر أيضا , عليه أن يتفكر ويقول أنا أتكبر على ماذا ؟ نفسي وجدتها لا شيئ أنظر لمن تواضع ومن تكبر، من تكبر إلى مزبلة التاريخ وإنتهى ومن تواضع من أولياء الله وصل إلى ما وصل إليه وصارت له المكانة  والمنزلة عند الله سبحانه وتعالى

    إذاً أنظر إلى نفسي , أتفكر أيضا  في هذه الدنيا والمنزلة ربما يقول شخص الذكر في الدنيا إعتبار وليس مفيد بعد الموت , فلنفكر فيما بعد الموت , أفكر بالآخرة الآخرة لمن ؟

     الآخرة هي المقر وهي الحيوان (يعني الحياة الحقيقية) وليست هذه الدنيا الزائلة ، الدنيا تنتهي وكأنها حلم عابر ولا شيئ تبقى الدار الآخرة الدار الآخرة لمن ؟

    يقول تعالى ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين )

    إذا الإنسان غير المتكبر المتواضع مع نفسه لله وللنبي والأئمة والصالحين هو الذي يحصل على الآخرة ، أما الشخص الذي يسعى للدنيا فهو لا يحصل وإن حصل فإنما يحصل منها الشيئ اليسير الزائل فقط .

    3 : العبادة :

    من الأمور التي تجعل الإنسان يتوفق للتواضع العبادة

    لأن العبادة في حقيقتها هي تواضع أيضا ، تواضع لله وتجعل الإنسان يقف على حقيقة ذاته وتصفي روحه ، الإنسان بالعبادة تطهر نفسه ، الإنسان يحتاج إلى صفاء للنظر للمعرفة للبصيره ،  البصيره لا تكون إلا بالعبادة ، بالخضوع لله سبحانه وتعالى لذلك تأتي الأحاديث كثيرة وذكرنا كثيرا منها

    قال النبي (ص) لأصحابه : (مالي لا أرى عليكم حلاوة العبادة قالوا وما حلاوة العبادة قال التواضع )

    التواضع حلاوة العبادة هو نتيجة لهذه العبادة إذا صار الإنسان يعبد الله ويداوم على عبادة الله سبحانه وتعالى تحقق عنده التواضع

    قال علي (ع) (عليك بالتواضع فإنه من أعظم العبادة )

    أيضا التواضع هو دليل كمال العقل , الإنسان العاقل هو الذي يتواضع ، الإنسان الجاهل هو الذي يتكبر من لا شيئ ، يتكبر وهو لا شيئ ، أما الإنسان العاقل هو الذي يضع نفسه موضع يرى قيمة نفسه فلا يتجاوز عنها

    قال الصادق عليه السلام : ( كمال العقل في ثلاث التواضع لله وحسن اليقين والصمت إلا من خير)

    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد آله الطاهرين    

  • إحياء عاشوراء (1)

    إحياء عاشوراء (1)

    إحياء عاشوراء (1)

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:

    (بسم الله الرحمن الرحيم)

    (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)

     وقال إمامنا الحسين(ع) : (إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد ) مقدمة :

    حديثنا حول بعض الملاحظات التي يجب أن نأخذها في إحياء عاشوراء بصورة عامة.

    قتل الحسين(ع) ليصلح هذه الأمة ، وليفضح الظالمين ويعري الفاسدين.

     بعد أن كان المفسدون يتظاهرون بالفسق والفجور ، ويرتكبون الجرائم والظلم واستعباد الناس , من غير رادع ولاخوف من أحد ، خرج الحسين(ع) ليعيد للناس حريتها وعبوديتها لله سبحانه وتعالى ، بعد أن صارت عابدة للطاغوت ، خاضعة للظلم،خرج ليرجعها لكرامتها ويجعلها عابدة لله سبحانه وتعالى .

    2-هدف إحياء عاشوراء الحسين (ع) ، للحفاظ على ثورة الحسين , ومباديء الثورة , وفضح الظالمين ، بمعنى أن هذا الإحياء الذي يقام في كل سنة هو استمرار  لأهداف الحسين(ع) ليفضح الظالمين والمتلبسين بالدين والمتسلطين على الناس من اليزيديين ، المتآمرين والمتسلطين والمتمكنين من رقاب الناس في العالم , في أي مكان وأي زمان ..

    3-لا تتحقق أهداف الإحياء التي هي أهداف الثورة الحسينية إذا امتزحت بالمنفرات والخرافات وكثرة المؤاخذات، فإنما يفعله الفرد ينسب للمذهب مباشرة وينسب أيضا للثورة الحسينية بالتبع، فيرتكب الجاهل مثلا مخالفة , لتكون هذه المخالفة سببا في تشويه المذهب والمعتقد بغض النظر عن قصده وعن هدفه ، لذلك نقول :هناك ملاحظات يجب أن نستفيد منها وأن نأخذها بعين الإعتبار:

       الملاحظة الأولى: أن تكون عاشوراء سببا للوحدة والإتحاد بين أبناء هذه الأمة ، يجب أن تكون عاشوراء سببا للوحدة .

     الحسين (ع) عندما خرج بثورته لم يأت بالثورة ليقسم المجتمع، لم يخرج ثائرا إلا كما قال : (وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي ) لم يخرج ليجعل الفرقة بين أبناء المجتمع ويشتت المجتمع ، يجب أن تكون الثورة والإحياء لنا نورا وسببا يجمعنا على كل خير .

    1-الوحدة بين أبناء الأمة بمختلف مذاهبهم ، لا يقول قائل إننا نحب أهل البيت وننعزل عم المجتمع ونرفض غير أتباع أهل البيت ، وإنما يجب أن تكون عاشوراء للجميع، حاضنة للجميع ، موحدة للجميع من مختلف التوجهات والمذاهب ولا تقتصر فقط على المحبين لأهل البيت .

    2-أ، تكون سببا لوحدة الشيعة أنفسهم ، عندما نقول الوحدة مع غير أبناء هذه الطائفة فوحدتهم فيما بينهم برتبة أولى ، فيجب أن يتحدوا وأن يترابطوا فيما بينهم وأن يكون الإحياء طريق لوحدتهم ، للتكاتف والتلاحم والتآزر في هذه المجال، لا أن يكون إحياء عاشوراء سببا للخلاف .

     ليس من الصحيح أن يقول هذا أن أخرج موكب بإسمي وبإسم جماعتي وذلك مثله، أو أن هذا المأتم وهذه الحسينية تصر على وقت ،بحيث أن هذا الوقت يتعارض مع المأتم الآخر، وهكذا، فبدل أن تكون سببا للإلتقاء ولم الشمل تكون سببا للفرقة وهو عكس أهداف الحسين(ع).

    الملاحظة الثانية : صحة الشعائر ومستندها، الشعائر الحسينية يجب أن تكون صحيحة مستندها صحيح إذا كانت من المنقولات فيجب أن تكون صحيحة في المستند ، عندما تقول قال الحسين(ع) فهذه شعائره تكتب بنور الذهب ، وعندما تبتكر من نفسك فربما لا يكون لها قيمة ، وإذا كانت لها قيمة فيجب أن تكون أيضا صحيحة بحيث أنها توافق العقل وتوافق الفطرة ، توافق أهداف الثورة الحسينية ، لا أنها تتقاطع معها وتختلف معها، ماذا أراد الحسين (ع) بثورته؟ يجب أن تكون جميع الشعارات تصب في هذا المصب فإما أن نأخذها منه (ع) ومما ورد عنه صحيحة وهي التي تكتب بماء الذهب وتبقى خالدة ، بل هي خالدة مدى الدهر، وإذا كان من عندنا يجب أن تكون في هذه  المجال فقط، ولا تخرج عن ذلك .

    الملاحظة الثالثة : المناقشة مع الخطيب في إختيار المواضيع بحسب حاجة المجتمع الفعلية وما يتناسب مع المعارف الحسينية ، أيضا يجب أن يكون اللقاء مع الخطيب قبل المحرم يجلس القائمون على المأتم مع الخطيب ويتحاورون معه ويتناقشون المواضيع التي ينبغي طرحها وأن تكون كلها في ضمن المعارف الحسينية وأهداف الثورة الحسينية وأهدافها عالية وشاملة للحياة بأكملها ، بمعنى أنه ليس من الصحيح أن يأتي الخطيب فقط ويلقي ما عنده من غير النظر لحاجة المجتمع الفعلية، واختلاف المناطق ..

    الملاحظة الرابعة: أن يكون الإحياء والخطابة لها آثار حقيقية ، هذه الآثار :

    1-أن تعكس المعارف الإلهية وعلوم أهل (ع) ، يجب أ، تكون في هذا المجال ، تركز على ذكر وبيان المعارف الإلهية التي أراد أهل البيت (ع) أن تكون في واقع المجتمع فيجب بيانها ، يجب التركيز عليها لا أن يكون الحديث فقط عن جوانب أخرى فقط كالسياسة وإن كانت مهمة , ولكن لا يكون بعيدا عن المعارف الإلهية ومعارف أهل البيت.

    2-لا تقتصر أيضا على العبرة الآنية وإنما تكون مربية للروح ، ومطهرة للنفس ومحققة للفضيلة والعطاء  في روح المحب والسامع بصورة عامة .

     عندما يحضر المحب ويستمع يشعر في نفسه بميله للصفاء الروحي ، والطهارة الروحية وأن يكون من محبي البذل والعطاء في خدمة الله سبحانه وتعالى

    3-الولادة الجديدة لكل فرد، يجب أن تكون هذه الواكب والحسينيات والمآتم والإحياء تجعل الإنسان إذا دخلها يخرج بتوبة صادقة ، يخرج بولادة جديدة ..

    الملاحظة الخامسة: التجديد في الطرح وعرض الثورة الحسينية بأساليب مؤثرة مناسبة للعصر، يجب أن يكون هناك تجديد ، الطريقة المألوفة والمعهودة والتقليدية جيدة ولا يمكن التخلي عنها بل هي التي حفظت الأجيال ولكن أيضا بهذا التطور والوسائل التكنلوجية الموجودة ، يجب أن يكون هناك استعمال للأساليب التي يمكن من خلالها أيضا الإبتكار وإيصال الثورة وأهداف الثورة للناس كافة من خلالها ، كالقصائد والشعر وغيرها ، يعني عقد جلسات شعرية مثلا والنثر في هذه المجال ، والألوان والرسوم ، معارض رسوم تبين المأسات والمصيبة والأهداف العالية.

    الناس في المجتمعات مختلفة , وأطياف مختلفة وكل شخص له جنبة يتأثر منها .

     الخطابة مؤثرة , والموكب مؤثر , والمظاهر مؤثرة , والنشيد مؤثر , والمؤتمرات مؤثرة , والقاءات مع العلماء من مختلف المذاهب أيضا مؤثرة .

     يمكن أن تُقام هذه الأمور في شهر محرم ، سواء كانت في أيام العشرة أو بعدها , أو قبلها ، لقاءات وغيرها تؤثر في نشر هذه  الثورة وأهداف الثورة الحسينية .

    الملاحظة السادسة : الإعلام : ضرورة توظيف الإعلام وأدوات التواصل الإجتماعي ، فيجب أن يستفاد منها في :

    1ـ نشر فكر الثورة الحسينية ، وظلامة أهل البيت(ع) .

    كم من إفتراءات وتهم تتهم بها الشيعة , وهذه التهم ما أنزل الله بها من سلطان ، يجب أن تكون لوسائل الإعلام آثار في كشف هذه الحقيقة.

    2ـ بيان مظلومية أهل البيت (ع) , وبيان وحشية أعدائهم , بيان ما يمثله أهل البيت من النهج الناطق بالقرآن الكريم وسنة الرسول (ص) , وبيان الخط المناويء لهم وما يمثله من نهج الجاهلية , وبيان ما إرتكبه أعداء أهل البيت من المجازر العظيمة.

    الملاحظة السابعة: للقائمين على المأتم ، من المناسب والمفيد لهم أن يحضروا دورات في فقه الحسينيات ، ليعرفوا كيفية ومقدار التعامل مع الوقفيات وخصوصياتها ، هذا أمر مهم .

    الملاحظة الثامنة: التواصل مع المجتمع لتطوير الإحياء والمواكب الحسينية والمآتم , وهذا غير موجود في المجتمع بالصورة المطلوبة , فمن المناسب فتح باب الإقتراحات للتطوير في المجتمع، فطرح صناديق في المأتم أو في المساجد قبل العشرة ، ومن عنده إقتراج ومن عنده نظرة يمكن أن يبدي هذه الخطوة لتطوير العطاء في المأتم ، طبعا مع الشكر الجزيل الذي نقوله دائما وباستمرار للقائمين على المواكب والمآتم وإحياء عاشوراء لأنهم بذلوا وقدموا الكثير في خدمة الحسين(ع) .

    الملاحظة التاسعة: الإهتمام بالأطفال بالشكل المناسب ، يجب أن يكون هناك إهتمام بالأطفال وإلا فإن هناك بدائل كثيرة تشغل الطفل عن المأتم وتجذبه للشارع وربما للمجمعات وغيرها ، وهذا يؤثر على تربيته ويؤثر على علاقته بالحسين (ع) ، فإذا كان الطفل يأتي للمأتم وبمجرد أن يبكي ، يخرج أبوه حاملا إياه للخارج ، أو يؤمر بإخراجه ، إذا لم يكن هناك بديل مثلا ، صالة فيها أطفال وبرامج للأطفال فإن هذه الطريقة من التعامل تضر بثقافة الطفل وتربيته الدينية وتربيته الحسينية ، لذلك يجب الإهتمام بما يناسب الأطفال .

    الملاحظة العاشرة : عدم التضارب بين أوقات المأتم بحيث يتناسب مع حجم المنطقة وعدد المستمعين .

    يجب على المجتمع أن يطالب فيها القائمين على المآتم ينسقوا بين المآتم بحيث لا يكون هناك تعارض ، إذا كانت المنطقة صغيرة وفيها مأتمان وذهب المستمعون للمأتم الأول وقرأ الخطيب وانتهي الخطيب ووضع الطعام ، الثاني يقرأ ليس عنده أحد . المستعون يقولون لا حاجة أن ننتقل للمأتم الثاني فينفصل المجتمع بعضه عن بعض وهذا غير صحيح ، أو أنه يقول البعض لن أذهب للأول حتى أستطيع الحضور للثاني ، يجب أن يكون هناك ترتيب في هذه الأمور في أوقات المأتم أو أوقات الخطباء حتى يلم شمل المجتمع بأكمله ويحفظ المجتمع عن الإختلاف

    الملاحظة الحادية عشر: التعاون من الجميع في شؤون عاشوراء ، يجب أن يكون هناك تعاون من المجتمع كله ، عليه أن يشعر ويقدر أهمية التعاون في إحياء عاشوراء في جميع المجالات ، سواءا كان في الترتيب أو في وقوف السيارات أو في الحضور ، أم في طلب التحرك وهكذا في جميع المجالات ، يجب أن يكون هناك تعاون ، لنخرج بعاشوراء وبإحياء عاشوراء بالمستوى المطلوب وكما ينبغي .

    الملاحظة الثانية عشر: تطوير الحسينيات النسائية لترتقي بالمرأة ، الحسينيات يجب أن لا تُغفل وأن تُطور ، لا تبقى فقط على النعي الطريقة القديمة وإنما مثلا يجلب محاضرات إضافة للنعي والعزاء ، أن تكون هناك محاضرات وتثقيف وطرح ما يتناسب مع المرأة وثقافة المرأة مرتبطة بأهل البيت(ع) .

    الملاحظة الثالثة عشر: الإبتعاد عن اختلاط النساء بالرجال في المواكب الحسينية حفاظا على أهداف عاشوراء ، أهداف عاشوراء واضحة بصورة العامة .

     الحسين (ع) جاء ليبعد كل خطأ عن المجتمع ، كل انحراف عن المجتمع ، كل سوء عن المجتمع وعندما نقرأ ونسمع أن الحسين (ع) كان في الحرب عندما يسقط علي (ع) والحسين يحمله للخيمة، فتخرج زينب إلى أطناب الخيمة ويرجع ويقول إرجعي ، هنا يبين أهمية الحفاظ على عفة المرأة ، لذلك ليس من الصحيح أن تقول سوف ننشىء مواكب نسائية وتركض نساء بركضة طويريج أو غيرها أمام الرجال ، هذا ليس صحيح ، هذا لا يخدم ثورة الحسين وأهداف ثورة الحسين(ع) ، وكذلك وقوف النساء والأختلاط بينهن وبين الشباب وبمكياج وأمثاله ، هذا كله بعكس ثورة الحسين وأهداف ثورة الحسين , المجتمع كله يجب أن يكون موجها , الأب يوجه بناته ، الأخ أيضا يوجه أخته ، القائم على المواكب يراقب إذا كان هناك خلل .

     شباب يخرجون بصورة غير لائقة ، الشباب المتدينين يقفون مثلا مع فتياب متبرجات هذا كله ضرر وكله مخالف لثورة الحسين (ع) وأهداف الحسين(ع) .

    المحلاحظة الرابعة عشر: الإهتمام بالضيوف خصوصاالأجانب،  فهم سوف يحملون معاني هذا الإحياء ألى العالم .

     الذي يأتي من الخارج وينظر للعزاء وينظر لهذه الصورة العزائية،  إذا كانت رائعة وراقية سوف ينقلها وإذا كانت فيها خلل سوف ينقل هذا الخلل ونحن لابد أن ننظر في هذه الذكرى وهذا الإحياء أن يكون جميع الطرح أنساني … أن يكون جميع الطرح روحاني مقرب للخير،  داعي للخير، وليس منفر . هناك أمور نعلم أنها تنفر ، ليست صحيحة فلا ندعو لها،  يعني إذا قلنا مثلا وبصريح العبارة أن الدم منفر وليس من الأمور المحببة، لايتوهم متوهم أن أحياء عاشوراء إذا كان فيه السيف وضرب القامة وأمثالها سوف نروج مذهب أهل البيت ، سوف نحبب الناس لأهل البيت، لا , لايحبب الناس لأهل البيت سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين الذين  يتحركون بفطرتهم ،  يقولون : هذا شي مقزز…  شى منفر.. هؤلاء إرهابيون ،  إذا كان مسلم وهو من غير هذا المذهب أيضا ينظر بنفس الصورة  بطريقة وبأخرى ايضا.

      يعني نسم أنفسنا بالخرافات والمنفرات وهذا خلاف ثورة الحسين (ع)، لذلك يجب أن يكون الإهتمام بالطرح والإهتمام باستقبال الضيوف . إذا جاء الضيوف نستقبلهم بالصورة الحسنة ليحمل الرسالة،  فيدخلون ويرون الخير يرون الأخلاق.. يرون التعامل الحسن… ويخرجون بهذه الصورة .    أتذكر قبل عدة سنوات أحد الضيوف في كرباباد وهو ليس من الخليج الآن ليس في البحرين_ خرج من البحرين_ يقول جئت فقط لأستمع وأذهب وليست بصدد أن أعتنق مذهب ولاشي  وخرج من البحرين،   بعد كم سنة رجع زيارة إلتقى بي يقول الآن اكتشفت أن انتمائي لهذا المكان.. لهذا المأتم.. لمأتم الحسين لأنه شعر أن المأتم يطرح الأمور الروحية والأخلاق الراقية والتسامح والحفاظ على الخير،  الدعوة للخير.. الدعوة للدفاع عن المظلومين  ..وير فض المأتم الظلم والإعتداء ويرفض كل سوء، فيشعر الضيف إذا جاء للمأتم ورأى أخلاق الناس.. ورأى تعامل الناس.. ورأى مايطرحون.. يشعر أن هذا الإنتماء هو الصحيح وإذا خرج ينقل هذه الصورة وهذا أمر مهم. الملاحظة الخامسة عشر: الاعتدال في الإطعام في المأتم والمضائف،  يجب أن يكون هناك اعتدال ، أيضا اذا لم يكن هناك اعتدال فهو إسراف  ، وهو ليس من الصحيح , وليس من أهداف الحسين , يعني مثلا أذكر رواية بالمعنى عن الإمام الحسين (ع)،  يرى شخص يتوضأ أو يغتسل وهو جالس على نهر،  يغتسل على ساقية  فالإمام يقول له إجعل غسلك في وسط الساقية لايكون هناك إسراف  , الماء يخرج للخارج .

     الحسين (ع) أهدافه أهداف الإسلام ، فيجب أن يكون أيضا الإنفاق في عاشوراء كذلك , يكون مفيد ، يكون في طريق تحقيق أهداف الإسلام , أما اذا كا ن مثلا بعد العزاء في المأتم  بعد العزاء المغرب  يضعون العشاء ثم يصلون مباشرة وهناك عشاء بعد الصلاة مباشرة , هذا زيادة ليس له معنى بل ربما يكون إسرافا. يجب أن تكون هناك نظرة منطلقة من الشرع  في مسألة الإطعام ومقدار الإطعام .

     المضائف أيضا , كم تقدم وكم تنفق من الأموال، يجب أن يكون موزونا .

    ربما مثلا أن يقدم الشاي أو العصائر من غير أن يكون هناك زيادة أو إسراف ، فلننظر على أقل تقدير نبحث الموضوع  نفكر فيه،  أصحاب المأتم يجب أن يتداروا وأن يفكروا في هذا الأمر، القائمون على المضائف أيضا عليهم أن يفكروا في عملهم وإنسجامه في كمه ووقته ومقداره وكيفيته مع الشرع .

    الملاحظة الأخيرة : نظافة الطرقات التي تمر بها المواكب أمر مهم , ثقافة المجتمع  النظافة من الايمان، إذا أكل لايرمي في الشارع ، إذا شرب العصير لايرمي في الشارع  ،سواء كان هو معزي أو يتفرج وينظر ، الجميع يجب أن يكون بمستوى راقي , لأن هذه الأفعال تنسب للمذهب كلها، تنسب للعقيدة، وبالتبع تنسب للثورة  الحسينية ، والحسين، كأن الحسين هذا طريقه..  الحسين ليس كذلك ،إذاً النظافة أمر مهم يجب أن يرتب لها أشخاص ينظفون وأن يكون المجتمع عنده هذه الثقافة ويكون نظيفا .

    إنتقل إلى موضوع البلد :

    ـ الأستاذ عبدالوهاب حسين ويحتاج إلى العلاج ، فندين النظام والحكومة والدولة بهذا التقصير وهومسجون مظلوم ، يجب أن يحافظ عليه، ويجب على المجتمع أن يطالب بالحفاظ على صحته ، صحته متدهورة وفي بعض الأوقات يغمى عليه وهو يحتاج إلى متابعة للعلاج ،  أويُخرَج للعلاج , أما برعاية الحكومة أو أنه لجهات خاصة ولكن لايترك، فندين الحكومة و النظام , أي شي يتعرض له وأي ضرر يتعرض له الأستاذ فهي مسئولة ،والجميع منهم مسئول وكلهم مسئولون، عن هذا ..

    ـ البحرين سلطة تطويع القانون وليست سلطة القانون  في البحرين لايوجد قانون وإنما يعملون مايريدون وكل شي يرفضونه يقولون مخالف للقانون وهم يخالفون القانون والأمثلة كثيرة :  المثال الذي نذكره لكم اقتحام جمعية الوفاق ومصادرة المتحف ، يقولون هناك أمور مخالفة للقانون،  أضحض الحجة بالحجة ، تكلم وقل هذه مخالفة ,  قل ماهي المخالفة , أما أن تقول هناك أمور تسبب الكراهية , ولا تذكر مثالا واحدا ، ماهي التي تسبب الكراهية , يقولون في المتحف أمور تسبب الكراهية ، كراهية ماذا ؟ الذي يقول ويعرض صورة مقتول مظلوم ويطالب بمحاكمة عادة بلا ظلم يسبب الكراهية ، هل هذا يكرس الكراهية أم أنه يجعل ضمانة للمطالبة بالحقوق في المجتمع ؟

      الجريمة هي أن تصادر هذه الإثباتات , هذه  جريمة , اقتحام الجمعية ومصادرة المتحف جريمة لأنه يصادر حرية الرأي، على أقل تقدير أنت لم تستجب لمطالب الشعب ولاتعطيه حتى الحرية في أن يقول أنا مظلوم  ،لاتعطيه حقوقه وتمنعه أن يتكلم , تعذبه وتمنعه أن يقول أنا أتألم , شخص تضربه وتضربه فإذا قال أتألم تمنعه من قوله أتألم، هذا يكشف أن الفضائح تجاوزت الحدود ، الفضائح كبيرة وهم يخشون من نشرها ، فضائح وارتكاب التجاوزات  والإنتهاكات للحقوق كبيرة جدا فيخافون من نشرها، لذلك اقتحموا وصادروا .

     التجاوزات تكشف ضعف النظام عن مواجهة الحجة بالحجة والدليل بالدليل، أنت تقوق هؤلاء مخالفون واأنت على الحق، فلتأت بالأدلة  فلتدحض مايقولون وبين كذبهم وافتراءهم وكذبهم إن كان كذلك، وإنما تأتي وتصادر وتعاقب وتداهم وتنتهك الحقوق ، فهذا يدل على ظلم متأصل وعلى تجاوزات لاتنتهي  تحتاج إلى وقوف بقوة , للوقوف أمامها وإلا فهي مستمرة , ولكن الشعب أيضا مستمر ولا ينكسر..

     والحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على محمد وآله الطيبين الطاهرين .

  • الولاية والفقيه ( 2 )

    الولاية والفقيه ( 2 )

    الولاية والفقيه 2 – حديث الجمعة – 24/5/2013

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،

    بسم الله الرحمن الرحيم ،

    قال الله تعالى في كتابه الكريم:

    ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )

    صدق الله العلي العظيم .

     حديثنا مواصلة للحديث في الليلة الماضية حول الولاية والفقيه.

     تحدثنا حول دلالات الآية لولاية الله وولاية الرسول وولاية الائمة سلام الله عليهم أجمعين.

    وتحدثنا البارحة بعض الشيء عن ولاية الفقيه .

     هنا نتحدث عن ولاية الفقيه أيضاً من جهات اخرى وهي :

     الجهة الأولى : الدلالة على ولاية الفقيه :

    أولا: ولاية الفقيه في كلام أهل البيت (ع)

    الرواية الأولى: (مقبولة عمر بن حنظلة )

    عن عمر بن حنظلة قال: سألت ابا عبدالله(ع) عن رجلين من اصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أوميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحل ذلك؟ فقال(ع): من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فانما يأخُذ سُحتا وان كان حقه ثابتا لانه اخذ بحكم الطاغوت وقد أمر الله عزوجل ان يكفر به, قال الله عز وجل (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به )

    قلت: كيف يصنعان؟

    قال: انظروا إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فليرضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكما، فاذا حكم بحكمنا فلم يُقبل منه فانما بحكم الله استخف وعلينا رد، والراد علينا , رادٌ على الله وهو على حد الشرك بالله عزوجل).

    هذه الرواية تؤكد أن الإمام (ع) يرجع الناس في قضايا الخلاف والمشاكل والمنازعات إلى الفقيه العادل ، العارف بأحكام الله سبحانه وتعالى ، بل أمر الإمام أن يسلموا له ، ولا يعترضوا عليه ، كما ذكرنا في الآية البارحة قوله تعالى:

    ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)

    لا يعترضون فإذا حكم يسلمون ، فإني جعلته عليكم حكما ، تقول الرواية .

    الرواية الثانية : مكاتبة أسحق إبن يعقوب.

     قال إساق إبن يعقوب ، سألت محمد لبن عثمان العمري (رحمه الله ) سفير الإمام الحجة ، أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عج) ، من ضمن ما جاء فيه (…واما الحوادث الواقعة فارجعوا يفيها الى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله .. )

     في هذه الرواية الإمام (ع) أيضا يرجع المؤمنين إلى رواة الحديث الذين يعلمون الحلال من الحرام الفقهاء الأتقياء العدول ، وليس الناقل للحديث فقط وإنما هو الفقيه العارف المستنبط للأحكام الشرعية الذي يستطيع أن يطبقها على مواردها، فيقول هذا هو مورده وهذا حكمه وهذا فيه كذا وكذا، الرواية تقول وأما الحوادث الواقعة .

     الحوادث الواقعة ليست هي الأحكام الصرفة أو المرتبطة بالموضوعات الصرفة كالنجاسة والطهارة ، وإنما ما يشكل على الناس من أمور الإجتماع والسياسة والصلح والحرب والمعاهدات وغيرها ، يرجع فيها إلى رواة حديثنا.

    ثانياً: الدليل العقلي على ولاية الفقيه :

     ما مر هو في إطار الدليل النقلي , وهنا دليل عقلي .

    الدليل العقلي على ولاية الفقيه، هذا الدليل يحتاج إلى أربع مقدمات،

    المقدمة الأولى : أنه توجد في الإسلام أحكام فردية ، وأحكام ترتبط بالجماعة والنظام والحدود والجهاد والديات والقصاص وغيرها وما شابه ذلك ، هناك أحكام فردية ، مثل الصلاة واجبة ، التطهير كذا ،فهذه أحكام فردية.

     هناك أحكام ليست فردية ، شارب الخمر يقام عليه الحد ، هذا لا يستطيع كل شخص يأتي ويقيم الحد على أحد ، القصاص ليس لأي أحد أن يأتي ويقتص من أحد ويقيم عليه الحد، هذه أحكام ليست فردية أو شخصية.

    المقدمة الثانية ، هذه الأحكام بنيت على أساس وجود ولاة الأمر، هذه الأحكام أساسا مبنية على أنه هناك ولاية للأمر وولي الأمر يطبق هذه الأحكام ، لأنه ليس من الصحيح أن يأتي المجتمع وكل مجموعة وتقول نحن نطبق الأحكام لأنها تكون فوضى بدل أن يكون النظام، فهي مبنية على أساس هذا الأمر ، وهو وجود ولي للأمر.

    المقدمة الثالثة ، أن هذه الأحكام التي هي أحكام جماعية يعني مرتبطة بالجانب الجماعي والإجتماعي ثابتة ومستمرة في كل زمان، ليست خاصة بزمن النبي(ص) ، يعني عندما مثلا جعل الحد على الزاني أو الزانية ، هذا ليس خاص بزمن النبي(ص) وبعد رحيل النبي (ص) تنتهي هذه الأحكام وإنما هي مستمرة ، وهذه من الأمور البديهية.

    المقدمة الرابعة ، أن هذه الأحكام لا يراد تطبيقها من قبل الطواغيت ، لا يمكن أن يقال أن هذه الأحكام مطلوبة ، وفي كل زمان ولكن المطلوب أن يطبقها الظالم والطاغي، لأن في ذلك نقض الغرض، الطاغي هو يُراد أن يُقام عليه الحد ، لا أنه يُقيم الحد على غيره ، هو يُراد مُحاسبته لا أنه هو الذي يُحاسب، بل أكثر من ذلك ، قال الله تعالى:

    ( يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به)

     يعني ليس من حقك أن تترافع للطاغي ، ليس من حقك أن تترافع للطواغيت ، وفي نفس الوقت هذه  الأحكام يراد تطبيقها وهي مستمرة في كل زمان .

     إذاً النتيجة لا بد من وجود النظام المرضي عند الله تعالى ليطبق هذه الأحكام وهو النظام الإسلامي الذي يكون عنده القدرة على تطبيق هذه الأحكام , وهي الولاية ، أن يكون هناك قائد عادل هو الذي يباشر ويطبق هذه الأحكام، وإلا لا يمكن تطبيق هذه الأحكام ولا يمكن أن نقول مطلوبة وفي زمن الغيبة مطلوبة ، ومع ذلك لا نذهب للطاغي لأن الله تعالى نهانا عنه , ولا نذهب للمؤمن، لا يمكن قبول ذلك ,

     إذاً إذا كان الطاغي الحاكم الظالم مرفوض ، فلا بد أن يكون الصالح هو الولي والحاكم هو المطلوب.

    الجهة الثانية : تعدد الولي الفقيه ، أم وحدة الولي؟

     هل الولي الفقيه واحد أم فقهاء متعددون:

    1- الأصل وحدة الولي : الوحدة أن يكون الولي الفقيه واحد ، مع بسط ييده ، إذا كان العالم الإسلامي يخضع للولي الفقيه فهو مبسوط اليد ، يعني الإنظمة تخضع له ، ليس هناك أنظمة فيكون الولي واحداً.

    2- مع عدم بسط اليد ، يكون التعدد، كما في الرواية الأولى والثانية التي ذكرناها ، الرواية التي عند الإمام الصادق (ع) لأن الإمام الصادق (ع) لم يكن مبسوط اليد ، لم يكن يخضع له العالم ، فكان يقول أنظروا إلى من كان منكم من من قد روى حديثنا ونظر في  حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما، فجعله حكما، الرواية الثانية ، قال وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، ليس واحد ، لماذا؟

    ما دام لم يكن مبسوط اليد ، أما في المحل الذي فيه الإمام فالرجوع إلى الإمام مباشرة .

    الجهة الثالثة: فتوى الفقيه والحكم الولائي:

     البعض ربما يتساءل , الفقيه يفتي ، إذا كنت أقلد شخصاً  والولي الفقيه شخص آخر هل يجب أن يكون الفقيه هو الولي الفقيه أم يمكن أن يختلف بأن يكون المرجع شخص والولي الفقيه شخص آخر؟

     هل يمكن لغير من أرجع إليه في التقليد أن يصدر حكما أو لا؟

     رأي الفقهاء ، حكم الحاكم الشرعي نافذ على الجميع ، على مقلديه ، ومن لم يقلده، بل على الفقهاء الآخرين حتى الأعلم ، فإذا حكم الفقيه في أمر حكما فهو ملزم للجميع .

     لذلك يمكن أن يكون الولي الفقيه شخص وهو الفقيه العادل الأصلح الأقدر في إدارة أمور الناس ومصالحها , وإدارة الدولة الإسلامية, ويكون المرجع في أمور الفتوى شخص آخر , لذلك نبين مجالات الفتوى والتقليد ومجال الحكم والولي الفقيه:

    1- فتوى الفقيه في الأحكام الكلية التي يفترض أن يبتلى بها المكلف والمكلف هو من يطبقها ، في الموضوعات الصرفة. الفرق بين حكم الحاكم وبين فتوى الفقيه ، فتووى الفقيه هي أن يأتي بحكم كلي ، فيقول مثلا يجب الجهاد إذا توفر الظرف الفلاني، أو مثلا يقول الدم نجس، وهكذا، هو يعطي أمور فتشخيص الموضوع الخارجي بالنسبة للأمور الجزئية راجع للمكلف، كما لو قال الفقيه مثلا ، لا تجوز الصلاة بثوب فيها دم , هنا ينظر الشخصالمكلف إلى ثوبه ، هذا دم أو لا ، هو الذي يشخص ، هذا الموضوع يسمى موضوعا صرفا ، الفقيه له حدود أكثر كفتوى في الموضوعات المستنبطة . في الموضوع الصرف هذا دم أو ليس دما ، الفقيه ليس له دخل , ولكن الموضوع المستنبط , مثل هذا غناء أو ليس غناء ، هذا موضوع مستنبط ، الفقيه يتدخل ويقول الغناء ترجيع كذا ، الذي يناسب مجالس اللهو مثلاً ، فيعطي القاعدة للموضوع المستنبط ، يستنبطها الفقيه ، على أي حال الفقيه في الفتاوي يعطي قواعد كلية عامة.

    2-الأوامر الولائية التي هي مورد ولاية الفقيه .

     تختلف الأوامر الولائية وهي التي يصدرها الولي الفقيه، وهي ترتبط بالموضوعات والعناوين العامة التي تتعلق بالنظام وشؤون المجتمع والأمة والدولة كالجهاد والصلح والمعاهدات وغيرها، مثلا هل يجب على الناس أن يخرجوا ويطالبوا ؟

    هل عليهم أن يسكتوا في هذا الظرف ؟

    هذه الأوامر تختلف عن الفتوى فهذه يحكم بها الحاكم، فهو يشخص الواقع ويعطي الأوامر بخلاف الفتوى، الفتوى قاعدة عامة .

     لذلك نقول لا تعارض بين الفتوى والحكم الولائي عادة ، لأن الفتوى هي قاعدة كلية ، أما الحكم الولائي فهو أن يدخل الولي ويطبق .

     يشخص واقع الناس ويشخص المصلحة فيعطي أمر في هذا المجال, مثلا عندما يقال من سب الله فهو كافر، قاعدة كلية لكن هذه القاعدة الكلية يأتي شخص كالإمام الخميني ويقول سلمان رشدي كافر، لم يعطي قاعدة وإنما حكم عليه مباشرة فهذا هو حكم الحاكم الشرعي يعطي الحكم مباشرة ويطبقه ، هو يشخص ويحكم.

    3- مثال للفتوى والحكم الولائي، قلنا الفقيه يفتي بوجوب الجهاد إذا توفرت شروط  , هذه قاعدة عامة , هي الفتوى ، أما الحكم الولائي فهو أن يشخص الولي الفقيه توفر هذه الشروط ويتصدى للقيادة ويعطي الأوامر بها.

    الجهة الرابعة:ولاية الفقيه مع عدم وجود النظام الإسلامي: ربما يقول قائل: إذا لم يوجد نظامٌ إسلامي ، إذا لم يوجد النظام الإسلامي ، هل تبقى أيضا الولاية ؟

    نعم تبقى بكل ما تيسر وكل ما يسستطيع أن يفعل الفقيه ، فالفقيه في هذه الصورة يوجه الأمة لمصالحها العامة والأمة تتبعه وتلتزم بأوامره وتوجيهاته لحفظ مصالح الأمة العامة كما ذكرنا ، بل حتى في بعض الأمور الخاصة ، الفقهاء وفي مجال الحكم يحكمون لذلك لو كان شخص يستطيع في قضية  معينة ، في قضية خلاف , مثلا رجل مع زوجته مختلفان ويستطيعان الترافع للفقيه العادل ليحكم بينهما ، لا يجور لهما الذهاب للسسلطة ، يجب الإلتزام بهذا ، ورأينا هذا في بعض الأماكن ، العراق مثلا، عندما ذهبت للعراق ورأيت بعض العشائر يأتون وعندهم خلافات شديدة يدخلون للمرجع فيتحدث معهم ويحكم بينهم ، ويقول هذا كذا ، إعملوا كذا، إدفعوا كذا ، يخرجون راضين بقضاء الفقيه، إذاً حتى مع عدم وجود الحكومة يبقى للولي الفقيه مجاله في الأمة .

    الجهة الخامسة: ثلاثة أمور لا تستقيم الولاية إلا بها :

    الأمر الأول:المنهج الصحيح، العقيدة الصحيحة ، هذه الولاية التي نتحدث عنها تحتاج أن تكون مبنية على عقيدة صحيحة ، أن تكون العقيدة صحيحة مسستندة للقرآن، مستندة للنهج الصحيح ، مستندة لآحاديث النبي(ص) ، مستندة لتعاليم أهل البيت (ع) ، ليس ابتكار من أحد ، لا أنه يأتي ويخترع وإنما هي تبع لما جاء به الرسول(ص) , ويعتقد بها الولي ويعتقد بها الناس.

    الأمر الثاني : القيادة الصالحة، بمعنى يكون الولي في هذا الخط حقيقة ، إذا رأيته يذكرك بالأنبياء، لا أنه شخص يتحدث بعيدا عن الدين ، لا أنه شخص يتحدث عن حقوق الناس وهو منفصلٌ عن السماء، هذا ليس هو الولي ، ولا يكون كذلك.

     الولي هو الذي يمثل الأئمة ، يمثل النبي(ص) , يمثل إرادة الله تبارك وتعالى بصورة معينة , في مطالبه وفي طرحه وفي عرضه وفي كل شيىء .

     إذاً لا بد أن تكون ولاية الفقيه ولاية سماوية , متصلة بولاية الأئمة وبولاية الرسول , وبولاية الله تعالى.

    الأمر الثالث: الأمة الحاضرة : من الأمور المهمة أيضا ، الأمة الحاضرة ، لا يكون النجاح للولاية والولي في الخارج العملي وما يريده الله سبحانه وتعالى من الولاية , إلا أن تكون الأمة حاضرة ، ولها وجود , ويكون ذلك بـ :

    أ ـ أن تكون متمسكة بالمنهج الصحيح، إذا عرفت أن هذا هو الحق، هذا ما يريده القرآن ، هذا هو كلام الرسول ، تستجيب وتسلم.

    ب ـ الامة المتمسكة بالقيادة الصالحة ، تتمسك بالقيادة الصالحة، كيف تتمسك؟

     تسلم تسليما للقيادة , كما في الآية بعد الفراغ من كون هذه الولاية إستمراراً لولاية الرسول تقول الآية : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

    ج ـ الدفاع عن القيادة , إذا تعرضت القيادة لأي ضرر عليها أن تكون الأمة واقفة بقدر المسؤولية وتدافع عن قيادتها ، عن الولي الفقيه ما دام هو الفقيه الذي يفدي بنفسه للأمة، يجب على الأمة أن تفديه وتدافع عنه.

    موضوع البلد: حصيلة ثلاثة أيام إعتقال 21 مواطن ، 47 مداهمة للمنازل، وتعذيب وإصابة مواطن وإغراق المناطق بالغازات السامة، هذا الذي يحدث الآن في البحرين خلال الثلاثة أيام الماضية ، أعداد كبيرة وخيالية بالنسبة لهذا البلد الصغير ، مداهمات 47 منزل وهذا ما سجل وغيره ربما لم يسجل ، تعدي باستمرار ، أيضا إن التعدي الفاضح الذي تعرض له منزل سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم هو تعد على كل بيت في البحرين، لأن الشيخ يمثل شعب البحرين قاطبة فهذا التعدي لا يقتصر على هذا البيت ، وإنما هو تعد على جميع البيوت , وهم يريدون به ذلك، يعني إذلال للجميع لا يقصدون به فرد معين ، أو شخص الشيخ فقط ، وإنما بما هو رمز للبلد , فيريدون ضرب البلد بأكمله.

     إن التراخي في الدفاع عن القيادة هو توقيع صك العبودية الدائم للنظام، إذا تراخينا في الدفاع عن القيادة فنحن نوقع صك العبودية على أنفسنا يعني عبوديتنا للنظام، يتصرف كيفما كان ، لأنه ليس هناك تعد أكثر من أن يكون التعدي على أكبر رمز للبلد ,  لذلك يجب الدفاع عنه بكل قوة.

     إن هذا الشعب لن يتخلى عن قيادته مهما كلف الأمر ، لن يتخلى ، هذا واضح ، البحرين كلها تضج وكلها تتحرك دفاعا عن الشيخ واستنكارا لهذا التعدي .

    ونحن من هنا نهيب بالمؤمنين أن يعبروا عن تحملهم للمسؤولية بالتواجد الحاشد في تجمع الدراز اليوم عصرا، نتمنى أن يكون الحضور بقدر المسؤولية تعبيرا واستنكارا على هذا التعدي الفاحش ، والرسالة التي يوجهها النظام للشعب بأكمله ، نتمنى من الجميع المشاركة والحضور ودعوة من تستطيع أن تدعوه للحضور، عليك أن تدعو اخواتك واخوانك وأهلك بالحضور في التجمع اليوم عصرا .

    والحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين.

     

  • المساجد ( 5 )

    المساجد ( 5 )

    المساجد (5) – حديث الجمعة – 12/04/2013

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،

    بسم الله الرحمن الرحيم،

    الحمد لله رب العالمين وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ،

    قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (إنما من يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخشى إلا الله فعسى أؤلئك أن يكونوا من المهتدين) .

    آمنا بالله ، صدق الله العلي العظيم.

    مقدمة: مواصلة للحديث عن المساجد ، لا زلنا في ذكرى التعدي وهدم المساجد في البحرين.

    المسجد هو أهم مؤسسة في الإسلام ، فقد أنشىء المسجد ليكون نقطة عروج لله تعالى، هو الطريق للإرتباط بالله سبحانه وتعالى ، فعندما أنشىء , أُنشيء ليكون هو المنطلق بين العبد وبين خالقه ، بعبادة وتربية وإصلاحٍ المسلمين ، فالمسجد هو الطريق لتحقيق المجتمع الفاضل ، في عبادته وأخلاقه وفي جميع جوانبه ، بل هو مركز الحضارة الإسلامية ، الحضارة الراقية تنطلق مرتبطة بالله سبحانه وتعالى من المساجد.

    أولا: قيمة المساجد: لقد أراد الإسلام إعطاء المساجد مكانة عظيمة , لما لها من الآثار التي لا تحققها أي مؤسسة غير المساجد , ومما يدل على مكانة المساجد وقيمتها:

    1- الإضافة لله تعالى: مما يدل على قيمة المساجد إضافتها لله تعالى في قوله ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) ، فالله سبحانه وتعالى نسب المساجد إلى نفسه ، وأضافها إليه، كما في قوله تعالى( إنما من يعمر مساجد الله من آمن بالله وباليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخشى إلا الله فعسى أؤلئك أن يكونوا من المهتدين) ، هنا ذكر أنما من يعمر مساجد الله نسبها لله سبحانه وتعالى ، أضافها إلى نفسه ، مما يدل على مكانة المساجد وشأنية المساجد عنده تعالى.

    2- أمر الله تعالى بتعظيمها: الأمر من قبله سبحانه وتعالى بتعظيمها حيث يقول( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه)، يعني أمر الله أن ترفع ، جعلها محلا للرفعة والمكانة ، أعطاها المنزلة والمكانة هذه البيوت هي المساجد .

    3-  قيمة المساجد في تحقيق أهداف الدين: المساجد لها من المكانة ما للدين من مكانة ، بسعة الدين ومنزلة الدين ، هنا تكون أيضا المنزلة والمكانة للمساجد ، بمكانة الدين فللمسجد شأنية كبيرة ، لأنه هو عماد الإنسان المسلم ، هو الذي يصنع الإنسان المسلم الذي يكون خليفة لله في أرضه ، والمساجد هي المحل الذي يحفظ الدين وينطلق منه الدين .

    4- المساجد أفضل بقاع الأرض عند الله : وأفضل نقطة في البلاد هي المساجد ، أفضل مكان كما في الآحاديث هي المساجد ، أفضل محل له قيمة واعتبار ومنزلة وتعظيم من الله سبحانه وتعالى المسجد .

    5- المساجد هي الإهتمام الأول لقيام دولة الرسول (ص): أول عمل يقوم به النبي (ص) في المدينة عندما دخل المدينة هو بناء المسجد، النبي يهاجر بعد تلك المعاناة وبعد الحصار في مكة والمحاربة من المشركين ، وهاجر ليلتقي بأنصاره في المدينة المنورة ، أول عمل يقوم به هو قيامه ببناء المسجد ، لماذا ؟؟

    لأن المسجد هو عماد قيام الدولة الربانية ، وإلا يستطيع النبي أن يدخل داخل المدينة ويلتقي مع أنصاره ويحدثهم وينشىء دولة منظمة ، ألا أنه يركز على إنشاء المسجد أولا ، فيجعله هو المحور وهو المنطلق ، فالمسجد يكون منطلقا للدولة الربانية ، ينظم المسلمين ويصلح وضعهم وينشىء الدولة القوية ولكن كل ذلك ارتباطها بالله سبحانه وتعالى غير منفصلة .

    ثانيا: من فوائد المساجد:

    1-  المساجد هي محل التربية الحقيقة والمعرفة : المساجد هي المكان الذي تنطلق منه المعرفة والفهم، لأنه هو الذي يكون محلا لبث ثقافة الدين .

     المسجد من خلاله تنطلق الأنوار الربانية والمعارف الإلهية .

     التربية الحقيقية تنطلق من المساجد , ربما يقوم شخص بالتعلم والدراسة في جامعة , يتعلم كل الأمور التي تطرح في المسجد , ولكن نقول هناك فرق بين أن يتعلم تعليما أكاديميا في جامعة وبين أن يدخل مسجد ويتعلم في المسجد ، فعلم المسجد والمعرفة التي تؤخذ من المسجد تؤخذ بأنوارها مرتبطة بالروح مرتبطة بتربية الإنسان وليست معلومات جافة ومعلومات منقطعة عن التربية الروحية المرتبطة بالله سبحانه وتعالى .

    2-  المسجد هو أهم نقطة تجمع المسلمين قلبا وقالبا ليلتقوا  وهم مع الله وفي طريق الله .

     المسجد نقطة يجتمع فيها المسلمون ، من يصلي الصلوات الخمس في المسجد، أو يصلي صلاة واحدة في اليوم أو يصلي على الأقل مرة واحدة في الأسبوع يلتقي مع المسلمين مع إخوانه المؤمنين فتلقتقي أرواحهم ، هذا اللقاء يختلف عن اللقاء في الأسواق ، لأن اللقاء في المسجد هو لقاء مع الله سبحانه وتعالى بنية صافية وصادقة بينه وبين الله فتصفو علاقته بالمؤمنين ، فتكون أخوةٌ صادقة مع المؤمنين بالله سبحانه وتعالى.

    3-  المسجد هو منشأ الصفوة وحملة النور للعالم، من المسجد ينشأ المصلحون والعلماء والمضحون من أجل المجتمع ، الذين ينشؤون في المساجد وينطلقون من المسجد مرتبطين بالله صادقين مع الله لا يخشون في الله لومة لائم ، سيحملون الرسالة للعالم كله ، ويدافعون عن الناس وعن حقوق الناس ويفدون الدين بأنفسهم ، إذا المسجد ينشأ صفوة وخلص من المجتمع يحملون الخير للمجتمع.

     السياسي الذي ينطلق من المسجد ، ما دام مرتبطا بمفاهيم المسجد وتعليمات المسجد يكون صادقا مع الله ، لا يكون سياسيا بحتا ، وإنما يكون مبدئيا سياسيا، يحمل الخير ويحمل المبادىء لا يساوم في الله سبحانه وتعالى ولا يساوم في حقوق الناس لأنه مرتبط بالله, لأنه منطلق من المسجد بالإرتباط بالله سبحانه وتعالى .

    4-  المسجد هو المكان الذي يحفظ به إيمان الناس و إسلامهم .

     من غير المساجد هل يبقى إيمان؟

    وهل يبقى الإسلام؟

    المسجد هو المكان الذي يضخ روح الإيمان عند الناس، المسجد هو الذي يبني الروح الإيمانية عند الناس، أما لو كان المجتمع من غير مساجد ولكن مؤسسات عامة فقط وليس عبادة ، ربما يقول قائل العبادة في كل مكان والله سبحانه وتعالى يمكن أن يعبد في أي مكان ، صحيح ولكن المكان مختص بضخ الروح الإيمانية والعطاء الروحي هو المسجد، وهذا أمر واقعي ، المسجد فيه نوع من ضخ الإيمان والروح الإيمانية عند المجتمع، لذلك من يدخل المسجد ويخرج ، بدخوله وخروجد يتكون عنده الوازع الديني والإيماني ، حتى من غير دراسة .

     إذاً وجود هذا المكان مبارك، يخلق الإنسان المؤمن المسلم المرتبط بالله سبحانه وتعالى ،إذا المسجد يحفظ إيمان الناس ويحفظ إسلامهم.

    5-  أيضا من الفوئد ، المسجد هو محل للإعداد العكسري والإعداد السياسي ، عندما كان في صدر الإسلام كان المسجد هو المنطلق للحروب الدفاعية عن المسلمين ، كان المسجد هو المحور ، ولكن لأن الطغاة يخشون من المساجد ، لإن الظالمين يخافون من المسجد، فحاولوا قدر ما استطاعوا جاهدين أن يبعدوا المسجد عن دوره وأهدافه ، فجعلوا المساجد كالكنائس محل للعبادة بعيدا عن دورها وإلا فالدور الكبير في المجتمع الإسلامي يجب أن يكون من المسجد ، الدور السياسي لا زال واضحا وإن كان بعيدا عن الحكام ، الا أنه لا زال واضحا وهوأن:

     المسجد له الدور السياسي الكبير

     المسجد يمكن أن يخلق توجه سياسي معين

     المسجد يمكن أن يحشد

     المسجد يمكن أن يعمل فيه الخير ويطالب فيه بالحقوق وإذا كان من في المسجد أو من يتصدى في المسجد غير صادق يمكن أن يخدر الناس، إذا المسجد له دور مهم يجب أن يكون الدور فعالاً .

    6-  المسجد هو المحل الذي تتعرف فيه الأمة على إمكانياتها ، الأمة لها قدرات ولها طاقة كيف تعرف الطاقة ؟ إذا كانت مبعثرة هذا من جهة وهذا من جهة ، لا يلتقون مع بعضهم البعض ، من يجتمعون في المساجد ليس كذلك , في المسجد يلتقون ، في صلاة الجمعة يلتقون، وتجد الوجود والحضور الشعبي الإسلامي القوي ليعرف المسلمون أنهم قادرون ويعرف المسلمون أنهم يستطيعون الوقوف بعددهم الهائل أمام الحاكم الظالم معترضين ومطالبين بحقوقهم وبإنمكانياتهم يستطيعون تحقيق ما يريدون ، ولكن إذا عملوا بوظيفتهم .

    7-  المسجد هو الجبهة المحكمة التي تنطلق منها راية الجهاد في سبيل الله ، هناك فرق بين المسجد وغيره, ربما ينشىء شخص حزبا ومجموعة معينة وتكون قوية بصورة وأخرى ولكن مهما كانت لا تكن كالإنطلاق من المسجد ، المسجد ينشىء قوة عقائدية والقوة العقائدية والجيش العقائدي والحزب العقائدي واضح أنه أقوى من أي تنظيم ، هذا يكون بالإرتباط بالمسجد وبمفاهيم المسجد وما يطرح مرتبطا بالعقيدة, لذلك المسجد له الأثر الكبير ، فهو الجبهة المحكمة التي لا تهزم ، لأن الشخص في هذا الجيش وفي هذا الحزب وفي هذا القوة التي تنشأ من المسجد يدافع عن حقه وعن أهدافه وعن مبادئه إلى آخر قطرة دم .

     إذاً المساجد هي الجبهة المحكمة التي تنطلق وتحمل راية الجهاد ولا تهزم.

    8-  المساجد هي التي تحفظ الإسلام ، قلعة الإيمان وهذا أمر واضح ، المساجد تخيف أعداء الله والطواغيت ، دائما يتحذرون ودائما يراقبون ودائما يتجسسون على المساجد ، ماذا يطرح في المسجد؟؟

     المسجد يقض مضاجعهم، يولد الخوف لهم، ما هو دور المسجد في المنطقة؟

    وماذا يطرح فيه؟

    إذاً المسجد يخيفهم ، يجب علينا أن نملأ المساجد وكما يقول الإمام الراحل (رض) يجب أن تملىء المساجد دائما، وأن يكون الطرح في المساجد حفاظا للدين وحقوق الناس .

    9-  المسجد هو المحل لحل  مشاكل المجتمع الإسلامي ، من فوائد المجتمع هو طريق لحل مشاكل المجتمع، عندما توجد مشاكل وخلافات في المجتمع ، المسجد هو أفضل مكان لحل هذه المشاكل ، يختلف المسجد عن غيره عن المحكمة ، مثلا تجد خلاف بين الزوج وزوجته ، في المسجد تطرح الحلول ويخرج الزوجان ويكونا راضيين بما يطرح من علاج وحلول لخلافهما , ولكن عندما يكون في محكمة ويكون في حكم على الإثنين يخرج الطرفان وهما غير راضيين ، شخص مجبر وشخص فرح مثلا، أما في المسجد يخرج الجميع راضين.

    10-   المساجد هي المكان الذي تبحث فيه خلافات المسلمين ، ومشاكل المسلمين وتحل بالطرق الصحيحة ، يجب أن يكون كذلك، المسجد يكون فعال فيما يطرح من خلافات بين المسلمين أو من مشاكل ، أو اختافات حتى في الأمور الدينية ، المسجد يجب أن يطرح هذه الخلافات ويعالج هذه الخلافات، ويقرب بين المسلمين و وجهات النظر الإسلامية التي يختلف بها المسلمون.

    11-  من أهم فوائد المساجد هي تربية المسلم على أمر وهو الجماعة ، من الفوائد أن يتربى المجتمع عليها في المساجد الجماعة ، يتربى على الإرتباط الجماعي لا أن يكون منزويا هذا في بيته وذاك في بيته ، وإذا تربى المجتمع على روح الجماعة يحترم بعضه بعضا ، يكون مرتبطا بعضه ببعض , فيه احترام للآخر حتى لو كانت عنده وجهات نظر مختلفة، لأنه يلتقي معه ليل ونهار في كل الفرائض يتبادل وجهات النظر فتتقارب وجهات النظر ويرفع الخلاف ويبقى الإحترام مع الإختلاف بين من يحضر المسجد .

    12- ومن الفوائد ترسيخ الحبة بين المسلمين والمصلين ، يرسخ المحبة وهذا واضح وهذه فائدة من الفوائد أن يكون هناك حب في العلاقة ، شخص في الصباح تجده وتسلم عليه ، في الظهر تسلم عليه ، في المغرب تسلم عليه  ،لا بد أن تتآلف وتنفتح الأرواح على بعضها البعض.

    13- هو محل التكافل الإجتماعي ، في المسجد يوجد تكافل اجتماعي ، يعني شأنية المسجد وهذا ما يجب أن يكون فيه تكافل إجتماعي ، كما كان في صدر الإسلام ، في صدر الإسلام كان الفقير يأتي ويشتكي وهذا بصورة أوبأخرى موجود ، أذا شخص تضرر مثلا في المجتمع ، أفراد المجتمع من يتواجدون في المسجد ينطلقون يزورونه وينظرون في حوائجه ، يراقبون وضع بعضهم  البعض ، ويوفرون ما يحتاج إليه , فهو طريق للتكافل الإجتماعي .

    14ـ فوائد المسجد ولو فقط الوجود والمكوث في المسجد كما في الروايات أنه أفضل من المكوث في الجنة ، فوائد كثيرة ولو الحضور في المسجد هو فائدة في نفسه، قال النبي (ص) ( بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بنور تام يوم القيامة ) لأنه يمشي إلى المسجد لماذا؟

    لأن المسلم في المسجد هو ضيف على الله كما في الحديث.

    موضوع البلد

    أنتقل إلى إشارات هدم المساجد في البحرين : هدم المساجد في البحرين جريمة بكل المقاييس ، لأنها تعد أعظم المقدسات ليس هناك أعظم من المساجد قدسية وعظمة ، المساجد لها قدسيتها وعظمتها , وفي البحرين من يجب أن يكون حاميا وحافظا للمساجد هو الذي يحرك القوة ويجيش الجيوش لهدم المساجد ويستعين بمن يدعي أنه  يحمي المساجد ويخدم المساجد والحرمين ليهدم المساجد التي هي محل لذكر الله سبحانه وتعالى هذه جريمة بكل المقاييس ولا يمكن أن تقبل ولا يمكن أن ينظر إليها مسلم عنده إحساس ومع ذلك لا يشجب ولا يستنكر وإن كان هذا واقعا. جريمة هدم المساجد لا تكفي لمحوها الإعتذارات ، ربما يخرج اعتذار ويقول نعتذر لهدم المساجد بل يجب محاكمة جميع من له يد في ذلك ، جميع من له يد في هدم المساجد بأي صورة يجب أن يحاكم ، جريمة شارك فيها كل من أمر بالهدم جريمة شارك فيها الكل ، الذي أمر بالهدم مشارك

    ومن باشر بالهدم مشارك

     ومن زور الحقائق أيضا مشارك

    الذي حاول أن يزو الحقائق ويقول هذه غير مرخصة أساسا ليست مساجد منشآت غير مرخصة وهو يعلم أنها مساجد أقدم من تاريخ الحكومة في البحرين فهو مشارك

     إذاً هي مساجد وهدمت واعتدي عليها فمن زور هذه الحقائق هو أيضا مشارك

    ومن تستر عليها أيضا مشارك

     ومن فرح ولو نفسيا ومن فرح بهذا الهدم مشارك ومن رضي وسكت مشارك أيضا

     كل من شارك في هذه يحاكم في الدنيا وفي الآخرة عذاب الله عظيم.

     يجب تحريك ملف هدم المساجد وعرضه في كل محفل وكل منتدى ، يجب أن يحرك ويطرح في كل مكان ، هذه جريمة وبكل المقاييس إذا لم يتفاعل معها بعض المسلمين  الآن لا بد أن يأتي يوم يتفاعل معها المسلمون.

     العالم كله ضج عندما أحرقت نسخة من القرآن الكريم في أمريكا ، هذه المفارقات ، نسخة تحرق في أمريكا يضج العالم كله ولكن في البحرين أحرقت مئات النسخ من القرآن الكريم وبنفس طبع السعودية ولكن لم تحرك أحدا ليعترض أو يحتج ، المسلمون ينظرون ويتفرجون ، إما يتفرج راض وإما مؤيد أو ساكت وهذه من المفارقات العجيبة .

    عندما هدم تمثال بوذا في أفغانستان وفود إسلامية تتحرك برئاسة منظمة المؤتمر الإسلامي لمنع هدم تمثال بوذا في أفغانستان ، العلماء يتكلمون العالم الفلاني الشيخ القرضاوي يفتي بعدم الجواز ، ذاك يقول كذا والكل يتحرك وجميع الرؤساء تحركوا وبعثوا وفودا لإيقاف هدم التماثيل والاصنام ، وفي ذلك الوقت أخبار الإنتفاضة الفلسطينة طغت عليها أخبار هدم بوذا ، والكل يعترض وعندما تهدم مساجد في البحرين لا أحد يتكلم ولامنظمة المؤتمر الإسلامي وكأنه لم يحدث شيىء ، وهذه مفارقات عظيمة وهي مسؤولية يحاسبون عليها وتقع في أعناقهم جريمة يوم القيامة، الجريمة التي قامت بها السلطة من هدم المساجد ، هذه الجريمة ليست ابتداع وليست جديدة وإنما هي ضمن المخطط المعروف الطائفي الذي كان يمارس قبل الأحداث ، كانت تمنع بناء المساجد على الشوارع ، وإذا كان يوجد مسجد يبنى خلفه شيىء ليغطى المسجد  ، في بعض الأماكن لا تعطى رخص لبناء مساجد ، كلها حرب طائفية وتضييق طائفي ، مناهج الدراسة لا يوجد فيها  يشير إلى مذهب أهل البين (ع) وكأن المجتمع هذا جاء من مكان آخر ، المدارس التي فيها أسماء أهل البيت تهدم وتحول إلى شيىء آخر فيبنى مدرسة بإسم آخر حتى لا يبقى شيىء بإسم أهل البيت ، محاربة طائفية .

    ولكن نقول هذا الشعب مستمر ومهما عملوا فإن الله سبحانه وتعالى وعد بالنصر ولا بد أن يتحقق وتتحقق المطالب كلها وسوف لن ينتهي هذا المذهب .

    مذهب أهل البيت (ع) وهذا الطريق لن ينتهي .

    وأتباع أهل البيت يرفضون الطائفية عندما يكفرون أتباع أهل البيت ، عندما يكفر من يتبع أهل البيت يقول أنا لا أكفرك، عندما يراد إثارته ويقال يجب أن تقتل نقول لا نقتل ، مذهب أهل اللبت (ع) هو مذهب المحبة والسلم والإخاء ولكن مع عدم التنازل عن حقوقه ، يستمر في مطالبه ولا تثيره الثائرات ولا تثيره النعرات ولا يثيره الظالمون ، والمغرضون، يستمر في مطالبه وسوف تحقق المطالب لكافة أبناء هذا الشعب بمختلف انتماءاتهم ومذاهبهم وتوجهاتهم.

     

    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلىآله الطيبين الطاهرين.

     

  • ظاهرة التكفير (2)

    ظاهرة التكفير (2)

    ظاهرة التكفير (2) – حديث الجمعة-15/02/2013

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحين،

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين،

    قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:

    بسم الله الرحمن الرحيم

    } يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا ، تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا {

     .صدق الله العلي العظيم.

    مقدمة : مواصلة للحديثنا حول ظاهرة التكفير في المجتمعات الإسلامية ، وأحاديث النبي(ص) المخالفة للتكفير ,  والسبب الذي يدعو الناس لأن يتخذوا هذا المنهج من تكفير بعضهم البعض ، وأقوال العالماء في هذه الظاهرة , ونتائجها في المجتمع الإسلامي , وعلى الإسلام وسمعته.

    أولا: تطبيقات الرسول (ص) لمن يشهد الشهادتين : كيف كان رسول الله (ص) يتعامل معه؟ وماذا يعتبره؟ .

    1-  عن الزهري قال حدثنا عطاء بن يزيد أن عبيد الله ابن زيد حدثه أن المقداد بن عمر الكندي حليف بني زهرة حدثه وكان قد شهد بدرا مع النبي(ص) أنه قال : يا رسول الله إني لقيت كافرا فاقتتلنا، فضرب يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ بشجرة وقال أسلمت لله ،أقتله بعد أن قالها ، قال النبي (ص) :لا تقتله، فقال يا رسول الله إنه طرح إحدى يدي ثم قال ذلك بعد قطعهاـ يعني كان محاربا، فقال بعد ذلك أقتله ـ قال لا تقتله ، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال. (صحيح البخاري، باب من يقتل مؤمنا). البخاري تعامل مع هذا الحديث على أن هذا الشخص الذي قال أسلمت وهو محارب وضرب المحارب المواجه له من جهة المسلمين وقطع يده ، بوبه فيمن يقتل مؤمن ، إعتبره مؤمن لأنه قال أسلمت لله ، أما النبي(ص) في الحديث فالنبي يقول (ص) لا تقتله فإن قتله فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، يعني إذا قتلته , قبل تقتله أنت مسلم وإذا قتله صار هو المسلم وأنت القاتل ، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال، يعني إذا قتلته صرت أنت كافر وهو مسلم لأنه قال أسلمت لله ، النبي(ص) في هذا التطبيق واضح ،إعتبره مسلم لأنه قال أسلمت لله.

    2-  وفي البخاري ومسلم وأحمد في المسند وعن أبي يعلى في مسنده لما خاطب ذو الخويصرة الرسول الأعظم (ص) بقوله إعدل، ثارت ثورة من كان في المجلس، منهم خالد بن الوليد، قال أيا رسول اله ألا أضرب عنقه؟ اعتبر هذا تطاول على النبي، فقال رسول الله (ص) فلعله يكون يصلي ! يقول خالد : رب مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه ، فقال (ص) إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا اشق بطونهم ، أتعامل معه على الظاهر ، قال مسلم ، أسلمت، يتظاهر بالإسلام فهو مسلم، بينه وبين الله يحاسب، تجاوز وخطأ وارتكب من الأخطاء يحاسب على خطئه بقدر هذا الخطأ فقط، لا أن يكفر.

    ثانيا: أقوال العلماء في تكفير أهل القبلة:

    1-  قال ابن حزم عندما تكلم فيمن يكفر ولا يكفر، قال وذهبت طائفة إلى أنه لا يكفر ولا يفسق مسلم يقول قاله في اعتقاد أو فتيا وأن كل من اجتهد في شيىء من ذلك فدانا بما رأى أنه الحق فإنه مأجور ، على كل حال، إن أصاب فأجران، وإن أخطأ فأجر واحد ، قال ابن حزم وقال هذا قول ابن أبي ليلى وأبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري وداوود بن علي وهو قول كل من عرفنا له قولا في هذه المسألة ، من الصحابة ، يعني جميع الصحابة لا يقبلون بالتكفير ، هم وجوه الصحابة ومعروفون والمحدثون لا يرضون بالتكفير ، لا نعلم منهم خلافا في ذلك أصلا، هنا يقول أن التكفير أمر مرفوض ولا يقبل به علماء المسلمين كما نقله ابن حزم ، سواء كان في العقائد ، شخص قال في الإعتقاد أمر مخالف , قال ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد ، أو الفتيا في الجانب التشريعي، والأحكام الشرعية ، لا يكفر على قوله.

    2-  وفي اليواقيت والجواهر للشيخ الشعراني قال شيخ الإسلام تقي الدين السبكي :إن الإقدام على تكفير المؤمنين عسر جدا، وكل من كان في قلبه إيمان يستعظم بتكفير أهل الأهواء والبدع، مع قولهم لا إله إلا الله ، محمد رسول الله، فإن التكفير أمر هائل عظيم الخطر، هنا تقي الدين السبكي لا يكفر أهل البدع ، من رأيته جاء ببدعة في الدين لا يكفر ، وهذا رأي علماء المسلمين .

    3-  في اليواقيت والجواهر للشعراني وكان احمد ابن زاهر السرخسي الأشعري من أجلاء أصحاب لإمام الأشعري يقول: لما حضرت الشيخ أبا موسى الأشعري الوفاة بداري في بغداد، أمرني بجمع أصحابي فجمعتهم له، قال اشهدوا على أني لا أكفر أحدا من أهل القبلة بذنب لأنني وجدتهم  كلهم يشيرون إلى معبود واحد، والإسلام يشملهم ويعمهم، هذا رأي الأشعري أنه لا يكفر من يدين بالإسلام ويؤمن بالله تعالى ، ويوحد الله ويتوجه لله لقبلة واحدة فهو لا يكفر.

    4-  وقال القاضي الإيجي جمهور الفقهاء والمتكلمين على أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة .

    5-  وفي شرح المقاصد للتفتزاني أن مخالف الحق من أهل القبلة ، يعني أهل القبلة بما فيهم من مذاهب متتعددة فيهم المصيب وفيهم مخطىء ، يقول التفتزاني أن مخالف الحق من أهل القبلة ليس بكافر، ما لم يخالف ما هو من ضروريات الدين كحدوث العالم وحشر الأجساد ، إذا كان يخالف ويقول العالم غير مخلوق ، لا توجد قيامة ، لا حشر ، أما إذا كان يختلف في أمور أخرى فرعية فهو لا يكفر، وينقل التفتزاني في المنتقى: أن أبا حنيفة لم يكفر واحدا من أهل القبلة ، إذاً التكفير أمر عظيم وأمر مرفوض.

    ثالثا: نتائج ظاهرة التكفير، ظاهرة التكفير سيئة لها نتائج وخيمة ، من ضمنها هذه النتائج نذكر:

    أ‌-      النتائج الشرعية للتكفير:

    1-  الظلم:وهو ظلمات يوم القيامة، الذي يظلم الإنسان ويتهمه بالكفر وهو يقول أنا مسلم ، وهو يقول لا إله إلا اله محمد رسول الله ، ولكنك تقول له أنت في باطنك تقول غير ذلك ، هذا ظلم عظيم، يقول تعالى : ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص الأبصار، وهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ) يعني أذلاء يمدون أعناقهم بذل، وقلوبهم فارغة من أي طمأنينة، هكذا حال الظالمين يوم القيامة.ويقول الرسول(ص) 🙁 أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم يطرح في النار.(ينقله مسلم في صحيحه).

    إذاً الظلم شيىء عظيم وظاهرة التكفير تجر الإنسان للظلم ، وهذا من الأمور البديهية ، أن تحكم على الناس بنواياهم وأن تحاسبهم على نواياهم هذا ظلم عظيم.

    2-  تحويل التدين من المحبة إلى الحقد والكره والتنافر، الإسلام الذي يجب أن يكون دين المحبة، إذا صرنا نكفر بعضنا بعضا ، المسلمون يكفرون بعضهم بعضا يتحول المسلم من محب للمسلمين إلى أن يكون كارها وشديد الكره للمسلمين.

    3-  قتل الرجال والنساء والأطفال وهذا ما يحدث، نتحدث عن ظاهرة التكفير ونقول نظريا يجر إلى  هذا ، والواقع يثبته، التكفير في العالم الإسلامي قديما وحديثا ، من زمن أمير المؤمنين (ع) عندما خرج الخوارج وصاروا يكفرون المسلمين ويكفرون الصحابة ، ماذا كانوا يصنعون؟ كانوا يقفون في الطريق فإذا مر الصحابي لرسول الله والذي امتدحه النبي أو التابعي ، يأخذونه ويقتلونه ويبقرون بطن زوجته ، هذا هو الواقع ليس نظريا.

    والله سبحانه وتعالى يقول: ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) .

    4-  إنتهاك الأعراض وهو أعظم ، هذه من النتائج الشرعية، إنتهاك الأعراض وهو أعظم من الكفر نفسه، يتحدثون في سوريا عن سبي النساء ويأخذونهن كإيماء ، استرقاء، والأعراض تنتهك فقط لمجرد الإختلاف ، يختلف معه في تفصيل في العقيدة وليس أصل العقيدة ، ومع ذلك يعتدى عليه وعلى أملاكه وأعراضه وحياته.

    ب‌- النتائج الأمنية للتكفير،

    1-  الإضطراب الأمني والخوف والفزع في المجتمعات بدل الأمن ، يتبدل المجتمع ، بعد أن كان يصدق عليه قوله تعالى : (محمد (ص) رسول الله والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) إلى أن يتحول إلى عداوة بينهم، ويبقى المجتمع في اضطراب وخوف مستمر.

    2-  الإفساد في الأرض والتخريب والمكر بالمسلمين ليلا ونهاراً، من النتائج الأمنية أن يكون هناك أشخاص يفكرون ويخططون لقتل هذه الفئة وتلك الفئة ، ومن هذه الطائفة وهذا المذهب ليعيثوا فسادا وما حدث في نهر البارد في لبنان خير مثال، وما حل كذلك في العراق من المآسي التي لا يستطيع الإنسان أن يراها ، يؤخذ الشخص ويقطع وهو حي فقط لأنه من مذهب أخر ، ليس من دين آخر , فهو يؤمن بالله سبحانه وتعالى ، يؤمن بالنبي ، يؤمن بالقيامة ، يؤمن بكل شيىء يختلف في هذه الجزئية يتعامل معه أشد من الكافر ، بل أشد من الحيوان ويقتل وينتهك عرضه ويقطع وهو حي.

    وهذه نتائج وخيمة .

    3-  إنتشار الفتن في المجتمع :

    المجتمع الواحد الذي يجب أن يكون محامياً عن أفراده , كافلاً لهم , ومن يدخله يشعر بالأمان , لا أن يعيش الخوف والترقب في أي لحظة ربما يعتدى عليه وعلى أهله وعرضه وما يملك , وكل ذلك باسم الدين.

    ج- النتائج الثقافية لظاهرة التكفير ، ما هي النتائج الثقافية؟  نتائج ظاهرة التكفير سيئة دائما وأبدا ومنها:

    1-  الجمود الفكري، يعني المجتمع الذي تنتشر فيه ظاهرة التكفير لا يمكن أن يفكر ، لا يمكن أن ينتج , كأن التكفير مقابل التفكير، فلا يفكر ولا ينتج ، جمود في كل شيىء , كل جديد في نظرهم بدعة , وكل نتاج  بدعة ، كل شيىء حرام، التفكير والإنتاج والإجتهاد حتى في أمور الدين حرام ، يقف الشخص، ومن عنده حس وفهم لبعض النصوص الشرعية ويريد أن يستنتج يخاف، لأنه إذا استنتج شيىء مخالف لأصحابه فإنه يقتل، مباشرة يكفر ويسحق , وستحق القتل، فهو جمود.

    2-  محاصرة المراكز والمعاهد الشرعية و الدعوية بحجة الإهارب ، هنا بالنسبة للتعليم والإرشاد في العالم ، إذا وجدت ظاهرة التكفير كيف تتعامل مع التعليم؟ أن هذه المراكز هي مشركة ويجب أن يقضى عليها، النتيجة هي القضاء عليها من هذه الجهة أو لا ، أو أنها تكون مستهدفة من قبل الحكام لأنها تخرج الإرهابيين فهي مستهدفة على جميع الأحوال، إما من التكفير نفسه ، أو من السلطات، إذا النتيجة وخيمة وسيئة.

    د- النتائج الإقتصادية لظاهرة التكفير:

      تقوقع الجماعة على نفسها في المجتمع الواحد، المجتمع الواحد لا يمكن أن ينشىء معاملات اقتصادية مع الدول التي يختلف معها في تفاصيل العقيدة ، بل مع المجتمع الواحد نفسه، مثلا هذه القرية من هذا المذهب وتلك القرية من مذهب  آخر ، هذا لوحده وذاك لوحده، التعاملات الجارية تكون محدودة، ولا يكون انتاج وضعف في هذا الجانب.

    هـ – النتائج الإجتماعية لظاهرة التكفير:

    1-  تفكك المجتمع الواحد الذي كان مترابطا، المجتمع الواحد يتفكك، إذا انتشر التكفير في المجتمع يتفكك فكل جماعة لها أفكار مع بعضها البعض، بمثابة الأحزاب، أول حزب يكون , وبعد أن يتشكل ثم يبرز فيه شخص وعنده خصائص يجمع له مجموعة لوحدها فيكوّن لوحده حزباً , وكذلك الآخرون يكونون لهم أحزاباً ، هكذا بالنسبة للتكفير تتقلص الجماعة وتنحسر وتتفكك إلى أن يتفكك المجتمع بأكمله.

    2-  عدم التكافل الإجتماعي وهو كالنقطة التي مرت إما من طرف نفس التكفيري الذي يتبنى التكفير , فهو لا يقبل أن يعطى ذلك المذهب، أو الذي يختلف معه مثلا في بعض الأمور الجزئية، أو من جهة جعل الجمعيات الخيرية محاصرة ومستهدفة من قبل النظام، فتكون أيضا نتيجته على التكافل الإجتماعي سيئة.

    3-  عدم التعارف اجتماعيا كما يقول تعالى( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير).الله سبحانه وتعالى جعل المجتمعات شعوب وقبائل ولم يجعل الدين لحرب بعضهم العض، بل جعلهم مع اختلافهم ليتعارفوا , وميزة التقوى عند الله سبحانه وتعالى، لا تدخل وتحاسب الناس على نياتهم وإيمانهم وعقائدهم.

    و- نتائج ظاهرة التكفير على مستقبل الإسلام:

    1-  تشويه سمعة الإسلام في العالم كله ، من التائج السيئة بالنسبة لمستقبل الإسلام، إذا وجدت جماعة وكان همها أن تكفر فهو يضر بسمعة الإسلام وجعل الإسلام يساوي الدم، يعني الإسلام الذي يساوي السلام، يصير في نظر المجتمعات الأخرى يساوي الدم ولا يساوي الأمن والسلام.

    2-  تنفير المسلمين من دينهم أيضا أثره حتى على المسلمين،تنفرهم  يقول المسلمون هذا هو الإسلام دين الدم والقتل ، ليس صحيح وليس مطلوب.

    3-  التشديد على المسلمين الذين يعيشون في دول غير إسلامية ، هناك بعض المسلمين الذين يعيشون في دول الغرب وهنا إذا ظهرت ظاهرة التكفير صارت ضررا على المسلمين هنا وعلى المسلمين في الدول الأخرى أيضا.

    4-  إبطال نظرية عالمية الإسلام، نحن نقول أن الإسلام دين عالمي للعالم بأكمله وأي دين إذا كان مرفوض ومنفر وينفر الناس لمجرد أن يسمعوا كلمة إسلام ويقولون إسلام يعني قتل ودم وهو أمر مرفوض.

     إذاً ظاهرة التكفير أمر سيىء ويجب القضاء عليها .

    رابعا: فطرة المجتمع وظاهرة التكفير، المجتمع بفطرته يرفض التكفير ، ولا يقبل بالتكفير والإتهامات أبدا، المجتمع بفطرته يتوافق مع الإسلام حقيقة، ولذلك تجد كثير من الناس من جميع المذاهب غير متدينين تجدهم يتفقون في الأمور الإنسانية ، هذا هو الواقع ، وإذا تدين وصار له لحية ، وثوب قصيرة هنا بدأ الخوف، لاتستطيع أن تأمن له ، وهذا أمر مؤسف ، يجب أن يكون المسلم وثقافة المسلم ثقافة السلام والمحبة ، لا ثقافة الإرهاب ، لذلك المجتمعات الإسلامية بصورة عامة هي ترفض التكفير وظاهرة التكفير، وتحب الإخاء والمحبة والسلام في المجتمعات كافة.

    موضوع البلد:نهني ونعزي أهالي الشهداء حسين الجزيري والشهيدة آمنة السيد مهدي ونسأل اله أن يتغمدهما برحمته ويحشرهما مع الأولياء والصالحين،

    ثانيا: رسالة الحوار في البحرين  

    1ـ ماحدث بالامس من تعدي  وتجاوز وقد تجاوز جميع  المقاييس  ,  تجد مقاطع الفيديو التي بينت الكثير من الإنتهاكات تكشف  بشاعة المرتزقة  وتكشف تجردهم من الإنسانية  مثلا تعذيب المواطن حتى الإغماء ثم سحله وجره بالشارع  أي إنسانية هذه الذي يأمر والذي ينتهك ويطبق  , هذه رسائل الحوار والإصلاح

    2 إعتداء على النساء والأطفال ورأيتم في مقاطع الفيديو إعتداء وضرب لم يقف وليس له خط أحمر  إعتداء على كل شي

    3 إستهداف الأطفال لقتلهم بسبق ترصد وضربهم في المناطق العلوية من الجسم  رأينا الصور وللعالم أن يرى  إذا كان العالم فيه حياء إذا كان العالم فيه إنسانية  ليرى مايحدث في البحرين , الضربات في الرؤوس وفي المناطق العلوية من الجسم  كثيرة وكثيرة , وفي الطرف الإعلامي للدولة  تقول حوار وإصلاح في المجتمع  وهذه مقدمات الحوار ومقدمات الإصلاح

    4 إختطاف المواطنين وتعذيبهم حتى الإشراف على الموت  يختطف البعض ويعذب حتى يكاد أن يموت ثم  يرمى في الخارج هذا حدث كله  أمس وحدث قبل ذلك ولازال مستمر ولم يتوقف وهذه  رسائل الحوار من البحرين

    أخيرا نهيب بشعبنا الوفي الخروج  عن بكرة أبيه في مسيرة اليوم عصرا  وفاء للشهداء ليعلم العالم  اننا نرفع اصواتنا ونطالب  مع وجود هذا القمع الشديد لانتوقف  فليحضر الجميع من يستطيع أن يشارك في المسيرة لايتوانى ويشارك وفاء لدماء الشهداء .

    والحمد لله رب العالمين  وصلى  اللهم على محمد واله الطاهرين.

  • ظاهرة التكفير( 1 )

    ظاهرة التكفير( 1 )

    ظاهرة التكفير(1) – حديث الجمعة – 18/01/2013

    بسم الله الرحمن الرحيم ،

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

    قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :

    بسم الله الرحمن الرحيم

    }(( يا أيّها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبيّنوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا …))

    صدق الله العلي العظيم.

    مقدمة: إنتشرت ظاهرة التكفير ( هذه الآونة)  في المجتمعات وللأسف مما يعود على المجتمع بالسوء، يعود على المجتمع نفسه بالسوء ويعود أيضا على سمعته بالتشويه وتنفير الناس من الإسلام .

    إذا كان المجتمع الإسلامي يتعامل فيما بينه , بتكفير بعضه البعض فلا شك أنه يكون في نظر الآخرين أكثر تنفيراً ، إذا كان  من ينتمي إلى  نفس الإسلام يكفر المسلمين , فنظرة الآخر إليه  وإلى الإسلام أيضا تكون أشد ، يكون فيها تنفير من الإسلام ومن مبادئه.

     حديثنا سيكون في هذا الموضوع:

    اولا:لايمكن أن يلج باب التكفير  متسرعا من عنده ذرة  من ورع ودين ، الشخص الذي يحمل بينه وبين الله تدين وصدق لا يمكن أن يكفر الآخرين ، لأن التكفير ليس أمرا هينا , أن تخرج شخصا من الدين وتفترضه كافراً ويستحق القتل وهكذا ، فالشخص المؤمن لا يكفر الآخرين وهم يشهدون الشهادتين.

    ثانيا:الآية وسبب النزول :

     1ـ عن ابن عباس قال : لحق المسلمون رجلا في غنيمة له فقال الرجل السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غنيمته ، فنزلت هذه الآية (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا )  روي هذا الحديث في كتاب البخاري وغيره .

    شخص قال عندما وصلوا إليه لم يكن مسلم ولكنه لما بلغوه قال سلا م عليكم ، قتلوه فنزلت هذه الآية .

    2ـ أخرج جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ، قال : ( حرم الله على المؤمنين أن يقولوا لمن يشهد أن لا إله إلا الله لست مؤمنا ، يحرم عليهم كما حرم عليهم الميتة فهو آمن على ماله ودمه فلا تردوا عليه قوله )

     لمجرد أن يقول لا إله إلا الله ، محمد رسول الله (ص) فهو مؤمن تتعاملون معه على الإيمان .

    ثالثا:رواية الرسول في التكفير ماذا قال الرسول (ص) في هذا الموضوع ؟

    1-                       قال النبي(ص) : (لاتكفروا أهل ملتكم وإن عملوا الكبائر )، شخص يرتكب الكبائر والمعاصي لكن لا تقول عنه كافر .

    2-                       قال رسول الله (ص) : ( لا تكفروا أحدا من أهل القبلة بذنب وإن عملوا الكبائر ) . كالحديث السابق ، عمل الكبائر له حكمه ، لكن ليس حكمه أن يكفر ، فلا يحق لأحد أن يكفر شخص وهو يشهد أن لا إله إلا الله .

    3-                       وقال (ص) : ( بني الإسلام على ثلاث ، إلى أن قال أهل لا إله إلا الله لا تكفروهم بذنب ، ولا تشهدوا عليهم بشرك )، لا تنسب لهم الكفر ولا الشرك .

     عمل شيىء من المعاصي لا تقول هذا مشرك ، إرتكب ذنب لا تقل هذا كافر ، إذا اختلف معك في شيىء من تفاصيل العقيدة مثلا أو في الفتاوى لا تقول هو كافر، هذا غير صحيح ، فالإسلام يرفض هذا الفعل .

    4-                       وقال النبي (ص) : (أيما رجل مسلم كفر رجلا مسلما فإن كان كافرا وإلا  كان هو الكافر )

     الذي يكفر  بنص هذا الحديث يكون هو الكافر ، إذا كان في الواقع ذلك غير كافر ، ذلك الشخص ليس كافرا لأنه يشهد الشهادتين وهذا يكفروه فيكون هذا هو الكافر ، الذي يكفر الحديث يقول هو الكافر .

    5-                       وقال النبي (ص) : ( إذا قال الرجل لأخيه يا كافر ) فهو كقتله ، كأنه قتله , تقول شخص كافر كأنك قتلته ، والله سبحانه وتعالى يقول :}  ومن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا { ، بهذا القول ، تلفظ وقال كافر .

    6-                       وقال النبي (ص) : ( كفوا عن أهل لا إله إلا الله ، لا تكفرونهم بذنبهم ، فمن كفر أهل لا إله إلا الله ، فهو إلى الكفر أقرب ) هو إلى الكفر أقرب.

    إذاً التكفير في أحاديث النبي (ص) والآية التي افتتحنا بها منهي عنه بشتى الوسائل والصور ، لا يمكن أن يقبل من شخص أن يصف شخصاً بأنه كافر وهو يشهد الشهادتين . لماذا يكفر المسلمون بعضهم البعض؟!

    في الوقت الذي يشهد الطرف الآخر بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .

    7-                        أرسل الرسول (ص) سرية لتأديب أهل فدك –أنظر لهذا التعبير- وماذا كان موقف النبي (ص) ، وعندما سمع أهل فدك بقدوم هذه السرية هربوا إلا رجل إسمه (مرداس إبن ناهيك) الذي سمعهم يهللون ويكبرون فنزل من ذلك الجبل وهو يكبر مع المسلمين ويقول ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) ، فقابله أسامة ابن زيد بسيفه وقتله ، شخص مع المشركين ، عندما هربوا لم يهرب معهم ، إنما جاء للمسلمين وقال لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أسامة ابن زيد قتله بسيفه ، وبعد رجوعه إلى الرسول (ص) وجده قد علم بذلك ، النبي وصله الخبر ، وحزن حزنا شديدا وهو يقول : قتلوه قتلهم الله ، النبي يقول ذلك ، لماذا ؟ هو مع المشركين ، لكنه تلفظ بالشهادتين ، النبي يقول قتلوه قتلهم الله ، وأسامة يقول للرسول (ص) : إستغفر لي يا رسول الله ، قتله والآن يطلب المغفرة ، فرد عليه (ص) بقوله : قتلت رجلا يقول لا إله إلا الله ، كيف إذا خاصمك يوم القيامة بلا إله إلا الله ؟ ماذا تجيب؟ شخص يقول لا إله إلا الله وقتلته ، فقال أسامة يا رسول الله إنما تعوذ من القتل ، يعني هو غير صادق ، هنا وصل إلى السيف ، إما أن يقتل أو يشهد فشهد الشهادتين ليتعوذ ويتخلص من القتل ، فقال (ص) : هلا شققت عن قلبه لتعلم أقالها خوفا أم لا ، هل وصلت إلى قلبه لتعلم أنه صادق أم أنه غير صادق .

     إذاً التعامل مع من يقول لا إله إلا الله  يجب أن يكون بعنوانه مسلم ، لا تقول خوفا ، لا تقول نفاقا ، لا تقول تقية ، ولا تقل شيىء ، لمجرد أنه يقول لا إله إلا الله هو مسلم ، إذا قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فهو مسلم ، ويجب أن يتعامل معه على هذا الأساس.

    8-                       وحدث ذلك أيضا مع خالد ابن الوليد ، فقد كان يبارزه رجل بسيفه ، ولما تمكن منه خالد ، قال الرجل لا إله إلا الله محمد رسول الله ولكن خالد قتله ، هذه لحظات صراع ، فعندما سقط ذلك الرجل ، قتله خالد وهو يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فغضب النبي (ص) غضبا شديدا ، قال خالد يا رسول الله قالها لينقذ روحه ولو تمكن مني لقتلني، نحن في حرب ، فقتلته، فقال (ص) :هلا شققت عن قلبه ، إذاً النبي(ص) لا يقبل أن نحكم على باطن الناس ، ليس لك أن تحكم على قلب أحد أنا لا أعلم ما في قلبك ، وأنت لا تعلم ما في قلبي ، ليس لي أن أتهمك وأقول أنت كافر أو تتهمني ، تتعامل مع ظاهر الناس فقط، القلب يعلمه الله وحكم القلب مع الله ، وأفعال القلب يعلمها الله ، هو الذي يحاسب عليها ، وليس للناس أن يحاسبوا قلوب الناس، لماذا نتدخل في نيات الناس؟ ونحلل نوايا الناس، لا يحق لنا ذلك ، لماذا ؟!

    علينا أن نحمل الناس على الظاهر ونية الخير , الإسلام أمرنا بذلك ، أمرنا أن نتعامل مع الجميع بنية الخير ولا نقول في نيته كذا ، قالها وهو يبطن كذا ، ليس لنا طريق إلى نيته وإلى قلبه .

    الاصل في أفعال الناس الظاهر ، الذي يكشف هذا الظاهر يكشف عن الباطن ، بمعنى آخر الظاهر هو طريق للباطن ، نتعامل معه ونقول ظاهره كباطنه ، ربما باطنه مختلف لكن باطنه عند الله , أمره مع الله سبحانه وتعالى ، وليس لنا , وإنما  نحكم على باطنه من ظاهره ، ونقول ظاهره حسن إذاً باطنه حسن أيضا ، هكذا هو المطلوب .

    رابعا:أسباب انتشار ظاهرة التكفير، ما هي الأسباب التي جعلت ظاهرة التكفير منتشرة ؟

    1-                       الغلو في الدين : بعض الأشخاص يرى نفسه أنه الأمين على دين الله وأن الدين من غيره لا يقوم وأنه الأحرص على حفظ الدين ، من غيره بل حتى من النبي (ص) والأحرص حتى من الله سبحانه وتعالى ، أليست الآية تقول (ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمنا ) هذه آية قرآنية ، فلماذا نجعل أنفسنا أوصياء على الناس وإذا قال سلام وقال مسلم و أسلم نقول له أنت لست مسلم .

     أذاً من أهم الأسباب الغلو في الدين ، التطرف في الدين ، كأنه هو فقط المسلم وغيره كافر وهو الولي وهو الحافظ للدين ، والذي يحكم على ظواهر الناس وبواطن الناس وأفعال الناس.

    2-                       الجهل : اجهل آفة عظيمة ورأس كل الخطايا ، قال رسول الله (ص)( فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر ) وأحاديث كثيرة تبين فضل العالم ، العالم هو العارف ، الذي لا يتعجل ولا يحكم بجهل ومن غير معرفة ، لأنه من يستطيع أن يحكم على باطن الإنسان ؟ من عنده علم ، وباطن الإنسان أمر معنوي وليس لنا طريق إلى الأمر المعنوي ، إلى الباطن ، الله سبحانه وتعالى هو العالم وهو الذي يحكم ، ذلك الجاهل هو الذي يصدر الأحكام على هذا أنه منحرف ، وهذا جيد ، وهذا سيىء وهذا أفضل وهكذا ، هذه أمور تخرصات ، مرفوضة شرعا.

    3-                        إتباع الهوى : وهي من الأسباب الأساسية لانتشار ظاهرة التكفير ، بعض الناس هو منحرف ، يريد الفتنة في المسلمين ، فباعثه انحراف , لذلك يكفر ، ليس أنه جاهل،  كما كان في صدر الإسلام ، بعض المنافقين كان يأتي ويقف في وسط الحرب بين جيش علي (ع) وبين الجيش الثاني المقابل، فيضرب بسهم على هذه  الجهة وبسهم على الجهة الأخرى ، فيقول أينما وقعت أصابت (أثرت) لأنه يريد الفتنة ، فالذي يريد الفتنة هكذا يكون .

    4-                        التأويل الخاطىء :لماذا نأول ؟ ولماذا يؤول الآخر؟ عندما تراه فعل فعل ، لماذا تقول بخلاف ما يقول هو ؟ شخص يقف ويصلي ، يسجد على التربة وهو يقول أنا أسجد لله سبحانه وتعالى على هذه التربة ولا أسجد لها ، لماذا أقول بانه يسجد لها وهو مشرك ؟ وهناك فرق بين أن تسجد على شيىء أو تسجد له ، إذا هذا الحكم على نوايا الناس وهو أمر سيىء ، التأويل ليس فقط في الأحاديث بينما تأويل أفعال الناس أيضا أمر سيىء .

    5-                       مخالطة الجماعات المنحرفة والتلقي عنهم : إذا كان شباب ويخالط  بعض الناس وعندهم انحراف وعندهم حقد وضغينة ،يتلقى عنهم  حتى لو كان بحسن النية يتلقى ويقول هذا كافر وهذا خارج عن الإسلام ، وليس عندنا إلا هذه الجماعة مسلمة .

    6-                       الأسباب التربوية : من الأمور الفاسدة أيضا التربية الفاسدة ، إذا كان الشخص يربي أولاده ويقول نحن المسلمون وغيرنا في العالم , وكل هؤلاء الذين يشهدون أن لا إله إلا الله محمد رسول الله هم غير مسلمين ,ليس هناك مسلم إلا أنا وأهلي، ومن يرتبط بي ، هذه تربية فاسدة تسبب انتشار هذه الظاهرة .

    7-                       الأسباب النفسية والإجتماعية والتكتل الفئوي .

    8-                       التأثير السلبي لوسائل الإعلام : البرامج التي تتناول المذاهب الأخرى بالتكفير وأيضا بعض الحوارات المرتبطة بالعقيدة يخرج الفئة الأخرى من الإسلام ويدخل هذه الفئة في الإسلام ، هذا يضر بالإسلام وسبب في تأجيج روح الطائفية في بعض المذاهب ، وهو أمر مرفوض .

    9-                       ضعف البضاعة العلمية : بعض الذين يكفرون لا يمتلكون ثقافة ولا يمتلك بضاعة علمية ، على ما يعتقد ون ويخافون  ويخشون أنهم  إذا سمعوا  أتباعهم بالطرح الآخر أنهم ينتقلون إلى الطرف الآخر فيضطرون ليصدوا هذا المد بتكفير الطرف الآخر ، هذا أمر خطير أيضا .

    10-               ردوود الفعل على من يرمينا بالسوء:إذا رمينا بالسوء وقالوا أن فيكم كذا من العيوب ، نقول بأنهم كفار .

    11-               الخطاب الديني الحركي الذي يصف غيره بالجاهلية : رأينا مثلا بعض الخطاب الديني ، بعض الذين يتحركون لتكوين دولة إسلامية ، ليستقطب الناس ، يصف الناس بالجاهلية وأنهم أشد البعد عما كان عليه رسول الله (ص) والمجتمع آنذاك ، هم كفار ليس إلا , وهو مسلم لوحده.

    12-               مناهج التدريس أيضا فيها سوء ، المناهج التي لا تطرح الوحدة ولا تطرح مفهوم الإسلام الحقيقي .

    13-               الفقر المعرفي وترحك الوازع الديني وهنا جهل مع تحرك وازع ديني : إذا كان المجتمع يتوجه دينيا ويتحرك دينيا ليتعرف على الدين ويأخذ الدين ، وهو يتوجه للدين صادق بينه وبين الله ولكن من غير معرفة ، لا يعرف ما هو الصحيح وما هو الخطأ ، فهنا يمكن أن يأتي شخص مغرض ويضلل هذا الشاب الذي عنده وازع ديني ويبحث عن الدين فيصف له هذا كافر .

    14-               الصراع السياسي نستطيع القول بأنه السبب الرئيسي للتكفير منذ أول ظهور ظاهرة التكفير في زمن علي (ع) من الخوارج إلى هذه اليوم ، يختلفون مع علي (ع) فيجمعوا جماعة ويقولوا عنه(ع) أنه كافر ، ثم يؤسسون لهم منهج ، إلى هذا اليوم .

     

    نرى في الواقع مجتمع متآلف متحاب . في العراق هناك تزاوج بين السنة والشيعة ومختلف الطوائف ، في لبنان كذلك وفي سوريا ولكن اختلف السياسيون ، كيف يحشدون ويجمعون الأنصار ! عندما يطرحون الوحدة والإلفة ، لا  يطرحون أولئك كفار ويحاربون الدين فتتأجج الفتنة الطائفية ويكون الكل كافر ، الكل يكفر الكل ، إذاً السياسة أمر خطير ، إذا كان التحشيد السياسي منطلقا من جانب ديني فهو أمر خطير وهو من أهم أسباب ظاهرة التكفير في العالم .

    15-               دور المستعمر في نشر التكفير : المستعمر له دور كبير ، يدخل ضمن السياسة ، يريد أن يستعمر البلد يعمل على التفريق بين الشعب باالدين والمذهب واللون إلخ…، لمجرد النجاح في التفرقة بينهم يتنازعون ويتخاصمون فالمستعمر يسيطر عليهم ويأخذ ما يريد ، من الأمور الأساسية الخلاف السياسي والخضوع للمستعمر ، يسبب هذا الأمر التكفير بين المسلمين .

    التكفير أمر خطير ويجب أن نعلمه نحن قبل غيرنا ، يجب أن يكون مجتمعنا مجتمعاً إسلامياً,  فمن يقول لك أنت كافر ..

    تقل له أنت مسلم..

     يقول يجب أن تقتل وينتهك عرضك ..

     يجب أن تقول أنت مسلم وعرضك محفوظ ومالك محفوظ ودمك محفوظ ..

     هذا هو الإسلام ، وليس  إذا قالوا أنتم كفار نقول أنتم كفار ، وإذا قالوا تقتلون  نقول تقتلون ، هذه فتن يراد بها تدمير الإسلام والملسين ، يجب أن نكون مسلمين حقيقيين ونتحمل مسؤولياتنا برفض كل الفتن .  

    والحمد لله رب العالمين

  • الرسول الاعظم (ص)

    الرسول الاعظم (ص)

    الرسول الاعظم (ص) – حديث الجمعة: 11/01/2013

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين .

    نعزي صاحب العصر والزمان وأمير المؤمنين وفاطمة الزهراء والأئمة المعصومين بوفاة النبي (ص) ونعزي جميع المسلمين في العالم بوفاته صلى الله عليه وآله وسلم.

    حديثنا حول الرسول الأعظم (ص) .

    مقدمة : وفاة الرسول (ص)

    وفاة الرسول (ص) حدث مهم وخطير لأنه المنعطف الأخطر في الدعوة الإسلامية ، فهنا نتحدث في أمور :

    أولا : مستقبل الدعوة

     ما هو الإعداد لذلك المستقبل المهم ؟

    وهل بالفعل أعد النبي(ص) لمستقبل الدعوة أم لا؟

    لأن دعوة النبي (ص) ليس منحصرة وخاصة لأهل زمانه فقط , وإنما بعث للعالمين إلى قيام الساعة .

    فهل أعد لذلك أم ترك الأمر هكذا ؟

    أ ـ إحتمال ترك الأمة وشأنها :

    لا يمكن لعاقل أن يقول إن النبي (ص) أسس دولة عظيمة قوية وتركها وشأنها من غير إي تأسيس أو إرشاد لها بحيث يضمن سلامة مستقبلها .

     فمستقبل الدعوة أمر مهم عند صاحبها ومن يحمل هَم مثل هذه الدعوة هل يمكن أن يتركها من غير أن يؤسس ما يضمن به سلامة مستقبلها؟.

    في العالم إذا حدثت ثورة وصار انتصار لا بد أن يكون القائد قد أسس طريقة يضمن حفظ تلك الثورة بعد وفاته , فهل يمكن لنا أن نقبل هذا التصرف من إنسان عادي ونرفضه من النبي (ص) !

     إذا أراد شخص أن يسافر من بلده إلى مكان آخر وعنده أسرة في بيته , لا بد أن يؤسس لحفظ هذه الأسرة بطريقة أو أخرى ، ولا يمكن أن نقبل من صاحب الأسرة أن يترك أسرته من غير أن يضع ما يحفظهم , من ولي وقيم ومسؤول.

     وهل نقبل هنا نتعقل موقفاً من أكمل إنسان وأفضل إنسان أن لا يكون له نظرٌ لمستقبل دعوته!؟

    الجواب طبعاً من المستحيل ذلك في حق النبي(ص).

    ب ـ الأمر شورى بين المسلمين

    ربما يدعي مدعي أن النبي (ص) يعرض وسيلة لحفظ الدين بجعل الأمر شورى بين المسلمين ليعينوا الخليفة القائد الذي من خلاله  يحفظ الدين .

     وهذا الأمر وهذا الرأي وهذا المدعى ترد عليه أمور منها:

    1ـ أنه لم يعهد النبي (ص)  أنه درّب المسلمين على أن الامر بالشورى ،لم يعهد منه في أمثال هذه المواقف الأمر بالشورى , فعندما كان يريد أن يسافر لغزوة ما أو أي مكان آخر لم يأتي للمسلمين ويقول إنتخبوا شخصا من بينكم ، بل كان هو يعين ولو كان الأمر كذلك لكان النبي درّب أصحابه وعلمهم على هذه الطريقة ، وهي غير موجودة ، إذاً هذا يكشف على أن الأمر ليس كذلك .

    2ـ إضافة إلى ذلك لا توجد نصوص تبين أن الخلافة بالشورى ، لا توجد نصوص في هذا المجال ، وأقصى ما هناك , هو في موضوع الحرب أن النبي (ص) إستشار وهو الذي يحسم الأمر , أما في أمر الخلافة فلا أثر ولا نص في الأمر بالشورىً لإختيار الخليفة.

    3ـ الخلفاء لم يعملوا بالشورى

    على جميع الفروض المفترضة فإن الخلفاء لم يعملوا بالشورى ، ولو سلمنا جدلاً أن الأمر شورى بين المسلمين لكان له واقع على أقل تقدير.

    بل نضيف أنه لو قلنا بالشورى بين المسلمين للزمنا القول بأن الصحابة خالفوا هذا الأمر , ولم يلتزموا به .

     فأين الشورى من واقع المسلمين ؟! 

    من يتتبع أو ينظر ولو بنظرة بسيطة يجد أن الأمر بعيد عن مسألة الشورى و ليس هناك شورى ، حتى في إنتخاب الخليفة الأول ,  فقد اعترض إبن عباس وغيره عندما وجهت له رسالة بأن المسلمين انتخبوني بالشورى , قال أنا منهم لم أنتخب ، وهو من أعيانهم ومن أهل الحل والعقد , من العلماء , وأبو قحافة أيضا , قال إن كان الإختيار بكبر السن  فأنا أكبر .

     إذاً الأمر لم يكن بالشورى ، إضافة إلى هذا لو تنزلنا وقلنا توجد شورى بالمجموعة التي حضرت السقيفة فنقول في الخليفة الثاني من الذي اجتمع في انتخابه ، إذا كان الامر شورى يجب أن يكون في الأول والثاني والثالث وهكذا ، الخليفة الثاني عينه الخليفة الأول , والخليفة الثالث جعل في ستة يختارون بينهم ، إذاً أي هي الشورى!؟

     فالأمر ليس بالشورى .

    ج ـ   النص من النبي (ص) :

     إذا سقط موضوع الشورى في تعيين الخليفة لا يبقى إلا النص لأن القسم الأول الذي ذكرناه وهو أن تبقى الأمة من غير إرشاد ، و من غير توجيه ، تعمل ما شاء هكذا ، هذا لا يمكن أن يتقبله عاقل ، وسقط موضوع الشورى ، إذاً لا يبقى إلا التعيين من النبي (ص) ، والاحاديث في هذا كثيرة وكثيرة ومتواترة , ولو لم يكن منها إلا حديث الدار الذي أذكره فقط ، وهو أن النبي (ص) بعد أن طلب مؤازرته من عشيرته قال بعد ذلك 🙁 إن هذا ـ يعني عليا (ع) ـ أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوه ) إذا هنا تعيين بأنه أخي ووصيي وخليفتي هذا حديث وغيره من الأحاديث الصحيحة بل أكثر من صحيحة لأنها متواترة .

    د-   الخروج في جيش أسامة

    إخراج جميع وجوه القوم في جيش أسامة ، النبي (ص) عندما هيأ جيش أسامة أمر الجميع أن يخرجوا في جيش أسامة إلا علي بن أبي طالب , وأما القوم الذين وصلوا إلى الخلافة , فكانوا ممن أمروا بالذهاب في جيش أسامة , ولكنهم تخلفوا ، خالفوا قول النبي (ص) وبقوا ليس في المدينة وإنما في أطراف المدينة في الخارج ، توقفوا ستة عشر يوما لحين الإحتضار إلى أن صار النبي (ص) في حالة مرضه الشديد فدخلوا إلى المدينة .

     النبي (ص) كان يريد إخراج من هم من الوجوه في المدينة لكي لا ينازعوا من أوصى بخلافته بعده ، ولكنهم لم يستجيبوا لأمر النبي (ص) .

    هـ ـ النبي (ص) يأمر بكتابة كتاب ضمانة لتعيين الخليفة:

     القوم رجعوا للمدينة ، والنبي أراد أن يحفظ الخلافة لأهلها ، فتحرك النبي (ص) لكتابة كتاب ليحفظ الدعوة, اراد أن يكتب كتاباً ليبقى مرجعاً للمسلمين في معرفة الخليفة فلا يختلفون في ذلك ولا يتنازعون النبي (ص) فقال(ص): (اتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا ).

     

    ثانيا: خوطوات لكي لا يعرف الخلفية الذي يريده النبي(ص):

    1ـ الإعتراض على كتابة كتاب النبي (ص) قبل وفاته, فامتنع النبي (ص) عن كتابته ، محاولة المنع هي لوحدها تكفي ليتوقف النبي (ص) وإلا يكون التشكيك في كل شيىء ، يعني باختصار في هذ ه النقطة لو أن النبي (ص) أصر على الكتابة وكتب الكتاب فإن التشكيك سوف يكون في قول النبي هذا وفي غيره من الأقوال والأحاديث .

     النبي (ص) يقول (اتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا )، يأمر لكن لا يحصل استجابة .

    عن ابن عباس قال لما اشتد بالنبي( ص ) وجعه قال :(اتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ) قال عمر إن النبي (ص) غلب عليه الوجع ، هذه تخفيف للعبارة ، والمؤدى واحد ولكن العبارة شديدة , العبارة الاصح في الكتب إنه ليهجر ، يعني يتكلم بأمور الآن لا يدركها ، وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط قال ( قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع ) فخرج ابن عباس يقول :إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين كتابه , وكلام أبن عباس وروايته معروفة وموجودة في الكتب المعتمدة .

     لم يقبلوا من النبي (ص) أن يكتب لهم الكتاب الذي يعين فيه مصير الدعوة والقيادة والخلافة بعده تكلم بعضهم , فقال النبي (ص) قوموا بعد المنازعة قوموا .

    في كنز العمال وفي الطبقات الكبرى قال: ( إن إحدى زوجات النبي (ص) إعترضت على هذه المخالفة وقالت من وراء الحجاب ألا تسمعون النبي يعهد إليكم أءتوا رسول الله حاجته ) يعني تقول إعطوا النبي ما يريد فقال عمر اسكتن فإنكن صويحبات يوسف إذا مرض عصرتن أعينكن وإذا صح أخذتن بعنقه . عندما تكلمت زوجة النبي (ص) كان هذا الرد عليها ، لو أن شخصا يتكلم بهذه الكلمة غير الذي قالها عن زوجة من زوجات النبي (ص) لأتهم بالكفر ولأخرج من الدين فقال النبي (ص) : (هن خير منكم )النبي رد على عمر كما في الطبقات .

    فأول حركة للقوم هي منع كتابة كتاب من النبي (ص) يعين فيه الخليفة من بعده.

    2ـ منع كتابة الحديث حقيقة

    الخطوة الثانية التي أُريد بها عدم معرفة النص في تعيين  شخص معين من قبل النبي (ص) ليكون خليفة على المسلمين.

     منعت أحاديث النبي (ص) لماذا تمنع أحاديث النبي ؟

    نقرأ ونذكر بعض الأسباب ، وبعض المبررات في ذلك ونتأمل فيها :

    1ـ في طبقات ابن سعد : إ ن الاحاديث كثرت على عهد عمر ابن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها فلما آتوه بها أمر بحرقها جمعوا ألاحاديث فأحرقوها .

    روى الذهبي في تذكرته إن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال : إنكم تحدثون عن رسول الله (ص) أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافا فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه.

    إذاً مُنعت كتابة الحديث , بل والتحدث بالحديث.

     وروى عن قرظة بن كعب أنه قال : ” لما سيرنا عمر إلى العراق مشى معنا عمر إلى صرار ، ثم قال : أتدرون لم شيعتكم ؟ قلنا : أردت ان تشيعنا وتكرمنا . قال : ان مع ذلك لحاجة ، إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فلا تصدوهم بالاحاديث عن رسول الله وأنا شريككم قال قرظة : فما حدثت بعده حديثا عن رسول الله ( ص ) ” لم يحدث عن رسول الله (ص) لأن الخليفة الثاني منعه .

    4- روى الذهبي إن عمر حبس ثلاثة إبن مسعود ، أبا الدرداء وأبا مسعود.

    والبسبب في ذلك هو الحديث أنهم  يحدثون ، أمرهم بأن لا يحدثوا

    5ـ عن عائشة أنَّها قالت : (جَمَع أبي الحديث عن رسول الله (ص) وكانت خمسمائة حديث ، فبات ليلته يتقلّب كثيراً.
    قالت : فغمّني ، فقلت : أتتقلّب لشكوى أو لشيء بَلَغك ؟ فلمّا أصبح قال: أي بُنيّة ، هَلُمِّي الاَحاديث التي عندك.
    فجئته بها ، فدعا بنار فحرقها .
    فقلت : لِمَ أحرقتها ؟
    قال : خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنتُه ووثقتُ [به] ، ولم يكن كما حدّثني فأكون نقلت ذلك).

    إذاً الأحاديث منعت ، لماذا تمنع؟

     هنا لو تساءلنا بعض الشيىء في هذا المجال:

    1ـ هل ينقلب الثقة إلى غير ثقة ،عندما  نقلها ثقة حتى لو انقلب بعد ذلك وانحرف الإعتماد على الأحاديث عند نقلها ووقت النقل فإن كان وقتها ثقة فتعتمد ، ثم هذه سيرة البشر في العالم الآن ينقلون أحاديث رسول الله (ص) مع مرور هذه الفترة من السنين المتطاولة ومع ذلك تؤخذ وتعتمد ويقال ثقة وليس ثقة ، فكيف لا تنقل في ذلك الوقت ويخشى بعدم الثقة .

    هل جمعت بعد رسول الله (ص) أم في عهده (ص) ؟

    إذا كانتقد جمعت في عهد رسول الله (ص) فمن اين الخشية؟

    ألم يكن بالإمكان الإستعلام عن رسول الله (ص) عن صحتها وعدمها ؟!

     ثم الأحاديث بعضها نقل عن عائشة فطلب من عائشة أن يأخذها ويحرقها وهو يثق بها .

    3ـ كيف صارت السيئة التي يخاف من الوقوع فيها حسن في زماننا ؟

    ولماذا لم يؤخذ فعل الشيخين منهجاً معتمداً في عدم السماح بالتحديث عن رسول الله(ص) ؟

    الآن تنقل الأحاديث , ويقال سنة النبي (ص) فأين الإقتداء بالصحابة ؟!

    إذا كان الصحابة هم الذين أمروا بحرق الأحاديث وبتحريم التحديث عن النبي (ص) بل كانوا يجلدون من يحدث عن النبي(ص) وينفونه ، وإذا  بنقل الحديث الآن اعتبرت حسنة , ويمدح من يروي الحديث ، ويقال هذا رواي للحديث عندما يتحدثون عن شخص ويريدون مدحه ، فلان راوي للحديث ، فكيف كان في ذلك الوقت مذموم ومرفوض ويعاقب عليه؟.

    4ـ يجب أن نتسائل عن الهدف من وراء منع كتابة الحديث ، ما هو الهدف من منع كتابة الحديث؟

    صرحت قريش بسبب منعها من كتابة حديث الرسول (ص) فقالت : وهو أن يكون حديثه في حالة غضبه على أحد أو حال رضاه عن أحد ، إذا كان النبي راضيا من أحد أو غاضبا عليه فهذه الأحاديث سوف تتبع حالته النفسية .

     إذاً النبي ليس معصوماً , بل أنه قد يقول بأمور منكرة لأنه ربما يتحدث بحسب ميله وهواه , يمشي في ذلك على حسب ما يشتهي .

    النتيجة :

    أ ـ  حديث النبي منقصة وليس فضيلة ، إذ ربما يعبر عن غضب وفرح وميل بشري , ولا يعبر عن وحي ،(إن هو إلا وحي يوحى )  كما قال الله سبحانه وتعالى.

    ب ـ عدم الكتابة تفقدنا شروح القرآن الكريم التي بينها النبي (ص) كما يقول تعالى :}وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون {

    فالنبي (ص) هو الذي يشرح القرآن ، من الذي يستطيع أن يقول أنه يعلم بخصائص القرآن ، لا يمكن لأحد أن يأتينا من القرآن ولو بعدد ركعات الصلاة ، بخصائص الوضوء وتفاصيله وغير ذلك من أمور المعاملات وهي كثيرة في الحياة الإجتماعية , لا يمكن لأحد أن يأخذها إلا من حديث النبي (ص) .

     إذاً النبي هو الذي يشرح فإذا منع الحديث فذلك يعني الخسارة الكبيرة على أمة  الإسلام بسبب منع حديث النبي(ص) .

    ج ـ من الأمور الواضحة حديث الرسول (ص) عن عتاة قريش وشرح الآيات التي نزلت تقريعا لهم , لذلك صرّحت قريش عن سبب نهيها عن كتابة حديث الرسول (ص) وهو أن يكون حديثه في حال غضبه على أحد أو حال رضاه من أحد.

    بمعنى أنهم يخافون من حديث رسول الله (ص) لأنه يكشف من ذمه رسول الله(ص) ويقلل من شأنه, ويرفع من مكانة من مدحه وأثنى عليه .

      فبالمنع تختلط الأمور ، ويضيع التطبيق من قبل النبي(ص) فشرح هذه الآية مثلا وأنها نزلت في الحادث الفلاني وفي القضية الفلانية , وفي الشخص الفلاني ببيان من صاحب الرسالة نفسها .

    هنا بالمنع تختلط الأمور , ولا تعلم من هو الحق ومن هو الباطل ، الآية تتحدث عن من لا تدري.

    سبب المنع الخوف كما نص تفسيرهم ، سبب المنع الخوف من النص في حديث النبي (ص) ، النص في حق أحد لا يرضونه ولا يريدون أن ينشر فيه نص ، فقالوا يتحدث عن غضب إما غضبان ، أو أنه فرح يميل إلى أحد ، مرتاح لشخص فيأتي بمدح فيه , ويقول جعلته خليفة عليكم ، أو أنه يغضب على أحد ويقول لا أرتضيه ولا أقبله أن يكون في المكان الفلاني أو في المنصب الفلاني .

     إذاً الخوف أن يكون حديث النبي(ص) فيه نص على أحد .

    والحقيقة أن النبي(ص) لم يترك الأمة في ذلك المنعطف التأريخي من غير أن يبين لها السبيل والمخرج , ويعين الخليفة الذي به تستتب الأمور وتستقر لو أنه إلتزمت بتعاليم النبي (ص) .

    الحكومة والمجلس التنفيذي

    الحكومة والمجلس التنفيذي للمآتم والمواكب ليس سوى أداة للهيمنة الحكومية على هذه المؤسسات والشعائر الدينية وهو ما يجعل الدخول فيه والتمكين له على اي نحو عملا محرما حسب فتاوى المراجع والفقهاء ، هذه أمور يجب أن يلتفت لها الجميع ، المآتم ، روؤساء المجتمع كذلك على ان الحكومة بين حين وآخر تطرح بعض الأمور للسيطرة على المشاريع الدينية ، من المآتم والعزاء والمساجد والنشاط الديني بمختلف صوره ليكون تحت يد السلطة تتصرف فيه لتختار بعد ذلك ، تحدثوا في الشيىء الفلاني ولا تتحدثوا في الشيىء الفلاني ، لا تقولوا بأن الحكومة فيها خطأ ، إمدحوا الحكومة وهكذا ، وهذا يؤثر على المنهج الديني ، لذلك يجب على إدارات المآتم أن تكون واعية وهذا هو المأمول منها والمفترض منها أن تكون واعية والمجتمع أيضا يجب عليه أن يرفض أن تدخل إدارات المآتم في هذا المشروع ولو دخلت مثلا يجب أن يقف المجتمع رافضا لها ورافضا لهذا العمل الذي هو محرم ويضر بالمجتمع .

    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .

  • حسن العاقبة( 2 )

    حسن العاقبة( 2 )

    حسن العاقبة -2- حديث الجمعة – (28/12/2012)

     أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين

    قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :

    بسم الله الرحمن الرحيم

    } وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (175) وَلَوْشِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ{

    آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

    ]176) [ سورة الأعراف : الآيات 175 إلى 176

    مواصلة للحديث حول حسن العاقبة .

    أولا: حسن العاقبة هو هم كل عاقل يحمل وعياً

     كل عاقل له وعي وإدراك , له تطلع وهم , وهو أن تكون عاقبته خيرا ، أما الذي ليس عنده إدراك وليس عنده تفكر وليس عنده وعي هو الذي لا يلتفت لحسن العاقبة وماذا سيؤول إليه مصيره ، الواعي هو الذي ينظر إلى هذه الحياة وإلى أين تسير وهل أنه باق في هذه الدنيا أو أنه ينتقل إلى غيرها ، فإن كان يرى نفسه ينتقل من هذه الدنيا إلى غيرها يفكر مرات ومرات في إصلاح ذلك العالم الذي سيتوجه إليه لا محال , وينتقل إليه   فهو هم كل عاقل ، أما الانسان الغير عاقل فهو الذي يغفل ولا ينظر إلا للذات المادية الآنية المنتهية .

    يذكر أحد العلماء يقول ذهبت إلى حرم الإمام الرضا (ع) فرأيت أشخاصا جلست معهم فسألتهم لو أنه ضمن لكم استجاب دعوة من دعواتكم فماذا تختارون فأجاب الواعي منهم أنه حسن العاقبة هذا هو أهم شيىء ، حسن العاقبة هو أهم شيىء أما الغير واعي والذي لم يدركها , الآخر يريد الخلاص من الفقر ، أريد أموال أو أريد مسكن أو غير ذلك من الأمور التي تنتهي مع الأيام , الواعي هوالذي يقول أريد حسن العاقبة أن أحصل على هذه الخاتمة الحسنة وكل شيء عدا ذلك فهو هباء منثور   ليست له قيمة .

    ثانيا : حسن العاقبة وسوؤها ليست فجائية

    حسن العاقبة وسوؤها ليس فجائية وإنما تتبع ما بناه الإنسان ، حسن العاقبة ليست اعتباط ، ليس صدفة ، لا يكون الشخص من المؤمنين الخلص والمخلصين وفجأة وإذا به إنتكس ووصل إلى سوء العاقبة ، أنا أرى أشخاصا  في ظاهرهم كما ذكرته الأية التي افتتحنا بها الكلام ، تجده في ظاهره أنه  صالح تجده يعمل الصالحات ولا يترك عمل إلا يعمل، ولكن هناك خلل فيه لم ينتبه له ، إنما أنه يرتكب المعاصي ، يصر على حب الدنيا ، المخالفات الشرعية ، يتكبر على الناس وغير ذلك كما سيأتي فإذا به يصل إلى سوء العاقبة وسوء المنقلب فهي ليست فجائية وإنما يحصل الإنسان على نهاية حياته باختياره هو , هو الذي ابتدأ ما ابتدأه وهو الذي يختم لنفسه به ، فإذا كان في مساره يسير خطأ فقد ينال من الدرجات ولكن مع وجود هذا الخطأ الإصرا ر على هذه المخالفة مثلا ينقلب وينتكس . الآية التي ذكرناها بسم الله الرحمن الرحيم}واتلوا عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها وأتبعه الشيطان فقد كان من الغاوين{والقصة معروفة وهو بلعم ابن باعورة وهو من الأشخاص الذين  بلغ بهم الارتباط بالعبادة إلى أن صار يمتلك الإسم الأعظم ولا يدعو دعاء إلا يستجاب له ولكن يوجد فيه خلل وهو حب الدنيا ، كان يحب الدنيا ويرتبط بالدنيا وأن كان يتعبد وبلغ هذه الدرجات فطلب منه فرعون أن يدعو على موسى , فقال له فرعون أنت لك دعوات مستجابة إدع على موسى ، فدعا على موسى فانسلخ مما أعطي من الأسم الأعظم والمكانة العظيمة , هو أعطي هذه المكانة كلها وإذا هو ينسلخ }فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين{ فخسر كل شيىء لأنه أراد الدنيا , ولأن الدنيا عند فرعون فاستجاب لطلب فرعون وارتكب هذه المخالفة التي حولته إلى هذا الوصف } كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ{.

    ثالثا : موجبات حسن العاقبة

     من الأمور التي توجب حسن العاقبة :

    1ـ المعرفة الواعية

    يحتاج الإنسان أن يكون عارفا واعيا , فمعرفة مع إدراك ووعي , إذا لم يكن يعلم أو يعرف أمور دينه وعقيدته معرفة صحيحة  وإنما بناها على الخرافات مثلا أو على الشكوك والظنون فهذا سرعان ما ينقلب لو ظهرت له شبهة  ويضيع ، لذلك ينبغي بل يجب على الإنسان أن يكون عارفا بأموره وخصوصا الأمور العقائدية ، يعتقد بها يمتلك الدليل على ذلك . علماؤنا يقولون في الأمور الفقهية الإنسان يقلد ومقبول منه التقليد ولكن في الأمور العقائدية يجب أن يكون مجتهدا ماذا يعني ؟ يعني أن يمتلك القطع والمعرفة اليقينة في هذه الأمور لا أنها معرفة مشوشة أو ظنون أو تخرصات يجب أن يكون عارف ، إذا لم يكن عارفا وعنده جواب لكل تردد , إذا وقع عنده شبهة أو شيىء ربما  ينحرف .

    2ـ مراقبة السلوك

     بصورة عامة نعلم السلوك الإسلامي ، فجب على المسلم أن يراقب سلوكه , هل أنني أسير في الطريق الصحيح أو أنه يوجد خطأ في معاملتي مع الناس في عملي في الوظائف في البيت في أكلي وشربي يجب علي أن أراقب ، لا أنه أعيش  جهل أو عدم مبالاة لا يهمني تعاملي مثلا أحرجت إنسانا مؤمنا أو أسأت إليه ولا كأني ارتكبت ذنبا عظيما ، لا يهمني مثلا إن خرجت لشراء طعام يكون ثابت عندي أنه إسلامي أو غير إسلامي من بلد إسلامي أو غير إسلامي وهكذا أتساءل هذه الأمور يجب علي أن أراقبها وأراقب نفسي في تعاملي معها، إذا لم أراقب نفسي  اقع في هذه المخالفات وهذه الإساءات والله سبحانه وتعالى يقول : }وكان عاقبة الذين أساؤوا السوء أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون{ يعني ينحرف ويصل إلى سوء المنقلب .

    ترك الحرام في كل صوره على الإنسان أن لا يتساهل في المخالفات , لمجرد أن يعلم أن في هذا الأمر مخالفة , أنه حرام , يجب أن يبتعد عنه , لا يبرر لنفسه ولا يقول هذا ضعفي كذا ابدا عليه أن يلتزم أن يأتي بواجباته ويترك المحرمات والمخالفات .

    3ـ الإستغفار المباشر إذا خالف

    وقع الإنسان في خطأ ، يريد حسن العاقبة ,أصابه خطأ وقع في خطأ , بإي صورة كان , عليه مباشرة أن يستغفر ويعود لا أن يسوف لا يتساهل ، ارتكبت المعصية مباشرة قل أستغفر الله وأتوب إاليه ، إذا استغفر الإنسان ربما يرتكب مرة أو مرتين ويتوب ثم يعود للمعصية , عليه كلما ارتكب المعصية أن يعود للإستغفار ، النبي (ص) قال: (من اعطي أربعا يحرم اربعا ، من أعطي الإستغفار لم يحرم المغفرة ـ ما دام الإنسان يستغفر فإن الله سبحانه وتعالى يفتح له الباب ـ ومن أعطي الشكر لم يحرم الزيادة ومن أعطي التوبة لم يحرم القبول ـ تستغفر وتتوب يشعر روحه وقلبه أنه تائب من هذه المعصية وهذه المخالفة فإذا أشعر نفسه وزرع في نفسه التوبة , إن الله سبحانه وتعالى يكتب له الخير والتوفيق التوبة والقبول ـ ومن اعطي الدعاء لم يحرم الإجابة ).

    4ـ التواضع وعدم التكبر والغرور

    واقعا لا تصنعا يجب على الإنسان ليحصل على حسن العاقبة عليه أن يكون متواضعا ، متواضعا مع الناس ، متواضعا مع كل الخلق ، لا يرى نفسه أفضل من غيره أبدا ، قصة النبي موسى (ع) (أنقلها بالمضمون) عندما كان في المناجاة ناداه الله تعالى أتيني بخلق أنت أفضل منه  فذهب موسى ليبحث في الناس هل أني أفضل من العالم الفلاني قال لا ربما هو أفضل إلى أن يذهب لغيره أقل عبادة وأقل وأقل إلى …..، يذهب للعصاة الذين يرتكبون المخالفات والمعاصي ربما هو عند الله أفضل إلى أن يذهب للحيوانات فيقول ربما هو عند الله أفضل إلى أن يصل إلى الكلاب ويأخذ كلبا عقورا ، أجرب ، سيىء ، يأخذه ويقول هذا أنا أفضل منه فيسير وهو في الطريق يلتفت ويقول ربما هو عند الله أفضل فيتركه ويذهب للمناجاة فيخاطبه الله تعالى لو أنك أتيتني بالكلب العقور لمحوتك من ديوان الأنبياء وهو من أولي العزم ، على الإنسان حتى يصل إلى حسن العاقبة والدرجات المقبولة عند الله أن لا يرى نفسه أفضل من أحد ، يتواضع يزرع في نفسه يستشعر التواضع لا تدري ربما هذا الإنسان أو هذا المخلوق فيه صفة عند الله أنت تفتقدها فيكون عند الله أفضل منك ، عليك بالتواضع فمن تواضع لله رفعه الله ورزقه حسن العاقبة .

    5ـ الصدقات اليومية صباحاومساء

    مما يسبب ويساعد الإنسان على تحقيق حسن العاقبة يدفع الصدقات ربما جميل أن يكون عند أحد في بيته صندوق صدقات مثلا ولو أقل القليل صباحا مساءا فيكون باذل مرتبط بالله يقدم إذا كان يتصدق باستمرار هذا من موجبات حسن العاقبة ، تدفع البلاء لماذا؟ لأنها تدفع البلاء ودفع البلاء ليس مقتصرا على البلاء المادي والأمراض وإنما الأمراض القلبية ايضا البلاء من المعاصي ومن سوء العاقبة .

    6ـ قراءة سورة الإخلاص عشر مرات

    كما يذكرها بعض العلماء صباحا بتوجه بقصد التحصين يقصد  يحصن نفسه بالقرآن من سوء المنقلب، من سوء العاقبة يقرأ سورة الإخلاص فيرزق أيضا حسن العاقبة .

    هذه الأمور كلها من مقتضيات حسن العاقبة .

    7ـ قراءة الإستعاذات الصباحية (أصبحت  اللهم معتصما بذمامك المنيع الخ..) يقرأها في الصباح أيضا تحصين للإنسان من سوء المنقلب .

    8ـ ذكر الموت والقيامة من موجبات حسن العاقبة

    لأنه إن كان يستحضر النهاية ويستحضر الجنة ويستحضر النار , وإلى أين ينتقل بعد الموت , إذا كان يستحضر هذه الأمور ، إذا كان يستحضر الموت بوعي فإنه سوف يلتزم وسوف تطهر روحه وسوف يحصل على حسن العاقبة .

    9ـ الصبر والتصبر

    أيضا الصبر من ضمن الأمور التي توجب الإنسان حسن العاقبة ، يربي نفسه على الصبر ، قال الإمام جعفر الصادق (ع) (الصبر من الإيمان،بمنزلة الرأس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان) فالذي لا صبر له لا إيمان له كما في أحاديث الفقهاء.

    10ـ الشكر المستمر

     يقول الله تعالى (الم ترى أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور )

    الإنسان الصبار الشكور هو الذي يستوعب الآيات إذا كان يشكر ينفتح قلبه ويعي ويلتفت لأيات الله وإذا لم يكن من الشاكرين لا يلتفت ولا يعي الأمور ، أما الذي يربط الأمور بعضها مع بعض فهو الذي يشكر ويكون ممن يحصل على حسن العاقبة .

    1ـ الشكر سبب للنجاة من عذاب الله جل وعلا ، يقول تعالى:(ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما).الإنسان لا يعذب وهو موجود ما دام شاكرا وإن مات على الشكر أيضا لا يعذب في الآخرة فيحصل على حسن العاقبة .

    2ـ الشكر سبب لحفظ النعم ومنها الهداية ومن ضمن النعم الهداية إذا الإنسان مهتدي حصل على خير وداوم على الشكر فإنه يحافظ على هذه الهداية وهذه النعمة وهي من أكبر النعم ، يقول تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ فبالشكر هو الإيمان وعدم الشكر هو الكفر .

    3ـ الشكر سبب لنيل الجزاء العظيم قال تعالى:(سنجزي الشاكرين )، إذاً ما دام الإنسان شاكرا فهو في الطريق الصحيح لينال حسن العاقبة بذلك .

    11ـ قضاء حوائج المؤمنين

     قضاء حوائج المؤمنين من الأمور المهمة التي توجب حسن العاقبة ،

     قال الإمام الكاظم (ع) (إن خواتيم أعمالكم ، قضاء حوائج إخوانكم والإحسان إليهم ما قدرتم وإلا لم يقبل منكم عمل )، لم يقبل العمل ، إذا كان الإنسان يقضي حوائج المؤمنين تقبل أعماله وإلا لم يقبل منه عمل أيضا يقول : (حنوا على إخوانكم وارحموهم تلحقوا بنا) الشخص الذي يحن على إخوانه المؤمنين ويقضي حوائجهم يلحق بالأئمة (ع) يعني يكون معهم في الفردوس الأعلى ، إذاً يعني هذا هو حسن العاقبة يحصلها إذا كان يعمل بهذه الأمور ، عن الإمام الصادق(ع) (ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلا خذله الله في الدنيا والأخرة )، شخص يستطيع أن يخدم المؤمنين ، يقدم لهم شيىء يطلبوا منه شيىء فإن قدم وحصل كان مع أهل البيت (ع) وإن خذلهم فهو مخذول في الدنيا والآخرة فأي عاقبة له في الدنيا مخذول وفي الآخرة مخذول يعني في جهنم .

    رابعا: السير نحو سوء العاقبة

    الإنسان في بعض الأحيان يجد نفسه صالحاً في المجتمع الصالح لكنه يتدرج شيئا فشيئا إلى أن يصل لسوء المنقلب وسوء العاقبة منها:

    1ـ قساوة القلب

     يقسو قلبه ، يجد في نفسه قساوة القلب عدم التأثر بالأمور الصالحة هنا يحتاج إلى علاج .

    2-عدم الميل للمستحبات

     هذا أثر من آثار قساوة القلب يجد نفسه ليس عنده إقبال ، ليس عنده ميل للواجبات ، عندما يقوم للصلاة يقوم بثقل .

    3– الميل الخفيف للحرام

    يتدرج الإنسان ليصل إلى الهاوية عليه أن يراقب نفسه ، هل أنني أسير في هذا المنحنى ، يجد نفسه يميل للحرام ثم يتحول من الخفيف إلى الميل الشديد للحرام .

    4_ الميل الشديد للحرام ، ينتقل لمرحلة أخرى .

    5- الميل للصغائر

    لا يرتكب الكبيرة ولكن تكون الذنوب الصغيرة سهلة عنده فيرتكب هذه المخالفة .

    6- إرتكاب الكبائر

     ينتقل منها وإذ به يرتكب الكبائر .

    7- تبرير الذنوب

     بعد أن صار يرتكب صار يجد نفسه يبرر, يقول مثلاً إرتكبت كذا والله سبحانه وتعالى غفار وسوف يغفر لي فيبرر لنفسه ارتكاب المعصية .

    8- الإستهتار بالذنب

     يستهزأ ويرتكب الذنب ولا كأنه فعل شيىء .

    9- نسيان التوبة

     وهنا يصل إلى درجة لا يستغفر ولا يتوب ، هنا وصل إلى درجات كبيرة من الإنحراف وهي درجات الهاوية ، لا يفكر في الإستغفار .

    10- الإنحراف الفكري  

    يجد نفسه تحول فكريا بسبب ارتكابه هذه المخالفات تدريجا وسريعا إلى الهاوية فيكفر بالقيم والمباديء العقائدية.

    فيصل إلى سوء المنقلب .

    خامسا: من أسباب سوء العاقبة وأخيرا:

    1ـ التكبر

     كما تكبر الشيطان قال تعالى: ( قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين، قال أنا خير منه خلقتني مننار وخلقته من طين )

    يجد نفسه أفضل وأن هذا المخلوق الذي سوف يكون في الأرض سوف يرتكب المخالفات والمعاصي وأنا أعبد وأطيع فتكبر ، فدخل في نفسه الغرور فصار من الكافرين وخرج خاسرا لكل شيىء ، وبعد أن كان بمكانة عالية ـ هو من الجن ورفع إلى درجات عالية مع الملائكة ـ وإذا هو يخسر كل شيىء لأنه تكبر ، رأى في نفسه أنه أفضل من هذا المخلوق , هو عابد لسنين طويلة وهذا المخلوق سوف تكون له معاصي في هذه الدنيا , هذا هو المخلوق الأرضي ، لذلك رأى نفسه أفضل ، فصار من الغاوين ، إذا على الإنسان أن لا يرى نفسه أفضل من غيره أبدا وأن يطيع الله سبحانه وتعالى في كل ما أمره ولا يعترض لأن الشيطان لم يرفض عبادة الله ، لم يرفض السجود لله سبحانه وتعالى ، يقول السجود لله هو التوحيد ولكن أرفض السجود لغير الله والله سبحانه وتعالى يقول أنا أمرتك بالسجود .

     إذاً إذا أردت الله سبحانه وتعالى عليك أن تطيعه في كل شيىء وتفعل ما يأمرك الله به وإلا تكون العاقبة كما كان الشيطان.

    2ـ الإساءة والتهاون في المعاصي

     يتهاون يرتكب المعاصي ، يستصغر المعاصي ، نتيجته ( ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوء أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤن ) يرتكب هذه المعصية ويقول شيىء بسيط ولكنها تجره شيئا فشيئا إلى أن ينكر وجود الله ، يستهزىء بأحكام الله ، يخج من الدنيا بغير إيمان .

    3ـ حب الدنيا رأس كل خطيئة

    عليه أن يراقب نفسه في حب الدنيا وتعلقه بالدنيا ، إن كان حبه للدنيا كيفما كان كما يقول البعض اللهم ارزقنا من حلالك وحرامك ، هو يريد الدنيا كيفما كانت حلالا وحرام فأن العاقبة تكون هي الدنيا ، الخسارة والخروج من الدنيا بغير إيمان .

    4ـ النميمة

    أن يكون الشخص ناما ، يذكر أحد أصحاب الأئمة (ع) أن الفضيل يقول : كان معه شخص وهذا الشخص مؤمن وعالم بل هو أكثر ممن معه من العلماء ، يستوعب كل شيىء ، عنده تحصيل ، متكلم ، لكن عند وفاته جاء له يلقنه فيقرأ له سورة (يس) يقول له: لا تقرأ سورة يس ، يقول له : قل لا إله إلا الله ، قال له : لا أقول إلى أن مات على هذه الحالة ، بعد موته رآه في المنام يقول له كيف وصلت إلى هذه الدرجة قال لأنني كنت أتكلم معك بشيىء وأتكلم خلفك بشيىء آخر ، يجب أن نراقب أنفسنا هل نحن كذلك أو لا ، يعني أمام فلان احترمه وأقدره واجله وخلفه انتقده واعترض عليه هذه الأمور تعتبر نميمة ، إذا كان كلامي على الشخص باستنقاص فأنا أنم ,كلامي فيه فتنة فكان هذا الشخص عنده النميمة يتحدث خلفه بغير ما يتحدث أمامه

    5ـ الحسد

    أن يكون حاسدا يحسد الآخرين ، (حسد المؤمن غبطة) وهو التمني أن يكون مثله مع حفظ ما عنده , أما الذي يحسد ويتمنى زوال ما عند الناس , ينتهي إلى سوء العاقبة ، عادة  إذا رأى شخص متقدم فيه خير عليه أن يقول اللهم وفقه ووفقني مثله لا يقول اللهم اسلب عنه ما هو فيه ، إذا كان ينظر إلى الشخص لا يريد أن يكون ذلك الشخص بتلك المنزلة وبتلك المكانة من الأموال والصحة والعافية مثلا فهو حسود والحسد يؤدي به إلى سوء العاقبة .

    على الإنسان أن يراقب نفسه في  كل هذه الأمور ليصل إلى حسن العاقبة .

    والحمد لله رب العالمين وصل الله على محمد وآله الطاهرين